جلسة 9 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم جبر الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.
---------------
(193)
الطعن رقم 240 لسنة 31 القضائية
(أ) استئناف "الحكم في الاستئناف". حكم "ارتباط الأسباب بمنطوق الحكم" قوة الأمر المقضي.
أسباب الحكم مكملة لمنطوقه متى كانت مرتبطة به ارتباط السبب بالمسبب وتكون معه وحدة لا تتجزأ وتحوز مثله قوة الأمر المقضي. تأييد الحكم الاستئنافي في أسبابه للحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الادعاء بالتزوير ثم القضاء في المنطوق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. عدم انصراف هذا الإلغاء إلى الشق الخاص بالادعاء بالتزوير وإنما ينصرف إلى ما عداه.
(ب) خلف "خلف عام" "حجية إقرارات المورث" إثبات. وصية.
حجية إقرارات المورث قبل الورثة حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها. مجرد الطعن فيها بأن حقيقتها وصية لا يكفي لإهدار هذه الحجية. وجوب إثبات من يضار من الورثة بها عدم صحة هذه الإقرارات بكافة طرق الإثبات.
(جـ) إثبات "الإثبات بالقرائن" صورية "إثبات الصورية". وصية.
إقامة الحكم باعتبار عقد البيع صورياً ساتراً لوصية، على جملة قرائن مجتمعة ومتساندة بحيث لا يظهر أثر كل واحدة منها على حدة في تكوين عقيدة المحكمة. تعييب الحكم في ثلاث قرائن منها. وجوب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 445 سنة 1957 كلي سوهاج على المطعون ضدها الأولى بصفتها وصية على القاصر عبد الحميد سعد الدين (المطعون ضده الثاني) وعلى المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية على القاصر محمد عبده سعد الدين وطلبت الطاعنة الحكم بصحة التعاقد الحاصل بعقد البيع العرفي المؤرخ 25 من مارس سنة 1955 والمتضمن بيع المرحومة عائشة زيدان عبد الله مورثة القاصرين المذكورين لها الفدانين المبينين بالصحيفة وبالعقد بثمن قدره خمسمائة جنيه - طعنت المدعى عليهما بصفتهما في هذا العقد بالتزوير وسلكتا في ذلك طريق الادعاء بالتزوير وقامتا بإعلان شواهده. وبتاريخ 19 من إبريل سنة 1959 قضت المحكمة الابتدائية بقبول الادعاء بالتزوير شكلاً وقبل الفصل في موضوعه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت مدعيتا التزوير أن ختم المرحومة عائشة زيدان (البائعة) كان في حوزة همام مصطفى حسن (زوج الطاعنة) وفي متناول يده وأن الطاعنة اصطنعت العقد المطعون فيه بالتزوير ووقعت بختم المورثة عليه دون علمها وبغير إرادتها وصرحت المحكمة للطاعنة بالنفي وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 31 من يناير سنة 1960 (أولاً) في موضوع الادعاء بالتزوير برفضه وبصحة العقد المطعون فيه بالتزوير مع إلزام كل من مدعيتي التزوير بغرامة قدرها خمسة وعشرون جنيهاً للخزانة (ثانياً) بصحة التعاقد الحاصل بعقد البيع العرفي آنف الذكر. فاستأنفت المطعون ضدهما الأولى والثالثة هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهما برقم 235 سنة 35 قضائية وطلبتا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برد وبطلان عقد البيع المدعى بتزويره وبرفض دعوى الطاعنة ولدى نظر الاستئناف طلب عبد الحميد سعد الدين قبول تدخله فيه مقرراً أنه بلغ سن الرشد ورفعت عنه الوصاية قبل تاريخ رفع الدعوى الابتدائية ومن ثم فلم يكن للمطعون ضدها الأولى صفة في تمثيله أمام محكمة أول درجة ويكون الاستئناف المرفوع منها بصفتها وصية عليه غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة وانضم إلى المطعون ضدها الثالثة في طلب رد وبطلان العقد ورفض الدعوى كما طعن هو والمطعون ضدها المذكورة في مذكرتهما الختامية على العقد بأنه بفرض صدوره من المورثة فقد قصد به الوصية لا البيع المنجز لحرمانه هو والقاصر محمد عبده سعد الدين من حقهما في الميراث وبالتالي فلا ينفذ التصرف إلا في ثلث تركة المورثة وبتاريخ 4 من إبريل سنة 1961 حكمت محكمة الاستئناف بعدم قبول استئناف المطعون ضدها الأولى وبقبول استئناف المطعون ضدها الثالثة بصفتها وقبول تدخل عبد الحميد سعد الدين زيدان خصماً منضماً لهذه الأخيرة وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وبنت المحكمة قضاءها برفض الدعوى على أن العقد يستر وصية لا تنفذ في حق قاصر المطعون ضدها الثالثة والمتدخل بالنسبة لنصيبهما الميراثي إلا إذا أجازاها وفقاً للقانون وذكرت المحكمة في أسباب هذا الحكم أن الحكم المستأنف قد أصاب الحق فيما قضى به من رفض الادعاء بالتزوير - طعنت الطاعنة في الحكم الاستئنافي بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الثالث فقط ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 16 من يناير سنة 1965 إحالته إلى هذه الدائرة وقدم المطعون ضدهما الثاني والثالثة مذكرة بدفاعهما وافقا فيها على نقض الحكم في خصوص هذا السبب وطلبا من محكمة النقض أن تقضي في موضوع الدعوى بنفاذ العقد في حدود ثلث تركة المتصرفة المرحومة عائشة زيدان وأن ترفض الطعن فيما عدا ذلك وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صمم الخصوم والنيابة على ما ورد بمذكراتهم.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل ثانيهما في أن منطوق الحكم المطعون فيه جاء متناقضاً مع أسبابه بصدد الفصل في موضوع الادعاء بتزوير العقد ذلك أنه على الرغم من أنه قد ورد بهذه الأسباب أن الحكم الابتدائي قد أصاب الحق في شقه الخاص برفض الادعاء بالتزوير فإن المنطوق قضى بإلغاء ذلك الحكم ورفض الدعوى وإذ كان الحكم الابتدائي قد اشتمل على شقين أولهما خاص برفض الادعاء بالتزوير وبصحة العقد والثاني خاص بصحة التعاقد الحاصل بموجب هذا العقد فإن قضاء الحكم المطعون فيه في منطوقه بإلغاء الحكم الابتدائي دون تخصيص ينصرف إلى هذين الشقين وهذا يتناقض مع ما قضى به الحكم المطعون فيه في أسبابه من تأييد قضاء الحكم الابتدائي في الشق الأول الخاص برفض الادعاء بالتزوير - وإذ كان المطعون ضدهم لم يطعنوا بالنقض في هذا القضاء الوارد في أسباب الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد حاز قوة الأمر المقضي مما يقتضي من محكمة النقض أن تنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في منطوقه من إلغاء الحكم الابتدائي في خصوص هذا الشق من قضائه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بحث في أسبابه الادعاء بالتزوير ورد عليه انتهى إلى القول: "ومن ثم يكون حكم محكمة أول درجة في شقه الخاص برفض الادعاء بالتزوير قد أصاب الحق فيما قضى به". ولما كان هذا قضاءً قاطعاً من الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي في ذلك الشق فإن المنطوق إذا نص بعد ذلك على إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى فإن هذا الإلغاء لا ينصرف إلى هذا الشق من الحكم الابتدائي وإنما ينصرف إلى ما عداه مما اشتمل عليه ذلك الحكم إذ أن أسباب الحكم المطعون فيه تعتبر مكملة لمنطوقه في هذا الخصوص لارتباطها به ارتباط السبب بالنتيجة وتكون معه وحدة لا تتجزأ وتحوز مثله قوة الأمر المقضي ومتى فهم منطوق الحكم المطعون فيه على هذا النحو الصحيح فإن النعي بهذا السبب لا يصادف محلاً.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه قصوره في تسبيب قضائه بأن العقد يستر تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه بذلك على أن المورثة المتصرفة لم تكن في حاجة إلى البيع لأنها كانت قد قاربت السبعين من عمرها وأن دخلها من الأطيان المبيعة كان يكفي لسد حاجتها وأن التصرف الحاصل بهذا العقد وبالعقد الآخر الصادر منها إلى زوج الطاعنة وأخيه في 9 أغسطس سنة 1956 يشمل كل ما كانت تملكه وأنه عند جرد تركتها لم يعثر على نقود وأنه ليس ثمة ما يدل على أن الطاعنة وضعت يدها على الأطيان المبيعة بعد تحرير العقد وأنها اتخذت في حياة المورثة المتصرفة أي إجراء لتسجيل هذا العقد - وترى الطاعنة أن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن التصرف الحاصل بهذا العقد والعقد الآخر الصادر إلى زوج الطاعنة وأخيه يستغرق كل ما تملكه المورثة وأنه عند جرد تركتها لم يعثر فيها على نقود مما استفادت منه المحكمة أن التصرف كان تبرعاً - هاتان الواقعتان اللتان استند إليهما الحكم المطعون فيه ليس لهما أصل في الأوراق يساندهما يؤكد ذلك أن المطعون ضدهما الثاني والثالثة طلبا في مذكرتهما الختامية أمام محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبتا بشهادة الشهود واقعة أن التصرف الحاصل بالعقدين المشار إليهما يستغرق كل ما تملكه المورثة لكن المحكمة لم تحقق ما طلبا تحقيقه واعتبرت هذه الواقعة وواقعة عدم العثور على نقود لدى المورثة عند وفاتها ثابتتين مع خلو أوراق الدعوى من البينة عليهما ودون أن يكون لهما أصل ثابت في هذه الأوراق إذ لم تقدم للمحكمة كشوف رسمية بتكليف البائعة ولا أية مستندات تبين ما هو مملوك وما تصرفت فيه كما لم يقدم محضر حصر تركتها أو ما يدل على عدم العثور على نقود لديها عند وفاتها كما لم يرد على لسان الشهود الذين سمعتهم محكمة الدرجة الأولى شيء يفيد في إثبات هاتين الواقعتين، كذلك فقد أخطأ الحكم فيما استند إليه من عدم قيام الدليل على وضع يد الطاعنة على الأطيان المبيعة ذلك أنه وقد أقرت المورثة في عقد البيع بأن الطاعنة وضعت اليد على هذه الأطيان من تاريخ العقد وعليها دفع الضرائب ولم يقم الورثة الذين طعنوا في التصرف بإثبات عكس هذا الذي ورد بعقد البيع فإنه لم يكن للحكم بعد ذلك أن يهدر ما هو ثابت بالعقد وكان على المحكمة إن رأت أن لواقعة وضع اليد وزناً في تكييف حقيقة العقد أن تحقق هذه الواقعة وهي واقعة مادية تقبل الإثبات بجميع الطرق أما ما استندت إليه من انعدام حاجة المتصرفة إلى البيع وتوكيلها زوج الطاعنة في إدارة أموالها وعدم قيام الطاعنة بتسجيل العقد في حياة المتصرفة فإنه ليس من شأن ذلك أن يؤدي عقلاً إلى ما رتبته عليه المحكمة من أن العقد يستر وصية وبذلك يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور.
ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه بفرض التسليم جدلاً بصحة ما ذهب إليه من اعتبار العقد ساتراً لوصية فإن ذلك كان يقتضي نفاذ التصرف في حدود ثلث تركة المتصرفة لأن الوصية سواء كانت لوارث أو للغير تنفذ في ثلث التركة بغير إجازة الورثة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة حتى بالنسبة لنفاذ عقدها في حدود هذا الثلث يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى في أسبابه إلى تأييد قضاء الحكم الابتدائي في خصوص رفض الادعاء بالتزوير قال، وحيث إنه بالنسبة لما أثارته المستأنفة بصفتها (المطعون ضدها الثالثة) وطالب التدخل (المطعون ضده الثاني) في مذكرتهما الأخيرة من أنه حتى على فرض التسليم الجدلي بأن العقد المطعون فيه ليس مزوراً فإنه عقد صوري يخفي وصية للمستأنف عليها (الطاعنة) فإنه تبين للمحكمة أنه وإن كان قد ثبت لها أن هذا العقد قد صدر من المتوفاة بيد أنه وإن كان في ظاهره عقد بيع منجز إلا أنه في حقيقته يستر تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت ويقصد به التحايل على أحكام الإرث المقررة شرعاً لحرمان ولدي أخ المتوفاة مما كان يؤول إليهما بطريق الميراث يؤيد ذلك أن المتوفاة لم تك في حاجة إلى مثل هذا البيع لأن عمرها كان قد بلغ قرابة السبعين عاماً ودخلها من الأطيان المبيعة كان يكفي لسد حاجتها خاصة وأنه ليس لها من تعوله وأن هذا العقد والعقد الآخر الصادر منها إلى زوج المستأنف عليها (الطاعنة) وأخيه يشملان كل ما تملكه المتوفاة فضلاً عن أنه عند جرد التركة لم يعثر فيها على نقود مع أن الوفاة حدثت عقب البيع بفترة وجيزة وإذا أضيف إلى ما تقدم أن ليس ثمت ما يدل على أن المستأنف عليها قد وضعت يدها على الأطيان بعد تحرير العقد وأنها لم تسجل عقدها أو تشرع في ذلك حال حياة المتصرفة أو أنها أقامت دعواها هذه بصحة ونفاذ العقد قبل وفاتها فكل هذه الأدلة والقرائن فضلاً عن الظروف التي تحيط بالدعوى من أن المتوفاة كانت تقيم مع المستأنف عليها وأنها كلفت زوج الأخيرة لإدارة أطيانها بتوكيل رسمي ثم تصرفت له بباقي ما تملك تؤدي إلى أن نية الطرفين قد انصرفت إلى الوصية لا إلى البيع المنجز ومن ثم فالعقد وصية لا تنفذ في حق المستأنفة بصفتها والمتدخل بالنسبة لنصيبهما في الميراث إلا إذا أجازاها وفقاً للقانون وبالتالي يكون طلب نفاذ هذا العقد على غير أساس". ولما كان الحكم لم يفصح عن المصدر الذي استقى منه ما قرره من أن التصرف الحاصل بالعقد محل النزاع وبالعقد الآخر الصادر لزوج الطاعنة وأخيه يشمل كل ما كانت تملكه المورثة المتصرفة ولا ما قرره من عدم العثور على نقود لديها عند وفاتها وكان الثابت من الأوراق المقدمة بملف الطعن أن المطعون ضدهما الثاني والثالثة اللذين طعنا على العقد بأنه يستر وصية قد طلبا من محكمة الاستئناف في مذكرتهما الختامية التي أبديا فيها هذا الطعن لأول مرة إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبتا بشهادة الشهود أن التصرف الحاصل بالعقدين يشمل كل ما كانت تملكه المورثة الأمر الذي يفيد خلو أوراق الدعوى في نظرهما من الدليل على صحة هذه الواقعة. وكان يبين من جهة أخرى من الصورة الرسمية لمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى بصدد الادعاء بالتزوير أنه لا شيء في هذا التحقيق يمكن أن تستخلص منه المحكمة الواقعتين السابقتين اللتين اتخذت منهما قرينتين على أن العقد يستر وصية - لما كان ذلك، فإن استدلال الحكم المطعون فيه بهاتين القرينتين دون الإفصاح عن أصلهما في الأوراق يجعله معيباً بالقصور، كذلك فإنه لما كان يبين من عقد البيع المؤرخ 25 مارس سنة 1955 محل النزاع أن المورثة البائعة قد أقرت فيه بأن الطاعنة المشترية وضعت يدها على العقار المبيع من تاريخ تحرير هذا العقد فإن هذا الإقرار يظل حجة على وارثيها المطعون ضدهما الثاني والثالثة بصفتها إلى أن يثبتا عدم صحته بكافة طرق الإثبات ذلك أن الأصل في إقرارات المورث أنها تعتبر صحيحة وملزمة لورثته حتى يقيموا الدليل على عدم صحتها - وإذا كان القانون قد أعفى من يضار من الورثة بهذه الإقرارات من الدليل الكتابي في حالة ما إذا طعنوا في التصرف بأنه في حقيقته وصية وأنه قصد به الاحتيال على أحكام الإرث فليس معنى هذا أن مجرد طعنهم فيه يكفي لإهدار حجية هذه الإقرارات بل يجب لذلك أن يقيموا الدليل على عدم صحتها بأي طريق من طرق الإثبات فإن عجزوا بقيت لهذه الإقرارات حجيتها عليهم - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه باستدلاله على اعتبار العقد ساتراً لوصية بخلو الدعوى من الدليل على وضع يد الطاعنة على العقار المبيع لها من المورثة يكون قد أهدر ما أقرت به هذه المورثة في عقد البيع دون أن يقدم له المطعون ضدهما الدليل على عدم صحة هذا الإقرار مما يجعل استدلال الحكم بهذه القرينة معيباً لانطوائه على خطأ في القانون - لما كان ما تقدم، وكان يبين من هذا الحكم أنه أقيم على جملة قرائن مجتمعة ومتساندة بحيث لا يظهر أثر كل واحد منها على حدة في تكوين عقيدة المحكمة فإنه وقد ثبت أن استناده إلى ثلاث قرائن منها كان معيباً فإن ذلك يقتضي نقضه إذ لا يعرف ماذا كان قضاؤه يكون مع إسقاط هذه القرائن من التقدير.
وحيث إنه وإن كان قبول هذه المحكمة لهذا السبب من أسباب الطعن لا يدع محلاً للتعرض للسبب الثالث الذي ساقته الطاعنة احتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة من رفض السبب السابق إلا أنه مع ذلك ترى هذه المحكمة أن تشير إلى أن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الوصية لا تنفذ في حق الوارث إلا إذا أجازها - خطأ في القانون ذلك أنه طبقاً للمادة 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق