جلسة 19 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، سامي فرج، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.
-----------------
(45)
الطعن رقم 2178 لسنة 51 القضائية
(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن". "التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن" مهجر "مهجرون". محكمة الموضوع "مسائل الواقع" إزالة آثار العدوان. عقد "فسخه".
(1) سلب المؤجر رخصة الإخلاء في حالة التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن للمهجر. م 1 ق 76 لسنة 1969 المعدل بق 48 لسنة 1970. سريان ذلك على جميع الأماكن المؤجرة خالية أو مفروشة سواء معدة للسكنى أو لغيرها من الأغراض استمرار تلك الحماية لحين زوال آثار العدوان بتشريع يقضي بذلك صراحة أو ضمناً أو بتحققها عملاً وواقعاً بعودة المهجر إلى موطنه واستقراره فيه على الوجه المعتاد.
(2) استخلاص صفة التهجير من سلطة محكمة الموضوع. طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3) فسخ العقد تمامه باتفاق المتعاقدين أو بصدور حكم به. ليس لأحدهما الانفراد به.
(4) مغادرة المستأجر الأصلي الديار المصرية نهائياً أو مؤقتاً. لا أثر له على الإجارة الأصلية أو على الإجارة من الباطن.
(5) إيجار "إيجار الأماكن "دعوى" الطلبات فيها" "تجزئتها".
استئناف. صدور حكم بالإخلاء ضد المهجر باعتباره مستأجراً من الباطن والمستأجر الأصلي. أثره. للمهجر استئناف الحكم منفرداً. علة ذلك.
(6، 7) نقض "السبب الجديد" دفوع "الدفوع الغير متعلقة بالنظام العام" الدفع بعدم الدستورية".
(6) واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(7) الدفع بعدم الدستورية. لا يتعلق بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنتين أقامتا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 6039/ 1978 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 28/ 3/ 1941 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالتا في بيانها أنه بموجب العقد المذكور استأجر........ تلك الشقة وبعد أن توفى استمر ابنه المطعون ضده الأول في الإقامة فيها ثم وضعت أمواله تحت الحراسة وأبعد نهائياً عن البلاد فقامت الحراسة بتأجير الشقة مفروشة للمطعون ضده الثاني وبعد رفع الحراسة أخطرهما جهاز التصفية بأن العين مؤجرة مفروشة واستردت المفروشات وأن عليها التعامل مع المطعون ضده الثاني، ولما كان عقد الإيجار يحظر التأجير من الباطن كما أنه قد انتهى بإبعاد ابن المستأجر الأصلي عن البلاد فأقامتا الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم استأنف المطعون ضده الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 340/ 98 ق القاهرة، وبتاريخ 17/ 6/ 1981 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنتان بالأوجه الثلاثة الأولى من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقولان أن القوانين الخاصة التي أجازت التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن لمهجري مدن القناة وسيناء لا تسري على الأماكن المؤجرة مفروشة في حين أطلق الحكم ذلك وأعمله بشأنها. كما أن إعمالها مرهون بزوال آثار العدوان وقد تمسكتا بزوالها بانتهاء حالة الحرب مع إسرائيل وعودة الحياة الطبيعية إلى منطقة القناة إلا أن الحكم أغفل ذلك وقضى برفض الإخلاء على سند من القول بثبوت صفة التهجير للمطعون ضده الثاني المستأجر من الباطن معتمداً على بطاقة إعانة من مديرية الشئون الاجتماعية ببورسعيد في حين أنها لا تكفي لثبوت صفة التهجير، إلا أن إقامته بمنطقة القناة كانت مؤقتة بمناسبة عمله كضابط شرطة، فضلاًً عن أنه بترك المطعون ضده الأول للعين وتخليه عنها ومغادرته البلاد نهائياً يكون عقد الإيجار قد انتهى ومن ثم تزول صفته كمستأجر فلا يكون له حق التأجير من الباطن، ولا يصلح رداً على ذلك قول الحكم بأن التأجير قد صدر من الحراسة باعتبارها نائبة عنه، وأياً ما كان أمر ذلك العقد الأخير فقد تمسكتا بانقضائه تبعاً لانقضاء العقد الأصلي بالترك والتخلي إلا أن المحكمة قد التفتت عن ذلك. الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 76/ 1969 المعدل بالقانون رقم 48/ 1970 يدل - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع استثنى حالة تنازل المستأجر الأصلي عن الإيجار أو التأجير من الباطن إلى أحد مهجري مدن القناة أو سيناء من أحكام الإخلاء فسلب المؤجر حق طلب الإخلاء متى كان التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن لمن تثبت له صفة التهجير. وقد جاء النص عاماً مطلقاً يسري على جميع الأماكن المؤجرة خالية كانت أو مفروشة، معدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض ويظل المهجر متمتعاً بتلك الحماية إلى أن تزول آثار العدوان قانوناً بصدور تشريع يقضي بإلغائها صراحة أو ضمناً أو عملاً وواقعاً بانقضاء علة إسباغها عليه ويكون ذلك بعودته إلى موطنه واستقراره فيه على الوجه المعتاد وصفة التهجير واقعة مادية تستخلصها محكمة الموضوع مما تقتنع به من أدلة الدعوى ولا سلطان عليها في ذلك طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. كما أن فسخ العقد لا يكون إلا نتيجة لاتفاق المتعاقدين أو بصدر حكم به، ولا يشفع لأحدهما في الانفراد بالفسخ قوله بقيام أسباب هي في نظره مبررة له. ومغادرة المستأجر الأصلي الديار المصرية مغادرة نهائية أو مؤقتة وانحسار الجنسية المصرية عنه لسبب أو لآخر لا يوهن من قيام الإجارة الأصلية كما لا يؤثر على الإجارة من الباطن وإذ أعمل الحكم المطعون فيه الاستثناء الوارد بنص المادة الأولى المشار إليها بعد أن استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها استخلاصاً سائغاً توافر صفة التهجير في جانب المطعون ضده الثاني - المستأجر من الباطن وخلت الأوراق مما يشير إلى زوال آثار العدوان بالنسبة له فعلاً وواقعاً وانتهى إلى رفض الإخلاء فإنه يكون قد التزم حكم القانون وأقام قضاءه على ما يحمله ولا عليه بعد ذلك إن هو لم يتتبع الخصوم في جميع دفاعهم طالما كان في الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأوجه ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالوجه الرابع من السبب الأول على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم قد استند في قضائه إلى أنهما قد وافقتا على التأجير من الباطن، على سند القول بسكوتهما وقبولهما الأجرة مضافاً إليها مقابل التأجير من الباطن في حين أن إجازة التأجير من الباطن لا تكون إلا بتصريح كتابي وأن إصدار إيصالات بمبلغ 60.436 مليمجـ عن بضع شهور لا تفد حصولها كما أنهما تمسكتا بأن سكوتهما كان وليد الظروف التي عاصرت وضع العين تحت الحراسة بما صاحبها من قيود على الحريات في ذلك إلا أن المحكمة لم تعن بالرد على هذا الدفاع الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه وقد أقام الحكم قضاءه على ثبوت صفة التهجير للمطعون ضده الثاني وأعمل في حقه حكم المادة الأولى من القانون 76/ 1969 المعدل بالقانون 48/ 1970 التي لا تتطلب لإعمالها موافقة المؤجر وانتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون - على ما سلف بيانه فإن ما أورده الحكم في أسبابه بشأن مدلول قبض الأجرة من الحراسة لا يعدو أن يكون من قبيل الاستطراد الزائد عن حاجة الحكم ومن ثم يكون النعي عليه - أياً كان وجه الرأي فيه. غير مقبول.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقولان أن الحكم الابتدائي قضى بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 28/ 3/ 1941، وقد صار هذا القضاء انتهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي لعدم استئنافه من المستأجر الأصلي وهو الخصم الحقيقي في دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن، وكان على محكمة الاستئناف أن تلتزم بحجية هذا الحكم وتحكم بانقضاء عقد الإيجار من الباطن كنتيجة لفسخ العقد الأصلي إلا أنها خالفت ذلك مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى بطلب إخلاء عين مؤجرة وتسليمها للمؤجر لا تقبل التجزئة بحسب طبيعة المحل فيها. وأن صدور الحكم بالإخلاء ضد المهجر - باعتباره مستأجراً من الباطن - والمستأجر الأصلي يجعل للأول الحق في استئناف ذلك الحكم فإذا ما استأنفه منفرداً دون المستأجر الأصلي لم يكن للمحكمة أن تعتبر الحكم الابتدائي نهائياً في حق ذلك الأخير، ويتعين عليها أن تفصل في الاستئناف غير مفيدة بما انتهى إليه ذلك الحكم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقولان أن العقد الصادر للمطعون ضده الثاني من الحراسة هو عقد إيجار عن عين مفروشة ومن ثم لا يخضع لأحكام الامتداد القانوني وإنما يخضع لأحكام القانون المدني وإذ أبرم العقد لمدة سنة تنتهي في 15/ 4/ 1971 فإنه يكون قد انقضى بانقضاء مدته. وحتى على فرض عدم انتهائها وهو ما لم يتمسك به المطعون ضده الثاني - فإن طرفيه قد تقابلا عنه باستلام الحراسة للمنقولات الموجودة بالعين هذا فضلاً عن أن العقد صدر ممن لا يملكه وذلك لأن قرار فرض الحراسة على أموال وممتلكات المستأجر الأصلي غير دستوري، ومن ثم يكون المطعون ضده الثاني واضعاً يده على العين بغير سند قانوني وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن الدفع بعدم الدستورية غير متعلق بالنظام العام لا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أنها قد خلت مما يدل على سبق تمسك الطاعنتين أمام محكمة الموضوع بأي وجه من أوجه هذا النعي فإنه لا يقبل منهما التحدي بها ويكون النعي من ثم غير مقبول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق