بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-05-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 62 لسنة2024 طعن تجاري
طاعن:
ر. ث. ع. ا.
ا. ا. ك. ل. ش.
ا. ا. ك. ل. ش.
مطعون ضده:
ط. أ. ع. أ.
ع. ط. أ. ع. أ.
ع. ط. أ. ع. أ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/1116 استئناف تجاري
بتاريخ 13-12-2023
بتاريخ 13-12-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي ، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن الطاعنيين أقاما على المطعون ضدهما الدعوى رقم 891 لسنة 2022 تجاري جزئي دبي بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا لهما مبلغ (4,100,000) درهم والفائدة القانونية من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، وقالا بياناً لذلك: إن الطاعن الأول والمطعون ضده الأول بولاية المطعون ضده الثاني كانت تربطهما علاقة شراكة سابقة في الشركة الطاعنة الثانية (المدعية الثانية) وذلك بموجب عقد التأسيس الخاص بها المؤرخ 30/4/2014 أنذاك، وتم تحرير عدد من الشيكات صادرة من الطاعنيين (المدعيان) لصالح المطعون ضده الأول، وبتاريخ 10/1/2021 تم عقد اتفاقية تفاهم بين الشركاء الشركة الطاعنة الثانية على التخارج منها، وبيع الحصص الخاصة بهم والتنازل عنها لصالح للطاعن الأول، على أن تكون حصة المطعون ضده الأول من التخارج تقدر بمبلغ (22,500,000) درهم يسدد على دفعات، وبتاريخ 5/6/2021 تم انعقاد اجتماع جمعية عمومية غير عادية للشركة الطاعنة الثانية بحضور جميع المساهمين تم الاتفاق فيما بينهم في محضره على تحرير شيكات مؤجلة للأقساط حتى شهر ديسمبر عام 2021 بالقيمة المتفق عليها حسب البندين رقما (5-أ ، 6-أ) من اتفاقية التفاهم الموقعة بتاريخ 10/1/2021 لصالح المطعون ضده الأول، وآخر غير مختصم في الطعن، وقامت الشركة الطاعنة الثانية عملاً بالاتفاقية الأخيرة ومحضر الجمعية العمومية المذكور، بتحرير مجموعة من الشيكات المسحوبة لصالح المطعون ضده الأول حررت جميعها باسم المطعون ضده الثاني بمبلغ (5,500,000) درهم، وبتاريخ 27/10/2021 تم إبرام اتفاقية (نقل حصص وتخارج بين الشركاء) بالشركة الطاعنة الثانية، تم الاتفاق فيها بين جميع الشركاء على أن يتنازل المطعون ضده الأول عن جميع حصصه في الشركات إلى الطاعن الأول مقابل مبلغ (7,000,000) درهم، وتم تحرير شيكات من حساب الطاعنيين (المدعيان) بقيمة المبلغ المذكور للمطعون ضده الأول، كما تم الاتفاق بين جميع أطراف التداعي بالبند السادس من هذه الاتفاقية، على اعتبار أي اتفاق سابق أو أي محضر اجتماع يتعارض مع أحكامها لاغي وغير نافذ، وعليه يكون المطعون ضدهما قد تحصلا على إجمالي مبلغ (11,100,000) درهم من الطاعنيين مقابل تخارج المطعون ضده الأول والتنازل عن حصته في الشركة، في حين أن الاتفاقية المبرمة بين الشركاء بتاريخ 27/10/2021 حددت حصته بقيمة (7,000,000) درهم فقط، وتعتبر هذه الاتفاقية هي الأخيرة والنافذة لأنها ألغت جميع ما قبلها من اتفاقيات ومحاضر جمعية عمومية، فيكونان قد تحصلا على مبالغ زائدة قدرها (4,100,000) درهم، وإذ امتنع المطعون ضدهما (المدعى عليهما) عن ردها للطاعنيين رغم مطالبتهما بذلك، وهو ما حدى بالطاعنيين إلى إقامة دعواهما بالطلبات، ندب القاضى المشرف على مكتب إدارة الدعوى خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره، حكمت المحكمة بتاريخ 18 مايو 2023 برفض الدعوى، استأنف الطاعنان (المدعيان) هذا الحكم بالاستئناف رقم 1116 لسنة 2023 تجاري دبي، وبتاريخ 13 ديسمبر 2023 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان (المدعيان) في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 11 يناير 2024 بطلب نقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى فيه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان يقولان: إن العقد اللاحق المؤرخ 27/10/2021 أعاد تنظيم علاقة التخارج والالتزامات المالية بين الأطراف، والتي كانت محل الاتفاق السابق المؤرخ 10/1/2021 بضوابط جديدة، ويكون الاتفاق اللاحق هو الاتفاق الساري وينسخ السابق له، مما مفاده إلغائه وإعمال قواعد الاتفاق الجديد، ولما كان المطعون ضدهما قد تسلما المبلغ المطالب به استناداً إلى العقد الملغي والمنسوخ بالعقد اللاحق فيكون غير مستحق ويتعين رده، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتد على تقرير الخبير والذي تعرض لمسائل قانونية بشأن العلاقة العقدية بين الخصوم، والتي لا يجوز له التعرض لها، وقضى برفض الدعوى لعدم وجود نص صريح في العقد اللاحق ينص على إعادة المبلغ المطالب به، ملتفتاً عن إعمال قواعد الناسخ والمنسوخ، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن العقد اللاحق ينسخ العقد السابق فيما كان ينص عليه من شروط مخالفة متى كان العقد الجديد (اللاحق) قد أعاد تنظيم العلاقة بين الطرفين، وذلك قياما علي أن إعادة تنظيم العلاقة بينهما من جديد بموجب العقد اللاحق يدل على أنهما قد قصدا استبعاد ما كان منصوصا عليه في العقد السابق من شروط مخالفة، وأنه في حالة تعدد الاتفاقات بين الطرفين بشأن موضوع واحد فإن الاتفاق اللاحق ينسخ السابق في حالة تعارضهما، وأن حكم العقد يثبت بين طرفيه بمجرد انعقاده على وجه يثبت أثره في المعقود عليه، ويترتب عليه التزام كل منهما بالوفاء بما يوجبه عليه العقد للآخر، ومن المقرر كذلك أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، ومن المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع تفسير صيغ العقود والاتفاقات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها على ضوء القواعد العامة في تفسير العقود واستخلاص ما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين واستظهار النية المشتركة لهما، طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق ولم تخرج عن المعنى الظاهر لعبارات الاتفاق، دون التقيد بما تفيده عبارة بعينها من عباراته، بل يجب عليها مراعاة ما يستخلص من جماع عباراته وبنوده بأكملها مع الاستهداء بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات ، ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك متى كانت عبارات العقد تحمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع منها، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن القضائية والمستندات والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها ، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، وأن رأي الخبير كدليل من أدلة الدعوى لا يقيد المحكمة ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو بعضه وطرح البعض الآخر أو عدم الأخذ به، كما أن لها أن تذهب إلى نتيجة مخالفة لرأى الخبير، إذ هي لا تقضي إلا على أساس اطمئنانها إلى صحة ما تأخذ به في قضائها طالما بينت الأسباب التي أدت بها إلى ذلك وأقامت قضائها على أسباب سائغه كافيه لحمله، ولها أصل ثابت بالأوراق، ومن المقرر كذلك أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرأي القانوني الذي يأخذ به الخبير في تقريره بل عليها أن تقرر هي القاعدة القانونية المنطبقة على النزاع وأن تطبقها تطبيقاً صحيحاً؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنيين أقاما الدعوى بطلب إلزام المطعون ضدهما بإعادة المبالغ التي تسلماها بموجب اتفاقية التفاهم التي تم إلغاؤها والمؤرخة 10/1/2021، والتى تضمنت تخارج المطعون ضده الأول عن حصته في الشركة الطاعنة الثانية بكافة فروعها ورخصها مقابل (22,500,000) درهم، وذلك استناداً إلى أن الاتفاقية الأخيرة المؤرخة 27/10/2021 والتي اتفق فيها أطراف التداعي في البند الثاني منها على أن يتنازل المطعون ضده الأول جميع حصصه في الشركة الطاعنة الثانية وشركة (أر أي كيو للمقاولات ذ.م.م ? عجمان) إلى الطاعن الأول مقابل سداد الأخير مبلغ وقدره (7,000,000) درهم، قد ألغت الاتفاقية السابقة عليها، وذلك وفق البند السادس منها، وهو ما لا خلاف عليه بين الخصوم، فقيام الاتفاقية الأخيرة يجعل الاتفاقية الأولى ملغاة، ويجب على كل من حصل بموجبها على أي مال أو منفعة ردها لصاحبها، وفقاً لما تضمنه البند المذكور، لاسيما وأن البند الثاني من الاتفاقية الأخيرة المؤرخة 27/10/2021 نص على أن يتعهد المطعون ضده الأول برد جميع الشيكات الصادرة من الشركة الطاعنة الثانية والبالغ قيمتها (2,500,000) درهم والمسحوبة لصالحه وتسليمها للطاعن الأول، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على خلو العقد الجديد من النص على رد المبلغ المطالب به، وأقتصر على الإحالة إلى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، دون التعرض للعلاقة العقدية والالتزامات بين الخصوم وبيانها في ضوء العقد الجديد، والذي أعاد تنظيم العلاقة بين الطرفين وأثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بالوفاء بما يوجبه عليه العقد للآخر، وصولاً لمدى أحقيتهما في الدعوى، لاسيما أن موضوع الدعوى يتعلق بتنفيذ الالتزامات التعاقدية وتفسير شروط التعاقد، وهي مسألة قانونية تخرج عن نطاق اختصاص الخبير وتدخل في اختصاص المحكمة والتي يتعين أن تقول كلمتها فيها، ومن ثم فإن ما ساقه الحكم من أسباب لا تصلح أن تكون أسباباً مؤدية للنتيجة التي خلص إليها في هذا الخصوص وللرد على دفاع الطاعنيين، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور يبطله ويتعين لذلك نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وأحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضى فيها من جديد وألزمت المطعون ضدهما المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق