جلسة 28 من يونيه سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / حازم بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / وليد حسن حمزة ووائل شوقي نائبي رئيس المحكمة ومحمد صلاح وتامر عابدين .
------------------
(50)
الطعن رقم 6891 لسنة 89 القضائية
(1) إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . مواد مخدرة . جلب . قصد جنائي . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا يعيبه .
المقصود بجلب المخدر طبقاً للمادة 33 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل ؟
لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً لها . كفاية انبساط سلطانه عليها . القصد الجنائي في تلك الجريمة . تحققه بقيام الدليل على علم الجاني أن ما يحوزه أو يحرزه مخدر . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم .
فاعل الجريمة طبقاً للمادة 39 عقوبات . ماهيته ؟
بيان الحكم واقعة الدعوى بما يحقق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية . لا قصور .
مثال .
(2) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
اطمئنان المحكمة لجدية التحريات التي بُني عليها إذن النيابة . كفايته للرد على الدفع ببطلانه .
(3) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
استصدار إذن التفتيش بعد توصل التحريات لشحن الطاعنين كمية من المخدرات على متن سفينة وصلت للمياه الإقليمية . مفاده : صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها .
(4) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
اطمئنان المحكمة لوقوع القبض والتفتيش بناءً على الإذن . كفايته لاطراح الدفع بصدوره بعد الضبط .
(5) عقوبة " الإعفاء منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مناط الإعفاء وحالتيه وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 ؟
مثال لتدليل سائغ على عدم توافر الإعفاء الوارد بالمادة 48 من قانون المخدرات .
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعنين في تصوير المحكمة للواقعة التي اطمأنت إليها . جدل في تقدير الدليل . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(7) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استناد الحكم لتقرير المعمل الكيماوي . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(8) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط . غير مقبول . متى تم ضبط السفينة والطاعنين في إحدى مناطق الأعمال العسكرية بمعرفة ضابط في دائرة اختصاصه .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ المادي الذي لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم . لا يعيبه .
مثال .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لا تناقض بين علم الطاعنين بتخزين المخدر بالسفينة وعلم مالكها بتجهيزها به . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(11) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(12) محاماة . نقض " المصلحة في الطعن " .
الأصل في الإجراءات أنها روعيت . نعي الطاعن بعدم إثبات قيد المحاميين الحاضرين معه بمحاضر الجلسات أو الحكم . غير مجد . حد ذلك ؟
(13) محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تولي محامٍ واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة . جائز . حد ذلك ؟
التعارض الحقيقي بين مصالح المتهمين المخل بحق الدفاع . مناط تحققه ؟
مثال .
(14) إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
إثبات المحكمة ماهية الأحراز التي قامت بفضها . غير لازم . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . حد ذلك ؟
(15) نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
حضور مالك السفينة أمام محكمة الموضوع وطلبه تسلمها بتلك الصفة . يجيز طعنه على الحكم الصادر برفض طلبه ومصادرتها . كونه ليس طرفاً في الخصومة وعدم تجاوز التعويض نصاب الطعن بالنقض . لا يغير من هذا النظر . أساس ذلك ؟
(16) مصادرة .
مصادرة الحكم للسفينة بعد إثباته استخدام المحكوم عليهم لها في جلب المواد المخدرة واستظهاره من أقوالهم علم مالكها بذلك . صحيح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه ، أن تحريات الضابط شاهد الإثبات الأول دلت على قيام الطاعنين – سوريين الجنسية – بإعداد وتهيئة شحنة كبيرة من مخدر الحشيش وإخفائها وتخزينها بمخزن سري على متن سفينة تجارية تحمل اسم .... وترفع علم دولة توجو وتم الإبحار بها من ميناء اللازقية قاصدين السواحل الشمالية للبلاد قبالة ميناء .... البحري ، وما إن تيقن من دخول هذه السفينة المياه الإقليمية المصرية حتى أفرغ تحرياته بمحضر مؤرخ .... عرضه على النيابة العامة التي أصدرت الإذن بضبط السفينة وتفتيشها ، ونفاذاً لهذا الإذن تم التنسيق مع القوات البحرية بقاعدة .... البحرية حيث قام الضابط بحري شاهد الإثبات الرابع بضبط السفينة وطاقمها وسحبها وإرسائها برصيف .... وتسليم الشاهد الأول ما ضبط مع طاقمها من جوازات سفر ومبالغ مالية وهاتف ثريا ، وبمواجهة الطاعنين بما أسفرت عنه تحرياته أقروا بصحتها وأرشده الطاعن الأول إلى مكان إخفاء وتخزين شحنة المخدرات أسفل مقدمة السفينة ( منطقة الفوربيك ) حيث وجد به لحام حديث مستطيل بأرضية السفينة وبالاستعانة بمنشار كهربائي ثم فتح هذا اللحام فعثر خلفه على مخزن سري يحوي عدد مائة وأربعة وثلاثين جوال لطرب الحشيش المخدر أقروا بجلبها بقصد ترويجها داخل القطر المصري واستخدامهم لهاتف الثريا في تسهيل الاتصال واستقبال المكالمات الدولية ، ثم أورد الحكم مؤدى أقوال الشاهدين الأول والرابع في بيان واضح ووافٍ وأحال في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، كما أن ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير المعمل الكيماوي من أن العينات المنسحبة من الجوهر المضبوط هي لمخدر الحشيش ، وعن تقرير قسم الأدلة الجنائية أن الهاتف المضبوط ماركة (( …. ومثبت عليه شريحة اتصال ويحوى بعض الرسائل والأسماء ، وعن معاينة النيابة العامة من وجود فتحة حديثة قام رجال الضبط بثقبها في صاج السفينة على إثر لحام لوحظ بها وبالدلوف منها تبين مكان تخزين جوهر المخدر المضبوط والذي يسمح باستقرار الكمية المضبوطة ، ما يكفي بياناً لمضمون هذين التقريرين وتلك المعاينة التي عول عليها في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير أو محضر المعاينة بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966 ، 122 لسنة 1989 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظًا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصدًا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي ، وإذ كان جلب المخدر لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمنًا على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها ، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا لمادة مخدرة أن يكون محرزًا عاديًا للمادة المخدرة بل يكفي أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ولم لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيـــــره ، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تداخلوا معه فيها ، متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقًا لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها ، وكان القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها يكفي للدلالة على توافره ، فإن ذاك الذي أورده الحكم – على السياق المُتقدم – واضح وكافٍ في بيان واقعة الدعوى – بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما – ومؤدى الأدلة التي استند إليها ، وبما ينبئ بجلاء عن ثبوتهما في حقهم ، ويحقق مراد المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص .
2- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات واطرحه تأسيسًا على اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات التي بنى عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وهو من الحكم رد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير قويم .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الضابط شاهد الإثبات الأول استصدر إذنًا من النيابة العامة بعد أن دلت التحريات على أن الطاعنين شحنوا كمية من المخدرات على متن سفينة وصلت للمياه الإقليمية ، فإن مفهوم ذلك أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها منهم لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، ويكون الحكم إذ تناهى إلى رفض الدفع المبدى في هذا الشأن قد أصاب صحيح القانون .
4- لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى وقوع القبض والتفتيش بناء على الإذن الصادر بهما ، فهذا حسبها لاطراح الدفع بصدور ذاك الإذن بعد الضبط ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المقــــام يكون غير سديد .
5- لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقًا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعـدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحة الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون ، فإذا لم يتحقق صدق البلاغ فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة ، وإذ تفرق المادة 48 المار ذكرها بين حالتين الأولى اشترط القانون فيها فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر هـذا الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة ، والثانية أن يكون إخبار الجاني للسلطات هو الذي مكنها من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة ، ويلزم أن يكون الإخبار متسمًا بالجدية والكفاية فلا يكفي مجرد قول مرسل عار من الدليل ، فإذا كان ما أدلى به الجاني لم يحقق غرض الشارع من ضبط باقي الجناة وكشف صلتهم بالجريمة فلا حق له في الانتفاع بالإعفاء ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وخلص بحق – مما له معينه من الأوراق – إلى رفض تمتع الطاعن الأول بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه ، فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون غير سديد .
6- لما كانت المحكمة قد اطمأنت – في نطاق سلطتها التقديرية – إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة ، أو في تصديقها لأقوال هؤلاء الشهود أو محاولة تجريحها ، والقول بانتفاء صلتهم بالمضبوطات وكيدية الاتهام وتلفيقه والنعي على الحكم لالتفاته عن المستندات المؤيدة لدفاعهم ذاك ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان تقرير المعمل الكيماوي وإن كان لا يدل على نسبة الاتهام إلى المتهم إلا أنه يصح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص فلا يعيب الحكم استناده إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المنحى لا يؤبه له .
8- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه تم ضبط السفينة والطاعنين في إحدى مناطق الأعمال العسكرية بمعرفة ضابط القوات البحرية في دائرة اختصاصه ، فإن الضبط يكون صحيحاً سواء كان إذن النيابة العامة قد صدر أو لم يصدر بعد ، ومن ثم فإن دعوى مخالفة الثابت بالأوراق – بفرض وجودها – لا يعتد بها .
9- لما كان البين من سياق الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول من أرشد ضابط الواقعة عن مكان تخزين المخدر المضبوط ، وأن الضابط بحري الشاهد الرابع هو القائم بالضبط ، فإن ما أورده الحكم – في موضع آخر منه – أن الطاعنين أرشدوا عن مكان التخزين وأن القائم بالضبط الشاهد الثالث ، لا يعدو أن يكون خطأ ماديًا لا يؤثر على سلامة استدلال الحكم .
10- لما كان لا وجه لقالة التناقض بين ما أثبته الحكم من علم الطاعنين بتخزين المخدر بالسفينة ، وبين ما أورده من علم مالك السفينة بتجهيزها بالمواد المخدرة ، فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الوجه يكون غير صائب .
11- لما كان ما يثيره الطاعنون بخصوص قعود النيابة العامة عن تحقيق الدعوى من الناحية الفنية لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصلح سببًا للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنهم طلبوا إلى المحكمة تدارك النقص ، أو تحقيقًا معينًا بشأن زمان الضبط ، فليس لهم – من بعد – أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه .
12- لما كان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت وعلى من يدعى أنها قد خولفت إقامة الدليل على ذلك ، وكان الطاعن الأول لا يدعى أن المحاميين الذين حضرا معه أمام محكمة الجنايات وتوليا الدفاع عنه غير مقبولين للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية ، أو أن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع أو صادرت الحاضر في دفاعه ، فإنه لا يجديه النعي بعدم إثبات قيد المحامين الحاضرين معه بمحاضر الجلسات أو الحكم .
13- لما كان البين من محضر جلسة .... أن المحامي الموكل عن الطاعن الثاني لم يحضر وحضر محام عنه وطلب أجلاً لحضوره لمرضه – لم يقدم دليله – فندبت المحكمة المحامي الحاضر مع الطاعن الأول للدفاع عنه ، فترافع هذا المحامي في موضوع التهمة المسندة إليهما ولم يقصر في إبداء أوجه الدفاع حسبما هو مدون بمحضر الجلسة ، ولم يعترض الطاعن الثاني أو المحامي الحاضر عن المحامي الأصيل على ذلك ولم يبديا طلبًا ما في هذا الشأن أو يتمسكا بحضور المحامي الأصيل ، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميًا آخر ترافع في الدعوى ، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ، ما دام لم يبد المتهم اعتراضًا على هذا الإجراء ، ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل ، وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بوجود تعارض بين مصالحهـم ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تناهى إلى أن الطاعنين الأول والثاني ارتكبا معًا الجريمة المسندة إليهما واعتبرهما فاعلين أصليين في هذه الجريمة ، وكان القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة – في خصوص هذه الدعوى – أن تولى الدفاع عنهما محام واحد ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ، ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الوجه لا يكون له محل .
14- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أن المحكمة فضت أحراز المضبوطات واطلعت عليها وعرضتها على الطاعنين والمدافعين عنهم ، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية الأحراز ومضمونها بمحضر الجلسة أو الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب .
15- لما كان لا محل لما طلبته النيابة العامة لدى هذه المحكمة من الحكم بعدم جواز الطعن المرفوع من .... – مالك السفينة المضبوطة – سواء بسبب أنه لم يكن طرفًا في الحكم المطعون فيه أو لقلة مبلغ التعويض المطلوب عن نصاب الطعن بالنقض ذلك بأن المادة 106 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه : ( يجب عند صدور أمر بالحفظ ، أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى أن يفصل في كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة وكذلك الحال عند الحكم في الدعوى إذا حصلت المطالبة بالرد أمام المحكمة ) ، وإذ كان الطاعن قد حضر بوكيل أمام محكمة الموضوع بجلسة المحاكمة وطلب تسليم السفينة بدعوى أنه المالك لها ، فقضت برفض طلبه ومصادرة السفينة ، فإن الطعن المرفوع منه – بهذه الصفة – عن هذا الحكم يكون جائزاً .
16- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة أن السفينة المضبوطة استخدمها المحكوم عليهم في جلب كمية كبيرة من المخدر ( مائة وأربعة وثلاثون جوالاً لطرب الحشيش) وجدت مخفاة في مخبأ سري بمقدمة السفينة ، واستظهر من أقوال المحكوم عليهم بالتحقيقات – حسبما يبين من المفردات – علم ملاك السفينة بتخزين المضبوطات ، فإن القضاء بمصادرة السفينة المضبوطة يكون صحيحاً في القانون ، ويضحى طعنه الماثل حريًا بالرفض ويتعين مع الحكم بذلك مصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـوقـائـــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
أ- قاموا بتأليف عصابة بالخارج (دولة سوريا) غرضها الاتجار بالجواهر المخدرة داخل القطر المصري .
ب- جلبوا جوهرًا مخدرًا " الحشيش " بدون الحصول على إذن كتـابي مـن الجهة الإدارية المختصة .
ج- حازوا جهازاً من أجهزة الاتصالات ( جوال ثريا ) بدون تصريح من الجهات المختصة بغرض ارتكاب الجريمتين آنفتي البيان .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمُعاقبتهم طبقًا للقيد والوصـف الـواردين بأمر الإحالة .
وادعى مدنيًا / .... – مالك السفينة – بمبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، ۳۲ ، ۳۳ بند ۱ فقرة (أ)، 42 /1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966 ، 122 لسنة ١٩٨٩ ، والبند رقم " 56 " من القسم الثاني من الجدول رقم (۱) والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 ، والمـواد 1 ، 44 ، 46 ، 48 ، ۷۰ ، ۷۷ من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ بمُعاقبتهم بالسجن المؤبد وبتغريمهم خمسمائة ألف جنيه ، ومصادرة السفينة والهاتف الدولي والمخدر المضبوط ، وبرفض الدعوى المدنية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعنين :
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي جلب جوهر الحشيش المخدر إلى داخل البلاد بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة ، وحيازة جهاز اتصال لاسلكي – ثريا – دون تصريح ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والتناقض ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه أُفرغ في عبارات عامة مجملة لا تكفي لحمل قضائه ، ولم يورد أقوال شهود الإثبات في بيانٍ وافٍ ، واكتفى في بيان مضمون تقريري المعمل الكيماوي وقسم الأدلة الجنائية ومعاينة النيابة العامة بإيراد نتيجتها ، وفاته استظهار توافر القصد الجنائي لديهم رغم انتفائه في حقهم ، واطرح بما لا يصلح دفوعهم ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، وببطلان هذين الإجراءين لحصولهما قبل صدور ذاك الإذن ، ولم يفطن إلى استفادة الطاعن الأول من الإعفاء المقرر بنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لإرشاده عن مكان إخفاء المخدر بالسفينة ورد على دفعه في هذا الشأن بما لا يسوغ ، وضرب صفحًا عن دفاع الطاعنين القائم على انتفاء صلتهم بالمضبوطات وكيدية وتلفيق الاتهام وعن المستندات التي تظاهر هذا الدفاع وأمسك عن تحقيق منازعتهم في زمان الضبط ، وعول على أقوال شهود الإثبات مع تناقضها ومخالفتها للحقيقة والواقع ، وعلى تقرير المعمل الكيماوي رغم عدم صلاحيته على نسبة الاتهام إليهم ، هذا إلى أن الحكم أثبت في مدوناته أنه تم رصد السفينة وضبطها نفاذاً لإذن النيابة العامة في حين أن الثابت من أقوال ضابط القوات البحرية – الشاهد الرابع – أن الضبط تم قبل استصدار الإذن ، كما أورد الحكم في موضع منه أن الطاعنين أرشدوا عن مكان وجود المخدر في السفينة ثم عاد في موضع آخر ونسب هذا الأمر إلى الطاعن الأول ، وأثبت حال سرده لأقوال الشـاهد الرابع أنه مَن ضبط السفينة والطاعنين إلا أنه عاد وأورد أن الشاهد الثالث هو القائم بالضبط ، وبعد أن أورد علم الطاعنين بتخزين المخدر بالسفينة عاد حال رده على الدعوى المدنية وأورد علم مالك السفينة وذلك كله ينبئ عن عدم استقرار صورة الواقعة في ذهن المحكمة واضطراب عناصرها ، وقعدت المحكمة – والنيابة العامة من قبل – عن تحقيق الدعوى من الناحية الفنية ، وخلت محاضر الجلسات والحكم من بيان قيد المحامين الذين توليا الدفاع عن الطاعن الأول ولم تجب الطاعن الثاني لطلبه بتأجيل الدعوى لحضور محاميه الأصيل رغم تخلفه لعذر قهري قدم بالجلسة وسمحت للمدافع عن الطاعن الأول بالدفاع عنه – والذي اكتفى بدفاع شكلي – مع تعارض المصلحة فيما بينهما ، وأخيرًا فقد أغفلت المحكمة بيان ماهية الأحراز التي اطلعت عليها ولم تثبت محتواها كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه ، أن تحريات الضابط شاهد الإثبات الأول دلت على قيام الطاعنين – سوريين الجنسية – بإعداد وتهيئة شحنة كبيرة من مخدر الحشيش وإخفائها وتخزينها بمخزن سري على متن سفينة تجارية تحمل اسم .... وترفع علم دولة توجو وتم الإبحار بها من ميناء اللازقية قاصدين السواحل الشمالية للبلاد قبالة ميناء .... البحري ، وما إن تيقن من دخول هذه السفينة المياه الإقليمية المصرية حتى أفرغ تحرياته بمحضر مؤرخ .... عرضه على النيابة العامة التي أصدرت الإذن بضبط السفينة وتفتيشها ونفاذاً لهذا الإذن تم التنسيق مع القوات البحرية بقاعدة .... البحرية حيث قام الضابط بحري شاهد الإثبات الرابع بضبط السفينة وطاقمها وسحبها وإرسائها برصيف .... وتسليم الشاهد الأول ما ضبط مع طاقمها من جوازات سفر ومبالغ مالية وهاتف ثريا ، وبمواجهة الطاعنين بما أسفرت عنه تحرياته أقروا بصحتها وأرشده الطاعن الأول إلى مكان إخفاء وتخزين شحنة المخدرات أسفل مقدمة السفينة ( منطقة الفوربيك ) حيث وجد به لحام حديث مستطيل بأرضية السفينة وبالاستعانة بمنشار كهربائي ثم فتح هذا اللحام فعثر خلفه على مخزن سري يحوي عدد مائة وأربعة وثلاثين جوال لطرب الحشيش المخدر أقروا بجلبها بقصد ترويجها داخل القطر المصري واستخدامهم لهاتف الثريا في تسهيل الاتصال واستقبال المكالمات الدولية ، ثم أورد الحكم مؤدى أقوال الشاهدين الأول والرابع في بيان واضح ووافٍ وأحال في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، كما أن ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير المعمل الكيماوي من أن العينات المنسحبة من الجوهر المضبوط هي لمخدر الحشيش ، وعن تقرير قسم الأدلة الجنائية أن الهاتف المضبوط ماركة (( …. ومثبت عليه شريحة اتصال ويحوى بعض الرسائل والأسماء ، وعن معاينة النيابة العامة من وجود فتحة حديثة قام رجال الضبط بثقبها في صاج السفينة على إثر لحام لوحظ بها وبالدلوف منها تبين مكان تخزين جوهر المخدر المضبوط والذي يسمح باستقرار الكمية المضبوطة ، ما يكفي بياناً لمضمون هذين التقريرين وتلك المعاينة التي عول عليها في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير أو محضر المعاينة بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966 ، 122 لسنة 1989 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظًا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصدًا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي ، وإذ كان جلب المخدر لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمنًا على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها ، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا لمادة مخدرة أن يكون محرزًا عاديًا للمادة المخدرة بل يكفي أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ولم لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره ، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أنه يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمدًا عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقًا لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تداخلوا معه فيها ، متى وجد لدى الجاني نية التدخل تحقيقًا لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها ، وكان القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها يكفي للدلالة على توافره ، فإن ذاك الذي أورده الحكم – على السياق المُتقدم – واضح وكافٍ في بيان واقعة الدعوى – بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما – ومؤدى الأدلة التي استند إليها ، وبما ينبئ بجلاء عن ثبوتهما في حقهم ، ويحقق مراد المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات واطرحه تأسيسًا على اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات التي بنى عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وهو من الحكم رد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الضابط شاهد الإثبات الأول استصدر إذنًا من النيابة العامة بعد أن دلت التحريات على أن الطاعنين شحنوا كمية من المخدرات على متن سفينة وصلت للمياه الإقليمية ، فإن مفهوم ذلك أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها منهم لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، ويكون الحكم إذ تناهى إلى رفض الدفع المبدى في هذا الشأن قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى وقوع القبض والتفتيش بناء على الإذن الصادر بهما ، فهذا حسبها لاطراح الدفع بصدور ذاك الإذن بعد الضبط ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المقــــام يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقًا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو تعـدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحة الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون ، فإذا لم يتحقق صدق البلاغ فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإبلاغ عنها وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة ، وإذ تفرق المادة 48 المار ذكرها بين حالتين الأولى اشترط القانون فيها فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر هذا الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة ، والثانية أن يكون إخبار الجاني للسلطات هو الذي مكنها من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة ، ويلزم أن يكون الإخبار متسمًا بالجدية والكفاية فلا يكفي مجرد قول مرسل عار من الدليل ، فإذا كان ما أدلى به الجاني لم يحقق غرض الشارع من ضبط باقي الجناة وكشف صلتهم بالجريمة فلا حق له في الانتفاع بالإعفاء ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وخلص بحق – مما له معينه من الأوراق – إلى رفض تمتع الطاعن الأول بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه ، فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت – في نطاق سلطتها التقديرية – إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة ، أو في تصديقها لأقوال هؤلاء الشهود أو محاولة تجريحها ، والقول بانتفاء صلتهم بالمضبوطات وكيدية الاتهام وتلفيقه والنعي على الحكم لالتفاته عن المستندات المؤيدة لدفاعهم ذاك ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقرير المعمل الكيماوي وإن كان لا يدل على نسبة الاتهام إلى المتهم إلا أنه يصح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص فلا يعيب الحكم استناده إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المنحى لا يؤبه له . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه تم ضبط السفينة والطاعنين في إحدى مناطق الأعمال العسكرية بمعرفة ضابط القوات البحرية في دائرة اختصاصه ، فإن الضبط يكون صحيحاً سواء كان إذن النيابة العامة قد صدر أو لم يصدر بعد ، ومن ثم فإن دعوى مخالفة الثابت بالأوراق – بفرض وجودها – لا يعتد بها . لما كان ذلك ، وكان البين من سياق الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول من أرشد ضابط الواقعة عن مكان تخزين المخدر المضبوط ، وأن الضابط بحري الشاهد الرابع هو القائم بالضبط ، فإن ما أورده الحكم – في موضع آخر منه – أن الطاعنين أرشدوا عن مكان التخزين وأن القائم بالضبط الشاهد الثالث ، لا يعدو أن يكون خطأ ماديًا لا يؤثر على سلامة استدلال الحكم . لما كان ذلك ، وكان لا وجه لقالة التناقض بين ما أثبته الحكم من علم الطاعنين بتخزين المخدر بالسفينة ، وبين ما أورده من علم مالك السفينة بتجهيزها بالمواد المخدرة ، فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الوجه يكون غير صائب . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون بخصوص قعود النيابة العامة عن تحقيق الدعوى من الناحية الفنية لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصلح سببًا للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنهم طلبوا إلى المحكمة تدارك النقص ، أو تحقيقًا معينًا بشأن زمان الضبط ، فليس لهم – من بعد – أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت وعلى من يدعى أنها قد خولفت إقامة الدليل على ذلك ، وكان الطاعن الأول لا يدعى أن المحاميين الذين حضرا معه أمام محكمة الجنايات وتوليا الدفاع عنه غير مقبولين للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية ، أو أن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع أو صادرت الحاضر في دفاعه ، فإنه لا يجديه النعي بعدم إثبات قيد المحامين الحاضرين معه بمحاضر الجلسات أو الحكم . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة .... أن المحامي الموكل عن الطاعن الثاني لم يحضر وحضر محام عنه وطلب أجلاً لحضوره لمرضه – لم يقدم دليله – فندبت المحكمة المحامي الحاضر مع الطاعن الأول للدفاع عنه ، فترافع هذا المحامي في موضوع التهمة المسندة إليهما ولم يقصر في إبداء أوجه الدفاع حسبما هو مدون بمحضر الجلسة ، ولم يعترض الطاعن الثاني أو المحامي الحاضر عن المحامي الأصيل على ذلك ولم يبديا طلبًا ما في هذا الشأن أو يتمسكا بحضور المحامي الأصيل ، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميًا آخر ترافع في الدعوى ، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ، ما دام لم يبد المتهم اعتراضًا على هذا الإجراء ، ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل ، وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بوجود تعارض بين مصالحهـم ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تناهى إلى أن الطاعنين الأول والثاني ارتكبا معًا الجريمة المسندة إليهما واعتبرهما فاعلين أصليين في هذه الجريمة ، وكان القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة – في خصوص هذه الدعوى – أن تولى الدفاع عنهما محام واحد ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ، ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الوجه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أن المحكمة فضت أحراز المضبوطات واطلعت عليها وعرضتها على الطاعنين والمدافعين عنهم ، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية الأحراز ومضمونها بمحضر الجلسة أو الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – برمته – يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ثانيًا: عن الطعن المقدم من مالك السفينة :
من حيث إنه لا محل لما طلبته النيابة العامة لدى هذه المحكمة من الحكم بعدم جواز الطعن المرفوع من .... – مالك السفينة المضبوطة – سواء بسبب أنه لم يكن طرفًا في الحكم المطعون فيه أو لقلة مبلغ التعويض المطلوب عن نصاب الطعن بالنقض ذلك بأن المادة 106 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه : ( يجب عند صدور أمر بالحفظ ، أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى أن يفصل في كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة وكذلك الحال عند الحكم في الدعوى إذا حصلت المطالبة بالرد أمام المحكمة ) ، وإذ كان الطاعن قد حضر بوكيل أمام محكمة الموضوع بجلسة المحاكمة وطلب تسليم السفينة بدعوى أنه المالك لها ، فقضت برفض طلبه ومصادرة السفينة ، فإن الطعن المرفوع منه – بهذه الصفة – عن هذا الحكم يكون جائزاً .
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بمصادرة السفينة المضبوطة قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يفطن إلى توافر حسن النية لديـه وخلو الأوراق من دليل على علمه باستخدام السفينة في جلب المخدر المضبوط ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة أن السفينة المضبوطة استخدمها المحكوم عليهم في جلب كمية كبيرة من المخدر ( مائة وأربعة وثلاثون جوالاً لطرب الحشيش) وجدت مخفاة في مخبأ سري بمقدمة السفينة ، واستظهر من أقوال المحكوم عليهم بالتحقيقات – حسبما يبين من المفردات – علم ملاك السفينة بتخزين المضبوطات ، فإن القضاء بمصادرة السفينة المضبوطة يكون صحيحاً في القانون ، ويضحى طعنه الماثل حريًا بالرفض ويتعين مع الحكم بذلك مصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق