جلسة 18 من ديسمبر سنة 1977
برياسة السيد المستشار/
محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه،
وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.
-------------
(214)
الطعن رقم 777 لسنة 47
القضائية
ضرب. "أفضى إلى
موت". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي" حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع
الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. متى كان سائغاً. انتهاء التماسك بين الطاعن والمجني
عليه وانصراف كل إلى وجهته. تعدى الأول على الأخير بعد ذلك. قصاص وانتقام لا
استعمال لحق الدفاع الشرعي.
----------------
من المقرر أن تقدير
الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع
الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت
عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتدٍ على اعتدائه وإنما شرع لرد
العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام
حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن
تماسكاً وقع بين الطاعن والمجني عليه وقام شاهدا الإثبات بفضه وبعد أن سار كل من
الطاعن والمجني عليه تجاه بلدته في اتجاهين مختلفين، عاد الطاعن ولحق بالمجني عليه
وبادره بالطعن بالمدية فأحدث إصابته التي أودت بحياته دون أن يبدر من المجني عليه
أية بادرة اعتداء على الطاعن، فإن ما قارفه الطاعن من تعدٍ يكون من قبيل القصاص
والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون،
لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله التحدث عن الإصابات التي
بالطاعن - فإنه على فرض صحة وجودها به فإن مرجعها هو التشاجر السابق على فض
الاشتباك وسير كل منهما في اتجاه مغاير للآخر - والتي ما كانت تجيز له العودة
واللحاق بالمجني عليه للانتقام منه - فإن منعى الطاعن يكون غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه أحدث عمداً بـ... ... ... ... الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصد المتهم من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موت
المجني عليه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً
بالمادتين 236/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة
سنتين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وقد شابه قصور في
التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع التهمة المسندة إليه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن
نفسه إذ أن المجني عليه أخذ في الاعتداء عليه بأن ضغط على رقبته بعصا من الخيرزان
ثم ضربه بها على جسمه ورأسه فأحدث به الإصابات التي أثبتها المحقق في محضره، إلا
أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي
دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق
وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - عرض إلى ما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع
الشرعي ورد عليه في قوله: "والمحكمة لا تعول على هذا ... إزاء ما اطمأنت إليه
من أدلة الإثبات سالفة البيان إذ الثابت من أقوال الشاهدين... ... ...، ... ...
... أن التشاجر ثم التماسك الذي حدث بين المتهم والمجني عليه قاما بفضه ثم وبعد أن
سار المتهم في اتجاه بلدته عاد ولحق بالمجني عليه بينما كان يتحدث إلى ... ...
مبيناً له سبب التشاجر الأمر الذي ينتفي معه قيام حالة الدفاع الشرعي لانعدام
الركن المادي لأنه لم يصدر من المجني عليه أي فعل يخشى منه المتهم يجوز معه الدفاع
الشرعي ولأن المتهم لم يكن في حالة يتخوف منها من وقوع خطر حال على نفسه أو
ماله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستتبع منها قيام
حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب
ومتى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتب عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع
لمعاقبة معتدٍ على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في
بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعن
في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن تماسكا وقع بين الطاعن والمجني عليه وقام شاهدا
الإثبات بفضه وبعد أن سار كل من الطاعن والمجني عليه تجاه بلدته في اتجاهين
مختلفين، عاد الطاعن ولحق بالمجني عليه وبادره بالطعن بالمدية فأحدث إصابته التي
أودت بحياته دون أن يبدر من المجني عليه أية بادرة اعتداء على الطاعن، فإن ما
قارفه الطاعن من تعدٍ يكون من قبيل القصاص والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع
الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون، لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم
المطعون فيه إغفاله التحدث عن الإصابات التي بالطاعن - فإنه على فرض صحة وجودها به
- فإن مرجعها هو التشاجر السابق على فض الاشتباك وسير كل منهما في اتجاه مغاير
للآخر، والتي ما كانت تجيز له العودة واللحاق بالمجني عليه للانتقام منه - فإن
منعى الطاعن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق