الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 أكتوبر 2020

الطعن 778 لسنة 47 ق جلسة 18 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 215 ص 1062

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

-----------------

(215)
الطعن رقم 778 لسنة 47 القضائية

ضرب. "أفضى إلى موت". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير تجاوز حق الدفاع الشرعي بنية سليمة. من عدمه. موضوعي.
تكرار الاعتداء على المجني عليه في أكثر من موضع وبأكثر من طعنة. رغم عدم حمله أية أسلحة. اعتبار الطاعن متجاوزاً حقه في الدفاع الشرعي. سائغ.

-----------------
من المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء، لتقرير ما إذا كان المدافع قد التزم حدود الدفاع الشرعي فلا جريمة فيما أتاه طبقاً لنص المادة 245 من قانون العقوبات، أم أنه تعدى حدوده - بنية سليمة - فيعامل بمقتضى المادة 251 من هذا القانون، إنما هو من الأمور الموضوعية البحت التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. وإذ كان ما أثبته الحكم من أن الطاعن طعن المجني عليهما بالمدية في أكثر من موضع بأكثر من طعنة رغم أنهما لم يكونا يحملان أية أسلحة من أي نوع - من شأنه أن يؤدي إلى ما ارتآه الحكم من أن الوسيلة التي سلكها الطاعن لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما لم تكن لتتناسب مع هذا الاعتداء بل إنها زادت عن الحد الضروري والقدر اللازم لرده، فإن هذا حسب الحكم لاعتبار الطاعن قد تعدى - بنية سليمة - حدود حق الدفاع الشرعي، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من قصور لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً في تحصيل محكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى في حدود سلطتها التقديرية وفي ضوء الفهم الصحيح للقانون، وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه (أولاً) ضرب ...... عمداً بجسم صلب (مطواه) في صدره فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. (ثانياً) ضرب ...... عمداً بجسم صلب (مطواه) فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 236/ 1 و241/ 2 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنتين مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي ضرب - أفضى في إحداهما إلى الموت - قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه وإن خلص إلى أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وقت ارتكاب الفعل، إلا أنه عاد فاعتبره قد تعدى - بنية سليمة - حدود حق الدفاع أثناء استعماله إياه، دون أن يستظهر سلوك المجني عليهما بعد مفاجأتهما الطاعن بالاعتداء والمدة التي استمرا فيها على هذه الحال حتى يتسنى - من بعد - معرفة مدى قدرة الطاعن في هذه الظروف على الوقوف في رد الاعتداء عند حد معين بحيث إن تعداه عد متجاوزاً حقه في الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن شجاراً حدث بين الطاعن وبين المجني عليه الثاني حول قيام الطاعن بإصلاح سيارة للأخير وبعد ما تمكن بعض الناس من فض الشجار، ما لبث المجني عليه الثاني أن عاد ومعه ولده - المجني عليه الأول - إلى محل الطاعن وفاجأه بالاعتداء عليه بالضرب بالأيدي والركل بالقدم وشاركه ولده في هذا الاعتداء، فما كان من الطاعن إلا أن أخرج من جيبه مدية طعن بها المجني عليه الأول وأحدث به إصابة أودت بحياته - دون أن يقصد من ذلك قتله - كما ضرب بها المجني عليه الثاني فأحدث به عدة إصابات أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً وبعد أن أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من أقوال الشهود والتقارير الطبية، خلص إلى أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه، ثم عقب على ذلك بقوله: "إلا أنه من المقرر أنه ليس للمدافع أن يرد العدوان الذي وقع عليه إلا بما يتناسب معه من قوة لازمة لرده فإن تجاوز هذا الحق في الدفاع الشرعي فإن ذلك لا يعفيه من العقاب كلية. ولما كان ذلك، وكان المتهم - الطاعن - قد رد على عدوان الأب والابن المجني عليهما بأن طعنهما بالمطواة في أكثر من موضع وبأكثر من طعنة كما هو ثابت من تقرير الصفة التشريحية ومن التقرير الطبي رغم أنهما لم يكونا يحملان أية أسلحة من أي نوع على ما ثبت يقيناً من أقوال والد المجني عليه والشاهد... ..... مؤيدة بأقوال... ... ومن ثم فإنه - أي المتهم - يكون قد تعدى حدود حقه في الدفاع الشرعي عن نفسه أثناء استعماله لهذا الحق". وانتهى الحكم من ذلك إلى أن هذا التعدي قد وقع من الطاعن بنية سليمة، وطبق في حقه نص المادة 251 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء، لتقرير ما إذا كان المدافع قد التزم حدود الدفاع الشرعي فلا جريمة فيما أتاه طبقاً لنص المادة 245 من قانون العقوبات، أم أنه تعدى حدوده - بنية سليمة - فيعامل بمقتضى المادة 251 من هذا القانون، إنما هو من الأمور الموضوعية البحتة التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم بيانه - من أن الطاعن طعن المجني عليهما بالمدية في أكثر من موضع وبأكثر من طعنة رغم أنهما لم يكونا يحملان أية أسلحة من أي نوع - من شأنه أن يؤدي إلى ما ارتآه الحكم من أن الوسيلة التي سلكها الطاعن لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما لم تكن لتتناسب مع هذا الاعتداء، بل إنها زادت عن الحد الضروري والقدر اللازم لرده، فإن هذا حسب الحكم لاعتبار الطاعن قد تعدى - بنية سليمة - حدود حق الدفاع الشرعي، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من قصور لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً في تحصيل محكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى في حدود سلطتها التقديرية وفي ضوء الفهم الصحيح للقانون، وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق