جلسة 24 من نوفمبر سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.
---------------
(13)
القضية رقم 875 لسنة 9 القضائية
(أ) - موظف - "راتب" (مكافأة)
كتاب وزارة المالية الدوري رقم ع - 4 - 22/ 138 م 3 في 3 من يونيه 1948 - الفرق بين المرتب الذي يتقاضاه الموظف عن ساعات عمله الأصلية والمكافأة عن الأعمال الإضافية التي يطلب إليه تأديتها في غير أوقات العمل الرسمية - المرتب حق أصيل أما المكافأة منحة جوازية - القول بغير ذلك يؤدي إلى الإخلال بالاعتمادات المالية - أثر ذلك.
(ب) - لوائح -
القواعد التنظيمية العامة الصادرة ممن يملكها وتتسم بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة الواجبة الاتباع في حدود ما صدرت في شأنه طالما أنها صدرت متفقة وأحكام القانون وقصد بها تحقيق المصلحة العامة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 25 من مارس سنة 1963 فإن آخر ميعاد للطعن فيه يكون هو يوم 24 من مايو سنة 1963، إلا أنه لما كان هذا اليوم قد صادف عطلة رسمية - يوم جمعة - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي كان سارياً وقتذاك، وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم السبت الموافق 25 من مايو سنة 1963، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 364 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الخزانة بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 25 من يناير سنة 1961، وطلب الحكم: "بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للطالب مبلغ 60.750 مليمجـ ستين جنيهاً مصرياً وسبعمائة وخمسين مليماً والمصروفات والأتعاب". وتوجز أسانيد دعواه في أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت بجلسة 8 من إبريل سنة 1960 في الطعن رقم 920 لسنة 4 القضائية والطعن رقم 921 لسنة 4 القضائية حكمين بمقتضاهما أرجعت أقدميته في الدرجات السادسة والخامسة والرابعة إلى تواريخ سابقة. ولما كان الأجر الإضافي يقدر على أساس المرتب الأصلي فإنه يستحق المبلغ الذي يطالب به على النحو الوارد بصحيفة الدعوى والذي يمثل فروق الأجر الإضافي الناتجة عن تعديل أقدمياته ومرتباته. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن العبرة في تقدير الأجر الإضافي هي بالمرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف والذي على أساسه يبنى الاعتماد المالي دون اعتداد بما عساه أن يطرأ على هذا المرتب بعد ذلك من تغييرات وخلصت من هذا إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 25 من مارس سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" "بأحقية المدعي في فروق الأجر الإضافي وفقاً للقواعد المقررة وعلى أساس مرتبه بعد تسوية حالته نتيجة للحكمين الصادرين لصالحه في الطعنين رقمي 920 لسنة 4 القضائية عليا و921 لسنة 4 القضائية عليا مع إلزام الحكومة المصروفات". وأقامت قضاءها على أن جميع القرارات التي تناولت تقرير الأجر الإضافي تقضي بأن تحسب الساعة من العمل الإضافي بساعة من العمل العادي، وأن ساعات العمل في اليوم الواحد ست ساعات، وأن تقدير ما يخص الساعة من أجر والحد الأقصى لمجموع الأجور المستحقة إنما ينظر فيه إلى المرتب الشهري الذي يستحقه الموظف، وليس في صياغة هذه القرارات ما يفيد أنها بنيت على أساس الأجر الفعلي، ولو صح الأخذ بنظرية الأجر الفعلي لكان معنى ذلك أن جهة الإدارة قد استفادت من تقصيرها في إجراء التسوية على وجهها الصحيح في الوقت المناسب، كما أن في الأخذ بهذا المعيار تفرقة لا سند لها من القانون بين الموظف الذي أجريت تسوية حالته في وقت مبكر مما ترتب عليه ترقيته في دوره، وبين الموظف الذي تراخت جهة الإدارة في إتمام هذه التسوية له، هذا إلى أن المبلغ المطالب به ضئيل مما لا يتسنى معه التمسك بنظرية عدم وجود الاعتماد المالي المقرر لصرف الفروق التي يتناولها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن للإدارة سلطة تقديرية في تحديد أساس حساب المكافأة عن ساعات العمل الإضافية ومقدار هذه المكافأة وحدها الأعلى وشروط استحقاقها، وقد حددت الإدارة هذه القواعد وبمقتضاها يمنح الموظف المكافأة عن ساعات العمل الإضافية على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه عند تقدير المكافأة.
ومن حيث إن ثمة فارقاً أساسياً بين المرتب الذي يتقاضاه الموظف عن ساعات عمله الأصلية وبين المكافأة التي تمنح له عن الأعمال الإضافية التي يطلب إليه تأديتها في غير أوقات العمل الرسمية، فالمرتب حق أصيل للموظف بينما المكافأة المذكورة منحة جعل الأمر فيها جوازياً للإدارة تترخص فيه بما لها من سلطة تقديرية لاعتبارات مردها إلى صالح العمل وإلى العدالة معاً، وينبني على ذلك كأصل عام أنه ليس ثمة ارتباط بين المرتب والمكافأة عن الأعمال الإضافية يوجب أن يجرى على هذه المكافأة ما يجرى على المرتب من تغييرات بالزيادة أو النقصان، فالمكافأة عن الأعمال الإضافية مهما استطال أمد صرفها لا تدخل في حساب المرتب ولا تعتبر من إضافاته وإذا صح أن القواعد والقرارات التي تناولت تقدير الأجر الإضافي قد اتخذت من المرتب معياراً لهذا التقدير وأساساً له إلا أنه توجد قاعدة أساسية تهيمن على صرف المكافآت الإضافية مفادها وجوب التزام حدود اعتمادات الميزانية المقررة في جميع الأحوال، تلك الاعتمادات التي تربط في الميزانية على أساس 10% من متوسط مربوط الدرجات وفقاً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة، الأمر الذي يستتبع بالضرورة أن يكون المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف وقت قيامه بالعمل الإضافي هو الوعاء الذي ينسب إليه دون غيره، الأجر الذي يستحقه عن هذا العمل الإضافي والقول بغير ذلك يؤدي إلى الإخلال بالاعتمادات المالية التي لا سلطان للإدارة في تقريرها بل مرجع الأمر فيها إلى جهة أخرى هي السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص وحدها في ذلك. ومن ثم فلا تثريب على الإدارة إذ هي استنت لنفسها قاعدة تكون في ظلها بمنجاة عن المفاجآت التي قد تتعرض لها الميزانية. وقد أوضحت وزارة المالية بكتابها الدوري رقم ع - 4 - 22/ 138 م3 في 3 من يونيه سنة 1948 بشأن المكافآت والمرتبات الإضافية بعد حصول الموظف أو المستخدم على ترقية أو علاوة أو زيادة في الماهية ما يأتي: "يقضي كتاب المالية الدوري رقم ف 245 - 1/ 35 المؤرخ في 30 من إبريل سنة 1945 بأن من يتقاضى مرتباً إضافياً أو مكافأة وجار صرفها على أساس ماهيته ثم نال ترقية أو علاوة استثنائية أو عادية أو زيادة في الماهية بطريق الإنصاف لا يزاد المرتب الإضافي أو المكافأة الإضافية إلا من تاريخ هذا القرار الوزاري بمنحه الترقية أو العلاوة أو الزيادة إلا إذا كان تاريخ هذا القرار سابقاً لتاريخ الترقية أو زيادة الماهية ففي هذه الحالة تصرف المكافأة أو المرتب الإضافي على أساس الماهية الجديدة من تاريخ استحقاقها وتوجه وزارة المالية النظر إلى مراعاة العمل بهذه القاعدة بالنسبة للموظفين المقرر لهم مكافآت أو مرتبات إضافية ونالوا ترقيات في تواريخ رجعية في التنسيق طبقاً للكتاب الدوري رقم ف 234 - 2/ 17 بتاريخ 30 من يوليه سنة 1947". كما أن ديوان الموظفين قد كشف عن هذه القاعدة في النشرة الشهرية رقم 4 لسنة 1958 التي قضت: "بأن تمنح المكافأة الإضافية للموظف على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه عند تقدير هذه المكافأة وزيادة مرتب الوظيفة لا يترتب عليها زيادة المكافأة تلقائياً" كذلك تضمن الكتاب الدوري لديوان الموظفين رقم 15 لسنة 1960 "أن المكافآت عن الأعمال الإضافية يراعى في تقديرها عدة اعتبارات أهمها طبيعة العمل الإضافي. أما زيادة مرتب الوظيفة أو خفضه فلا أثر له في تقدير المكافآت لأن العمل الإضافي الذي تستحق من أجله المكافأة ثابت ومنفصل عن عمله الأصلي الذي يزيد أعباء وتبعات كلما تدرج الموظف في سلم الوظائف..".
ومن حيث إنه من المقرر أن القواعد التنظيمية العامة الصادرة ممن يملكها متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه طالما أنها صدرت متفقة وأحكام القانون وقصد بها تحقيق المصلحة العامة التي تعلو على المصالح الفردية.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على حكمي المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 920، 921 لسنة 4 القضائية الصادرين بجلسة 8 من إبريل سنة 1960 أن وضع المدعي الوظيفي قد عدل بناء على قاعدة تنظيمية عامة - هي قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 - والتي بمقتضاها ضمت له مدة خدمة سابقة خولته الحق في الطعن في قرارات صادرة بالترقية إلى الدرجات الأعلى، وأن الإدارة كانت تنازعه في ذلك، ومن ثم لم تكن الاعتمادات المالية المقررة وقتذاك والتي تربط في ضوء المرتبات الفعلية لتسمح بما يطالب المدعي بصرفه له من الفروق المالية بقطع النظر عن ضآلة هذه الفروق أو ضخامتها.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - من ثم - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق