جلسة 31 من ديسمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين:
محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، وحسن مهران حسن، والدكتور عبد الرحمن عياد.
----------------------
(330)
الطعن
رقم 253 لسنة 42 القضائية
(1، 2 ) إيجار "إيجار
الأماكن". حكم "الطعن في الحكم".
(1)اعتبار الحكم غير قابل
لأي طعن وفقاً للقانون 121 لسنة 1947، شرطه. صدوره في منازعة إيجارية يستلزم الفصل
فيها تطبيق أحكام هذا القانون.
(2)المنازعات الناشئة من
تطبيق ق 46 لسنة 1962 و7 لسنة 1965. خضوع الحكم الصادر فيها للقواعد العامة من حيث
قابليته للطعن.
(3)إيجار "إيجار
الأماكن". دعوى "قيمة الدعوى". استئناف "الأحكام الجائز
استئنافها". حكم "الأحكام الجائز الطعن فيها".
دعوى تحديد أجرة الأماكن
الخاضعة للتشريعات الاستثنائية. غير قابلة لتقدير قيمتها. جواز استئناف الحكم
الصادر فيها.
(4و5) إيجار "إيجار الأماكن". اختصاص.
(4)تحديد الأجرة تحديداً
حكمياً طبقاً للقانون 7 لسنة 1965. مؤداه. انعدام أثر قرارات لجان التقدير غير
النهائية عند صدور هذا القانون. اختصاص المحاكم بالفصل في صحة إعمال أحكام هذا
القانون.
(5)لجنة تقدير الإيجارات.
عدم اختصاصها بتحديد أجرة الأماكن المتعاقد عليها قبل 22/ 2/ 1965 متى أخطرت عنها
أو شغلت فعلاً قبل هذا التاريخ. لا حجية لقرار اللجنة الصادر خارج حدود ولايتها.
للمحكمة ذات الولاية أن تنظر في النزاع كأن لم يسبق عرضه عليها.
(6)إيجار "إيجار
الأماكن". ضرائب "الضريبة العقارية".
معايير التعديلات
الجوهرية في العقار وفقاً للمادة 3/ حـ ق 56 لسنة 1954 معدلة بق 549 لسنة 1955.
مسألة موضوعية. جواز الاستئناس بها في بيان المقصود من تلك التعديلات في المكان
المؤجر. علة ذلك.
------------------
1 - يشترط لاعتبار الحكم غير قابل لأي طعن طبقاً للفقرة الرابعة من
المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون - وعلى ما استقر عليه
قضاء هذه المحكمة (1) - صادراً في منازعة إيجارية يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا
التشريع الاستثنائي. فإن لم يتوافر هذا الشرط فإن الحكم يخضع بالنسبة لقابليته
للطعن للقواعد العامة الواردة في قانون المرافعات.
2 - إذ كانت المنازعات الناشئة عن تطبيق القانونين رقمي 46 لسنة
1962 و7 لسنة 1965 لا تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - منازعات إيجارية لأن كلاً
منهما لم يدمج في قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947، بل بقيت أحكامهما خارجة
عنه مستقلة بذاتها، فإن الأحكام الابتدائية الصادرة بالتطبيق لأحكام ذينك
القانونين تكون خاضعة للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيها، لأن العبرة في تكييف
المنازعة بأنها منازعة إيجارية ليست بتكييف الخصوم بل بما تقضي به المحكمة.
3 - جرى قضاء هذه المحكمة (2) على أنه متى كان الثابت
أن النزاع يدور حول تحديد الأجرة القانونية للعين المؤجرة، وكان الاتفاق على أجرة
تجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً يعتبر باطلاً، كانت المادة 38/ 1 من قانون
المرافعات السابق الذي صدرت الأحكام الابتدائية في ظله - تقضي بتقدير قيمة الدعوى
بصحة الإيجار باعتبار مجموع الأجرة عن مدته كلها، وكانت عقود الإيجار موضوع النزاع
قد امتدت تلقائياً - بعد انتهاء مدتها المنصوص عليها فيها - إلى مدة غير محدودة
طبقاً لأحكام قانون إيجار الأماكن فإن مجموع الأجرة لهذه المدة لا يكون محدداً،
وتكون الدعاوى غير قابلة لتقدير قيمتها، وبالتالي تعتبر قيمتها زائدة عن مائتين
وخمسين جنيهاً في معنى المادة 44 من تقنين المرافعات السابق وتكون الأحكام الصادرة
فيها جائزاً استئنافها. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإن النعي
عليه يكون على غير أساس.
4 - مؤدى نص المادة 2/ 1 من القانون رقم 7 لسنة 1965 أنه وإن كان
القانون رقم 46 لسنة 1962 قد ناط باللجان المشكلة طبقاً لأحكامه تحديد أجور
الأماكن الخاضعة له إلا أنه بالنظر لما لمسه المشرع - وعلى ما جاء بالمذكرة
الإيضاحية - من بطء عمل هذه اللجان مما أدى إلى مغالاة الكثير من الملاك في تقدير
الأجرة واستمرار المستأجرين في دفع الأجرة المرتفعة وقتاً طويلاً حتى تنتهي اللجان
من عملها، قد استهدف تلافي عيوب التطبيق العملي لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962
فنص على أن يكون تحديد الأجرة القانونية لهذه الأماكن على أساس أن الأجرة المتعاقد
عليها مخفضة بمعدل خمسة وثلاثين في المائة بالنسبة للحالات التي ما زالت قائمة عند
صدوره سواء أمام لجان التقدير أو مجالس المراجعة والتي لم يصدر في شأنها تقدير
نهائي غير قابل للطعن، على أن يقوم هذا التحديد الحكمي مقام تقرير اللجان ويكون له
أثر رجعي من بدء التعاقد مما مفاده أن القرارات غير النهائية للجان التقدير التي
أدركها القانون رقم 7 لسنة 1965 تضحى غير ذات موضوع وعديمة الأثر فلا يتعلق بها أي
حق للمؤجر أو المستأجر يمكن بموجبه تحديد المراكز القانونية بينهما، وبالتالي فلا
يسوغ القول بإمكان الطعن عليها أو التظلم منها بأي سبيل، على أن ذلك لا يخل بداهة
بحق طرفي النزاع في اللجوء إلى المحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع
المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص للمناضلة في صحة إعمال أحكام القانون رقم 7 لسنة
1965 وفي مدى انطباقه على عين النزاع.
5 - مؤدى ما تقضي به المادة الثانية من التفسير التشريعي رقم 9
لسنة 1965 الذي أصدرته اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (3) - ألا اختصاص للجان تقدير الإيجارات بتحديد أجرة الأماكن المتعاقد
عليها قبل 22/ 2/ 1965 متى كان المؤجر قد أخطر عنها تلك اللجان أو ثبت أن الأماكن
المؤجرة قد شغلت قبل هذا التاريخ. وإذ كان البين من الأوراق ما يشير إلى أن
الإخطار عن الأعيان المؤجرة تم في تاريخ سابق على 22/ 2/ 1965 الذي جعل منه
التفسير التشريعي فيصلاً لاختصاص اللجان، فإن القرارات الصادرة تكون خارجة من حدود
الولاية التي خولها الشارع للجان تقدير الإيجارات، فلا تكون لها أية حجية وتعتبر
كأن لم تكن بحيث تكون للمحكمة ذات الولاية إذا ما رفع إليها النزاع أن تنظر فيه
كأن لم يسبق عرضه عليها.
6 - مؤدى نص الفقرة ج من المادة الثالثة من القانون رقم 56 لسنة
1954 معدلة بالقانون رقم 549 لسنة 1955 أن المشرع وهو بصدد تقدير الضريبة العقارية
عرف التعديلات الجوهرية بأنها تلك التي يكون من شأنها التغيير من معالم العقارات
أو من كيفية استعمالها بحيث تغير من قيمتها الإيجارية تغييراً محسوساً، وهي مسألة
موضوعية تترك لظروف كل حالة على حدتها. ولئن كان لكل قانون مجاله الذي يحكم
الوقائع المنطبقة عليه، إلا أنه ليس ثمت ما يمنع من الاستئناس بالمعايير التي
وضعها ذلك النص لبيان المقصود بالتعديلات الجوهرية في المكان المؤجر اعتباراً بأن
استكناه طبيعة التعديلات في العقار سيترتب عليه تعديل الأجرة وتعديل الضريبة في
وقت معاً، وإذ كان البين أن الحكم عنى بإبراز أن ذلك التغيير لم يكن مؤثراً في
النزاع بنقص أجرة أعيان النزاع عما كانت عليه أجرة الدور الكائنة هي به قبل
استحداثها فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يكون
ولا محل له.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا
الدعاوى أرقام 331، 332، 333، 334 سنة 1967 مدني على المطعون عليهما أمام محكمة
الإسكندرية الابتدائية طالبين تحديد أجرة الشقق المؤجرة موضوع عقود الإيجار
المؤرخة 14/ 4/ 1964 (بالنسبة للطاعنين الأول والثاني والرابع) و25/ 4/ 1964
(بالنسبة للطاعن الثالث) بمبلغ 6 ج و760 م شهرياً منذ بدء التعاقد، وبياناً لهذه
الدعاوى قال الطاعنون أنه بموجب العقود سالفة الإشارة استأجر كل منهم من المطعون
عليهما شقة بالعمارة رقم 12 بطريق النصر بالإسكندرية اعتباراً من 1/ 5/ 1964
(بالنسبة للطاعنين الأول والثاني والرابع) و1/ 7/ 1964 (بالنسبة للطاعن الثالث)
بأجرة شهرية قدرها 10ج و400 م، وأخطرتهم لجنة تقدير الإيجارات بتاريخ 9، 10، 15 من
فبراير سنة 1965 بتحديد أجرة الشقة الخاصة بكل منهم بمبلغ 9 ج و800 م شهرياً، ثم
صدر القانون رقم 7 لسنة 1965 قبل صيرورة هذه القرارات نهائية، وإذ أوجب هذا
القانون تخفيض الأجرة بواقع 35% بحيث تصبح الأجرة 6 ج و760 م شهرياً ونازعهما
المطعون عليهما وأصرا على تقاضي مبلغ 9 ج و840 م رغم إنذارهما بتاريخ 1/ 12/ 1966
مما اضطرهم إلى رفع دعاواهم بالطلبات سالفة البيان، دفع المطعون عليهما بأن لجنة
تقدير الإيجارات تجاوزت اختصاصها وأن الشقق موضوع التداعي خاضعة للقانون رقم 168
سنة 1961 دون القانون رقم 46 لسنة 1962، وبتاريخ 9/ 12/ 1967 حكمت المحكمة في كل
دعوى بتحديد أجرة كل شقة من أعيان النزاع بمبلغ 6 ج، 70 م. استأنف المطعون عليهما
هذه الأحكام بالاستئنافات أرقام 110، 111، 112، 113 س 24 ق مدني الإسكندرية طالبين
إلغاءها ورفض الدعاوى، دفع الطاعنون بعدم جواز الاستئناف لعدم قابلية الحكم
المستأنف لأي طعن وفق المادة 15/ 4 من المرسوم بقانون رقم 121 لسنة 1947 ولقلة
النصاب، وبتاريخ 18/ 2/ 1969 حكمت محكمة الاستئناف بضم الاستئنافات الأربعة وبرفض
الدفع بعدم جواز الاستئناف بوجهيه وبندب مكتب الخبراء لمعاينة أعيان النزاع وبيان
تاريخ إنشائها وما إذا كانت قد لحقتها تعديلات جوهرية أم لا، وبعد أن قدم الخبير
تقريره حكمت المحكمة في 14/ 3/ 1972 بإلغاء الأحكام ورفض الدعاوى. طعن الطاعنون في
هذا الحكم وفي حكم 18/ 2/ 1969 بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي
برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر،
وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون،
وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا بعدم جواز الاستئناف على أساسين: أولهما - أن
الخلاف بين الطرفين يدور حول تحديد الأجرة وهو بهذه المثابة خاضع لأحكام المرسوم
بقانون رقم 121 لسنة 1947 فيكون الحكم الصادر غير قابل لأي طعن أياً كان القانون
الذي يحدد الأجرة غير أن محكمة الاستئناف رأت أن هذه المنازعة وقد طبقت عليها
القانون رقم 46 لسنة 1962 غير الملحق بالقانون رقم 121 لسنة 1947 فيكون الحكم مما
يجوز استئنافه في حين أن محكمة الدرجة الأولى وقفت عند حد اعتماد القرارات
الإدارية الصادرة من لجان التقدير مقررة أنها لا تملك مناقشتها وبهذا عادت
بالدعاوى إلى طبيعتها القانونية من حيث كونها دعاوى تحديد أجرة منصوصاً عليها في
القانون رقم 121 لسنة 1947، والأساس الثاني - أن قيمة كل دعوى لا تجاوز النصاب
الانتهائي للمحكمة الابتدائية سواء بتقدير الطاعنين أو المطعون عليهما إذ تقدر بمجموع
المقابل النقدي عن مدته كلها، غير أن محكمة الاستئناف اعتبرت الدعاوى غير مقدرة
القيمة مع أن النزاع يدور حول مبلغ من النقود معلوم، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في
تطبيق القانون في الأساسين.
وحيث إن هذا النعي مردود
في شقه الأول بأنه لما كان يشترط لاعتبار الحكم غير قابل لأي طعن طبقاً للفقرة
الرابعة من المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون - وعلى ما
استقر عليه قضاء هذه المحكمة - صادراً في منازعة إيجارية يستلزم الفصل فيها تطبيق
حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي فإن لم يتوافر هذا الشرط فإن الحكم يخضع
بالنسبة لقابليته للطعن للقواعد العامة الواردة في قانون المرافعات، وكان مقطع
الفصل في التداعي الماثل قد انحصر أساساً فيما إذا كانت أعيان النزاع محكومة
بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 استناداً إلى خضوعها
للقانون رقم 46 لسنة 1962 أو بالفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 7
لسنة 1965، وكانت المنازعات الناشئة عن تطبيق القانونين رقمي 46 لسنة 1962 و7 لسنة
1965 لا تعتبر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - منازعات إيجارية لأن كلاً
منهما لم يدمج في قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 بل بقيت أحكامها خارجة
عنه مستقلة بذاتها فإن الأحكام الابتدائية الصادرة بالتطبيق لأحكام ذينك القانونين
تكون خاضعة للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيها، لأن العبرة في تكييف المنازعة
بأنها منازعة إيجارية ليست بتكييف الخصوم بل بما تقضي به المحكمة وإذ انتهى الحكم
إلى هذا النظر فإن النعي عليه يكون في غير محله. والنعي مردود في شقه الثاني، بأنه
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لما كان الثابت أن النزاع يدور حول تحديد
الأجرة القانونية للعين المؤجرة، وكان الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى المقرر
قانوناً يعتبر باطلاً، وكانت المادة 38/ 1 من قانون المرافعات السابق - الذي صدرت
الأحكام الابتدائية في ظله - تقضي بتقدير قيمة الدعوى بصحة الإيجار، باعتبار مجموع
الأجرة عن مدته كلها، وكانت عقود الإيجار موضوع النزاع قد امتدت تلقائياً - بعد
انتهاء مدتها المنصوص عليها فيها - إلى مدة غير محدودة طبقاً لأحكام قانون إيجار
الأماكن فإن مجموع الأجرة لهذه المدة لا يكون محدداً، وتكون الدعاوى غير قابلة
لتقدير قيمتها، وبالتالي تعتبر قيمتها زائدة عن مائتين وخمسين جنيهاً في معنى
المادة 44 من تقنين المرافعات السابق وتكون الأحكام الصادرة فيها جائزاً
استئنافها، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي يكون على غير
أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وقصور التسبيب، وفي بيان ذلك
يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن أعيان النزاع حددت أجرتها لجان التقدير
المنصوص عليها في القانون رقم 46 لسنة 1962 باعتبارها منشأة في سنة 1964،
وقراراتها ملزمة للمالك والمستأجر ولا يحول صدور القانون رقم 7 لسنة 1965 دون
الطعن عليها أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة طالما انصب نعى المطعون عليهما
على خروج هذه اللجان عن حدود اختصاصها، وما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في حكمها
المؤرخ 18/ 2/ 1969 من أن إقرارات لجنة تقدير الإيجارات قد انتهى أثرها بصدور
القانون رقم 7 لسنة 1965، قولاً بأنه ليس لها حصانة كافية وأصبح من المتعذر على
ذوي الشأن التظلم منها تبعاً لأنها لم تكن قد صارت نهائية عند صدوره مردود بأن
القانون رقم 7 لسنة 1965 لم ينص على إلغاء قرارات اللجان ولم يأمر بحلها وفقاً
للتفسير التشريعي رقم 8 لسنة 1965 وإذ لم يوضح الحكم ما يعنيه بانحسار الحصانة عن
هذه القرارات فإنه بالإضافة إلى مخالفته القانون يكون قد عاره القصور.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965
في شأن تخفيض أجرة الأماكن والمعمول به في 22/ 2/ 1965 على أنه "تخفض بنسبة
35% الأجور المتعاقد عليها للأماكن الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 والتي
لم يكن قد تم تقدير قيمتها الإيجارية طبقاً لأحكام هذا القانون تقديراً نهائياً
غير قابل للطعن فيه". يدل على أنه وإن كان القانون رقم 46 لسنة 1962 قد ناط
باللجان المشكلة طبقاً لأحكامه تحديد أجور الأماكن الخاضعة له، إلا أنه بالنظر لما
لمسه المشرع - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - من بطء عمل هذه اللجان مما أدى
إلى مغالاة الكثير من الملاك في تقدير الأجرة واستمرار المستأجرين في دفع الأجرة
المرتفعة وقتاً طويلاً حتى تنتهي اللجان من عملها قد استهدف تلافي عيوب التطبيق
العملي لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 فنص على أن يكون تحديد الأجرة القانونية
لهذه الأماكن على أساس الأجرة المتعاقد عليها مخفضة بمعدل خمسة وثلاثون في المائة،
بالنسبة للحالات التي ما زالت قائمة في تاريخ صدوره سواء أمام لجان التقدير أو
أمام مجالس المراجعة والتي لم يصدر في شأنها تقدير نهائي غير قابل للطعن، على أن
يقوم هذا التحديد الحكمي، مقام تقدير اللجان ويكون له أثر رجعي من بدء التعاقد،
مما مفاده أن القرارات غير النهائية للجان التقدير التي أدركها القانون رقم 7 لسنة
1965 تضحى، غير ذات موضوع وعديمة الأثر فلا يتعلق بها أي حق للمؤجر أو المستأجر يمكن
بموجبه تحديد المراكز القانونية بينهما، وبالتالي فلا يسوغ القول بإمكان الطعن
عليها أو التظلم منها بأي سبيل، على أن ذلك لا يخل بداهة بحق طرفي النزاع في
اللجوء إلى المحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى
بنص خاص للمناضلة في صحة إعمال أحكام القانون رقم 7 لسنة 1965 وفي مدى انطباقه على
عين النزاع، لما كان ذلك وكان مؤدى ما تقضي به المادة الثانية من التفسير التشريعي
رقم 9 لسنة 1965 الذي أصدرته اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا اختصاص للجان تقدير الإيجارات بتحديد أجرة
الأماكن المتعاقد عليها قبل 22/ 2/ 1965 متى كان المؤجر قد أخطر عنها تلك اللجان
أو ثبت أن الأماكن المؤجرة قد شغلت قبل هذا التاريخ، وكان البين من الأوراق أن
الشقق موضوع الخصومة أبرمت عقود إيجارها في 14/ 4/ 1964 و25/ 4/ 1964 وأن اللجنة
أخطرت الطاعنين بتقديراتها في 9، 10، 15، 24/ 2/ 1965 بما يشير إلى أن الإخطار عن
الأعيان المؤجرة تم في تاريخ سابق على 22/ 2/ 1965 الذي جعل منه التفسير التشريعي
فيصلاً لاختصاص اللجان، فإن القرارات الصادرة تكون خارجة عن حدود الولاية التي خولها
الشارع للجان تقدير الإيجارات. فلا تكون لها أية حجية وتعتبر كأن لم تكن بحيث تكون
للمحكمة ذات الولاية إذا ما رفع إليها النزاع أن تنظر فيه كأن لم يسبق عرضه عليها،
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة وقرر
أن هذه القرارات ليست لها حصانة ويتعين إطراحها دون مناقشتها فإن النعي عليه
بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بثالث
أسباب الطعن بالخطأ في تطبيق القانون وفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق،
وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 14/ 3/ 1972 اعتمد
تقرير الخبير الذي انتهى إلى أن التعديلات التي تمت بشقق النزاع لا تعد تعديلات
جوهرية إذا قورنت قيمتها بقيمة الشقق موضوعها وإن كانت قد أوجدت شققاً منفصلة لم
تكن موجودة قبل إجرائها في حين أن هذا التقرير أثبت أن الطابق الثامن الكائنة به
شقق النزاع كان وحدة واحدة مفتوحة على بعضها تستعمل فندقاً منذ سنة 1959 يصلها سلم
بالسطح المستخدم كمقهى، وأن المطعون عليهما قاما في شهر يوليو سنة 1964 بإزالة
السلم وقسما المساحة إلى أربع شقق مستقلة لم تكن موجودة من قبل، وهي تعديلات
جوهرية عبرت من معالم العقار وطريقة استعماله مما يجعل نتيجة التقرير مخالفة
لمقدماته وغير مبررة بالتعليل الذي ساقه الخبير قولاً منه بأن التعديلات بسيطة
الأمر الذي يخالف حكم الفقرة/ جـ من المادة الثالثة من القانون رقم 56 لسنة 1954
والتي وضعت معياراً للتعديلات الجوهرية قوامه تغيير المعالم أو تغيير كيفية
الاستعمال وقد توافرا، وإذ ثبت أن الشقق لم تكن موجودة قبل سنة 1964 فإنها تخضع
للقانون رقم 46 لسنة 1962 الذي أنشئت في ظله ويسري عليها بالتالي المادة الثانية
من القانون رقم 7 لسنة 1965، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد
في الاستدلال، هذا إلى أن الأوراق خالية مما يفيد أن الشقق كانت قبل تأجيرها
فندقاً منفصلة عدلت إلى دور واحد ثم ردت إلى أصلها مستغلة الأمر الذي يخالف الثابت
فيها.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أنه يبين من أسباب الحكم المشار إليه بسبب النعي أنه أقام قضاءه
باعتباره التعديلات التي أجريت بالطابق الكائنة به شقق النزاع غير جوهرية وأنها لا
تخضع بالتالي لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 على قوله... وحيث إنه لا جدال بين
الطرفين في أن الدور الكائنة به شقق النزاع قد أنشئ في سنة 1959 إنما انحصر النزاع
في وصف التعديلات التي أجريت فيها عام 1964 بأنها جوهرية أو غير جوهرية. وحيث إنه
في هذا الصدد فإن الثابت بالصحيفة رقم 3 من تقرير الخبير أن التقسيم المعماري لشقق
النزاع كان مماثلاً لباقي الأدوار السفلية فيما عدا أنه كان مستعملاً كفندق، فكانت
الصالات الأربع مفتوحة على بعضها، كما كان يوجد سلم بهذه الصالة الكبيرة يوصل إلى
السطح المستخدم كمقهى "روف"، وبعد إخلاء هذا الدور قام الملاك في شهر
يوليو سنة 1964 بإزالة السلم وقسمة الصالة إلى أربع صالات مماثلة للموجودة أسفل
منها وتركيب أربع أبواب للشقق المستجدة وقاموا بتأجيرها للمستأنف عليهم وأن هذه
الفتحة كانت هي حاصل ما أجري في الشقق الأربع مع وصف بعض تجديد في بلاط الشقق.
وحيث إن الواضح مما تقدم أن التعديلات التي أجريت في شقق النزاع تنحصر في حقيقتها
في ردها إلى الحالة التي كانت عليها وقت إنشاء العقار وقبل تأجيرها كفندق، وذلك بمجرد
إقامة حوائط داخلية تفصل كلاً منها عن الأخرى ويمنع الاتصال الذي كان قائماً بين
إحداها وبين سطح المبنى. وحيث إن هذه التعديلات وإن غيرت كيفية الاستعمال من فندق
إلى شقق مستقلة إلا أنها لم تعدل تعديلاً جوهرياً في معالمها يؤدي إلى التأثير على
قيمتها الإيجارية تأثيراً محسوساً بل إن الظاهر أن ما أدى إليه هذا التعديل هو
إنقاص الأجرة التي كانت محددة للفندق بعد تخفيضات القانونين رقم 168، 169 سنة 1961
من 46 ج و880 م إلى 41 ج و600 م هو مجموع أجرة الشقق الأربع كما جاء بأقوال
المستأنفين وطبقاً لعقود الإيجار المقدمة منهم، ومن ثم فإن هذه التعديلات تكون غير
جوهرية بحسب وضعها وبحسب ما أدت إليه" وهي تقريرات تستقل بها محكمة الموضوع
ما دام استخلاصها سائغاً وله سنده من الأوراق، لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة
(حـ) من المادة الثالثة من القانون رقم 56 لسنة 1954 معدلة بالقانون رقم 549 لسنة
1955 على أن "تحصر العقارات المنصوص عنها في المادة الأولى حصراً عاماً كل
عشر سنوات ومع ذلك فتحصر في كل سنة ما يأتي... (ج) العقارات التي حدثت في أجزائها
أو في بعضها تعديلات غيرت من معالمها أو من كيفية استعمالها بحيث تؤثر على قيمتها
الإيجارية تأثيراً محسوساً يدل على أن المشرع وهو بصدد تقدير الضريبة العقارية عرف
التعديلات الجوهرية بأنها تلك التي يكون من شأنها التغيير من معالم العقارات أو من
كيفية استعمالها بحيث تغير من قيمتها الإيجارية تغييراً محسوساً، وهي مسألة
موضوعية أيضاً تترك لظروف كل حالة على حدتها، ولئن كان لكل قانون مجاله الذي يحكم
الوقائع المنطبقة عليه، إلا أنه ليس ثمت ما يمنع من الاستئناس بالمعايير التي
وضعها ذلك النص لبيان المقصود بالتعديلات الجوهرية في المكان المؤجر اعتباراً بأن
استكفاه طبيعة التعديلات في العقار سيترتب عليه تعديل الأجرة وتعديل الضريبة
العقارية في وقت معاً، وإذ كان البين أن الحكم عنى بإبراز أن ذلك التغيير لم يكن
مؤثر في النزاع الحالي لنقص أجرة أعيان النزاع عما كانت عليه أجرة الدور الكائن هي
به قبل استحداثها فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في
الاستدلال لا محل له. لما كان ما تقدم، وكان لا يعيب الحكم ما تزيد فيه من أن
أعيان النزاع كانت مهيئة شققاً منفصلة منذ بدء إنشائها لأنه لا يعدو كونه
استطراداً يستقيم الحكم بدونه، ويكون النعي بمخالفة الثابت بالأوراق لا جدوى منه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن برمته.
(1) نقض 17/ 2/ 1973 مجموعة
المكتب الفني السنة 24 ص 274.
(2) نقض 27/ 3/ 1973 مجموعة
المكتب الفني السنة 24 ص 490.
(3) نقض 18/ 1/ 1972 مجموعة
المكتب الفني السنة 23 ص 50.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق