الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 أكتوبر 2020

الطعن 20 لسنة 46 ق جلسة 14 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 أحوال شخصية ق 308 ص 1804

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود رئيسا وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، ومحمد الباجورى، صلاح نصار، وإبراهيم فراج.

------------------

(308)
الطعن رقم 20 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1،  ( 2 أحوال شخصية "الطلاق".
 (1)حق الزوجة في طلب التفريق للعيب المستحكم في الزوج. شرطه. جواز الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى الضرر.
 (2)طلب الزوجة التطليق بسبب عته الزوج. وجوب أمهال المحكمة للزوج مدة سنة لأمكان معاشرة زوجته. بدء سريان السنة من يوم الخصومة ألا في حالات معينة لا يقدح في ذلك عجز الزوج عن مباشرة زوجته مدة أكثر من سنة قبل رفع الدعوى.

----------------
1 - مفاد نص المادتين التاسعة والحادية عشر من القانون رقم 25 لسنة 1920 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى معها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وأنه توسع في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاًَ الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، كل ذلك شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة. ولما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبى حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقريان الرجل لأهله وهى عيوب العته والخصاء، وباق الحكم فيه وفقة وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان ما نصت عليه المادة 11 سالفة الذكر من الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء يقصد به تعرف العيب وما إذا كان متحققاً فيه الأوصاف التي أشارت إليها، ومدى الضرر المتوقع من المرض وإمكان البرء منه والمدة التي يتسنى فيها ذلك، وما إذا كان مسوغاً لطلب التطليق أو لا.
2 - إذ كان القانون رقم 25 لسنة 1920 قد سكت عن التعرض للإجراء الواجب على القاضي اتباعه للوصول إلى الحكم بالفرقة، فلم يعين الزمن الطويل الذى لا يمكن بعد فواته البرء من المرض أو يرتبه على تقارير أهل الخبرة من الأطباء بعد ثبوت وجود العنه من الحكم بالفرقة في الحال أو بعد التأجيل مما يوجب الأخذ بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة طبقاً للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وأنه لم يستطع مباشرتها بسبب هذا العيب وثبت أنها لازالت بكراً وأنه لم يصل إليها فيؤجله القاضي سنة ليبين بمرور الفصول الأربعة المختلفة ما إذا كان عجزه عن مباشرة النساء لعارض يزول أو لعيب مستحكم، وبدء السنة من يوم الخصومة إلا إذا كان الزوج مريضاً أو به مانع شرعي أو طبيعي كالإحرام والمرض فتبدأ حين زوال المانع، ولا يحسب في هذه السنة أيام غيبتها أو مرضها أو مرضه إن كان مرضاً لا يستطاع معه الوقاع، فإن مضت السنة وعادت الزوجة إلى القاضي مصرة على طلبها لأنه لم يصل إليها طلقت منه، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تبين من تقرير الطب الشرعي أن المطعون عليها مازالت بكراً تحتفظ بمظاهر العذرية التي ينتفى معها القول بحدوث مباشرة، وأن الطاعن وإن خلا من أسباب العنه العضوية الدائمة إلا أن ما به عيب قد يكون ناتجاً عن عوامل نفسية، وعندئذ تكون عنته مؤقتة يمكن زوالها بزوال بواعثها مما يمهد للشفاء واسترجاع القدرة على الجماع، فإن الحكم إذ قضى بالتفريق على سند من ثبوت قيام العنه النفسية به دون إمهال، يكون قد خالف القانون. لا يشفع في ذلك تقريره أن عجز الطاعن عن الوصول إلى زوجته المطعون عليها استمر لأكثر من سنة قبل رفع الدعوى لأن مناط تحقق عيب العنه المسوغ للفرقة عند الحنفية ليس بمجرد ثبوت عجز الزوج عن الوصول إلى زوجته بل استمرار هذا العجز طيلة السنة التي يؤجل القاضي الدعوى إليها وبالشروط السابق الإشارة إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 331 سنة 1973 أحوال شخصية نفس أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة، وقالت بياناً لدعواها أنها تزوجته بعقد شرعي صحيح وثق في 13/ 7/ 1970 وأقامت معه في منزل الزوجية منذ العقد حتى 5/ 6/ 1973، ورغم انقضاء هذه المدة فإنها لا تزال بكراً بسبب عدم قدرة الطاعن على الدخول بها لأن به عنه تجعله غير قادر على مباشرة النساء ولا أمل في شفائه منها. وإذ كانت شابة وتخشى على نفسها من الفتنة وقد امتنع الطاعن عن تطليقها ظلما وعنادا فقد أقامت الدعوى وبتاريخ 17/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بندب مصلحة الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على الطاعن لبيان حالته الصحية، وما إذا كانت لديه قدرة على مباشرة النساء من عدمه، ولتوقيع الكشف الطبي على المطعون عليها لبيان ما إذا كان لا تزال بكراً من عدمه وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره عادت وحكمت بتاريخ 23/ 3/ 1975 بتطليق المطعون عليها من الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 59 لسنة92 ق أحوال شخصية القاهرة طالباً إلغاؤه ورفض الدعوى. وبتاريخ 4/ 4/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول إن المقرر قانوناً أن الجب يثبت بكافة طرق الإثبات، أما العنه والخصاء فإنه لا يقضى بالتفريق فيها بمجرد طلب الزوجة، بل لابد من تأجيلها سنة قمرية لاحتمال أن يكون عدم وصول الزوج إليها يرجح زوالها. وإذ كانت محكمة الموضوع قد رفضت إعطاءه سنة قمرية كاملة لمعاشرتها معاشرة زوجية قبل القضاء بالتفريق تأسيساً على أنه لا جدوى من الإمهال لاستحالة وصول الطاعن لها رغم أن تقرير الطب الشرعي يؤكد صلاحيته لمباشرة النساء فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 120 بشأن أحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية على أن " للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه بعد زمن طويل لا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجزام والبرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث ذلك بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها فلا يجوز التفريق" ، وفى المادة الحادية عشرة على أن " يستعان بأهل الخبرة في العيوب التي يطلب فسخ الزواج من أجلها" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الزوج إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى لها الإقامة معه إلا بضرر شديد، وأنه توسع في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر مخولاًَ الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، كل ذلك شريطة ألا تكون الزوجة قد رضيت بالزوج مع علمها بعيبه صراحة أو دلالة. ولما كانت المذكرة الإيضاحية للقانون قد أوضحت أن التفريق للعيب في الرجل قسمان قسم كان معمولاً به بمقتضى مذهب أبى حنيفة وهو التفريق للعيوب التي تتصل بقريان الرجل لأهله وهى عيوب العنه والخصاء، وباق الحكم فيه وفقة، وقسم جاء به القانون وزاده على ما كان معمولاً به وهو التفريق لكل عيب مستحكم لا تعيش الزوجة معه إلا بضرر، وكان ما نصت عليه المادة 11 سالفة الذكر من الاستعانة بأهل الخبرة من الأطباء يقصد به تعرف العيب وما إذا كان متحققاً فيه الأوصاف التي أشارت إليها، ومدى الضرر المتوقع من المرض وإمكان البرء منه والمدة التي يسنى فيها ذلك، وما إذا كان مسوغاً لطلب التطليق أولا، وكان القانون رقم 25 لسنة 1920 قد سكت عن التعرض للإجراء الواجب على القاضي اتباعه للوصول إلى الحكم بالفرقة، فلم يعين الزمن الطويل الذى لا يمكن بعد فواته البرء من المرض أو يبين ما يرتبه على تقارير أهل الخبرة من الأطباء بعد ثبوت وجود العنه من الحكم بالفرقة في الحال أو بعد التأجيل مما يوجب الأخذ بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة طبقاً للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، لما كان ذلك وكان المقرر في هذا المذهب أنه إذا أدعت الزوجة على زوجها أنه عنين وأنه لم يستطع معاشرتها بسبب هذا العيب وثبت أنها لازالت بكراً، وأنه لم يصل إليها، فيؤجله القاضي سنة ليبين بمرور الفصول الأربعة المختلفة ما إذا كان عجزه عن مباشرة النساء لعارض يزول أو لعيب مستحكم، وبدء السنة من يوم الخصومة إلا إذا كان الزوج مريضاً أو به مانع شرعي أو طبيعي كالإحرام والمرض فتبدأ حين زوال المانع، ولا يحسب في هذه السنة أيام غيبتها أو مرضها أو مرضه إن كان مرضاً لا يستطاع معه الوقاع فإن مضت السنة وعادت الزوجة إلى القاضي مصرة على طلبها لأنه لم يصل إليها طلقت منه، لما كان ما تقدم وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه تبين من تقرير الطب الشرعى أن المطعون عليها مازالت بكراً تحتفظ بمظاهر العذرية التي ينتفى معها القول بحدوث مباشرة، وأن الطاعن وإن خلا من أسباب العنه العضوية الدائمة إلا أن ما به من عيب قد يكون ناتجاً عن عوامل نفسية، وعندئذ تكون عنته مؤقتة يمكن زوالها بزوال بواعثها مما يمهد للشفاء واسترجاع القدرة على الجماع، فإن الحكم إذ قضى بالتفريق على سند من ثبوت قيام العنه النفسية به دون إمهال، يكون قد خالف القانون. لا يشفع في ذلك تقريره أن عجز الطاعن عن الوصول إلى زوجته المطعون عليها استمر لأكثر من سنة قبل رفع الدعوى، لأن مناط تحقق عيب العنه المسوغ للفرقة عند الحنفية ليس بمجرد ثبوت عجز الزوج عن الوصول إلى زوجته بل استمرار هذا العجز طيلة السنة التي يؤجل القاضي الدعوى إليها وبالشروط السابق الإشارة إليها ومن ثم يتعين نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المحكمة وإن كانت قد انتهت - التزاما منها بأداء مهمتها رقابة التطبيق القانوني الصحيح - إلى وجوب الاعتداد بفترة الإمهال أخذا بالراجح في مذهب أبى حنيفة تطبيقاً للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أبقى عليها القانون رقم 462 لسنة 1955، إلا أنه استكمالاً لأداء رسالتها إلا أن تعاود الإشارة إلى أن الإمهال لا موجب له في خصوص العنه طبقاً لبعض المذاهب الأخرى وفى رأى بعض الفقهاء المحدثين وألا أن تكرر الإهابة بالمشرع إلى إصدار تشريع ينص فيه على الإحكام الموضوعية لكل مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، غير متقيدة في ذلك بمذهب معين، بحيث يكون الحكم الذى يؤثره المشرع هو الذى يتفق مع تطور الحياة الاجتماعية، ومع الاستقرار المنشود للأسرة المصرية، وفى يقين هذه المحكمة أن الشريعة الإسلامية الغراء تأبى الجمود، ويستعصى على التخلف والركود، وتقتضى مرونتها أن تستجيب للحياة ما بقيت أو تغيرت تلك الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق