الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 يوليو 2023

الطعن 39 لسنة 26 ق جلسة 5 / 3 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 أحوال شخصية ق 32 ص 204

جلسة 5 من مارس سنة 1959

برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

------------------

(32)
الطعن رقم 39 سنة 26 ق أحوال شخصية

(أ) إثبات "طرق الإثبات" "الإقرار". 

ماهيته. إخبار. حجيته. قرينة قانونية على حقيقة المقر به.
(ب) حكم "تسبيب كاف". 

تناول الحكم المستندات المقدمة. إطراحه لها بسبب ما يحيط بها من شك مع بيان مظهره استناداً إلى أسباب سائغة. لا قصور.

-------------------
1 - إذا كان الواقع في الدعوى أن محكمة الموضوع إذ عاملت الطاعنة بإقرارها الوارد في صحيفة دعوى أخرى مرفوعة منها لم تخرج عن مفهوم الإقرار بأنه إخبار، وكان الإقرار قرينة قانونية على حقيقة المقر به، وكانت الطاعنة كما ذكر الحكم المطعون فيه لم تستطع دحض هذه القرينة بإثبات أن مضمونه غير مطابق للحقيقة، فإن مؤدى ذلك أن محكمة الموضوع لم تر فيما أبدته الطاعنة في شأن هذا الإقرار أنه مبني على خطأ في الواقع إذ أن ظاهر الحال يكذبه - ولازم ذلك أن تعامل الطاعنة بمقتضاه - ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غير منطو على خطأ في القانون.
2 - إذا كان يبين مما ورد بالحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد تناول بالنظر والتمحيص جميع ما تقدمت به الطاعنة من مستندات فلم يغفل شيئاً منها - كما أنه أوضح في صراحة أن إطراحه لهذه المستندات هو بسبب ما يحيط بها من شك مبيناً مظهر هذا الشك في أمرها وموضحاً أن ما تضمنته من العبارات غير قاطع في إثبات بنوة الطاعنة للمتوفى مستنداً في هذا وذاك إلى أسباب سائغة فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ أول مارس سنة 1947 أقامت المطعون عليها الأولى الدعوى رقم 30 لسنة 1949 أحوال شخصية بمحكمة القاهرة الابتدائية على باقي المطعون عليهم - وذكرت في وقائعها أن المرحوم مراد معتمديان توفى عن تركة وأنه بتقسيمها على ورثته وفقاً للقانون البلغاري الواجب التطبيق - يخص كلاً من أخويه لأبيه الثمن - وكلاً من أختيه الشقيتين الربع - والربع الباقي يقسم بالتساوي بين أولاد أخ المتوفى ومن بينهم المدعية وتكون حصتها من التركة على هذا الأساس هو 1/ 20 منها - وطلبت بدعواها الحكم بثبوت وفاة مراد معتمديان وانحصار إرثه في أختيه الشقيقتين وأخويه لأبيه وأولاد أخيه وباعتبارها مستحقة على هذا الأساس لمقدار 1/ 20 من التركة - وفي أثناء نظر هذه الدعوى بمحكمة القاهرة الابتدائية بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1950 طلبت الطاعنة قبولها خصماً متدخلاً فيها ليحكم لها برفضها وبثبوت نسبها لأبيها مراد معتمديان - باعتبارها ابنته - ووارثته الوحيدة - وفقاً لأحكام القانون البلغاري - وإحالة الأوراق إلى رئيس المحكمة لإصدار إشهار بالوراثة على هذا الأساس مع إلزام من ينازعها من الخصوم بالمصروفات والأتعاب - وذكرت بياناً لدعواها أن المرحوم مراد معتمديان كان متزوجاً بالمرحومة السيدة مجردتش بوباجيان وكانت هي ثمرة هذا الزواج حيث ولدت في 25 مايو سنة 1913 بمدينة الزقازيق - ولم ينجب والدها سواها - ولذلك تحق لها المطالبة بكل تركته - وفقاً لأحكام القانون البلغاري - وقالت إنه تعذر عليها أن تعثر على شهادة رسمية لميلادها وأن قواعد الإثبات المقررة في القانون البلغاري - تبيح لها إثبات البنوة بالشهرة العامة وأنها تتوفر لها جميع عناصرها في يدها جميع المستندات التي تقطع بثبوت نسبها - وأنكرت عليها كل من المطعون عليهما الثاني والتاسع دعواها وطلبا رفضها تأسيساً على أن مراد معتمديان لم ينجب أطفالاً - كما أن زوجته كان يستحيل عليها أن تلد في التاريخ المعاصر لتاريخ ميلاد الطاعنة بسبب عملية جراحية معينة وأن الطاعنة عاشت في كنف مراد معتمديان - كغيرها من الآنسات ينفق عليها ويتولى رعايتها وتربيتها دون ما صلة نسب - لما جبل عليه من حب الخير وأنها هي نفسها (أي الطاعنة) قد أقرت في الدعوى المستعجلة التي أقامتها في سنة 1946 بطلب بالحراسة على تركة مراد معتمديان - بأنه لم ينجب أحداً - وأنه إنما كان يتبناها - بمقتضى إقرار رسمي بالسجلات الرسمية المحفوظة في مدينة استامبول. وأن ما تدعيه من ثبوت البنوة لها بالشهرة العامة منقوض بهذا الإقرار وبالشهادة الصادرة من وزارة الخارجية البلغارية والثابت فيها أن مراد معتمديان لم يعقب ذرية. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1953 حكمت المحكمة الابتدائية بقبول الطاعنة خصماً ثالثاً في الدعوى - وبرفض الطلبات المبداة منها وألزمتها بالمصروفات - كما حكمت بثبوت وفاة مراد معتمديان وانحصر إرثه في أخويه لأبيه وأختيه الشقيقتين وأبناء أخوته. وأسست المحكمة الابتدائية قضاءها رفض طلبات الطاعنة على أن الأدلة المقدمة منها لإثبات البنوة غير مقنعة - ولأنها أقرت في صحيفة الدعوى المستعجلة التي أقامت في أكتوبر سنة 1946 - بأن المتوفى لم يترك من يرثه شرعاً - سواها بصفتها "متبناة له" - وقدرت المحكمة الابتدائية - ما جاء في صحيفة تلك الدعوى المستعجلة بأنه مجرد دليل كتابي يترك تقديره للمحكمة كباقي الأدلة المقدمة من الخصوم - واستأنفت الطاعنة هذا الحكم بتاريخ 13 من يوليه سنة 1953 - إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 627 لسنة 70 ق (دائرة الأحوال الشخصية) طالبة قبول استئنافها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف - والحكم باعتبارها الابنة الوحيدة والوارثة الوحيدة للمرحوم مراد اريتنوف معتمديان وفقاً للقانون البلغاري وتوزيع تركته على هذا الأساس مع إلزام المنازعين بمصروفات الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة عنهما وبتاريخ 13 من يونيه سنة 1956 حكمت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة (الطاعنة) بالمصروفات و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1956 قررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بالنقض - وأبدت النيابة العامة رأيها فيه - في المذكرة الأولى المقدمة منها برفضه - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11/ 3/ 1958 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وأشر بهذا القرار على تقرير الطعن. وفي 29/ 3/ 1958 أمر رئيس المحكمة بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهم محدداً لهم خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم لإيداع مذكرة بدفاعهم مشفوعة بما يريدون تقديمه من مستندات وللنيابة العامة الواحد والعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها ونفذ هذا الأمر فأعلن المطعون عليهم في 21 و26 و29 و30 يوليه سنة 1958، 2 من أغسطس سنة 1958 وقدمت الطاعنة في 30/ 3/ 1958 مذكرة شارحة وفي 14 من أغسطس سنة 1958 قدم المطعون عليه التاسع مذكرة بالرد وحافظة بها مستند واحد وفي 17 من أغسطس سنة 1958 قدم المطعون عليه الثاني مذكرة بالرد وحافظة بها مستند واحد - وضمت المفردات الابتدائية والاستئنافية بناءً على أمر رئيس المحكمة وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية صممت فيها على رأيها السابق كما صممت عليه بالجلسة التي حددت لنظر الطعن.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرت أن هذا الحكم قد اعتمد في قضائه على ما اسند للطاعنة من إقرار صحيفة الدعوى المستعجلة بعدم انتسابها بالبنوة للمتوفى واتخذ من هذه الصحيفة "دليلاً كتابياً عادياً" عامل به الطاعنة ارتكاناً على أنها لم تدل بتفسير مقبول لصدوره منها مع أنها أوضحت لمحكمة الموضوع أن ما ورد بتلك الصحيفة لا يعدو أن يكون إخباراً بأمر لا أصل له في الواقع - ولم يكن مبناه إلا مجرد الخطأ المادي وأن الطاعنة قد أعلنت تمسكها ببنوتها لوالدها المتوفى في الدعوى الشرعية رقم 156 لسنة 1948 كلي مصر الشرعية المقامة منها فلم يكن لمحكمة الموضوع أن تعاملها بهذا الدليل الذي يكذبه الظاهر وتؤسس قضاءها عليه وإذ هي فعلت فقد أخطأت في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه - بعد إذ بين أنه لا نزاع بين الخصوم في أن القانون الواجب التطبيق في صدد النزاع الماثل هو القانون البلغاري لأنه قانون جنسية المورث (وقت موته) عرض لأحكام هذا القانون في شأن إثبات البنوة - مستنداً في ذلك إلى الفتويين المقدمتين من طرفي النزاع في هذا الخصوص - فذكر "أن الدليل على البنوة يكون بإثباتها في دفاتر المواليد وفي حالة عدم وجود هذا الإثبات يكتفي بالتمتع المستمر بحالة الولد الشرعي ويشمل هذا التمتع العناصر الثلاث من حمل الاسم والمعاملة مع الغير والشهرة" ثم أوضح أن الطاعنة عجزت عن تقديم شهادة بميلادها وأنها لهذا تحتج بالتمتع بعناصره الثلاث - واستطرد الحكم المطعون فيه بعد ذلك للنظر فيما تقدم به كل من الطرفين من مستندات - تدليلاً على دعواه أو دفاعه - وإذ عرض لما تمسك به خصوم الطاعنة من إقرارها في صحيفة الدعوى المستعجلة ذكر في هذا الخصوص "أن المحكمة الابتدائية قد أصابت الحق حين آخذت المستأنفة (الطاعنة) بما صدر منها في صحيفة الدعوى المستعجلة الخاصة بوضع التركة تحت الحراسة فقد ذكرت في تبيان مصدر حقها أنه لما كان المتوفى لم يترك من يرثه حسب القانون البلغاري سواها باعتبارها ابنته التي تبناها منذ كان سنها ثلاث سنوات بمقتضى إقرار رسمي بالسجلات الرسمية المحفوظة بمدينة استامبول واعترف ببنوتها بعد ذلك في عدة أوراق رسمية... ومن حيث إنه وإن كان هذا الإقرار لا يعتبر إقراراً قضائياً قاطعاً لا يجوز دحضه فإن المستأنفة (الطاعنة) لم تستطع الإدلاء بتفسير مقبول صدور مثل هذا البيان منها إن كان مضمونه غير مطابق للحقيقة - ولما كان المستأنف ضدهم ينازعون في بنوتها الشرعية فقد كانت المحكمة على حق حين اعتبرت هذا البيان هادماً لما تزعمه المستأنفة من بنوتها الشرعية للمتوفى"... ثم قال الحكم المطعون فيه في موضوع آخر.
"ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم الاستئنافي أصاب الحق فيتعين تأييده ولا ترى المحكمة محلاً لإجابة المستأنفة إلى ما تطلبه من تحقيق تكميلي لعدم جدوى هذا التحقيق إزاء البيان الصادر منها والذي لم تبد سبباً معقولاً لعدم مطابقته الحقيقة" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع - إذ عاملت الطاعنة بإقرارها الوارد في صحيفة الدعوى المستعجلة المرفوعة منها لم تخرج عن مفهوم الإقرار بأنه إخبار - ولما كان الإقرار قرينة قانونية على حقيقة المقربة - وكانت الطاعنة - كما ذكر الحكم المطعون فيه لم تستطع دحض هذه القرينة بإثبات أن مضمونه غير مطابق للحقيقة - فإن مؤدى ذلك أن محكمة الموضوع - لم تر فيما أبدته الطاعنة في شأن هذا الإقرار - أنه مبني على خطأ في الواقع أو أن ظاهر الحال يكذبه - ولازم ذلك أن تعامل الطاعنة بمقتضاه - ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غي منطو على خطأ في القانون.
وحيث إن محصل الوجه الثاني من هذا السبب أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور في التسبيب وفي ذلك ذكرت الطاعنة - أنها تقدمت إلى محكمة الموضوع بشهادة من المفوضية الفرنسية في بلغاريا مؤرخة 15/ 7/ 1939 - مستدلة بها على تمتعها بحالة الولد الشرعي - إذ تحمل هذه الشهادة تاريخ ومكان ميلادها واسم معتمديان الذي لم يرد بها بطريق المصادفة فأغفلت محكمة الموضوع أمر هذه الشهادة وما لها من دلالة ولم تتحدث عنها - كما أن المحكمة الابتدائية إذ عرضت لشهادة مدرسة نوتردام المؤرخة 15/ 10/ 1949 لم تعلق عليها إلا بأنها تقصر عن إفادة البنوة الحقيقية - وقد أخذ الحكم الاستئنافي المطعون فيه بهذا النظر فيما ذكره من تعليق مجمل على مستندات الطاعنة - ذلك مع ما أوضحته الطاعنة من أن ثمت فارقاً ظاهراً بين بنت ومتبناة - كذلك أغفلت محكمة الموضوع اعتراض الطاعنة الذي أبدته على تلك الشهادة التي قدمها خصومها - والصادرة من الحكومة البلغارية متضمنة وفاة مراد معتمديان دون ذرية - وكذلك على الشهادة الصادرة من مجلس بلدي شوين بهذا المعنى - وكان مبنى اعتراض الطاعنة أنهما غير مصدق عليهما لا من القنصل المصري ببلغاريا - ولا من وزارة الخارجية المصرية - وأنه لهذا لا يصح التعويل عليهما - وقد أغفلت محكمة الموضوع اعتراضها هذا ولم تشر إليه بشيء - كذلك تقدمت الطاعنة إلى محكمة الموضوع بخطاب صادر من المورث وزوجته إلى الحراسة على أموال الرعايا البلغاريين وقد ورد به أنهما يقدمان إلى الحارس ابنتهما (الطاعنة) ويرغبان في تسليمها أموالهما - فلم يكن لمحكمة الموضوع من تعليق على هذا الخطاب إلا القول بأنه ينم عن التبني لا البنوة الشرعية - وهو تعليق قاصر لأنه لا يبين منه لما عدلت محكمة الموضوع عن الأخذ بالدلالة الظاهرة للألفاظ إلى سواها - مما لم يرد بهذا الخطاب - وكذلك كان الأمر بالنسبة للدعوة الموجهة من والدي الطاعنة لحضور حفلة زفافها بوصفها ابنتهما - كما قصر الحكم المطعون فيه في التكلم على المستندات الأخرى التي تقدمت بها الطاعنة للتدليل بها على توفر عناصر التمتع بحالة الولد الشرعي كتوقيع مراد معتمديان في خانة الوالد على شهادة مدرسة البانسيونا ديزا بوتر في 18/ 1/ 1932 - وشهادة السفارة البلغارية بقيد الطاعنة في سجلاتها بوصفها الابنة الوحيدة للمتوفى وبأنها كانت توضع دائماً على جواز سفره - والصور الفوتوغرافية العائلية مع والديها وأسرتها وكان مظهر القصور في أن الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالتعليق عليها في صورة عامة مجملة - بحيث لا يبدو من هذا التعليق علة إطراح دلالتها الظاهرة.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مردود بما أورده في خصوصه الحكم الابتدائي التي أخذت محكمة الاستئناف بأسبابه - فقد جاء به أن المحكمة لا تأخذ بالأدلة المقدمة من المتدخلة (الطاعنة) لإثبات دعواها وتطرحها "لا فقط للسبب المتقدم... بل أيضاً لما أحاطها من شك لأن الشهادة الصادرة من المفوضية الفرنسية في بلغاريا بتاريخ 15 يونيه سنة 1929 هذه الشهادة ليست لها أية إشارة إلى أن المتدخلة ابنة للمتوفى وما ورد بها أنها ولدت بالزقازيق في 25 مايو سنة 1903 - أما الإشارة إلى اسم معتمديان مع اسمها فهذا لا يدل على أنها ابنة للمتوفى مراد معتمديان خصوصاً وأن هذه الشهادة لا تحمل أي توقيع له كما لا تصلح على ثبوت بنوة المتدخلة للمتوفى تلك الشهادة الصادرة من مدرسة نوتردام ديزابوتر في 15 أكتوبر سنة 1949 والتي أشير فيها إلى أن "تنسوف" هي بنت مراد معتمديان لا تصلح هذه الشهادة لإثبات بنوة المتدخلة للمتوفى لأنه فضلاً عن أنه لا يبين من هاتين الشهادتين أن المتوفى هو الذي دون البيانات دون غيره فإن الإشارة فيها إلى أن المتدخلة هي ابنة مراد معتمديان لا تدل على أنها ابنة شرعية كما تزعم هي ذلك - بل قد تفيد أنها ابنته المتبناة ولا تنصرف فقط إلى الحالة الأولى كما تذهب إلى ذلك المتدخلة - هذا فضلاً عن أن الشهادة الأولى تنقضها تلك الشهادة المقدمة من المدعى عليهم والمستخرجة من الحكومة البلغارية والتي شهدت فيها بأن المتوفى مات عن غير ذرية ترثه - أما عن سائر المستندات المقدمة من المتدخلة وعلى الأخص الخطاب المؤرخ 12/ 4/ 1942 والموجه من المتوفى وزوجته للحارس العام على أموال الرعايا البلغار والذي ورد فيه العبارة الآتية: Nous vous presentons notre fille Mme Tensof.
والدعوة الموجهة منهما لحضور حفل زفافها بالكنيسة الأرمنية والخطابات التي كانا يتبادلانها معاً والتي ورد فيها عبارة ابنتي في أكثر من موضع والبرقيات التي وصلتها يوم قرانها ومن بينها برقية "أليس" - هذه المستندات جميعها يحوطها نفس الشك ويوجه إليها نفس الاعتراضات السابقة - وهي جميعها إن صح الاستدلال بها على أن المتدخلة السيدة "تنسوف" كانت محل عناية خاصة من المتوفى وزوجته وكانت تعيش في كنفهما فهي لا تصلح دليلاً على أنها كانت ابنة شرعية لهما خصوصاً بعد الشهادة المستخرجة من المجلس البلدي الشعبي لمدينة كولانجراد بتاريخ 16 مايو سنة 1950 والتي جاء فيها أن المتوفى لم ينجب أي ولد ومن ثم تكون الطلبات المبداة من المتدخلة خالية من أي دليل يؤيدها مما يتعين معه رفض دعواها" ولما كان يبين من هذا الذي ورد بالحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد تناول النظر والتمحيص جميع ما تقدمت به الطاعنة من مستندات - فلم يغفل شيئاً منها - كما أنه أوضح في صراحة أن إطراحه لهذه المستندات هو بسبب ما يحيط بها من شك مبيناً مظهر هذا الشك في أمرها وموضحاً أن ما تضمنته من العبارات غير قاطع في إثبات بنوة الطاعنة للمتوفى - مستنداً في هذا وذاك إلى أسباب سائغة فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرت أنها تمسكت قبل المطعون عليهم ببنوتها للمتوفى - فلما اعترض خصومها عليها بأنها ليست بنتاً نسبية وإنما هي متبناة - وأن إثبات هذا التبني لا يكون إلا بإشهاد رسمي - وأن هذا هو السبيل الوحيد لإثباته تقدمت الطاعنة إلى محكمة الموضوع بخطاب من السفارة البلغارية ورد فيه صراحة أنه وإن كان الأصل في التبني أن يتم بعقد شكلي ولا يحل محله إجراء آخر - إلا أن إثبات هذا العقد يمكن أن يتم في دعوى خاصة - تقبل فيها شهادة الشهود والخطابات والمستندات - وقد تمسكت الطاعنة بما ورد في هذا الخطاب وبأن القانون البلغاري يقبل في إثبات التبني نفس الأدلة على البنوة وبذلك تكون بنوتها ثابتة للمتوفى كما أن تبنيها ثابت أيضاً - وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن ما تمسكت به الطاعنة من ذلك ينقضه الفتويان المقدمتان منها ومن خصومها - وما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص - مشوب بالخطأ في القانون - ذلك أنه قد مد نطاق هاتين الفتويين إلى مدى لا تتسعان له - إذ هما خاصتان بإجراءات التبني - ولم تتعرضا لشأن الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن كل ما أشارت إليه المستأنفة في مذكرتها لا يخرج عن إعادة ما طرح على المحكمة الابتدائية فالتفتت عنه بحق ولن يجديها التحدي بالخطاب الصادر من المفوضية البلغارية إلى وكيلها في 3 يناير سنة 1956 فالجملة الأولى من الفقرة التي تحتج بها صريحة في "أن العقد الرسمي بالتبني لا يمكن الاستعاضة عنه بأي دليل آخر" وإذا كانت المفوضية قد استطردت للقول بعد ذلك بأنه "يمكن إثباته في دعوى خاصة يمكن الاستدلال فيها بأقوال الشهود والخطابات والمستندات الأخرى" فإن هذا القول من جانب المفوضية تنقضه الفتوى الصادرة من الأستاذ "فنديكون" المقدمة من المستأنفة - وهذه الفتوى تتفق مع الأخرى المقدمة من المستأنف ضدهم والصادرة من الأستاذ "أبوستولوف" وكلاهما قاطع في أن دليل الإثبات الوحيد على التبني هو الإشهاد الرسمي أمام قاضي المصالحات بشرط أن يتم التصديق عليه من المحكمة الكلية بالمديرية بعد التحقق من استكماله للشرائط القانونية" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في أسبابه إلى الفتوى التي تقدمت بها الطاعنة - بياناً لأحكام القانون البلغاري في شأن التبني وقد أثبت الحكم المطعون فيه - أن ما ورد بهذه الفتوى - ما ورد بالفتوى المقدمة من خصوم الطاعنة - إنما يتعلق "بإثبات التبني" وإذ كانت الطاعنة تدعي في وجه النعي أن هذه الفتوى تتعلق بإجراءات التبني لا بإثباته - فإن تصوير هذا السبب بأنه خطأ في القانون يكون غير مطابق لحقيقة ما تنعى به - ولما كان يبين من مراجعة الفتوى المقدمة من الطاعنة - في هذا الخصوص أن ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عنها - من أن دليل الإثبات الوحيد على التبني هو الإشهاد الرسمي - مطابق لما جاء بها - فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس فيتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق