الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 أكتوبر 2020

الطعن 1876 لسنة 36 ق جلسة 27 / 3 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 81 ص 430

جلسة 27 من مارس سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.

---------------

(81)
الطعن رقم 1876 لسنة 36 القضائية

(أ , ب، ج) تزييف. موانع العقاب. مسئولية جنائية .
(أ) شرط تطبيق الفقرة الأولى من المادة 205 عقوبات: صدور الإخبار قبل الشروع في التحقيق.
)ب) شرط انطباق الفقرة الثانية من المادة المذكورة: تمكين إخبار الجاني السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة.
)ج) الفصل في أمر تسهيل القبض على باقي الجناة. موضوعي.

-------------
1 - تشترط الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 للإعفاء من العقاب صدور الإخبار قبل الشروع في التحقيق.
2  - إنه وإن لم تستلزم الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة - المبادرة بالإخبار، إلا أن القانون اشترط - في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار - أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثله لها في النوع والخطورة. فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة، فإذا كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير ذلك الطريق فلا إعفاء.
3 - من المقرر أن الفصل في أمر تسهيل القبض على باقي الجناه هو من خصائص قاضي الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ما دام يقيمه على أسباب تسوغه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 25 فبراير سنة 1962 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: (أولا) المتهمين الأربعة: زيفوا بطريق الاصطناع عملات معدنية من المتداولة قانونا في الجمهورية العربية المتحدة بأن اصطنعوا بطريق الصب قطعا معدنية (خمسين قطعة) من فئة العشرة قروش على غرار العملات الصحيحة (ثانيا) المتهمين الثاني والثالث: روجا قطعا معدنية مزيفة (السالفة الذكر) مع علمهم بتزييفها بأن دفعوا بها إلى التعامل على اعتبار أنها صحيحة (ثالثا) المتهمين الثالث والرابع: حازا بغير مسوغ أدوات وآلات ومعدات مما تستعمل في تقليد العملة المعدنية وتزيفها. وبتاريخ 12 من أبريل سنة 1964 أحيل المتهمون إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 31 يناير سنة 1966 عملا بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية عن تهمة الترويج المسندة إلى المتهمين الثاني والثالث والمادة 204 مكررا من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثالث والرابع والمادة 202/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين جميعا مع تطبيق المواد 17 و30 و32 من قانون العقوبات: (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الأربعة بالحبس مع الشغل سنتين ومصادرة جميع المضبوطات (ثانيا) ببراءة كل من المتهمين الثاني والثالث من تهمة الترويج المسندة إليهما. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

(أولا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الأول سمير بخيت عزازي. حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن المشار إليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة تزييف عملة معدنية متداولة قانون في الجمهورية العربية المتحدة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب لأن إخباره السلطات عن باقي الجناة قد مكنها من القبض عليهم، إلا أن الحكم أطرح ذلك الدفاع بأسباب غير سائغة استنادا إلى أن القبض على أولئك الجناة إنما تم بإرشاد شاهد الإثبات حسين الهواري، مع أن إرشاده عن منزل المتهم الثالث في الدعوى لم يسفر عن ضبط شيء من أدوات الجريمة كما أنه أخطا في الإرشاد عن منزل المتهم الرابع وقد أرشد الطاعن عن مسكنه الصحيح وأسفر ذلك عن ضبط بعض أدوات التزييف عنده، كما أرشد عن المتهم الثاني عند ضبطه بالمحطة، وقدم الطاعن ما كان في حوزته من أدوات استعملت في الجريمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجناية تزييف العملة المعدنية فئة العشرة قروش المتداولة قانونا في البلاد - التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق - عرض لدفاع الطاعن الأول ورد عليه وفنده بقوله: " وحيث إن الدفاع عن المتهم الأول - الطاعن - ذهب إلى أنه يتمتع بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 205 من قانون العقوبات بمقولة إنه أرشد الضابط عن منزل المتهمين الثالث والرابع بعد أن اعترف بالواقعة كما أرشد عن المتهم الثاني وهو يهم بركوب القطار " وحيث إنه لما كان الثابت من التحقيق على النحو الذي سلف بيانه في تفصيل واقعة الدعوى أن حسين الهواري أبلغ الشرطة بالواقعة وبأسماء المتهمين القائمين بالتزييف فقام رجال الشرطة بالمراقبة والتحري وانتهى الحال إلى ضبط المتهمين الأمر الذي يقطع بأن أمر المتهمين الثاني والثالث والرابع كان معروفا للسلطات العامة قبل اعتراف المتهم الأول ومن ثم فإن المتهم المذكور لم يبادر بإخبار الحكومة بجناية التزييف قبل الشروع في التحقيق فلا يتمتع بالإعفاء المنصوص عنه في الفقرة الأولى من المادة 205 ع. كما أنه وقد بدأ التحقيق لم يمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة موضوع التحقيق لأن أمر هؤلاء المتهمين كان معروفا لتلك السلطات قبل إدلائه باعترافه وبذلك فإنه لا مجال لإعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 205 سالفة الذكر، ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الدفاع من أن المتهم المذكور أرشد الضابط عن منزلي المتهمين الثالث والرابع ذلك أنه ولئن كان النقيب جميل مصطفي عزيز قد أثبت في محضر التفتيش المحرر في 25 فبراير سنة 1962 أنه صحب المتهم سمير عزازي للإرشاد عن منزل المتهم الرابع محمد مصطفى الجندي كما صحبه عندما توجه إلى منزل المتهم الثالث عزت عشماوي فإن الضابط المذكور كان قد أثبت في محضره المؤرخ 19 فبراير سنة 1962 أن حسين الهواري أرشد عن منزل المتهمين الثالث والرابع لمراقبتهما الأمر الذي يقطع في الدلالة على أن أمر هذين المنزلين كان معلوما للضابط قبل أن يصطحب المتهم الأول إليهما، ويفيد أن اصطحاب المتهم المذكور إنما كان بقصد اتخاذ إجراءات التفتيش في حضور الجميع، أما بالنسبة للمتهم الثاني فقد أثبت الضابط في محضر التفتيش أن المتهم الأول أخبره أنه لا يعرف عنوان منزله كما أثبت في محضره المؤرخ 26 من فبراير سنة 1962 أنه انتقل مع المتهم الأول للإرشاد عن منزل المتهم الثاني ولكنه لم يرشده، وإذا كان الضابط قد أثبت في محضر ضبط المتهم أنه تمكن من ضبطه عند ركوبه القطار من محطة باب اللوق متجها إلى مقر عمله بإرشاد المتهم الأول فإن هذا لا يفيد أن المتهم الأول قد ساهم في ضبط المتهم الثاني لأن الثابت من مطالعة المحضر المحرر بمعرفة النقيب جميل مصطفى عزيز في يوم 19 فبراير سنة 1962 أي قبل اكتشاف الواقعة أنه شاهد شخصا ذكر أوصافه يسير مع المرشد حسين الهواري وعلم من هذا الأخير أنه المتهم الثاني الأمر الذي يفيد أن الضابط عرف المتهم الثاني في هذه المقابلة فلم يكن إذن في حاجة إلى المتهم الأول ليرشده عنه عند ركوبه القطار وأن اصطحابه المتهم الأول في هذا الوقت إنما قصد منه أن يكون حاضرا الضبط لاتخاذ ما يلزم من إجراءات جمع الاستدلالات على الفور، ومن ذلك كله يبين أن المتهم لم يساهم بأي صورة من الصور في تمكين السلطات من التوصل إلى الكشف عن غيره من المتهمين وبذلك لا يكون ثمة مجال لإعمال حكم المادة 205 من قانون العقوبات في شأن المتهم المذكور". وما أورده الحكم فيما تقدم يسوغ ما انتهى إليه من أن أخبار الطاعن كان بعد الشروع في التحقيق ولم يمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة لأن أمرهم كان معروفا لتلك السلطات من قبل بناء على إرشاد المرشد حسين الهواري ومن المراقبة التي قام بها الضابط للمتهمين. ولما كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه بأنه أدلى بإقراره عقب القبض عليه وتفتيشه بإذن من النيابة العامة فقد دل بذلك على صدور الإخبار في الشروع في التحقيق ومن ثم فقد تخلفت مقومات الإعفاء المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 التي تشترط للإعفاء صدور الإخبار قبل الشروع في التحقيق. وإذ لم يخالف الحكم هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون - أما بالنسبة إلى الفقرة الثانية من المادة المشار إليها فإنها وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار،إلا أن القانون اشترط - في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار - أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة. فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة، فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير ذلك الطريق فلا إعفاء. لما كان مؤدى ما حصله الحكم أن الضابط كان قد تمكن من معرفة باقي الجناة والقبض عليهم لا عن طريق الطاعن بل عن طريق المرشد حسين الهواري ومن المراقبة الدقيقة التي قام بها الضابط نفسه وتعرف منها على منزل المتهمين الثالث والرابع ومشاهدة المتهم الثاني وتعرفه على أوصافه التي دونها بالمحضر - كل ذلك من قبل إخبار الطاعن - وقد تمكن بذلك من القبض عليهم، وأن مصاحبة الضابط للطاعن أثناء الضبط لم يقصد به سوى إتمام التفتيش في حضور الجناة جميعا. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما أثبته الحكم من وقائع أو أدلة لها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان من المقرر أن الفصل في أمر تسهيل القبض على باقي الجناة هو من خصائص قاضي الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ما دام يقيمه على أسباب تسوغه، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل، إذ لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول القوة التدليلية للعناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو مجادلتها في شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم فلا يقبل النعي على المحكمة فيما قدرته من أن إخبار الطاعن لم يكن بذاته مؤديا إلى القبض على باقي الجناة ويكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
(ثانيا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الثاني السيد السيد مندور.
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن المذكور هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول في إدانته بجريمة تزييف العملة المعدنية المبينة فيما سلف على أقوال الشاهد حسين الهواري مع أنه لا يبين منها وجه مساهمة الطاعن فيها وقد جاءت نقلا عن المتهمين الأول والثالث ولم يسفر التحقيق عن ضبط شيء من متعلقات الجريمة بحوزته. هذا إلى أن المحكمة لم تحقق دفاعه بأنه كان مريضا في الفترة التي وقع فيها الحادث. كما لم تحقق إنكاره شراء السبيكة - المستعملة في الجريمة - من متجر يوسف حمصي وذلك بسؤال هذا الأخير والتأكد منه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة المحكمة التقديرية في الأخذ بقول شاهد أو قول متهم على آخر متى كانت قد اطمأنت إليها مما لا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها عليه، هذا إلى أن ضبط جسم الجريمة في حوزة المتهم غير لازم لإدانته ما دامت المحكمة قد اقتنعت بإدانته من أدلة الثبوت التي أوردتها المؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المؤسس على مرضه في فترة ارتكاب الحادث وإنكاره شراء السبيكة ورد عليه ردا سائغا أشار به إلى أن فترة مرضه التي قضاها بالمستشفى من 10 إلى 13 فبراير سنة 1962 هي فترة سابقة على الإبلاغ عن الحادث بواسطة المرشد الذي تم في يوم 16 فبراير سنة 1962 وأن مشاهدة الضابط له بصحبة المرشد كانت في يوم 19 منه ولم ينسب المرشد المذكور أو المتهمون الأول والثالث والرابع إلى الطاعن شيئا في الفترة التي قال بمرضه فيها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق