الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 أبريل 2023

الطعن 174 لسنة 36 ق جلسة 31 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 215 ص 1311

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور محمد حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(215)
الطعن رقم 174 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب الحكم". "تسبيب كاف". مسئولية. "المسئولية التقصيرية". "ركن الخطأ".
مسئولية تقصيرية. تسبيب سائغ في نفي المسئولية. مثال في إنتاج فيلم سينمائي.
(ب) مسئولية. "المسئولية التقصيرية". "ركن الضرر". محكمة الموضوع.
استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه. واقع يستقل به قاضي الموضوع.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الدليل.
(د) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض".
التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتماحى به أسبابه.

---------------
1 - متى كان يبين مما أورده الحكم أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع أن المطعون عليهم - منتج أحد الأفلام والمخرج وشركة التوزيع - قد تعمدوا الإضرار بالطاعن - صاحب لوكاندة - أو أنهم قد تسببوا في ذلك نتيجة تقصيرهم في بذل العناية المتوقعة من الرجل العادي، وأن إقحام اسم لوكاندة الطاعن في الفيلم لا يعتبر خطأ تقصيرياً حتى ولو لم يتم حذف اسم اللوكاندة من النسخ المعروضة بعد التعرض الأول، استناداً إلى أن المعروف لدى الكافة أن الأفلام السينمائية هي من نسج الخيال ولا ظل لها من الحقيقة، وأن الخلاف الذي أثبته الخبير بين لوكاندة الطاعن واللوكاندة التي ظهرت في الفيلم ليس من شأنه أن يؤدي إلى الخلط بينهما لدى جمهور المشاهدين، فإن هذا الذي أورده الحكم سائغ وتؤدي إليه المقدمات التي ساقها ولا يشوبه فساد في الاستدلال.
2 - استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولاً قانوناً.
3 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير ما يقدم إليها من الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
4 - التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ طانيوس مرعي طانيوس أقام الدعوى رقم 72 لسنة 1962 كلي القاهرة ضد السيد/ رمسيس نجيب وآخرين يطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض، وقال شرحاً للدعوى إنه يملك ويدير فندقاً باسم "لوكاندة النور الكبرى" بميدان رمسيس بالقاهرة وأن هذا الفندق يتمتع بالأمانة والسمعة الطيبة منذ 35 عاماً فكان مقصد الأسر المعروفة في الوجهين القبلي والبحري فضلاً عن الكثير من أبناء الدول العربية الشقيقة إلى أن أخبره بعض النزلاء بأنهم اكتشفوا لدى عرض فيلم "لا تذكريني" ما يجري في الفندق في الخفاء من أعمال مشينة بأن شاهدوا بالفيلم وجود لافتة كبيرة تحمل اسم الفندق الذي يملكه وتبعتها حوادث مؤسفة بداخله لو أنها صحت لأودت بسمعة الفندق وصاحبه، منها أن بطلة الفيلم بعد أن ساءت حالتها لإدمانها المخدرات لجأت إلى هذا الفندق ونزلت في إحدى حجراته، ودخل عليها رجل حقنها بالمخدر وبعد خروجه جاءها أحد موظفي الفندق وراودها عن نفسها وحاول اغتصابها، فحدثت ضجة حضر على أثرها صاحب الفندق، ولما أخبره الموظف أنها سرقت حافظة نقوده ضربها وقام بطردها من الفندق، وإذ ارتبطت هذه الحوادث باسم الفندق الذي ظهر في الفيلم حاملاً اسم الفندق المملوك له فقد اعتقد النزلاء أن هذه الحوادث قد وقعت فيه فعلاً فانصرفوا عنه رغم محاولته إقناعهم بأن تلك الحوادث من نسج الخيال، وأضاف المدعي أنه اتصل بالمدعى عليه الأول بوصفه منتج الفيلم لحذف اللقطة الخاصة باسم الفندق تفادياً لتفاقم الضرر، واتبع ذلك بإرسال برقية إليه في 21/ 3/ 1961 ومع ذلك استمر عرض الفيلم بحالته، فاضطر إلى رفع دعوى إثبات الحالة رقم 3737 لسنة 1961 مستعجل القاهرة، كما اضطر إلى تغيير اسم الفندق حتى يقضي على الأثر السيء الذي أحدثه عرض الفيلم، وألحق به أضراراً جسيمة ثم أقام الدعوى الحالية مطالباً المنتج والمخرج وشركة التوزيع متضامنين بتعويضه عن هذه الأضرار بالمبلغ المطالب به - وطلب المدعى عليهما الأولان رفض الدعوى لعدم توافر ركني الخطأ والضرر. وفي 13/ 1/ 1963 قضت المحكمة بندب خبير حسابي للاطلاع على دفاتر لوكاندة النور الكبرى الخاصة بالمدعي في الفترة من 1/ 1/ 1960 لغاية 31/ 12/ 1962 لبيان عدد نزلائها عن كل شهر في الفترة من 1/ 1/ 1960 لغاية 31/ 3/ 1961 وعددهم عن كل شهر في الفترة من 1/ 4/ 1961 إلى آخر ديسمبر سنة 1962 وذلك استكمالاً للعناصر اللازمة للفصل في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 21/ 2/ 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات أن المدعى عليهم ارتكبوا خطأ بذكر اسم لوكاندة النور الكبرى المملوكة له في فيلم "لا تذكريني" وأن هذا الخطأ قد سبب له أضراراً ومدى هذه الأضرار وصرحت للمدعى عليهم بالنفي. وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة في 27/ 6/ 1965 وحكمت بإلزام المدعى عليهما "المنتج والمخرج" متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 1000 ج والمصروفات المناسبة و500 ق مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1489 سنة 82 ق طالباً القضاء له بطلباته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى، كما استأنفه المحكوم عليهما بالاستئناف رقم 1488 سنة 82 ق طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وبعد ضم هذين الاستئنافين حكمت المحكمة في 27/ 1/ 1966 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وإلزام المدعي أصلاً بالمصروفات عن الدرجتين ومصروفات الاستئناف رقم 1488 سنة 82 ق. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، حاصل الأول والثاني والخامس منها مخالفة الثابت في الأوراق وفساد الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه استند في نفي وقوع الخطأ من المطعون عليهم إلى ما قرره المطعون عليه الأول من أن جميع نسخ الفيلم التي عرضت ابتداء من يوم 23/ 3/ 1961 تاريخ ورود برقية الطاعن إليه كانت خالية من اسم لوكاندة النور الكبرى لصدور أمره بحذف هذا الاسم من جميع نسخ الفيلم، وإلى أقوال شاهديه أمام محكمة أول درجة التي لم يقم الطاعن بإثبات ما يخالفها، وإلى أن شاهدي الطاعن لم يشهدا بأن الاسم استمر موجوداً أثناء العرض الثاني للفيلم، في حين أن هذا الذي قرره الحكم يخالف الثابت في الأوراق، ذلك أن الشاهدين محمد يس علي، إبراهيم أحمد علي اللذين سمعهما الخبير وأثبت أقوالهما في محضر أعماله قرر أولهما أنه شاهد الفيلم بسينما بدر في أسوان يوم 11/ 4/ 1961 وقرر ثانيهما أنه شهد الفيلم في وقت معاصر لهذا التاريخ بسينما ستراند بالإسكندرية وفوجئا بظهور لافتة كبيرة تحمل اسم "لوكاندة النور الكبرى" على أحد المباني الظاهرة بالفيلم وبرؤية الحوادث التي وقعت بداخله، وشهد عبد الرازق عبد اللطيف وعياد عبده قليني أمام محكمة أول درجة برؤية الفيلم في شهر إبريل سنة 1961 بأسوان وسمالوط وبه لافتة تحمل اسم فندق الطاعن، كما استند الحكم في نفي هذا الخطأ إلى ما جاء بتقرير خبير دعوى إثبات الحالة من وجود اختلاف كبير بين مدخل لوكاندة الطاعن وبين اللوكاندة التي ظهرت في الفيلم وأن مهندس الديكورات في الفيلم لم يحاول تقليد ديكورات لوكاندة الطاعن، وأنه لا يوجد تشابه بينهما في الحجرات وطريقة التأثيث، وأن اللوكاندة المصورة في الفيلم ظاهرة الفقر على عكس لوكاندة الطاعن، وهذا الذي قرره الحكم ينطوي على فساد في الاستدلال لأن الخطأ الذي نسبه للمطعون عليهم يقوم أساساً على الحوادث التي دارت في لوكاندة تحمل اسم اللوكاندة التي يملكها وهو الاسم الذي تستمد منه شهرتها وسمعتها، وليس من منظر حجراتها وصالتها ومدخلها، وأخيراً أقام الحكم قضاءه بنفي ركن الخطأ على أنه ما كان يدور بخلد المخرج أن هناك لوكاندة تحمل اسم لوكاندة النور الكبرى وإلى أن وضع هذا الاسم في الفيلم لا يعد انحرافاً يستوجب المسئولية، خاصة وأنه ليس من الأسماء المشهورة التي يفترض علم الشخص العادي بها والتي تستوجب الانتباه، وأنه اختير في الفيلم بطريق الصدفة، ويقول الطاعن إن ما قرره الحكم خطأ في القانون، ذلك أنه استلزم لتحقق المسئولية التقصيرية أن يكون فعل المتسبب في الضرر متعمداً، في حين أن هذه المسئولية تقع على عاتق المتسبب في الفعل أو الترك الضار سواء كان متعمداً أم مقصراً حسن القصد أم سيئه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء ركن الخطأ على أن "الثابت بالأوراق أنه ما كان يدور بخلد المخرج أن هناك لوكاندة تحمل اسم لوكاندة النور الكبرى، ولا يعد وضع هذا الاسم انحرافاً يستوجب المسئولية، خاصة وأن هذا الاسم لا يفترض علم الشخص العادي به فهو ليس من الأسماء المشهورة التي تستوجب الانتباه، وقد اختير بطريق الصدفة وفضلاً عن ذلك فقد تم حذف الاسم فوراً عقب إرسال البرقية عند عرض الفيلم لأول مرة، وأن اللوكاندة التي ظهرت بالفيلم رغم الاختلاف الشاسع بينهما وبين لوكاندة المدعي، فإنها تقع في حي بلدي ولوكاندة المدعي تقع في ميدان رمسيس، وهو من أهم ميادين القاهرة، فضلاً عن أن الفيلم لم يحدد المدينة أو الحي الذي وقعت فيه الحوادث، وقد أكد الخبير في تقريره أن حذف اسم اللوكاندة لم يكن له أهمية خاصة أو تأثير على مجريات الحوادث لأن الاسم لم يظهر إلا ثوان معدودة مما يقطع بالاختلاف البين وعدم الخلط بينهما عند مشاهدة الفيلم بمعرفة الرجل العادي، فضلاً عن أن "المعروف لدى الكافة أن الأفلام السينمائية هي من نسج الخيال وإن معظم القصص الهادفة يقصد منها التهذيب والإرشاد" وهذا الذي أورده الحكم يفيد أنه لم يثبت لدى محكمة الموضوع أن المطعون عليهم قد تعمدوا الإضرار بالطاعن، أو أنهم قد تسببوا في ذلك نتيجة تقصيرهم في بذل العناية المتوقعة من الرجل العادي، وأن إقحام اسم لوكاندة الطاعن في الفيلم لا يعتبر خطأ تقصيرياً حتى ولو لم يتم حذف اسم اللوكاندة من النسخ المعروضة بعد العرض الأول استناداً إلى أن المعروف لدى الكافة أن الأفلام السينمائية هي من نسج الخيال ولا ظل لها من الحقيقة، وأن الخلاف الذي أثبته الخبير في تقريره بين لوكاندة الطاعن واللوكاندة التي ظهرت في الفيلم ليس من شأنه أن يؤدي إلى الخلط لدى جمهور المشاهدين - وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص سائغاً وتؤدي إليه المقدمات التي ساقها، فإن النعي عليه بمسخ أقوال شاهدي الطاعن من بقاء اسم اللوكاندة في الفيلم بعد العرض الأول أو الفساد في الاستدلال بأوجه الخلاف الثابتة بتقرير الخبير بين لوكاندة الطاعن وتلك التي ظهرت في الفيلم يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم نفى توافر ركن الضرر استناداً إلى أن شاهديه لم يشهدا بحصول ضرر له من جراء عرض الفيلم، وإلى أن البيانات الواردة بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة تقطع بأن عرض اسم اللوكاندة في فترة عرض الفيلم قبل إرسال البرقية لم يكن له تأثير على إيراد الطاعن من اللوكاندة، في حين أن شاهديه عبد الرازق عبد اللطيف وعياد قليني قد شهدا لدى المحكمة بما يؤكد حصول الضرر، وإن المقارنة التي أجراها الحكم واستند إليها في قضائه بين الفترة من مارس سنة 1960 إلى سبتمبر سنة 1960 وما يقابلها في سنة 1961 بعيدة عن الصواب إذ من المعلوم أن الأفلام الكبيرة إنما تعرض أولاً في القاهرة وعواصم الأقاليم ولا يبدأ عرضها في المراكز والقرى إلا بعد ذلك، فضلاً عن أن زبائن الفندق لا يتكاتفون معاً لمشاهدة الفيلم دفعة واحدة وإنما يشاهدونه على فترات وفي كل مرة يزداد عدد الساخطين النافرين من النزول في الفندق، وبالرغم من تمسك الطاعن بنقص عدد النزلاء بصورة ملموسة ابتداء من أكتوبر سنة 1961 طبقاً للبيانات المستخلصة من دفاتر الفندق، فإن الحكم علل هذا النقص بتغيير اسم الفندق ومطبوعاته وتعديل رخصته وسجله التجاري، كما أهدر البيانات المستخلصة من الدفاتر والدالة على تناقص عدد النزلاء لاحتمال عدم صحتها وإعدادها خصيصاً لخدمة الدعوى، بذلك يكون الحكم قد مسخ دلالة دفاع الطاعن ومستنداته، وخرج بها عن مدلولها الظاهر إلى المعنى الذي أخذ به دون بيان الأسباب، وبنى قضاءه على مجرد فرض مع أن الأحكام لا تبنى على الفروض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولاً قانوناً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بعدم توافر ركن الضرر إلى أن "شاهدي المدعي "الطاعن" لم يشهدا فيما يختص بحصول ضرر له من جراء عرض الفيلم وبالعكس فإن الثابت من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة أن عدد نزلاء الفندق قد زاد في الفترة من مارس إلى سبتمبر سنة 1961 وهي الفترة التي بدأ فيها عرض الفيلم" كما رد الحكم على دفاع الطاعن بقوله "إنه وإن كان هذا العدد قد تناقص بعد ذلك فإن هذا ليس مرجعه عرض الفيلم بل يرجع إلى تغيير اسم اللوكاندة في شهر يونيو سنة 1961 وتغيير الرخصة والسجل والمطبوعات، فضلاً عن أن ما ورد بالدفاتر الخاصة بالفترة الأخيرة لا ينهض دليلاً على صحة عدد النزلاء، فقد يكون ما أثبت في الدفاتر غير صحيح وعمل خصيصاً خدمة للدعوى" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها بنفي الضرر على ما استخلصته من البيانات التي أوردها الخبير في تقريره، والتي اقتنعت هي بصحتها، ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير ما يقدم إليها من الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يعتبر جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد في أسبابه أن المطعون عليهم رفعوا اسم لوكاندة النور الكبرى من نسخ الفيلم عقب البرقية التي أرسلها الطاعن في 22/ 3/ 1961، عاد وقرر أن الفيلم كان يعرض من مارس إلى سبتمبر سنة 1961، وهو يحمل اسم اللوكاندة دون أن يصيب الطاعن أي نقص في إيرادها وهو تناقص يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب، وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي حصول ضرر للطاعن نتيجة عرض الفيلم وبه اسم اللوكاندة، فإن تناقضه في مسألة ثانوية لا يعيبه، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق