الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 يوليو 2023

الطعن 30 لسنة 27 ق جلسة 5 / 3 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 أحوال شخصية ق 33 ص 214

جلسة 5 من مارس سنة 1959

برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

------------------

(33)
الطعن رقم 30 سنة 27 ق "أحوال شخصية"

أ - وقف "النظر على الوقف". وكالة. 

مدى وكالة ناظر الوقف عن المستحقين. الحكم ضد الناظر بصفته ممثلاً للوقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يعتبر حجة عليهم.
ب - وقف "شرط الواقف". 

حرية القاضي في فهم غرض الواقف من عباراته دون التقيد بالقواعد اللغوية مشروطة بعدم الخروج عن المعنى الظاهر إلى آخر غير سائغ م 10. ق 48 لسنة 1946. مثال بالنسبة لنصيب العقيم.

-----------------
1 - وكالة ناظر الوقف عن المستحقين تقف عند حد المحافظة على حقهم في الغلة وفي العناية بمصدر هذا الحق وهو الأعيان دون أن تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتاب الواقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم بل يبقى لهم حق الاعتراض على ذلك القضاء بالطرق المقررة قانوناً.
2 - أطلقت المادة 10 من القانون رقم 48 لسنة 1946 للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عبارته دون التقيد بالقواعد اللغوية إلا أن هذا الحق مقيد بعدم الخروج في هذا الفهم لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر غير سائغ، فإذا كان النص بإشهاد الوقف على أن "من مات منهم من غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب عاد نصيبه إلى من هو في درجته وذوي طبقته من أهل الوقف يقدم الأقرب فالأقرب عصبة إلى الواقف" صريح في أن حصة العقيم تؤول إلى الأخوة المشاركين للمتوفى في الدرجة والاستحقاق، وكان النص في الإشهاد بعد ذلك على أن "من مات منهم أجمعين قبل استحقاقه شيئاً من الوقف وعقب ولداً استحق ولده ما كان يستحقه أبوه لو كان حياً" لا يتسع للقول بقيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقام أصله في الدرجة والاستحقاق بالنسبة للنصيب الآيل عن العقيم لخلو الشرط من النص على ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ فهم شرط الواقف على خلاف ذلك ورتب على ما ذهب إليه من قيام الفرع مقام أصله في الدرجة والاستحقاق بالنسبة للنصيب الآيل عن العقيم - باعتبار درجة هذا الفرع درجة جعلية - إعمال حكم المادة 32 من القانون رقم 48 لسنة 1946، يكون قد مسخ شرط الواقف وخرج به عن معناه الظاهر إلى معنى آخر غير سائغ فشابه بطلان جوهري يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 216 سنة 1952 كلي القاهرة الشرعية ضد المرحومة السيدة إصلاح سيد أحمد عاصم (مورثة الطاعنين) وضد المطعون عليها الثانية وقال في بيان دعواه إن المرحوم سيد أحمد عاصم وقف أطياناً مبينة المقدار والمعالم بكتاب وقفه الصادر من محكمة قويسنا الشرعية بتاريخ 15/ 4/ 1899 - وبكتابي الإلحاق الصادرين من المحكمة ذاتها بتاريخي 15/ 7/ 1901 و21/ 2/ 1903 جاعلاً - الاستحقاق فيه لنفسه أيام حياته ثم من بعده لأولاده الذكور والإناث المرزوقين له من زوجته السيدة أم أيوب وهم شفيقة ونعمت وإبراهيم القاصر وعلى من سيولد منها وعلى السيدة أم أيوب المذكورة يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية ثم من بعدهم يكون لأولادهم الظهور والبطون طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل ثم على أنسالهم وأعقابهم الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى على أن من مات منهم عن ولد أو ولد ولد أو نسل أو عقب عاد نصيبه إلى ولده وولد ولده ونسله وعقبه ومن مات منهم عن غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب عاد نصيبه إلى من هو في درجته وذوي طبقته من أهل الوقف يقدم الأقرب فالأقرب عصبة إلى الواقف - ومن مات منهم أجمعين قبل استحقاقه شيئاً من الوقف وعقب ولد استحق ولده ما كان يستحقه أبوه لو كان حياً. وقد توفى إبراهيم وشفيقة ولدا الواقف في حياة هذا الأخير الأول عقيماً والثانية عن ولديها أحمد ونفسية (المطعون عليهما) المرزوقين لها من زوجها عبد العزيز فتحي ثم توفى الواقف فآل ريع وقفه إلى زوجته أم أيوب وبناته منها نعمت وإصلاح وزينب الشهيرة بزينات وقد رزق بالأخيرتين بعد إنشاء الوقف وإلى أحمد ونفيسة ولدي ابنته المرحومة شفيقة - لزوجته من ذلك الثمن ثلاثة قراريط والباقي يقسم مرابعة على بناته الثلاث نعمت وإصلاح وزينب الشهيرة بزينات وولدي بنته شفيقة وهما أحمد ونفسية المذكوران ثم توفيت نعمت بنت الواقف عقيماً فآل نصيبها لوالدتها أم أيوب زوجة الواقف وإلى أختيها إصلاح وزينب وولدي أختها شفيقة ثم توفيت أم أيوب زوجة الواقف وتوفيت بعدها بنته زينب عقيماً فآل فاضل ريع الوقف إلى إصلاح بنت الواقف بحق النصف وإلى ولدي أختها شفيقة بحق النصف الثاني يقسم بينهما بالتفاضل فيخص المدعي (المطعون عليه الأول) ثلثيه وهو ما يوازي ثلث فاضل ريع الوقف جميعه. ثم استطرد المدعي في بيان دعواه قائلاً إن المدعى عليها الأولى السيدة إصلاح سيد أحمد عاصم (مورثة الطاعنين) أقيمت ناظرة على هذا الوقف ووضعت يدها على أعيانه وهي والمدعى عليها الثانية (المطعون عليها الثانية) تنازعان في استحقاقه لكامل حصة المذكورة زاعمتين أنه لا يستحق سوى 2 و5/ 8 قيراطاً وانتهى إلى طلب بالحكم عليهما باستحقاقه لنصيبه فيما آل عن نعمت وزينب الشهيرة بزينات ابنتي الواقف وزوجة الواقف أم أيوب وقدر هذا النصيب 5 و5/ 8 قيراط من أصل 24 قيراطاً ينقسم إليها فاضل ريع الوقف المذكور وأمر المدعى عليها الأولى بأن تؤدي إليه ما يوازي ذلك الريع ومنع تعرض المدعى عليهما له في ذلك مع إلزامهما بالمصاريف وأتعاب المحاماة وقد دفعت المرحومة السيدة إصلاح (مورثة الطاعنين) هذه الدعوى بعدم السماع لسبق الفصل فيها من محكمة طنطا الابتدائية الشرعية بالحكم الصادر بتاريخ 20/ 6/ 1932 في الدعوى 18 سنة 31 - 32 المتضمن أيلولة نصيب المتوفاة عقيماً في سنة 1920 إلى أختيها إصلاح وزينب بنتي الواقف دون زوجته أم أيوب ودون ولدي بنته شفيقة المتوفاة قبله وهما أحمد ونفسية وأن المستحقين في الوقف ومن بينهم رافع الدعوى قد ساروا على مقتضى ذلك الحكم الذي تأيد من المحكمة الشرعية واقتسموا الريع على هذا الأساس وقد آل نصيب زوجة الواقف بوفاتها سنة 1937 إلى بنتيها إصلاح وزينب ثم تقدم المستحقون ومنهم المدعي إلى محكمة شبين الكوم الشرعية في سنة 1946 بعد صدور قانون الوقف بطلب قسمة الوقف بينهم قسمة إفراز متفقين جميعاً على مقدار نصيب كل منهم وصدور قرار نهائي بتاريخ 6 من مارس سنة 1949 وفي المادة 76/ 46 - 1947 بفرز نصيب كل منهم على أساس حكم محكمة طنطا الشرعية سالف الذكر وتنفيذ قرار القسمة ووضع المدعي يده على نصيبه بعد فرزه ولا يستحق شيئاً غيره وطلبت رفض الدعوى ووافقت المدعى عليها الثانية (المطعون عليها الثانية) المدعي (المطعون عليه الأول) في طلبه بالنسبة لأيلولة الوقف مناصفة بين السيدة إصلاح وبين ولدي أخته شفيقة المتوفاة لوفاة باقي أولاد الواقف عقماء ووفاة زوجته - وخالفته في طلب قسمة النصف الثاني بينه وبينها على أن يكون له ثلثاه ولها ثلثه لأن شرط الواقف لا يقتضي التفاضل بينهم حيث لم يجعل التفاضل بين الذكر والأنثى إلا في الطبقة الأولى من أولاده فقط وبتاريخ 16 من فبراير سنة 1955 قررت محكمة أول درجة برفض ما دفع به وكيل المدعى عليها الأولى وحكمت للمدعي على المدعى عليهما باستحقاقه لنصيبه فيما آل عن نعمت وزينب الشهيرة بزينات بنتي الواقف وأم أيوب زوجته وقدر هذا النصيب 3 و3/ 8 من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها فاضل ريع الوقف المذكور وأمر المدعى عليها الأولى بأن تؤدي إليه ما يوازي ذلك الريع وأمر المدعى عليهما بعدم التعرض له في ذلك وإلزامهما بالمصاريف المناسبة و6 جنيهات أتعاب محاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات حضورياً. وقد استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 90 سنة 73 ق وبنى استئنافه على أن الحكم المستأنف أخطأ حين سوى بينه وبين شقيقته نفيسة (المطعون عليها الثانية) في قسمة فاضل ريع الوقف الآيل إليهما وطلبه الحكم له بما طلبه أمام محكمة أول درجة كما استأنفت المرحومة السيدة إصلاح الحكم أيضاً بالاستئناف رقم 91 سنة 73 ق مقيمة استئنافها على أن الحكم المستأنف أخطأ إذ رفض دفعها بعدم السماع - كما أن التفسير الصحيح لشرط الواقف في حالة من يموت عقيماً أن يعود نصيبه إلى من هم في طبقته دون أبنائهم وطلبت إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين وأثناء سيرهما توفيت المرحومة السيدة إصلاح فجعل ورثتها محلها. وفي 18 من مايو سنة 1957 حكمت محكمة استئناف القاهرة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفض ما رفع به ورثة السيدة إصلاح سيد أحمد وبرفض الاستئنافين موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصروفات استئنافه وبمبلغ 3 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للسيدة نفسية عبد العزيز فتحي. فطعن الطاعنون وهم ورثة السيدة إصلاح على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتها الأولى وأبدت فيها رأيها برفض الطعن. وفي 9 من إبريل سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأصرت النيابة على ما جاء بمذكرتها فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وعرض الطعن على السيد رئيس المحكمة فأمر في 15 من إبريل سنة 1958 بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما محدداً لهما خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم لإيداع مذكرة بدفاعهم مشفوعة بالمستندات التي يريان تقديمها وللنيابة الواحد والعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها. وفي 28 من إبريل سنة 1958 قدم الطاعنون مذكرة شارحة أحالوا فيها إلى ما ورد بتقرير الطعن. وفي 8 و12 من يونيه سنة 1958 أعلن تقرير الطعن للمطعون عليهما. وفي 23 من يونيه سنة 1958 قدم المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه رداً على دفاع الطاعنين ولم تقدم المطعون عليها الثانية دفاعاً في الطعن. وفي 14 من سبتمبر سنة 1958 قدمت النيابة مذكرة ثانية أحالت فيها إلى ما جاء بمذكرتها السابقة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين - يتحصل أولهما - في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر بتاريخ 20/ 6/ 1932 من محكمة طنطا الشرعية في الدعوى رقم 18 سنة 31 - 32 استناداً إلى القول بأن المطعون عليهما لم يكونا مختصمين في الدعوى الشرعية المذكورة لأنها كانت مرفوعة ضد وزارة الأوقاف وأن ناظر الوقف لا يمثل المستحقين قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 نصت على أن ناظر الوقف يعتبر وكيلاً عن المستحقين ولأن محكمة طنطا الابتدائية الشرعية والمحكمة العليا الشرعية عندما حكمتا في دعوى مورثة الطاعنين رقم 18 سنة 31 - 32 إنما قررتا حقيقة قانونية لا شأن لها بالخصومة ولا بالأخصام وهي تفسير كتاب الوقف المعروض عليها ولا يمكن أن يختلف ذلك التفسير باختلاف المدعى عليه وأن مثل ذلك القضاء الذي ينتظم حقيقة قانونية يعتبر حجة على الكافة أي حتى على من لم يكن طرفاً في الخصومة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استند في رفض الدفع موضوع هذا النعي إلى ما أورده من "... أن محل النزاع في القضية المقال بسبق الفصل فيها كان قاصراً على نصيب نعمت التي توفيت عقيماً في حين أن النزاع في الدعوى الحالية يشمل نصيب زينات بنت الواقف التي توفيت هي الأخرى عقيماً ونصيب أم أيوب زوجة الواقف فضلاً عما أبانه الحكم الابتدائي بإسهاب من أن القرار الصادر في دعوى التفسير - السابقة على فرض أن له حجية الأحكام فالمدعي لم يكن طرفاً ولا ممثلاً فيه فلا يحتج به عليه..." ولما كان مناط التمسك بحجية الأمر المقضي هو أن يقوم النزاع الآخر بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم ويتعلق بذات الحق المقضي فيه محلاً وسبباً. وكانت وكالة ناظر الوقف عن المستحقين تقف عند حد المحافظة على حقهم في الغلة وفي العناية بمصدر هذا الحق وهو الأعيان دون أن تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتاب الواقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم بل يبقى لهم حق الاعتراض على ذلك القضاء بالطرق المقررة قانوناً - وكان الثابت أن المطعون عليهما لم يكونا ممثلين في الدعوى الشرعية رقم 18 سنة 31 - 32 طنطا الابتدائية لا بشخصهما ولا بمن ينوب عنهما وأن موضوع الدعويين مختلف. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم سماع الدعوى لم يخطئ في تطبيق القانون مما يتعين معه رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مسخ شروط الواقف بالخروج بها عن المعنى الظاهر إلى معنى آخر غير سائغ - ذلك أن الحكم فهم شرط الواقف الوارد في حجة إنشاء الوقف في شأن حصة من يموت عقيماً بأن هذه الحصة تنصرف إلى أخوته الأحياء منهم والأموات بحيث يحل أولاد الأموات محلهم فيما كانوا يستحقونه لو ظلوا أحياء في حين أن عبارة شروط الواقف لا تدل إلا على انحصار حصة من يموت عقيماً في إخوته الأحياء دون الأموات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في خصوص هذا النعي ما يأتي:
"ومن حيث إن قضاء محكمة الدرجة الأولى سديد فيما فهم من شرط الواقف من أن فرع من مات قبل الاستحقاق يكون في درجة أصله وطبقته وقيامه مقامه في الدرجة والاستحقاق مما يصبح معه نصيب العقيم مستحقاً لطبقته أحياء وأمواتاً عن فرع فما أصاحب الحي أخذه وما أصاب الميت انتقل إلى فرعه ولا عيب في استشهاده بحكم المادة 32 من القانون 48 لسنة 1946".
ومن حيث إن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه في هذا الصدد ما يأتي: ".... أن الواقف... قال.... من مات قبل الاستحقاق وأعقب ولداً يستحق ولده ما كان يستحقه أبوه لو كان حياً فهل معنى هذا أنه أقامه مقامه في الدرجة والطبقة وأنه لا يلزم بذلك التصريح إقامته مقامه في الدرجة أو أنه لم يقم مقامه في الدرجة للزوم للتصريح بذلك.... إن إعطاء الواقف في حادثتنا ما كان يستحقه الأصل المتوفى قبل الاستحقاق لو كان حياً لفرعه معناه أنه جعله في درجة أصله - وعلى ذلك يكون ولدا شفيقة ومنهما المدعي في درجة أولاد الواقف وهل يشمل لفظ الطبقة في كلام الواقف الأحياء والأموات فما أصاب الحي أخذه وما أصاب الميت أخذه فرعه - وهل يستحق ولدا شفيقة مع خالتيهما بشرط الواقف - الجواب أنه تبين من بحث الموضوع الثالث من كلام الواقف أن الواقف أقام ولدي شفيقة مقامها في الدرجة والاستحقاق - وقد ماتت أمهما قبل الاستحقاق - وقد اختلف الخصوم في ذلك على الوجه المذكور بالوقائع... وفي حادثتنا أقام الفرع مقام أصله في الدرجة والاستحقاق وبذلك يكون ولدا شفيقة مستحقين ما كانت تستحقه أمهما عن أختيهما نعمت وزينات لو كانت حية تطبيقاً لشرط الواقف... وأن إعطاء فرع من مات قبل الاستحقاق ما كان يستحقه أصله معناه جعله في درجة أصله وأن الطبقة تشمل الحي والميت وكذلك الأقرب عصبة يشمل الحي والميت وأن الأقرب عصبة إلى الواقف هو الأقرب إليه من جهة العصبة لا من جهة الرحم. وأن الدعوى ينطبق عليها شرط الواقف.. وعلى هذا يكون للمدعي الحق في نصيب كل من نعمت وزينب الشهيرة بزينات بنتي الواقف عملاً بقول الواقف لمن في درجته وذوي طبقته الأقرب فالأقرب عصبة إلى الواقف إذ من في الدرجة يشمل الحي كإصلاح والميت كشفيقة أم المدعي ثم يستحق المدعي ما إلى شفيقة بالشرط الاستثنائي الذي جعله به الواقف في درجة أصله كما يستحق بالمادة 32 من القانون رقم 48 لسنة 1946" ويبين من هذا الذي أورده الحكمان أن محكمة الموضوع بدرجتيها ذهبت في فهم شرط الواقف الذي ورد بحجة إنشاء الوقف والذي جرى نصه "بأن من مات قبل الاستحقاق وأعقب ولداً استحق ولده ما كان يستحقه أبوه لو كان حياً" ذهبت إلى أن الواقف أقام ولد من مات قبل الاستحقاق مقام أصله في الدرجة - وبذلك يستحق هذا الفرع نصيب أصله في النصيب الأصلي الذي يستحقه عن الواقف والنصيب الآيل عن العقيم.
ومن حيث إن المادة 10 من القانون رقم 48 لسنة 1946 وإن أطلقت للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عبارته دون التقيد بالقواعد اللغوية إلا أن هذا الحق مقيد بعدم الخروج في هذا الفهم لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر غير سائغ. ولما كان النص بإشهاد الوقف على أن "من مات منهم من غير ولد ولا ولد ولد ولا نسل ولا عقب عاد نصيبه إلى من هو في درجته وذوي طبقته من أهل الوقف يقدم الأقرب فالأقرب عصبة إلى الواقف" صريح في أن حصة العقيم تؤول إلى الأخوة المشاركين للمتوفى في الدرجة والاستحقاق وكان النص في الإشهاد بعد ذلك على أن: "من مات منهم أجمعين قبل استحقاقه شيئاً من الوقف وعقب ولداً استحق ولده ما كان يستحقه أبوه لو كان حياً" لا يتسع للقول بقيام فرع من مات قبل الاستحقاق مقام أصله في الدرجة ولاستحقاق بالنسبة للنصيب الآيل عن العقيم لخلو الشرط من النص على ذلك.
وكان الحكم المطعون فيه قد رتب على ما ذهب إليه من قيام الفرع مقام أصله في الدرجة والاستحقاق باعتبار درجة هذا الفرع درجة جعلية أعمال حكم المادة 32 من القانون 48 لسنة 1946 لما كان ذلك - فإن محكمة الموضوع إذ فهمت شرط الواقف على أن فرع من مات قبل الاستحقاق يكون في درجة أصله وطبقته رغم خلو النص على قيامه مقامه في الدرجة والاستحقاق بالنسبة للنصيب الآيل عن العقيم تكون قد مسخت شرط الواقف وخرجت به عن معناه الظاهر إلى معنى آخر غير سائغ فشاب حكمها بطلان جوهري يستوجب نقضه.

الطعن 875 لسنة 9 ق جلسة 24 / 11 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 13 ص 109

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

---------------

(13)

القضية رقم 875 لسنة 9 القضائية

(أ) - موظف - "راتب" (مكافأة) 

كتاب وزارة المالية الدوري رقم ع - 4 - 22/ 138 م 3 في 3 من يونيه 1948 - الفرق بين المرتب الذي يتقاضاه الموظف عن ساعات عمله الأصلية والمكافأة عن الأعمال الإضافية التي يطلب إليه تأديتها في غير أوقات العمل الرسمية - المرتب حق أصيل أما المكافأة منحة جوازية - القول بغير ذلك يؤدي إلى الإخلال بالاعتمادات المالية - أثر ذلك.

(ب) - لوائح - 

القواعد التنظيمية العامة الصادرة ممن يملكها وتتسم بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة الواجبة الاتباع في حدود ما صدرت في شأنه طالما أنها صدرت متفقة وأحكام القانون وقصد بها تحقيق المصلحة العامة.

-----------------
1 - إن ثمة فارقاً أساسياً بين المرتب الذي يتقاضاه الموظف عن ساعات عمله الأصلية وبين المكافأة التي تمنع له عن الأعمال الإضافية التي يطلب إليه تأديتها في غير أوقات العمل الرسمية، فالمرتب حق أصيل للموظف بينما المكافأة المذكورة منحة جعل الأمر فيها جوازياً للإدارة تترخص فيه بما لها من سلطة تقديرية لاعتبارات مردها إلى صالح العمل وإلى العدالة معاً، وينبني على ذلك كأصل عام أنه ليس ثمة ارتباط بين المرتب والمكافأة عن الأعمال الإضافية يوجب أن يجرى على هذه المكافأة ما يجرى على المرتب من تغييرات بالزيادة أو النقصان فالمكافأة عن الأعمال الإضافية مهما استطال أمد صرفها لا تدخل في حساب المرتب ولا تعتبر من إضافاته وإذا صح أن القواعد والقرارات التي تناولت تقدير الأجر الإضافي قد اتخذت من المرتب معياراً لهذا التقدير وأساساً له إلا أنه توجد قاعدة أساسية تهيمن على صرف المكافآت الإضافية مفادها وجوب التزام حدود اعتمادات الميزانية المقررة في جميع الأحوال، تلك الاعتمادات التي تربط في الميزانية على أساس 10% من متوسط مربوط الدرجات وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة، الأمر الذي يستتبع بالضرورة أن يكون المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف وقت قيامه بالعمل الإضافي هو الوعاء الذي ينسب إليه دون غيره، الأجر الذي يستحقه عن هذا العمل الإضافي والقول بغير ذلك يؤدي إلى الإخلال بالاعتمادات المالية التي لا سلطان للإدارة في تقريرها بل مرجع الأمر فيها إلى جهة أخرى هي السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص وحدها في ذلك. ومن ثم فلا تثريب على الإدارة إذ هي استنت لنفسها قاعدة تكون في ظلها بمنجاة عن المفاجآت التي قد تتعرض لها الميزانية. وقد أوضحت وزارة المالية بكتابها الدوري رقم ع - 4 - 22/ 138 م 3 في 3 من يونيه سنة 1948 بشأن المكافآت والمرتبات الإضافية بعد حصول الموظف أو المستخدم على ترقية أو علاوة أو زيادة في الماهية ما يأتي:
يقضي كتاب المالية الدوري رقم ف 245 - 1/ 35 المؤرخ في 30 من إبريل سنة 1945 بأن من يتقاضى مرتباً إضافياً أو مكافأة وجار صرفها على أساس ماهيته ثم نال ترقية أو علاوة استثنائية أو عادية أو زيادة في الماهية بطريق الإنصاف لا يزاد المرتب الإضافي أو المكافأة الإضافية إلا من تاريخ القرار الوزاري بمنحه الترقية أو العلاوة أو الزيادة إلا إذا كان تاريخ هذا القرار سابقاً لتاريخ الترقية أو زيادة الماهية ففي هذه الحالة تصرف المكافأة أو المرتب الإضافي على أساس الماهية الجديدة من تاريخ استحقاقها، وتوجه وزارة المالية النظر إلى مراعاة العمل بهذه القاعدة بالنسبة للموظفين المقرر لهم مكافآت أو مرتبات إضافية ونالوا ترقيات في تواريخ رجعية في التنسيق طبقاً للكتاب الدوري رقم ف 234 - 2/ 17 بتاريخ 30 من يوليه سنة 1947" كما أن ديوان الموظفين قد كشف عن هذه القاعدة في النشرة الشهرية رقم 4 لسنة 1958 التي قضت: "بأن تمنح المكافأة الإضافية للموظف على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه عند تقدير هذه المكافأة وزيادة مرتب الوظيفة لا يترتب عليها زيادة المكافأة تلقائياً" كذلك تضمن الكتاب الدوري لديوان الموظفين رقم 15 لسنة 1960 "أن المكافآت عن الأعمال الإضافية يراعى في تقديرها عدة اعتبارات أهمها طبيعة العمل الإضافي. أما زيادة مرتب الوظيفة أو خفضه فلا أثر له في تقدير المكافآت لأن العمل الإضافي الذي يستحق من أجله المكافأة ثابت ومنفصل عن عمله الأصلي الذي يزيد أعباء وتبعات كلما تدرج الموظف في سلم الوظائف...".
2 - إنه من المقرر أن القواعد التنظيمية العامة الصادرة ممن يملكها متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه طالما أنها صدرت متفقة وأحكام القانون وقصد بها تحقيق المصلحة العامة التي تعلو على المصالح الفردية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 25 من مارس سنة 1963 فإن آخر ميعاد للطعن فيه يكون هو يوم 24 من مايو سنة 1963، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد صادف عطلة رسمية - يوم جمعة - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي كان سارياً وقتذاك، وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم السبت الموافق 25 من مايو سنة 1963، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 364 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الخزانة بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 25 من يناير سنة 1961، وطلب الحكم: "بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للطالب مبلغ 60.750 مليمجـ ستين جنيهاً مصرياً وسبعمائة وخمسين مليماً والمصروفات والأتعاب". وتوجز أسانيد دعواه في أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت بجلسة 8 من إبريل سنة 1960 في الطعن رقم 920 لسنة 4 القضائية والطعن رقم 921 لسنة 4 القضائية حكمين بمقتضاهما أرجعت أقدميته في الدرجات السادسة والخامسة والرابعة إلى تواريخ سابقة. ولما كان الأجر الإضافي يقدر على أساس المرتب الأصلي فإنه يستحق المبلغ الذي يطالب به على النحو الوارد بصحيفة الدعوى والذي يمثل فروق الأجر الإضافي الناتجة عن تعديل أقدمياته ومرتباته. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن العبرة في تقدير الأجر الإضافي هي بالمرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف والذي على أساسه يبنى الاعتماد المالي دون اعتداد بما عساه أن يطرأ على هذا المرتب بعد ذلك من تغييرات وخلصت من هذا إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 25 من مارس سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" "بأحقية المدعي في فروق الأجر الإضافي وفقاً للقواعد المقررة وعلى أساس مرتبه بعد تسوية حالته نتيجة للحكمين الصادرين لصالحه في الطعنين رقمي 920 لسنة 4 القضائية عليا و921 لسنة 4 القضائية عليا مع إلزام الحكومة المصروفات". وأقامت قضاءها على أن جميع القرارات التي تناولت تقرير الأجر الإضافي تقضي بأن تحسب الساعة من العمل الإضافي بساعة من العمل العادي، وأن ساعات العمل في اليوم الواحد ست ساعات، وأن تقدير ما يخص الساعة من أجر والحد الأقصى لمجموع الأجور المستحقة إنما ينظر فيه إلى المرتب الشهري الذي يستحقه الموظف، وليس في صياغة هذه القرارات ما يفيد أنها بنيت على أساس الأجر الفعلي، ولو صح الأخذ بنظرية الأجر الفعلي لكان معنى ذلك أن جهة الإدارة قد استفادت من تقصيرها في إجراء التسوية على وجهها الصحيح في الوقت المناسب، كما أن في الأخذ بهذا المعيار تفرقة لا سند لها من القانون بين الموظف الذي أجريت تسوية حالته في وقت مبكر مما ترتب عليه ترقيته في دوره، وبين الموظف الذي تراخت جهة الإدارة في إتمام هذه التسوية له، هذا إلى أن المبلغ المطالب به ضئيل مما لا يتسنى معه التمسك بنظرية عدم وجود الاعتماد المالي المقرر لصرف الفروق التي يتناولها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن للإدارة سلطة تقديرية في تحديد أساس حساب المكافأة عن ساعات العمل الإضافية ومقدار هذه المكافأة وحدها الأعلى وشروط استحقاقها، وقد حددت الإدارة هذه القواعد وبمقتضاها يمنح الموظف المكافأة عن ساعات العمل الإضافية على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه عند تقدير المكافأة.
ومن حيث إن ثمة فارقاً أساسياً بين المرتب الذي يتقاضاه الموظف عن ساعات عمله الأصلية وبين المكافأة التي تمنح له عن الأعمال الإضافية التي يطلب إليه تأديتها في غير أوقات العمل الرسمية، فالمرتب حق أصيل للموظف بينما المكافأة المذكورة منحة جعل الأمر فيها جوازياً للإدارة تترخص فيه بما لها من سلطة تقديرية لاعتبارات مردها إلى صالح العمل وإلى العدالة معاً، وينبني على ذلك كأصل عام أنه ليس ثمة ارتباط بين المرتب والمكافأة عن الأعمال الإضافية يوجب أن يجرى على هذه المكافأة ما يجرى على المرتب من تغييرات بالزيادة أو النقصان، فالمكافأة عن الأعمال الإضافية مهما استطال أمد صرفها لا تدخل في حساب المرتب ولا تعتبر من إضافاته وإذا صح أن القواعد والقرارات التي تناولت تقدير الأجر الإضافي قد اتخذت من المرتب معياراً لهذا التقدير وأساساً له إلا أنه توجد قاعدة أساسية تهيمن على صرف المكافآت الإضافية مفادها وجوب التزام حدود اعتمادات الميزانية المقررة في جميع الأحوال، تلك الاعتمادات التي تربط في الميزانية على أساس 10% من متوسط مربوط الدرجات وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة، الأمر الذي يستتبع بالضرورة أن يكون المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف وقت قيامه بالعمل الإضافي هو الوعاء الذي ينسب إليه دون غيره، الأجر الذي يستحقه عن هذا العمل الإضافي والقول بغير ذلك يؤدي إلى الإخلال بالاعتمادات المالية التي لا سلطان للإدارة في تقريرها بل مرجع الأمر فيها إلى جهة أخرى هي السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص وحدها في ذلك. ومن ثم فلا تثريب على الإدارة إذ هي استنت لنفسها قاعدة تكون في ظلها بمنجاة عن المفاجآت التي قد تتعرض لها الميزانية. وقد أوضحت وزارة المالية بكتابها الدوري رقم ع - 4 - 22/ 138 م3 في 3 من يونيه سنة 1948 بشأن المكافآت والمرتبات الإضافية بعد حصول الموظف أو المستخدم على ترقية أو علاوة أو زيادة في الماهية ما يأتي: "يقضي كتاب المالية الدوري رقم ف 245 - 1/ 35 المؤرخ في 30 من إبريل سنة 1945 بأن من يتقاضى مرتباً إضافياً أو مكافأة وجار صرفها على أساس ماهيته ثم نال ترقية أو علاوة استثنائية أو عادية أو زيادة في الماهية بطريق الإنصاف لا يزاد المرتب الإضافي أو المكافأة الإضافية إلا من تاريخ هذا القرار الوزاري بمنحه الترقية أو العلاوة أو الزيادة إلا إذا كان تاريخ هذا القرار سابقاً لتاريخ الترقية أو زيادة الماهية ففي هذه الحالة تصرف المكافأة أو المرتب الإضافي على أساس الماهية الجديدة من تاريخ استحقاقها وتوجه وزارة المالية النظر إلى مراعاة العمل بهذه القاعدة بالنسبة للموظفين المقرر لهم مكافآت أو مرتبات إضافية ونالوا ترقيات في تواريخ رجعية في التنسيق طبقاً للكتاب الدوري رقم ف 234 - 2/ 17 بتاريخ 30 من يوليه سنة 1947". كما أن ديوان الموظفين قد كشف عن هذه القاعدة في النشرة الشهرية رقم 4 لسنة 1958 التي قضت: "بأن تمنح المكافأة الإضافية للموظف على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه عند تقدير هذه المكافأة وزيادة مرتب الوظيفة لا يترتب عليها زيادة المكافأة تلقائياً" كذلك تضمن الكتاب الدوري لديوان الموظفين رقم 15 لسنة 1960 "أن المكافآت عن الأعمال الإضافية يراعى في تقديرها عدة اعتبارات أهمها طبيعة العمل الإضافي. أما زيادة مرتب الوظيفة أو خفضه فلا أثر له في تقدير المكافآت لأن العمل الإضافي الذي تستحق من أجله المكافأة ثابت ومنفصل عن عمله الأصلي الذي يزيد أعباء وتبعات كلما تدرج الموظف في سلم الوظائف..".
ومن حيث إنه من المقرر أن القواعد التنظيمية العامة الصادرة ممن يملكها متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه طالما أنها صدرت متفقة وأحكام القانون وقصد بها تحقيق المصلحة العامة التي تعلو على المصالح الفردية.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على حكمي المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 920، 921 لسنة 4 القضائية الصادرين بجلسة 8 من إبريل سنة 1960 أن وضع المدعي الوظيفي قد عدل بناء على قاعدة تنظيمية عامة - هي قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 - والتي بمقتضاها ضمت له مدة خدمة سابقة خولته الحق في الطعن في قرارات صادرة بالترقية إلى الدرجات الأعلى، وأن الإدارة كانت تنازعه في ذلك، ومن ثم لم تكن الاعتمادات المالية المقررة وقتذاك والتي تربط في ضوء المرتبات الفعلية لتسمح بما يطالب المدعي بصرفه له من الفروق المالية بقطع النظر عن ضآلة هذه الفروق أو ضخامتها.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - من ثم - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 346 لسنة 31 ق جلسة 7 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 32 ص 206

جلسة 7 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

------------------

(32)
الطعن رقم 346 لسنة 31 القضائية

ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". وعاء الضريبة.
الإيراد السنوي الصافي الذي ينتج من العقارات. دخوله في وعاء الضريبة العامة على الإيراد المقررة على الأشخاص الطبيعيين.
الشريك المتضامن في شركة التضامن أو شركة التوصية. مسئول شخصياً في مواجهة مصلحة الضرائب عن الضريبة على نصيبه في الربح الناتج عن حصته في الشركة. اعتباره في حكم الأشخاص الطبيعيين ومساءلته عن الضريبة العامة على الإيراد المقررة على الإيراد السنوي الصافي الذي ينتج عن العقار المملوك للشركة بقدر ما يصيبه من هذا الإيراد.

-------------------
النص في المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1949 على أن "تفرض ضريبة عامة على الإيراد وتسري على صافي الإيراد الكلي للأشخاص الطبيعيين" وفي المادة السادسة منه على أن "تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي الذي حصل عليه الممول خلال السنة السابقة ويتحدد هذا الإيراد من واقع ما ينتج من العقارات ورؤوس الأموال المنقولة"، مؤداه أن الإيراد السنوي الصافي الذي ينتج من العقارات يدخل في وعاء الضريبة العامة على الإيراد المقررة على الأشخاص الطبيعيين وإذ كان الشريك المتضامن في شركة التضامن أو شركة التوصية يعتبر في مواجهة مصلحة الضرائب الممول المسئول شخصياً عن الضريبة على نصيبه في الربح الناتج من حصته في الشركة، فإن هذا الشريك يعد في حكم الأشخاص الطبيعيين ويسأل عن الضريبة العامة على الإيراد المقررة على الإيراد السنوي الصافي الذي ينتج من العقار المملوك للشركة بقدر ما يصيبه من هذا الإيراد، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 من أن الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لا تسري على أجرة العقارات التي تشغلها المنشأة سواء أكانت العقارات المذكورة مملوكة لها أم مستأجرة، ذلك أن عدم سريان ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على أجرة تلك العقارات لا ينفي من اعتبارها إيراد للشخص الطبيعي ومن في حكمه خاضعاً للضريبة العامة على الإيراد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بتري خريستو - الشريك المتضامن في شركة شيكولاتة رويال - قدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً عن صافي إيراداته الخاضعة للضريبة العامة على الإيراد في سنتي 1949، 1950 بمبلغي 885 ج و222 م و770 ج و233 م وأجرت المأمورية تصحيحه إلى 2515 ج و543 م و4259 ج و453 م بإضافة نصيبه في القيمة الإيجارية لمصنع الشركة وحصته في الأرباح التجارية، وإذ لم يوافق على هذا التعديل وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن وبتاريخ 31/ 3/ 1959 أصدرت اللجنة قرارها باعتبار صافي إيراد الطاعن في السنة الأولى مبلغ 2410 ج و933 م وأيدت المأمورية في تقديرها لإيراد السنة الثانية، فقد أقام الدعوى رقم 570 سنة 1959 الإسكندرية الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالباً قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان القرار المطعون فيه واعتبار العقارات التي تشغلها الشركة غير داخلة في وعاء ضريبة الإيراد العام الخاصة به وأدخل شركة شيكولاتة رويال خصماً في الدعوى، وبتاريخ 31/ 12/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بإخراج فابريقة شيكولاتة رويال من الدعوى بلا مصاريف (ثانياً) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه وألزمت الطاعن بالمصروفات وبمبلغ 200 ق مقابل أتعاب المحاماة - واستأنف الممول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً بصفة أصلية بطلان الحكم المستأنف واحتياطياً إلغاء القرار الصادر من لجنة الطعن واعتبار نصيبه في أجرة العقارات التي تملكها شركة رويال غير داخلة في وعاء ضريبة الإيراد العام الخاصة به وقيد هذا الاستئناف برقم 47 سنة 16 قضائية. وبتاريخ 29/ 5/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات وثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخضع نصيب الطاعن - وهو شريك متضامن - في القيمة الإيجارية لمصنع شركة شيكولاتة رويال - للضريبة العامة على الإيراد وهو منه خطأ ومخالفة للقانون من وجوه (أولها) أن شركة شيكولاتة رويال التي تملك المصنع شركة توصية بسيطة لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية الشركاء ولا يسري القانون رقم 99 لسنة 1949 إلا على الأشخاص الطبيعيين وما ذهب إليه الحكم يتضمن إخضاع الشركة للضريبة العامة بطريق غير مباشر (وثانيها) أن نص المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 يقضي بسريان الضريبة العامة على الإيراد الفعلي دون الإيراد الحكمي ونصيب الطاعن في أجرة المصنع لم يدخل فعلاً في إيراده الحقيقي (وثالثها) أن الحكم المطعون فيه استند إلى المادتين 34 و39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في القول بعدم الاعتداد بالشخصية المعنوية لشركات التضامن واعتبر الشريك المتضامن مالكاً لأصول الشركة مع أن مؤدى هاتين المادتين هو اعتبار الشركاء بمثابة ممولين منفردين يخضعون لضريبة الأرباح التجارية وليس معناه إهدار القواعد التي تفرق بين شخصيتهم وشخصية الشركة.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1949 على أن "تفرض ضريبة عامة على الإيراد وتسري على صافي الإيراد الكلي للأشخاص الطبيعيين" وفي المادة السادسة منه على أن "تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي الذي حصل عليه الممول خلال السنة السابقة ويتحدد هذا الإيراد من واقع ما ينتج من العقارات ورؤوس الأموال المنقولة" مؤداه أن الإيراد السنوي الصافي الذي ينتج من العقارات يدخل في وعاء الضريبة العامة على الإيراد المقررة على الأشخاص الطبيعيين، وإذ كان ذلك وكان الشريك المتضامن في شركة التضامن أو شركة التوصية يعتبر في مواجهة مصلحة الضرائب الممول المسئول شخصياً عن الضريبة على نصيبه في الربح الناتج من حصته في الشركة، فإن هذا الشريك يعد في حكم الأشخاص الطبيعيين ويسأل عن الضريبة العامة على الإيراد المقررة على الإيراد السنوي الصافي الذي ينتج من العقار المملوك للشركة بقدر ما يصيبه من هذا الإيراد، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 من أن الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لا تسري على أجرة العقارات التي تشغلها المنشأة سواء أكانت العقارات المذكورة مملوكة لها أم مستأجرة، ذلك أن عدم سريان ضريبة الأرباح التجارية والصناعية على أجرة تلك العقارات لا ينفي من اعتبارها إيراداً للشخص الطبيعي ومن في حكمه خاضعاً للضريبة العامة على الإيراد، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأخضع نصيب الطاعن في أجرة المصنع التي تملكه شركة شيكولاتة رويال للضريبة العامة على الإيراد فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.

الطعن 39 لسنة 26 ق جلسة 5 / 3 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 أحوال شخصية ق 32 ص 204

جلسة 5 من مارس سنة 1959

برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

------------------

(32)
الطعن رقم 39 سنة 26 ق أحوال شخصية

(أ) إثبات "طرق الإثبات" "الإقرار". 

ماهيته. إخبار. حجيته. قرينة قانونية على حقيقة المقر به.
(ب) حكم "تسبيب كاف". 

تناول الحكم المستندات المقدمة. إطراحه لها بسبب ما يحيط بها من شك مع بيان مظهره استناداً إلى أسباب سائغة. لا قصور.

-------------------
1 - إذا كان الواقع في الدعوى أن محكمة الموضوع إذ عاملت الطاعنة بإقرارها الوارد في صحيفة دعوى أخرى مرفوعة منها لم تخرج عن مفهوم الإقرار بأنه إخبار، وكان الإقرار قرينة قانونية على حقيقة المقر به، وكانت الطاعنة كما ذكر الحكم المطعون فيه لم تستطع دحض هذه القرينة بإثبات أن مضمونه غير مطابق للحقيقة، فإن مؤدى ذلك أن محكمة الموضوع لم تر فيما أبدته الطاعنة في شأن هذا الإقرار أنه مبني على خطأ في الواقع إذ أن ظاهر الحال يكذبه - ولازم ذلك أن تعامل الطاعنة بمقتضاه - ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غير منطو على خطأ في القانون.
2 - إذا كان يبين مما ورد بالحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد تناول بالنظر والتمحيص جميع ما تقدمت به الطاعنة من مستندات فلم يغفل شيئاً منها - كما أنه أوضح في صراحة أن إطراحه لهذه المستندات هو بسبب ما يحيط بها من شك مبيناً مظهر هذا الشك في أمرها وموضحاً أن ما تضمنته من العبارات غير قاطع في إثبات بنوة الطاعنة للمتوفى مستنداً في هذا وذاك إلى أسباب سائغة فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ أول مارس سنة 1947 أقامت المطعون عليها الأولى الدعوى رقم 30 لسنة 1949 أحوال شخصية بمحكمة القاهرة الابتدائية على باقي المطعون عليهم - وذكرت في وقائعها أن المرحوم مراد معتمديان توفى عن تركة وأنه بتقسيمها على ورثته وفقاً للقانون البلغاري الواجب التطبيق - يخص كلاً من أخويه لأبيه الثمن - وكلاً من أختيه الشقيتين الربع - والربع الباقي يقسم بالتساوي بين أولاد أخ المتوفى ومن بينهم المدعية وتكون حصتها من التركة على هذا الأساس هو 1/ 20 منها - وطلبت بدعواها الحكم بثبوت وفاة مراد معتمديان وانحصار إرثه في أختيه الشقيقتين وأخويه لأبيه وأولاد أخيه وباعتبارها مستحقة على هذا الأساس لمقدار 1/ 20 من التركة - وفي أثناء نظر هذه الدعوى بمحكمة القاهرة الابتدائية بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1950 طلبت الطاعنة قبولها خصماً متدخلاً فيها ليحكم لها برفضها وبثبوت نسبها لأبيها مراد معتمديان - باعتبارها ابنته - ووارثته الوحيدة - وفقاً لأحكام القانون البلغاري - وإحالة الأوراق إلى رئيس المحكمة لإصدار إشهار بالوراثة على هذا الأساس مع إلزام من ينازعها من الخصوم بالمصروفات والأتعاب - وذكرت بياناً لدعواها أن المرحوم مراد معتمديان كان متزوجاً بالمرحومة السيدة مجردتش بوباجيان وكانت هي ثمرة هذا الزواج حيث ولدت في 25 مايو سنة 1913 بمدينة الزقازيق - ولم ينجب والدها سواها - ولذلك تحق لها المطالبة بكل تركته - وفقاً لأحكام القانون البلغاري - وقالت إنه تعذر عليها أن تعثر على شهادة رسمية لميلادها وأن قواعد الإثبات المقررة في القانون البلغاري - تبيح لها إثبات البنوة بالشهرة العامة وأنها تتوفر لها جميع عناصرها في يدها جميع المستندات التي تقطع بثبوت نسبها - وأنكرت عليها كل من المطعون عليهما الثاني والتاسع دعواها وطلبا رفضها تأسيساً على أن مراد معتمديان لم ينجب أطفالاً - كما أن زوجته كان يستحيل عليها أن تلد في التاريخ المعاصر لتاريخ ميلاد الطاعنة بسبب عملية جراحية معينة وأن الطاعنة عاشت في كنف مراد معتمديان - كغيرها من الآنسات ينفق عليها ويتولى رعايتها وتربيتها دون ما صلة نسب - لما جبل عليه من حب الخير وأنها هي نفسها (أي الطاعنة) قد أقرت في الدعوى المستعجلة التي أقامتها في سنة 1946 بطلب بالحراسة على تركة مراد معتمديان - بأنه لم ينجب أحداً - وأنه إنما كان يتبناها - بمقتضى إقرار رسمي بالسجلات الرسمية المحفوظة في مدينة استامبول. وأن ما تدعيه من ثبوت البنوة لها بالشهرة العامة منقوض بهذا الإقرار وبالشهادة الصادرة من وزارة الخارجية البلغارية والثابت فيها أن مراد معتمديان لم يعقب ذرية. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1953 حكمت المحكمة الابتدائية بقبول الطاعنة خصماً ثالثاً في الدعوى - وبرفض الطلبات المبداة منها وألزمتها بالمصروفات - كما حكمت بثبوت وفاة مراد معتمديان وانحصر إرثه في أخويه لأبيه وأختيه الشقيقتين وأبناء أخوته. وأسست المحكمة الابتدائية قضاءها رفض طلبات الطاعنة على أن الأدلة المقدمة منها لإثبات البنوة غير مقنعة - ولأنها أقرت في صحيفة الدعوى المستعجلة التي أقامت في أكتوبر سنة 1946 - بأن المتوفى لم يترك من يرثه شرعاً - سواها بصفتها "متبناة له" - وقدرت المحكمة الابتدائية - ما جاء في صحيفة تلك الدعوى المستعجلة بأنه مجرد دليل كتابي يترك تقديره للمحكمة كباقي الأدلة المقدمة من الخصوم - واستأنفت الطاعنة هذا الحكم بتاريخ 13 من يوليه سنة 1953 - إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 627 لسنة 70 ق (دائرة الأحوال الشخصية) طالبة قبول استئنافها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف - والحكم باعتبارها الابنة الوحيدة والوارثة الوحيدة للمرحوم مراد اريتنوف معتمديان وفقاً للقانون البلغاري وتوزيع تركته على هذا الأساس مع إلزام المنازعين بمصروفات الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عنهما وبتاريخ 13 من يونيه سنة 1956 حكمت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة (الطاعنة) بالمصروفات و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1956 قررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بالنقض - وأبدت النيابة العامة رأيها فيه - في المذكرة الأولى المقدمة منها برفضه - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11/ 3/ 1958 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وأشر بهذا القرار على تقرير الطعن. وفي 29/ 3/ 1958 أمر رئيس المحكمة بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهم محدداً لهم خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم لإيداع مذكرة بدفاعهم مشفوعة بما يريدون تقديمه من مستندات وللنيابة العامة الواحد والعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها ونفذ هذا الأمر فأعلن المطعون عليهم في 21 و26 و29 و30 يوليه سنة 1958، 2 من أغسطس سنة 1958 وقدمت الطاعنة في 30/ 3/ 1958 مذكرة شارحة وفي 14 من أغسطس سنة 1958 قدم المطعون عليه التاسع مذكرة بالرد وحافظة بها مستند واحد وفي 17 من أغسطس سنة 1958 قدم المطعون عليه الثاني مذكرة بالرد وحافظة بها مستند واحد - وضمت المفردات الابتدائية والاستئنافية بناءً على أمر رئيس المحكمة وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية صممت فيها على رأيها السابق كما صممت عليه بالجلسة التي حددت لنظر الطعن.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرت أن هذا الحكم قد اعتمد في قضائه على ما اسند للطاعنة من إقرار صحيفة الدعوى المستعجلة بعدم انتسابها بالبنوة للمتوفى واتخذ من هذه الصحيفة "دليلاً كتابياً عادياً" عامل به الطاعنة ارتكاناً على أنها لم تدل بتفسير مقبول لصدوره منها مع أنها أوضحت لمحكمة الموضوع أن ما ورد بتلك الصحيفة لا يعدو أن يكون إخباراً بأمر لا أصل له في الواقع - ولم يكن مبناه إلا مجرد الخطأ المادي وأن الطاعنة قد أعلنت تمسكها ببنوتها لوالدها المتوفى في الدعوى الشرعية رقم 156 لسنة 1948 كلي مصر الشرعية المقامة منها فلم يكن لمحكمة الموضوع أن تعاملها بهذا الدليل الذي يكذبه الظاهر وتؤسس قضاءها عليه وإذ هي فعلت فقد أخطأت في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه - بعد إذ بين أنه لا نزاع بين الخصوم في أن القانون الواجب التطبيق في صدد النزاع الماثل هو القانون البلغاري لأنه قانون جنسية المورث (وقت موته) عرض لأحكام هذا القانون في شأن إثبات البنوة - مستنداً في ذلك إلى الفتويين المقدمتين من طرفي النزاع في هذا الخصوص - فذكر "أن الدليل على البنوة يكون بإثباتها في دفاتر المواليد وفي حالة عدم وجود هذا الإثبات يكتفي بالتمتع المستمر بحالة الولد الشرعي ويشمل هذا التمتع العناصر الثلاث من حمل الاسم والمعاملة مع الغير والشهرة" ثم أوضح أن الطاعنة عجزت عن تقديم شهادة بميلادها وأنها لهذا تحتج بالتمتع بعناصره الثلاث - واستطرد الحكم المطعون فيه بعد ذلك للنظر فيما تقدم به كل من الطرفين من مستندات - تدليلاً على دعواه أو دفاعه - وإذ عرض لما تمسك به خصوم الطاعنة من إقرارها في صحيفة الدعوى المستعجلة ذكر في هذا الخصوص "أن المحكمة الابتدائية قد أصابت الحق حين آخذت المستأنفة (الطاعنة) بما صدر منها في صحيفة الدعوى المستعجلة الخاصة بوضع التركة تحت الحراسة فقد ذكرت في تبيان مصدر حقها أنه لما كان المتوفى لم يترك من يرثه حسب القانون البلغاري سواها باعتبارها ابنته التي تبناها منذ كان سنها ثلاث سنوات بمقتضى إقرار رسمي بالسجلات الرسمية المحفوظة بمدينة استامبول واعترف ببنوتها بعد ذلك في عدة أوراق رسمية... ومن حيث إنه وإن كان هذا الإقرار لا يعتبر إقراراً قضائياً قاطعاً لا يجوز دحضه فإن المستأنفة (الطاعنة) لم تستطع الإدلاء بتفسير مقبول صدور مثل هذا البيان منها إن كان مضمونه غير مطابق للحقيقة - ولما كان المستأنف ضدهم ينازعون في بنوتها الشرعية فقد كانت المحكمة على حق حين اعتبرت هذا البيان هادماً لما تزعمه المستأنفة من بنوتها الشرعية للمتوفى"... ثم قال الحكم المطعون فيه في موضوع آخر.
"ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم الاستئنافي أصاب الحق فيتعين تأييده ولا ترى المحكمة محلاً لإجابة المستأنفة إلى ما تطلبه من تحقيق تكميلي لعدم جدوى هذا التحقيق إزاء البيان الصادر منها والذي لم تبد سبباً معقولاً لعدم مطابقته الحقيقة" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع - إذ عاملت الطاعنة بإقرارها الوارد في صحيفة الدعوى المستعجلة المرفوعة منها لم تخرج عن مفهوم الإقرار بأنه إخبار - ولما كان الإقرار قرينة قانونية على حقيقة المقربة - وكانت الطاعنة - كما ذكر الحكم المطعون فيه لم تستطع دحض هذه القرينة بإثبات أن مضمونه غير مطابق للحقيقة - فإن مؤدى ذلك أن محكمة الموضوع - لم تر فيما أبدته الطاعنة في شأن هذا الإقرار - أنه مبني على خطأ في الواقع أو أن ظاهر الحال يكذبه - ولازم ذلك أن تعامل الطاعنة بمقتضاه - ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غي منطو على خطأ في القانون.
وحيث إن محصل الوجه الثاني من هذا السبب أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور في التسبيب وفي ذلك ذكرت الطاعنة - أنها تقدمت إلى محكمة الموضوع بشهادة من المفوضية الفرنسية في بلغاريا مؤرخة 15/ 7/ 1939 - مستدلة بها على تمتعها بحالة الولد الشرعي - إذ تحمل هذه الشهادة تاريخ ومكان ميلادها واسم معتمديان الذي لم يرد بها بطريق المصادفة فأغفلت محكمة الموضوع أمر هذه الشهادة وما لها من دلالة ولم تتحدث عنها - كما أن المحكمة الابتدائية إذ عرضت لشهادة مدرسة نوتردام المؤرخة 15/ 10/ 1949 لم تعلق عليها إلا بأنها تقصر عن إفادة البنوة الحقيقية - وقد أخذ الحكم الاستئنافي المطعون فيه بهذا النظر فيما ذكره من تعليق مجمل على مستندات الطاعنة - ذلك مع ما أوضحته الطاعنة من أن ثمت فارقاً ظاهراً بين بنت ومتبناة - كذلك أغفلت محكمة الموضوع اعتراض الطاعنة الذي أبدته على تلك الشهادة التي قدمها خصومها - والصادرة من الحكومة البلغارية متضمنة وفاة مراد معتمديان دون ذرية - وكذلك على الشهادة الصادرة من مجلس بلدي شوين بهذا المعنى - وكان مبنى اعتراض الطاعنة أنهما غير مصدق عليهما لا من القنصل المصري ببلغاريا - ولا من وزارة الخارجية المصرية - وأنه لهذا لا يصح التعويل عليهما - وقد أغفلت محكمة الموضوع اعتراضها هذا ولم تشر إليه بشيء - كذلك تقدمت الطاعنة إلى محكمة الموضوع بخطاب صادر من المورث وزوجته إلى الحراسة على أموال الرعايا البلغاريين وقد ورد به أنهما يقدمان إلى الحارس ابنتهما (الطاعنة) ويرغبان في تسليمها أموالهما - فلم يكن لمحكمة الموضوع من تعليق على هذا الخطاب إلا القول بأنه ينم عن التبني لا البنوة الشرعية - وهو تعليق قاصر لأنه لا يبين منه لما عدلت محكمة الموضوع عن الأخذ بالدلالة الظاهرة للألفاظ إلى سواها - مما لم يرد بهذا الخطاب - وكذلك كان الأمر بالنسبة للدعوة الموجهة من والدي الطاعنة لحضور حفلة زفافها بوصفها ابنتهما - كما قصر الحكم المطعون فيه في التكلم على المستندات الأخرى التي تقدمت بها الطاعنة للتدليل بها على توفر عناصر التمتع بحالة الولد الشرعي كتوقيع مراد معتمديان في خانة الوالد على شهادة مدرسة البانسيونا ديزا بوتر في 18/ 1/ 1932 - وشهادة السفارة البلغارية بقيد الطاعنة في سجلاتها بوصفها الابنة الوحيدة للمتوفى وبأنها كانت توضع دائماً على جواز سفره - والصور الفوتوغرافية العائلية مع والديها وأسرتها وكان مظهر القصور في أن الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالتعليق عليها في صورة عامة مجملة - بحيث لا يبدو من هذا التعليق علة إطراح دلالتها الظاهرة.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مردود بما أورده في خصوصه الحكم الابتدائي التي أخذت محكمة الاستئناف بأسبابه - فقد جاء به أن المحكمة لا تأخذ بالأدلة المقدمة من المتدخلة (الطاعنة) لإثبات دعواها وتطرحها "لا فقط للسبب المتقدم... بل أيضاً لما أحاطها من شك لأن الشهادة الصادرة من المفوضية الفرنسية في بلغاريا بتاريخ 15 يونيه سنة 1929 هذه الشهادة ليست لها أية إشارة إلى أن المتدخلة ابنة للمتوفى وما ورد بها أنها ولدت بالزقازيق في 25 مايو سنة 1903 - أما الإشارة إلى اسم معتمديان مع اسمها فهذا لا يدل على أنها ابنة للمتوفى مراد معتمديان خصوصاً وأن هذه الشهادة لا تحمل أي توقيع له كما لا تصلح على ثبوت بنوة المتدخلة للمتوفى تلك الشهادة الصادرة من مدرسة نوتردام ديزابوتر في 15 أكتوبر سنة 1949 والتي أشير فيها إلى أن "تنسوف" هي بنت مراد معتمديان لا تصلح هذه الشهادة لإثبات بنوة المتدخلة للمتوفى لأنه فضلاً عن أنه لا يبين من هاتين الشهادتين أن المتوفى هو الذي دون البيانات دون غيره فإن الإشارة فيها إلى أن المتدخلة هي ابنة مراد معتمديان لا تدل على أنها ابنة شرعية كما تزعم هي ذلك - بل قد تفيد أنها ابنته المتبناة ولا تنصرف فقط إلى الحالة الأولى كما تذهب إلى ذلك المتدخلة - هذا فضلاً عن أن الشهادة الأولى تنقضها تلك الشهادة المقدمة من المدعى عليهم والمستخرجة من الحكومة البلغارية والتي شهدت فيها بأن المتوفى مات عن غير ذرية ترثه - أما عن سائر المستندات المقدمة من المتدخلة وعلى الأخص الخطاب المؤرخ 12/ 4/ 1942 والموجه من المتوفى وزوجته للحارس العام على أموال الرعايا البلغار والذي ورد فيه العبارة الآتية: Nous vous presentons notre fille Mme Tensof.
والدعوة الموجهة منهما لحضور حفل زفافها بالكنيسة الأرمنية والخطابات التي كانا يتبادلانها معاً والتي ورد فيها عبارة ابنتي في أكثر من موضع والبرقيات التي وصلتها يوم قرانها ومن بينها برقية "أليس" - هذه المستندات جميعها يحوطها نفس الشك ويوجه إليها نفس الاعتراضات السابقة - وهي جميعها إن صح الاستدلال بها على أن المتدخلة السيدة "تنسوف" كانت محل عناية خاصة من المتوفى وزوجته وكانت تعيش في كنفهما فهي لا تصلح دليلاً على أنها كانت ابنة شرعية لهما خصوصاً بعد الشهادة المستخرجة من المجلس البلدي الشعبي لمدينة كولانجراد بتاريخ 16 مايو سنة 1950 والتي جاء فيها أن المتوفى لم ينجب أي ولد ومن ثم تكون الطلبات المبداة من المتدخلة خالية من أي دليل يؤيدها مما يتعين معه رفض دعواها" ولما كان يبين من هذا الذي ورد بالحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد تناول النظر والتمحيص جميع ما تقدمت به الطاعنة من مستندات - فلم يغفل شيئاً منها - كما أنه أوضح في صراحة أن إطراحه لهذه المستندات هو بسبب ما يحيط بها من شك مبيناً مظهر هذا الشك في أمرها وموضحاً أن ما تضمنته من العبارات غير قاطع في إثبات بنوة الطاعنة للمتوفى - مستنداً في هذا وذاك إلى أسباب سائغة فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرت أنها تمسكت قبل المطعون عليهم ببنوتها للمتوفى - فلما اعترض خصومها عليها بأنها ليست بنتاً نسبية وإنما هي متبناة - وأن إثبات هذا التبني لا يكون إلا بإشهاد رسمي - وأن هذا هو السبيل الوحيد لإثباته تقدمت الطاعنة إلى محكمة الموضوع بخطاب من السفارة البلغارية ورد فيه صراحة أنه وإن كان الأصل في التبني أن يتم بعقد شكلي ولا يحل محله إجراء آخر - إلا أن إثبات هذا العقد يمكن أن يتم في دعوى خاصة - تقبل فيها شهادة الشهود والخطابات والمستندات - وقد تمسكت الطاعنة بما ورد في هذا الخطاب وبأن القانون البلغاري يقبل في إثبات التبني نفس الأدلة على البنوة وبذلك تكون بنوتها ثابتة للمتوفى كما أن تبنيها ثابت أيضاً - وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن ما تمسكت به الطاعنة من ذلك ينقضه الفتويان المقدمتان منها ومن خصومها - وما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص - مشوب بالخطأ في القانون - ذلك أنه قد مد نطاق هاتين الفتويين إلى مدى لا تتسعان له - إذ هما خاصتان بإجراءات التبني - ولم تتعرضا لشأن الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن كل ما أشارت إليه المستأنفة في مذكرتها لا يخرج عن إعادة ما طرح على المحكمة الابتدائية فالتفتت عنه بحق ولن يجديها التحدي بالخطاب الصادر من المفوضية البلغارية إلى وكيلها في 3 يناير سنة 1956 فالجملة الأولى من الفقرة التي تحتج بها صريحة في "أن العقد الرسمي بالتبني لا يمكن الاستعاضة عنه بأي دليل آخر" وإذا كانت المفوضية قد استطردت للقول بعد ذلك بأنه "يمكن إثباته في دعوى خاصة يمكن الاستدلال فيها بأقوال الشهود والخطابات والمستندات الأخرى" فإن هذا القول من جانب المفوضية تنقضه الفتوى الصادرة من الأستاذ "فنديكون" المقدمة من المستأنفة - وهذه الفتوى تتفق مع الأخرى المقدمة من المستأنف ضدهم والصادرة من الأستاذ "أبوستولوف" وكلاهما قاطع في أن دليل الإثبات الوحيد على التبني هو الإشهاد الرسمي أمام قاضي المصالحات بشرط أن يتم التصديق عليه من المحكمة الكلية بالمديرية بعد التحقق من استكماله للشرائط القانونية" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في أسبابه إلى الفتوى التي تقدمت بها الطاعنة - بياناً لأحكام القانون البلغاري في شأن التبني وقد أثبت الحكم المطعون فيه - أن ما ورد بهذه الفتوى - ما ورد بالفتوى المقدمة من خصوم الطاعنة - إنما يتعلق "بإثبات التبني" وإذ كانت الطاعنة تدعي في وجه النعي أن هذه الفتوى تتعلق بإجراءات التبني لا بإثباته - فإن تصوير هذا السبب بأنه خطأ في القانون يكون غير مطابق لحقيقة ما تنعى به - ولما كان يبين من مراجعة الفتوى المقدمة من الطاعنة - في هذا الخصوص أن ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عنها - من أن دليل الإثبات الوحيد على التبني هو الإشهاد الرسمي - مطابق لما جاء بها - فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس فيتعين رفضه.

الطعن 448 لسنة 13 ق جلسة 23 / 11 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 12 ص 102

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

------------------

(12)

القضية رقم 448 لسنة 13 القضائية

(أ) - دعوى - قبولها - صفة في الدعوى 

- تضمن صحيفة الطعن أن إدارة قضايا الحكومة أقامته بصفتها نائبة عن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بدلاً من هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية - خطأ مادي لا يؤثر على صفة من تمثلها بالفعل وهي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية.
(ب) - هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية - عمال 

- القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 هو الذي ينظم أوضاع عمال الهيئة - عدم سريان أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 عليهم بعد إلغاء كادر العمال - سريان القانون رقم 46 لسنة 1964 من أول يوليه سنة 1966 بناء على القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966.
(جـ) - هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية - عمال - فصلهم 

- نص القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 بأن عقوبة الفصل لا توقع إلا بقرار من المحكمة التأديبية - بطلان قرار الفصل التأديبي الصادر من مدير الهيئة بعد أخذ رأي اللجنة الفنية لشئون العمال والمعتمد من وكيل الوزارة.

-------------------
1 - إن ما ورد في صحيفة الطعن - من أن إدارة قضايا الحكومة وقد أقامته بصفتها نائبة عن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية - إنما هو خطأ مادي وقعت فيه إدارة القضايا. وهذا الخطأ لا يؤثر على صفة من تمثلها بالفعل - وهي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية.. خاصة وأنه قد جاء بصحيفة الطعن أن المطعون ضده من موظفي هذه الهيئة الأخيرة الذين ينظم شئونهم القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959.. ومن ثم فإنه لا يلتفت إلى هذا الخطأ المادي البحت ويكون هذا الدفع على غير أساس جديراً بالرفض.
2 - إن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب فيما قضى به - من أنه بإلغاء كادر العمال يتعين إعمال أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 الخاصة بتحديد السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاء على المطعون ضده.. ذلك لأنه، باعتباره من العاملين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية، إنما يخضع لأحكام القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية - وهو بوصفه تنظيماً خاصاً في شأن طائفة معينة من العاملين لا يقوم التعارض بينه وبين القوانين العامة للتوظف والسارية المفعول بالنسبة إلى سائر العاملين بالدولة إذ يحتفظ هذا القرار الجمهوري بقوته في تنظيم شئون هذه الطائفة.. وقد جرت قوانين التوظف - ومن بينها القانون رقم 46 لسنة 1964 - على النص على أن أحكامها لا تسري على طوائف العاملين التي تنظم شئونهم قوانين خاصة فيما تضمنته هذه القوانين.. وعلى ذلك فإن القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 هو الواجب التطبيق بالنسبة لتحديد السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاء على المطعون ضده، دون أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964، يؤيد ذلك كما قالت الحكومة - وبحق - إن المشرع عندما أراد أن يخضع العاملين بالهيئة المنوه عنها لأحكام القانون المذكور لجأ إلى ذلك صراحة فصدر القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966- الذي عمل به اعتباراً من أول يوليه سنة 1966 - ناصاً على سريان أحكام القانون المذكور على هؤلاء العاملين اعتباراً من التاريخ المنوه عنه.
3 - إن المادة 48 من القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959، الواجب التطبيق تقضي بأن عقوبة الفصل لا يجوز توقيعها إلا بقرار من المحكمة التأديبية. ومن ثم فإن القرار الصادر بفصل المطعون ضده تأديبياً من مدير عام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية في 25 من يوليه سنة 1965 - بعد أخذ رأي اللجنة الفنية لشئون العمال - والذي اعتمده السيد وكيل الوزارة، يكون قد صدر من سلطة لا تملكه قانوناً، الأمر الذي يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص وحقيقاًً بالإلغاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي السيد/ عبد الحميد محمد أحمد البعل أقام الدعوى رقم 331 لسنة 13 القضائية ضد هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ووزارة المواصلات بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارتي المواصلات والنقل في 28 من إبريل سنة 1966 - بعد أن تقرر إعفاؤه من الرسوم القضائية بالقرار الصادر في 29 من مارس سنة 1966 - طالباً القضاء بإلغاء قرار فصله الحاصل في 25 من سبتمبر سنة 1965 بالأمر الإداري رقم 908 أفراد في 20 من أكتوبر سنة 1965.. وقال المدعي - شرحاً لدعواه - إنه التحق بخدمة الهيئة المدعى عليها بوظيفة عامل توزيع ووضع بالدرجة العاشرة بالكادر الجديد وظل يقوم بعمله على أكمل وجه حتى أرهقت أعصابه من كثرة العمل فأصيل بانهيار عصبي ونفسي وطلب في 9 من مايو سنة 1964 عرضه على طبيب الأمراض النفسية بالهيئة فأحيل إلى العيادة الخاصة بها ولعدم وجود أخصائي أمراض نفسية أحيل إلى القومسيون الطبي العام في 17 من ذات الشهر حيث كشف عليه الطبيب المختص وتبين مرضه فعلاً ومنح إجازة مرضية اعتبرت من تاريخ إحالته إلى القومسيون العام. وكان من أثر هذا الإغفال أن اعتبرت الأيام السابقة غياباً بدون إذن على غير الحقيقة.. وفي 19 من سبتمبر سنة 1964 عاوده المرض فأحيل إلى القومسيون الطبي العام يوم 23 من ذات الشهر وثبت للطبيب مرضه فمنح إجازة مرضية من تاريخ الكشف عليه فاعتبرت الهيئة المدة السابقة انقطاعاً بدون إذن.. وفي 25 من سبتمبر سنة 1965 فوجئ بإشارة مصلحية مؤداها أن السيد المهندس المدير العام بالنيابة وافق في 25 من يوليه سنة 1965 على قرار اللجنة الفنية لشئون العمال بعزله عن العمل.. وأنه لما كان هذا القرار قد جاء مخالفاً للقانون فقد تظلم منه في 27 من سبتمبر سنة 1965 ولما لم يتلق رداً أقام هذه الدعوى طالباً إلغاء قرار الفصل للأسباب الآتية:
أولاً: أثبت القومسيون الطبي مرضه ومنحه إجازة طويلة ولم يتجاوز إجازاته المرضية ولا الاعتيادية وقد مرض أثناء الخدمة وبسببها وكان يجب حساب الأيام الواقعة بين التبليغ والمرض والإحالة إلى الطبيب المختص إجازة، إن لم تكن مرضية، فتحسب على الأقل إجازة اعتيادية.
ثانياً: إنه وإن كان أصلاً معيناً على كادر العمال إلا أنه قد وضع بالدرجة العاشرة طبقاً لأحكام قانون العاملين رقم 46 لسنة 1964 الذي يستلزم لتوقيع عقوبة الفصل إحالته إلى المحكمة التأديبية فصدور القرار المطعون فيه بدون عرضه على المحكمة المذكورة يقع باطلاً لمخالفته للقانون.
ثالثاً: إن اللجنة الفنية المنصوص عليها في كادر العمال لم يعد لها وجود بصدور قانون العاملين المشار إليه وخاصة بعد وضعه فعلاً على إحدى درجات هذا القانون.
ردت الهيئة المدعى عليها على الدعوى بأن المدعي كان يشغل وظيفة عامل توزيع بها ولم يراع لهذه الوظيفة حرمة فدأب على الانقطاع عن العمل بدون إذن الأمر الذي أدى إلى إحالته إلى اللجنة الفنية لشئون العمال التي أوصت بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً ثم جوزي بسبعة أيام لانقطاعه بعد ذلك ورغم ذلك لم يرتدع وانقطع عن العمل فأحيل إلى اللجنة الفنية التي أوصت بقرارها رقم 178/ 16 لسنة 1965 بعزله من الخدمة مع حفظ حقه في المكافأة أو المعاش ومع خصم أيام الانقطاع وتم اعتماده من السيد المهندس المدير العام في 25 من يوليه سنة 1965.. وقالت الهيئة إن هذا القرار قد صدر طبقاً لنص المادة الثانية من لائحة الجزاءات الخاصة بموظفي وعمال الهيئة الصادرة بقرار السيد وزير المواصلات برقم 50 لسنة 1961 وطبقاً للقرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 الخاص بنظام موظفي الهيئة.
وبجلسة 9 من يناير سنة 1967 قضت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري بعزل المدعي من الخدمة الصادر من السيد وكيل الوزارة في 5 من سبتمبر سنة 1965 وما ترتب عليه من آثار مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.. وأقامت قضاءها على أن المدعي التحق بخدمة الهيئة بوظيفة ساعي توزيع درجة ثانية (140/ 300) باليومية فكانت تطبق عليه أحكام كادر العمال وهذا الكادر ألغي بالقانون رقم 46 لسنة 1964 الذي عمل به اعتباراً من أول يوليه سنة 1964. ومن ثم فإن المدعي، باعتباره من عمال الهيئة المدعى عليها يعتبر خاضعاً للقانون المذكور اعتباراً من ذلك التاريخ فيما لم يرد بشأنه قواعد خاصة بهؤلاء العمال.. ولما كان القرار رقم 50 لسنة 1961 - بإصدار لائحة الجزاءات التأديبية لموظفي الهيئة وعمالها - قاصراً على تحديد الجزاء المتعين توقيعه دون التصدي للجهة التي تملك توقيع هذا الجزاء تاركاً ذلك للقواعد العامة التي تخضع لها كل طائفة من طوائف العاملين الخاضعين لأحكامه، وهي كادر العمال بالنسبة لعمال الهيئة، وقد ألغي هذا الكادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964.. ويتعين لذلك إعمال أحكام هذا القانون الخاصة بتحديد السلطات التأديبية المختصة اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 دون الاعتداد بأية قاعدة تخالف أحكامه سواء أكانت هذه القاعدة مستمدة من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو من كادر العمال.. وأنه طبقاً للمادة 63 من القانون رقم 46 لسنة 1964 لا يملك توقيع عقوبة الفصل إلا المحكمة التأديبية ومن ثم يكون القرار الصادر من السيد وكيل الوزارة في 5 من سبتمبر سنة 1965 بالموافقة على رأي اللجنة الفنية بعزل المدعي من الخدمة قد صدر بالمخالفة للقانون ويتعين إلغاؤه لانعقاد الاختصاص في هذا الشأن للمحكمة التأديبية.
طعنت إدارة قضايا الحكومة، بصفتها نائبة عن السيد وزير النقل بصفته الرئيس الأعلى للهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والسيد رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة وصحتها هيئة المواصلات السلكية اللاسلكية، في الحكم المذكور بصحيفة أودعتها سكرتارية هذه المحكمة في 2 من مارس سنة 1967 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وبنت طعنها على أن القرار المطعون فيه الصادر في شهر يوليه سنة 1965 من السيد مدير عام الهيئة قد صدر من السلطة التي تملك حق إصداره وفقاً لما تقضي به قواعد القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 الخاص بنظام موظفي وعمال هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية والقرار الوزاري رقم 50 لسنة 1961. وأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى بضرورة اتباع القواعد التي نص عليها القانون رقم 46 لسنة 1964. ذلك لأن وضع المطعون ضده على درجة من درجات هذا القانون لا يغير من أنه قبل صدور القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 في 24 من سبتمبر سنة 1966، والذي قضى بتطبيق أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 على العاملين بالهيئة المذكورة، كان القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 هو القانون الخاص الواجب الاتباع بالنسبة للعاملين بهذه الهيئة ولم يكن القانون رقم 46 لسنة 1964 يسري عليهم إلا فيما سكت عنه القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 بدليل أن المادة الأولى من القانون رقم 46 لسنة 1964 قد استبعدت من نطاق تطبيقه الوظائف التي تنظمها قوانين خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين. وأنه يؤيد هذا النظر أيضاً أن المشرع عندما أراد أن يخضع العاملين بالهيئة المنوه عنها لأحكام القانون المذكور لجأ إلى ذلك صراحة فصدر القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 ناصاً في مادته الثانية على سريان أحكام القانون المشار إليه على هؤلاء العاملين.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بالمصروفات.. واستندت في ذلك إلى أن المطعون ضده وقد نقل من سلك اليومية إلى سلك الدرجات فإنه يخضع من هذا التاريخ إلى المادة 48 من القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959.
ثم قدم المطعون ضده مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة لأنه مرفوع من إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدة مع أنه لا يتبع هذه الهيئة بل يتبع الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية.. أما في الموضوع فقد طلب رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه للأسباب التي استند إليها الحكم المذكور وأنه لو فرض وكان يخضع للقرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 فإنه ما كان يجوز لمدير الهيئة أن يصدر قراراً بفصله بل يجب عرض الأمر على المحكمة التأديبية المختصة طبقاً للمادة 48 من القرار المشار إليه.
عقبت إدارة قضايا الحكومة على مذكرة المطعون ضده بمذكرة ردت فيها على الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة بأن ما ورد في صحيفة الطعن من أنها قد رفعت الطعن بناء على طلب الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية إنما هو مجرد خطأ مادي وقعت فيه الإدارة ولا يؤثر في سلامة الطعن وأن سياق عريضة الطعن يؤيد ذلك.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي الصفة الذي أثاره المطعون ضده فإنه على غير أساس لأن ما ورد في صحيفة الطعن - من أن إدارة قضايا الحكومة وقد أقامته بصفتها نائبة عن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية - إنما هو خطأ مادي وقعت فيه إدارة القضايا. وهذا الخطأ لا يؤثر على صفة من تمثله بالفعل - وهي هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية.. خاصة وأنه قد جاء بصحيفة الطعن أن المطعون ضده من موظفي هذه الهيئة الأخيرة الذين ينظم شئونهم القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959.. ومن ثم فإنه لا يلتفت إلى هذا الخطأ المادي البحت ويكون هذا الدفع على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المحكمة الإدارية قد أصابت وجه الحق فيما قضت به بحكمها المطعون - من أنه بصدور القانون رقم 46 لسنة 1964 قد ألغي كادر العمال الذي كان يخضع له المطعون ضده وذلك للأسباب التي استند إليها الحكم المذكور. خاصة وأن الثابت من ملف خدمة المطعون ضده المقدم من الهيئة الطاعنة أنه بصدور القانون رقم 46 لسنة 1964 استحق المذكور الدرجة الحادية عشرة بالأمر الإداري رقم 1752 في 8 من فبراير سنة 1965 ثم نقل للدرجة العاشرة اعتباراً من 17 من إبريل سنة 1965 لحصوله على الإعدادية. وقد صدر القرار المطعون فيه في 25 من يوليه سنة 1965.
ومن حيث إن الحكم المذكور - وإن كان قد أصاب فيما تقدم - إلا أنه قد جانب الصواب فيما قضى به - من أنه بإلغاء كادر العمال يتعين إعمال أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 الخاصة بتحديد السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاء على المطعون ضده.. ذلك لأنه، باعتباره من العاملين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية، إنما يخضع لأحكام القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية - وهو بوصفه تنظيماً خاصاً في شأن طائفة معينة من العاملين لا يقوم التعارض بينه وبين القوانين العامة للتوظف والسارية المفعول بالنسبة إلى سائر العاملين بالدولة إذ يحتفظ هذا القرار الجمهوري بقوته في تنظيم شئون هذه الطائفة.. وقد جرت قوانين التوظف - ومن بينها القانون رقم 46 لسنة 1964 - على النص على أن أحكامها لا تسري على طوائف العاملين التي تنظم شئونهم قوانين خاصة فيما تضمنته هذه القوانين.. وعلى ذلك فإن القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959 هو الواجب التطبيق بالنسبة لتحديد السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاء على المطعون ضده، دون أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964، يؤيد ذلك كما قالت الحكومة - وبحق - أن المشرع عندما أراد أن يخضع العاملين بالهيئة المنوه عنها لأحكام القانون المذكور لجأ إلى ذلك صراحة فصدر القرار الجمهوري رقم 3576 لسنة 1966 - الذي عمل به اعتباراً من أول يوليه سنة 1966 - ناصاً على سريان أحكام القانون المذكور على هؤلاء العاملين اعتباراً من التاريخ المنوه عنه.
ومن حيث إن المادة 48 من القرار الجمهوري رقم 2192 لسنة 1959، الواجب التطبيق، تقضي بأن عقوبة الفصل لا يجوز توقيعها إلا بقرار من المحكمة التأديبية. ومن ثم فإن القرار الصادر بفصل المطعون ضده تأديبياً من مدير عام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية في 25 من يوليه سنة 1965 - بعد أخذ رأي اللجنة الفنية لشئون العمال - والذي اعتمده السيد وكيل الوزارة، يكون قد صدر من سلطة لا تملكه قانوناً، الأمر الذي يجعله مشوباً بعيب عدم الاختصاص وحقيقاً بالإلغاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في النتيجة التي انتهى إليها، وذلك لغير الأسباب التي استند إليها ومن ثم يتعين القضاء برفض الطعن مع إلزام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية (الطاعنة) بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بالمصروفات.

الطعن 1191 لسنة 12 ق جلسة 23 / 11 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 11 ص 90

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى، ومحمد طاهر عبد الحميد، ومحمد صلاح الدين السعيد، ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

-----------------

(11)

القضية رقم 1191 لسنة 12 القضائية

(أ) - دعوى "وقفها" - (حكم - حجيته) 

- الأمر بوقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية هو حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به - جواز الطعن فيه استقلالاً أمام المحكمة الإدارية العليا قبل الفصل في موضوع الدعوى.
(ب) - دعوى "وقفها" - (حكم بوقف الدعوى) 

- مناط وقف الدعوى للفصل في مسألة أولية يثيرها دفع أو طلب عارض - أن يكون الفصل فيه خارجاً عن الاختصاص الوظيفي أو النوعي للمحكمة ويستلزم بحثاً في القواعد القانونية أو تفسيرها أو تأويلها - إذا كان الحكم في الدفع من الجلاء بحيث لا يحتمل الشك فلا يجوز الوقف قانوناً.
(جـ) - قرار إداري "انعدامه" 

- رقابة القضاء الإداري للقرارات الإدارية المعدومة تمتد إلى القرارات التي تخرج عن دائرة اختصاصه ليزيل أثرها باعتبارها مجرد عقبة مادية في سبيل استعمال ذوي الشأن لمراكزهم القانونية - لا ينطوي هذا على المساس باختصاص الجهة الإدارية الأخرى التي أولاها المشرع استثناء من أحكام قانون مجلس الدولة سلطة الفصل في المنازعات التي تتصل ببعض القرارات الإدارية - أساس ذلك.
(د) - محام "نقابة المحامين" 

- نقل اسم المحامي إلى جدول غير المشتغلين - دور مجلس النقابة في نقل الاسم - ضرورة إعلان طلب مجلس النقابة إلى المحامي صاحب الشأن. جزاء الإخلال بهذا الإجراء.

-----------------
1 - إن الأمر الذي تصدره المحكمة بوقف الدعوى بالتطبيق لحكم المادة 293 مرافعات حتى يفصل في مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوعها، يقطع بعدم صلاحية الدعوى للحكم في موضوعها بالحالة التي هي عليها فيؤثر بذلك في سيرها ويؤخر نظرها، وهو بهذه المثابة حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به، ولما كان لا سبيل إلى إلزام المتضرر منه بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الإيقاف وحتى يحكم بعد ذلك في الموضوع، وليس من شأن الطعن فيه أن يمزق الخصومة ويؤخر سيرها بل إنه على العكس قد يؤدي في حالة نجاحه إلى تعجيل الفصل فيها، فقد أجازت المادة 378 مرافعات الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى استثناء من قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى، وبناء على ذلك فإن الطعن استقلالاً في الحكم الصادر بوقف سير الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا قبل الفصل في موضوع الدعوى جائز قانوناً.
2 - إن المادة 293 مرافعات تنص على أن يكون للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى كلما رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم بما مفاده أن القضاء بوقف الدعوى للفصل في مسألة أولية يثيرها دفع أو طلب عارض يقتضي أن يكون الفصل فيه خارجاً عن الاختصاص الوظيفي أو النوعي لهذه المحكمة ويستلزم بحثاً في القواعد القانونية أو تفسيرها أو تأويلها بحيث إذا كان الحكم في الدفع من الجلاء بحيث لا يحتمل الشك فلا يجوز الوقف قانوناً.
3 - إن القرار الإداري المعدوم حكمه في ذلك حكم الأحكام المعدومة ليس من شأنه أن يرتب أي أثر قانوني قبل الأفراد أو يؤثر في مراكزهم القانونية ويعد مجرد واقعة مادية لا يلزم الطعن فيه أمام الجهة المختصة قانوناً للحكم بتقرير انعدامه وإنما يكفي إنكاره عند التمسك به وعدم الاعتداد به. وبهذه المثابة فإن حق القضاء الإداري، في التصدي لتقدير مشروعية القرارات الإدارية المعدومة عند التمسك أمامه بما انطوت عليه من أحكام ليس مقصوراً فقط على القرارات التي يختص قانوناً بالفصل فيها بل يتعداها إلى تلك التي تخرج عن دائرة اختصاصه، ويزيل أثرها باعتبارها مجرد عقبة مادية في سبيل استعمال ذوي الشأن لمراكزهم القانونية. ولا ينطوي هذا على المساس باختصاص الجهة القضائية الأخرى التي أولاها المشرع استثناء من أحكام قانون مجلس الدولة سلطة الفصل في المنازعات التي تتصل ببعض القرارات الإدارية، لأن هذا الاختصاص يجد حده في القرارات التي تتسم بالبطلان ولا تنحدر إلى الانعدام. وترتيباً على ذلك فإن التمسك بانعدام قرار لجنة قبول المحامين باستبعاد اسم المدعي من جدول المحامين آنف الذكر لا يخرج أمر الفصل فيه عن اختصاص القضاء الإداري إذا كان منعدماً ولا يحول دون ذلك أن المشرع أخرج الطعن في قرارات لجنة قبول المحامين من اختصاص القضاء الإداري، وناطه بمحكمة النقض. ولما كان الأمر كذلك وقد انتهت هذه المحكمة في مجال بحث موضوع الدعوى إلى انعدام هذا القرار، فإنه ما كان يجوز وقف الدعوى وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون جديراً بالإلغاء.
4 - يبين من استقراء أحكام القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم أن المادة الثامنة منه نظمت أمر نقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين ورسمت إجراءات هذا النقل وضوابطه فقضت بأن للمحامي الذي كف عن مزاولة المهنة أن يطلب إلى لجنة قبول المحامين نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين، كما أجازت لمجلس نقابة المحامين أن يطلب نقل اسم المحامي إلى هذا الجدول إذا التحق بعمل لا يتفق مع مهنة المحاماة طبقاً لنصوص هذا القانون وللائحة الداخلية للنقابة، ونصت على أن يعلن هذا الطلب للمحامي وله أن يطلب سماع أقواله أمام لجنة القبول. وقد انطوى هذا النص على شروط أساسية تلتزم بها لجنة قبول المحامين في نقل المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين - وذلك في غير الحالات التي يطلب فيها المحامي هذا الطلب - وتقوم هذه الشروط على أمور تتعلق بتحديد الجهة صاحبة الحق في طلب نقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين والسبب الذي يتعين أن يبنى عليه الطلب، وإجراءات نظره، وضمان حقوق المحامي في الدفاع عن نفسه. فيتعين التزاماً بهذا النص أن يتقدم مجلس نقابة المحامين باعتباره راعي شئون هذه المهنة بطلب نقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين بعد تمحيص أسبابه ضماناً لجديتها ثم يعلن هذا الطلب إلى المحامي تمكيناً له من طلب سماع أقواله وممارسة حقه الأصيل في الدفاع عن نفسه. والثابت من الأوراق أن لجنة قبول المحامين قررت في أول أغسطس سنة 1963 نقل اسم المدعي إلى جدول المحامين غير المشتغلين اعتباراً من سنة 1940 تاريخ التحاقه بالعمل بشركة الإدارة العقارية بمقولة إن ذلك يتنافى مع العمل بالمحاماة، وذلك بناء على مجرد طلب من إدارة المعاشات (صندوق المحامين المختلط) ودون إعلان المدعي به. وإذ أصدرت لجنة قبول المحامين القرار المذكور دون اعتداد بالدور الأساسي لمجلس النقابة في هذا الشأن ودون تمكين المدعي من حقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه، وهو دفاع له سنده من القانون باعتبار أن المادة 19 من قانون المحاماة أمام المحاكم المذكورة رفعت حظر الجمع بين العمل في المحاماة والتوظف في الشركات بالنسبة لمن كان يجمع في تاريخ صدور القانون المذكور بينهما وهو الأمر الذي يفيد منه المدعي، وقد خالف القرار المذكور صريح هذا النص ونقل اسم المدعي إلى جدول غير المشتغلين بأثر رجعي اعتباراً من سنة 1940 متعارضاً في هذا أيضاً مع قرار لجنة قبول المحامين الذي سبق أن صدر بناء على طلب المدعي بنقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين اعتباراً من 25 من سبتمبر سنة 1961. وأهدر الضمانات الجوهرية التي أوجب بالقانون مراعاتها وعلى هذا النحو يكون القرار ولا شك قد شابه عيب جسيم ينحدر به إلى مرتبة الانعدام ويغدو مجرد عقبة مادية لا أثر لها في المركز القانوني للمدعي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 1555 لسنة 17 القضائية بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 16 من يونيه سنة 1963 طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار المؤرخ في 2 من مايو سنة 1963 الصادر من الإدارة العامة للمعاشات (صندوق المحامين المختلط) والقضاء باستحقاقه معاشاً كاملاً وفقاً للقانون وما يترتب على ذلك من آثار بدءاً من تاريخ تقديم طلبه الأول في 28 من إبريل سنة 1962 وإلزام المدعى عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إنه قيد اسمه بجدول المحامين المقبولين أمام المحاكم المختلطة في 7 من مايو سنة 1926، وفي عام 1949 نقل اسمه إلى جدول المحامين لدى المحاكم الوطنية، واستمر يمارس هذه المهنة إلى أن نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين بقرار من لجنة قبول المحامين بمحكمة استئناف القاهرة في 25 من سبتمبر سنة 1961. وأضاف أنه في 28 من إبريل سنة 1962، تقدم إلى السيد/ مدير عام المعاشات بوزارة الخزانة بطلب ضمنه أنه يستحق معاشاً كاملاً وفقاً لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحامين المختلط حيث قد توافرت فيه الشروط القانونية التي حددها القانون من حيث السن وتاريخ القيد ومدة مزاولة المهنة وسداد الاشتراكات، ووافى الإدارة المذكورة بالمستندات التي تثبت أنه من مواليد 16 من يوليه سنة 1899 ومن ثم يكون سنه عند نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين وعند طلب المعاش أكثر من ستين سنة كما وافاها بالمستندات التي تثبت تاريخ قيد اسمه بجدول المحامين المختلط في 27 من مايو سنة 1926 ونقله إلى جدول المحامين غير المشتغلين في 25 من سبتمبر سنة 1961 وأدائه جميع اشتراكات النقابة حتى عام 1961. وقد طالبته الإدارة العامة للمعاشات في 12 من يوليه سنة 1962 بإعادة إدراج اسمه في جدول المحامين ووفاء الاشتراك في النقابة وفقاً لحكم القانون المذكور ثم تجديد طلبه في نطاق المادة 18 منه. وقد تبادل معها المراسلات البريدية بشأن عدم وجوب قيامه بهذه التكاليف لمخالفتها للقانون وانتهى به الأمر إلى أن جدد طلبه في 23 من إبريل سنة 1963 فأجابته الإدارة العامة للمعاشات في 2 من مايو سنة 1963 بأن انتفاعه بالمعاش يقتضي أن يكون اسمه مقيداً في جدول المحامين واشتراك النقابة موفى حتى يوم التقاعد نزولاً على حكم المادة 13 من قانون الصندوق رقم 80 لسنة 1944 واستطرد المدعي قائلاً إن هذين الطلبين غير لازمين على ما يقضي به القانون، وبالتالي فإن الامتناع عن أداء المعاش المستحق له يكون على غير أساس من الحق.
وأجابت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بأن المدعي تقدم في 28 من إبريل سنة 1962 بطلب إلى إدارة المعاشات (صندوق المحامين المختلط) لتقدير معاش تقاعد له وأشار إلى أنه سدد الاشتراكات لغاية عام 1961 وأن اسمه نقل إلى قوائم غير المشتغلين بقرار لجنة قبول المحامين بمحكمة استئناف القاهرة في 25 من سبتمبر سنة 1961 فأعلنته الإدارة في 12 من يوليه سنة 1962 بأنه لا يجوز الأخذ بطلبه حتى يعاد إدراج اسمه في جدول المحامين ويوفي الاشتراك للنقابة. وقد قدم المدعي طلباً إلى لجنة قبول المحامين لإعادة اسمه إلى جدول المشتغلين ولكن اللجنة قررت في 24 من سبتمبر سنة 1962 رفض إعادة اسمه إلى الجدول لما ثبت من التحريات من أنه يعمل منذ عام 1940 بشركة الإدارة العقارية. وفي 20 من إبريل سنة 1963 تقدم المدعي إلى إدارة المعاشات يجدد طلبه السابق فردت عليه الإدارة في 2 من مايو سنة 1963 بتعزيز كتابها السابق المؤرخ في 12 من يوليه سنة 1962 وطلبت في ذات التاريخ من لجنة قبول المحامين النظر في تقرير استبعاد اسمه وذلك لما ثبت من اشتغاله بعمل يتنافى مع ممارسة المحاماة فقررت هذه اللجنة في أول أغسطس سنة 1963 الموافقة على طلب صندوق معاشات المحامين المختلط باستبعاد اسم المدعي اعتباراً من عام 1940، فأقام المدعي دعواه.
ودفعت إدارة قضايا الحكومة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني استناداً إلى أن إدارة المعاشات رفضت طلب المدعي وأعلنته بقرارها هذا بالكتاب المؤرخ في 12 من يوليه سنة 1962 ولم يقم المدعي دعواه إلا في 16 من يونيه سنة 1963 بعد انقضاء المواعيد القانونية، وأنه لا يجديه الاستناد إلى الكتاب المؤرخ في 2 من مايو سنة 1963 وحساب مواعيد إقامة الدعوى ابتداء منه لأن هذا الكتاب ليس إلا تأكيداً لقرار إدارة المعاشات السابق. أما عن موضوع الدعوى فقد طلبت رفضها تأسيساً على أن استبعاد اسم المدعي من جدول المحامين منذ سنة 1940 من مقتضاه أنه لم يكن لدى بلوغه سن الستين مقيداً بجدول المحامين المشتغلين ولم يزاول مهنة المحاماة مدة ثلاثين سنة ميلادية وبذلك لا يكون مستحقاً لمعاش تقاعد طبقاً لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944.
عقب المدعي على دفاع الحكومة بأن قرار لجنة قبول المحامين الصادر في أول أغسطس سنة 1963 باستبعاد اسمه من جدول المحامين المشتغلين اعتباراً من سنة 1940 لم يلتزم الأركان الجوهرية لإنشائه فقد صدر بناء على طلب صندوق معاشات المحامين المختلط ودون إعلانه وسماع أقواله بالمخالفة لنص المادة الثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم وهو بهذه المثابة قرار منعدم لا يعتد به.
وبجلسة 17 من مايو سنة 1966 قررت المحكمة وقف السير في الدعوى حتى يحصل المدعي على حكم من محكمة النقض بإلغاء القرار الصادر من لجنة قبول المحامين بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين من سنة 1940. وأقامت المحكمة قضاءها على أن إعمال هذا القرار يؤدي إلى عدم استحقاق المدعي لمعاش وأن الطعن في هذا القرار يخرج عن ولاية مجلس الدولة ويختص به محكمة النقض ولا يغير من ذلك ما يقوله المدعي من أن هذا القرار معدوم لأن جهة القضاء المختصة التي تملك تقرير ذلك هي تلك التي ناط بها القانون سلطة إلغاء القرار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن القرار المعدوم يشكل عقبة مادية تنحيه المحكمة من طريقها كما لو لم يكن موجوداً دون حاجة إلى إزالته من الجهة المختصة، وقد خرج الحكم المطعون فيه على هذا الأصل المسلم به. ونعى الطاعن على قرار استبعاد اسمه من جدول المحامين المشتغلين بأثر يرجع إلى سنة 1940 إهدار الضمانات الجوهرية المقررة للدفاع عن حقه من إعلانه بطلب الاستبعاد وسماع أقواله مما يعدمه قانوناً. وأشار إلى أن هذا القرار يستطيل على كل ضمانة جوهرية في قانون المحاماة لأن من شأنه حرمانه من معاشه مع أن القانون حمى معاش المحامي في حالة الحكم عليه بمحو اسمه إلا إذا قضى القرار التأديبي بذلك، وأضاف أن عدم إعلانه بالطلب وتفويت دفاعه عليه وعدم إعلانه بالقرار وتفويت التظلم منه عسف بحقه في دفع ما زعمته وزارة الخزانة من أنه كان موظفاً بشركة الإدارة العقارية منذ سنة 1940 وذلك بالاستناد إلى حكم المادة 19 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 التي تعفي المحامين القدامى من حظر الجمع بين المحاماة والتوظف في الشركات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى الطاعن وإلزامه المصروفات.
وتقدمت الحكومة بمذكرة بدفاعها ضمنتها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون في نقطتين أساسيتين أولاهما أن القرار المطعون فيه قد استند وصدر بالتبعية لقرار لجنة قبول المحامين في أول أغسطس سنة 1963 باستبعاد الطاعن من جدول المحامين اعتباراً من سنة 1940 ومن ثم فقد أصبح النزاع موجهاً إلى قرار لجنة قبول المحامين وهو ما لا يختص به القضاء الإداري طبقاً لحكم المادة 11 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى مما يستوجب إلغاء حكمها والحكم بعدم الاختصاص. وثانيهما أن استصدار حكم من الدائرة الجزائية بمحكمة النقض بإلغاء القرار الصادر من لجنة قبول المحامين يستحيل بعد أن فاتت المواعيد التي حددها القانون للطعن في هذا القرار مما كان يتعين معه أن يفصل في الدعوى بحالتها ورفضها موضوعاً لأنه ترتب على قرار لجنة قبول المحامين سالف الذكر أن تخلف في حق الطاعن شروط استحقاق المعاش، وأردفت المذكرة أن القضاء الإداري لا يختص بنظر أي مطعن يوجه إلى قرار لجنة قبول المحامين المشار إليه بالتطبيق لنص المادة 11 من القانون رقم 55 لسنة 1959 سالف الذكر وذلك سواء كان باطلاً أو معدوماً ما لم يصدر حكم بإلغائه أو تسحبه الجهة التي أصدرته، وأن ظاهر الحال لا يؤدي إلى القول بانعدام هذا القرار طالما أنه صدر من جهة مختصة بإصداره. وخلصت المذكرة إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصاريف.
ومن حيث إن الأمر الذي تصدره المحكمة بوقف الدعوى بالتطبيق لحكم المادة 293 مرافعات حتى يفصل في مسألة أولية يتوقف عليها الحكم في موضوعها، يقطع بعدم صلاحية الدعوى للحكم في موضوعها بالحالة التي هي عليها فيؤثر بذلك في سيرها ويؤخر نظرها، وهو بهذه المثابة حكم قطعي فرعي له حجية الشيء المحكوم به، ولما كان لا سبيل إلى إلزام المتضرر منه بأن ينتظر حتى يزول السبب المعلق عليه الإيقاف وحتى يحكم بعد ذلك في الموضوع، وليس من شأن الطعن فيه أن يمزق الخصومة ويؤخر سيرها بل إنه على العكس قد يؤدي في حالة نجاحه إلى تعجيل الفصل فيها، فقد أجازت المادة 378 مرافعات الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى استثناء من قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى - وبناء على ذلك فإن الطعن استقلالاً في الحكم الصادر بوقف سير الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا قبل الفصل في موضوع الدعوى جائز قانوناً.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المدعى عليها (المطعون ضدها) دفعت الدعوى بعد إقامتها في 16 من يونيه سنة 1963 بأن لجنة قبول المحامين قررت في أول أغسطس سنة 1963 استبعاد اسم المدعي من جدول المحامين المشتغلين اعتباراً من سنة 1940 وينتفي بذلك شروط استحقاقه معاشاً كاملاً بالتطبيق لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحامين المختلط. وقد نعى المدعي على هذا القرار بالانعدام ولم يتخذ طريق الطعن فيه أمام الدائرة الجزائية بمحكمة النقض طبقاً لحكم المادة الثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم، ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع وقرر وقف سير الدعوى حتى يحصل المدعي على حكم من محكمة النقض بإلغاء القرار المذكور تأسيساً على أن الجهة القضائية المختصة التي تملك تقرير انعدام القرار المذكور هي تلك التي ناط بها القانون سلطة إلغاء القرار.
ومن حيث إن المادة 293 مرافعات تنص على أن يكون للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى كلما رأت تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم بما مفاده أن القضاء بوقف الدعوى للفصل في مسألة أولية يثيرها دفع أو طلب عارض يقتضي أن يكون الفصل فيه خارجاً عن الاختصاص الوظيفي أو النوعي لهذه المحكمة ويستلزم بحثاً في القواعد القانونية أو تفسيرها أو تأويلها بحيث إذا كان الحكم في الدفع من الجلاء بحيث لا يحتمل الشك فلا يجوز الوقف قانوناً.
ومن حيث إن القرار الإداري المعدوم حكمه في ذلك حكم الأحكام المعدومة ليس من شأنه أن يرتب أي أثر قانوني قبل الأفراد أو يؤثر في مراكزهم القانونية ويعد مجرد واقعة مادية لا يلزم الطعن فيه أمام الجهة المختصة قانوناً للحكم بتقرير انعدامه وإنما يكفي إنكاره عند التمسك به وعدم الاعتداد به. وبهذه المثابة فإن حق القضاء الإداري، في التصدي لتقدير مشروعية القرارات الإدارية المعدومة عند التمسك أمامه بما انطوت عليه من أحكام ليس مقصوراً فقط على القرارات التي يختص قانوناً بالفصل فيها بل يتعداها إلى تلك التي تخرج عن دائرة اختصاصه، ويزيل أثرها باعتبارها مجرد عقبة مادية في سبيل استعمال ذوي الشأن لمراكزهم القانونية. ولا ينطوي هذا على المساس باختصاص الجهة الفضائية الأخرى التي أولاها المشرع استثناء من أحكام قانون مجلس الدولة سلطة الفصل في المنازعات التي تتصل ببعض القرارات الإدارية، لأن هذا الاختصاص يجد حده في القرارات التي تتسم بالبطلان ولا تنحدر إلى الانعدام. وترتيباً على ذلك فإن التمسك بانعدام قرار لجنة قبول المحامين باستبعاد اسم المدعي من جدول المحامين آنف الذكر لا يخرج أمر الفصل فيه عن اختصاص القضاء الإدارية ولا يحول دون ذلك أن المشرع أخرج الطعن في قرارات لجنة قبول المحامين من اختصاص القضاء الإداري وناطه بمحكمة النقض. ولما كان الأمر كذلك وقد انتهت هذه المحكمة في مجال بحث موضوع الدعوى إلى انعدام هذا القرار فإنه ما كان يجوز وقف الدعوى وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن موضوع هذه الدعوى سبق طرحه على محكمة القضاء الإداري وقضت في أسبابها بأن إعمال قرار لجنة قبول المحامين الصادر في أول أغسطس سنة 1963 يؤدي إلى عدم استحقاق المدعي لمعاش ما لم يحكم بإلغائه أو تقرير انعدامه من الجهة المختصة وهو ما لم تسايرها فيه هذه المحكمة، ولما كان الأمر كذلك وكانت الدعوى مهيأة للفصل فيها فإن لهذه المحكمة أن تتصدى للفصل في موضوعها دون ما حاجة إلى إعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها من جديد.
ومن حيث إن المدعي يوجه طعنه إلى قرار الإدارة العامة للمعاشات (صندوق المحامين المختلط) الصادر في 2 من مايو سنة 1963 وهو من القرارات الإدارية التي يختص القضاء الإداري بالفصل فيها فيكون الدفع الذي أثارته الحكومة بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى. بمقولة إن الطعن موجه أساساً إلى قرار لجنة قبول المحامين الصادر في أول أغسطس سنة 1963 سالف الذكر منهار الأساس حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني فالثابت من الأوراق أن المدعي تقدم في 28 من إبريل سنة 1962 إلى إدارة المعاشات بوزارة الخزانة طالباً تقرير معاش له وفي 28 من يونيه سنة 1962 طالبته الإدارة المذكورة باستيفاء بعض الشروط وأصرت عليها بكتابها المؤرخ في 12 من يوليه سنة 1962 ولما عجز المدعي عن استيفاء هذه الشروط بسبب رفض لجنة قبول المحامين في 24 من سبتمبر سنة 1962 إعادة اسمه إلى جدول المحامين المشتغلين جدد طلبه في 20 من إبريل سنة 1963 فأخطرته الإدارة العامة المذكورة بكتابها المؤرخ في 2 من مايو سنة 1963 بأن انتفاعه بالمعاش رهين بقيد اسمه بجدول المحامين وأداء الاشتراك للنقابة حتى يوم التقاعد، فأقام المدعي دعواه في 16 من يونيه سنة 1963. ودلالة ذلك أن إدارة المعاشات لم تصدر قراراً برفض طلب المدعي بل وعلى العكس من ذلك كانت تفصح عن نيتها في إجابته إلى طلبه بعد أن يقوم باستيفاء الشروط التي طالبته بها الأمر الذي لا يسوغ معه القول بأن هناك ثمة قراراً بالرفض صريحاً كان أو ضمنياً سابقاً على القرار المطعون فيه الذي اختصم في الميعاد القانوني ومن ثم يكون الدفع غير قائم على سبب من الواقع أو القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم أن المادة الثامنة منه نظمت أمر نقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين ورسمت إجراءات هذا النقل وضوابطه فقضت بأن للمحامي الذي كف عن مزاولة المهنة أن يطلب إلى لجنة قبول المحامين نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين، كما أجازت لمجلس نقابة المحامين أن يطلب نقل اسم المحامي إلى هذا الجدول إذا التحق بعمل لا يتفق مع مهنة المحاماة طبقاً لنصوص هذا القانون واللائحة الداخلية للنقابة، ونصت على أن يعلن هذا الطلب للمحامي وله أن يطلب سماع أقواله أمام لجنة القبول. وقد انطوى هذا النص على شروط أساسية تلتزم بها لجنة قبول المحامي في نقل المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين - وذلك في غير الحالات التي يطلب فيها المحامي هذا الطلب - وتقوم هذه الشروط على أمور تتعلق بتحديد الجهة صاحبة الحق في طلب نقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين والسبب الذي يتعين أن يبنى عليه الطلب، وإجراءات نظره، وضمان حقوق المحامي في الدفاع عن نفسه. فيتعين التزاماً بهذا النص أن يتقدم مجلس نقابة المحامين باعتباره راعي شئون هذه المهنة بطلب نقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين بعد تمحيص أسبابه ضماناً لجديتها ثم يعلن هذا الطلب إلى المحامي تمكيناً له من طلب سماع أقواله وممارسة حقه الأصيل في الدفاع عن نفسه. والثابت من الأوراق أن لجنة قبول المحامين قررت في أول أغسطس سنة 1963 نقل اسم المدعي إلى جدول المحامين غير المشتغلين اعتباراً من سنة 1940 تاريخ التحاقه بالعمل بشركة الإدارة العقارية بمقولة إن ذلك يتنافى مع العمل بالمحاماة وذلك بناء على مجرد طلب من إدارة المعاشات (صندوق المحامين المختلط) ودون إعلان المدعي به. وإذ أصدرت لجنة قبول المحامين القرار المذكور دون اعتداد بالدور الأساسي لمجلس النقابة في هذا الشأن ودون تمكين المدعي من حقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه، وهو دفاع له سنده من القانون باعتبار أن المادة 19 من قانون المحاماة أمام المحاكم المذكورة رفعت خطر الجمع بين العمل في المحاماة والتوظف في الشركات بالنسبة لمن كان يجمع في تاريخ صدور القانون المذكور بينهما وهو الأمر الذي يفيد منه المدعي، وقد خالف القرار المذكور صريح هذا النص ونقل اسم المدعي إلى جدول غير المشتغلين بأثر رجعي اعتباراً من سنة 1940 متعارضاً في هذا أيضاً مع قرار لجنة قبول المحامين الذي سبق أن صدر بناء على طلب المدعي بنقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين اعتباراً من 25 من سبتمبر سنة 1961. وأهدر الضمانات الجوهرية التي أوجب القانون مراعاتها وعلى هذا النحو يكون القرار ولا شك قد شابه عيب جسيم ينحدر به إلى مرتبة الانعدام ويغدو مجرد عقبة مادية لا أثر لها في المركز القانوني للمدعي.
ومن حيث إن القانون رقم 80 لسنة 1944 بإنشاء صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة والقوانين المعدلة له ينص في المادة 13 منه على أنه "لا يكون للمحامي الحق في معاش التقاعد إلا إذا توافرت الشروط الآتية: (1) أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين (2) أن يكون قد زاول بالفعل مهنة المحاماة مدة ثلاثين سنة ميلادية بما فيها مدة التمرين ويجوز أن تكون هذه المدة متصلة أو منفصلة إذا بلغت في مجموعها ثلاثين سنة. (3) أن تكون سنه قد بلغت ستين سنة ميلادية. (4) أن يكون قد دفع اشتراك النقابة منذ قيد اسمه بالجدول إلى يوم التقاعد إلا إذا أعفي من دفع الاشتراك بقرار من مجلس النقابة. وقد أسس المدعي دعواه بطلب أحقيته في معاش التقاعد كاملاً على توافر الشروط الأربعة سالفة الذكر في حقه، إذ أنه كان مقيداً بجدول المحامين المشتغلين أمام المحاكم المختلطة ثم أمام المحاكم الوطنية منذ 7 من مايو سنة 1926 إلى 25 من سبتمبر سنة 1961 تاريخ موافقة لجنة قبول المحامين على طلبه بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين وزاول بذلك مهنة المحاماة زهاء خمس وثلاثين سنة وكان قد بلغ سن الستين قبل نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين لأنه من مواليد 16 يوليو سنة 1899 وأدى اشتراك النقابة منذ قيد اسمه إلى سنة 1961. ولما كان المدعي قد تقدم بطلب منحه معاش التقاعد في 28 من إبريل سنة 1962 فقد ذهبت إدارة المعاشات - قبل استصدارها قرار لجنة قبول المحامين في أول أغسطس سنة 1963، سالف الإشارة والذي انتهت المحكمة إلى عدم الاعتداد به لانعدامه - ذهبت الإدارة المذكورة إلى أن انتفاع المدعي بمعاش يقتضي أن يكون اسمه مقيداً في جدول المحامين واشتراكه في النقابة موفى حتى يوم التقاعد استناداً إلى حكم الفقرتين 1، 4 من المادة 13 المذكورة.
ومن حيث إن أحكام القانون لم تنطو على نص يوجب على المحامي المطالبة بمعاش التقاعد قبل نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين بحيث يترتب على إغفاله رفض طلب المعاش أو سقوط الحق فيه. وإذا كان نص المادة 13 من القانون رقم 80 لسنة 1944 يستوجب لكي يكون للمحامي الحق في معاش التقاعد أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين فإن استلزام هذا القيد بهذا الجدول لم يقترن بشرط زمني يقضي بأن يقدم الطلب قبل نقل هذا القيد بل إن النص جاء مطلقاً والأصل أن المطلق يجرى على إطلاقه ما لم يرد عليه قيد بنص صريح ومن ثم فلا حجة في القول بعدم أحقية المدعي في معاش التقاعد لمجرد أن اسمه لم يكن مقيداً بجدول المحامين المشتغلين عند طلب المعاش طالما تحققت في شأنه الشروط التي تطلبها القانون عند نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين. كما أنه لا وجه للنعي بأن المدعي لم يقم بسداد اشتراكات نقابة المحامين إلى يوم التقاعد ما دام أن هذا التقاعد سيرتد النظر في الحكم عليه إلى الحالة التي كانت قائمة بالمدعي عند نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين في 25 من سبتمبر سنة 1961.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي قيد اسمه بجدول المحامين منذ 7 من مايو سنة 1926 وظل يمارس مهنة المحاماة منذ هذا التاريخ إلى تاريخ نقله إلى جدول غير المشتغلين في 25 من سبتمبر سنة 1961 أي ما يربو على ثلاثين سنة وكانت سنه حينئذ تزيد على الستين عاماً وقد أدى اشتراكات النقابة لغاية سنة 1961. وقدم المدعي إلى إدارة المعاشات المستندات الدالة على ذلك ومنها مستخرج رسمي من شهادة ميلاده وشهادتين من نقابة المحامين في 29 من إبريل سنة 1962 بأنه قيد بجدول المحامين في 7 من مايو سنة 1926 وظل يعمل بالمحاماة من هذا التاريخ وأنه أدى اشتراكات النقابة لغاية سنة 1961 كما قدم قسيمة أداء اشتراك النقابة في سنة 1961 وصورة قرار لجنة قبول المحامين بنقله إلى جدول غير المشتغلين في 25 من سبتمبر سنة 1961. وبهذا يكون قد توافر في حق المدعي شروط منحه معاش التقاعد كاملاً بالتطبيق لنص المادة 13 من القانون رقم 80 لسنة 1944 ويكون والحالة هذه على حق في طلب إلغاء قرار الإدارة العامة للمعاشات بوزارة الخزانة (صندوق المحامين المختلط) الثابت بكتابها المؤرخ في 2 من مايو سنة 1963 برفض الطلب الذي تقدم به في 28 من إبريل سنة 1962 لمنحه معاش تقاعد كامل بالتطبيق لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف السير في الدعوى حتى يحصل المدعي على حكم من محكمة النقض بإلغاء القرار الصادر من لجنة قبول المحامين بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين من سنة 1940، فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء بإلغاء قرار الإدارة العامة للمعاشات بوزارة الخزانة بعدم استحقاق المدعي معاش التقاعد الكامل الذي طلبه في 28 من إبريل سنة 1962 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 وباستحقاقه هذا المعاش الكامل منذ تاريخ طلبه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الإداري الصادر في 2 من مايو سنة 1963 من الإدارة العامة للمعاشات (صندوق المحامين المختلط) بعدم أحقية المدعي في معاش وباستحقاقه لمعاش التقاعد كاملاً طبقاً لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1944 على الوجه المبين بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 168 لسنة 33 ق جلسة 1 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 30 ص 189

جلسة أول فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

------------------

(30)
الطعن رقم 168 لسنة 33 القضائية

تهريب. "دخان مغشوش". دخان. اختصاص.
جريمة تهريب الدخان. شرط قيامها أن يكون مخلوطاً بمواد غريبة وأن يكون الحائز عالماً بوجود هذه المواد. هذا العلم لا يفترض. عدم انطباق نص المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 هذا القانون خاص بتنظيم صناعة الدخان وتجارته ولا شأن له بجرائم التهريب المنصوص عليها في ديكريتو 22 يونيه سنة 1891. اختصاص المحاكم الجنائية العادية بتوقيع العقوبات المقررة بالقانون سالف الذكر بخلاف جرائم التهريب التي تنظرها اللجان الجمركية.

-------------------
يشترط لقيام جريمة التهريب المنصوص عليها في المادة الثانية من الديكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 المعدل بالقانون رقم 72 لسنة 1933 أن يكون الدخان مخلوطاً بمواد أخرى غريبة عنه بأية نسبة كانت وأن يكون الحائز عالماً بوجود هذه المواد الغريبة فيه وليس في نصوص هذا الديكريتو ما يستفاد منه أن المشرع افترض علم الحائز بذلك ولا محل للاحتجاج في هذا المقام بالمادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 التي تنص على أنه "لا عقاب على من لم يكن صانعاً وأحرز دخاناً مغشوشاً أو مخلوطاً إذا أثبت حسن نيته" ذلك بأن هذا القانون خاص بتنظيم صناعة وتجارة الدخان ولا شأن له بجرائم التهريب المنصوص عليها في الديكريتو سالف الذكر بل إن القانون المذكور قد أورد أحكاماً لتنظيم صناعة وتجارة الدخان وفرض عقوبات على مخالفتها تغاير العقوبات المقررة لجرائم التهريب المنصوص عليها في الديكريتو وتختص المحاكم الجنائية العادية بتوقيع هذه العقوبات على خلاف جرائم التهريب التي تنظرها اللجان الجمركية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 25 يناير سنة 1951 ضبطت مصلحة الجمارك الطاعنة عدداً من أجولة الدخان المملوك للمطعون ضده الأول بحديقة منزل المطعون ضده الثاني وكان الدخان مخلوطاً بأتربة ومواد نباتية ورماد ولما كان هذا الخلط مخالفاً للقرار الوزاري رقم 91 سنة 1933 والقانون رقم 72 سنة 1933 المعدل بالقانون رقم 87 سنة 1948 لذلك صدر قرار اللجنة الجمركية بالقاهرة في 5 سبتمبر سنة 1956 بتغريم المطعون ضدهما متضامنين مبلغ 2230 ج ومصادرة المضبوطات وعارض المطعون ضدهما في هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية في القضية رقم 1674 سنة 1951 واستنداً في ذلك إلى أن الدخان المضبوط ملك لأولهما وأنه لا شأن لثانيهما به ولم يكن يعلم بوجوده في حديقة منزله - وكان ضمن ما تمسك به المطعون ضده الأول أن الأتربة والمواد النباتية التي وجدت بالدخان لم تكن ناتجة عن غش أو خلط بل إنه اشترى الدخان بحالته من شركة الكونتوار من شحنة كانت قد نقلتها على إحدى سياراتها فانقلبت السيارة في الطريق وغرقت الشحنة واختلطت الأتربة والمواد النباتية بالدخان وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1952 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة وفي الموضوع برفض المعارضة وتأييد القرار المعارض فيه واستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 600 لسنة 69 ق تجاري القاهرة. الذي حكم فيه بتاريخ 16 فبراير سنة 1954 قبل الفصل في الموضوع بندب قسم الأبحاث والتحليل بإدارة الطب الشرعي لتحليل عينة من الدخان المضبوط وبعد أن قدم التقرير قضت المحكمة في 28 فبراير سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول المعارضة شكلاً وإلغاء قرار اللجنة الجمركية الصادر في 5 سبتمبر سنة 1959 واعتباره معدوم الأثر وطعنت المصلحة الطاعنة في ذلك الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 445 سنة 25 ق. وفي 27 أكتوبر سنة 1960 قضت محكمة النقض بنقض ذلك الحكم لقصوره في التسبيب فيما قرره من أن الدخان المضبوط من بقايا شحنة سجاير كانت مصدرة على سيارة نقل من الإسكندرية وانقلبت في الطريق دون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة وبتاريخ 23 نوفمبر سنة 1961 عجل المطعون ضدهما الاستئناف. وفي 24 أبريل سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان (المطعون ضدهما) بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أن الدخان المضبوط قد سبق نقله من سيارة انقلبت وعلقت الأتربة والمواد الغريبة به ولتنفي مصلحة الجمارك ذلك بذات الطرق وبعد أن سمعت المحكمة شهادة شاهدي المطعون ضدهما إذ لم تشهد مصلحة الجمارك أحداً قضت بتاريخ 19 فبراير سنة 1963 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء قرار اللجنة الجمركية بالقاهرة رقم 31 الصادر بتاريخ 5 سبتمبر سنة 1951 فيما قرره بالنسبة للغرامة وتأييده بالنسبة لمصادرة الدخان المضبوط. وبتقرير تاريخه 18 أبريل 1963 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أنه أقام قضاءه على أساسين أولهما أن القانون رقم 72 سنة 1933 المعدل للدكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 يستلزم توفر علم المحرز للدخان بالغش أو الخلط وأن هذا العلم لا يمكن القطع به في خصوصية الدعوى والأساس الثاني أن مفهوم الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من هذا الدكريتو أنه يشترط لقيام جريمة خلط الدخان وقوع عمل إيجابي من جانب المتهم هذا في حين أنه ليس في نصوص القانون المذكور ما يستلزم لقيام جريمة التهريب الجمركي توافر علم المتهم بالغش أو الخلط وإنما اقتصرت هذه النصوص على تحديد الجانب المادي لجريمة تهريب الدخان دون الجانب الشخصي منها ومؤدى نص المادة الرابعة من دكريتو 22 يونيه سنة 1891 أن نطاق التحريم يشمل كل من اتصل بمادة الدخان المغشوش سواء بمناسبة صنعه أو حيازته أو نقله أو التصرف فيه سواء كان المحرز أو الناقل أو المتصرف يعلم بالغش أو كان جاهلاً له وإذ كانت المادة السابعة من القانون رقم 74 سنة 1933 قد نصت على أنه لا عقاب على من لم يكن صانعاً وأحرز دخاناً مغشوشاً أو مخلوطاً إذا أثبت حسن نيته فإن مفاد ذلك أن المشرع قد جعل الأصل هو سوء نية الحائز أو الناقل أو البائع لمادة الدخان المغشوش وعليهم يقع عبء إثبات حسن نيتهم ولما كان الثابت في الدعوى أن الدخان المضبوط كان مخلوطاً بالتراب والرماد والمواد النباتية وقد أقر المطعون ضده بعلمه بذلك وبأنه اشترى هذا الدخان من شركة الكونتوار من شحنة كانت تنقلها على إحدى سياراتها وانقلبت السيارة في الطريق وغرقت الشحنة واختلطت الأتربة والمواد النباتية بالدخان وأنه كان ينوي تنقيته قبل عرضه للبيع فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم توافر سوء نية المطعون ضدهما بوجود المواد الغريبة بدعوى أنه لم يثبت له أنهما كانا على علم بغش الدخان المضبوط أو خلطه يكون قضاؤه غير سديد. كما أنه قد أخطأ في اشتراطه وقوع فعل إيجابي من المحرز.
وحيث إنه يشترط لقيام جريمة التهريب المنصوص عليها في المادة الثانية من الدكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 المعدل بالقانون رقم 74 سنة 1933 أن يكون الدخان مخلوطاً بمواد أخرى غريبة عنه بأية نسبة كانت وأن يكون الحائز عالماً بوجود هذه المواد الغريبة فيه وليس في نصوص هذا الدكريتو ما يستفاد منه أن المشرع افترض علم الحائز بذلك. ولا محل للاحتجاج في هذا المقام بالمادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 التي تنص على أنه "لا عقاب على من لم يكن صانعاً وأحرز دخاناً مغشوشاً أو مخلوطاً إذا ثبت حسن نيته" وذلك بأن هذا القانون خاص بتنظيم صناعة وتجارة الدخان ولا شأن له بجرائم التهريب المنصوص عليها في دكريتو 22 يونيه سنة 1891 ولم يشر هذا القانون في ديباجته أو في أي نص من نصوصه إلى الدكريتو المشار إليه بل إنه أورد أحكاماً لتنظيم صناعة وتجارة الدخان وفرض عقوبات على مخالفيها تغاير العقوبات المقررة لجرائم التهريب المنصوص عليها في الدكريتو وتختص المحاكم الجنائية العادية بتوقيع هذه العقوبات على خلاف جرائم التهريب التي تنظرها اللجان الجمركية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه لم يخطئ فيما استلزمه من ثبوت علم المطعون ضدهما بوجود المواد الغريبة في الدخان المضبوط - ولما كان هذا الحكم قد استخلص من أقوال الشهود الذين سمعتهم المحكمة أن دفاع المطعون ضدهما الذي يقوم على أنه لا شأن لهما بخلط الدخان بالمواد الغريبة التي ثبت وجودها به وأن أولهما قد اشتراه بحالته التي ضبط عليها هو دفاع على أساس سائغ ومقبول وأنه لا يمكن القطع في خصوصية هذه الدعوى يتوفر علم المطعون ضدهما بالخلط أو الغش إذ لم تقدم مصلحة الجمارك إثباتاً على توفر علمهما أو علم أحدهما بذلك - وكانت المصلحة الطاعنة على ما يبين من نعيها على الحكم المطعون فيه لم تدع بأنها قدمت لمحكمة الموضوع دليلاً على علم المطعون ضدهما بالخلط سوى ما قرره المطعون ضده الأول في صحيفة معارضته في قرار اللجنة الجمركية من أنه اشترى الدخان وهو يعلم بأنه من بقايا شحنة كانت قد غرقت في الترعة وأنه كان ينوي تنقيته قبل بيعه ولما كان يبين من مطالعة عريضة هذه المعارضة أن المطعون ضده الأول وإن كان قد ذكر فيها ذلك إلا أنه أردفه بقوله "ومن ذلك يتضح أنه لا تجوز مساءلة الطالب الأول إذ أن اختلاط الدخان بشيء من تلك المواد لم يكن بفعله ولا بعلمه" مما مفاده أنه لم يقر بعلمه بوجود الخلط في الدخان بل انتهى إلى نفي هذا العلم. لما كان ذلك، وكانت اللجنة الجمركية التي قضت بإدانة المطعون ضدهما قد أثبتت في حكمها أن المطعون ضده الأول قد قرر بأن الأدخنة المضبوطة ملكه وأنه اشتراها من شركة الكونتوار وأنه متأكد من سلامة الدخان وقت استلامه فإنه لا يكون ثمة إقرار قد صدر من المطعون ضده الأول بعلمه بوجود مواد غريبة بالدخان المضبوط وإذ كان ما قرره الحكم المطعون فيه في سبيل التدليل على عدم توفر ركن العلم سائغاً لأن مصلحة الجمارك هي المكلفة بإثبات علم المحرز بالغش أو الخلط فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون لهذا السبب يكون على غير أساس، وإذ كان فيما قرره الحكم من عدم توفر علم المطعون ضدهما بوجود المواد الغريبة في الدخان المضبوط ما يكفي لإقامة قضائه بإلغاء قرار اللجنة الجمركية الذي أدانهما فإن ما أورده الحكم في أسبابه بعد ذلك من اشتراط وقوع عمل إيجابي من جانب المتهم لقيام تهمة خلط الدخان يكون استطراداً زائداً على حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونه. ومن ثم يكون النعي عليه لخطئه في هذا التقرير الزائد غير منتج.

الثلاثاء، 18 يوليو 2023

الطعن 410 لسنة 24 ق جلسة 5 / 3 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 ق 31 ص 199

جلسة 5 من مارس سنة 1959

برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

----------------

(31)
الطعن رقم 410 سنة 24 ق

(أ) إعلان "إجراءات الإعلان". نقض. "إعلان الطعن". 

المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في م 12 مرافعات طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه. إتمام الإعلان على هذه الصورة. لا محل معه للتمسك بعدم وصوله ولو مع ادعاء أن صفة مستلم الإعلان غير صحيحة.
(ب) نقض "حالات الطعن" "الطعن بمخالفة حكم سابق". 

إقامة الطعن على أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. في هذا ما يفيد أن الطاعن يستند إلى نص المادة 426 مرافعات وإن لم يذكر نصها صراحة في التقرير. جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة ابتدائية تطبيقاً للقانون رقم 121 لسنة 1947 خلافاً لحكم سابق.

----------------
1 - إذا كان الثابت من مطالعة أصل إعلان تقرير الطعن أن المحضر أثبت فيه أنه انتقل إلى محل إقامة المطعون عليه وخاطب تابعه... وأعلنه بصورة من التقرير - فإن في هذا البيان من الوضوح ما يدل على أن إعلان الطعن تم وفقاً للقانون ولا يجدي المطعون عليه ادعاؤه أن من سلمت إليه الصورة ليس تابعاً له - ذلك أن المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في المادة 12 من قانون المرافعات طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه ومتى تم الإعلان على هذه الصورة فلا محل للتمسك بعدم وصوله ولو ادعى المعلن إليه أن الصفة التي قررها مستلم الإعلان غير صحيحة.
2 - إذا كان من بين ما أقيم عليه الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وكان في هذا البيان ما يفيد أن الطاعن يستند إلى نص المادة 426 من قانون المرافعات التي تجيز الطعن في أي حكم انتهائي صدر على خلاف حكم سابق أياً كانت المحكمة التي أصدرته وإن لم يذكر الطاعن صراحة في التقرير نص المادة المشار إليها، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى بأن نص هذه المادة يشمل الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بالتطبيق لنصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 - فإن الدفع بعدم جواز الطعن بمقولة إن الحكم المطعون فيه قد صدر تطبيقاً للقانون رقم 121 لسنة 1947 يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تخلص على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 469 سنة 1954 كلي أسيوط على الطاعنين طلب فيها الحكم أولاً: بإخلاء وتسليم المقهى والفندق المؤجرين لهم بموجب عقد الإيجار المؤرخ أول مارس سنة 1946. ثانياً: بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 144 جنيهاً قيمة الزيادة المستحقة عليهم من أول مايو سنة 1947 حتى أول مايو سنة 1948 بواقع 12 جنيهاً شهرياً وهو ما يعادل 60% من قيمة الإيجار المتفق عليه طبقاً لأحكام القانون رقم 140 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1947 وأسس المطعون عليه طلب الإخلاء على أن الطاعنين أحدثوا تعديلات في مباني المقهى والفندق وعلى تأخرهم في دفع قيمة الزيادة - دفع الطاعنون الدعوى بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالدعوى رقم 383 لسنة 1947 كلي أسيوط فتبين لمحكمة الموضوع أن الدعوى السابقة رفعت من المطعون عليه وأخرى ضد الطاعنين بطلب مبلغ 72 جنيهاً قيمة الزيادة لمدة ستة شهور من نوفمبر سنة 1946 حتى إبريل سنة 1947 مع الإخلاء للتأخير في أداء هذه الزيادة وقد قضت المحكمة يومئذ برفض الدعوى تأسيساً على ما نص عليه في عقد الإيجار من اتفاق الطرفين على عدم زيادة الأجرة غير أن المحكمة لم تأخذ بوجهة نظر الطاعنين في الدعوى الحالية وقضت في 25 من نوفمبر سنة 1954 برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإلزام الطاعنين بدفع مبلغ 144 جنيهاً والمصاريف المناسبة وندبت خبيراً هندسياً لمعاينة المكان المؤجر قبل الفصل في طلب الإخلاء فطعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة الفحص فأحالته إلى هذه الدائرة وقد أبدت النيابة رأيها بعدم جواز الطعن.
ومن حيث إن المطعون عليه دفع بعدم جواز الطعن بمقولة إن الحكم المطعون فيه صدر في حدود القانون رقم 121 لسنة 1947 وبالتطبيق لأحكامه فهو حكم نهائي وغير قابل لأي طعن طبقاً لنص الفقرة الرابعة من المادة 15 من القانون سالف الذكر كما دفع ببطلان إعلانه بتقرير الطعن بمقولة إن الإعلان سلمت صورته لمن يدعى ميخائيل مقار على اعتبار أنه تابع له في حين أنه لا يمت إليه بصلة بل يعمل خادماً بدائرة حبيب خياط واستدل المطعون عليه على ذلك بشهادة موقع عليها من عمدة وشيخ بندر أسيوط.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة أصل إعلان تقرير الطعن أن المحضر أثبت فيه أنه انتقل إلى محل إقامة أحمد مختار خشبة - المطعون عليه - وخاطب تابعه ميخائيل مقار وأعلنه بصورة من التقرير وفي هذا البيان من الوضوح ما يدل على أن إعلان الطعن تم وفقاً للقانون ولا يجدي المطعون عليه ادعاؤه أن من سلمت إليه الصورة ليس تابعاً له - ذلك أن المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في المادة 12 من قانون المرافعات طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه ومتى تم الإعلان على هذه الصورة فلا محل للتمسك بعدم وصوله ولو ادعى المعلن إليه أن الصفة التي قررها مستلم الإعلان غير صحيحة.
ومن حيث إنه يبين من تقرير الطعن أن الطعن قد أقيم على سببين أولهما أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها قد أخطأ تطبيق القانون لأن الدعوى المطعون في حكمها والدعوى السابقة رقم 383 لسنة 1947 كلي أسيوط متحدتان موضوعاً وسبباً وخصوماً وفي هذا البيان ما يفيد أن الطاعن يستند إلى نص المادة 426 من قانون المرافعات التي تجيز الطعن في أي حكم انتهائي صدر على خلاف حكم سابق أياً كانت المحكمة التي أصدرته وإن لم يذكر الطاعن صراحة في التقرير نص المادة المشار إليها وقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - بأن نص هذه المادة يشمل الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بالتطبيق لنصوص القانون رقم 121 لسنة 1947.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 383 لسنة 1947 كلي أسيوط أن المطعون عليه طالب فيها بزيادة الأجرة عن المقهى والفندق بواقع 60% من الإيجار المتفق عليه وذلك عن المدة من أول نوفمبر سنة 1946 حتى أخر إبريل سنة 1947 مستنداً إلى القانون رقم 140 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1947 وإلى الإنذار الموجه منه إلى الطاعنين بكتاب موصى عليه في 2/ 10/ 1946 وأن المحكمة قضت برفض الدعوى المذكورة تأسيساً على أن عقد الإيجار قد صدر من المطعون عليه في أول مارس سنة 1946 بعد صدور القوانين التي تجيز الزيادة في الإيجار وإلى وجود شرط في عقد الإيجار يمنع من المطالبة بالزيادة وإلى أن هذا الشرط لا مساس له بالنظام العام كما يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه أقام الدعوى المطعون في حكمها يطالب فيها الطاعنين بزيادة الأجرة عن المدة من 1/ 5/ 1947 إلى 30/ 4/ 1948 مستنداً فيها إلى عقد الإيجار المشار إليه وإلى نصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 وإلى ذات الإنذار الموجه منه إلى الطاعنين في 2/ 10/ 1946 ويبين من ذلك أن الدعويين متحدتان في الموضوع والسبب والخصوم ولا يغير من ذلك أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليه يطالب بالزيادة عن مدة أخرى غير المدة التي سبق الحكم برفض طلب الزيادة عنها ذلك لأن المانع من الزيادة واحد في الدعويين.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون على غير أساس ما دفع به المطعون عليه من عدم جواز الطعن وعدم قبوله شكلاً لبطلان إعلانه بالتقرير ويتعين رفض هذين الدفعين كما يتعين قبول السبب الأول من أسباب الطعن ونقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الطاعنين بدفع مبلغ 144 جنيهاً قيمة الزيادة والمصاريف المناسبة لصدوره على خلاف الحكم السابق الصادر بين الخصوم أنفسهم في الدعوى رقم 383 لسنة 1947 كلي أسيوط دون حاجة لبحث السبب الثاني.
ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه وللأسباب السابق بيانها ويتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى رقم 469 لسنة 1954 كلي أسيوط بالنسبة لطلب زيادة الأجرة.