الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 يناير 2022

الطعن 22830 لسنة 88 ق جلسة 11 / 9 / 2021 مكتب فني 72 ق 62 ص 715

جلسة 11 من سبتمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / أحمد الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبد الحليم ، د. كاظم عطية وأسامة النجار نواب رئيس المحكمة وأحمد الغرباوي .
---------------
(62)
الطعن رقم 22830 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الركن المادي لجريمة التهديد المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 327 عقوبات . مناط توافره ؟
إثبات الحكم إرسال الطاعن عبارات التهديد كتابة عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليها لحملها على أداء ما هو مطلوب . يتوافر به الركن المادي لجريمة التهديد . علة ذلك ؟
(3) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . قصد جنائي . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القصد الجنائي في جريمة التهديد المؤثمة بالمادة 327 عقوبات . توافره بارتكاب الجاني التهديد مدركاً أثره من إيقاع الرعب في نفس المجني عليه واتجاه إرادته لذلك . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . جريمة " أركانها " .
إرسال الجاني رسالة التهديد للمجني عليه عن طريق شخص آخر . كفايته للعقاب ولو لم يبلغها الأخير له . متى ثبت توقع الجاني حتماً بحكم وظيفة المرسل إليه أو علاقته بالمراد تهديده قيامه بتبليغ الرسالة إليه . أساس ذلك ؟
(5) تهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بعدوله اختيارياً عن تهديد المجني عليها . غير مجد . متى أثبت الحكم في حقه ارتكاب تلك الجريمة مكتملة الأركان . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
(6) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(7) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضابطي الواقعة . صحيح . متى انتهى لصحة إجراءت القبض والتفتيش .
(8) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله إيراد الأدلة المنتجة على صحة وقوع الجريمة المسندة للمتهم . تعقبه في كل جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(10) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه . لها الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها بالتحقيقات . حد ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن سماع أقوال المجني عليها التي تنازل الطاعن صراحة عن سماعها . غير مقبول .
(11) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .
(12) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحصيل الحكم من أقوال شاهد الإثبات ما له أصل ثابت بالأوراق . لا خطأ في الإسناد .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- لما كان الركن المادي في جريمة التهديد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ٣٢٧ من قانون العقوبات يتوافر إذا وقع التهديد كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال أو بإفشاء أو نسبة أمور خادشه للشرف ، وكان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر ، وكان الحكم قد أورد بأسبابه قيام الطاعن بتهديد المجني عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتمكن من خداعها وتحصل منها على صور في أوضاع مخلة بالحياء وهددها بنشرها ، وإذ كان مصطلح الكتابة قد ورد في المادة ٣٢٧ سالفة الذكر على سبيل البيان في صيغة عامة لتشمل كافة وسائل الكتابة المختلفة سواء كانت بالطرق التقليدية أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة ، فإذا أثبت الحكم على الطاعن إرساله عبارات التهديد عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة - وهي لوحة المفاتيح - بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليها لحملها على أداء ما هو مطلوب منها ، فإنه يكون قد استظهر الركن المادي لجريمة التهديد موضوع الاتهام كما هي معرفة به في القانون .
3- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه ، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن - مرغماً - إلى إجابة الطلب ، وكان لا يلزم التحدث استقلالًا عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس ، ومع هذا فقد أفاض الحكم في الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة بشأن انتفاء القصد الجنائي لجريمة التهديد في حقه ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها ، مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .
4- لما كان يكفى للعقاب بموجب الفقرة الأولى من المادة 327 المشار إليها أن يكون الجاني قد بعث رسالة التهديد لتصل إلى علم المراد تهديده ، سواء أرسلها إليه فتلقاها مباشرة ، أم بعث بها إلى شخص آخر فتلقاها هذا الآخر ثم بلغها إياه أو لم يبلغها ، ثم أنه لا يشترط أن يكون الجاني الذي يختار هذا الطريق الأخير في توجيه نذيره قد قصد أن يقوم من أرسلت إليه بتبليغها إلى المعني بها ، بل يكفي أن يثبت في حقه أنه لا يجهل أن الطريق الذي اختاره يتوقع معه حتماً أن المرسل إليه بحكم وظيفته أو بسبب علاقته أو صلته بالشخص المقصود بالتهديد سيبلغه الرسالة ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة الثبوت السائغة التي اطمأنت إليها المحكمة قيام الطاعن بارتكاب جريمة تهديد المجني عليها مصحوباً بطلب معاشرتها جنسياً ، وأن الجريمة قد اكتملت أركانها ، فلا يجدي الطاعن من بعد ما يثيره بشأن عدوله الاختياري عن تهديدها – بفرض صحة ذلك - هذا فضلاً عن أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة العدول عن تهديد المجني عليها ، ومن ثم فلا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ لأنه دفاع موضوعي ، ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ، ما دام أنه لم يتمسك به أمامها .
6- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له .
7- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .
8- لما كان التفات المحكمة عن الرد عن دفاع الطاعن بعدم صلته بالواقعة ، مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قول بأن المحكمة لم تعرض للدفع بانتفاء صلته بالواقعة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن عاب على النيابة العامة قعودها عن التحقق من صحة ملكيته للحساب المسمى (....) على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها والمستمدة من أقوال الشهود وتقرير الفحص الفني .

10- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ، دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ، ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال المجني عليها التي تنازل صراحة عن سماعها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
11- لما كان ما أورده الحكم بمدوناته واضح الدلالة على أن الإذن قد صدر لضبط وتفتيش شخص ومسكن صاحب خط التليفون الأرضي الذي يحمل رقم (....) ويدعى .... ، وأن ما أورده الحكم بأنه نفاذاً للإذن انتقل ضابطي الواقعة إلى منزل الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على صحة إجراءات القبض والتفتيش ، وتكون دعوى الخطأ في الإسناد لهذا السبب غير مقبولة ؛ لما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم ، هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله .
12- لما كان البين من الاطلاع على المفردات – التي أمرت المحكمة ضمها تحقيقاً لوجه النعي – أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الثالث له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، وأنها خلت مما يشير إلى أن هذا الشاهد قام بتفتيش مسكن الطاعن – خلافًا لما يقول به - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً : هدد .... كتابة بنسبة أمور مخدشة بالشرف لها بأن قام بتهديدها بنشر صور خادشة للحياء خاصة بها على صفحات موقع التواصل الاجتماعي قد تحصل عليها عبر الاستيلاء على الحساب الشخصي الخاص بزوجها محادثاً إياها طالباً منها إرسال تلك الصور وكان التهديد مصحوباً بطلب معاشرتها جنسياً والتحصل على المزيد من الصور الخادشة للحياء دون رضاء منها على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق .
ثانياً : اعتدى على حرمة الحياة الخاصة بالمجني عليها سالفة الذكر بأن نقل صور خادشة للحياء لها في مكان خاص عن طريق أجهزة وبرامج الاتصالات واستعمل في غير علانية تلك الصور وكان ذلك بغير رضاء صحيح منها وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
ثالثاً : هدد بإفشاء ونشر الصور الخادشة للحياء الخاصة بالمجني عليها المتحصل عليها محل الاتهام السابق لحمل المجني عليها على معاشرته جنسياً والتحصل على المزيد من الصور الخادشة للحياء لها دون رضاء منها على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات .
رابعاً : توصل بغير حق إلى اختراق وسيط إلكتروني ( الحساب الخاص بـــ/ .... على موقع التواصل الاجتماعي ) على النحو المشار إليه تفصيلاً بالتحقيقات .
خامساً : تعمد إزعاج/ .... ، .... بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بأن استولى على الحساب الخاص بالأول على موقع التواصل الاجتماعي محادثاً زوجته المجني عليها الثانية طالباً منها إرسال صور خادشة للحياء خاصة بها وما إن تحصل على تلك الصور حتى أعلن عن هويته وأرسل رسائل نصية محل الاتهام الأول تحمل معنى التهديد بإفشاء أمور خادشه للحياء وطلب معاشرتها جنسياً والتحصل على المزيد من الصور الخادشة للحياء لها دون رضا منها في سبيل الكف عن تنفيذ ذلك التهديد عن طريق تطبيق الشبكة الدولية للمعلومات على مواقع التواصل الاجتماعى ( الفيس بوك ) على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 309 مكرراً ، 309 مكرراً أ/2 ، 4 ، 327 /1 من قانون العقوبات ، والمواد 1، 70 ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة عشرة سنوات عما أُسند إليه ومصادرة المضبوطات وإعدام الصور والرسائل المخلة بالآداب المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم تهديد المجني عليها كتابة عبر موقع تواصل إلكتروني بإفشاء ونسبة أمور خادشه للشرف حال كون ذلك التهديد مصحوباً بطلب معاشرتها جنسياً ، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة عن طريق نقل صور خادشه للحياء أخذت في مكان خاص باستخدام أجهزة الاتصالات ، والتوصل بغير حق على اختراق وسيط إلكتروني ، وتعمد مضايقة وإزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد ؛ ذلك أن الحكم اعتوره الغموض والإبهام ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، ولم يستظهر أركان جريمة التهديد بركنيها المادي والمعنوي مطرحاً الدفع بانتفائهما ، كما أن الثابت من أقوال المجني عليها أنها بمجرد اكتشاف اختراق حساب زوجها على موقع التواصل الاجتماعى (فيسبوك) قامت بإخباره فصارت المحادثات – من بعد - تتم بين الطاعن وزوج المجني عليها ، ولم تكن بين الأخيرة والأول ومن ثم فلا تهديد وقع على شخصها إذ لم تكن طرفاً في تلك المحادثات ، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن بأنه عدل بإرادته المنفردة عن تهديد المجني عليها لمدة خمسة أشهر حتى تاريخ ضبطه ، واطرح الحكم دون رد الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره بناء على تحريات غير جدية وأن الضابط لم يجر التحريات بنفسه ، وتساند إلى أقوال الضابطين المستمدة من الإجراء الباطل ، ولم تعرض المحكمة لدفاع الطاعن بانقطاع صلته بالواقعة ذلك أنه لا علاقة له بالحساب المسمى (....) على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) والذي نسب للطاعن ملكيته له ولا كذلك الحساب المسمى (....) ، وقعدت النيابة العامة – ومن بعدها المحكمة - عن التحقق من مدى صحة ملكية الطاعن للحسابين سالفي الذكر ، كما أن الصورة شبه العارية التي قيل أنها تخص المجني عليها هي صورة لامرأة أخرى ، وكان يتعين على المحكمة أن تستدعي المجني عليها لسماع أقوالها والوقوف على حقيقة ذلك ، وأورد الحكم بمدوناته أن إذن التفتيش صدر لضبط وتفتيش شخص ومسكن الطاعن على خلاف الثابت بماديات الدعوى من أن الإذن صدر لضبط وتفتيش شخص ومسكن ابن عمه ويدعى .... وهو صاحب خط التلفون الأرضي الوارد بمحضر التحريات ، كما أورد لدى تحصيله لأقوال شاهد الإثبات الثالث - ضابط الواقعة – أنه توجه لمكان ضبط المتهم بما يخالف أقوال هذا الشاهد بالتحقيقات إذ إن الثابت من أقواله أنه قام بتفتيش منزل الطاعن وضبط جهاز المحمول الخاص به ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة

- كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الركن المادي في جريمة التهديد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ٣٢٧ من قانون العقوبات يتوافر إذا وقع التهديد كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال أو بإفشاء أو نسبة أمور خادشه للشرف ، وكان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر ، وكان الحكم قد أورد بأسبابه قيام الطاعن بتهديد المجني عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتمكن من خداعها وتحصل منها على صور في أوضاع مخلة بالحياء وهددها بنشرها ، وإذ كان مصطلح الكتابة قد ورد في المادة ٣٢٧ سالفة الذكر على سبيل البيان في صيغة عامة لتشمل كافة وسائل الكتابة المختلفة سواء كانت بالطرق التقليدية أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة ، فإذا أثبت الحكم على الطاعن إرساله عبارات التهديد عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة - وهي لوحة المفاتيح - بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليها لحملها على أداء ما هو مطلوب منها ، فإنه يكون قد استظهر الركن المادي لجريمة التهديد موضوع الاتهام كما هي معرفة به في القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه ، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن - مرغماً – إلى إجابة الطلب ، وكان لا يلزم التحدث استقلالًا عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس ، ومع هذا فقد أفاض الحكم في الحديث عن توافر القصد الجنائي في حق الطاعن ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة بشأن انتفاء القصد الجنائي لجريمة التهديد في حقه ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها ، مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يكفى للعقاب بموجب الفقرة الأولى من المادة 327 المشار إليها أن يكون الجاني قد بعث رسالة التهديد لتصل إلى علم المراد تهديده ، سواء أرسلها إليه فتلقاها مباشرة ، أم بعث بها إلى شخص آخر فتلقاها هذا الآخر ثم بلغها إياه أو لم يبلغها ، ثم أنه لا يشترط أن يكون الجاني الذي يختار هذا الطريق الأخير في توجيه نذيره قد قصد أن يقوم من أرسلت إليه بتبليغها إلى المعني بها ، بل يكفي أن يثبت في حقه أنه لا يجهل أن الطريق الذي اختاره يتوقع معه حتماً أن المرسل إليه بحكم وظيفته أو بسبب علاقته أو صلته بالشخص المقصود بالتهديد سيبلغه الرسالة ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة الثبوت السائغة التي اطمأنت إليها المحكمة قيام الطاعن بارتكاب جريمة تهديد المجني عليها مصحوباً بطلب معاشرتها جنسياً ، وأن الجريمة قد اكتملت أركانها ، فلا يجدي الطاعن من بعد ما يثيره بشأن عدوله الاختياري عن تهديدها – بفرض صحة ذلك - هذا فضلاً عن أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة العدول عن تهديد المجني عليها ، ومن ثم فلا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ لأنه دفاع موضوعي ، ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ، ما دام أنه لم يتمسك به أمامها . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان التفات المحكمة عن الرد عن دفاع الطاعن بعدم صلته بالواقعة ، مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من قول بأن المحكمة لم تعرض للدفع بانتفاء صلته بالواقعة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن عاب على النيابة العامة قعودها عن التحقق من صحة ملكيته للحساب المسمى (....) على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها والمستمدة من أقوال الشهود وتقرير الفحص الفني . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ، دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ، ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال المجني عليها التي تنازل صراحة عن سماعها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته واضح الدلالة على أن الإذن قد صدر لضبط وتفتيش شخص ومسكن صاحب خط التليفون الأرضي الذي يحمل رقم (....) ويدعى .... ، وأن ما أورده الحكم بأنه نفاذاً للإذن انتقل ضابطي الواقعة إلى منزل الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على صحة إجراءات القبض والتفتيش ، وتكون دعوى الخطأ في الإسناد لهذا السبب غير مقبولة ؛ لما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم ، هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على المفردات – التي أمرت المحكمة ضمها تحقيقاً لوجه النعي – أن ما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الثالث له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، وأنها خلت مما يشير إلى أن هذا الشاهد قام بتفتيش مسكن الطاعن – خلافًا لما يقول به - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق