جلسة أول فبراير سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى كمال إبراهيم - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر وأحمد سعد الدين قمحة ومحمد بدير الألفي.. المستشارين.
-----------------
(17)
القضيتان رقما 863 و1278 لسنة 14 القضائية
(أ) قرار إداري - تعيين - نقل - أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
مؤدى نص البند (ب) من المادة السابعة من قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادر به القانون رقم 166 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 548 لسنة 1954 أنه يجوز بقرار من رئيس الجمهورية تعيين أعضاء السلكيين الدبلوماسي والقنصلي في وظائف الكادرين الفني والإداري والوظائف الأخرى المشار إليها في البند (ب) سالف الذكر - قرار رئيس الجمهورية الصادر استناداً إلى المادة السابقة المشار إليها هو قرار إداري نهائي صادر بالتعيين في إحدى الوظائف العامة - لا يجوز القول بأنه قرار نقل مكاني أو نقل نوعي - نتيجة ذلك اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في طلب إلغائه.
(ب) قرار إداري - ركن السبب - رقابة قضائية - أعضاء السلكيين الدبلوماسي القنصلي - نقل
- صدور قرار رئيس الجمهورية بنقل أحد أعضاء السلكيين الدبلوماسي والقنصلي إلى مصلحة الضرائب تقديم الجهة الإدارية الوقائع الواردة بتقرير مكتب المخابرات العامة كسبب لإصدار قرار رئيس الجمهورية بالنقل - خضوع هذه الوقائع للرقابة القضائية التي تسلكها المحكمة لوزن القرار بميزان المشروعية - إذا ثبت أن هذه الوقائع لم يجر أي تحقيق فيها وكان من الواجب قانوناً سماع أقوال شهود هذه الوقائع ودفاع المدعي فإن ما ذكر في التقرير لا يعدو مجرد أقوال مرسلة - تضمن ملف الخدمة ما يدل على كفاءة المدعي في عمله وحسن سلوكه - مؤدى ذلك أن سبب القرار يكون غير مستمد من أصول صحيحة تنتجه مادياً وقانوناً.
-------------------
1 - انه عن دفع الحكومة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر قرار النقل المطعون فيه فمردود بأن القرار الجمهوري المطعون فيه صدر استناداً إلى المادة السابعة من قانون السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادر به القانون رقم 166 لسنة 1954 التي تجيز تعيين رجال السلكيين الدبلوماسي والقنصلي في وظائف الكادرين الفني العالي والإداري وبعض الوظائف الأخرى، ولذلك فلا يجوز تكييف القرار المطعون فيه على أنه قرار لنقل مكاني أو نقل نوعي وإنما هو في حقيقة الأمر قرار إداري نهائي صادر بالتعيين في إحدى الوظائف العامة ومن ثم يدخل النظر في طلب إلغائه في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري طبقاً لقانون مجلس الدولة، ولذلك يكون هذا الدفع على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن طعن المدعي، فإنه يبين من الرجوع إلى قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادر به القانون رقم 166 لسنة 1954 معدلاً بالقانون رقم 548 لسنة 1954 إن المادة السابعة منه تنص على أن "يكون التعيين في السلكين الدبلوماسي والقنصلي بطريق الترقية من الوظيفة التي يسبقها مباشرة بحسب الجدول الملحق بهذا القانون وذلك لغاية وظيفة وزير مفوض من الدرجة الثالثة. على أنه يجوز متى توافرت الشروط المشار إليها في المادة (5) أن يعين رأساً.. ثانياً: في وظيفة مستشار من الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية أو...
(أ) المستشارون من الدرجتين الأولى والثانية والسكرتيريون الأول..
(ب) موظفوا الكادرين الفني العالي والإداري ورجال القضاء والنيابة والموظفون الفنيون بمجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات وضباط الجيش من خريجي كلية أركان حرب ويكون تعيينهم في الوظائف المقابلة لوظائفهم. كما يجوز تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي رأساً في الوظائف المذكورة آنفاً حسبما يقتضيه صالح العمل وبناء على اقتراح وزير الخارجية وموافقة مجلس الوزراء وذلك دون الإخلال بالقوانين المنظمة للوظائف المشار إليها" ومؤدى الفقرة الأخيرة من هذا النص إجازة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي في وظائف الكادرين الفني العالي والإداري والوظائف الأخرى المشار إليها في البند (ب) من النص نزولاً على ما يقتضه صالح العمل.
2 - إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها ويفترض في هذا القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على ذلك، إلا أنه إذا ذكرت أسباباً فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وهذه الرقابة القانونية تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع - على فرض وجودها مادياً - لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون. أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المدعى عليها قدمت لهذه المحكمة بجلسة 7 من ديسمبر سنة 1975 حافظة انطوت على تقرير مكتب المخابرات العامة بالسفارة المصرية ببون غير مؤرخ نسب فيه إلى المدعي وجود صلة غير مشروعة بينه وبين سيدة ألمانية تدعى.... وجاء بهذا التقرير أنها شوهدت معه في أوضاع شائنة بواسطة بعض العاملين بالسفارة وأنه يحتمل وجود صلة بين هذه السيدة وإحدى أجهزة المخابرات الأجنبية، وقد انتهى التقرير إلى التوصية بنقل المدعي من وزارة الخارجية لما هو معروف عنه من ميله إلى النساء وضعفه أمامهن وأنه لا يؤدي واجبات وظيفته على الوجه الأكمل، وقد أرسل هذا التقرير بكتاب مؤرخ في 10/ 10/ 1963 من السيد/ مدير مكتب رئيس المجلس التنفيذي إلى السيد مدير مكتب نائب وزير الخارجية جاء به أن السيد رئيس المجلس التنفيذي وافق على المقترحات الواردة بالتقرير، ويرى ضرورة تنفيذ نقل المدعي في الميعاد والمهلة المحددة له وإلا يعتبر غائباً عن وظيفته ويفصل، كما أرسل التقرير المشار إليه كذلك إلى السيد سكرتير السيد/ رئيس الجمهورية للمعلومات. ولما كان القرار الجمهوري المطعون فيه الذي قضى بنقل المدعي من وزارة الخارجية إلى مصلحة الضرائب قد صدر في 12/ 2/ 1964 أي في تاريخ لاحق لكتاب السيد رئيس المجلس التنفيذي بالموافقة على تقرير المخابرات العامة بنقله والمرسل لوزارة الخارجية في 10/ 10/ 1963 مما يفيد أن سبب هذا النقل هو ما جاء بهذا التقرير، وإذ قدمت الجهة الإدارية لهذه المحكمة الوقائع الواردة بالتقرير كسبب لإصدار القرار الجمهوري المطعون فيه، فإنها تخضع للرقابة القضائية التي تسلطها هذه المحكمة لوزن هذا القرار بميزان المشروعية لتبين ما إذا كان هذا السبب مستمداً من أصول موجودة أم غير موجودة، وما إذا كان مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه مادياً أو قانوناً أم لا.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الوقائع الواردة بتقرير المخابرات العامة المشار إليه والتي كانت سبب نقل المدعي من وزارة الخارجية، لم يجر أي تحقيق فيها رغم خطورتها وكان من الواجب قانوناً سماع أقوال شهود هذه الوقائع ودفاع المدعي للتحقق من صحة ما نسب إليه، ومن ثم فإن ما ذكر في هذا التقرير لا يعدو مجرد أقوال مرسلة غير مؤيدة بأي دليل، خاصة وأن السيد المدعي قد ذكر في دفاعه أن سبب نقله هو الخلاف الذي كان قائماً بينه وبين السيد الملحق العسكري بسفارة بون في وقت معاصر لكتابة تقرير المخابرات وأن السيد الملحق العسكري كان على صلة وثيقة بمراكز القوى في ذلك الوقت على التفصيل المبين في تقرير طعنه ومذكرة دفاعه وهو ما لم تنقضه الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه بالاطلاع على ملف خدمة السيد... المدعي باعتباره الوعاء الطبيعي للوظيفة والعنصر الأساسي الذي يستهدي به في تقرير كفايته وسلوكه في عمله - تبين أنه بدأ خدمته بالحكومة سنة 1943 مأموراً مساعداً بمصلحة الضرائب وتدرج بالترقية في وظائف هذه المصلحة حتى رقي في 31/ 3/ 1956 إلى الدرجة الثالثة بالكادر الفني العالي بالاختيار وفى 27/ 5/ 1957 عين سكرتيراً أول بوزارة الخارجية بمقتضى القرار الجمهوري رقم 494 لسنة 1957 ورقي إلى درجة مستشار بهذه الوزارة في 10/ 6/ 1961 بالقرار الجمهوري رقم 677 لسنة 1961، وأن ما ورد بملف الخدمة يدل على كفاءة المدعي في عمله وحسن سلوكه وقد أوصت التقارير السرية المودعة بالملف بترقيته في نسبة الاختيار لأمانته وكفاءته وأخلاقه الحميدة ولم يوجد بملفه ما يدل على إجراء أي تحقيقات معه أو توقيع جزاءات عليه. كما تبين أن المدعي عين في 7/ 7/ 1974 بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1083 لسنة 1974 في وظيفة من الفئة العالية (1400/ 1800 جنيهاً) بوزارة المالية مع منحه بدل التمثيل المقرر لوظيفة وكيل وزارة وقد قدم المدعي حافظة انطوت على وثيقة صادرة في 5/ 7/ 1963 معتمدة من سفارة ألمانيا الغربية تفيد منحه ميدالية الشرف الذهبية "ميركاتور" لمدينة دويسبورج تقديراً للمجهود الجليل الذي قام به لإنجاح أسبوع الجمهورية العربية الذي أقيم في هذه المدينة في المدة من 29/ 6 إلى 7/ 7/ 1963. كما قدم نسخة من الجريدة الرسمية المصرية الصادرة في 24/ 3/ 1964 أي بعد أقل من شهر ونصف من تاريخ صدور القرار المطعون فيه تفيد موافقة السيد/ رئيس الجمهورية على الإذن للمدعي في قبول وحمل وسام الاستحقاق لجمهورية ألمانيا الاتحادية من طبقة كومندور الذي منحه عام 1961 بمناسبة نقله من سفارة الجمهورية العربية المتحدة في بون.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون السبب الذي استندت إليه الجهة الإدارية المدعى عليها لنقل المدعي إلى مصلحة الضرائب في وظيفة من الدرجة الثانية بمقتضى القرار الجمهوري رقم 546 لسنة 1964 غير مستمد من أصول صحيحة تنتجه مادياً وقانوناً، وينفيه الثابت من ملف خدمة المدعي والمستندات المقدمة منه على ما سبق بيانه، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه فاقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق