جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
-----------------
(216)
الطعن رقم 211 لسنة 36 القضائية
(أ) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
عدم قيام الطاعن بإعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في ميعاد الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن. خلو أوراق الطعن مما يثبت قيام الطاعن بهذا الإعلان خلال هذا الميعاد وحتى انقضاء الميعاد الذي منحه القانون رقم 4 لسنة 1967 بطلان الطعن. لا يصححه حضور المطعون عليه الذي لم يعلن وتقديمه مذكرة بدفاعه. تقرير الطعن لا يعتبر تكليفاً بالحضور.
(ب) تجزئة. "أحوال التجزئة". نقض. "الخصوم في الطعن". ملكية.
المطالبة بتثبيت ملكية أطيان زراعية. موضوع قابل للتجزئة. بطلان الطعن بالنسبة لأحد المطعون عليهم مقصور عليه. لا أثر له بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". تقادم. "تقادم مكسب". نقض. إثبات. حيازة.
لمحكمة الموضوع أن تستدل على نوع وضع اليد من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامها. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في الإحالة للتحقيق". إثبات.
سلطة محكمة الموضوع في عدم إحالة الدعوى إلى التحقيق. مناط ذلك.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". خبرة.
عدم تمسك الطاعن بخطأ الخبير أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم محمد الحفني علي بلال أقام الدعوى رقم 35 سنة 1953 مدني كلي قنا، ضد أحمد علي بلال وآخرين، طلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى 3 ف و1 ط و3 س موضحة بالصحيفة وتسليمها إليه، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك 2 ف و1 ط و3 س من هذه الأطيان بالميراث عن والده ويملك باقيها بالتنازل من عمته المرحومة آمنة محمد بلال، وأن الأطيان المذكورة ظلت (روكية) بينه وبين أخيه المرحوم أحمد علي بلال حتى وفاته في 8/ 6/ 1944، ثم عهد بإدارتها إلى محمد علي الأنصاري فنازعه ابن أخيه محمد أحمد علي بلال، ما اضطره لتقديم شكوى ضده قيدت برقم 834 سنة 1944 إداري دشنا أقر فيها المشكو ضده بقبول استئجار هذه الأطيان، ولكنه تأخر في دفع الأجرة فأقام عليه الدعوى رقم 557 سنة 1946 مدني دشنا وحكم له بجزء منها، ولما استأنف الطرفان الحكم المذكور بالاستئنافين رقمي 283 سنة 1946، 17 سنة 1947 مدني كلي قنا قررت المحكمة ضم الاستئنافين وإيقاف الفصل فيهما حتى يفصل في النزاع على الملكية، ثم انتهى المدعي إلى القول بأنه رغم أن محمد أحمد علي بلال أقر له بعد ذلك في 9/ 8/ 1949 بملكيته للأطيان المذكورة فإنه لم يسلمها له، مما اضطره لإقامة هذه الدعوى بطلباته آنفة الذكر، وأثناء نظرها توفى المدعي فحل محله محمد علي بلال باعتباره الوارث الوحيد له، كما توفى بعض المدعى عليهم فحل محلهم ورثتهم، ثم اقتصر المدعي على مخاصمة محمد أحمد علي ومحمد علي أحمد وأحمد أحمد علي بلال وشقيقتيه سكينة ومارية. ورد المدعى عليهما أحمد أحمد بلال وشقيقته سكينة بأن أرض النزاع ملك لمورثهم المرحوم أحمد علي محمد بلال، وأنه كان يضع اليد عليها ومن بعده ورثته لمدة تزيد على الخمسين عاماً. وبتاريخ 19/ 1/ 1957 حكمت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء بقنا لمعاينة أرض النزاع وتحقيق أصل الملكية وتسلسلها وتطبيق مستندات الطرفين على الأطيان لمعرفة ما إذا كانت مملوكة لمورث المدعي "المرحوم محمد الحنفي علي بلال" أم لمورث المدعى عليهم ملكية خاصة وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه. وقدم الخبير تقريره منتهياً فيه إلى أن نصيب المرحوم محمد الحفني علي بلال مورث المدعي محمد علي بلال هو 2 ف 13 ط و12 س، وإذ توفى محمد علي بلال وحل محله ورثته فقد عدلوا طلباتهم إلى الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 2 ف و13 ط و12 س شيوعاً في 17 ف و13 ط و20 س مستندين في ذلك إلى أن نصيب مورثهم هو الذي أظهره الخبير وأنه يجب أن يضاف إليه الفدان الذي سبق أن تنازلت عنه المرحومة آمنة محمد بلال إلى شقيقها مورث مورثهم. وبتاريخ 21/ 11/ 1964، حكمت المحكمة بتثبيت ملكية المدعين إلى 2 ف و13 ط و12 س شيوعاً في 17 ف و13 ط و20 س الموضحة بتقرير الخبير وكف منازعة المدعى عليهم والتسليم. واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 11 سنة 40 ق أسيوط قنا. وفي 23/ 2/ 1966 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير. وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم عدا الخامسة والتاسع والثاني عشر رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكراتها وطلبت بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثاني والرابع والثاني عشر وبقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً بالنسبة للباقين.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة هو بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والرابع والثاني عشر لعدم إعلانهم بتقرير الطعن.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن أنه لم يعلن للمطعون عليهم الثاني والرابع والثاني عشر لإقامتهم في جهات أخرى أثبتها المحضر غير تلك التي وجه إليهم الإعلان فيها. وإذ كانت المادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 سنة 1955 والتي أعيد العمل بها بمقتضى قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965، توجب على الطاعن أن يعلن تقرير الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن، وإلا كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. إذ كان ذلك، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعنين بإعلان المطعون عليهم المذكورين بتقرير الطعن خلال هذا الميعاد أو في خلال الميعاد الذي منحه لهم القانون رقم 4 سنة 1967، لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات ولتصحيح ما لم يصح منها، فإن الطعن يكون باطلاً بالنسبة للمطعون عليهم الذين لم يتم إعلانهم، ولا يغير من هذا النظر حضور محام عن اثنين منهم إلى قلم الكتاب وتقديمه مذكرة بدفاعهما خلال الميعاد المحدد للإيداع، ذلك أن إعلان تقرير الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر تكليفاً بالحضور يزول البطلان الذي يلحقه بحضور المطعون عليه الذي لم يعلن، وذلك بالمعنى الذي يتأدى من مفهوم نص المادة 140 مرافعات قديم، بل هو إجراء من إجراءات الطعن التي يتحتم مراعاتها وإلا كان الطعن باطلاً، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع قابل للتجزئة بتثبيت ملكية المطعون عليهم عدا الأخير منهم للأطيان الزراعية، فإن بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والرابع والثاني عشر لا أثر له بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الثاني والرابع والثاني عشر منهم.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه مشوب بالفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم قد استدل من تقرير الخبير ومن الكشوف الرسمية المقدمة في الدعوى على أن المطعون عليهم عدا الأخير منهم يملكون الأطيان المحكوم بتثبيت ملكيتها لهم بطريق الميراث عن المرحوم علي بلال مورثهم الأصلي، في حين أن الكشوف الرسمية المذكورة خلت من ذكر اسم المورث المذكور، وقد تمسك الطاعنون بدفاعهم هذا أمام محكمة الموضوع وبأن الكشوف الرسمية الشاملة لأطيان النزاع قد خلت مما يدل على أنها كانت مكلفة قبل ذلك باسم علي بلال، وأن عبارة وبقية الورثة الواردة بتلك الكشوف لا تنهض دليلاً على أن الأطيان المذكورة مكلفة باسمه، ومع ذلك فقد عول الحكم عليها في قضائه مما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه يبين أنه استند في قضائه إلى ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن نصيب محمد الحفني على مورث المدعين (المطعون عليهم عدا الأخير) في التكليفين باسم أحمد علي وبقية الورثة هو 2 ف و13 ط و12 س شيوعاً في جملة أرض التكليفين وقدرها 17 ف و13 ط و2 س طبقاً لكشوف التكليف المستخرجة من واقع سجل المساحة، وعلى أساس الورثة الوارد ذكرهم بالحكم الشرعي 13 لسنة 1948 كلي قنا، وإلى أن الطرفين أقرا بأن مورث المدعين لم يتصرف في شيء من نصيبه كذلك وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن أورد أسانيد الحكم الابتدائي أضاف إليها "وزيادة على ما تقدم فالثابت من الكشوف الرسمية المرفقة بتقرير الخبير أن الأرض المخلفة عن مورث مورثي الطرفين مكلفة باسم ورثته وفي وضع يدهم، وهو ما يجعل قول المستأنفين "(الطاعنين) بتكليفها باسم مورثهم وحده غير صحيح". ومن ذلك يبين أن الحكم قد اعتبر الكشوف الرسمية المقدمة في الدعوى شاملة لاسم مورث المطعون ضدهم استناداً إلى أن هذه الكشوف صادرة باسم أحمد علي بلال وبقية الورثة، وأن هذه العبارة تشمل المورث المذكور حسبما جاء بالحكم الشرعي وأفصحت عنه البيانات المساحية التي اطلع عليها الخبير، إذ كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم استدل على أن أرض النزاع كانت في وضع يد المطعون عليه الأخير محمد أحمد علي بما جاء بأقواله في الشكوى رقم 2834 سنة 1944 إداري دشنا من أنه تلقى خطاباً من مورث المطعون عليهم يوكله فيه بإدارة أطيان النزاع، في حين أن الشكوى الإدارية لا تعتبر حجة على الطاعنين لأنهم لم يسألوا فيها ولم يواجهوا بأقوال من سئل، خاصة وأن تلك الأقوال قد أدلى بها بعد أن كانت مدة التقادم وقدرها 33 سنة قد اكتملت لهم ولمورثهم من قبلهم في سنة 1937 (وثانيها) أن الحكم استند في القول بوضع يد مورث المطعون عليهم عدا الأخير على أرض النزاع إلى الإقرار الصادر من المطعون عليه التاسع محمد أحمد علي بلال في 9/ 8/ 1949 المتضمن أن وضع يده على الأرض المذكورة كان بقصد إدارتها لحساب مورث المطعون عليهم كمالك في حين أن هذا الإقرار لا يكون حجة إلا على المقر ولا حجية له قبل الطاعنين، لأنهم ليسوا طرفاً فيه مما يجعل الحكم مخالفاً للقانون فضلاً عن فساده في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استند في إطراح ما تمسك به الطاعنون من أن مورثهم تملك أرض النزاع بوضع يده عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية إلى أن "ما يثيره المستأنفون (الطاعنون وآخرون) في أوجه استئنافهم من أن مورثهم تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية مردود بما تبينته المحكمة من أنه وإن كان الخبير قد أيدهم في هذه الواقعة، إلا أن وضع يده حسبما تكشف عنه الأوراق كان بالنيابة عن أخيه مورث المستأنف عليهم (المطعون ضدهم عدا الأخير) وهو وضع يد غير مملك مهما طال الزمن، وآية ذلك أن المستأنف الأول محمد علي أحمد (المطعون ضده الأخير) وهو زوج ابنة المورث ووكيله في إدارة أمواله حسبما قرر في الشكوى رقم 2834 سنة 1944 إداري دشنا أنه تلقى من مورث المستأنف عليهم خطاباً أثبته محققها، وأنه بموجبه قد وكله في إدارة ذات أرض النزاع بعد وفاة صهره وشقيق مورث المستأنف ضدهم وأنه قام بتأجيرها بهذه الصفة لآخرين، وهو ما يدحض ادعاء المستأنفين بتملك مورثهم أرض النزاع بأن محمد أحمد علي محمد بلال شقيق المستأنفين عدا الأول قد أقر في الشكوى باستعداده لاستئجار الأرض وإدارتها نيابة عن مالكها مورث المستأنف ضدهم (المطعون ضدهم عدا الأخير) وأيد هذه الأقوال بالإقرار الصادر منه والثابت به أن والده كان يدير الأرض بالنيابة عن شقيقه مورث المستأنف عليهم" وإذ كان يبين من ذلك أن الحكم قد استدل على أن يد مورث الطاعنين على أرض النزاع كانت يداً عارضة بما استخلصه من الشكوى الإدارية رقم 2834 سنة 44 إداري دشنا ومن أقوال المطعون ضده الأخير فيها وما تضمنه الخطاب الذي قدمه للمحقق أثناء سماعه أقواله. وإذ كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستدل على نوع وضع اليد من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمامها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، ما دام ما استنبطه مستمداً من أوراق الدعوى ومستخلصاً منها استخلاصاً سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. إذ كان ذلك فإن النعي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قرر في معرض التدليل على ملكية مورث المطعون عليهم لأطيان النزاع أن الثابت من محضر أعمال الخبير المنتدب أن مورثهم الأصلي المرحوم محمد الحفني يملك 2 ف 3 ط و12 س عن والده المرحوم علي بلال وأنه لم يكن يزرعها وإنما يقوم بزراعتها إخوة المرحوم أحمد علي بلال مورث الطاعنين وكان الأخوان يتحاسبان عن إيجارها وأن العلاقة ظلت مستمرة بينهما حتى توفى أحمد علي بلال مورث الطاعنين في سنة 1954، في حين أن تقرير الخبير قد خلا في نتيجته من الاعتماد على هذه الواقعة كدليل على الملكية كما يبين من محاضر أعماله أن ذكر هذه الواقعة جرى على لسان مورث المطعون عليهم المرحوم محمد علي بلال، دون أن يقدم أي دليل على صحتها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه وإن كان الحكم الابتدائي قد تضمنت أسبابه ما جاء بسبب النعي، إلا أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه لم يستند في التدليل على ملكية مورث المطعون عليهم لأرض النزاع ووضع يده عليها كمالك إلى تقرير الخبير أو محاضر أعماله بل إلى أدلة أخرى على ما جاء في الرد على السبب الثاني.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بأنهم على استعداد لإثبات أنهم ومورثهم من قبلهم يضعون اليد على أطيان النزاع أكثر من 23 عام بنية التملك، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن تحقيق دفاعهم ولم يستجب له اكتفاء بقوله بأنه لا جدوى من تحقيق هذا الدفاع أخذاً بمدلول الشكوى الإدارية 2834 سنة 1944 إداري دشنا، وإذا كانت الشكوى المذكورة خلواً من أقوال لهم، وكان لزاماً على المحكمة أن تحقق دفاعهم المذكور بإحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع شهودهم عن وضع يدهم المكسب للملكية، فإن عدم استجابة الحكم المطعون فيه لهذا الطلب هو إخلال منه بحقهم في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق متى استبان لها وجه الحق في الخصومة، وإذ كانت قد حصلت من القرائن التي ساقتها واطمأنت إليها - على ما سلف البيان عند الرد على السبب الثاني - أن وضع يد مورث الطاعنين على أرض النزاع كان بطريق الإنابة لا بنية التملك، فإن عدم استجابتها لطلب الإحالة إلى التحقيق لا يعتبر منها إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إنه أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من اعتماد تقرير الخبير الذي خلص إلى أن مجموع الأطيان المتروكة عن المورث الأصلي للمطعون ضدهم هو 17 ف و13 ط و2 س، في حين أن الثابت بالكشوف الرسمية المرفقة بمحضر أعمال الخبير أن الأطيان المذكورة لا تجاوز الاثنى عشر فداناً، وقد ترتب على خطأ الخبير أن عدل المطعون ضدهم طلباتهم إلى طلب تثبيت ملكيتهم لمقدار 2 ف و13 ط و12 س بعد أن كانت طلباتهم قاصرة على 2 ف و1 ط و3 س وقضي لهم بهذه الطلبات الأخيرة، وإذ انساق الحكم وراء هذا الخطأ، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الطاعنين لم يتمسكوا بهذا السبب أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(1) نقض 5/ 1/ 1956 مجموعة المكتب الفني السنة 7 ص 56 والفهرس الخمسي ص 774. بند 116.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق