الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

الطعن 11 لسنة 36 ق جلسة 22 /5 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 أحوال شخصية ق 145 ص 975

جلسة 22 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

--------------

(145)
الطعن رقم 11 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) تزوير. "إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير". إثبات. "الادعاء بالتزوير". "طرق الإثبات". "حجية الورقة". "النزول عن التمسك بالورقة".
النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها. اعتبارها غير موجودة وغير منتجة لأثر قانوني.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". أحوال شخصية.
الشهادة على النفي. قبولها. شرطه. مثال.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع". "في تقدير الدليل".
الشهادة "إخبار صادق" في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير ولو بلا دعوى. الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال. سلطة محكمة الموضوع. سبيلها. إعطاء الخصم الحق في إثبات عدم صحة بينة خصمه.

----------------
1 - النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها بجعلها - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - غير موجودة وغير منتجة لأي أثر قانوني  (1) .
2 - المقرر عند الحنفية أن الشهادة على النفي تقبل إن كانت في المعنى شهادة على أمر وجودي كالبنوة.
3 - الشهادة في اصطلاح الفقهاء - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إنما هي إخبار صادق في مجلس الحاكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير ولو بغير دعوى (2) ، وبالقيد الأول يخرج عن نطاقها الإخبار الكاذب وإن لازم هذا أن تكون لقاضي الدعوى سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وسبيله إلى ذلك أنه إذا قدم أحد الخصوم بينة لإثبات واقعة كان للخصم الآخر الحق دائماً في إثبات عدم صحة هذه الواقعة وأن إجماع الفقهاء، على أن القاضي لا يقف عند ظواهر البينات ولا يتقيد بشهادة من تحملوا الشهادة على الحق إذا ثبت له من طريق آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن..... أقام الدعوى رقم 392 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد وزارة الأوقاف يطلب الحكم له عليها باستحقاقه لستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها وقف المرحوم يوسف الدفتردار وتسليمه هذا القدر مع إلزامها بأن تدفع له المتجمد من ريعه، وقال شرحاً لدعواه إن المرحوم يوسف الدفتردار وقف الأعيان المبينة في كتاب وقفه الصادر أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 4 صفر سنة 1074 هـ على نفسه مدة حياته ثم من بعده على ابنته عايدة خاتون ومن سيحدثه الله له من الأولاد وبعد انقراضهم وانقراض ذريتهم يكون للعتقاء وقد توفى الواقف كما توفيت ابنته عايدة عقيماً فآل الاستحقاق إلى سليمان شلبي معتوق الواقف الذي توفى عن ابنه علي الذي أعقب ابنه حسن وقد توفى هذا الأخير عن ابنه رضوان الذي توفى في 14 ذو القعدة سنة 1290 هـ عن بناته الأربع زبيدة وصلوحة وزنوبة وحسنة فآل إلى كل منهن ربع الاستحقاق في الوقف، ثم توفيت صلوحة عن ابنتها ميسر صالح التي آل إليها نصيب أمها ثم توفيت ميسر عن ابنها المدعي، وإذ يستحق ما كانت تستحقه أمه كما تجمد له مبلغ 43 ج و750 م فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وردت وزارة الأوقاف بأن الوقف مرتب الطبقات وآل الاستحقاق فيه إلى بنات رضوان شلبي وأن القسمة نقضت بموت صلوحة رضوان والدة ميسر في سنة 1925 وكان نصيب ميسر ثلاثة قراريط وأن هذه الأخيرة توفيت عقيماً فآل استحقاقها إلى نفيسة سلامة باعتبارها أقرب الطبقات إليها، وطلبت الحكم بعدم سماع الدعوى. وإذ أقيم حسين رمضان مدكور حارساً على الوقف وتدخل خصماً في الدعوى فقد طلبت وزارة الأوقاف إخراجها منها وأجابتها المحكمة إلى طلبها، وفي أثناء نظر الدعوى تدخلت نفيسة سلامة (مورثة المطعون عليهما الثانية (والثالثة) وزبيدة أحمد منصور - (مورثة المطعون عليهن من الرابعة إلى السابعة والمطعون عليها العاشرة) وعزيزة حسن (مورثة المطعون عليها اعتماد وفضل الحريري وسيدة عبد الحليم) ونادية محمود دسوقي، وطلبت نفيسة سلامة الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن الحكم الصادر من محكمة عابدين الشرعية بإثبات وراثة الطاعن لميسر صالح إنما بني على الغش والتواطؤ، كما قرر الحارس على الوقف أنه يطعن بالتزوير في شهادة ميلاده فتنازل الطاعن عن التمسك بها. وبتاريخ 6/ 2/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهم بكافة طرق الإثبات أن حكم محكمة عابدين الشرعية رقم 147 سنة 1953 قد صدر بطريق التواطؤ للوصول إلى وراثة المدعي لميسر صالح وليثبتوا إنها توفيت عقيماً ولينفي المدعي ذلك، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت بتاريخ 28/ 6/ 1959 فحكمت حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. استأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 146 سنة 76 ق كما استأنفته نيابة القاهرة للأحوال الشخصية طالبة وقف السير في الدعوى حتى يفصل في الاستئناف المرفوع عن حكم محكمة عابدين الشرعية بوفاة ميسر ووراثتها وقيد استئنافها برقم 134 سنة 76 ق، وبتاريخ 19/ 3/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بوقف السير في الاستئنافين حتى يفصل نهائياً في حكم محكمة عابدين الشرعية الصادر في القضية رقم 147 سنة 1953 بثبوت وفاة ميسر صالح محمد أغا وانحصار إرثها في ورثتها المبينين به. ثم جدد الطاعن السير في الاستئنافين استناداً إلى أن حكم محكمة عابدين الشرعية أصبح نهائياً، وقدم لمحكمة الاستئناف صورة من حكم صادر بتاريخ 27/ 9/ 1960 من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في الاستئناف رقم 4351 المرفوع ضد ويقضي باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. وفي 23/ 3/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف واستحقاق سيد منصور علي منصور لستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها وقف المرحوم يوسف الدفتر دار بعد استيفاء نصيب الخيرات وألزمت المستأنف عليهم بالمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وطعن المستأنف عليهم في الحكم المذكور بطريق النقض وذلك بالطعن رقم 28 سنة 31 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 3/ 6/ 1964 نقضت المحكمة الحكم. وعجل سيد منصور علي منصور الاستئنافين، وبتاريخ 13/ 3/ 1966 عادت المحكمة فحكمت حضورياً بقبولهما شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف مصاريف استئنافه وألزمت سيد منصور علي منصور المستأنف في الاستئناف رقم 146 سنة 76 ق بمبلغ 10 ج مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم الثمانية الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها السابعة رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أطرح الدلالة المستمدة من شهادة ميلاد الطاعن الثابت فيها أنه ولد لأبويه منصور علي منصور وميسر صالح محمد أغا مستنداً في ذلك إلى أن تنازله عن التمسك بها أمام محكمة أول درجة بعد الادعاء بتزويرها مانع له من العودة إليها وأنه على فرض صحة الاستدلال بها فإنها لم تكن بتبليغ الوالدة وإنما كانت بتبليغ منصور علي منصور فلا تسري عليها، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الطاعن كان قد قدم تلك الشهادة إلى محكمة أول درجة للاستدلال بها على بنوته للسيدة ميسر صالح، فلما ادعى الخصوم تزويرها ورأى محاميه أن الدعوى قد طال أمدها وفيها من الأدلة الأخرى ما يكفي لإثباتها ترك الاستدلال بها واكتفى بما عداها من أوجه الإثبات، فلما حكم ابتدائياً برفض الدعوى عاد وتمسك أمام محكمة الاستئناف بجميع أدلته ومنها الشهادة المذكورة فتكون بذلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف بما لا يتأتى معه إهدار الدلالة المستمدة منها وهي بنوته للسيدة ميسر، ذلك لأنها ورقة رسمية شهدت فيها القابلة بأن "ميسر صالح" وضعت على يديها طفلاً سمته "سيد" والمقر شرعاً أن شهادة القابلة كافية في إثبات الولادة ونوع المولود. و(ثانيهما) أنه من غير المستساغ أن تذهب الوالدة إلى تفتيش الصحة وحالة النفاس وأوجاع الولادة آخذة بها لتبلغ بنفسها عن ولادتها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها يجعلها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير موجودة وغير منتجة لأي أثر قانوني. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ولم يعتد بما جاء في المستخرج الرسمي بميلاد الطاعن من أن والدته هي السيدة ميسر صالح بعد أن تنازل عن التمسك به إثر الادعاء بتزويره فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو شابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه برفض الدعوى على ما شهد به شهود المطعون عليهم من أن ميسر صالح لم تنجب في حياتها لا من زوجها الأول ولا من زوجها الأخير منصور علي منصور، وهو خطأ ومخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وفقهها، لأن شهادة شهود المطعون عليهم إنما هي من قبيل النفي الصرف وأحكام الشريعة الإسلامية لا تجيز الإثبات عن هذا الطريق لأن الإحاطة بالنفي مستحيلة أو شبه مستحيلة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر عند الحنفية أن الشهادة على النفي تقبل إن كانت في المعنى شهادة على أمر وجودي، وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل شهادة شاهدي المطعون عليهم في قوله "شهد أولهم بأنه يعرف السيدة ميسر من سنة 1918 وأنها لم تنجب من زوجها المرحوم علي فهمي الذي توفى سنة 1918 كما لم تنجب من زوجها الأخير منصور علي منصور الذي يدعي المدعي أنه ابن له وقال إن والد المدعي هو إبراهيم الطباخ ووالدته هي الست أم جليله وكانا خادمين لدى السيدة ميسر وأنه يعرف المدعي من صغره لأنه كان يحضر عند السيدة ميسر باعتباره ابناً لخادمتها أم جليله" "وشهد شاهد المستأنف عليهم الثاني بمثل ما شهد به الشاهد الأول وأضاف أن المدعي كان معروفاً في الحي باسم عدلي وكان يراه دائماً مع والدته الست أم جليله خادمة السيدة ميسر وكان يسير معها حافي القدمين وثيابه ممزقة ولو كان ابناً للسيدة ميسر لظهرت عليه مظاهر الثراء لأنها كانت من الثريات وقد قطع ذلك الشاهد بأن الدعوى 147 سنة 1953 عابدين الشرعية باطلة ومكذوبة لأن المدعي ليس ابناً لميسر ولا لمنصور وإنما هو ابن إبراهيم الطباخ وزوجته خادمي السيدة ميسر". وهي في المعنى شهادة على أمر وجودي هو بنوة الطاعن لسيدة أخرى غير السيدة ميسر صالح، ثم عول على هذه الشهادة وعلى عدم اطمئنانه لشهادة شهود الطاعن بثبوت نسبه للسيدة المذكورة فإنه لا يكون قد اعتد في الإثبات بالشهادة على النفي الصرف.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال من وجه (أولها) أنه رجح شهادة شهود المطعون عليهم على أدلة الطاعن مجتمعة والتي ترجح شهادتهم وهي شهادة الشهود لدى محكمة عابدين الشرعية الذين اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم وحكمت بناء عليها بوفاة ميسر صالح وانحصار إرثها في زوجها منصور علي منصور وابنها منه سيد، وشهادة شهود الطاعن أمام محكمة أول درجة وقد شهدوا بأن ميسر قد ماتت عنه، ثم شهادة ميلاده وهي ورقة رسمية وحجة بذاتها على الكافة في خصوص البيانات المعدة لإثباتها و(ثانيها) أنه نسب إلى والد الطاعن التناقض بين استصدراه إعلاماً شرعياً بوفاة زوجته ميسر وانحصار إرثها فيه وحده دون وارث آخر وبين إبلاغه بعد ذلك الجهات المختصة بولادة الطاعن له من زوجته ميسر، وذلك في حين أن الإعلام الشرعي سالف الذكر كان من عمل الخصوم ولم يكن من عمل والده أو بعلمه، فإن صح أنه كان من عمله أم بعلمه فالأقرب إلى العقل أن يكون قد استخرجه بتواطؤ بينه وبين الخصوم للإضرار بالطاعن وجر المغانم إلى خصومه و(ثالثها) أنه إذ لم يعتد بالدليل المستمد من شهادة ميلاد الطاعن بدعوى أنه لا يجوز له الارتكان عليها بعد أن كان قد اكتفى بما عداها من أوجه الإثبات، فإنه يكون قد خلط بين التنازل عن الدليل وبين الاكتفاء بما عداه من الأدلة الأخرى وهو خلط أدى به إلى الخطأ وهو إهدار شهادة الميلاد في حين أنها ورقة رسمية ولها حجتها في إثبات ما ورد فيها من بيانات عن ميلاد الطفل في تاريخ محدد لأبوين معينين وقد نظم القانون الوسائل التي تكفل مطابقة بياناتها للحقيقة.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجهين (الأول والثاني) منه بأن الشهادة في اصطلاح الفقهاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هي إخبار صادق في مجلس الحاكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير ولو بغير دعوى، وبالقيد الأول يخرج عن نطاقها الإخبار الكاذب وإن لازم هذا أن تكون لقاضي الدعوى سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وسبيله إلى ذلك أنه إذا قدم أحد الخصوم بينة لإثبات واقعة كان للخصم الآخر الحق دائماً في إثبات عدم صحة هذه الواقعة وأن إجماع الفقهاء، على أن القاضي لا يقف عند ظواهر البينات ولا يتقيد بشهادة من تحملوا الشهادة على الحق إذا ثبت له من طريق آخر، ومردود في الوجه (الثالث) بما سبق الرد به على السبب الأول من أن النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها يجعلها غير موجودة وغير منتجة لأي أثر قانوني.


 (1)نقض 19/ 1/ 1967 - الطعن رقم 27 لسنة 33 ق -السنة 18 ص 156.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق