الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 أكتوبر 2024

الطعن 853 لسنة 19 ق جلسة 21 / 2 / 1976 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 25 ص 63

جلسة 21 من فبراير سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضة، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريدة، محمد نور الدين العقاد - المستشارين.

------------------

(25)

القضية رقم 853 لسنة 19 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - جزاء تأديبي - إلفات النظر.
إذا كان القرار المطعون فيه قد سجل على العامل ارتكابه مخالفات محددة ودمغ سلوكه بأنه معيب ينافي القيم الأخلاقية، وأكد ما وصمه به بإيداع القرار والأوراق المتعلقة به ملف خدمته ومن شأن ذلك أن يؤثر على مركزه القانوني في مجال الوظيفة العامة فإن القرار المذكور يكون والحال كذلك قد خرج على الهدف الحقيقي لإلفات النظر باعتباره مجرد إجراء مصلحي لتذكير العامل بواجبات وظيفته - القرار على هذا النحو ينطوي على جزاء تأديبي مقنع.

-----------------
إذا كان الأمر كذلك وكانت الأسباب التي استند إليها القرار المذكور قد استخلصت استخلاصاً غير سائغ من الأوراق ولا تصلح مسوغاً للمساءلة التأديبية فإنه يتعين إلغاؤه ورفع أوراق العقوبة وكل إشارة إليها وما يتعلق بها من ملف خدمة العامل - أساس ذلك أن القانون رقم 58 لسنة 1971 يقضي في المادة 67 منه بأنه يترتب على محو الجزاء التأديبي رفع أوراق العقوبة وكل إشارة إليها وما يتعلق بها من ملف خدمة العامل وهذا الأثر واجب التطبيق من باب أولى في حالة الحكم بإلغاء القرار التأديبي المطعون فيه.
إن القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ينص في المادة العاشرة منه على بيان الدعاوى والطلبات والمنازعات التي تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فيها، ثم يحدد في المواد 13 وما بعدها قواعد ترتيب الاختصاص بين هذه المحاكم على أساس من نوع المنازعة والمستوى الوظيفي للعامل، وفى هذا المقام يقضي بأن تختص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية، والطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام لذلك يتعين على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى أن تتبين بادئ الأمر ما إذا كانت المنازعة المطروحة تدخل في اختصاصها الذي حدده القانون فتفصل في موضوعها، أم أنها من اختصاص محكمة أخرى فتقضي بعدم الاختصاص وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة.
ومن حيث إنه من المسلمات أن تكييف الدعوى وتبيين حقيقة وضعها إنما يخضع لرقابة القضاء باعتباره تفسيراً لما يقصده المدعي، ولما كان قضاء مجلس الدولة قد جرى على تكييف القرارات الإدارية الصادرة في شأن الموظفين العموميين على أساس من حقيقة القرار وما اتجهت إرادة جهة العمل الإدارية إلى أحداثه من آثار قانونية، بصرف النظر عن العبارات المستعملة في صياغته ومن ثم فقد اطرد قضاؤه على الاختصاص بالطعون في بعض القرارات التي كانت خارجة عن اختصاصه في القوانين السابقة مثل قرارات نقل أو ندب الموظف العام إذا تبينت المحكمة أن القرار ينطوي في حقيقته على قرار آخر من القرارات الداخلة في الاختصاص مثل التأديب أو التعيين ولما كان ذلك وكان المدعي ينعى على القرار المطعون فيه أنه قرار ينطوي على جزاء تأديبي مقنع وإن أفرغته جهة الإدارة في عبارات الفات النظر، فإنه يكون متعيناً على المحكمة التأديبية أن تتحقق عما إذا كان القرار في حقيقته قراراً تأديبياً فتختص بالفصل في المنازعة، أم أنه ليس كذلك فتقضي بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن رئيس مكتب الأمن بالمؤسسة العامة للهندسة الإذاعية قدم تقريراً إلى رئيس مجلس الإدارة في 6 من يوليه سنة 1970 نسب فيه إلى المدعي ارتكاب مخالفات محصلها أنه وزع على بعض العاملين بالمؤسسة نسخة من شكوى مقدمة منه إلى هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة ضد المؤسسة بما يؤدي إلى الدعوى للخروج على النظام والتشهير بقرارات المؤسسة، وأنه أقسم بشرفه كذباً على عدم قيامه بذلك العمل. وقد أجرت الإدارة القانونية بالمؤسسة تحقيقاً فيما ورد بهذا التقرير بناء على تكليف من رئيس مجلس الإدارة، خلصت منه إلى مساءلة المدعي عما ورد بتقرير مكتب الأمن ووصفته في مذكرتها بنتيجة التحقيق بأنه سلك مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة مما يفقده شرطاً جوهرياً من شروط التأهيل الوظيفي، واقترحت مجازاته عن تلك المخالفات بخصم خمسة أيام من مرتبه، وقد أيد السيد المستشار القانوني للمؤسسة في مذكرته المؤرخة 17 من يناير سنة 1971 ثبوت المخالفات التي أسفر عنها التحقيق واقترح خفض الجزاء إلى الإنذار إلا أن رئيس مجلس الإدارة رأى أن يكتفي بإلفات نظر المدعي ومن ثم وجه إليه إلفات النظر مسبباً ومؤسساً على ثبوت ارتكابه المخالفتين سالفتي الذكر اللتين أسفر عنهما التحقيق ووصفه بأنه كان يستهدف التشهير بالمؤسسة وإثارة العاملين بها للخروج على النظام وبأنه سلك مسلكاً معيباً يتنافى مع القيم الأخلاقية المفروض توفرها فيمن يشغل مستوى فئته الوظيفية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على تقرير مكتب الأمن والتحقيق الإداري ومذكرة استخلاص نتيجته أن المدعي تقدم إلى هيئة مفوضي الدولة بطلب إعفاء من رسوم دعوى يزمع رفعها ضد المؤسسة للطعن في تقدير كفايته عن سنة 1969 بدرجة متوسط وما ترتب على ذلك من حرمانه من نصف العلاوة الدورية المستحقة في سنة 1970، وقد تضمن هذا الطلب بياناً لمطاعن المدعي على التقدير المذكور والبواعث التي يرى أنها دفعت الإدارة إلى خفض تقدير كفايته في السنة المذكورة بعد أن حصل في السنوات السابقة على تقدير بدرجة ممتاز، ولم تتبين المحكمة أن المدعي قد خرج عن العبارات المألوفة في مثل هذه الطلبات أو أنه جاوز حدود الدفاع المشروعة إلى التطاول أو التشهير. وقد أقر المدعي في صحيفة دعواه مثار الطعن الماثل وفى مذكرات دفاعه فيها بأنه سلم بعض نسخ من طلب الإعفاء المشار إليه إلى بعض رؤساء الأقسام بإدارة شئون العاملين باعتبار أنها الإدارة التي ستتولى الرد على الطلب عند إعلانه إلى المؤسسة وقد شهد هؤلاء في التحقيق الإداري بهذه الواقعة وبأنهم لم يلقوا بالاً إلى ما ورد بالطلب المذكور كما قرر المدعي في التحقيق أن ما تضمنه طلب الإعفاء لا يعتبر سراً، وأنه ردده من قبل في صحف دعاوى سابقة رفعها ضد المؤسسة وأن المنازعات القضائية أساسها العلانية ومن ثم فليس في الأمر ما يوصف بالترويج. كما تبينت المحكمة أن التحقيق لم يتناول واقعة القسم الكاذب المنسوبة إلى المدعي، والتي وردت في معرض سرد الوقائع التي تضمنها تقرير رئيس مكتب الأمن ضمن غيرها من الأقوال المرسلة التي حواها هذا التقرير والتي لم تقم عليها أي دليل من الأوراق، إلا أن مذكرة الإدارة القانونية جعلت من واقعة القسم المذكورة ومن غيرها من تلك الأقوال المرسلة أساساً لاتهام المدعي وإدانته واقتراح مجازاته، ثم اطردت الأوراق على إسناد هذه الاتهامات إليه حتى انتهت بتسجيلها عليه في ورقة إلفات النظر.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القرار المطعون فيه وقد سجل على المدعي ارتكابه مخالفات محددة، ووصفه بالتشهير برئاسته وبإثارة العاملين للخروج على النظام، كما دمغ سلوكه بأنه معيب ينافي القيم الأخلاقية، وأكد ما وصمه به بإيداع القرار والأوراق المتعلقة به ملف خدمته، ومن شأن ذلك أن يؤثر على مركزه القانوني في مجال الوظيفة العامة، فإن القرار المذكور يكون والحال كذلك قد خرج على الهدف الحقيقي لإلفات النظر باعتباره مجرد إجراء مصلحي لتذكير العامل بواجبات وظيفته العامة، وانطوى على جزاء تأديبي مقنع وإذ كان الأمر كذلك وكانت الأسباب التي استند إليها القرار المذكور قد استخلصت استخلاصاً غير سائغ من الأوراق ولا تصلح للمساءلة التأديبية، لذلك يتعين إلغاؤه، ولما كان القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة يقضي في المادة 67 منه بأنه يترتب على محو الجزاء التأديبي اعتباره كأن لم يكن بالنسبة للمستقبل "وترفع أوراق العقوبة وكل إشارة إليها وما يتعلق بها من ملف خدمة العامل "فإن هذا الأثر يكون واجب التطبيق من باب أولى في حالة الحكم بإلغاء القرار التأديبي المطعون فيه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما انتهى إليه قضاؤه بإلغاء القرار المطعون فيه باعتباره قراراً تأديبياً، ورفعه مع الأوراق المتعلقة به من ملف خدمة المدعي ومن ثم يكون الطعن فيه غير قائم على سنده خليقاً بالرفض، مع إلزام الجهة الطاعنة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق