الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 أبريل 2023

الطعن 1104 لسنة 48 ق جلسة 5 /1 /1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 21 ص 89

جلسة 5 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعه.

-----------------

(21)
الطعن رقم 1104 لسنة 48 القضائية

(1) استئناف. حكم. "حجية الحكم". "قوة الأمر المقضي".
اكتساب الحكم. قوة الأمر المقضي. شرطه. استنفاد طريق الطعن فيه بالاستئناف. أو فوات مواعيده.
(2 - 4) حكم. "الطعن في الحكم". قانون.
(2) الأحكام الجائز الطعن فيها في قوانين المرافعات المتعاقبة. عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى ولو اختلفت الطلبات في أسبابها أو تعدد الخصوم فيها. جواز الطعن فيها مع الحكم الختامي المنهي للخصومة برمتها م 212 مرافعات. علة ذلك.
(3) الحكم الصادر في أحد الطلبات في الدعوى قبل صدور الحكم المنهي للخصومة كلها اكتسابه حجية الأمر المقضي لا يجوز مع ذلك الاستناد إليه في حكم صادر في دعوى أخرى قبل صيرورته نهائياً.
(4) الحكم الصادر على خلاف أحكام سابقة جواز الطعن فيه المادتان 222 و249 مرافعات. علة ذلك. منع التناقض بين الأحكام.
(5 و6) دعوى. "وقف الدعوى" حكم. "إصدار الحكم".
(5) وجوب تفادي الحكم احتمال تناقضه مع حكم آخر. سبيل ذلك. وقف الدعوى أو ضمها للدعوى الأخرى المرتبطة أو بإحالتها للمحكمة المطروح عليها النزاع الآخر.
(6) الحكم بإخلاء الطاعن من العين باعتباره غاصباً لها استناده إلى ما قضى به في شق من دعوى أخرى بين ذات الخصوم رغم عدم قابليته للاستئناف استقلالاً من الطاعن. خطأ. وجوب الحكم بوقف الدعوى.

----------------
1 - إنه وإن كانت الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز ثبوت دليل ينقض هذه الحجية - على ما نصت عليه المادة 101 من قانون الإثبات - إلا أن تلك الأحكام لا تكتسب هذه القوة إلا بعد صيرورتها نهائية باستنفاد طريق الطعن العادي المقرر قانوناً وهو الاستئناف.
2 - يبين من تقصي المراحل التشريعية التي مر بها حق استئناف الأحكام في قوانين المرافعات المتعاقبة أنه بعد أن كان أولها. وهو الصادر بالأمر العالي المؤرخ 3/ 11/ 1883، يجيز الاستباق إلى استئناف ما يصدر أثناء سير الدعوى من أحكام ما استثنى بما أجازته المادة 361 منه استئناف الأحكام التمهيدية. جاء التشريع اللاحق وهو الصادر بالقانون 77 لسنة 1949 فقيد هذا التوسع بما حظرته المادة 338 منه من الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع مستهدفاً من ذلك منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وتفادياً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وزيادة نفقات التقاضي مع احتمال أن يقضي آخر الأمر في أصل الحق للخصم الذي أخفق في النزاع الفرعي فيعفيه ذلك من الطعن في الحكم الصادر عليه قبل الفصل في الموضوع - بيد أنه إزاء ما أثارته التفرقة الدقيقة من الأحكام الموضوعية والفرعية وبين الأحكام التي تقبل الطعن المباشر التي لا يقبله من خلاف في الرأي حال دون تحقيق الهدف المرجو من التشريع جاء قانون المرافعات الحالي الصادر بالقانون 13 لسنة 1968 بحكم حاسم في ذلك بما نصت عليه المادة 212 منه أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور في الحكم المنهي للخصومة كلها فدل بذلك على عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة - أياً كان نوعها - قبل صدور الحكم الختامي المنهي لها برمتها - باستثناء ما أردفته المادة بعد ذلك من صور محدودة - مؤكدة بذلك حرصه على عدم جواز نقل الدعوى من محكمة الدرجة الأولى إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بعد أن تستنفد أولاهما كل سلطتها في جميع ما هو معروض عليها من طلبات ولو تباينت أسبابها أو تعدد الخصوم فيها باعتبار أنه ليست في هذا أو ذاك ما ينفي وحدة الخصومة المطروحة على المحكمة تلك الخصومة التي يحرص القانون على تماسك أجزائها وإن اختلفت عناصرها على نحو ما نصت عليه المواد من 123 - إلى 126 من قانون المرافعات من إجازة تقديم طلبات عارضة في الدعوى سواء من جانب المدعي أو من جانب المدعى عليه استكمالاً للطلب الأصلي أو ترتيباً عليه أو اتصالاً به على نحو غير قابل للتجزئة أو بهدف عدم الحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو تقييدها لمصلحة المدعى عليه - علاوة على ما تأذن المحكمة بتقديمه من طلبات مرتبطة بالطلب الأصلي هذا إلى حق الغير في التدخل في الدعوى سواء منضماً إلى أحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، وذلك كله جمعاً لشتات المنازعات المتداخلة تيسيراً للفصل فيها جملة واحدة وتحقيقاً للعدالة الشاملة وتوقياً من تضارب الأحكام ولو كان ذلك على حساب بعض قواعد الاختصاص النوعي أو القيمي والتي هي في الأصل مما يتعلق بالنظام العام على ما نحو ما أوجبت المادة 46 من قانون المرافعات على المحكمة الجزئية من التخلي عن الحكم في الطلب الأصلي - الداخل في اختصاصها - إذا كان من شأن فصله عن الطلب العارض أو المرتبط ما يضر بسير العدالة ويوجب عليها إحالة الدعوى برمتها إلى المحكمة الابتدائية.
3 - الأصل أنه لا يجوز للمحكوم عليه في أحد الطلبات من محكمة الدرجة الأولى الاستباق إلى استئنافه استقلالاً وإنما يتعين عليه أن يترقب صدور الحكم الفاصل في سائر الطلبات المطروحة عليها ليستعمل حقه في الاستئناف دون أن يغير من ذلك اكتساب الحكم الصادر في ذلك الطلب حجية الأمر المقضي الملزمة لطرفي الدعوى منذ صدوره إلا أنها حجية قلقة على خطر الزوال إذا ما ألغى الحكم استئنافياً مما يجعل الركون إليها في قضية أخرى قبل بلوغها مرتبة قوة الأمر المقضي مدعاة لفتح باب التناقض بين الأحكام فيما لو انحسرت عنها تلك الحجية بعد ذلك.
4 - قوام الأمر المقضي هو ما يفترضه القانون في حكم القضاء من صحة مطلقة متى استنفدت طرق الطعن فيها رعاية لحسن سير العدالة وتثبيت لمفهومها بوصفها الفيصل الحاسم بين الحق والباطل وكان القانون - سداً منه لكل ذريعة تؤدي إلى قيام التناقض بين الأحكام وتنافي مفهوم العدالة تبعاً لذلك - قد أفسح مجال الطعن فيما يصدر من الأحكام على خلاف أحكام سابقة فنص في المادة 222 من قانون المرافعات على جواز استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان صادراً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي واعتبر الحكم السابق مستأنفاً في هذه الحالة بقوة القانون ما لم يكن قد صار انتهائياً عند رفع الاستئناف كما نص في المادة 249 منه على حق الخصوم في أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أو صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي لما كان ما سلف فإن فيه ما ينطق بحرص المشرع على توقي وقوع المحاكم في التناقض بين الأحكام ابتداء وعنايته البالغة بعلاج ما قد يقع بينها رغم ذلك من تناقض عن طريق فتح أبواب الطعن كافة دون تقيد بضوابطها الأصلية.
5 - على المحاكم كلما بدا لها احتمال وقوع التناقض بين الأحكام أن تدرأه بما يسره لها القانون من سبيل سواء بوقف الدعوى على نهائية حكم آخر سبق لم يكتسب بعد قوة الأمر المقضي أو بضمها إلى دعوى أخرى مرتبطة بها أو بإحالتها إلى محكمة أخرى مطروح عليها نزاع مرتبط.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع الدعوى - بإخلاء الطاعن من العين باعتباره غاصباً - مقيماً قضاءه على أن الحكم الصادر في دعوى الطاعن - برفض إلزام المطعون عليه بتحرير عقد إيجار له عن ذات العين - قد حاز قوة الأمر المقضي لعدم استئناف الطاعن له واعتبرته محكمة الاستئناف تبعاً لذلك ملزماً لها في الدعوى الراهنة بوصفه الأساس القانوني لقضائها في حين أنه وهو صادر في شق دعوى الطاعن لم يكن من الجائز استئنافه على استقلال ومن ثم لم يجز تلك القوة فإنها تكون قد قامت قضاءها على ما يخالف صحيح القانون إذ كان عليها وقف النظر في الاستئناف إلى حين صدور الحكم المنهي للخصومة برمتها في الدعوى آنفة الذكر. على أن تستأنف السير في الاستئناف سواء بعد فوات ميعاد الطعن في الحكم آنف الذكر دون استئنافه وصيرورته نهائياً تبعاً لذلك أو بعد استئنافه فعلاً ليتسنى نظر الاستئنافين معاً والفصل فيهما بحكم واحد للارتباط بينهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3480 لسنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعن للحكم بإخلائه من الشقة المبينة بصحيفتها بمقولة اغتصابه لها دون سند من القانون وكان الطاعن قد أقام الدعوى رقم 8964 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة ضد المطعون عليه للحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار له عن ذات الشقة وتسليمه إيصال سداد أجرتها عن شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1976 وبأن يؤدي له مبلغ 80 جنيهاً قيمة ما أنفقه في استكمالها. أحالت المحكمة هذه الدعوى إلى التحقيق وبتاريخ 7/ 2/ 1978 قضت برفضها فيما يتعلق بطلب تحرير عقد الإيجار وتسليم إيصال لسداد أجرتها وبندب خبير فيما يتعلق بطلب الإلزام بالمبلغ. وبتاريخ 28/ 3/ 1978 قضت المحكمة في دعوى المطعون عليه رقم 3480 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة آنفة الذكر برفضها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1984 سنة 45 قضائية القاهرة. وبتاريخ 22/ 5/ 1978 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وتصحيح أسباب الحكم المطعون فيه فيما انطوت عليه من خطأ قانوني يتعلق بانتهائية الحكم رقم 1962 لسنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاء على سند من أن الحكم الصادر في دعواه رقم 1863 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة - المرفوعة منه ضدّ المطعون عليه - هو حكم نهائي حاز قوة الأمر المقضي لعدم استئنافه خلال الميعاد القانوني، في حين أن هذا الحكم غير نهائي إذ اقتصر في قضائه على الطلبات التي طلبها الطاعن واستبقى البعض الآخر وأحاله إلى خبير ومن ثم فلم يكن من الجائز استئنافه إلا بعد الفصل في باقي الطلبات عملاً بنص المادة 212 من قانون المرافعات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه وإن كانت الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز ثبوت دليل ينقض هذه الحجية - على ما نصت المادة 101 من قانون الإثبات - إلا أن تلك الأحكام لا تكتسب هذه القوة إلا بعد صيرورتها نهائية باستنفاد طريق الطعن العادي المقرر قانوناً - وهو الاستئناف - أو بفوات مواعيده - وكان يبين من تقصي المراحل التشريعية التي مر بها حق استئناف الأحكام في قوانين المرافعات المتعاقبة، أنه بعد أن كان أولها - وهو الصادر بالأمر العالي المؤرخ 13/ 11/ 1883 - يجيز الاستباق إلى استئناف ما يصدر أثناء سير الدعوى من أحكام إلا ما استثنى، بما أجازته المادة 361 من استئناف الأحكام التمهيدية، جاء التشريع اللاحق - وهو الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 - فقيد هذا التوسع بما حظرته المادة 308 منه من الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، مستهدفاً من ذلك منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وتفادياً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وزيادة نفقات التقاضي مع احتمال أن يقضى آخر الأمر في أصل الحق للخصم الذي أخفق في النزاع الفرعي فيعفيه ذلك عن الطعن في الحكم الصادر عليه قبل الفصل في الموضوع، بيد أن إزاء ما أثارت التفرقة الدقيقة بين الأحكام الموضوعية والفرعية وبين الأحكام التي تقبل الطعن المباشر والتي لا تقبله من خلاف في الرأي حال دون تحقيق الهدف المرجو من التشريع، جاء قانون المرافعات الحالي - الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1968 - بحكم حاسم في ذلك بما نص عليه في صدر المادة 213 منه من أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها. "فدل بذلك على عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة أياً كان نوعها - قبل صدور الحكم الختامي المنهي لها برمتها - باستثناء ما أردفته المادة بعد ذلك من صور محدودة... مؤكداً بذلك حرصه على عدم جواز نقل الدعوى من محكمة الدرجة الأولى إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بعد أن تستنفد أولاهما كامل سلطتها في جميع ما هو معروض عليها من طلبات ولو تباينت أسبابها أو تعدد الخصوم فيها، باعتبار أنه ليست في هذا أو ذلك ما ينفي وحدة الخصومة المطروحة على المحكمة، تلك الخصومة التي يحرص القانون على تماسك أجزائها وإن اختلفت عناصرها على نحو ما نصت عليه المواد 123 إلى 126 من قانون المرافعات من إجازة تقديم طلبات عارضه في الدعوى، سواء من جانب المدعي أو من جانب المدعى عليه استكمالاً للطلب الأصلي أو ترتباً عليه أو اتصالاً به على نحو غير قابل للتجزئة أو بهدف عدم الحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو تقييدها لمصلحة المدعى عليه، علاوة على ما تأذن المحكمة بتقديمه من طلبات مرتبطة بالطلب الأصلي، هذا إلى حق الغير في التدخل في الدعوى سواء منضماً إلى أحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، وذلك كله جمعاً لشتات المنازعات المتداخلة تيسيراً للفصل فيها جملة واحدة وتحقيقاً للعدالة الشاملة وتوقياً من تضارب الأحكام، ولو كان ذلك على حساب بعض قواعد الاختصاص للنوعي أو القيمي، والتي هي في الأصل بما يتعلق بالنظام العام، على نحو ما أوجبت المادة 46 من قانون المرافعات على المحكمة الجزئية من التخلي عن الحكم في الطلب الأصلي - الداخل في اختصاصها إذا كان من شأنه فصله عن الطلب العارض أو المرتبط ما يضر بسير العدالة، ويوجب عليها إحالة الدعوى برمتها إلى المحكمة الابتدائية، لما كان ذلك وكان الأصل هو أنه لا يجوز للمحكوم عليه في أحد الطلبات من محكمة الدرجة الأولى الاستباق إلى استئنافه استقلالاً وإنما يتعين عليه أن يترقب صدور الحكم الفاصل في سائر الطلبات المطروحة عليها ليستعمل حقه في الاستئناف، دون أن يغير من ذلك اكتساب الحكم الصادر في ذلك الطلب حجية الأمر المقضي الملزمة لطرفي الدعوى منذ صدوره، إلا أنها حجية قلقة على خطر الزوال إذا ما ألغى الحكم استئنافياً، مما يجعل الركون إليها في قضية أخرى قبل بلوغها مرتبة قوة الأمر المقضي مدعياه لفتح باب التناقض بين الأحكام فيما لو انحسرت عنها تلك الحجية بعد ذلك، لما كان ما تقدم وكان قوام قوة الأمر المقضي ما هو يفترضه القانون في حكم القضاء في صحة مطلقة متى استنفدت طرق الطعن فيها، رعاية لحسن سير العدالة وتثبيتاً لمفهومها بوصفها الفيصل الحاسم بين الحق والباطل، وكان القانون - سداً منه لكل ذريعة تؤدي إلى قيام التناقض بين الأحكام وتنافي مفهوم العدالة تبعاً لذلك - قد أفسح مجال الطعن فيما يصدر من الأحكام على خلاف أحكام سابقة، فنص في المادة 222 من قانون المرافعات على جواز استئناف جميع الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي إذا كان الحكم صادراً على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي واعتبر الحكم السابق مستأنفاً في هذه الحالة بقوة القانون ما لم يكن قد صار انتهائياً عند رفع الاستئناف، كما نص في المادة 249 منه على حق الخصوم في أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، لما كان ما سلف فإن فيه ما ينطق بحرص المشرع على توقي وقوع المحاكم في التناقض بين الأحكام ابتداء، وعنايته البالغة بعلاج ما قد يقع بينها رغم ذلك من تناقض عن طريق فتح باب الطعن كافة دون تقيد بضوابطها الأصلية، مما يفرض على المحاكم - كلما بدا لها احتمال وقوع ذلك التناقض - أن تدرأه بما يسره لها القانون من سبل، سواء بوقف الدعوى - على تقدير أن الفصل فيها يتوقف على نهائية حكم آخر لم يكتسب بعد قوة الأمر المقضي - أو بضمها إلى دعوى أخرى مرتبطة بها، أو بإحالتها إلى محكمة أخرى مطروح عليها نزاع مرتبط، لما كان ذلك جميعه وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع الدعوى مقيماً قضاءه على أن الحكم الصادر في دعوى الطاعن رقم 8963 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة قد حاز قوة الأمر المقضي لعدم استئناف الطاعن له، واعتبرته محكمة الاستئناف تبعاً لذلك ملزماً لها في الدعوى الراهنة بوصفه الأساس القانوني لقضائها في حين أنه وهو صادر في شق من دعوى الطاعن - لم يكن من الجائز استئنافه على استقلال، ومن ثم لم يحز تلك القوة، فإنها تكون قد أقامت قضائها على ما يخالف صحيح القانون، إذ كان عليها وقف النظر في الاستئناف إلى حين صدور الحكم المنهي للخصومة برمتها في الدعوى رقم 8963 سنة 1976 آنفة الذكر، على أن تستأنف السير في الاستئناف سواء بعد فوات ميعاد الطعن في الحكم آنف الذكر دون استئنافه وصيرورته نهائياً تبعاً لذلك، أو بعد استئنافه فعلاً ليتسنى نظر الاستئنافين معاً والفصل فيهما بحكم واحد للارتباط بينهما، لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث ما جاوزه من أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق