الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 أكتوبر 2024

الطعن 1194 لسنة 29 ق جلسة 2 / 2/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 26 ص 128

جلسة 2 من فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-----------------

(26)
الطعن رقم 1194 لسنة 29 القضائية

إفشاء أسرار. إثبات. شهادة.
موانع الشهادة. نطاق الحظر المقرر بالم 209 مرافعات.
عدم امتداده إلى ما يتصل بسمع أحد الزوجين أو يقع عليه بصره.
الإعفاء من الشهادة. أثر توافر حالات الم 286 أ. ج.
إعفاء الشاهد من أداء الشهادة إذا رغب في ذلك.

------------------
مفاد نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها - ولو كان من يشهد ضده قريباً أو زوجاً له، وإنما أعفى من أداء الشهادة إذا أراد ذلك - أما نص المادة 209 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انفصامها إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على صاحبه أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر - فإذا كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة المتهم الأول وزوجة أخيه لم يبلغ إليهما من زوجيهما - بل شهدتا بما وقع عليه بصرهما واتصل بسمعهما، فإن شهادتهما تكون بمنأى عن البطلان ويصح في القانون استناد الحكم إلى أقوالهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المتهمين الثلاثة الأول بأنهم: قتلوا عمداً ومع سبق الإصرار محمد علي دبور بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله واصطحبوه في قارب في نهر النيل وألقوه في اليم بأن دفعه المتهم الأول بيده قاصداً من ذلك قتله فسقط في النيل وغرق - والمتهم الرابع (الطاعن): اشترك بطريق التحريض والاتفاق مع المتهمين الثلاثة الأول في ارتكاب جريمة القتل السابقة الذكر فتمت الجريمة بناءً على ذلك. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للمواد 230، 231 و40/ 1 و2 و41 و235 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعت كل من زوجة المجني عليه ووالدته قبل المتهمين بالتضامن بمبلغ 3000 جنيه (ثلاثة آلاف جنيه) على سبيل التعويض، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للثلاثة الأول بمعاقبة كل من المتهم الأول والطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهم جميعاً متضامنين بان يدفعوا للمدعيتين بالحق المدني مبلغ ألف جنيه مناصفة والمصروفات المدنية. فطعن المتهم الرابع في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى بإدانة الطاعن استناداً إلى شهادة زوجين أفشيتا أسراراً وصلت إليهما أثناء قيام الزوجية دون رضاء زوجيهما، ومن ثم فهي شهادة باطلة طبقاً للقانون، إذ تنص المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية على أن تسري أمام المحاكم الجنائية القواعد المقررة في قانون المرافعات لمنع الشاهد من أداء الشهادة أو لإعفائه من أدائها، وتنص المادة 209 من قانون المرافعات على أن لا يجوز لأحد الزوجين أن يفشي بغير رضاء الآخر ما أبلغه به أثناء الزوجية ولو بعد انفصامها إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على صاحبه أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة مباشرة، ويكون الحكم إذ استند إلى شهادة زوجة الطاعن الأول وزوجة أخيه قد شابه البطلان مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد الأدلة التي استخلص منها ثبوتها قال "وحيث إن إنكار المتهم الرابع (الطاعن) للحادث مردود عليه بما أدلى به الشهود عن واقعة النزاع بينه وبين المجني عليه وما تسبب عنه من فصل المتهم الرابع من العمل ومحاولة المتهم الأول إثناء المجني عليه عن متابعة مطالبة المتهم الرابع بما في ذمته وما روته أخت المجني عليه من أن المتهم الرابع رفض دفع المبلغ وأعلنها بأن المجني عليه قد تسبب في خسارة بالغة بلغت 160 جنيهاً وما شهدت به زوجة المتهم الأول وزوجة أخيه من حضور المتهم الرابع واجتماعه بالمتهم الأول في مسكنه وما تناهى إلى سمع كل منهما من حديث بشأن هذه الجريمة على النحو الذي سلف بيانه، كل ذلك تستيقن منه المحكمة أن المتهم الرابع ضالع في الجريمة المسندة إلى المتهمين الآخرين وأنه المحرض لهم وصاحب المصلحة وقد استأجرهم على قتل المجني عليه مقابل الخمسة وعشرين جنيهاً التي جاء ذكرها على لسان من شهدوا بها في الجلسة والتحقيق." لما كان ذلك، وكانت المادة 286 أ. ج قد جرى نصها على أنه "يجوز أن يمتنع عن أداء الشهادة ضد المتهم أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الثانية وزوجه ولو بعد انقضاء رابطة الزوجية، وذلك ما لم تكن الجريمة قد وقعت على الشاهد أو على أحد أقاربه أو أصهاره الأقربين، أو إذا كان هو المبلغ عنها أو إذا لم تكن هناك أدلة إثبات أخرى" ومفاد هذا النص أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريباً أو زوجاً له، وإنما أعفي من أداء الشهادة إذا أراد ذلك، أما نص المادة 209 مرافعات فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انفصامها إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على صاحبه أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر، ولما كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة المتهم الأول وزوجة أخيه لم يبلغ إليهما من زوجيهما بل شهدتا بما وقع عليه بصرهما واتصل بسمعهما، فإن شهادتهما تكون بمنأى عن البطلان، ويكون استناد الحكم إلى أقوالهما صحيح في القانون، وبالتالي يكون ما جاء بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم شابه القصور فقد دفع الطاعن بعدم جواز سماع الشاهدتين السابقتين وعدم جواز الاستناد إلى شهادتهما إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفع ولم يرد عليه، كما أن الطاعن الثاني تمسك في دفاعه بأن أقواله في التحقيق جاءت نتيجة إكراه وقع عليه، إذ اعتدى عليه ضابط المباحث بالضرب ومع ذلك فقد استند الحكم إلى هذه الأقوال دون أن يعرض لهذا الدفاع ويفنده، هذا إلى أن الدفاع استند في نفي سبق الإصرار إلى أن المجني عليه هو الذي فكر في استئجار القارب ودفع أجره، والحكم إذ لم يرد على هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه نفي ركن سبق الإصرار يكون قاصراً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه بالنسبة لما يثيره الطاعن في هذا الوجه من قصور الحكم لعدم رده على الدفع بعدم جواز الاستناد إلى شهادة الزوجتين فإن الحكم إذ عول على شهادتهما يكون قد أطرح ضمناً هذا الدفاع ولا يلتزم بالرد عليه ما دام ذلك متفقاً مع حكم القانون على ما سبق بيانه بالوجه الأول - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في الرد على دفاع المتهم الثاني من أن اعترافه في التحقيق كان وليد إكراه وقع عليه - فمردود بأن الحكم لم يستند في إدانة الطاعن إلى أقوال هذا المتهم، بل إلى أقوال شهود الإثبات وما استخلصه من أنه صاحب المصلحة في الخلاص من المجني عليه.
وبفرض صحة ما يقوله الطاعن من أن المجني عليه هو صاحب فكرة ركوب القارب في النيل وأنه دفع أجره، فإن ذلك لا ينفي عنه التحريض على ارتكاب الجريمة، ومن ثم فإن ما جاء بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو أن الحكم أخطأ في الإسناد، إذ نسب إلى الشاهدة زينب حنفي مشالي أنها شهدت في التحقيق بأن الطاعن ذهب إلى المتهم الأول في سكنه ثم اجتمع بهما زوجها إبراهيم إدريس وشخصان آخران وأنها سمعت نقاشاً يدور بينهم حول واقعة غرق المجني عليه كما سمعت الطاعن يستفسر من المتهم الأول عن كيفية توزيع مبلغ الخمسة وعشرين جنيهاً الذي قبضه مقابل تنفيذ الجريمة - وهذا الذي أورده الحكم لا أساس له من الأوراق ولم يرد على لسان الشاهدة - هذا فضلاً عن أن الحكم حين سرد أقوال الشاهدة المذكورة لم يشر إلى ما قررته من أن أقوالها السابقة قد انتزعت منها بالتهديد والإكراه، كما أشار الدفاع إلى أن إبلاغ الزوجتين للبوليس كان نكاية منهما لزوجيهما، وقد رد الحكم على ذلك بأن الطلاق جاء نتيجة شهادة الزوجتين مع أن الثابت بالتحقيق أن الطلاق حدث في 20/ 7/ 1956 بينما لم تبلغ الزوجتان إلا في اليوم التالي مما يدل على أن الشهادة قصد بها الانتقام.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، أن الشاهدة زينب حنفي مشالي شهدت في تحقيق النيابة بأن المتهم الرابع حضر إلى منزلها واجتمع بالمتهم الأول وأخيه إبراهيم أحمد إدريس وأنها سمعت هذا الأخير يطلب من أخيه المتهم الأول أن يذكر حقيقة حادث الغرق فأجابه بقوله إنهم كانوا يركبون قارباً وأثناء التجديف قذفوه في الماء وأنهم أخذوا مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً من المتهم الرابع كما سمعت المتهم الرابع يسأل الطاعن الأول عما فعله بهذا المبلغ فرد عليه بقوله إنه قام بتوزيعه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشاهدة له أساس من الأوراق بما ينتفي معه دعوى الخطأ في الإسناد، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول للشاهد دون قول آخر له متى اطمأنت إليه، فإن النعي على الحكم بأنه لم يعتمد أقوال الشاهدة الأخيرة التي عدلت فيها عن أقوالها السابقة يكون في غير محله - أما بالنسبة لما أثاره الطاعن في طعنه من أن بلاغ الزوجتين للبوليس جاء نكاية منهما لزوجيهما فقد رد عليه الحكم بقوله "إن المحكمة تطمئن إلى روايتهما بالتحقيق وأنها ترى أن واقعة الطلاق الغيابي وعلته قد صورتا على ما أخرجت فيها توقياً من مفاجأة إفصاح الزوجتين" ومفاد ما قاله الحكم إن الطلاق إنما اتخذ كإجراء لتوقي إفصاحهما عما تعلمانه بشأن الحادث، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق