جلسة 28 من إبريل سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.
---------------
(131)
الطعن رقم 306 لسنة 32 القضائية
( أ ) التزام. "تنفيذ الالتزام". "إعذار المدين". فوائد. "تاريخ سريان الفوائد". إعذار.
الإعذار. وضع المدين موضع المتأخر في تنفيذ التزامه. الأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالالتزام. يقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية تعلن للمدين بناء على طلب الدائن يدعوه فيها إلى الوفاء. قرار محكمة الأحوال الشخصية بإلزام الوصي بإيداع المتبقي في ذمته للقاصر ليس إلا أمراً مقرراً حق القاصر وقاطعاً للنزاع بشأنه ومنشئاً لسند رسمي قابل للتنفيذ الجبري. لا يتضمن إعذاراً للوصي حتى تجري من تاريخه الفوائد.
(ب) فوائد. وكالة. وصاية. إعذار.
إلزام الوكيل - والوصي يأخذ حكمه - بفوائد ما تبقي في ذمته من تاريخ إعذاره. الحالات التي لا يلزم فيها الإعذار بينتها المادة 220 مدني. ليس من بينها الحالة المنصوص عليها في المادة 43 من القانون رقم 119 لسنة 1952.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن عن نفسه وبصفته وصياً على شقيقته عفاف عبد المنعم جاد الرب أقام في 19 نوفمبر سنة 1956 الدعوى رقم 26 سنة 1957 مدني كلي الجيزة على السيدة زينب أحمد جاد الرب مورثة المطعون ضده، وانتهى فيها إلى طلب الحكم أصلياً بإلزام المطعون ضده عن نفسه وبصفته بأن يؤدى له من تركة مورثته المذكورة مبلغ 2262 ج و417 م واحتياطياً مبلغ 1191 ج و158 م مع المصروفات وقال شرحاً للدعوى إن مورثة المطعون ضده المرحومة زينب أحمد جاد الرب كانت وصياً مختاراً عليه وعلى شقيقته عفاف منذ سنة 1944 إلى أن بلغ هو سن الرشد وعين وصياً على شقيقته عفاف وأثناء وصايتها عهدت محكمة أسيوط الابتدائية للأحوال الشخصية إلى مكتب خبراء وزارة العدل بفحص الحساب المقدم منها عن المدة من سنة 1944 إلى سنة 1949، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره، وفي 8 من يونيه سنة 1952 قررت المحكمة المذكورة اعتماد التقرير واعتبار المتوفر له من إيراد سنة 1944 مبلغ 972 ج و90 م ولشقيقته عفاف مبلغ 497 ج و301 م ومن إيراد سنة 1945 له مبلغ 2146 ج و124 م ولشقيقته مبلغ 1084 ج و139 م مع إلزام الوصية بإيداع هذا المتوفر خلال شهر - واعتبار المتوفر له من إيراد السنوات من 1946 إلى 1949 مبلغ 319 ج و768 م ولشقيقته مبلغ 1801 ج و404 م مع إلزام الوصية بإيداع هذا المتوفر خلال شهرين واستأنفت الوصية هذا القرار وفي 8 من مايو سنة 1950 قضت محكمة الاستئناف بتأييده فطعنت الوصية في القرار الأخير بطريق النقض وفي 9 من مارس سنة 1956 قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص حساب المتوفر من إيراد سنة 1945 تأسيساً على أن هذا القرار لم يخصم مبلغ 1172 ج و477 م كانت الوصية قد أودعته لحساب الطاعن ومبلغ 586 ج و238 م كانت قد أودعته لحساب شقيقته. وأضاف الطاعن أنه وإن كانت مورثة المطعون ضده قد أوفت بالمبالغ التي كلفتها محكمة الأحوال الشخصية بإيداعها إلا أنها تأخرت في الوفاء بها فتلزمها الفوائد طبقاً للمادة 706 من القانون المدني التي تلزم الوكيل بفوائد المبالغ المستحقة للموكل من تاريخ استخدامه لها لمصلحة نفسه إذ يعتبر احتباسها للمبالغ المستحقة في ذمتها للقصر قرينة على هذا الاستخدام وأن هذه الفوائد المستحقة على هذا الأساس تعادل المبلغ الأول المطالب به في هذه الدعوى بينما يمثل المبلغ الثاني الفوائد المستحقة من 8 يونيه سنة 1952 تاريخ صدور قرار محكمة الأحوال الشخصية بتكليف الوصية بالإيداع وذلك على اعتبار أن هذا القرار يتضمن إعذاراً للوصية بالوفاء فتستحق الفوائد من تاريخه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 706 سالفة الذكر وبجلسة 17 من يناير سنة 1960 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أن مورثة المدعى عليه (المطعون ضده) المرحومة زينب أحمد جاد الرب كانت قد استعملت المبالغ التي حصلتها لحساب القاصرين وقت قيامها بأعمال الوصاية والتي توفرت في ذمتها لحسابهما عن المدة من سنة 1944 حتى سنة 1949 لمنفعة نفسها وتاريخ ذلك الاستعمال وللمدعى عليه النفي بذات الطرق. وبعد أن نفذ هذا الحكم قضت المحكمة بتاريخ 8 من مايو سنة 1960 برفض الدعوى فاستأنف الطاعن وشقيقته السيدة/ عفاف عبد المنعم جاد الرب هذا الحكم بالاستئناف رقم 1464 سنة 77 ق أمام محكمة استئناف القاهرة واقتصرا على طلب إلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده (المطعون ضده) بأن يدفع لهما من تركة مورثته المرحومة زينب أحمد جاد الرب مبلغ 1191 ج و158 م موضوع طلبهما الاحتياطي أمام محكمة الدرجة الأولى وفي 23 من مايو سنة 1962 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه للسبب السادس الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إن قرار محكمة أسيوط الابتدائية للأحوال الشخصية الصادر في 8 من يونيه سنة 1952 بإلزام مورثة المطعون ضده بوصفها وصياً بإيداع المتوفر في ذمتها للقاصرين خلال الميعاد الذي حددته تلك المحكمة يعتبر ورقة رسمية صادرة من محكمة الأحوال الشخصية - التي تقوم مقام القاصر في علاقته بالوصي - وتنبئ عن رغبة الدائن في أن ينفذ المدين (الوصية) التزامه بإيداع المتوفر في ذمته للقاصر وهو التزام فرضته المادة 43 من القانون رقم 119 سنة 1952 في شأن الولاية على المال وبالتالي تكون الوصية قد أعذرت بالوفاء بالمبلغ المتوفر في ذمتها لحساب القاصرين وبالتالي تلزمها فوائده من تاريخ هذا القرار عملاً بالمادة 706 من القانون المدني بل إن نص المادة 43 من القانون رقم 119 سنة 1952 الذي يفرض على الوصي إيداع المبالغ التي يحصلها لحساب القاصر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تحصيلها يغني عن الإعذار - وإذ رفض الحكم المطعون فيه اعتبار قرار محكمة الأحوال الشخصية إعذاراً للوصية بالوفاء ووصفه بأنه منح لأجل فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الإعذار هو وضع المدين موضع المتأخر في تنفيذ التزامه وقد بينت المادة 219 من القانون المدني الإجراءات التي يتم بها الإعذار فنصت على أن "يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار ويجوز أن يتم الإعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات" فالأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه الذي تخلف عن تنفيذه ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزامه ويسجل عليه التأخير في تنفيذه على أن تعلن هذه الورقة إلى المدين بناء على طلب الدائن، ولما كان قرار محكمة الأحوال الشخصية الصادر في 8 يونيه سنة 1952 بإلزام الوصية (مورثة المطعون ضده) بإيداع الباقي في ذمتها للقاصرين في الميعاد المحدد بهذا القرار لا يعدو أن يكون - على ما يستفاد من نص المادة 1014 من قانون المرافعات - أمراً بإلزام الوصية بالأداء مقرراً لحق القاصرين في ذمتها وقاطعاً للنزاع بشأنه فيما بين الوصية والقاصرين ومنشئاً لسند رسمي قابل للتنفيذ الجبري على الوصية المحكوم عليها، والقرار بهذه المثابة لا يتضمن إعذاراً للوصية بالمعنى المقصود بالإعذار الذي تجري من تاريخه الفوائد طبقاً للمادة 706 من القانون المدني وذلك لأنه لم يوجه من الدائن أو نائبه ولم يعلن إلى المدين، إذ أنه مهما كان لمحكمة الأحوال الشخصية من سلطة الإشراف على أموال القاصر فإنه ليس من وظيفتها اتخاذ مثل هذا الإجراء نيابة عنه وإنما الذي يقوم به هو وصيه فإن تعارضت مصلحة الوصي مع مصلحة القاصر أقامت المحكمة وصياً خاصاً لينوب عن القاصر في القيام بهذا الإجراء - لما كان ذلك، وكان الطاعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه قد اقتصر أمام محكمة الاستئناف على طلب الحكم بإلزام المطعون ضده بمبلغ 1191 ج و158 م على أساس أنه يمثل فوائد المبالغ المستحقة في ذمة الوصية له ولشقيقته منذ كانا قاصرين وذلك ابتداء من 8 من يونيه سنة 1952 تاريخ صدور قرار محكمة الأحوال الشخصية بتكليف الوصية بإيداع تلك المبالغ خزانة بنك مصر اعتباراً بأن هذا القرار تضمن إعذاراً للوصية بالوفاء فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض القضاء بتلك الفوائد تأسيساً على أن قرار محكمة الأحوال الشخصية لا يتضمن ذلك الإعذار فإنه لا يكون مخطئاً في القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس - وغير صحيح ما يثيره الطاعن من أن نص المادة 43 من القانون رقم 119 سنة 1952 يغني عن الإعذار ذلك أن المادة 706/ 2 من القانون المدني الحالي المقابلة للمادة 526 من القانون المدني الملغي تلزم الوكيل والوصي يأخذ حكمه بفوائد ما تبقى في ذمته من تاريخ إعذاره وقد بينت المادة 220 من القانون المدني الحالات التي لا يلزم فيها الإعذار وليس من بينها الحالة المنصوص عليها في المادة 43 من القانون رقم 119 سنة 1952 كما أن هذه المادة الأخيرة لم تعف من الإعذار لسريان الفوائد.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إنه أسس طلبه الوارد بصحيفة الدعوى على أنه يمثل الفوائد المستحقة له عن المبالغ التي استخدمتها الوصية لمصلحة نفسها ومن تاريخ هذا الاستخدام وأضاف في مذكرته الختامية طلباً احتياطياً هو الحكم بمبلغ أقل قدره 1191 ج و158 م على أنه يمثل فوائد المبلغ المستحق في ذمة الوصية من تاريخ إعذارها بالوفاء وقد قرر الحكم المطعون فيه أن الطلبين متحدان وأن تخفيض المبلغ في الطلب الاحتياطي كان نتيجة قضاء محكمة النقض بنقض قرار التكليف بالإيداع نقضاً جزئياً وهذا يخالف الثابت في الأوراق - كما أخطأ الحكم في تكييف الطلب الاحتياطي بتقريره أن الموضوع في الطلبين الأصلي والاحتياطي واحد هو الفوائد المستحقة للقاصرين في ذمة الوصية ذلك أنه لا يكفي للقول بوحدة الطلبين أن يتحد موضوعهما بل يجب اتحاد السبب أيضاً وهو مختلف في الطلبين إذ أنه في الطلب الأصلي استخدام الوصية للمبالغ في مصلحة نفسها وفي الطلب الاحتياطي استحقاق الفوائد من تاريخ إعذارها بالوفاء كما ينعى الطاعن في السببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون إذ قرر أن المادة الواجبة التطبيق في شأن الفوائد موضوع الدعوى هي المادة 124 من القانون المدني الملغي والصحيح أن المادة 706 من القانون المدني القائم هي الواجبة التطبيق لأنه القانون الذي نشأت في ظله الواقعة القانونية الملزمة للوصية بالفوائد وهي واقعة استخدامها للمبالغ بالنسبة للطلب الأصلي وإعذارها الحاصل في 8 يونيه سنة 1952 بالنسبة للطلب الاحتياطي هذا إلى ما في تطبيق الحكم المطعون فيه للمادة 124 من القانون القديم من مخالفته للحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 17 يناير سنة 1960 الذي قطع بخضوع المورثة لحكم المادة 706 من القانون القائم وحاز قوة الأمر المقضي لعدم استئنافه وقال الطاعن في السبب الخامس إن الحكم أخطأ في القانون إذ قرر أن المادة 219 من القانون المدني لا تنطبق على التزام الوصية - مع أن حكم هذه المادة يسري على كل الالتزامات مهما كان مصدرها وأضاف الطاعن في السبب السابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون حين قرر أن مورثة المطعون ضده كانت تنازع في حساب الوصاية في مختلف مراحل نظره ورتب الحكم على هذه المنازعة عدم استحقاقه الفوائد مع أن قرار محكمة الأحوال الشخصية مظهر للدين في ذمة الوصية وليس منشئاً له ومتى كان الدين موجوداً من قبل كان من حق الدائن تقاضي الفوائد القانونية عنه من تاريخ إعذاره للمدين عملاً بالمادة 706 من القانون المدني حتى ولو نازع المدين في الدين وقت الإعذار منازعة لم يستقر الدين بسببها إلا فيما بعد.
وحيث إن النعي على الحكم بهذه الأسباب عديم الجدوى ذلك أن الحكم المطعون فيه على ما سبق بيانه في الرد على السبب السادس انتهى إلى رفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن الوصية لا تلزم بفوائد المبالغ المتوفرة في ذمتها للقاصرين لعدم إعذارها ولما كانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه لما ورد في أسبابه الأخرى - حتى بفرض صحته - يكون غير منتج إذ تعتبر هذه الأسباب نافلة يستقيم الحكم بدونها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثامن أنه قد تناول فيما عدا ما تقدم ذكره من أسباب أقام عليها قضاءه حديثاً منثوراً خلال هذه الأسباب الجوهرية في مواضيع غير منتجة في الخصومة الحالية بحدودها المحددة مما لا يصح عقلاً لأن يقوم عليها قضاؤه فيها.
وحيث إن النعي على الحكم بهذا السبب غير مقبول لأنه مجهل لم يبين فيه الطاعن مواضع مخالفة الحكم للقانون.
وحيث إنه لكل ما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) راجع نقض 12/ 11/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 1028.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق