الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2024

الطعن 10818 لسنة 91 ق جلسة 23 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 70 ص 658

جلسة 23 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / منصور القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد السعدني ، وائل صبحي ، مصطفى محمد سيد ومحمد عبد العليم مهران نواب رئيس المحكمة .
----------------
(70)
الطعن رقم 10818 لسنة 91 القضائية
(1) اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة النقض " اختصاصها " .
قضاء دائرة طعون نقض الجنح بمحكمة استئناف القاهرة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة النقض للفصل فيها في جنحتي تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والقذف . صحيح . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(2) حكم " وصفه " . محكمة ثاني درجة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
وجوب حضور المتهم بنفسه جلسات المحاكمة في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به . أساس ذلك ؟
استئناف الحكم الصادر بالغرامة من المتهمة وحدها . أثره : جواز حضور محام عنها أمام المحكمة الاستئنافية واعتبار الحكم الصادر منها حضورياً . وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري توكيل . الطعن فيه بطريق النقض . جائز . علة ذلك ؟
(3) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة استئنافية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما وإيراده على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
للمحكمة الاستئنافية الإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف إذا ما رأت تأييده . علة ذلك ؟
صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه . يكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها .
مثال .
(4) إزعاج . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الإزعاج وفقاً للمادة 76 من القانون ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ . اتساعه لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها .
ركن العلانية . ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات . تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي فيها . غير لازم . حد ذلك ؟
إثبات الحكم توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة في حق الطاعنة . كفايته للرد على نعيها في هذا الشأن .
مثال .
(5) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
لا مصلحة للطاعنة في النعي على الحكم بشأن جريمة القذف العلني . متى دانها بجريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بوصفها الأشد .
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعنة على الحكم بشأن جريمة لم يدنها بها . غير مقبول .
مثال .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(10) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع بتلفيق التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . متابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة . غير لازم .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي لو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع أو المستندات . مفاده : اطراحها .
(11) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام المسند للطاعنة وإدانتها بأدلة سائغة . المجادلة في ذلك . منازعة موضوعية فيما تستقل به بغير معقب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت محكمة استئناف .... الاقتصادية قد قضت بإدانة المحكوم عليها بجنحتي إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والقذف العلني واعتبرتهما جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد ، وعاقبت المحكوم عليها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي الجنحة الاقتصادية - إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات - ، فقررت المحكوم عليها بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - قضت بجلسة .... بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن ، تأسيساً على أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 قد اختص محكمة النقض دون غيرها بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية والمنصوص عليها في المادة 11 من ذلك القانون ، وهو قضاء يتفق وصحيح القانون ، إذ نصت المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019 على أنه : ( فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح والأحكام الصادرة ابتداءً من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض .... ) ، كما نصت الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون ذاته على أنه : ( تشكل بمحكمة النقض دائرة أو أكثر تختص دون غيرها بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من هذا القانون ) ، ومن ثم فقد دل القانون المذكور بصريح العبارة على اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية في مواد الجنايات وكذا الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية اختصاصاً استئثارياً انفرادياً لا تشاركها فيه أية محكمة أخرى ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 7 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمعدل بالقانونين رقمي 165 لسنة 2019 ، 151 لسنة 2022 والذي بموجبه انعقد الاختصاص بنظر الطعون بالنقض في أحكام محكمة الجنح المستأنفة لمحكمة استئناف القاهرة ، وذلك لمدد حددت به وبالقانونين المعدلين له ، ذلك أنه سبق وأن صدر قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 ، وجاء نص الفقرة الأولى من المادة 12 منه - والسالف بيانه - قاطع الدلالة في اختصاص محكمة النقض - دون غيرها - بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من القانون ذاته ، ومنها الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية ، الأمر الذي يكشف بجلاء عن رغبة المشرع في أن يظل نظر الطعون بالنقض في الأحكام المذكورة من اختصاص محكمة النقض دون أية محكمة أخرى ، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الطعن الماثل ينعقد لهذه المحكمة .
2- من المقرر أن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به الحضور بنفسه أمام المحكمة ، وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي - الذي استأنفته المتهمة وحدها - أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهمة ، فإنه يجوز للمتهمة في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنها ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة تخلفت عن الحضور فيها وحضر عنها محام بتوكيل وأبدى دفاعه وطلباته ، وصدر الحكم الاستئنافي موصوفاً بأنه حضوري بتوكيل - وهو في حقيقته حضورياً - إذ العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه - ، ومن ثم كان يجوز للمحكوم عليها أن تطعن في الحكم الاستئنافي بطريق النقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
3- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها ، وما ثبت بتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات ، وبالصورة الضوئية من الرسائل الإلكترونية لبرنامج ( الواتس آب ) محل الجريمة ، وكذا باستعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات ( .... ) ، وبتحريات مباحث التليفونات ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان القانون لا يلزم المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل إليها ، إذ الإحالة تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها ، كما أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ويكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أحال إلى الأسباب التي بُني عليها الحكم الابتدائي - الذي قضى بتأييده لتلك الأسباب - ولم يكتف بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة - خلافاً لما تقوله الطاعنة بأسباب طعنها - ومن ثم يضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله .
4- من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين عالجهما المشرع بالمادة ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه وأياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها ، كما أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، كما أن ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أثبت - استناداً للأدلة السائغة التي أوردها - توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات في حق الطاعنة ، وذلك بقيامها بإرسال رسائل إلكترونية من رقم الهاتف المحمول المسجل باسمها في شركة الاتصالات " .... " وتستخدمه فعلياً إلى الجروب المسمى ( .... ) ببرنامج ( الواتس آب ) يسيء إلى المجني عليها ويدعي ارتكابها الفساد الإداري ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعنة جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد وعاقبها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة فيما تثيره بشأن جريمة القذف العلني ، ويكون نعيها في هذا الصدد في غير محله .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنة بجريمة السب العلني ، فإن ما تثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل .

7- من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت السائغة التي بنت عليها ما قضت به ، ومن ثم لا محل لتعييب الحكم المطعون فيه فيما اعتنقه كصورة للواقعة ، ولا في تعويله إذ قضى بالإدانة على أقوال المجني عليها بدعوى كذبها وتلفيقها الاتهام للطاعنة ، ويضحى ما يثار في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين - إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة - وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما تثيره الطاعنة في شأن عدم وجود شهود على الواقعة ، لا يعدو جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها ، مما تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه . وإذ كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تفصح عن أوجه دفاعها الشفهي والمسطور بمذكراتها ، والتي تقول بأنها أثارتها وأغفل الحكم المطعون فيه التعرض لها ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا ، بل ساقت قولاً مرسلاً مجهلاً ، مما لا يقبل معه نعي الطاعنة في هذا الشأن .
10- من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل إن الرد يُستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن المستندات المقدمة من الطاعنة للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بشأن أقوال المجني عليها ، ذلك أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير مُلزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد .
11- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعنة ودانتها بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بوصف أنها :
1- تعمدت إزعاج المجني عليها / .... وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات .
2- قذفت علناً المجني عليها / .... على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابها بالمواد 166 مكرراً ، 171 ، 302 /1 ، 303/1 من قانون العقوبات ،
1 ، 5 /4 ، 6 ، 13/7 ، 70 ، 76 /2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت حضورياً – بعد أن ادعى الأستاذ / .... المحامي أمامها بصفته وكيلاً عن المجني عليها مدنيًا قبل المتهمة بمبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت - بتغريم المتهمة عشرة آلاف جنيه وألزمتها بالمصروفات الجنائية وألزمتها بأن تؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمتها بالمصروفات المدنية ومبلغ خمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
فاستأنفت المحكوم عليها ، وقيد استئنافها برقم .... جنح مستأنف .... الاقتصادية .
ومحكمة استئناف .... الاقتصادية قضت حضورياً بتوكيل بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصروفات الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن محكمة استئناف .... الاقتصادية قد قضت بإدانة المحكوم عليها بجنحتي إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، والقذف العلني ، واعتبرتهما جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد ، وعاقبت المحكوم عليها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي الجنحة الاقتصادية - إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات - ، فقررت المحكوم عليها بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - قضت بجلسة .... بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن ، تأسيساً على أن قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 قد اختص محكمة النقض دون غيرها بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية والمنصوص عليها في المادة 11 من ذلك القانون ، وهو قضاء يتفق وصحيح القانون ، إذ نصت المادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019 على أنه : ( فيما عدا الأحكام الصادرة في مواد الجنايات والجنح ، والأحكام الصادرة ابتداءً من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية ، لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض .... ) ، كما نصت الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون ذاته على أنه : ( تشكل بمحكمة النقض دائرة أو أكثر تختص دون غيرها ، بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من هذا القانون ) ، ومن ثم فقد دل القانون المذكور بصريح العبارة على اختصاص محكمة النقض بنظر الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الاقتصادية في مواد الجنايات وكذا الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية اختصاصاً استئثارياً انفرادياً لا تشاركها فيه أية محكمة أخرى ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 7 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمعدل بالقانونين رقمي 165 لسنة 2019 ، 151 لسنة 2022 والذي بموجبه انعقد الاختصاص بنظر الطعون بالنقض في أحكام محكمة الجنح المستأنفة لمحكمة استئناف القاهرة ، وذلك لمدد حددت به وبالقانونين المعدلين له ، ذلك أنه سبق وأن صدر قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 ، وجاء نص الفقرة الأولى من المادة 12 منه - والسالف بيانه - قاطع الدلالة في اختصاص محكمة النقض - دون غيرها - بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام المنصوص عليها في المادة 11 من القانون ذاته ومنها الطعون بالنقض في الأحكام النهائية الصادرة من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في مواد الجنح الاقتصادية ، الأمر الذي يكشف بجلاء عن رغبة المشرع في أن يظل نظر الطعون بالنقض في الأحكام المذكورة من اختصاص محكمة النقض دون أية محكمة أخرى ، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الطعن الماثل ينعقد لهذه المحكمة .
ومن حيث إن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به الحضور بنفسه أمام المحكمة ، وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي - الذي استأنفته المتهمة وحدها - أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهمة ، فإنه يجوز للمتهمة في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنها ، وإذ كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة تخلفت عن الحضور فيها وحضر عنها محام بتوكيل وأبدى دفاعه وطلباته ، وصدر الحكم الاستئنافي موصوفاً بأنه حضوري بتوكيل - وهو في حقيقته حضورياً - إذ العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه -ومن ثم كان يجوز للمحكوم عليها أن تطعن في الحكم الاستئنافي بطريق النقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم57 لسنة 1959 .
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والقذف العلني ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء في صورة عامة مجملة ولم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة ، ولم ينشئ لنفسه أسباباً جديدة مكتفياً بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي وإيراد مضمون الاتهام المسند للطاعنة ، ودانها بالجرائم المسندة إليها - ومنها جريمة السب العلني - رغم عدم توافر أركانها في حقها ، واعتنق صورة للواقعة استقاها من أقوال المجني عليها رغم كذبها وتلفيقها الاتهام للطاعنة وأن للواقعة صورة مغايرة لما قررته ، ودانها رغم خلو الأوراق من أي شهود على الواقعة ، والتفتت المحكمة عن دفاعها الشفهي والمسطور بمذكراتها ، وكذا عن المستندات المقدمة منها تأكيداً لتلفيق الاتهام ، مما ينبئ عن أن المحكمة لم تلم بالدعوى وعناصرها إلماماً كافياً عن بصر وبصيرة ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وما ثبت بتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات وبالصورة الضوئية من الرسائل الإلكترونية لبرنامج ( الواتس آب ) محل الجريمة ، وكذا باستعلام النيابة العامة من شركة الاتصالات ( .... ) بتحريات مباحث التليفونات ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان القانون لا يلزم المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل إليها ، إذ الإحالة تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها ، كما أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ويكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أحال إلى الأسباب التي بُني عليها الحكم الابتدائي - الذي قضى بتأييده لتلك الأسباب - ولم يكتف بتردید صيغة الاتهام بياناً للواقعة - خلافاً لما تقوله الطاعنة بأسباب طعنها - ، ومن ثم يضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين عالجهما المشرع بالمادة ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه وأياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها ، كما أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ما دام أن فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ، كما أن ركن العلانية ليس من أركان جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أثبت - استناداً للأدلة السائغة التي أوردها - توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات في حق الطاعنة ، وذلك بقيامها بإرسال رسائل إلكترونية من رقم الهاتف المحمول المسجل باسمها في شركة الاتصالات ( .... ) وتستخدمه فعلياً إلى الجروب المسمى ( .... ) ببرنامج ( الواتس آب ) يسيء إلى المجني عليها ويدعي ارتكابها الفساد الإداري ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجريمتين المسندتين إلى الطاعنة جريمة واحدة للارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما لكونهما قد ارتكبتا لغرض واحد وعاقبها بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة إزعاج الغير عمداً بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنة فيما تثيره بشأن جريمة القذف العلني ، ويكون نعيها في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعنة بجريمة السب العلني ، فإن ما تثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت السائغة التي بنت عليها ما قضت به ، ومن ثم لا محل لتعييب الحكم المطعون فيه فيما اعتنقه كصورة للواقعة ، ولا في تعويله إذ قضى بالإدانة على أقوال المجني عليها بدعوى كذبها وتلفيقها الاتهام للطاعنة ، ويضحى ما يثار في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين - إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة - وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما تثيره الطاعنة في شأن عدم وجود شهود على الواقعة ، لا يعدو جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها ، مما تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وإذ كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تفصح عن أوجه دفاعها الشفهي والمسطور بمذكراتها ، والتي تقول بأنها أثارتها وأغفل الحكم المطعون فيه التعرض لها ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا بل ساقت قولاً مرسلاً مجهلاً ، مما لا يقبل معه نعي الطاعنة في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل إن الرد يُستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن المستندات المقدمة من الطاعنة للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بشأن أقوال المجني عليها ، ذلك أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير مُلزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعنة ودانتها بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق