جلسة 7 من مارس سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة
المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام،
ومحمد أبو الفضل حفني.
----------------
(69)
الطعن
رقم 1988 لسنة 36 القضائية
(أ) قانون. " قانون أصلح ". قرارات وزارية. خبز. تموين.
تغاير أوزان الخبز على
توالي القرارات الوزارية الصادرة بتحديده لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم،
ما دامت جميعها متفقة على تحديد وزن للرغيف وتأثيم إنقاصه عن الوزن المقرر.
(ب) خبز. تموين. جريمة. " أركانها ".
جريمة إنتاج خبز ناقص
الوزن. عدم تطلبها قصدا جنائيا خاصا. قيامها بمجرد إنتاج الخبز مهما ضوئل مقدار
النقص فيه.
(ج) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". دفاع. "
الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ".
إجابة طلب التأجيل للاستعداد.
من إطلاقات محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد عليه صراحة في حكمها.
----------------
1 - إن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم
ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه.
وهذا هو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن
يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها. وما أوردته المادة
المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه: " ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل
وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره " إنما هو
استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجودا وعدما مع العلة التي
دعت إلى تقريره، لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد
الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه. ولما كان التأثيم في جريمة إنتاج خبز ناقص يكمن
أساسا في مخالفة أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الرغيف، وكانت القرارات
التموينية التي تحدد تلك الأوزان إنما تخضع لاعتبارات اقتصادية بحت لا تتصل بمصلحة
منتجي الخبز في شيء ولا تعدو أن تكون من قبيل التنظيمات التي تمليها تلك الظروف في
غير مساس بقاعدة التجريم أو العناصر القانونية للجريمة.
ومن ثم فإن تغاير أوزان
الخبز على توالي القرارات الوزارية الصادرة بتحديده لا يتحقق به معنى القانون
الأصلح للمتهم ما دامت جميعها متفقة على تحديد وزن للرغيف وتأثيم انقاصه عن الوزن
المقرر، ويكون المرجع في تحديد وزن الرغيف إلى القرار الساري وقت إنتاجه ناقصا دون
أن يدفع عنه صفة الجريمة ما يصدر بعده من قرارات بإنقاص وزنه (1) .
2 - إن جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن تتوافر قانونا بمجرد إنتاجه
كذلك مهما ضوئل مقدار النقص فيه، ولا تتطلب قصدا جنائيا خاصا.
3 - إجابة طلب التأجيل للاستعداد أو عدم إجابته من إطلاقات محكمة
الموضوع لا تلتزم بالرد عليه صراحة في حكمها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8 يوليه سنة 1965 بدائرة
مركز بركة السبع محافظة المنوفية: بصفته صاحب مخبز أنتج خبزا طريا يقل وزنه عن
المقرر قانونا. وطلبت عقابه بالمواد 1 و24 و38/ 3 من قرار وزير التموين رقم 90
لسنة 1957 المعدل بالقرار رقم 19 لسنة 1959 والمواد 56 و58 من القانون رقم 95 لسنة
1945. ومحكمة بركة السبع الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 13 فبراير سنة 1966 عملا بمواد
الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وكفالة 20 ج لوقف تنفيذ
عقوبة الحبس. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة شبين
الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 21 مارس سنة 1966 حضوريا بإجماع
الآراء بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف
والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه في جريمة
إنتاج خبز ناقص الوزن قد شابه القصور في التسبيب وبني على الإخلال بحقه في الدفاع
وعابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه خلا من بيان القصد الجنائي الخاص في تلك
الجريمة وقد كانت نسبة النقص في وزن الخبز ضئيلة مرجعها تساقط كمية من "
الردة " العالقة به أثناء نقله وتفريغه. كما أن المدافع عن الطاعن طلب إلى
المحكمة الاستئنافية التأجيل للاطلاع والاستعداد بالنظر إلى أنه خلاف المحامي الذي
حضر عنه أمام محكمة أول درجة ولتأخر ورود مفردات الدعوى وضرورة مناقشة الشاهد الذي
سمع لأول مرة أمامها إلا أن المحكمة رفضت طلبة دون إبداء العلة. هذا إلى أنه قد
صدر بعد واقعة الدعوى وقبل الحكم فيها القرار رقم 282 لسنة 1965 في 6 من ديسمبر
سنة 1965 الذي أنقص وزن الخبز بما يعتبر به أصلح للمتهم، فكان يتعين تبرئة الطاعن
إعمالا للمادة الخامسة من قانون العقوبات، أما والحكم قضى بما يخالف ذلك، فإنه
يكون واجب النقض.
وحيث إن جريمة إنتاج خبز
ناقص الوزن تتوافر قانونا بمجرد إنتاجه كذلك مهما ضوئل مقدار النقص فيه، ولا تتطلب
قصدا جنائيا خاصا. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تلك العناصر في حق الطاعن
مما يتضمن إطراحا لما تعلل به في هذا الخصوص. وكان المدافع عن الطاعن قد طلب إلى
المحكمة الاستئنافية التأجيل للاطلاع والاستعداد دون بيان العلة في طلبه مما
استحدثه في طعنه. وكانت إجابة طلب التأجيل للاستعداد أو عدم إجابته من إطلاقات
محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد عليه صراحة في حكمها. ولما كان مقتضى قاعدة شرعية
الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه
القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه. وهذا هو ما قننته الفقرة الأولى من المادة
الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول
به وقت ارتكابها. ولما كان ما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من
أنه " ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل، وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح
للمتهم، فهو الذي يتبع دون غيره ". إنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في
تفسيره بالتضييق ويدور وجودا وعدما مع العلة التي دعت إلى تقريره، لأن المرجع في
فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه.
لما كان ذلك، وكان التأثيم في جريمة إنتاج خبز ناقص الوزن يكمن أساسا في مخالفة
أمر الشارع بالتزام أوزان معينة في إنتاج الرغيف. وكانت القرارات التموينية التي
تحدد تلك الأوزان إنما تخضع لاعتبارات اقتصادية بحت لا تتصل بمصلحة منتجي الخبز في
شيء ولا تعدو أن تكون من قبيل التنظيمات التي تمليها تلك الظروف في غير مساس
بقاعدة التجريم أو العناصر القانونية للجريمة، ومن ثم فإن تغاير أوزان الخبز على
توالي القرارات الوزارية الصادرة بتحديده لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم
ما دامت جميعها متفقة على تحديد وزن للرغيف وتأثيم إنقاصه عن الوزن المقرر، ويكون
المرجع في تحديد وزن الرغيف إلى القرار الساري وقت إنتاجه ناقصا دون أن يدفع عنه
صفة الجريمة ما يصدر بعده من قرارات بإنقاص وزنه. لما كان ذلك، فإن إنقاص وزن
الخبز بصدور قرار وزير التموين رقم 282 لسنة 1965 في 6 من ديسمبر سنة 1965 لا
يتحقق فيه معنى القانون الأصلح في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان
ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.
(1)هذا المبدأ مقرر أيضا في
الطعن رقم 109 لسنة 37 ق جلسة 7/ 3/ 1967 والطعن رقم 324 لسنة 36 ق جلسة 31/ 5/
1966 س 17 ع 2 ص 732.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق