جلسة 23 من يناير سنة 1974
برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية
السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، جوده أحمد غيث، إبراهيم السعيد ذكرى، إسماعيل
فرحات.
-----------------
(39)
الطعن رقم 5 لسنة 40
القضائية "أحوال شخصية"
(1 و2) أحوال شخصية "الولاية على المال". محكمة الموضوع.
(1) جواز
تنحي الولي عن ولايته بإذن من المحكمة. تغير الظروف التي دعت إلى ذلك. للولي أن
يطلب من المحكمة رد الولاية إليه.
(2)تقدير الظروف المبررة لرد
الولاية إلى الولي بعد الإذن له بالتنحي. هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام
قضاءه على أسباب سائغة.
-------------
1 - تنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام
الولاية على المال على أنه "للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار
وصياً، الولاية على مال القاصر، وعليه القيام بها، ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا
بإذن المحكمة" ويبين من هذا النص أن الولاية واجبة في الأصل، ولكن يجوز للولي
أن يتنحى عن ولايته بإذن المحكمة لظروف تتطلب ذلك، مما مقتضاه أنه إذا تغيرت
الظروف التي دعت الولي إلى طلب التنحي أو زالت، وكان قادراً على تحمل أعبائها، فله
أن يطلب من المحكمة رد الولاية إليه، وهو ما يستفاد مما جاء في المذكرة الإيضاحية
للقانون تعليقاً على هذه المادة.
2 - تقدير الظروف التي تبرر رد الولاية إلى الولي، بعد الإذن له
بالتنحي، بما يجعله قادراً على تحمل أعبائها، هو مما يستقل به قاضي الموضوع بلا
رقابة عليه من محكمة النقض، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 12/ 1967
قدم المطعون عليه إلى نيابة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية القضية رقم 94 سنة
1966 مصر الجديدة طلباً باسترداد ولايته على حفيده.....، وقال بياناً لذلك أنه سبق
أن طلب قبول تنحيه عن الولاية على حفيده....... بحجة كبر سنه وضعف صحته رغم تمتعه
بصحة جيدة إرضاء لوالدة القاصر - الطاعنة - التي رشحها للوصية عليه وقد أجابته
محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية إلى طلبه فقررت بتاريخ 7/ 5/ 1966 قبول
تنحيه عن ولايته على القاصر وتعيين الطاعنة وصية عليه وتعيين ابنه........ مشرفاً
على الوصية إلا أنه وقد تزوجت الوصية وانشغلت بالزواج عن مصلحة القاصر ولأنه يتمتع
بصحة جيدة فقد تقدم بطلبه لاسترداد ولايته على القاصر، وبعد أن وافقت النيابة عليه
عرض على محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية فقررت بتاريخ 22/ 6/ 1968 رفضه
استأنف المطعون عليه هذا القرار بالاستئناف رقم 38 سنة 85 ق القاهرة للأحوال
الشخصية "ولاية على المال طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 16/ 12/
1969 قررت المحكمة إلغاء القرار المستأنف ورد ولاية المطعون عليه على حفيده. طعنت
الطاعنة في هذا القرار بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي
برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت
جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على القرار المطعون فيه
مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وتقول بياناً لذلك أن القرار قضى برد ولاية
المطعون عليه على القاصر استناداً إلى نص المادة 23 من القانون رقم 119 سنة 1952
وزوال الأسباب التي دعت إلى سلب الولاية لما تبين من الشهادة الطبية المقدمة من
المطعون عليه أنه سليم البنية وخال من الأمراض ومكتمل القوى العقلية ولأنه سافر
إلى الأراضي الحجازية لأداء فريضة الحج مما يدل على أنه أصبح قادراً على تحمل
أعباء الولاية، في حين أن الثابت من قرار محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 7/ 5/ 1966
أنه قضى بقبول تنحي المطعون عليه عن الولاية لأنه طاعن في السن وما يستتبع ذلك من
ضعف صحي، وتقول الطاعنة أن هذا السبب لم يتغير بل إنه يزيد بتقدم السن بالمطعون
عليه فلا يكون أسباب سلب الولاية قد زالت وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون علاوة
على أن ما استند إليه القرار في قضائه برد ولاية المطعون عليه لا يدل على تغير
حالته الصحية لأن الطاعنة لا تقول في دفاعها بضعف صحته لمرضه بل تمسكت بأن حالته
الصحية قد ساءت بتقدم السن هذا إلى أنه واضح من دفاع المطعون عليه أنه ما تقدم
بطلبه إلا بسبب زواج الطاعنة الأمر الذي يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام
الولاية على المال تنص على أنه للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار
وصياً الولاية على مال القاصر وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا
بإذن المحكمة, وكان يبين من هذا النص أن الولاية واجبة في الأصل ولكن يجوز للولي
أن يتنحى عن ولايته بإذن من المحكمة لظروف تتطلب ذلك، مما مقتضاه أنه إذا تغيرت
الظروف التي دعت الولي إلى طلب التنحي أو زالت وكان قادراً على تحمل أعبائها فله
أن يطلب من المحكمة رد الولاية إليه، وهو ما يستفاد مما جاء في المذكرة الإيضاحية
للقانون تعليقاً على هذه المادة بقولها "وقد نصت هذه المادة على أنه لا يجوز
للولي أن يتنحى عن ولايته إلا بإذن من المحكمة فالولاية واجبة في الأصل ولكن يجوز
للولي أن يطلب إقالته منها إذا كان في ظروفه ما يقتضي ذلك - وقد جعل التنحي
معقوداً بإذن المحكمة حتى تتخذ في هذه المناسبة من الإجراءات ما يكفل مصالح من
يشمله الولاية" ولما كان تقدير الظروف التي تبرر رد الولاية إلى الولي بعد
الإذن له بالتنحي بما يجعله قادراً على تحمل أعبائها هو مما يستقل به قاضي الموضوع
بلا رقابة عليه من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان يبين من
القرار المطعون فيه أنه قضى برد ولاية المطعون عليه على حفيده تأسيساً على ما قرره
من أن الثابت من الأوراق ومن محضر تحقيق السيد المعاون المؤرخ 30/ 4/ 1966.... جد
القاصر - المستأنف - المطعون عليه - قرر أنه نظراً لضعف صحته وكبر سنة إذا يبلغ من
العمر 81 سنة أنه لا يستطيع القيام بأعباء الولاية على حفيده القاصر وأنه يتنازل
عن ولايته الشرعية على حفيده ورشح والدة القاصر الطاعنة لتكون وصية عليه وكذلك رشح
عم القاصر مشرفاً عليها..... وأن الثابت من المستندات المقدمة من المستأنف أنه قام
بأداء فريضة الحج في عام 1967 - كما أن الثابت من الشهادة الطبية المقدمة منه أنه
سليم خال من الأمراض مكتمل القوى العقلية وأن ذاكرته سليمة ويدرك إدراكاً صحيحاً
لكل ما يدور حوله من أحداث ومناقشات ويرد على كل ما يوجه إليه من أسئلة رداً منطقياً
سليماً ومن ثم تكون الأسباب التي دعت إلى سلب ولاية المستأنف قد زالت وأصبح قادراً
على القيام بأعباء الولاية على حفيده القاصر. ولما كان يبين مما أورده الحكم أنه
استخلص من وقائع الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن المطعون عليه أصبح قادراً على
القيام بما تتطلبه رعاية أموال القاصر من واجبات والتزامات مما يتعين معه رد
الولاية إليه، واستند الحكم في ذلك إلى اعتبارات سائغة تؤدي إلى النتيجة التي
انتهى إليها، لما كان ذلك، فإن القرار المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو
شابه فساد في الاستدلال ويكون النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز
قبوله أمام محكمة النقض، ولا يؤثر في سلامة قضائه استناده الخطأ إلى المادة 23 من
المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاصة باسترداد الولاية إذا زالت الأسباب التي
دعت إلى سلبها أو الحد منها أو وقفها والتي أوردتها المواد من 20 إلى 22 من
المرسوم بقانون سالف الذكر.
وحيث إن النعي بالسبب
الثالث يتحصل في أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأنها قامت نحو
القاصر بواجبات لم يلتفت إليها الجد فقد رفعت دعوى تعويض عن وفاة والد القاصر
وقامت بتسوية الضريبة المستحقة على التركة ولم يفعل الجد شيئاً لعدم اهتمامه بسبب
شيخوخته، وهو ما يدل على عدم صلاحيته للولاية غير أن القرار المطعون فيه لم يعلن
بالإشارة إلى هذا الدفاع أو الرد عليه مما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع - والقصور في
التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن ما تثيره الطاعنة في هذا السبب ليس إلا تأييداً لدفاعها بعدم صلاحية المطعون
عليه للولاية على القاصر، وإذ كان البين من القرار المطعون فيه وعلى ما سلف البيان
في الرد على السببين الأول والثاني أن المحكمة انتهت في حدود سلطتها الموضوعية إلى
أن المطعون عليه قادراً على مباشرة أعباء الولاية على القاصر للأسباب السائغة إلى
أوردتها وتكفي لحمل قضائها، فلا تكون المحكمة من بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة
للطاعنة وترد عليها استقلالاً لأن قيام الحقيقة الواقعية التي استخلصتها فيه الرد
الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ذلك فإن النعي على القرار بهذا السبب يكون
على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق