الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 23 أكتوبر 2024

الطعن 572 لسنة 19 ق جلسة 10 / 1 / 1976 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 7 ص 16

جلسة 10 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، محمد نور الدين العقاد - المستشارين.

-------------------

(7)

القضية رقم 572 لسنة 19 القضائية

إصلاح زراعي - الانتفاع بالأراضي المستصلحة - عقد العمل - إنهاء خدمة.
إذا كان الثابت أن المؤسسة المصرية العامة لاستغلال وتنمية الأراضي المستصلحة قد اتجهت إلى أن يكون الانتفاع بالأراضي التي تؤول إليها عن طريق التأجير لصغار المزارعين ووضعت شروط وأوضاع هذا الانتفاع واشترطت فيما اشترطته أن يكون المنتفع بهذه الأرض متفرغاً لزراعتها لا يرتبط بعلاقة عمل بأي شخص أو بأية جهة سواء كانت علاقة عقدية أو تنظيمية وكان الثابت أن الطاعن قد أبدى رغبته في الانتفاع بمساحة من الأراضي المستولى عليها ولا يرغب في الوظيفة التي كان يشغلها في المؤسسة وبناء على ذلك تقررت أحقيته في الانتفاع بمساحة من الأرض الزراعية وأنهيت خدمته فإنه لا محل لما نعاه الطاعن من أنه لا يسوغ نزع الموظف من وظيفته بمجرد أن لحقته صفة المنتفع بالأرض دون أن يكون هناك نص تشريعي قائم يبيح فصل المنتفع بالأرض من وظيفته - أساس ذلك أن الطاعن لم يفصل من خدمته لمجرد تقرير انتفاعه بالأرض، ولكن واقع الأمر أن المؤسسة استجابت لرغبته في إيثاره الانتفاع بالأرض على البقاء في وظيفته فقررت انتفاعه بالأرض وانتهت خدمته - اشترط المؤسسة فيمن ينتفع بأراضيها أن يكون متفرغاً لعمله الزراعي ولخدمة الأرض لا مخالفة فيه للقانون - أساس ذلك أنه لا يوجد ثمة حظر على المؤسسة في تطلب هذا الشرط ومن ثم فإن وضع هذا الشرط يدخل في حدود سلطتها التقديرية.

------------------
إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن السيد محمد عبد الوهاب مقلد أقام الدعوى رقم 75 لسنة 15 القضائية ضد السيدين وزير الإصلاح الزراعي واستصلاح الأراضي ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة لتنمية واستغلال الأراضي المستصلحة بصفتيهما بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية في 12 من نوفمبر سنة 1967 بناء على قرار لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة الصادر لصالحه بجلسة 13 من سبتمبر 1967 في طلب الإعفاء رقم 732 لسنة 14 القضائية المقدم منه في 9 من مايو سنة 1967. وطلب المدعي الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف حقوقه من مرتب ومكافأة وتعويض وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل في خدمة المؤسسة المذكورة ومنع من العمل في 13 من نوفمبر سنة 1966 ولم يخطر بقرار فصله من الخدمة ولا بالأسباب التي بني عليها هذا الفصل، وقد تظلم من قرار فصله في 9 من يناير 1967 ولم تحرك جهة الإدارة ساكناً وعقبت الجهة الإدارية قائلة إن المدعي رغب في الانتفاع بأراضي الإصلاح وأبدى رغبته بعدم البقاء في وظيفته وذلك على ما أشر به على استمارة البحث رقم 126899 الخاصة بتوزيع الأراضي للانتفاع وإذ اختار بمحض اختياره الانتفاع بأراضي الإصلاح وتفضيل ذلك على البقاء في الوظيفة فإنه يعتبر تاركاً لوظيفته بالاستقالة، ويتعين لذلك رفض دعواه وبجلسة 3 من نوفمبر سنة 1967 قضت المحكمة بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليها المصروفات. وأقامت قضاءها على أن القانون هو الذي ينظم الوظيفة الاجتماعية للملكية بحكم الدستور ومن ثم فإنه لا يجوز بقرار جعل ملكية الأراضي الزراعية سبباً لانتهاء خدمة العاملين في الدولة وبالتالي فإن القرار الذي أصدره وكيل وزارة الإصلاح الزراعي في 17 من ديسمبر 1962 بفصل الخفراء والعمال المؤقتين الذين ينتفعون عن طريق التمليك بأراضي الإصلاح الزراعي بمساحة تزيد على الفدانين مخالف للدستور والقانون. وبعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية الثانية) في أول يناير سنة 1970 أقامت وزارة الإصلاح الزراعي والمؤسسة المذكورة الطعن رقم 560 لسنة 2 القضائية طعناً في هذا الحكم تأسيساً على أن قرار وكيل وزارة الإصلاح الزراعي المشار إليه لم يكن مودعاً في الدعوى ولا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه، هذا إلى أن اشتراط المؤسسة الانتفاع بالأراضي المستصلحة عدم ارتباط المنتفع لعلاقة عمل لا ينطوي على ثمة مخالفة للدستور أو القانون ولا يتعارض مع حق العمل كما لا يمس حق الملكية وبجلسة 7 من مارس سنة 1973 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المؤسسة عرضت على المدعي الانتفاع بأراضي الإصلاح الزراعي سواء بالتأجير أو بالملكية أو البقاء في الخدمة فوقع على استمارة البحث بأنه يرغب في الانتفاع ولا يرغب الوظيفة، ولا يعدو ذلك أن يكون رغبة في الاستقالة من الوظيفة العامة إذا ما رأت الجهة الإدارية منحه أرضاً زراعية للانتفاع بها سواء عن طريق التأجير أو الملكية، وأنه لا محل للقول بأن تخير المدعي بين البقاء في الوظيفة أو الانتفاع بالأرض يتعارض مع الدستور لأن جهة الإدارة حرة في اختيار طريقة الانتفاع بالأرض ووضع الشروط اللازمة من أجل أفضل وسيلة لتحقيق هذا الغرض ومن ثم فلا تثريب عليها إذ هي رأت وضع شروط معينة يجب توافرها في المنتفعين بالأرض ومنها أن يكون متفرغاً لخدمة الأرض فلا تشغله أعباء الوظيفة العامة عن هذه الخدمة، وخلصت المحكمة إلى أن فصل المدعي من الخدمة عقب تسليمه الأرض في سنة 1966 وقد تم استجابة إلى طلبه من حيث استقالته من الوظيفة العامة، فمن ثم يكون طلب إلغاء قرار الفصل غير قائم على أساس من القانون واجب الرفض.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد طعنت في هذا الحكم تأسيساً على أنه لا يوجد ثمة ما يمنع قانوناً من الجمع بين الوظيفة وبين الانتفاع بأرض الإصلاح الزراعي، وعلى هذا فإنه لا يسوغ نزع الموظف العامل من وظيفته لمجرد أنه لحقته صفة المنتفع بالأرض دون أن يكون هناك نص تشريعي قائم يبيح فصل المنتفع بالأرض من وظيفته وعلى ذلك فإن التخيير الذي وجد المدعي نفسه أمامه هو تخيير معيب أصاب إرادته بالغلط.
ومن حيث إن الثابت من استقراء الأوراق أن من الأغراض التي أنشئت المؤسسة المدعى عليها لتحقيقها استغلال وتنمية الأراضي الزراعية التي تؤول إليها تحقيقاً لأكبر قدر من المنفعة العامة وللدخل القومي. وفى سبيل تحقيق هذا الهدف اتجهت سياسة الدولة بادئ الأمر إلى أن يكون الانتفاع بهذه الأرض عن طريق تمليكها لصغار المزارعين ثم اتجهت سياسة الدولة بعد ذلك إلى أن هذا الانتفاع عن طريق التأجير لصغار المزارعين، وتنفيذاً لهذه السياسة وضعت المؤسسة شروط وأوضاع هذا الانتفاع واشترطت فيما اشترطته أن يكون المنتفع بهذه الأرض متفرغاً لزراعتها ولا يرتبط بعلاقة عمل بأي شخص أو بأية جهة سواء أكانت علاقة عقدية أو تنظيمية، حتى يكرس المنتفع كل طاقاته في خدمة الأرض رفعاً لإنتاجيتها تحقيقاً للمصلحة العامة. وقد أبدى المدعي في نوفمبر سنة 1965 رغبته في الانتفاع بمساحة من الأرض الزراعية المستولى عليها عن طريق الشراء ووقع على استمارة البحث بأنه يرغب الانتفاع ولا يرغب الوظيفة التي كان يشغلها في المؤسسة حينذاك وهى خفير مؤقت. وبناء على ذلك تقررت أحقيته في الانتفاع بمساحة من الأرض الزراعية وأنهيت خدمته. وعندما اتجهت سياسة الدولة إلى أن يكون الانتفاع بالأرض بالإيجار وليس بالملكية، عرض الأمر على المدعي بناء على كتاب القطاع الجنوبي لمديرية التحرير بالمؤسسة المؤرخ في 18 من فبراير سنة 1967 لإبداء رأيه في هذا الشأن وللنظر في عودته إلى عمله إذا رفض الانتفاع بالأرض بالإيجار، فتمسك المدعي بالأرض سواء أكان الانتفاع بالتمليك أم بالتأجير، ووقع بما يفيد ذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد التزم صواب القانون فيما قضى به من رفض طلب إلغاء قرار فصل المدعي للأسباب المتقدم ذكرها التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة ولا حجة فيما نعاه الطعن من أنه لا يسوغ نزع الموظف العامل من وظيفته لمجرد أن لحقته صفة المنتفع بالأرض دون أن يكون هناك نص تشريعي قائم يبيح فصل المنتفع بالأرض من وظيفته، لا حجة في ذلك لأن المدعي لم يفصل من خدمته لمجرد تقرير انتفاعه بالأرض، ولكن الواقع من الأمر أن المؤسسة المدعى عليها استجابت لرغبة المدعي في إيثار الانتفاع بالأرض على البقاء في وظيفته فقررت انتفاعه بالأرض وانتهت خدمته. ولقد صدرت رغبة المدعي هذه عن إرادة حرة لا ضغط فيها ولا إكراه، وتأكدت هذه الإرادة الحرة بمناسبة العدول عن نظام التمليك إلى الانتفاع بالإيجار، فقد تمسك المدعي - بعد تمكينه من الأرض وإنهاء خدمته - بالانتفاع بالأرض الزراعية سواء بالتمليك أم بالإيجار دون الوظيفة. كما أن النعي بأن تخيير المدعي بين الانتفاع بالأرض وبين الوظيفة تخيير معيب بمقولة أنه لا يوجد ثمة ما يمنع قانوناً من الجمع بين الوظيفة وبين الانتفاع بالأرض، وبالتالي تكون إرادة المدعي قد شابها الغلط، فإنه مردود ذلك لأن اشتراط المؤسسة فيمن ينتفع بأراضيها أن يكون متفرغاً للعمل الزراعي ولخدمة الأرض، لا مخالفة فيه للقانون طالما لا يوجد ثمة حظر على المؤسسة في تطلب هذا الشرط، وبهذه المثابة فإن وضع هذا الشرط يدخل في حدود سلطتها التقديرية بما لا مطعن عليه ما دام قد خلا من عيب الانحراف بالسلطة. وإذ استهدفت المؤسسة من اشتراط التفرغ للعمل الزراعي وخدمة الأرض والعناية بها تحسيناً لمستواها ورفعاً لإنتاجيتها ابتغاء تنمية الدخل القومي وتحقيق المصلحة العامة، فإنه لا يكون ثمة خطأ في القانون يستتبع القول معه بأن إرادة المدعي قد وقعت في غلط ما.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون قد أصاب فيما قضى به ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق