بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 399 ، 424 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ل. ا.
ا. ب. ج. ب. ح. ع.
ك. ب. م. ب. ع. ا. ع.
مطعون ضده:
ا. ل. ا. و. ا. ش. ذ. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2113 استئناف تجاري بتاريخ 05-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه السيد القاضي المقرر / احمد ابراهيم سيف و بعد المداولة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في أن الطاعنة الاولى في الطعن بالتمييز رقم 399/2025 تجاري اقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم 2023 / 3008 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي لها مبلغ 5,641,774 درهم والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، و ذلك تأسيسا على أنها تعاقدت مع المطعون ضدها بتاريخ 31/05/2015 على تنفيذ مشروع شقة فولانت في دبي وقد اخلت الاخيرة بالتزاماتها التعاقدية ولم تقم بتنفيذ التصميمات المتفق عليها على الرغم من حصولها على مقدم التعاقد مما يستوجب عليها رده ، كما تعاقدت مع المطعون ضدها على مشروع مستودع منطقة القوز بموجب عرض الاسعار المقدم بتاريخ 23/11/2017 لتنفيذ اعمال الا ان المطعون ضدها اخلت بالتزاماتها ولم تقم بتنفيذ الاعمال على الرغم من اقرارها بفك وازالة وحدات التكييف وكاميرات المراقبة الا انها لم تقم بتركيب وحدات التكييف او الكاميرات الجديدة كما لم تقم بتسليم الطاعنة الاولى وحدات التكييف او الكاميرات القديمة العائده لها ، كما تعاقدت معها لتنفيذ اعمال في الوحدتين رقمي 401، 402 ببرج لو ريف إلا أن المطعون ضدها اخلت بالتزاماتها ولم تقم بتنفيذ الاعمال وكذلك اخلت بالتزاماتها بتنفيذ الاعمال بالطابقين الثامن والسابع من برج فولانت على الرغم من حصولها على مبلغ 3,227,774 درهم، أي ما يعادل 93 % من قيمة العقد دون وجه حق مما يستوجب على المطعون ضدها رد المبلغ مرة أخرى للطاعنة الاولى و من ثم فقد اقامت الدعوى . كما اقامت المطعون ضدها على الطاعنين الثاني والثالثة الدعوى رقم 2024/2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بالزامهما بأن يسددا للمطعون ضدها مبلغ 1,926,877.29 درهم مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة ولغاية تمام السداد ، و ذلك تأسيسا على أنها تعاقدت معهما لتنفذ أعمال التصميم الداخلي في عدة مشاريع مختلفة في دبي لمصلحتهما وذلك بموجب عدة عقود -مشروع شقة فولانت في دبي، مشروع مستودع في منطقة القوز ، مشروع الشقة رقم 402 من برج " لو ريف"، مشروع الشقة رقم 401 من برج " لو ريف ، مشروع أعمال إضافية في الشقتين رقم 401 و402 من برج " لو ريف ، مشروع الطابقين السابع والثامن من برج فولانت ? وقد نفذت جميع التزاماتها التعاقدية الناشئة عن العقود على أكمل وجه في جميع المشاريع المذكورة . الا انهما أخلا بسداد المترصد لها عن المشاريع و من ثم فقد اقامت الدعوى ، ضمت المحكمة الدعوى المقامة من المطعون ضدها للدعوى المقامة من الطاعنة الاولى للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ، ندبت المحكمة خبيرا وبعد ان اودع تقريره ندبت لجنة خبرة ثلاثية و وبعد ان اودعت تقريرها حكمت المحكمة بتاريخ 21/10/2024 في دعوى الطاعنة الاولى بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة و في دعوى المطعون ضدها بإلزام الطاعنين الثاني والثالثة بالتضامن بأن يؤديا لها مبلغ 588,843.22 درهم وفائدة قانونية 5% سنويا على المبلغ المحكوم به من تاريخ المطالبة حتى السداد ، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2024 / 2113 استئناف تجاري ، كما استانفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 2024 / 2097 استئناف تجاري و بتاريخ 5/3/2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى المطعون ضدها لرفعها على غير ذي صفة ، وبرفض دعوى الطاعنة الاولى ، طعن الطاعنون في هذا الحكم بالتمييز رقم 399/2025 تجاري بصحيفة اودعت مكتب ادارة الدعوى بتاريخ 28/3/2025 طلبوا فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن ، كما طعنت المطعون ضدها في الحكم بالتمييز رقم 424/2025 تجاري بصحيفة اودعت مكتب ادارة الدعوى بتاريخ 3/4/2025 طلبت فيها نقضه ، وبعد أن عرض الطعنين على المحكمة في غرفة مشورة وتراءى لها انهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما وبها قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد
وحيث ان الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية
اولا / الطعن رقم 399/2025 تجاري
وحيث ان الطعن اقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون و الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب اذ رفض الدفع بتزوير البريد الالكتروني المرسل من المطعون ضدها بتاريخ 24/12/2014 واعتبار ان إضافة الرسومات الهندسية الى البريد الإلكتروني وتقديمه للخبرة لا يعد تزويرا على الرغم من ان الرسومات الهندسية لاحق تاريخها على تاريخ البريد الإلكتروني بعامين كما ان المطعون ضدها زعمت ان الطاعنة الاولى قد اعتمد الرسومات بناء على هذا البريد الإلكتروني خلافا الحقيقة وقد اعتد تقرير لجنة الخبرة الذي استند عليه الحكم برسالة البريد الإلكتروني المطعون عليها بالتزوير في اثبات تنفيذ المطعون ضدها للاعمال واحتساب قيمة المشروع لها و لم يبحث الحكم المطعون فيه دفعها بالتزوير كما عول الحكم في قضائه على تقرير الخبرة المعيب ذلك ان لجنة الخبرة سمعت شهادة مدير كل من برج لوريف وبرج فولنتي دون ان تخطر الطاعنة الاولى بهذه الشهادة او مضمونها حتى يتسنى لها الرد والتعقيب عليها كما زعمت لجنة الخبرة ان الطاعنة الثالثة اقرت بتنفيذ الاعمال من قبل المطعون ضدها على الرغم من ان الطاعنة الاولى قدمت للجنة الخبرة إقرار صادر عن الطاعنة الثالثة بعدم صحة هذه المزاعم وطلبت سماع شهادتها الا ان الخبرة التفتت عن ذلك كما ان لجنة الخبراء التي اعدت التقرير الأخير احتسبت قيمة الاعمال الإضافية ومقدارها 925 ألف درهم على الرغم من ان المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد بمن كلفها بهذه الاعمال او تقديم ما يفيد تسليم هذه الاعمال او اخذ موافقة الطاعنة عليها كما ان المطعون ضدها لم تقدم للخبرة ما يفيد انها ارسلت الفاتورة المؤرخة 30/4/2014 المتعلقة بالاعمال الاضافية للطاعنة الاولى كما ان الخبرة استندت في تقريرها على مجموعة من المستندات المصطنعة على الرغم من ما تضمنته من مغالطات واضحة كما ان الخبرة خلطت بين اعمال تمت في عام 2015 والاعمال الإضافية محل الخلاف التي تمت في عام 2019، حيث استنتجت الخبرة من اجراء تسوية في عام 2015 على تنفيذ الاعمال موضوع الخلاف والتي كان من المفترض تنفيذها في 2019 وهذا استنتاج خاطئ لأنه ليس هناك دليل مادى او شيء يفيد تنفيذ الاعمال في 2019 ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيبا بما يستوجب نقضه
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير جدية الادعاء بالتزوير حسبما تتبينه من وقائع الدعوى ومستنداتها فلها أن تقضي بصحة المحرر أو بتزويره إذا ما رأت من الأدلة المطروحة عليها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون أن تلتزم في هذه الحالة بإجراء التحقيق، أما إذا كانت الأدلة المطروحة عليها لا تكفي لتكوين عقيدتها تعين عليها إجراء التحقيق ولها في هذه الحالة دون غيرها سلطة تحديد طريق التحقيق إما بالمضاهاة أو بشهادة الشهود أو بكليهما معاً وفق ما تتبينه من ظروف الدعوى وملابساتها ثم تقضي بعد ذلك وفقاً لقناعتها بصحة المحرر أو بتزويره ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة عليه ومنها تقرير الخبير المنتدب باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وأنها متى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه أعتبر جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه وأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير. متى كان استخلاصها سائغاً ، وهي غير ملزمة من بعد بتتبع كل الحجج التي يسوقها الخصوم طالما كان في أخذها بالأدلة التي أسست عليها حكمها ما يتضمن الرد الضمني المسقط لتلك الحجج وكان حكمها يقوم على أسباب تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه رفض دعوى على ما اورده بمدوناته من ان ((المدعية (الطاعنة الاولى) قد أقامت الدعوى " 3008 لسنة 2023 تجارى " على المدعى عليها " أشتار للتصميم الداخلى " (المطعون ضدها) بغية إلزامها بأداء مبلغ 5,691,774 درهم قيمة ما لم تقم بتنفيذه من الأعمال المسندة إليها ، وكانت محكمة أول درجة وهى بصدد إستظهار وجه الحق في الدعوى قد ندبت لجنة خبراء ثنائية ، باشرت مأموريتها وأودعت تقريرا إنتهت فيه إلى قيام المدعى عليها بتنفيذ الأعمال المسندة إليها من المدعية وفقا للثابت من المعاينة لمواقع المشاريع وأقوال مدير برج لوريف ومطور برج فولانت والرسائل المتداولة بين الطرفين ، وأن تصفية الحساب أسفرت عن إنشغال ذمة المدعية لصالح المدعى عليها بمبلغ 1,926,877,29 درهم .
وحيث إن المحكمة تطمئن لما إنتهى إليه هذا التقرير لإبتنائه على أسس سليمة لها أصل ثابت بالأوراق ، فإنها تأخذ به وتلتفت عن سائر التقارير المودعة ملف الدعوى ، وتعتبره جزءا مكملا لأسباب حكمها ، وتستخلص منه عدم إنشغال ذمة المدعى عليها لصالح المدعية ، ولا ينال من ذلك ما تثيره المدعية من تزوير رسالة البريد الإلكترونى المرسلة بتاريخ 24/12/ 2014 بإضافة رسومات هندسية لم يحن وقت إرسالها ، إذ أن مجرد تضمين الرسالة رسومات هندسية في وقت سابق على ميعاد إرسالها لا يعد تزويرا ، ومن ثم تلتفت عنه المحكمة . الأمر الذى تكون معه الدعوى مقامة على غير سند صحيح من القانون ، ومن ثم تقضى المحكمة برفضها)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع ويؤدي إلى النتيجة التي إنتهى إليها بما يكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون ومن ثم فإن النعي برمته لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايره لتلك التي إنتهت إليها وهو مالا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز مما يتعين معه رفض الطعن .
ثانيا / الطعن رقم 424/2025 تجاري
وحيث ان الطعن اقيم على سبب واحد تنعَى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، اذ قضى بعدم قبول دعواها لرفعها على غير ذي صفة تأسيسًا على أن الشركة العالمية للمحروقات المحدودة هي التي تعاقدت معها، وأنها هي المسئولة عن سداد مستحقاتها وليس المطعون ضدهما، على الرغم من ثبوت انتفاء أي تعاقد بينها وبين الشركة العالمية للمحروقات المحدودة، وأن الشركة الأخيرة هي شركة سعودية تمارس أعمال بيع المحروقات، وليست مالكة لأي من العقارات محل التداعي، وأن المطعون ضدهما هما اللذين تعاقدا معها بصفتهما الشخصية، وكانا يسددان لها مستحقاتها من حساباتهما الشخصية، وأن الشركة سالفة البيان لم تسدد لها أي مبالغ مالية، وهو ما يؤكده إيصالات السداد ومستندات التحويل المقدمة في ملف الدعوى، كما أن المطعون ضدها الثانية هي مالكة الشقق محل التداعي، وأن عروض الأسعار الخاصة بالمشروعات محل التداعي صادرة باسم المطعون ضده الأول بصفته الشخصية، وليست بصفته مديرًا للشركة العالمية للمحروقات المحدودة، ولا ينال مما سبق تضمن الفاتورتين وكشف الحساب المذكورين في الحكم المطعون فيه اسم الشركة العالمية للمحروقات، ذلك أن اسمها ورد كعنوان لمراسلة المطعون ضدهما، وليس كإحدى جهات التعاقد، كما أن ذلك لا يعد دليلًا على أن الاتفاقيات على المشاريع موضوع الدعوى كانت بينها وبين الشركة العالمية للمحروقات، لأن الأوراق قد خلت من وجود أي تعاقد بينهما، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الصفة تتوافر في المدعي إذا كان هو صاحب الحق المطلوب حمايته بالدعوى، وأن الصفة تقوم في المدعى عليه متى كان المطلوب اقتضاؤه بالدعوى موجودًا في مواجهته باعتباره صاحب شأن فيه، والمسئول عنه حال ثبوت أحقية المدعي له. وأن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق. وأن العقد هو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود وعليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر، وأنه لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الإيجاب والقبول في محرر واحد، وأن التعبير عن الإرادة كما يكون باللفظ أو بالكتابة يكون أيضًا بالمبادلة الفعلية أو باتخاذ أي مسلك لا تدع ظروف الحال شكًا في دلالته على التراخي، وأن حكم العقد يثبت في المعقود عليه بمجرد انعقاده وأن وصف العقد يصدق على كل اتفاق يراد به إحداث أثر قانوني معين، وأن وصف المتعاقد ينصرف إلى من يفصح عن إرادة متطابقة مع إرادة أخرى على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو زواله في موضوع معين يحدد العقد نطاقه، دون اعتداد في ذلك بقصد أطراف العقد على من قام بالتوقيع على المحرر المثبت له فقط، بل يمتد إلى كل من له صلة بشأن ترتيب الأثر القانوني الذي يدور حوله النزاع الناشئ بسبب العقد، إذ لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الإيجاب والقبول في محرر واحد، وإنما يكون لقاضي الموضوع سلطة استخلاص قيام الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام ونفاذه وتحديد أطرافه من كل ما هو مقدم إليه من أدلة وقرائن ومستندات في الدعوى، وأن حقه في ذلك هو أمر مطلق مستمد من حقه في فهم الواقع في الدعوى، ولا معقب عليه فيه من محكمة التمييز ما دام كان استخلاصه سائغًا ومستمدًا مما له أصل ثابت بالأوراق. وأن تفسير صيغ العقود والشروط المختلف عليها واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها بما تراه أوفى بمقصود العاقدين، هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة عليها من محكمة التمييز في ذلك، طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. ومن المقررأنه لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الإيجاب والقبول في محرر واحد، بل يجوز استخلاصه من المكاتبات والفواتير وأوامر التسليم المتبادلة بين الطرفين ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى الطاعنة لرفعها على غير ذي صفة تأسيسًا على أنها قد أقامت الدعوى رقم 4012 لسنة 2023 تجاري على المطعون ضدهما بشخصهما بغية الحكم بإلزامهما بأداء المتبقى لها في ذمتهما عن الأعمال التي نفذتها لصالحهما في عدد من المشاريع المسندة إليها، وكان الثابت في الأوراق من الفواتير الضريبية المؤرخة 31-5-2015، 25-12-2017 وكشف الحساب النهائي المؤرخ 28-12-2019 والخاصة بالأعمال التي تطالب الطاعنة بقيمتها من المطعون ضدهما أنها صادرة من الشركة الطاعنة إلى شركة "إنترناشيونال بنكرينج ليمتد" وهي ذاتها الشركة "العالمية للمحروقات المحدودة" وهي الترجمة باللغة العربية لاسمها التجاري باللغة الإنجليزية " International Bunkering Company Limited " كما أن الثابت من مستندات الدعوى أنه مدون في بعضها أن المطعون ضدهما هما مديرا هذه الشركة، وفي البعض الآخر منها أن المطعون ضده الأول هو المدير. وخلص الحكم من ذلك إلى أن العقود المبرمة بشأن إسناد الأعمال إلى الشركة الطاعنة قد أبرمت بين الأخيرة وبين شركة إنترناشيونال بنكرينج المحدودة، وبالتالي تكون معه هي صاحبة الصفة الإجرائية والموضوعية في النزاع الماثل، وأنه كان يتعين على الطاعنة توجيه الخصومة إليها باختصام ممثلها القانوني، ورتب الحكم على ذلك قضاءه المتقدم. وهو من الحكم تسبيب سائغ له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لكل حجة مخالفة، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات والموازنة بينها وتفسير المستندات، واستخلاص توافر الصفة في الدعوى من عدمه، واستخلاص قيام الدليل على تلاقي إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام ونفاذه وتحديد أطرافه، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- برفض الطعنين وبالزام كل طاعن بمصروفات طعنه والزام الطاعنين في الطعن 399/2025 تجاري بمبلغ الفي درهم اتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التامين في الطعنين .