جلسة 19 من أكتوبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن عشيش وبدر الدين السيد ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة، وناجي عبد العظيم.
---------------
(169)
الطعن رقم 19840 لسنة 65 القضائية
(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. تزيد الحكم فيما لا يؤثر على منطقه. لا يعيبه.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه" "تفتيش الأنثى". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش مأمور الضبط القضائي لأنثى في موضع يعد عورة. يوجب إعمال المادة 46 إجراءات جنائية.
اصطحاب مأمور الضبط القضائي أنثى عند انتقاله لتنفيذ إذن بتفتيش أنثى غير واجب. حد ذلك.
إثبات الحكم سقوط بعض المخدر من ملابس الطاعنة حال رؤيتها. الضابط وعثوره على بعضها الآخر بمخدعها. قضاؤه برفض الدفع ببطلان التفتيش لعدم اصطحاب أنثى وقت تنفيذه. صحيح.
(3) إثبات "شهود". "قصد جنائي". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم في بيانه لأقوال الشهود ما يفيد توافر قصد الاتجار. انتهاؤه من بعد إلى اقتناعه بعدم توافر هذا القصد. لا يعيبه. التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(4) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً المادة 289 إجراءات.
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شاهد الإثبات. غير جائز. ما دام أقواله طرحت على بساط البحث وتنازل المدافع عن الطاعنة - دون اعتراض منها - عن سماعه.
(5) دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. قوامه: العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
2 - من المقرر أن مجال إعمال حكم المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون ثمة تفتيش قد وقع من مأمور الضبط القضائي على شخص الأنثى في موضع من جسمها لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليه، ومشاهدته باعتباره من عورات المرأة التي يخدش حياءها إذا مس، وكان القانون لم يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عن انتقاله لتنفيذ إذن بتفتيش أنثى إذ أن هذا الالتزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في المواضع سالفة البيان، وكانت المحكمة قد أثبتت في حكمها - في حدود سلطتها التقديرية - أن المخدر بعضه سقط من ملابس الطاعنة وقت رؤيتها دخول الضابط للمسكن وبعضها الآخر عثر عليه بحجرة نومها. فإنه لا تثريب عليها إن هي رفضت الدفع ببطلان التفتيش المؤسس على عدم اصطحاب الضابط لأنثى وقت تنفيذ إذن التفتيش. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة، وإن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق، ثم أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة، فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة والإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته بعضها الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه، ومن ثم كان هذا النعي غير سديد.
4 - لما كان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، أو يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة وإن استهل طلباته بطلب سماع شاهد الإثبات إلا أنه عاد وتنازل عن طلبه ثم ترافع في موضوع الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعنة، ولم تبد هذه الأخيرة اعتراضاً على تصرف المدافع، فليس لها من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال الشاهد، ولا تكون المحكمة مخطئة إذا عولت على أقواله في التحقيقات ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
5 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعنة على جوهر الهيروين المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
6 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحقق استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة وإحراز الطاعنة لجوهر الهيروين المضبوط وعلى علمها بكنهه، فإن ما تنعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير قويم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة لأنها حازت وأحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتها إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 38، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق به مع تطبيق نص المادتين 17 عقوبات، 36 من قانون مكافحة المخدرات بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمها مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردة من القصود.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة حيازة وإحراز جوهراً مخدراً "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها، بدلالة عدم وجود سوابق لها إلا أن الحكم رد على هذا الدفع رداً معيباً اتخذ فيه من ضبط المخدر مع الطاعنة دليلاً على جدية التحريات، كما دفعت ببطلان القبض والضبط والتفتيش لأن الضابط لم يصطحب معه أنثى عند انتقاله لتنفيذ إذن التفتيش بمعرفتها طبقاً لحكم المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. هذا إلى أن الحكم في تحصيله للواقعة ولأقوال الرائد محمد خالد بدوي أثبت أن الطاعنة تتجر في المواد المخدرة ثم انتهى إلى أن الأوراق خلت من دليل يقيني على توافر قصد الاتجار لديها. كما أن المحكمة التفتت عن طلب الدفاع وسماع شاهد الإثبات رغم تأجيل الدعوى لهذا السبب عدة جلسات ودون بيان سبب عدولها عن سماعه وأخيراً فإن الحكم رد رداً قاصراً على ما أثاره الدفاع من شيوع التهمة بين الطاعنة وزوجها وأولادها، وأن المخدر دس عليها، ولا تعلم كنهه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة وإحراز مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان بها الطاعنة، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات، ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد عليه في "قوله أن الواقع في الاتهام الماثل أن تحريات الرائد.... السرية دلت وأكدت أن المتهمة البالغة من العمر أربعين عاماً والمولودة... والمقيمة.... والسابق اتهامها في الجناية رقم.... لسنة 1988..... تحوز وتحرز كمية من مخدر الهيروين وقد صدر الإذن بناء على هذه التحريات، وتم ضبط المتهمة تحوز وتحرز المخدر في المكان الذي حددته التحريات، كما ثبت من شهادة الميلاد المقدمة منها أن عمرها وميلادها على النحو الثابت بمحضر التحريات، ومن ثم فإن المعلومات كافية وجدية وسائغة لإصدار الإذن ويكون الدفع في غير محله". لما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سائغاً وسديداً في القانون ذلك بأن الأصل أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. أما قالة الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد انتهى إلى ضبط المتهمة بمحل إقامتها تحوز وتحرز مخدر الهيروين فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره. لما كان ذلك وكان من المقرر أن مجال إعمال حكم المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون ثمة تفتيش قد وقع من مأمور الضبط القضائي على شخص الأنثى في موضع من جسمها لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليه، ومشاهدته باعتباره من عورات المرأة التي يخدش حياءها إذا مس، وكان القانون لم يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عن انتقاله لتنفيذ إذن بتفتيش أنثى إذ أن هذا الالتزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في المواضع سالفة البيان، وكانت المحكمة قد أثبتت في حكمها - في حدود سلطتها التقديرية - أن المخدر بعضه سقط من ملابس الطاعنة وقت رؤيتها دخول الضابط للمسكن والبعض الآخر عثر عليه بحجرة نومها فإنه لا تثريب عليها إن هي رفضت الدفع ببطلان التفتيش المؤسس على عدم اصطحاب الضابط لأنثى وقت تنفيذ إذن التفتيش. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة، ولئن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق، ثم أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة، فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة والإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه، ومن ثم كان هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع بما يدل عليه، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة وإن استهل طلباته بطلب سماع شاهد الإثبات، إلا أنه عاد وتنازل عن طلبه ثم ترافع في موضوع الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعنة، ولم تبد هذه الأخيرة اعتراضاً على تصرف المدافع، فليس لها من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال الشاهد، ولا تكون المحكمة مخطئة إذا عولت على أقواله في التحقيقات ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعنة على جوهر الهيروين المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الإحراز بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحقق استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة وإحراز الطاعنة لجوهر الهيروين المضبوط وعلى علمها بكنهه، فإن ما تنعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير قويم، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.