جلسة 10 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمدي ياسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد ، مهاد خليفة ، عصام عباس ومجدي شبانة نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(65)
الطعن رقم 15803 لسنة 91 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
عدم تقديم أسباب الطعن بالنقض أو تقديمها بعد الميعاد . أثره : عدم قبوله شكلاً .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه بيانه لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) استيقاف . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير قيام المبرر للاستيقاف . موضوعي . ما دام سائغاً .
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها .
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كفايته لقيام حالة التلبس . تقدير توافرها أو عدم توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) آثار . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص . لم يشترط القانون لقيامها والعقاب عليها وقوعها في أماكن معينة . الدفع بعدم صدور قرار من الجهة المختصة باعتبار مكان الحفر أرضاً أثرية . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(5) اشتراك . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين على الحكم عدم استظهار عناصر الاشتراك . غير مقبول . متى أورد الأدلة على اشتراكهما مع باقي المحكوم عليهم في ارتكاب الجريمة .
مثال .
(6) قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . آثار . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة الاشتراك بطريق المساعدة في أعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص . تحققه بعلم الجاني بأنه يساعد في حفر أثري دون ترخيص بنية العثور على آثار . العلم فيها مسألة نفسية . تقدير توافره . موضوعي . تحدث الحكم استقلالاً عن ذلك القصد . غير لازم . حد ذلك ؟
(7) نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه .
مثال .
(8) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . استدلالات . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
النعي بإجراء مأمور الضبط القضائي وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني . غير مقبول . متى بدأ تحقيق الدعوى حال وقوعها فيها . أثر ذلك ؟
للحكم التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة . متى انتهى إلى صحة ما قام به من إجراءات القبض والتفتيش .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(10) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في اطمئنان المحكمة لحدوث الواقعة على الصورة المبينة بأقوال الشاهد . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . ما دامت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها أيدت ذلك عندها وأكدته لديها .
أخذ الحكم بدليل احتمالي . لا يعيبه . متى أسس الإدانة على اليقين . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(13) نيابة عامة . اختصاص " الاختصاص المكاني " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بدء وكيل النيابة إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني واستيجاب التحقيق متابعة الإجراءات وامتدادها خارجها . أثره : صحة هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة إليها . لها الأخذ بها ولو لم يحلف مقدمها يميناً قبل مباشرة المأمورية . علة ذلك ؟
الدفع باختلاف رقم العقار بمحضر الضبط عن الوارد بتقرير اللجنة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيقات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . غير مجد . متى لم يدع أنه أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
(15) دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن ببطلان استجوابه لعدم حضور محام معه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(16) اختصاص " الاختصاص المكاني " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بخطأ الحكم في بيان مكان الواقعة . دفع بعدم الاختصاص المكاني . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة ولو تعلق بالنظام العام . حد وعلة ذلك ؟
(17) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
الدفع بعدم جدية التحريات ونفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(18) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم سماع المحكمة لشاهد الإثبات . لا إخلال بحق الدفاع . متى اكتفى الدفاع عن الطاعنين بتلاوة أقوالهم بالتحقيقات . علة ذلك ؟
(19) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . أمر الإحالة .
النعي بعدم انطباق القيد والوصف على الواقعة . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لها وجدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها .
أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق . عدم خضوعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن الأول .... لم يقدم أسباباً لطعنه ، وقدم الطاعن الرابع .... أسباب طعنه بعد الميعاد ، فيتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم منهما شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمونها في بيان كاف جلي ، وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ، ولا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد .
3- من المقرر أن الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكولاً إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم تبريراً للاستيقاف وتدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على الدفع بعدم توافرها يتفق مع صحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كانت المادة 42 /3 بند 2 من القانون رقم 91 لسنة 2018 تنص على أنه : (يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من : .... (2) أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل ) ، وكان يبين من نص المادة المذكورة أن الشارع لم يشترط لقيام الجريمة والعقاب عليها أن يجري الحفر في أماكن معينة بذاتها ، لكنها أطلقت الأمر على أي منطقة ما دام القصد من الحفر هو التنقيب عن الآثار ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من أن الواقعة بمنأى عن التأثيم لعدم خضوع موقع الحفر لقانون حماية الآثار وأنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة باعتباره أرضاً أثرية يكون غير صحيح .
5- لما كان الحكم المطعون فيه في سرده لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعنين الخامس والسادس مع باقي المحكوم عليهم في ارتكاب الجريمة بالتوسط في بيع العقار موقع الحفر للمحكوم عليه الآخر لاستكمال أعمال الحفر بعد ظهور الشواهد الأثرية ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا المجال لا يكون قويماً .
6- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك بطريق المساعدة في القيام بأعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بغير ترخيص هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يساعد آخرين في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص بنية العثور على آثار وتملكها ، وكان ركن العلم مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في الجريمة التي دان الطاعنين الخامس والسادس بها ، بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين سالفي الذكر وتتوافر به جريمة الاشتراك بالمساعدة في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص من الجهة المختصة بكافة أركانها - كما هي معرفة به في القانون - فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يكون سديداً .
7- من المقرر أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه ، فإنه لا يُقبل من الطاعن الخامس ما يثيره من بطلان تفتيش الضابط لهاتف المحكوم عليه العاشر .
8- من المقرر أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني – بفرض حصوله – إنما كان بصدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه ، فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ، ويجعل له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخول له القانون من إجراءات ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش التي اتخذها ضابط الواقعة ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على شهادته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون قويماً .
9- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ، ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شاهد الإثبات الضابط .... كما هي قائمة في الأوراق ، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من اشتراك المتهمين من الحادي عشر وحتى الخامس عشر بطريق المساعدة مع باقي المتهمين عن طريق التوسط في بيع العقار محل الحفر إلى المتهم السادس عشر ، بما ينفي قيام التناقض ويدحض منعى الطاعن السادس في هذا الخصوص .
10- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في استخلاص صورة الواقعة والأدلة عليها قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – وكفايتها كدليل في الدعوى ، واستخلصت منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ، وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن السادس من عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة وانفراده بالشهادة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وكان أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن الخامس في هذا المنحى لا يكون مقبولاً .
12- لما كان النعي ببطلان معاينة النيابة للعقار محل الحفر مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة .
13- من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ، ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة إلى المحكمة وعنصراً من عناصرها وتملك تقديرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث ، هذا إلى أنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الخامس لم يثر شيئاً عن اختلاف رقم العقار بمحضر الضبط عن ذلك الذي أورده تقرير لجنة الآثار ، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون مقبولاً .
14- لما كان ما أثاره الطاعن الخامس نعياً بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ولا تأثير له على سلامة الحكم ، هذا إلى أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الخامس من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه – بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
15- لما كان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان استجوابه ، فإن هذا الوجه من النعي لا يكون مقبولاً ، لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
16- لما كان النعي بخطأ الحكم في بيان مكان الواقعة والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني ، فهو مردود بأنه لما كان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها .
17- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا إلى أن ما تمسك به الطاعنون الثاني والثالث والخامس من دفع بعدم جدية التحريات لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً ، وأن ما اعتصم به الطاعنان الثالث والخامس من انتفاء صلتهما بالواقعة وعدم توافر أركان الجريمة التي أسندت إليهما لا يعدو أن يكون دفعاً بنفي التهمة وهو – أيضاً - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون له محل .
18- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين اكتفى بأقوال الشهود بتحقيقات النيابة وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت ، مما يعد تنازلاً منهم عن سماعهم ، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية .
19- لما كان ما يثيره الطاعنون الثالث والخامس والسادس بشأن عدم انطباق القيد والوصف على واقعة الدعوى لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به بغير معقب ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق ، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامـة كلاً من : 1- .... ( طاعن ) 2- .... 3- .... 4- .... 5- .... 6- .... 7- .... ( طاعن ) 8- .... ( طاعن ) 9- .... 10- .... 11- .... ( طاعن ) 12- .... 13- .... ( طاعن ) 14- .... 15- .... ( طاعن ) 16- .... بأنهم :
المتهمون من الأول إلى التاسع : 1- أجروا أعمال الحفر بقصد الحصول على آثار بمنطقة أثرية دون ترخيص من الجهات المختصة على النحو المبين بالأوراق .
2- تعدوا على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بإجرائهم أعمال الحفر محل الاتهام المارّ بيانه عليها.
المتهم العاشر : ۱- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة والمتهمون من الأول إلى التاسع في ارتكاب جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بدون ترخيص من الجهات المختصة بأن وفر الأموال والأفراد اللازمين لإعمال الحفر وتوسط لبيع العين محل الجريمة وباقي المتهمين من الحادي عشر حتى الخامس عشر عقب العثور على دلائل أثرية بها للمتهم السادس عشر .
2- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع باقي المتهمين من الأول إلى التاسع في ارتكاب جريمة الاعتداء على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بأن وفر الأموال والأفراد اللازمين لأعمال الحفر وتوسط لبيع العين محل الجريمة وباقي المتهمين من الحادي عشر حتى الخامس عشر عقب العثور على دلائل أثرية به للمتهم السادس عشر .
المتهمون من الحادي عشر إلى الخامس عشر : ١- اشتركوا وباقي المتهمين بطريق المساعدة في جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بأن توسطوا ببيع العين محل الواقعة عقب العثور على دلائل أثرية بها للمتهم السادس عشر .
2- اشتركوا بطريق المساعدة مع باق المتهمين في جريمة الاعتداء على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بأن توسطوا لبيع العين محل الواقعة عقب العثور على دلائل أثرية بها إلى المتهم السادس عشر .
المتهم السادس عشر : 1- شرع في ارتكاب جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بأن اتفق على شراء العين خاصة المتهم الأول عقب العثور على دلائل وشواهد أثرية بها لاستكمال أعمال الحفر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته به وهو ضبطه وباقي المتهمين والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- شرع في ارتكاب جريمة الاعتداء على أرض أثرية بالمخالفة لقرار رئيس المجلس الأعلى للآثار رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٦٢ باعتبارها أرضاً أثرية وذلك بأن اتفق على شراء العين خاصة المتهم الأول عقب العثور على دلائل وشواهد أثرية بها لاستكمال أعمال الحفر وأوقف أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته به وهو ضبطه وباقي المتهمين والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 42 /3 بند 2 ، ٤٣ /2 من القانون ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل بالقوانين أرقام ۳ لسنة ۲۰۱۰ ، ٦١ لسنة ۲۰۱۰ ، ۹۱ لسنة ۲۰۱۸ ، والمواد ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٣ ، ٤٥ ، ٤٦ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲ من القانون الأخير ، بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لكل منهم وغرامة خمسمائة ألف جنيه عما أسند إليهم وأمرت بمصادرة المضبوطات وألزمتهم المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول .... لم يقدم أسباباً لطعنه ، وقدم الطاعن الرابع .... أسباب طعنه بعد الميعاد ، فيتعين الحكم بعدم قبول الطعن المقدم منهما شكلاً .
وحيت إن الطعن المقدم من باقي الطاعنين قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعنين ينعون - بمذكرات أسباب طعنهم - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الثاني والثالث بجريمتي إجراء أعمال الحفر الأثري بدون ترخيص والتعدي على أرض أثرية ، ودان الخامس والسادس بالاشتراك في ذلك ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه بما يكفي منتهياً إلى الإدانة رغم خلو الأوراق من دليل يؤدي إليها ، واطرح الدفعين ببطلان الاستيقاف لانتفاء مبرراته وبطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يسوّغ لاطراحهما ، كما أنه اعتبر موقع الحفر منطقة أثرية رغم عدم صدور قرار بذلك من الجهة المختصة بما يجعل الواقعة بمنأى عن التأثيم ، ويضيف الطاعنان الخامس والسادس أن الحكم لم يستظهر عناصرالاشتراك بالنسبة إليهما ولم يدلل على توافر القصد الجنائي في حقهما ، ويزيد الطاعن الخامس بأنه دفع ببطلان تفتيش الهاتف النقّال الخاص بالمحكوم عليه العاشر ، وببطلان شهادة الضابط القائم بالقبض لحصوله خارج نطاق اختصاصه الوظيفي إلا أن المحكمة لم تعرض لهذين الدفعين ، ويزيد الطاعن السادس أن تحريات الشرطة التي أجراها الضابط / .... توصلت إلى أن المحكوم عليهم من السابع حتى الحادي عشر هم الذين توسطوا في بيع العقار موقع الحفر إلا أن الحكم انتهى إلى إدانته هو رغم أن ترتيبه الخامس عشر من بين المحكوم عليهم مما ينبئ عن تناقض الحكم واضطرابه ، هذا ويضيف الطاعنان الخامس والسادس أن الحكم تساند إلى أقوال ضابط الواقعة رغم عدم معقولية تصويره لها وانفراده بالشهادة ، ويقول الطاعن الخامس أن المحكمة عولت في إدانته على دليل احتمالي إذ اعتمدت على المعاينة التي أجراها حي .... للعقار محل الواقعة رغم أنها لم تحدد مالكه بموجب مستند رسمي ، كما التفتت عن دفعه ببطلان معاينة النيابة العامة لذلك العقار ، وضربت صفحاً عما أبداه من دفع ببطلان أعمال لجنة الآثار لتشكيلها من نيابة غير مختصة ولمباشرة أعضائها المأمورية قبل أداء اليمين القانونية ودون انتدابهم لإجراء المعاينة ، وأن رقم العقار الذي جاء بتقريرهم يختلف عما ذكر بمحضر الضبط ، ويضيف أيضاً أن تحقيقات النيابة العامة جاءت قاصرة لإجرائها بمعرفة أكثر من محقق ، كما أنه لم يتم عرضه على النيابة خلال المدة القانونية ، ولم يحضر معه محامٍ حال استجوابه ، وأن المحكمة أخطأت في بيان مكان الواقعة إذ ذكرت أنه يقع بدائرة قسم شرطة .... في حين أنه بدائرة قسم شرطة .... ، واتخذ الحكم من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام ، ولم يعن بالرد على دفاع الطاعنين الثاني والثالث والخامس بعدم جديتها ، كما أنه أعرض عن دفاع الطاعنين الثالث والخامس بانتفاء صلتهما بالواقعة وعدم توافر أركان الجريمة في حقهما ، ويزيد الطاعن الثالث أن المحكمة دانته دون أن تستمع إلى شهادة النقيب / .... بالمخالفة للمادة ۲۸۹ من قانون الإجراءات الجنائية ، ويضيف الطاعنون الثالث والخامس والسادس أن المحكمة ضربت صفحاً عن دفاعهم ببطلان أمر الإحالة وعدم انطباق مواد القيد ووصف الاتهام على واقعة الدعوى ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمونها في بيان كاف جلي ، وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها ، ولا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكولاً إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم تبريراً للاستيقاف وتدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على الدفع بعدم توافرها يتفق مع صحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 42/3 بند 2 من القانون رقم 91 لسنة 2018 تنص على أنه : ( يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من : .... (2) أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل ) ، وكان يبين من نص المادة المذكورة أن الشارع لم يشترط لقيام الجريمة والعقاب عليها أن يجري الحفر في أماكن معينة بذاتها ، لكنها أطلقت الأمر على أي منطقة ما دام القصد من الحفر هو التنقيب عن الآثار ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من أن الواقعة بمنأى عن التأثيم لعدم خضوع موقع الحفر لقانون حماية الآثار وأنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة باعتباره أرضاً أثرية يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت قد أورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعنين الخامس والسادس مع باقي المحكوم عليهم في ارتكاب الجريمة بالتوسط في بيع العقار موقع الحفر للمحكوم عليه الآخر لاستكمال أعمال الحفر بعد ظهور الشواهد الأثرية ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا المجال لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك بطريق المساعدة في القيام بأعمال الحفربقصد الحصول على الآثار بغير ترخيص هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يساعد آخرين في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص بنية العثور على آثار وتملكها ، وكان ركن العلم مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في الجريمة التي دان الطاعنين الخامس والسادس بها ، بل يكفي أن يكون مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين سالفي الذكر وتتوافر به جريمة الاشتراك بالمساعدة في القيام بأعمال حفر أثري بدون ترخيص من الجهة المختصة بكافة أركانها - كما هي معرفة به في القانون - فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه ، فإنه لا يُقبل من الطاعن الخامس ما يثيره من بطلان تفتيش الضابط لهاتف المحكوم عليه العاشر . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني – بفرض حصوله – إنما كان بصدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه ، فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ، ويجعل له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخول له القانون من إجراءات ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش التي اتخذها ضابط الواقعة ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على شهادته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ، ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شاهد الإثبات الضابط .... كما هي قائمة في الأوراق ، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من اشتراك المتهمين من الحادي عشر وحتى الخامس عشر بطريق المساعدة مع باقي المتهمين عن طريق التوسط في بيع العقار محل الحفر إلى المتهم السادس عشر ، بما ينفي قيام التناقض ويدحض منعى الطاعن السادس في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في استخلاص صورة الواقعة والأدلة عليها قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – وكفايتها كدليل في الدعوى ، واستخلصت منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ،وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتنافى مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن السادس من عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة وانفراده بالشهادة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وكان أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، ومن ثم فإن ما ينعى به الطاعن الخامس في هذا المنحى لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان النعي ببطلان معاينة النيابة للعقار محل الحفر مردوداً بأن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ، ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، وكان من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة إلى المحكمة وعنصراً من عناصرها وتملك تقديرها ، ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث ، هذا إلى أنه لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الخامس لم يثر شيئاً عن اختلاف رقم العقار بمحضر الضبط عن ذلك الذي أورده تقرير لجنة الآثار ، فلا يجوز له من بعد أن يثير ذلك أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعن الخامس نعياً بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ولا تأثير له على سلامة الحكم ، هذا إلى أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الخامس من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه – بفرض صحته – طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان استجوابه ، فإن هذا الوجه من النعي لا يكون مقبولاً ، لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بخطأ الحكم في بيان مكان الواقعة والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني ، فهو مردود بأنه لما كان الطاعن الخامس لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولو تعلق بالنظام العام ، لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا إلى أن ما تمسك به الطاعنون الثاني والثالث والخامس من دفع بعدم جدية التحريات لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً ، وأن ما اعتصم به الطاعنان الثالث والخامس من انتفاء صلتهما بالواقعة وعدم توافر أركان الجريمة التي أسندت إليهما لا يعدو أن يكون دفعاً بنفي التهمة وهو – أيضاً - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين اكتفى بأقوال الشهود بتحقيقات النيابة وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت ، مما يعد تنازلاً منهم عن سماعهم ، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون الثالث والخامس والسادس بشأن عدم انطباق القيد والوصف على واقعة الدعوى لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به بغير معقب ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق ، فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد بُني على غير أساس خليقاً برفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق