جلسة 28 من إبريل سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.
------------------
(127)
الطعن رقم 56 لسنة 32 القضائية
(أ) تنفيذ. "إعلان السند التنفيذي". بطلان. نظام عام.
البطلان المترتب على عدم إعلان السند التنفيذي غير متعلق بالنظام العام.
(ب) تنفيذ. "إعلان السند التنفيذي". حجز. "حجز ما للمدين لدى الغير".
لم يشترط في حجز ما للمدين لدى الغير أن يسبقه إعلان المدين بسند الدين. بطلان هذا الإعلان لحصوله في المحل المختار. سكوت المدين عن التمسك بهذا البطلان لا يفيد - في تنفيذ لاحق بطريق الحجز العقاري - نزولاً منه عن هذا البطلان أو رضاء منه بإعلان سند التنفيذ إليه في المحل المختار.
(ج) تنفيذ. "إعلان سند التنفيذ". إعلان. "الإعلان".
وجوب إعلان سند التنفيذ - وفقاً للمادة 384 من قانون المرافعات الملغي - إلى نفس الخصم أو في موطنه الأصلي. يستثنى من ذلك حالة - الشروع في التنفيذ خلال ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم المنفذ به. جواز الإعلان في هذه الحالة في المحل المختار.
2 - لم يتطلب المشرع في ظل تقنين المرافعات الملغي ولا في التقنين القائم أن يسبق حجز ما للمدين لدى الغير إعلان المدين بسند التنفيذ، ومن ثم فلم يكن للطاعن - المحجوز عليه - أن يحتج ببطلان إعلانه بسند التنفيذ في المحل المختار عند التنفيذ عليه بطريق حجز ما للمدين لدى الغير طالما أن إعلانه بهذا السند لم يكن لازماً أصلاً لا في الموطن الأصلي ولا في المحل المختار وبالتالي فلا يجوز - في تنفيذ لاحق بطريق الحجز العقاري - اعتبار سكوته عن التمسك ببطلان الإعلان في التنفيذ الأول وإقراره هذا التنفيذ، نزولاً منه عن هذا البطلان أو رضاء منه بإعلان سند التنفيذ إليه في المحل المختار.
3 - أوجبت المادة 384 من قانون المرافعات الملغي إعلان سند التنفيذ إلى نفس الخصم أو في موطنه الأصلي ولم يستثن القانون من ذلك إلا الحالة التي يحصل فيها الشروع في التنفيذ خلال ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم المنفذ به إذ اعتبرت المادة 404 - من القانون المذكور - الإعلانات الحاصلة في المحل المختار صحيحة في هذه الحالة. فإذا اعتبر الحكم المطعون فيه إعلان سند التنفيذ في المحل المختار صحيحاً دون التحقق مما إذا كان قد حصل في المدة المنوه عنها أم لا فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه (1).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم حصلوا على حكم في القضية رقم 206 سنة 1937 كلي المنصورة - بإلزام الطاعنين وآخرين بصفتهم ورثة المرحوم محمد عبد الرحمن رحمو - بأن يدفعوا لهم من تركة مورثهم المذكور مبلغ 366 ج و500 م وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً في القضية رقم 433 سنة 58 قضائية القاهرة - واستيفاء لهذا الدين اتخذ المطعون ضدهم في سنة 1947 إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد مديرية الدقهلية على ما يستحقه مدينوهم المذكورون في ذمة وزارة الداخلية من أجرة مبنى مركز شرطة المنزلة المؤجر منهم لهذه الوزارة ولم يعترض الطاعنون على هذا الحجز - وإذ اتخذ المطعون ضدهم بعد ذلك بموجب الحكم الآنف ذكره إجراءات التنفيذ العقاري على 7 ف و4 ط و2 س مملوكة لمورث الطاعنين فقد أقام الطاعن الأول السيد فؤاد محمد رحمو الدعوى رقم 1059 سنة 1952 كلي المنصورة وطلب فيها بطلان إجراءات التنفيذ العقاري الموجهة ضده وضد باقي ورثة المرحوم محمد عبد الرحمن رحمو من المطعون ضدهم استناداً إلى القول بأنه لم يعلن بتلك الإجراءات إعلاناً صحيحاً ومن ثم يجوز له أن يطعن عليها بطريق الدعوى الأصلية - ولدى نظر الدعوى تدخل باقي الطاعنين فيها وانضموا إلى الطاعن الأول في طلباته دفع المطعون ضدهم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 4 سنة 1952 كلي بيوع المنصورة لصدور حكم نهائي فيها بإيقاع البيع عليهم وبتاريخ 31 من مارس سنة 1955 قضت محكمة أول درجة بقبول الدفع وبرفض الدعوى فاستأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 239 سنة 7 ق المنصورة طالبين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان إجراءات التنفيذ وتمسك المطعون ضدهم بالدفوع التي أبدوها أمام محكمة أول درجة كما دفعوا بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن حق الطاعنين في إبداء أوجه البطلان التي يتمسكون بها قد سقط بعدم إبدائها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع - وبتاريخ 14 من يناير سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفوع المقدمة من المطعون ضدهم وفي الموضوع بقبول الدعوى وبجواز نظرها وبتأييد الحكم المستأنف وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إبداء أوجه البطلان بطريق الاعتراض على القائمة على ما ثبت لديها من أن الطاعنين الثاني والثالث والرابعة لم يخبروا بإيداع قائمة شروط البيع كما أن إخبار الطاعنين الأول والخامس بها وقع باطلاً ورتبت على ذلك عدم جواز الاحتجاج عليهم بإجراءات التنفيذ وأحقيتهم في طلب بطلانها بدعوى أصلية ثم عرضت بعد ذلك إلى مناقشة أوجه البطلان التي استند إليها الطاعنون وخلصت إلى أنها جميعاً على غير أساس - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها المتضمن نقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمتي الموضوع ببطلان إجراءات التنفيذ لأن السند التنفيذي لم يعلن لهم شخصياً أو لموطنهم الأصلي بل أعلن إليهم في محلهم المختار على خلاف ما تقضي به المادة 460 من قانون المرافعات - وعلى الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد سلم بذلك إلا أنه قضى برفض طلب البطلان المؤسس على هذا السبب استناداً إلى ما قاله من أن الطاعنين سبق أن أقروا إعلان السند التنفيذي في المحل المختار عند حجز ما للمدين لدى الغير في سنة 1947 إذ أعلنوا للحاجزين موافقتهم على الحجز وعلى أن يستوفي الحاجزون دينهم من المبالغ التي تودع خزانة المحكمة من الجهة المحجوز لديها - ويرى الطاعنون أن هذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أن البطلان المترتب على إغفال إعلان السند التنفيذي لنفس المحكوم عليه أو لموطنه الأصلي من النظام العام فلا تلحقه الإجازة - حسبما تقضي به المادتان 460، 25 من قانون المرافعات - هذا علاوة على أن موافقة الطاعنين على السير في إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير الذي تم في سنة 1947 بناء على الإعلان الباطل - لا يستفاد منها سواء بطريقة صريحة أو ضمنية الموافقة على إجراءات الحجز العقاري التي اتخذت بعد ذلك بأكثر من خمس سنوات استناداً إلى هذا الإعلان الباطل.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى رفض الدفع المبدى من المطعون ضدهم بعدم قبول الدعوى لعدم إبداء أوجه البطلان بطريق الاعتراض على القائمة وذلك تأسيساً على أن الطاعنين الثاني والثالث والرابعة لم يخبروا بإيداع القائمة كما أن الطاعنين الأول والخامس لم يعلنا بها إعلاناً صحيحاً فلا يجوز الاحتجاج عليهم بإجراءات التنفيذ ويكون لهم في هذه الحالة أن يتمسكوا بالعيب في هذه الإجراءات بطريق الدعوى الأصلية قال الحكم بعد ذلك رداً على دفاع الطاعنين الذي يثيرونه بسبب النعي ما يلي: "ومن حيث إن المستأنف عليهم "المطعون ضدهم" لم يشفعوا إعلان حكميهما الابتدائي والاستئنافي المنفذ بهما بالسير في إجراءات التنفيذ العقاري موضوع النزاع الراهن مباشرة بل شفعوا هذا الإعلان بتنفيذ سابق قاموا به في سنة 1947 بتوقيع الحجز تحت يد السيد/ مدير الدقهلية على ما في ذمته للمحكوم ضدهم من إيجار مبنى مملوك لهؤلاء الآخرين مؤجر لوزارة الداخلية ولم يبد المستأنفون "الطاعنون" أو غيرهم من المدينين المنفذ ضدهم أي اعتراض على توقيع هذا الحجز بعد إعلان السند التنفيذي لهم في المحل المختار دون إعلانهم شخصياً أو في موطنهم الأصلي بل إنهم على العكس من ذلك أقروا هذا الحجز وأنذروا الحاجزين "المطعون ضدهم" في شهر نوفمبر سنة 1954 طالبين منهم مواصلة السير فيه ومعلنين لهم موافقتهم عليه وعلى أن يستوفي الحاجزون دينهم من المبالغ التي تودع خزانة المحكمة من المحجوز لديه تنفيذاً لهذا الحجز - ومن ثم كان المستأنفون غير محقين في الطعن على إجراءات التنفيذ العقاري بالسير فيها من دون إعلان السند التنفيذي إليهم شخصياً أو في موطنهم الأصلي اكتفاء بإعلانه إليهم في محلهم المختار وذلك لسبق رضائهم بإعلان هذا السند إليهم في محلهم المختار وإقرارهم تنفيذاً كان هذا الإعلان من مقدماته القانونية" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه خطأ في القانون ذلك أنه وإن كان صحيحاً ما قرره الحكم من أن البطلان المترتب على عدم إعلان السند التنفيذي غير متعلق بالنظام العام إلا أن المشرع لم يتطلب لا في ظل تقنين المرافعات الملغي ولا في التقنين القائم أن يسبق حجز ما للمدين لدى الغير إعلان المدين بسند التنفيذ ومن ثم فلم يكن للطاعنين أن يحتجوا ببطلان إعلانهم بسند التنفيذ في المحل المختار عند التنفيذ عليهم بطريق حجز ما للمدين لدى الغير طالما أن إعلانهم بهذا السند لم يكن لازماً أصلاً لا في المحل الأصلي ولا في المحل المختار وبالتالي فلا يجوز اعتبار سكوتهم عن التمسك ببطلان إعلانهم به في التنفيذ الأول أو إقرارهم هذا التنفيذ نزولاً منهم عن هذا البطلان أو رضاء منهم بإعلان هذا السند إليهم في المحل المختار لما كان ذلك، وكانت المادة 384 من قانون المرافعات الملغي قد أوجبت إعلان سند التنفيذ إلى نفس الخصم أو في موطنه الأصلي ولم يستثن القانون من ذلك إلا الحالة التي يحصل فيها الشروع في التنفيذ في ظرف ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم المنفذ به إذ اعتبرت المادة 404 الإعلانات الحاصلة في المحل المختار صحيحة في هذه الحالة وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر إعلان سند التنفيذ في المحل المختار صحيحاً دون التحقق مما إذا كان قد حصل في المدة المنوه عنها أم لا فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(1) راجع نقض 3/ 11/ 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 1152.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق