جلسة 28 من ديسمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار أنور خلف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: محمد مصطفى المنفلوطي، وممدوح عطية، وحسن السنباطي، والدكتور بشري رزق
فتيان.
------------------
(320)
الطعن
رقم 157 لسنة 40 القضائية
(1)إثبات "طرق الإثبات" "البينة". نظام عام. نقض.
قواعد الإثبات. لا تتعلق
بالنظام العام. الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير
مقبول.
(2)عمل "عقد العمل".
علاقة العمل. مناط
قيامها. توافر عنصري التبعية والأجر. إحضار العمال بعض الأدوات أو الخامات ودفعهم
أجور مساعديهم. لا ينفي عنصر التبعية ما داموا يخضعون لرقابة رب العمل وإشرافه.
تحديد الأجر بالقطعة لا يغير من طبيعة عقد العمل.
----------------
1 - قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على
مخالفتها صراحة أو ضمناً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد ارتضت حكم
الإحالة على التحقيق ونفذته بإعلان شاهدها وسماعه، ولم تعترض على هذا الحكم حتى
صدر الحكم المطعون فيه، فإن ما تثيره الطاعنة بشأن إقرار المطعون ضده (من أنه دليل
كتابي لا يجوز إثبات عكسه بشهادة الشهود) أياً ما كان وجه الرأي فيه - يكون غير
مقبول.
2 - عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر
وبتوافرهما تقوم علاقة العمل وإذ كان عنصر التبعية - وهو المناط في تكييف عقد
العمل وتميزه عن غيره من العقود - يتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته،
وكان إحضار العمال بعض ما يلزم عملهم من أدوات أو خامات ودفع أجور مساعديهم ليس من
شأنه نفي عنصر تبعيتهم لصاحب العمل ما داموا يخضعون لرقابته وإشرافه، وكان من صور
الأجر تحديده على أساس ما ينتجه العامل دون أن يغير ذلك من طبيعة عقد العمل، فإن
الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بانتفاء علاقة العمل استناداً إلى أن الأجر يدفع
عن القطعة وأن العمال يحضرون بعض ما يلزم صناعة الحذاء من خامات ويدفعون أجور
مساعديهم من الصبية يكون قد شابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام
الدعوى رقم 2226 سنة 1965 مدني كلي القاهرة على الهيئة الطاعنة وانتهى فيها إلى
طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 673 ج و442 م، وقال بياناً لدعواه أنه اشترك
في مؤسسة التأمينات الاجتماعية عن متعهدي صناعة الأحذية لورشته اعتباراً من شهر
فبراير سنة 1959 واستمر في سداد الاشتراكات طبقاً لظروف الإنتاج الذي يقوم به هؤلاء
المتعهدون، ولما كان قد حرر ضده بتاريخ 21/ 5/ 1964 محضر الجنحة رقم 3979 سنة 64
عابدين بتهمتي عدم تحرير عقد عمل وإنشاء ملف لعماله وقضي فيها نهائياً بالبراءة في
12/ 11/ 1964 تأسيساً على أن علاقته بهؤلاء العاملين هي علاقة مقاولة وليست علاقة
عمل، فقد أقام دعواه استناداً إلى هذا الحكم مطالباً باسترداد ما يخصه من المبالغ
التي كان قد سددها للهيئة الطاعنة وهو المبلغ السالف بيانه، وبعد أن قضت المحكمة
بندب خبير حسابي في الدعوى وقدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن عدد العمال
الذين حرر بشأنهم محضر الجنحة رقم 3979 سنة 1964 عابدين هو اثنا عشر عاملاً وأن
حركة العمال كانت متغيرة بحيث استبدل بعضهم بآخرين، حكمت المحكمة في 6/ 11/ 1966
بندب ذات الخبير لبيان العلاقة بين المطعون ضده ومن كانوا يعملون في محله خلال
الفترة من سنة 1959 إلى نهاية سنة 1963 وهل يعتبرون من العمال الذين تسري في شأنهم
أحكام قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، وإذ انتهى الخبير إلى أنها علاقة مقاولة
وليست علاقة عمل، قضت المحكمة في 19/ 5/ 1968 بإلزام الهيئة الطاعنة بأن تدفع إلى
المطعون ضده مبلغ 673 جنيهاً و442 مليماً، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف
القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1452 سنة 85 ق وبتاريخ 4/ 2/ 1969 حكمت المحكمة
بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الهيئة الطاعنة أن العلاقة بين المطعون ضده
وعماله الذين يعملون معه بورشة الأحذية هي علاقة عمل يتوافر فيها التبعية وتقاضى
الأجر ولينفي المطعون ضده ذلك، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 31/ 12/ 1969
بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على غرفة
المشورة فحددت لنظره جلسة 23/ 11/ 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل الوجه
الثاني من السبب الأول من أسباب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان
ذلك تقول الطاعنة أن المطعون ضده أورد في صحيفة دعواه إنه اشترك في مؤسسة
التأمينات الاجتماعية بموجب الاستمارة رقم 2 تأمينات وقد أقر في هذه الاستمارة بأن
علاقته بالصناع الذين يعملون في ورشته هي علاقة عمل، وهو إقرار - وإن كان غير
قضائي - إلا أن له حجيته في الإثبات لوروده في ورقة رسمية، بحيث يعفي الطاعنة من
عبء إثبات علاقة المطعون ضده بالصناع الذين يعملون في ورشته، إلا أن المحكمة
الاستئنافية خالفت القانون بإحالتها الدعوى إلى التحقيق وتطلبها دليلاً على أمر
معترف به وإجازتها إثبات عكس الثابت كتابة بشهادة الشهود.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أنه لما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على
مخالفتها صراحة أو ضمناً، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد ارتضت حكم الإحالة
على التحقيق ونفذته بإعلان شاهدها وسماعه، ولم تعترض على هذا الحكم حتى صدر الحكم
المطعون فيه فإن ما تثيره الطاعنة بشأن إقرار المطعون ضده - أياً ما كان وجه الرأي
فيه - يكون غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ذلك أنه أقام قضاءه باعتبار
العلاقة بين المطعون ضده وعماله علاقة مقاولة وليست علاقة عمل استناداً إلى أنهم
يتقاضون الأجر على القطعة ويحضرون من أموالهم بعض ما يلزم صناعة الأحذية من مسمار
وخيوط وغراء ويستخدمون مساعدين لهم يدفعون لهم أجورهم، وهو ما يعيبه بالفساد في
الاستدلال لأن الأجر بالقطعة مما يجرى به العرف، والاستعانة بمساعدين لا ينفي عن
الصناع صفتهم كما أن إحضار بعض أدوات الصناعة لا يغير من هذه الصفة لأن ما يدفعه
صاحب العمل من أجر يشمل مصاريف هذه التكلفة.
وحيث إن هذا النعي في
محله ذلك أن عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر وبتوفرهما تقوم
علاقة العمل، ولما كان عنصر التبعية - وهو المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن
غيره من العقود - يتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته، وكان إحضار
العمال بعض ما يلزم عملهم من أدوات أو خامات ودفع أجور مساعديهم ليس من شأنه نفي
عنصر تبعيتهم لصاحب العمل ما داموا يخضعون لرقابته وإشرافه، وكان من صور الأجر
تحديده على أساس ما ينتجه العامل دون أن يغير ذلك من طبيعة عقد العمل، فإن الحكم
المطعون فيه إذ أقام قضاءه بانتفاء علاقة العمل استناداً إلى أن الأجر يدفع عن
القطعة وأن العمال يحضرون بعض ما يلزم صناعة الحذاء من خامات ويدفعون أجور
مساعديهم من الصبية، يكون قد شابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه بغير حاجة
إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق