الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 أكتوبر 2020

الطعن 32 لسنة 5 ق جلسة 19 / 12 / 1935 مج عمر المدنية ج 1 ق 310 ص 998

جلسة 19 ديسمبر سنة 1935

برياسة سعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد لبيب عطية بك ومراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك المستشارين.

----------------

(310)
القضية رقم 32 سنة 5 القضائية

القضاء المستعجل:
(أ ) قاضي الأمور المستعجلة. اختصاصه. مدى سلطته.
(ب) اختصاص نوعي. مناطه. تعيين حارس قضائي على أعيان وقف لتنفيذ حكم بدين على ناظر الوقف. جوازه. يدخل في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة. حجز. تحت يد الناظر. عدم فائدته. تنفيذي على الغلة مباشرة أو تحت يد المستأجرين. عدم جوازه في الوقف.
(حـ) خطأ القاضي المستعجل في تقريره الموضوعي أو في تصرفه القانوني مع ثبوت اختصاصه. الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. لا يجوز.
(المادة 28 مرافعات والمادة العاشرة من قانون محكمة النقض)

-------------
1 - إن المراد بنص المادة 28 من قانون المرافعات هو:
(أوّلا) أن مأمورية قاضى الأمور المستعجلة ليست هي تفسير الأحكام والعقود الواجبة التنفيذ ولا الفصل في أصل الحق، بل إن مأموريته هي إصدار حكم وقتي بحت يرد به عدوانا باديا للوهلة الأولى من أحد الخصمين على الآخر أو يوقف مقاومة من أحدهما للآخر بادية للوهلة الأولى أنها بغير حق، أو يتخذ إجراءً عاجلا يصون به موضوع الحق أو دليلا من أدلة الحق.
(ثانيا) أنه إذا كان هذا القاضي في بعض الصور لا يستطيع أداء مهمته إلا إذا تعرّف معنى الحكم أو العقد الواجب التنفيذ أو تناول موضوع الحق لتقدير قيمته فلا مانع يمنعه من هذا. ولكن تفسيره أو بحثه في موضوع الحق وحكمه بعد هذا التفسير أو البحث لا يحسم النزاع بين الخصمين لا في التفسير ولا في موضوع الحق، بل لا يكون إلا تفسيرا أو بحثا عرضيا عاجلا يتحسس به ما يحتمل لأوّل نظرة أن يكون هو وجه الصواب في الطلب المعروض عليه، ويبقى التفسير أو الموضوع محفوظا سليما يتناضل فيه ذوو الشأن لدى جهة الاختصاص.
2 - العبرة في تحديد الاختصاص النوعي لكل جهة قضائية هي بما يوجهه المدّعى في دعواه من الطلبات.
وبما أن تعيين حارس قضائي على أعيان وقف هو الوسيلة الوحيدة لتنفيذ حكم بدين على ناظر الوقف الذى لا مال ظاهرا له سوى حصته التي يستحقها في ريع هذا الوقف لأن الحجز تحت يد الناظر نفسه غير مفيد، والحجز التنفيذي المباشر على غلة الوقف غير جائز لا هو ولا الحجز تحت يد مستأجري أعيانه. وما دامت هذه الوسيلة متعلقة بالتنفيذ، وهى وسيلة مستعجلة، فهي بمقتضى نص المادة 28 مما يدخل في اختصاص قاضى المواد المستعجلة. ولا يسلبه الاختصاص الادّعاء لديه بأن الاستحقاق في الوقف قد آل إلى شخص غير المدين متى كانت هذه الأيلولة متنازعا في صحتها.
3 - مهما يكن من خطأ القاضي المستعجل بدرجتيه الابتدائية والاستئنافية في تقريره الموضوعي أو في تصرفه القانوني في الموضوع، بعد كون اختصاصه ثابتا، فان سبيل إصلاح هذا الخطأ الواقع في حكمه ليس هو الطعن بطريق النقض والإبرام ما دام هذا الحكم ولو أنه صادر استئنافيا من محكمة ابتدائية لا يعتبر من هذه الجهة، جهة خطأ التقدير في موضوع الدعوى، صادرا في مسألة اختصاص مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض طبقا للمادة العاشرة من قانون محكمة النقض.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما هو وارد في الحكم المطعون فيه وسائر أوراق القضية ومستنداتها المقدّمة لهذه المحكمة - في أن حسين جمال أفندي المطعون ضدّه الثاني أنشأ وقفا على أعيان له بباب الكراستة بمدينة إسكندرية في 31 يناير سنة 1926، وجعل لنفسه النظر والاستحقاق على ذلك الوقف طيلة حياته واحتفظ لنفسه بالشروط العشرة. وبمقتضى إشهاد شرعي مؤرّخ في 2 أغسطس سنة 1934 غيّر الواقف في شرط النظر والاستحقاق فتخلى عنهما وجعلهما لزوجته الطاعنة، وهى شقيقة المطعون ضدّها الأولى، ومن بعدها للأرشد من المستحقين. وكان في هذه الأثناء قام نزاع بينه وبين المطعون ضدّها الأولى عن حساب شركة كانت بينه وبين مورّثها وهو موضوع القضية رقم 513 سنة 1934 كلى محكمة إسكندرية الأهلية، وقد صدر الحكم في تلك القضية بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1933 برفض الدفوع الفرعية المقدّمة من المطعون ضدّه الثاني وإلزامه بأن يدفع للمطعون ضدّها الأولى 25 جنيها نفقة شهرية ابتداءً من أوّل شهر ديسمبر سنة 1933 إلى أن يفصل نهائيا في الدعوى الحالية وإلزامه أيضا بالمصاريف الخاصة بطلب النفقة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة والنفاذ بلا كفالة وإعادة القضية للتحضير لتقديم الحساب. وقد استأنف المحكوم عليه هذا الحكم فقضى بتاريخ 26 يونيه سنة 1934 بتأييده في القضية رقم 293 سنة 51 قضائية. وحدّد لنظر الحساب جلسة 6 أكتوبر سنة 1934. ولما تعذر على المطعون ضدها الأولى تنفيذ حكم النفقة رفعت على المطعون ضدّه الثاني أمام جلسة الأمور المستعجلة بمحكمة إسكندرية الأهلية الدعوى رقم 529 سنة 1934 مستعجل، وقالت في صحيفتها المعلنة بتاريخ 9 سبتمبر سنة 1934 إنها تداين خصمها في مبلغ خمسة عشر ألف جنيه حصة زوجها في الشركة التي كانت بينه وبين المطعون ضدّه الثاني الذى عبث بمال الشركة ووقف العقار الكائن بباب الكراستة إضرارا بها، ولهذا فإنها تطلب الحكم بصفة مستعجلة بتعيينها حارسة على أعيان ذلك الوقف لإدارتها وتحصيل ريعها لسداد دينها وإيداع الباقي في خزانة المحكمة حتى يفصل نهائيا في دعوى الحساب المحدّد لها جلسة 6 أكتوبر سنة 1934. فدفع الحاضر عن الطاعنة (وكانت اختصمت في الدعوى) بعدم اختصاص قاضى الأمور المستعجلة لأن الفصل في القضية بحالتها يمس حقوق الخصوم، وطلب في الموضوع رفض الدعوى. وطلب الحاضر عن المطعون ضدّها الأولى رفض الدفع الفرعي وصمم على ما جاء في صحيفة الدعوى، فحكم قاضى الأمور المستعجلة بتاريخ 23 سبتمبر سنة 1934 برفض الدفع المقدّم من الطاعنة والمطعون ضدّه الثاني وباختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظر الدعوى، وفى الموضوع بتعيين زكريا هيبة أفندي حارسا على أعيان وقف المطعون ضدّه الثاني الكائن بباب الكراستة لإدارة تلك الأعيان وتحصيل ريعها وتسليم المطعون ضدّها الأولى مبلغ خمسة وعشرين جنيها شهريا من صافى الريع وتسليم الباقي من الريع شهريا إلى المطعون ضدّه الثاني حتى يفصل نهائيا في دعوى الحساب المحدّد لها جلسة 6 أكتوبر سنة 1934 مع إلزام المطعون ضدّه الثاني بالمصاريف ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأمر بالنفاذ المؤقت بلا كفالة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنفت الطاعنة وحدها هذا الحكم أمام محكمة إسكندرية الابتدائية، وقيد استئنافها بتلك المحكمة تحت رقم 431 سنة 1934 طالبة الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظر الدعوى واحتياطيا بعدم قبولها، ومن باب الاحتياط الكلى القضاء برفض الدعوى ورفع يد الحارس وتسليم العين المقضي بوضعها تحت الحراسة القضائية ليدها وإلزام المطعون ضدّها الأولى بمصاريف الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وعند نظر القضية بجلسة 30 أكتوبر سنة 1934 حكمت المحكمة الاستئنافية بإثبات غيبة المطعون ضدّه الثاني وأعلن إليه هذا الحكم في 20 نوفمبر سنة 1934. وبعد ذلك سمعت المحكمة أقوال طرفي الخصومة، وحجزت القضية للحكم، ثم أصدرته بتاريخ 29 يناير سنة 1935 بقبول الاستئنافين شكلا وبرفض الدفعين الفرعيين وباختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظر الدعوى وبقبولها، وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنة بالمصاريف وبمائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدّها الأولى التي أعلنت ذلك الحكم للطاعنة يوم 26 فبراير سنة 1935. فطعن فيه وكيلها بطريق النقض يوم 23 مارس سنة 1935 بتقرير أمام قلم الكتاب أعلن صورته للمطعون ضدّهما في 27 مارس سنة 1935 وأودع مستنداته في ذلك القلم يوم 6 أبريل سنة 1935 كما أودع مذكرة بدفاعه في نفس التاريخ، وقد قدّم أيضا كل من المطعون ضدّهما مذكرة ومستندات في المواعيد القانونية، وقدّمت النيابة مذكرتها في 16 نوفمبر سنة 1935.
وبجلسة يوم الخميس الموافق 5 من شهر ديسمبر سنة 1935 المحدّدة لنظر هذا الطعن قرّرت المحكمة استمرار المرافعة لجلسة 19 ديسمبر سنة 1935 وعلى وكيل الطاعنة تقديم مذكرة بتفسير القيود الواردة بالمادة 28 من قانون المرافعات ولوكيل المطعون ضدّها الأولى الرد إن شاء. وقد قدّمت المذكرات المطلوبة.
وبالجلسة المذكورة سمعت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم صدر الحكم الآتى:


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن النص العربي للمادة 28 من قانون المرافعات جاء به أن قاضي المواد الجزئية يحكم بمواجهة الأخصام في المنازعات المستعجلة المتعلقة بتنفيذ الأحكام والسندات الواجبة التنفيذ بشرط أن لا يتعرّض في حكمه لتفسير تلك الأحكام. ويحكم أيضا في الأمور المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت بحيث لا يكون لحكمه تأثير في أصل الدعوى.
وحيث إنه بمقارنة هذا النص بالنص الفرنسي للمادة المذكورة يتضح أن القيد الوارد على الشطر الثاني منها قد وضع بالعربية موافقا للعبارة الفرنسية ما عدا كلمتي "أصل الدعوى" فان مقابلها الفرنسي هو "أصل الحق". وأما قيد الشطر الأوّل فانه يختلف كثيرا عن مقابله الفرنسي إذ تعريب هذا المقابل هو "بحيث لا يكون لحكمه تأثير في مسائل التفسير".
وحيث إن النص الفرنسي أكثر انضباطا ودقة، وهو على كل حال أدل على مراد الشارع فيكون القيد الواجب اعتباره في الشطر الأوّل هو "بحيث لا يكون لحكمه تأثير في مسائل التفسير" كما أنه في الشطر الثاني يكون هو "بحيث لا يكون لحكمه تأثير في أصل الحق".
وحيث إن المراد بهذا النص بعد ردّ القيدين إلى وضعهما الصحيح: (أوّلا) أن ليست مأمورية هذا القاضي هي تفسير الأحكام والعقود الواجبة التنفيذ ولا الفصل في أصل الحق، بل إن مأموريته هي إصدار حكم وقتي بحت يردّ به عدوانا باديا للوهلة الأولى من أحد الخصمين على الآخر، أو يوقف مقاومة من أحدهما للآخر باديا للوهلة الأولى أنها بغير حق، أو يتخذ إجراء عاجلا يصون به موضوع الحق أو دليلا من أدلة الحق. (ثانيا) أنه إذا كان في بعض الصور لا يستطيع أداء مهمته إلا إذا تعرّف معنى الحكم أو العقد الواجب التنفيذ أو تناول موضوع الحق لتقدير قيمته فلا مانع يمنعه من هذا. ولكن تفسيره أو بحثه في موضوع الحق، وحكمه بعد هذا التفسير أو البحث لا يحسم النزاع بين الخصمين لا في التفسير ولا في موضوع الحق، بل لا يكون إلا تفسيرا أو بحثا عرضيا عاجلا يتحسس به ما يحتمل لأوّل نظرة أن يكون هو وجه الصواب في الطلب المعروض عليه، ولا يزال التفسير أو الموضوع محفوظا سليما يتناضل فيه ذوو الشأن لدى جهة الاختصاص.
وحيث إن العبرة في تحديد الاختصاص النوعي لكل جهة قضائية هي بما يوجهه المدّعى في دعواه من الطلبات.
وحيث إن المطلوب في الدعوى الحالية هو تعيين حارس قضائي ليستلم عينا موقوفة ويستغل ريعها ويدفع منه للمدّعية قيمة نفقة محكوم بها على الواقف الذى هو الناظر والمستحق الوحيد في الوقف ويودع الباقي بخزينة المحكمة حتى تنتهى دعوى حساب منظورة بين الطرفين. ورافعة هذا الطلب قد أدخلت في دعواها زوجة هذا الناظر لأنه أشهد على نفسه إشهادا شرعيا نقل به إليها الاستحقاق في النظر على هذه العين الموقوفة وفى ريعها. وتقول المدّعية - من جهةٍ - إن أصل الوقف باطل لأن العين كانت مملوكة للشركة المطلوب حسابها في دعوى الحساب المذكورة - ومن جهةٍ أخرى - إن إشهاد نقل النظر والاستحقاق حاصل بطريق التواطؤ بين الزوجين فرارا من تنفيذ حكم النفقة لأنه لا مال آخر ظاهرا للمدين يمكن التنفيذ عليه.
وحيث إن تعيين حارس قضائي على أعيان وقف هو الوسيلة الوحيدة لتنفيذ حكم بدين على ناظر الوقف الذى لا مال ظاهرا له سوى حصته التي يستحقها في ريع هذا الوقف ما دام الحجز تحت يد الناظر نفسه غير مفيد وما دام الحجز التنفيذي المباشر على غلة الوقف وحاصلاته غير جائز لا هو ولا الحجز تحت يد مستأجري أعيانه.
وحيث إن هذه الوسيلة متعلقة بالتنفيذ، وهى وسيلة مستعجلة، فهي بمقتضى نص المادة 28 مما يدخل في اختصاص قاضى المواد المستعجلة.
وحيث إن الطاعنة تقول إنها لا تنازع في اختصاص قاضى المواد المستعجلة بهذا الطلب لو أنه كان موجها على زوجها الواقف فقط وكان زوجها هذا لا زال مستحقا لريع الوقف، أما والاستحقاق آل إليها بإشهاد شرعي، وليست هي المدينة المحكوم عليها، فان الطلب لا يختص به هذا القاضي لأنه ماس بأصل حقها. كما أن هذا القاضي إذ حكم بتعيين الحارس ليستغل العين الموقوفة ويسلم للمدّعية قيمة النفقة المحكوم بها ويسلم باقي الريع للمدّعى عليه الآخر الذى هو زوجها الواقف قد مس حقها من جهتين: (الأولى) إعطاؤه بعض الريع للمدّعية مع أنها ليست دائنة لها، (والثانية) إعطاؤه باقي الريع لزوجها الواقف مع أنه لا يستحقه. وكل هذا تجاوز من القاضي عن حدّه وخروج عن اختصاصه. تقول هذا وتقول إن المحكمة الاستئنافية التي أيدت حكمه قد أتى حكمها المطعون فيه باطلا لخروج ما حكمت به عن اختصاصها أيضا مع أنها نبهتها إلى هذا وطلبت أمامها الحكم بعدم الاختصاص كما كانت طلبته لدى القاضي الأوّل.
وحيث إنه ما دام لا خلاف في أن المدّعية لو كانت اقتصرت على رفع دعوى الحراسة ضدّ زوج الطاعنة لكان قاضى المواد المستعجلة مختصا.
وحيث إنه إذا فرض أن المدعية كانت اقتصرت على هذا، وأن القاضي كان حكم في دعواها بتعيين الحارس لأداء المأمورية التي بينها في حكمه، ثم أريد تنفيذ حكمه هذا، فان الطاعنة التي تقول إن النظر والاستحقاق آل إليها ما كان أمامها لمنع التنفيذ إلا الاستشكال فيه، وأن تطلب بنفسها إلى المحضر أن يرفع الأمر إلى قاضى المواد المستعجلة ليوقف التنفيذ مؤقتا حتى يفصل في موضوع حقها من الجهة المختصة. ولا شك في اختصاص هذا القاضي بنظر مثل هذا الإشكال. فكل ما في المسألة إذن أن المدّعية بادرت فأتت لدى القاضي بدعواها المستعجلة الأصلية وبدعوى الإشكال المنتظر معا. وإذ كان هذا القاضي مختصا بهما منفردين فهو مختص بهما مجتمعين.
وحيث إن منازعة الطاعنة ليست في الحقيقة منازعة في مسألة اختصاص وإنما هي دفع في الموضوع، وهذا الدفع هو في مبدئه تنبيه للقاضي أن لا يجيب الطلب لأن إجابته تمس أصل حقها المقرّر لها بالإشهاد الشرعي، وهو في نهايته نقد لتصرف القاضي لأن حكمه قد مس بأصل الحق هذا.
وحيث إن قاضى المواد المستعجلة - كما تقدّم - ليس ممنوعا في مثل هذه المنازعة من تقدير قيمة الإشهاد الشرعي - وهو مستند الحق المدّعى - تقديرا لا نهائيا بل مؤقتا إلى الحدّ الذى يستطيع مع الاطمئنان إلى وجوب إيقاف التنفيذ أو وجوب استمراره. فاذا كان قدّر أن هذا المستند صادر من باب التواطؤ بين الزوجين فرارا من تنفيذ الحكم على الزوج فان تقديره هذا هو تقدير وقتي صرف لا نهائية فيه، وهو يملكه. وإذا كان أمره باستمرار التنفيذ رغم وجود هذا الإشهاد لا بد من أن يترتب عليه ضرر للطاعنة فان هذا الضرر أيضا موقوت لا يحرمها البتة من إثبات أصل حقها والرجوع بعد بما أصابها من هذا الضرر على خصيمتها. وما دام الأمر كذلك فلا مساس قانونا بأصل هذا الحق.
وحيث إن القضاء في تقديراته الموضوعية أو القانونية يصيب ويخطئ. وإذا صح أن القضاء المستعجل بدرجتيه الابتدائية والاستئنافية يكون أخطأ في تكليفه الحارس بتسليم الواقف ما فضل من الريع بعد النفقة المطلوب التنفيذ بها فانه مهما يكن من خطأ هذا القضاء في تقديره الموضوعي أو في تصرفه القانوني في الموضوع بعد كون اختصاصه ثابتا، فان سبيل إصلاح هذا الخطأ ليس هو الطعن بطريق النقض والإبرام ما دام الحكم المطعون فيه صادرا استئنافيا من محكمة ابتدائية، وما دام هذا الحكم لا يعتبر من هذه الجهة أنه صادر في مسألة اختصاص مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض طبقا للمادة العاشرة من قانون محكمة النقض، بل هذا الطعن المقصود به إصلاح الخطأ المذكور هو طعن غير مقبول.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق