الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 أبريل 2023

الطعن 277 لسنة 36 ق جلسة 31 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 217 ص 1328

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(217)
الطعن رقم 277 لسنة 36 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى". محكمة الموضوع. "سلطتها في إعادة الدعوى للمرافعة" حكم.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير جدية طلب إعادة الدعوى للمرافعة. رفض هذا الطلب لأسباب سائغة. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". "تسبيب كاف".
تضمين الحكم ما يكفي لحمل قضائه والرد على دفاع الطاعن. لا قصور.
(جـ) إثبات. "القرائن القانونية". وصية. "قرينة المادة 917 مدني". بيع. "وضع يد المشتري".
القرينة الواردة بالمادة 917 مدني. شروطها. احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته. لا يكفي انتفاع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون ذلك مستنداً إلى مركز قانوني يخوله حق الانتفاع. وضع يد المشتري على العين المبيعة وإن كان قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً فيه.
(د) صورية. "إثبات الصورية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
استقلال قاضي الموضوع في تقدير أدلة الصورية واستخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبت به وما لا يثبت.

-------------
1 - إذا رأت محكمة الموضوع لأسباب سائغة أن طلب إعادة فتح باب المرافعة في الدعوى بعد أن حجزت للحكم هو طلب غير جدي لم يقصد به سوى إطالة أمد الخصومة، فلم يستجب إليه، فإن النعي على حكمها بأنه أخل بحق الطاعن في الدفاع يكون على غير أساس.
2 - إذا كان فيما قرره الحكم ما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد على دفاع الطاعن، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه على أن مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين، الأول هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها وبالتالي احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين، على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة، ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته، دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً في هذا الانتفاع، فإن الحكم لا يكون فيما قرره قد خالف القانون، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - إن كان وضع يد المشتري على العين المبيعة يصح اعتباره قرينة على إنجاز للتصرف، فإنه ليس شرطاً لازماً فيه إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تتنافى مع إنجاز التصرف.
4 - تقدير أدلة الصورية مما يستقل به قاضي الموضوع، كما أن له سلطة تامة في استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش، وما لا يثبت دون رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك ما دامت الوقائع تسمح به. فإذا كانت محكمة الموضوع قد رأت في أوراق الدعوى وظروفها وملابساتها ما يكفي لنفي الصورية والغش والتدليس المدعى بها، فإنها ليست في حاجة بعد ذلك لسماع الشهود لإثبات ونفي هذه الصورية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة نفيسة عبد العظيم القاضي أقامت الدعوى رقم 2605 سنة 1964 مدني كلي القاهرة ضد حسن عبد العظيم القاضي والسيدة دولت عبد العظيم القاضي طالبة القضاء لها باعتبار الحكم الصادر في الدعوى رقم 4349 سنة 1958) كلي مصر ضد المرحومة عائشة محمد فهمي ملزماً للمدعى عليهما باعتبارهما وارثين للسيدة المذكورة وكف منازعتهما لها في السبعة عشر فداناً الواردة في الحكم المذكور والتسليم. وقالت شرحاً لدعواها إن المرحومة عائشة محمد فهمي مورثتها ومورثة المدعى عليهما باعت لها سبعة عشر فداناً بعقد مؤرخ 3/ 6/ 1953 بثمن قدره 2890 ج تم سداده، وأنها أقامت ضد البائعة الدعوى رقم 4349 سنة 1958 كلي مصر، بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور مع التسليم وانتهت تلك الدعوى صلحاً بينهما بمقتضى محضر صلح مؤرخ 29/ 11/ 1958 تضمن إقرار البائعة بصحة العقد وقبض الثمن وتسليمها الأطيان المبيعة فوراً، وقضت المحكمة في 8/ 12/ 1958 بإلحاق محضر الصلح بمحضر الجلسة، إلا أنه بعد وفاة البائعة شجر الخلاف بين الورثة بخصوص هذا العقد ووضع اليد بالنسبة للقدر المبيع وباقي أعيان التركة، مما اضطر المدعية لإقامة الدعوى رقم 79 سنة 1963 مستعجل أبو كبير تطلب فيها الحكم بوضع الأطيان جميعها تحت الحراسة القضائية حتى ينتهي النزاع وقضي لها بهذا الطلب، ثم أقامت دعواها الحالية بطلباتها سالفة البيان. ودفعت المدعى عليها الثانية بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وطلبت في الموضوع اعتبار الحكم الصادر في الدعوى رقم 4349 سنة 1958 ضد مورثتها عائشة محمد فهمي منعدماً لبطلان إجراءاته، إذ أن زوج المدعية ووكيلها هو الذي تسلم صورة إعلان صحيفة الدعوى من المحضر بصفته وكيلاً عن المدعى عليها البائعة فجمع بذلك بين صفة الوكالة عن كل من المشترية والبائعة. كما أن المدعى عليها في تلك الدعوى لم تكن مقيمة معه، وأن المدعية لم تكن ممثلة في الدعوى التي حكم فيها بالتصديق على محضر الصلح لأن الذي حضر عنها لم يكن يحمل توكيلاً يخوله تمثيلها أمام القضاء، كما أن الحكم الصادر في تلك الدعوى لم يعلن إطلاقاً لا للوارثة المحكوم عليها ولا لغيرها، هذا بالإضافة إلى أن الصورة الشمسية لعقد البيع بها إضافات غير موقع عليها وأن العقد خلا من توقيع شهود عليه. وبتاريخ 18/ 2/ 1956 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض كافة الدفوع التي أبدتها المدعى عليها الثانية. (ثانياً) باعتبار الحكم الصادر في الدعوى 4349 سنة 1958 كلي مصر ملزماً للمدعى عليهما وارثي المرحومة عائشة محمد فهمي، مع إلزامهما بتسليم المدعية السبعة عشر فداناً الواردة في الحكم. واستأنف المدعى عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 705 سنة 72 ق، وفي 22/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد بمذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن في الوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تقدم لمحكمة الاستئناف بطلب فتح باب المرافعة في الدعوى حتى يقرر بالطعن بالتزوير على أصل العقد الذي قدمته المطعون عليها الأولى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف في الجلسة الأخيرة التي حجزت فيها القضية للحكم، إذ لم تكن لديه فسحة من الوقت للاطلاع عليه والطعن فيه، خاصة ولم يكن مقدماً أمام محكمة أول درجة إلا صورته الشمسية والطعن يجب أن يكون على الأصل لا على الصورة، غير أن المحكمة لم تجبه لهذا الطلب مكتفية بالقول أن الطاعن لا يقصد بطلبه إلا المماطلة في الخصومة، وأنه لو كان جاداً في طلبه لما تخلف عن متابعة الدعوى وعن الطعن في العقد فور تقديمه. وهذا من الحكم المطعون فيه ينطوي على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه رد على طلب الطاعن في هذا الخصوص بقوله "أما ما طلبه المستأنف من إعادة القضية للمرافعة لأنه سوف يطعن على عقد البيع بالتزوير وليقدم مستنداته وأهمها استمارة رسمية عن الحيازة وليستكمل دفاعه فإن هذا كله من قبيل المماطلة في الخصومة فقط، لأنه لو كان جاداً فيما يدعيه لما تخلف عن متابعة الدعوى أمام محكمة أول درجة ولاتخذ طريق الطعن بالتزوير على العقد فور تقديمه بجلسة المرافعة، الأمر الذي لم يسلكه حتى خلال فترة حجز الدعوى للحكم. ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذه الطلبات التي لا ترمي إلا إلى المماطلة والتسويف" ومن ذلك يبين أن المحكمة قد تراءى لها في حدود سلطتها الموضوعية للأسباب السائغة التي أوردتها أن طلب إعادة القضية للمرافعة بعد أن حجزت للحكم وهو طلب غير جدي لم يقصد به سوى إطالة أمد الخصومة فلم تستجب إليه. ومن ثم فإن النعي على حكمها بأنه أخل بحق الطاعن في الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في الوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن طلبه إعادة الدعوى للمرافعة تضمن طلب تمكينه من الرد على مستندات المطعون عليها الأولى التي قدمت بالجلسة الأخيرة، ومن بينها أربعة عقود زعمت أنها عقود مزارعة مبرمة بينها وبين آخرين عن أرض النزاع، وأن هذه العقود يستلزم الرد عليها تقديم استمارة من الجمعية التعاونية الزراعية المختصة موضح بها الحقيقة، ولا تكفي المدة المحددة لصدور الحكم في الدعوى لاستخراج الاستمارة المذكورة، غير أن محكمة الاستئناف رفضت الاستجابة لطلبه مما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الصور الرسمية لمحاضر جلسات محكمة الاستئناف المقدمة من الطاعنة أن المطعون عليها الأولى كانت قد قدمت بجلسة 11/ 10/ 1965 مستندات، فطلب الطاعن التأجيل للاطلاع والرد عليها، فاستجابت المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسة 14/ 12/ 1965، ولم يثبت أن المطعون عليها الأولى قد تقدمت بمستندات، وعاد الطاعن وطلب التأجيل ليقدم مستنداته رداً على المستندات التي سبق أن قدمتها. واستجابت المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسة 22/ 2/ 1966 لذات السبب وفي هذه الجلسة الأخيرة لم تقدم المطعون عليها الأولى مستندات وطلبت حجز الدعوى للحكم مع تقديم مذكرات أمام الطاعن فقد عاد يطلب التأجيل لتقديم مستندات ولم تجبه المحكمة بل قررت حجز الدعوى للحكم لجلسة 22 مارس سنة 1966 مع التصريح بتقديم مذكرات. وإذ كان يبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد أفسحت للطاعن أثناء نظر الدعوى أمامها وقبل قفل باب المرافعة فيها في أن يقدم ما يشاء من مستندات رداً على خصمه. فلا تثريب عليها إذا ما هي حجزت الدعوى للحكم فيها أن ترفض طلب الطاعن إعادتها للمرافعة لما تراءى لها للأسباب المسوغة التي أوردتها على ما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول من أن هذا الطلب غير جدي.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه أغفل الرد على أوجه الدفاع التي تضمنتها صحيفة الاستئناف في خصوص بطلان الصلح للغش والتدليس وما تذرع به الحكم من أن الطاعن لم يحدد طعناً محدداً على هذا الصلح هو قول يخالف الثابت في الأوراق، مما يعيبه بالقصور والخطأ في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن استعرض ما تضمنته صحيفة الاستئناف من أسباب وما أبداه طرفا الخصومة من دفاع عقب على ذلك بقوله "وأما ما ادعاه المستأنف أن مورثة الطرفين لم تكن تعلم بالعقد أو بإجراءات الدعوى رقم 4349 سنة 1958 كلي القاهرة تلك الإجراءات المشوبة. كذلك بطلان محضر الصلح لأنه بني على إجراءات غش وتدليس من وكيل المستأنف عليها الأول والمطعون عليها الأولى وزوجها وهو نفس وكيل المورثة ويتولى شئونها - فهذا الادعاء مردود بأن المورثة وقعت أكثر من مرة على عقد البيع سند الدعوى رقم 4349 سنة 1958 كلي القاهرة. كذلك انتقلت إلى مكتب الشهر العقاري بالقاهرة ووقعت على توكيل رسمي لمحام مثلها بجلسة 8/ 12/ 1958 وأقرت في محضر الصلح الذي وقعت عليه أيضاً بإمضائها. وكل هذه الأوراق - الموقع عليها منها حجة على المستأنف والمستأنف عليها الثانية ما دام لم يطعن عليها أحد بالتزوير، وإنه وإن كان محضر الصلح الذي وثقه القاضي وأضحى رسمياً يقبل الطعن عليه بكافة الطعون التي توجه للعقود، إلا أن المستأنف لم يحدد طعناً محدداً على هذا الصلح أو عقد البيع بل شمل السبب الثاني من أسباب الاستئناف كلاماً عاماً في الطعن على العقود بالصورية والغش والتدليس، وهذه الطعون لو صح توجيهها على عقد البيع ومحضر الصلح محل الدعوى الحالية لكانت طعوناً غير مقبولة، فالصورية منتفية لأن عقد البيع جرى كما تدل ظروف التعاقد وإصرار المورثة على نفاذ البيع وتوكيلها محام لإقرار الصلح الذي تتضمن بنوده - كما سلف البيان - أركان عقد البيع ونص في كل من عقد البيع ومحضر الصلح على دفع الثمن وتنجيز البيع، الأمر الجائز قانوناً حتى ولو ستر هذا العقد تبرعاً على سبيل الهبة التي يملكها المرء، ما دام أنه في حالة صحية في كل ماله وما دامت الهبة مستورة بعقد البيع، كذلك لم يثبت أن هناك غشاً وتدليساً أو يمثل هذا مخالفة نظام الإرث ما دام أن عقد البيع ومحضر الصلح قد صدرا من المورثة غير مشوبين بعيب فلم يكونا وصية لعدم ثبوت أن اتجاه قصد المورثة - المتصرفة - إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موتها". إذ كان ذلك وكان في هذا الذي قرره الحكم ما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد على دفاع الطاعن، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه أورد في صحيفة الاستئناف أن عقد البيع إذا صح صدوره من المورثة فإنه غير منجز ويعتبر وصية لأن المورثة استمرت في وضع يدها على العين منتفعة بها حتى وفاتها. غير أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى بما استخلصه من نص المادة 917 من القانون المدني ومن تطبيقها على العقد، هذا بالإضافة إلى أنه قد ساق قرائن كثيرة للتدليل على أن التصرف ذاته مشوب بالغش والتحايل على أحكام الإرث، وعلى الرغم من ذلك فإن المحكمة لم تتح له الفرصة لإثبات هذا الدفاع بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً باعتباره من الغير مما يجعل حكمها مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "إن عقد البيع ومحضر الصلح قد صدرا من المورثة غير مشوبين بعيب فلم يكونا وصية لعدم ثبوت أن اتجاه قصد المورثة - المتصرفة - إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موتها - ولا يغير من هذا النظر استمرار وضع يد المورثة على الأطيان المبيعة حتى وفاتها أخذاً بما جاء بإنذار رئيس الجمعية التعاونية الزراعية للمستأنف رداً على إنذارها بأن عقود الإيجار المودعة بالجمعية هي لصالح المورثة حتى وفاتها يوم 9/ 5/ 1963 لأن مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين الأول هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها وبالتالي احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة، ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً - كما هو الشأن في الدعوى الحالية - حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً في هذا الانتفاع، وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن كان وضع يد المشتري على العين المبيعة يصح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف، فإنه ليس شرطاً لازماً فيه، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف، أما نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه لم يهيء له الفرصة لإثبات أن التصرف مشوب بالغش والتدليس بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة باعتباره من الغير بالنسبة للتصرف المذكور، فمردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه عند الرد على السبب الأول - أنه نفى عن العقد ومحضر الصلح الصورية والغش والتدليس بقوله إنها طعون غير مقبولة، فالصورية منتفية لأن عقد البيع جرى، كما تدل ظروف التعاقد وإصرار المورثة على نفاذ البيع وتوكيلها محام لإقرار الصلح الذي تضمن أركان عقد البيع وتنجيزه، وقبض الثمن، وأنه لم يثبت أن هناك غشاً أو تدليساً أو مخالفة لنظام الإرث. إذ كان ذلك وكان تقدير أدلة الصورية مما يستقل به قاضي الموضوع كما أن له سلطة تامة في استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت دون رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك ما دامت الوقائع تسمح به. إذ كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد رأت في أوراق الدعوى وظروفها وملابساتها ما يكفي لنفي الصورية والغش والتدليس المدعى بها، فإنها ليست في حاجة بعد ذلك لسماع شهود الإثبات ونفي هذه الطعون. ويكون النعي في هذا الخصوص في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 19/ 5/ 1949 - مجموعة القواعد القانونية في 25 عاماً - الجزء الأول - ص 349 بند 31.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق