جلسة 22 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وحسام الدين الحناوي.
---------------
(48)
الطعن رقم 2428 لسنة 58 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن" "قانون" القانون الواجب التطبيق "نظام عام"
صدور تشريع لاحق يستحدث حكماً جديداً يتعلق بذاتية القاعدة الموضوعية الآمرة المتعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على المراكز التي لم تستقر نهائياً وقت نفاذه.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن. إشراك المستأجر لآخرين معه في النشاط الذي يباشره بالعين". حكم "تسبيبه". عيوب التدليل.
(2) الشريك الذي يدخله المستأجر الأصلي معه في استغلال العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي - حقه في الاستمرار بالانتفاع بها بعد ترك الأخير لها - التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار له - المادتان 29/ 2 ق 49 لسنة 1977، 18 ق 136 لسنة 1981.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بالإخلاء استناداً إلى عدم انطباق أحكام القانون 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 على عقدي الإيجار لانقضاء عقد الشركة التي كانت قائمة بالعين قبل تاريخ سريان القانونين المذكورين ورغم عدم تحدد المراكز القانونية للخصوم بموجب حكم نهائي. خطأ وقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن الأول أقام على المطعون ضدهم الأربعة الأول الدعوى رقم 7316 سنة 1985 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم تحرير عقد إيجار باسمه عن الشقق الأربعة المبينة بالصحيفة وقال في بيان دعواه أنه بموجب عقدين مؤرخين 24/ 1/ 1959 استأجر شقيقه الطاعن الثاني هذه الشقق من مالكها السابق لاستعمالها فندقاً وتكونت شركة تضامن لاستغلاله دخل هو شريكاً فيها وبتاريخ 31/ 12/ 1965 تم حل هذه الشركة بموجب عقد اختص فيه بهذا الفندق وأصبح المستأجر الأصلي الوحيد للعين المؤجرة فطالب المطعون ضدهم الأربعة الأول - الذين آلت إليهم ملكيتها - بتحرير عقد إيجار له عنها إلا أنهم امتنعوا فأقام الدعوى بطلبه آنف البيان. وأقام المطعون ضدهم الأربعة الأول على الطاعنين والمطعون ضده الخامس الدعوى رقم 3708 سنة 1985 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بفسخ عقدي الإيجار المؤرخين 24/ 1/ 1959 وإخلائهم من الشقق المبينة بهما وتسليمها لهم خالية، وقالوا في بيان دعواهم أنه بموجب هذين العقدين استأجر الطاعن الثاني من سلفهم الشقق محل النزاع ثم تنازل عن الإجارة دون إذنهم للطاعن الأول الذي قام بتأجيرها من باطنه للمطعون ضده الخامس فأقاموا الدعوى بطلباتهم آنفة البيان ضمت المحكمة الدعويين ثم حكمت في الأولى بإجابة الطاعن الأول إلى طلباته فيها، وفي الثانية برفضها. استأنف المطعون ضدهم الأربعة الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 5784 سنة 104 قضائية، وبتاريخ 15/ 5/ 1988 قضت بإلغاء الحكم المستأنف، وفي الدعوى رقم 13708 سنة 1985 بفسخ عقدي الإيجار المؤرخين 24/ 1/ 1959 وإخلاء العين المبينة بهما وتسليمها خالية، وفي الدعوى رقم 7316 سنة 1985 برفضها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من عدم أحقية الطاعن الأول في الاستفادة من الامتداد القانوني المقرر لعقود الإيجار بمقتضى المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 سنة 1977 باعتبار أن هذا القانون قد صدر بعد قيام وانحلال الشركة التي تكونت لاستغلال العين محل النزاع فندقاً - والتي كان هو أحد الشركاء المتضامنين فيها - وأن أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 التي كانت سارية وقتئذ هي التي تحكم النزاع وذلك رغم أن نص المادة 29 المشار إليه يتعلق بالنظام العام فيسري بأثر فوري على المراكز القانونية القائمة وقت نفاذه، ولو كانت ناشئه قبل العمل بأحكامه طالما لم تستقر بحكم نهائي.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر في قوانين إيجار الأماكن وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء هي قواعد آمرة متعلقة بالنظام العام، ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها، ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتيه تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير - إضافة أو حذفاً - فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري مباشر على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه، وإنه ولئن كان عقدي إيجار العين محل النزاع قد أبرما في ظل العمل بالقانون رقم 121 سنة 1947 - ويخضعان بحسب الأصل لأحكامه - إلا أنه وقد صدر أثناء سريانهما، وقبل أن تتحدد مراكز الخصوم بحكم نهائي - القانون رقم 49 سنة 1977 والذي نصت المادة 29 منه في فقرتها الثانية "على أنه فإذا كانت العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال" وهو ما يدل على أن المشرع قد أقر حق الشريك الذي يدخله المستأجر الأصلي في استغلال العين في الاستمرار بالانتفاع بها بعد ترك الأخير لها، وإلزام المؤجر - بموجب الفقرة الأخيرة من هذه المادة - بتحرير عقد إيجار له، وهو ما أقره المشرع كذلك بما نص عليه في الفقرة (جـ) من المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981 من استثناء هذه الحالة من الحظر الذي أوردته على حق المستأجر في التنازل عن المكان المؤجر بغير إذن كتابي صريح من المالك، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه بإخلاء العين محل النزاع على سند من عدم انطباق أحكام القانون رقم 49 سنة 1977 أو 136 سنة 1981 على عقدي الإيجار المؤرخين 24/ 1/ 1959 لانقضاء عقد الشركة التي كانت قائمة بالعين قبل تاريخ سريان هذين القانونين، رغم أن المراكز القانونية للخصوم لم تكن عندئذ قد تحددت بحكم نهائي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما أدى إلى تحجبه عن بحث مدى توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 18 (جـ) من القانون رقم 136 سنة 1981 على عقدي إيجار العين محل النزاع، وهو ما عابه أيضاً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق