الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 سبتمبر 2014

الطعن 1518 لسنة 59 ق جلسة 14 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ج 1 ق 95 ص 493

جلسة 14 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، محمد الجابري نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.

----------------

(95)
الطعن رقم 1518 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل "ما لا يصلح سبباً للطعن".
تأييد الحكم المطعون فيه لقضاء محكمة أول درجة بأسباب خاصة به دون الإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي. أثره. النعي الوارد على الحكم الابتدائي. غير مقبول.
(2)
إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات".
لمحكمة الموضوع العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات متى وجدت أوراق الدعوى كافية لتكوين عقيدتها. عدم التزامها ببيان أسباب هذا العدول. علة ذلك. م 9 من قانون الإثبات "مثال".
(3)
حكم "استنفاد الولاية".
الأحكام القطعية - موضوعية أو فرعية - ولو كانت باطلة أو مبنية على إجراء باطل - عدم جواز العدول عنها من ذات المحكمة التي أصدرتها.
(4، 5) إيجار "إيجار الأماكن". قانون. "نطاق سريان القانون". نظام عام.
 (4)
الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء. تعلقها بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على المراكز والوقائع التي لم تستقر نهائياً ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها.
(5)
صدور تشريع لاحق يستحدث حكماً جديداً يتعلق بذاتية القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها. سريانه بأثر فوري على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه. تعلق التعديل ببعض شروط إعمال القاعدة الآمرة. عدم سريانه إلا من تاريخ نفاذه على الوقائع والمراكز التي نشأت في ظله. المادتان 2 مرافعات، 9 مدني
.
(6)
إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: الإضرار بسلامة المبنى" قانون "القانون الواجب التطبيق".
اشتراط الحصول على حكم نهائي لإثبات الاستعمال الضار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء م 18 ق 136 لسنة 1981. لا محل لإعماله على الدعاوى التي رفعت في ظل العمل بأحكام القانون 49 لسنة 1977. علة ذلك.

---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لما كان لمحكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة غير تلك التي اعتمد عليها الحكم المستأنف. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأيد الحكم الابتدائي بناءً على أسباب خاصة به دون أن يحيل عليه في أسبابه، وكان النعي منصرفاً إلى الحكم الابتدائي فإنه يكون غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع، وأن المشرع وإن تطلب في المادة التاسعة من قانون الإثبات بيان سبب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، إلا أنه لم يرتب جزاءً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف المطعون في حكمها قد وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع من خلو واقعة التداعي من وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى التي حددها القانون رقم 136 لسنة 1981 للإخلاء وهو صدور حكم قضائي نهائي بذلك، ومن ثم فإنه لم يعد في حاجة إلى تنفيذ الحكم التمهيدي الصادر من المحكمة بجلسة (...) بندب أحد أساتذة كلية الهندسة خبيراً في الدعوى لبحث الضرر بالعين المؤجرة، وهو ما يعد عدولاً ضمنياً عن تنفيذ هذا الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة عن أسباب هذا العدول.
3 - المقرر في قضاء محكمة النقض - أنه بصدور الحكم يمتنع على المحكمة التي أصدرته العدول عما قضي به ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية - موضوعية كانت أو فرعية أنهت الخصومة أو لم تنهها وحتى يخرج النزاع من ولاية المحكمة يتعين أن تكون قد فصلت فيه صراحة أو ضمناً، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أو باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل، ذلك أن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية بتاريخ (...) في الاستئناف رقم 406 لسنة 39 ق الإسكندرية أنه قضي بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها تأسيساً على أن القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي لم يكن يستلزم صدور حكم قضائي نهائي بثبوت الضرر وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي، فإنه ليس لهذه المحكمة بعد ذلك أن تعيد بحث هذه المسألة لاستنفاد ولايتها بالفصل فيها ويتعين لذلك على محكمة الاستئناف أن تتقيد بهذا القضاء بغير حاجة إلى الدفع أمامها بقوة الأمر المقضي بعد أن أصبح هذا القضاء نهائياً وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف استناداً إلى الدعوى قد جاءت خلواً من وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى التي حددها القانون رقم 136 لسنة 1981 للإخلاء وهي صدور حكم قضائي نهائي بثبوت الضرر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد التزم بما قطع به الحكم الصادر من ذات المحكمة بتاريخ (...) والذي حاز قوة الأمر المقضي بشأن تطبيق القانون رقم 49 لسنة 1977 على واقعة الدعوى في خصوص عدم اشتراط صدور حكم قضائي نهائي لإثبات واقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى الموجب للإخلاء مما يعيبه.
4 - المقرر في قوانين إيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء هي قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام وتسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلات في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد يتعلق بذاتية تلك القواعد الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً، فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري مباشر على المراكز القائمة وقت نفاذه، أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما استوجب تطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة سواء من حيث إجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع أو المراكز التي تنشأ في ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق باعتبار أن القانون الذي رُفعت في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها أو إجراءاتها وقواعد إثباتها وقد نصت المادة 2 من قانون المرافعات على أن "كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك، كما نصت المادة 9 من القانون المدني على أن تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أُعد فيه الدليل أو في الوقت الذي يبغى فيه إمداده.
6 - لما كان المشرع قد استحدث بالتعديل الوارد بالمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقرراً بنص المادة 31/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 بأن جعله قاصراً على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر هو أعم وأشمل وهو مناط الإخلاء في مجال تطبيق تلك الحالة، والأمر الثاني أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى أمام محكمة الإخلاء - بصدور حكم نهائي بذلك أسوة بما كان منصوصاً عليه في المادة 31/ د من القانون رقم 49 لسنة 1977 بالنسبة لحالات الاستعمال الضار بالصحة أو المقلق للراحة أو المنافي للآداب العامة. لما كان ذلك وكان الشرط الوارد بالفقرة (د) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من الحصول على حكم نهائي لإثبات واقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى - لا يسري إلا من تاريخ العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 دون أن يكون له أثر على الدعاوى القائمة وقت نفاذه والتي رفعت في ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 وكانت الدعوى المطروحة قد أقيمت بتاريخ 6/ 3/ 1980 أي في ظل القانون الأخير ومن ثم فإنه يكون هو القانون الواجب التطبيق في هذا الخصوص، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق المادة 18/ د من القانون رقم 136 لسنة 1981 وانتهى إلى ضرورة اشتراط صدور حكم قضائي نهائي يثبت استعمال المطعون ضده العين محل النزاع بطريقة تضر بسلامة المبنى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث الشروط الموضوعية الخاصة بذاتية القاعدة القانونية الواردة في القانون رقم 136 لسنة 1981 وهي بحث ما إذا كان المطعون ضده قد استعمل العين بطريقة ضارة بسلامة المبنى من عدمه مما يعيبه ويوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 1496 لسنة 1980 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لذلك إن المطعون ضده بصفته استأجر العين محل النزاع بموجب عقد إيجار محال إليه من المالك السابق في أغسطس سنة 1967 بقصد استعمالها مطبعة، غير أنه أجرى تعديلات جسيمة بها بالغة الخطورة على المبنى فأنذره بتاريخ 14/ 1/ 1980 بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، ولما لم يستجب فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره قضت بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 406 سنة 39 ق الإسكندرية - حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها حيث قيدت برقم 1285 لسنة 1985 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 552 لسنة 42 ق إسكندرية. حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالشق الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والتناقض، وفى بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة أقامت قضاءها برفض الدعوى تأسيساً على تقرير الخبير المنتدب فيها في حين أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بتأييد الحكم المستأنف استناداً على أن الضرر لم يثبت بحكم قضائي نهائي طبقاً لنص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 دون أن يعن ببحث وتفنيد أسباب الحكم الابتدائي مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لما كان لمحكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على أسباب خاصة غير تلك التي اعتمد عليها الحكم المستأنف، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي بناءً على أسباب خاصة به دون أن يحيل عليه في أسبابه وكان النعي منصرفاً إلى الحكم الابتدائي فإنه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بندب أحد أساتذة كلية الهندسة خبيراً في الدعوى وقد أجابته محكمة الاستئناف إلى طلبه فأصدرت حكماً تمهيدياً بذلك إلا أن خبير الدعوى اعتذر عن مباشرة المأمورية فطلب من المحكمة المطعون في حكمها ندب أقدم ثلاثة خبراء بمكتب الإسكندرية لمباشرة المأمورية على ضوء الحكم التمهيدي المشار إليه إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عنه وعدل عن الحكم التمهيدي دون أن يورد أسباباً لذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع، وأن المشرع وإن تطلب في المادة التاسعة من قانون الإثبات ببيان سبب العدول عن إجراءات الإثبات في محضر الجلسة إلا أنه لم يرتب جزاءً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف المطعون في حكمها قد وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع من خلو واقعة التداعي من وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى التي حددها القانون رقم 136 لسنة 1981 للإخلاء وهو صدور حكم قضائي نهائي بذلك ومن ثم فإنه لم يعد في حاجة إلى تنفيذ الحكم التمهيدي الصادر من المحكمة بجلسة 4/ 3/ 1987 بندب أحد أساتذة كلية الهندسة خبيراً في الدعوى لبحث الضرر بالعين المؤجرة، وهو ما يعد عدولاً ضمنياً عن تنفيذ هذا الحكم، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة عن أسباب هذا العدول، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول إنه طعن بالاستئناف في الحكم الصادر في ذات النزاع بين الخصوم أنفسهم في الدعوى رقم 1496 لسنة 1980 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية القاضي بعدم قبول الدعوى لعدم ثبوت الضرر بحكم قضائي نهائي طبقاً للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وبالرغم من أن المحكمة الاستئنافية قد حسمت هذه المسألة بحكمها الصادر بتاريخ 17/ 3/ 1985 الذي قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها تأسيساً على وجوب إعمال أحكام المادة 31/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي لم تكن تستلزم صدور حكم قضائي نهائي بثبوت الضرر الواجب التطبيق، وأن هذا القضاء قد حاز حجية الشيء المحكوم فيه إلا أنها عادت وقضت بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف وأسست قضاءها على وجوب ثبوت الضرر بحكم قضائي نهائي قبل إقامة الدعوى إعمالاً لحكم المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بما يتناقض مع قضائها الأول وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه بصدور الحكم يمتنع على المحكمة التي أصدرته العدول عما قضت به ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية - موضوعية كانت أو فرعية - أنهت الخصومة أو لم تنهها وحتى يخرج النزاع من ولاية المحكمة يتعين أن تكون قد فصلت فيه صراحة أو ضمناً، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أو باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية بتاريخ 17/ 3/ 1985 في الاستئناف رقم 406 لسنة 39 ق الإسكندرية أنه قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها تأسيساً على أن القانون الواجب التطبيق هو القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي لم يكن يستلزم صدور حكم قضائي نهائي بثبوت الضرر، وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي، فإنه ليس لهذه المحكمة بعد ذلك أن تعيد بحث هذه المسألة لاستنفاد ولايتها بالفصل فيها ويتعين لذلك على محكمة الاستئناف أن تتقيد بهذا القضاء بغير حاجة إلى الدفع أمامها بقوة الأمر المقضي بعد أن أصبح هذا القضاء نهائياً، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضي برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف استناداً إلى أن الدعوى قد جاءت خلواً من وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى التي حددها القانون رقم 136 لسنة 1981 للإخلاء وهي صدور حكم قضائي نهائي بثبوت الضرر، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد التزم بما قطع به الحكم الصادر من ذات المحكمة بتاريخ 17/ 3/ 1985 والذي حاز قوة الأمر المقضي بشأن تطبيق القانون رقم 49 لسنة 1977 على واقعة الدعوى في خصوص عدم اشتراط صدور حكم قضائي نهائي لإثبات واقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى الموجب للإخلاء مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن التعديل الوارد بنص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من وجوب الحصول على حكم قضائي نهائي بثبوت الضرر لا يتعلق بذاتية القاعدة الآمرة بل يتعلق ببعض شروطها وتحديد الدليل الذي يجب توافره قبل رفع دعوى الإخلاء دون مساس بذاتيتها، ومن ثم فإن القانون المشار إليه لا يسري من تاريخ نفاذه على الوقائع التي نشأت في ظله هذا إلى أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه أن حكماً نهائياً بثبوت الضرر قد صدر ضد المطعون ضده بإدانته في الجنحة رقم 6 لسنة 1977 بلدية المنشية لإقامته بناء بعين التداعي دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك وطبق حكم المادة 18 من القانون سالف الذكر من ضرورة اشتراط أن يثبت الإضرار بسلامة المبنى بحكم نهائي في حين أن هذا الشرط مستحدث بالقانون رقم 136 لسنة 1981 ولا ينسحب أثره على واقعة الإضرار بالعين مثار النزاع التي بني عليها هذا السبب ذلك أنها قد وقعت وأقيمت الدعوى عنها في ظل العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 وقبل إصدار القانون رقم 136 لسنة 1981 وهي محكومة بحكم القانون الذي وقعت في ظله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في قوانين إيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء هي قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام وتسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها، ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها، ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلات في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد يتعلق بذاتية تلك القواعد الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً، فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري مباشر على المراكز القائمة وقت نفاذه، أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما استوجب تطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة سواء من حيث إجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التي تنشأ في ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق باعتبار أن القانون الذي رفعت في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها أو إجراءاتها وقواعد إثباتها وقد نصت المادة 2 من قانون المرافعات على أن "كل إجراء من إجراءات المرافعة تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك، كما نصت المادة 9 من القانون المدني على أن تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي يبغى فيه إمداده..." لما كان ذلك وكان المشرع قد استحدث بالتعديل الوارد بالمادة 18 آنفة الذكر أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقرراً بنص المادة 31/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 بأن جعله قاصراً على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر وهو أعم وأشمل وهو مناط الإخلاء في مجال تطبيق تلك الحالة، والأمر الثاني أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى أمام محكمة الإخلاء - بصدور حكم نهائي بذلك أسوة بما كان منصوصاً عليه في المادة 31/ د من القانون رقم 49 لسنة 1977 بالنسبة لحالات الاستعمال الضار بالصحة أو المقلق للراحة أو المنافي للآداب العامة لما كان ذلك وكان الشرط الوارد بالفقرة (د) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من الحصول على حكم نهائي لإثبات واقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى - لا يسري إلا من تاريخ العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 دون أن يكون له أثر على الدعاوى القائمة وقت نفاذه والتي رفعت في ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 وكانت الدعوى المطروحة قد أُقيمت بتاريخ 6/ 3/ 1980 أي في ظل القانون الأخير، ومن ثم فإنه يكون هو القانون الواجب التطبيق في هذا الخصوص، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق المادة 18/ د من القانون رقم 136 لسنة 1981 وانتهى إلى ضرورة اشتراط صدور حكم قضائي نهائي يثبت استعمال المطعون ضده العين محل النزاع بطريقة تضر بسلامة المبنى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث الشروط الموضوعية الخاصة بذاتية القاعدة القانونية - الواردة في القانون رقم 136 لسنة 1981 وهي بحث ما إذا كان المطعون ضده قد استعمل العين بطريقة ضارة بسلامة المبنى من عدمه مما يعيبه ويوجب أيضاً نقضه بالإضافة إلى ما جاء بالرد على الوجه الأول من السبب الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق