الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

الطعن 451 لسنة 38 ق جلسة 28 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 253 ص 1493

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية.

----------------

(253)
الطعن رقم 451 لسنة 38 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". حكم "الطعن في الحكم".
الخصم الذي وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للطاعنة أي طلبات قبله، ولم يحكم عليه بشيء ولم تتعلق به أسباب الطعن. لا يقبل اختصامه أمام محكمة النقض.
 (2)تأميم. دعوى "الصفة في الدعوى". شركات.
المنشأة الفردية. تأميمها باعتبارها كذلك. انتقاء تحولها من قبل إلى شركة. توافر صفة صاحبها في تمثيلها بشخصه - قبل التأميم - أمام القضاء.
 (3)تأميم. شركات.
تأميم المنشأة الفردية تأميماً كلياً وإدماجها في شركة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة عن الدولة. أثره. انقضاء المشروع المؤمم وتصفيته. عدم اعتبار الدولة بمثابة خلف له. مسئولية الشركة الدامجة عن الوفاء بالالتزامات السابقة على التأميم. نطاقها. م 3 ق 117 لسنة 1961.
 (4)دعوى "الصفة في الدعوى". نقض "أسباب الطعن".
التحقق من زوال أو استمرار صفة صاحب المنشأة الفردية في تمثيلها أمام محكمة أول درجة بعد أن ساهم فيها القطاع العام. مسألة واقع. عدم قبول التحدي بزوال تلك الصفة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) عمل" مهلة الإخطار" "التعويض عن الفصل بغير مبرر". تعويض.
التعويض عن مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل بغير مبرر. اختلافهما في الأساس القانوني. ماهية كل منهما.
(6) عمل "مكافأة نهاية الخدمة". تأمينات اجتماعية.
الالتزام بالوفاء بمكافأة نهاية الخدمة للعامل. نقله من عاتق صاحب العمل سواء اشترك في التأمين أو تخلف عنه إلى عاتق مؤسسة التأمينات الاجتماعية. ق 92 لسنة 1959.

--------------
1 - ليس يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثالث بصفته قد وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للطاعنة أي طلبات قبله ولم يحكم شيء عليه، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تتعلق به فإنه لا يقبل من الطاعنة اختصامه في الطعن.
2 - إذ كان يبين من مطالعة الجدول المرافق للقانون رقم 52 لسنة 1964 بإضافة بعض شركات ومنشآت المقاولات إلى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت أن منشأة...... قد أدرجت في ذلك الجدول باعتبارها منشأة فردية وهو ما ينفي أنها تحولت إلى شركة قبل صدور ذلك القانون في 9 مارس سنة 1964 الأمر الذي تتوافر به صفة صاحبها في تمثيلها بشخصه في الخصومة أمام محكمة أول درجة حتى صدر الحكم الابتدائي في الدعوى بتاريخ 14 يناير سنة 1964.
3 - لما كان تأميم منشأة فردية للمقاولات تأميماً كلياً وإدماجها في الشركة الطاعنة يترتب عليه انقضاء المشروع المؤمم وتصفيته فلا تعتبر الدولة بمثابة خلف له ولا تسأل بحسب الأصل عن الديون التي ترتبت في ذمته قبل التأميم ما لم ينص القانون على ذلك، وكان التعبير في قوانين التأميم بانتقال ملكية المشروعات المؤممة إلى الدولة لا يقصد به سوى نقل ملكية هذه المشروعات من مجال الملكية الخاصة إلى مجال الملكية العامة فحسب، فإن تلك المنشأة تبعاً لتأميمها وإدماجها في الشركة الطاعنة - وهي مشروع عام له شخصيته الاعتبارية المستقلة عن الدولة - تكون قد آلت إليها بما لها وما عليها وتكون هذه الشركة مسئولة عن الوفاء بالتزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961 المعدل بالقانون رقم 149 لسنة 1962 وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وكانت الطاعنة لم تدع أصلاً عدم كفاية أصول المنشأة لسداد دين المطعون ضده الأول، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
4 - متى كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف بزوال صفة صاحب المنشأة - قبل تأميمها تأميماً كلياً وإدماجها فيها - في تمثيلها أمام محكمة أول درجة بعد أن ساهم فيها القطاع العام فإنه لا يقبل منها التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يستلزم التحقق مما إذا كانت هذه الصفة قد زالت عنه فعلاً أم أنها استمرت أمام تلك المحكمة وهو بحث لواقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
5 - التعويض عن مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل بغير مبرر يختلفان في أساسهما القانوني، فالتعويض الأول التزام فرضه القانون على من يفسخ العقد غير المحدد المدة دون مراعاة المهلة التي يجب أن تمضي بين الإخطار والفصل سواء أكان الفسخ بمبرر أو بغير مبرر، وأما التعويض الثاني فهو مقابل الضرر الذي يصيب العامل نتيجة فصله بغير مبرر، ولذلك أجاز المشرع الجمع بين التعويضين في المادة 74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وفي المادة 695/ 2 من القانون المدني.
6 - مفاد نص المادتين 63/ 1 و79 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 أن المشرع نقل التزام الوفاء بمكافأة نهاية الخدمة من عاتق صاحب العمل إلى عاتق مؤسسة التأمينات الاجتماعية وأن فرق في ذلك بين حالة اشتراك صاحب العمل في التأمين وفيها تحسب هذه المكافأة كاملة على أن تعود المؤسسة على صاحب العمل بالفرق بين المكافأة محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 أو على الوجه المبين في عقود العمل الفردية أو المشتركة أو اللوائح أو النظم المعمول بها في المنشآت أو قرارات هيئة التحكيم أيهما أكبر وبين الناتج من الاشتراكات التي أداها، وبين حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في التأمين وفيها تحسب المكافأة على أساس الحد الأدنى للأجور على أن يقتضي العامل من المؤسسة وكما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون باقي المكافأة على أساس الأجر الفعلي عندما تستوفى حقوقها من صاحب العمل، ويكون للمؤسسة الرجوع على صاحب العمل بجميع الاشتراكات وفوائد تأخيرها والمبالغ الإضافية فضلاً عما تكلفته من نفقات وتعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2034 سنة 1959 عمال كلي القاهرة ضد المرحوم..... مورث المطعون ضدهم الستة الأخيرين وضد..... - الذي اندمجت منشأته فيما بعد في الشركة الطاعنة - وباقي المطعون ضدهم وطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 850 جنيهاً وقال بياناً لها إنه كان يعمل مهندساً مدنياً لدى المرحوم..... ولما رست عليه عملية إنشاء مبنى الأقسام الأكلنيكية لمستشفى كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة لحساب المطعون ضده الثالث - مراقب المراقبة الإقليمية للشئون البلدية والقروية بمديرية الإسكان بالجيزة بصفته - تنازل عن هذه العملية للمقاول..... وللمطعون ضده الثاني - البنك التجاري - غير أنه فوجئ بفصله من عمله في 3 أكتوبر سنة 1959. وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق لذلك مبلغ 850 جنيهاً منه 50 جنيهاً بدل إنذار، 125 جنيهاً مكافأة نهاية الخدمة، 175 جنيهاً متأخر الأجر، 500 جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفي فقد انتهى إلى طلباته السابق بيانها. وبتاريخ 14 يناير سنة 1964 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام ورثة المرحوم........ بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول من مال وتركة مورثهم بالتضامن مع...... مبلغ 375 جنيهاً، فاستأنف الورثة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 601 سنة 81 ق، 1340 سنة 85 ق كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 220 سنة 81 ق، و...... بالاستئناف رقم 358 سنة 81 ق وضمت المحكمة هذه الاستئنافات ثم قضت بتاريخ 6 يونيه سنة 1968 في الاستئنافين الأولين بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وفي الاستئناف الثالث بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة الطاعنة المندمجة فيها منشأة...... بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 600 جنيه وفي الاستئناف الأخير برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودع المطعون ضده الثالث بصفته مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة له تأسيساً على أن النزاع ينحصر بين الطاعنة والمطعون ضده الأول وأنه لم يحكم شيء ضده ولا تتعلق به أسباب الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم في خصوص الوجه الأول من السبب الثالث ورفض الطعن فيما عدا ذلك وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 30 نوفمبر سنة 1974وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون ضده الثالث بصفته في محله، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلبات هو، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثالث بصفته قد وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للطاعنة أي طلبات قبله ولم يحكم بشيء عليه، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تتعلق به فإنه لا يقبل من الطاعنة اختصامه في الطعن ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه تقول الطاعنة إنها دفعت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول توجيه الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول إليها بوصفها الشركة الدامجة لمنشأة..... واستندت في ذلك إلى أن المطعون ضده الأول اختصم...... في الدعوى بصفته الشخصية وصدر الحكم الابتدائي فيها على هذا الأساس مع أن هذه المنشأة صارت شركة منذ أن ساهم فيها القطاع العام بنسبة 50% في أغسطس سنة 1962 بمقتضى القانون رقم 156 لسنة 1961 والقرارين الجمهوريين رقمي 618 و944 لسنة 1962، وهي الشركة التي أممت تأميماً كاملاً بالقانون رقم 52 لسنة 1964 وأدمجت في الشركة الطاعنة، وبذلك لم تنعقد الخصومة أصلاً بين الشركة الطاعنة وبين المطعون ضده الأول، كما أنه وبفرض أن تلك المنشأة كانت هي المقصودة في التداعي فإن...... لم يكن هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام محكمة أول درجة بعد أن ساهم فيها القطاع العام بل كان يمثلها مفوض آخر ومن ثم يكون الحكم الابتدائي قد صدر على غير ذي صفة وما كان يجوز بالتالي اختصام الشركة الطاعنة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، ومن جهة أخرى فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1961 الذي أضيفت هذه المنشأة إلى الجدول المرافق له بمقتضى القانون رقم 52 لسنة 1964 على أن تؤول ملكية المشروعات المؤممة إلى الدولة ولذلك كان يتعين على المطعون ضده الأول أن يوجه الدعوى إلى الدولة باعتبارها خلفاً لتلك المنشأة لا إلى الشركة الطاعنة بل إن دعواه قبل الدولة لا تكون مقبولة إلا إذا أثبت أن تقييم المنشأة قد تم وأن أصولها تزيد على خصومها بحيث تفي بكافة ديونها وأن دينه يشمله قرار التقييم، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض ذلك الدفع تأسيساً على أن الشركة الطاعنة هي المسئولة عن الوفاء بالتزامات المنشأة المندمجة فيها في حدود ما آل إليها من أصول المشروع المؤمم على أساس الاستخلاف القانوني، وهذا الذي أورده الحكم لا يصلح في القانون لإطراح هذا الدفع فضلاً عن أن الحكم قد أغفل الرد على ما تمسكت به الشركة الطاعنة من زوال صفة...... في تمثيل المنشأة أمام محكمة أول درجة بعد أن ساهم فيها القطاع العام.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من مطالعة الجدول المرافق للقانون رقم 52 لسنة 1964 بإضافة بعض شركات ومنشآت المقاولات إلى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت أن منشأة..... قد أدرجت في ذلك الجدول باعتبارها منشأة فردية وهو ما ينفي أنها تحولت إلى شركة قبل صدور ذلك القانون في 9 مارس سنة 1964 كما ذهبت الطاعنة، الأمر الذي تتوافر به صفة صاحبها في تمثيلها بشخصه في الخصومة أمام محكمة أول درجة حتى صدر الحكم الابتدائي في الدعوى بتاريخ 14 يناير سنة 1964، وكان تأميم هذه المنشأة تأميماً كلياً وإدماجها في الشركة الطاعنة يترتب عليه انقضاء المشروع المؤمم وتصفيته فلا تعتبر الدولة بمثابة خلف له ولا تسأل بحسب الأصل عن الديون التي ترتبت في ذمته قبل التأميم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان التعبير في قوانين التأمين بانتقال ملكية المشروعات المؤممة إلى الدولة لا يقصد به سوى نقل ملكية هذه المشروعات من مجال الملكية الخاصة إلى مجال الملكية العامة فحسب، فإن تلك المنشأة تبعاً لتأميمها وإدماجها في الشركة الطاعنة - وهي مشروع عام له شخصيته الاعتبارية المستقلة عن الدولة - تكون قد آلت إليها بما لها وما عليها وتكون هذه الشركة مسئولة عن الوفاء بالتزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961 المعدلة بالقانون رقم 149 لسنة 1962. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وكانت الطاعنة لم تدع أصلاً عدم كفاية أصول المنشأة لسداد دين المطعون ضده الأول كما أنها لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف بزوال صفة صاحب المنشأة في تمثيلها أمام محكمة أول درجة بعد أن ساهم فيها القطاع العام فإنه لا يقبل منها التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يستلزم التحقيق مما إذا كانت هذه الصفة قد زالت عنه فعلاً أم أنها استمرت أمام تلك المحكمة وهو بحث لواقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق إذ بنى قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى من أن مورث المطعون ضدهم الستة الأخيرين قد تنازل عن بعض عمليات المقاولة لـ....... صاحب المنشأة المندمجة في الشركة الطاعنة وهذا الذي قرره الحكم يخالف الثابت بتلك الأوراق ولا يتفق مع مدلولها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في نطاق سلطته الموضوعية وبأسباب سائغة تتفق مع الثابت بالأوراق إلى أن مورث المطعون ضدهم الستة الأخيرين قد تنازل عن بعض عمليات المقاولة لصاحب تلك المنشأة فإن ما تثيره الطاعنة في هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة والمستندات التي تقدم إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من وجهين وفي بيان الوجه الثاني تقول الطاعنة أن الحكم قضى للمطعون ضده الأول بمقابل مهلة الإنذار فضلاً عن التعويض عن الفصل التعسفي وبذلك يكون قد جمع بين تعويضيين عن ضرر واحد وهو ما لا يجوز.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التعويض عن مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل بغير مبرر يختلفان في أساسهما القانوني، فالتعويض الأول التزام فرضه القانون على من يفسخ العقد غير المحدد المدة دون مراعاة المهلة التي يجب أن تمضي بين الإخطار والفصل سواء أكان الفسخ بمبرر أو بغير مبرر، وأما التعويض الثاني فهو مقابل الضرر الذي يصيب العامل نتيجة فصله بغير مبرر، ولذلك أجاز المشرع الجمع بين التعويضين في المادة 74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وفي المادة 695/ 2 من القانون المدني ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن الوجه الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإلزام الشركة الطاعنة بأداء مكافأة نهاية الخدمة للمطعون ضده الأول في حين أنه فصل بعد سريان قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 الذي تقضي أحكامه بأن مؤسسة التأمينات الاجتماعية هي الملزمة وحدها بأداء تلك المكافأة له.
وحيث إن النعي بهذا الوجه صحيح ذلك أنه لما كانت المادة 63/ 1 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 الذي يحكم واقعة الدعوى تنص على أن "يحل الناتج من الاشتراكات التي يؤديها صاحب العمل في هذا التأمين وفي صندوق الادخار المشار إليه محل المكافأة التي تستحق للمؤمن عليه في نهاية الخدمة والتي تحتسب على الوجه المبين بالمادة 73 من القانون رقم 91 لسنة 1959 أو على الوجه المبين في عقود العمل الفردية أو المشتركة أو اللوائح والنظم المعمول بها في المنشآت أو قرارات هيئات التحكيم أيهما أكبر، فإذا قل الناتج المذكور عما يستحق للمؤمن عليه من مكافأة وجب على صاحب العمل تسديد ذلك الفرق إلى المؤسسة خلال أسبوع من تاريخ المطالبة به وإلا استحقت عليه فوائد تأخير بسعر 6% سنوياً تسري اعتباراً من تاريخ انتهاء خدمة المؤمن عليه" كما تنص المادة 79 منه على أنه "لا يجوز لمن تسري عليه أحكام هذا القانون ولم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنه في التأمين أن يطالب المؤسسة بالوفاء بالتزاماتها المقررة إلا على أساس الحد الأدنى للأجور. ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة السابقة والمادة 76 يكون للمؤسسة حق الرجوع على صاحب العمل تجميع الاشتراكات المقررة وفوائد تأخيرها وكذا بجميع ما تكلفته من نفقات وتعويض قبل من لم يقم بالاشتراك عنه". فإن مفاد هذين النصين أن المشرع نقل التزام الوفاء بمكافأة نهاية الخدمة من عاتق صاحب العمل إلى عاتق مؤسسة التأمينات الاجتماعية فرق في ذلك بين حالة اشتراك صاحب العمل في التأمين وفيها تحسب هذه المكافأة كاملة على أن تعود المؤسسة على صاحب العمل بالفرق بين المكافأة محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 أو على الوجه المبين في عقود العمل الفردية أو المشتركة أو اللوائح أو النظم المعمول بها في المنشآت أو قرارات هيئة التحكيم أيهما أكبر وبين الناتج من الاشتراكات التي أداها، وبين حالة تخلف صاحب العمل عن الاشتراك في التأمين وفيها تحسب المكافأة على أساس الحد الأدنى للأجور على أن يقتضي العامل من المؤسسة وكما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون باقي المكافأة على أساس الأجر الفعلي عندما تستوفى حقوقها من صاحب العمل، ويكون للمؤسسة الرجوع على صاحب العمل بجميع الاشتراكات المقررة وفوائد تأخيرها والمبالغ الإضافية فضلاً عما تكلفته من نفقات وتعويض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الشركة الطاعنة بالمكافأة المستحقة للمطعون ضده الأول وقدرها 125 جنيهاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين خصم مبلغ 125 جنيهاً من المبلغ المحكوم به وقدره 600 جنيه وجعله 475 جنيهاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق