جلسة أول فبراير سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر، ومحيي الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحة، ومحمد بدير الألفي - المستشارين.
----------------
(18)
القضية رقم 386 لسنة 16 القضائية
(أ) قرار إداري - ترقية - بطلان - انعدام.
قرار ترقية الموظف من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة دون أن يكون قد استكمل مدة الثلاث سنوات التي يجب على الموظف أن يقضيها في الدرجة السادسة كحد أدنى للترقية إلى الدرجة الخامسة تطبيقاً للجدول المرافق للقانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة هو قرار مخالف للقانون - جزاء مخالفة القرار الإداري للقانون هو البطلان ولا ينحدر هذا العيب به إلى درجة الانعدام - نتيجة ذلك أنه إذا انقضى على صدوره أكثر من ستين يوماً دون إلغائه أو سحبه أصبح قراراً نهائياً يولد لمن صدر في شأنه حقاً مكتسباً لا يجوز المساس به.
(ب) قرار إداري - تظلم - سحب - ميعاد السحب.
التظلم من القرار الإداري يخول للجهة الإدارية سحبه بشرط أن يتم السحب خلال المدة المقررة لطلب الإلغاء - يكفي أن تكون إجراءات السحب بإفصاح الإدارة عن إرادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور بأن تكون الهيئة الإدارية قد قامت ببحث التظلم بحثاً جدياً أو سلكت مسلكاً ايجابياً نحو التحقق من مطابقة أو عدم مطابقة القرار الإداري للقانون إلى أن تحدد موقفها منه نهائياً - ثبوت أن الجهة الإدارية لم تنشط لاتخاذ إجراء إيجابي للوقوف على مدى مشروعية القرار الذي أصدرته خلال ستين يوماً من تقديم التظلم وعدم شروعها في بحث التظلم إلا باستطلاع رأي إدارة الفتوى المختصة بعد أكثر من تسعة أشهر من تقديم التظلم - اعتبار ذلك بمثابة قرار ضمني برفض التظلم من القرار الإداري.
-------------------
1 - إن الثابت من نموذج بيانات الخدمة عن الأفراد العسكريين المنقولين إلى وظائف مدنية (المودع بملف خدمة المدعي) أنه رقي إلى درجة مساعد تعليم أولى بالقوات المسلحة اعتباراً من 1/ 6/ 1960، ثم نقل إلى وظيفة مدنية بمحافظة أسوان في عام 1961 ومن ثم فإن الراتب المقرر للرتبة العسكرية التي كان يشغلها وقت نقله يدخل في مربوط الدرجة السابعة، وإذ صدر القرار الجمهوري رقم 2406 لسنة 1962 متضمناً ترقيته إلى الدرجة السادسة وهى درجة أعلى فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر استناداً إلى السلطة التقديرية المنصوص عليها في المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضابط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة وبالتالي تتحدد أقدمية المدعي في هذه الدرجة اعتباراً من 19/ 7/ 1962 تاريخ صدور القرار المذكور وليس من 1/ 10/ 1958 وهو التاريخ الذي تمت على أساسه ترقيته إلى الدرجة الخامسة بالقرار رقم 9 لسنة 1964 الصادر في 5/ 1/ 1964، وبذلك فإن المدعي في هذا التاريخ لم يكن قد استكمل بعد مدة ثلاث السنوات التي يجب الموظف أن يقضيها في الدرجة السادسة كحد أدنى للترقية إلى الدرجة الخامسة كما هو وارد بالجدول المرافق للقانون رقم 110 لسنة 1965 المشار إليه ويكون القرار المذكور إذ صدر على هذا النحو قد خالف القانون.
ومن حيث إن جزاء مخالفة القرار الإداري للقانون هو البطلان، ولا ينحدر هذا العيب به إلى درجة الانعدام، بحيث إذا ما انقضى على صدوره أكثر من ستين يوماً دون إلغائه أو سحبه فإنه يغدو قراراً نهائياً يولد لمن صدر في شأنه حقاً مكتسباً لا يجوز المساس به، وذلك إعمالاً لمبدأ استقرار المراكز القانونية التي أصبحت نهائية وحصينة.
2 - إذا تظلم ذو مصلحة من هذا القرار فإن ذلك يخول للجهة الإدارية الحق في بحث تظلمه والرجوع في قرارها وسحبه بقصة إزالة آثار البطلان لتجنب الحكم بإلغائه قضائياً، بشرط أن يتم ذلك خلال المدة المقررة لطلب الإلغاء وهو ستون يوماً من تاريخ تقديم التظلم، فإذا انقضت هذه المدة دون أن تجيب عنه الجهة الإدارية فإن ذلك يعتبر بمثابة رفضه، وذلك حسبما قضت به المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، ولكن لئن كان ذلك كذلك إلا أن هذه المحكمة قد سبق أن قضت بأن ليس بلازم أن يتم السحب كلياً أو جزئياً خلال المدة المقررة له. وإنما يكفي لتحقيق مقتضى الحكم المتقدم أن تكون إجراءات السحب بإفصاح الإدارة عن إرادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور، بأن قامت ببحث التظلم بحثاً جدياً للتأكد من مدى شرعية قرارها محل التظلم، أو تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً نحو التحقق من مطابقة أو عدم مطابقته للقانون إلى أن تحدد موقفها منه نهائياً.
ومن حيث إن الثابت أن ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة الكتابية قد تمت بالقرار رقم 9 لسنة 1964 الذي صدر في 5/ 1/ 1964، ثم تظلم السيد/ أحمد حلمي حسن الراوي من هذا القرار في 5/ 2/ 1964 أي خلال ستين يوماً التالية لصدوره ومع ذلك لم تصدر محافظة أسوان القرار رقم 172 لسنة 1966 بسحبه إلا في 10/ 8/ 1966 بعد أكثر من سنتين وأنه رغم أن الحكم المطعون فيه قد قضى بأن قرار ترقية المدعي المشار إليه قد تحصن لعدم إقامة المتظلم دعوى بالطعن فيه بالإلغاء في الميعاد وبعدم اتخاذ الجهة الإدارية خطوات إيجابية خلال المدة المقررة قانوناً لسحبه، فإن المحافظة حينما طعنت في هذا الحكم لم تقدم الدليل على ما ينقض ما استند إليه الحكم في هذا الشأن كما أن هذه المحكمة في سبيل التأكد مما إذا كان القرار المطعون فيه قد سحبته الجهة الإدارية في الميعاد القانوني قد طلبت منها تقديم ملف تظلم السيد/ أحمد حلمي الراوي في هذا القرار أو أية أوراق يستدل منها على ذلك، وقد أفسحت المحكمة صدرها لتمكين هذه الجهة من تقديم ذلك إلا أنها لم تفعل رغم تأجيل الطعن عدة جلسات بلغة ثلاث عشرة جلسة، سواء أمام دائرة فحص الطعون أو أمام هذه المحكمة وقد تداول نظره خلال المدة من 17/ 11/ 1973 حتى 21/ 12/ 1975 لهذا السبب أي أكثر من سنتين الأمر الذي من أجله اضطرت المحكمة إلى الفصل في الطعن بحالته.
ومن حيث إن القدر المتيقن من الأوراق المرفقة بملف الدعوى أن محافظة أسوان لم تنشط لاتخاذ إجراء ايجابي للوقوف على مدى مشروعية القرار رقم 9 لسنة 1964 خلال ستين يوماً التالية لتقديم السيد/ أحمد حلمي حسن الراوي لتظلمه من هذا القرار، وإذ أنها لم تشرع في بحث هذا التظلم إلا حينما بدأت في استطلاع رأي إدارة الفتوى والتشريع للجهازين المركزيين للتنظيم والإدارة والمحاسبات في 19/ 11/ 1964 بكتابها رقم 42197 أي بعد أكثر من تسعة أشهر من تقديم التظلم، أي بعد أن انقضى الميعاد المقرر قانوناً للطعن في القرار الإداري أو سحبه وعلى ذلك فإن المحافظة إذ التزمت الصمت ولم تحرك ساكناً وكان مسلكها خلال هذه المدة مسلكاً سلبياً، فلم تجب المتظلم على تظلمه فإن ذلك يعتبر بمثابة قرار ضمني بالرفض وكان على المذكور أن يلجأ إلى طريق التقاضي بمخاصمة القرار المتظلم منه، كما أن المحافظة إذ أصدرت القرار رقم 172 لسنة 1966 وهو القرار المطعون فيه في 10/ 8/ 1966 بسحب ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة فإنه يكون قد صدر بعد أن أصبحت هذه الترقية نهائية وحصينة ورتبت آثارها القانونية ولا يجوز المساس بها، ومن ثم يكون هذا القرار معيباً لمخالفته القانون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق