جلسة 24 من أغسطس سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ سعد الله محمد عبد الرحمن حنتيرة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ود. أحمد محمود جمعة، ومحمد منير السيد أحمد جويفل، ومحمد إبراهيم محمد قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.
-------------------
(112)
الطعن رقم 2415 لسنة 39 قضائية عليا
إصلاح زراعي - الاستيلاء على المساحة الزائدة من الأرض - أثر تقرير حق عيني عليها.
المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي.
أي حق عيني يكون قد ترتب على الأرض الزائدة عن الحد الأقصى المقرر للملكية لا يحول أساساً دون الاستيلاء عليها بالتطبيق لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي - غاية الأمر أن لصاحب الحق العيني أن يستوفي حقه في الحدود وبمراعاة الإجراءات التي رسمها المشرع لذلك باقتضائها من التعويض الذي يصرف لصاحب الأرض على الوجه الذي رسمه القانون. تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 21 من إبريل سنة 1993 أودع السيد الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة" تقرير طعن ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 27/ 5/ 1992 في الاعتراض رقم 481 لسنة 1986 المقام من الطاعن ضد المطعون ضده بصفته، والذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً ورفضه موضوعاً. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بطلباته الواردة بصحيفة الاعتراض.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بإلغاء الاستيلاء الواقع على المساحة موضوع الاعتراض ومقدارها عشرون قيراطاً، وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) الطعن بجلسة 7/ 4/ 1999، وبالجلسة التالية المنعقدة في 19/ 5/ 1999 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) لنظره بجلسة 13/ 7/ 1999 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه في شكل الطعن، فإن الطعن قدم في الميعاد القانوني بمراعاة أن الطاعن قدم طلب المساعدة القضائية رقم 225 لسنة 38 قضائية بتاريخ 25/ 7/ 1992 وصدر قرار لجنة المساعدة القضائية بجلسة 6/ 3/ 1993 بقبوله ثم أقام الطعن الماثل بتاريخ 21/ 4/ 1993 أي خلال الستين يوماً التالية لصدور قرار لجنة المساعدة القضائية وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن وقائعه تتحصل في أن الطاعن أقام الاعتراض رقم 481 لسنة 1986 ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بإيداع صحيفته سكرتارية اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 3/ 6/ 1986 بطلب الامتداد بمسطح مقداره عشرون قيراطاًَ كائنة بناحية منشأة سيف/ منوفية بمحافظة المنوفية. وشرحاً للاعتراض قال المعترض أن المساحة موضوع الاعتراض ضمن مساحة مقدراها 22 س 9 ط 8 ف كان قد رهنها الخاضع المرحوم/ ........ رهناً رسمياً لصالح المدعو/ ........ منذ عام 1954 ضماناً بالوفاء لدين مقداره 8900 جنيه، غير أن أملاك الخاضع المذكور وضعت تحت التصفية لتسوية ديونه حيث أشهر إفلاسه، وطرح مأمور التفليسة هذه المساحة للبيع. فاشتراها هو (أي الطاعن) ووضع يده عليها، ولكنه فوجئ بالاستيلاء على المساحة موضوع الاعتراض طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بحجة أنها زائدة عن حد الاحتفاظ ومقداره مائة فدان. وبجلسة 8/ 2/ 1987 قررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي ندب مكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم والذي أودع تقريره وتضمن ما يلي: 1 - أن الأطيان محل الاعتراض تقع بزمام منشأة سيف مركز الباجور بحدود أبو سيف. 2 - ومساحتها عشرون قيراطاً منها 19 18 ضمن 283 مشاعاً في 5. 6. 2 والباقي 5. 1 ضمن 273 مشاعاً في 13 3 وهي مساحة زراعية. 3 - قامت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالاستيلاء على المساحة موضوع الاعتراض استيلاء ابتدائياً قبل الخاضع المرحوم/ ...... طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 وذلك بتاريخ 18/ 3/ 1986 على أساس أنها زائدة عن المائة فدان وهو الحد الأقصى للاحتفاظ، وأن الخاضع رهنهاً رهناً رسمياً المقيد برقم 4526 لسنة 1969 ضماناً لدين المدعو/ .......، وأن المعترض اشترى مساحة مقدارها 22 9 8 من ضمنها المساحة موضوع الاعتراض سداداً لهذا الدين وديون أخرى حسبما يبين من المسجل رقم 3871 في 29/ 11/ 1986 من خلال قرار مأمور تفليسة الخاضع في القضية رقم 205 لسنة 1971 إفلاس شمال القاهرة، وأن المعترض هو أحد ورثة الخاضع المذكور.
وبجلسة 27/ 5/ 1992 أصدرت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قرارها المطعون فيه، والذي قضى بقبول الاعتراض شكلاً، ورفضه موضوعاً، استناداً إلى أن الخاضع المذكور قرر الاحتفاظ لنفسه بملكية مائة فدان بيانها على النحو التالي:
1 - 13 19 7 أرض زراعية بناحية منشأة سيف بالمنوفية.
2 - 19 2 7 أرض زراعية بناحية قلتي الصغرى بالمنوفية.
3 - 16 1 85 أرض زراعية بناحية بلبيس شرقية.
وهي تبلغ في مجموعها مائة فدان، كما أدرج في جدول الاستيلاء مساحة مقدارها 16 14 30 بناحية بلبيس شرقية، وأن أبحاث الملكية طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 أسفرت عن أن الأرض الزراعية الكائنة بناحية منشأة سيف يبلغ مقدارها 13 15 8 بزيادة عشرين قيراطاً عن القدر المسموح الاحتفاظ به طبقاً لأحكام هذا القانون وهذه الزيادة هي موضوع المساحة محل الاعتراض، وخلصت اللجنة من ذلك إلى أن الإصلاح الزراعي وقد استولى على تلك المساحة الزائدة، فإنه بذلك يكون قد أعمل صحيح حكم القانون، ويكون الاعتراض كذلك غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن يؤسس طعنه بالنعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه استناداً إلى القول بأن القرار المطعون فيه قد خالف الواقع إذ أن المساحة محل الاعتراض ليست أرضاً زراعية، وإنما هي أرض مبنى عليها مطحن غلال كان يملكه الخاضع المذكور وفي جزء أخر منها كان مستعملاً كمصرف عمومي يمر بأرض الخاضع زيدت به مساحة أرض الخاضع عندما بطل استعمال المصرف بعد الصرف المقطر.
فلم تكن تلك المساحة خاضعة لضريبة الأطيان الزراعية، كما وأن القرار المطعون فيه أهدر حجية الحكم القضائي النهائي الصادر في القضية رقم 205 لسنة 1971 والذي آلت بمقتضاه ملكية المساحة محل الاعتراض إليه.
ومن حيث إنه فيما ينعى به الطاعن على القرار المطعون فيه بمخالفته للقانون بمقولة أن المساحة محل الاعتراض ومقدارها عشرون قيراطاً ليست أرضاً زراعية وإنما هي أرض مقام عليها مطحن غلال ومنها جزء كان مستعملاً كمصرف عمومي زيدت به أطيان الخاضع بعد توقف استعماله كمصرف عمومي، فإن هذا النعي في غير محله من ناحيتي الواقع والقانون إذ أن الثابت من تقرير الخبير المودع في ملف الاعتراض أن المساحة محل الاعتراض هي أرض زراعية مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية وهو ما ثبت للخبير من المعاينة التي أجراها على الطبيعة واطلاعه على المستندات الدالة على ذلك.
ومن حيث إنه فيما ينعى به الطاعن على القرار المطعون فيه بأنه أخطأ في تطبيق القانون بمقولة أن القرار فيه أهدر حجية الحكم القضائي النهائي الصادر في القضية رقم 205 لسنة 1971 والذي آلت بمقتضاه ملكية المساحة محل الاعتراض إليه، فإن هذا النعي في غير محله قانوناً ذلك أن الثابت من الأوراق أن الحكم القضائي الذي آلت بمقتضاه ملكية هذه المساحة للطاعن ليس صادراً في القضية رقم 205 لسنة 1971، وإنما الواقع أن هذه القضية هي التي صدر فيها حكم بإشهار إفلاس الخاضع المذكور من محكمة شمال القاهرة، وأن الحكم الذي آلت بمقتضاه ملكية هذه المساحة للطاعن صدر من المحكمة بتاريخ 31/ 12/ 1976، وتم شهره بعد أن صار نهائياً تحت رقم 3871 بتاريخ 29/ 11/ 1986.
ومن حيث إن مثار المنازعة في هذا الطعن تنحصر فيما إذا كان يجوز للهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاستيلاء على المساحة محل الاعتراض ومقدارها عشرون قيراطاً باعتبارها زائدة عن حد الاحتفاظ المقرر للخاضع المذكور بعد أن صدر حكم محكمة شمال القاهرة بجلسة 31/ 12/ 1976 بقبول العرض المقدم من الطاعن بشراء المساحة المرهونة رهناً رسمياً وتبلغ 13 15 8 والتي تدخل ضمنها المساحة محل الاعتراض المشار إليها أي قبل صدور قرار الاستيلاء الابتدائي عليها في تاريخ لاحق وهو 18/ 2/ 1986.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي وما أعقبه من قوانين في هذا المجال قد استهدفت جميعها القضاء على الإقطاع بوضع حد للملكية الزراعية وإعادة توزيع هذه الملكية على أساس عادل يكفل رفع مستوى صغار الفلاحين. وأنه تحقيقاً لهذه الغاية واتساقاً معها فقد حرص المشرع في تلك القوانين على أن يؤول القدر الزائد عن الحد الأقصى المرخص في تملكه إلى الدولة مطهراً من كل الحقوق المترتبة عليه أياً كان نوعها، وذلك حتى يتسنى إعادة تمليك الأراضي المستولى عليها لصغار الفلاحين خالية من كل حق عليها، وأن المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1978 قد أبرز بوصفه القانون العام الذي يطبق فيما لم يرد فيه نص فيما تلاه من قوانين، الغاية المتقدمة في مواطن عدة منها ما نصت عليه المادة السابعة منه بأنه إذا كانت الأرض التي استولت عليها الحكومة مشتملة بحق رهن أو اختصاص أو امتياز استنزل من قيمة التعويض المستحق لصاحب الأرض ما يعادل كامل الدين المضمون بهذا الحق، وللحكومة إذا لم تحل محل الدين في الدين أن تستبدل به سندات عليها بفائدة تعادل فائدة الدين.. وعلى الدائنين في هذه الحالة أن يتخذوا الإجراءات التي تنص عليها اللائحة التنفيذية لهذا القانون وإلا برئت ذمة الحكومة قبلهم في حدود ما يتم صرفه من تعويض، كما أن الفقرة الأخيرة من المادة 13 مكرراً قبل تعديلها بالقانون رقم 69 لسنة 1971 والتي أوردت حكمها المادة 13 مكرراً من ذات المرسوم بقانون بعد تعديله بهذا القانون الأخير تنص على أن (تعتبر الدولة مالكة للأراضي المستولى عليها المحددة في قرار الاستيلاء النهائي وذلك اعتباراً من التاريخ المحدد للاستيلاء الابتدائي ويصبح العقار خالصاً من جميع الحقوق العينية وكل منازعة بين أولى الشأن تنتقل إلى التعويض المستحق عن الأطيان المستولى عليها وتفصل فيه جهات الاختصاص وذلك بمراعاة ما تقضي به اللائحة التنفيذية من إجراءات في هذا الشأن وإلا برئت ذمة الحكومة في حدود ما تم صرفه من التعويض والواضح من النصوص المتقدمة أن أي حق عيني يكون قد ترتب على الأرض الزائدة عن الحد الأقصى المقرر للملكية لا يحول أساساً دون الاستيلاء عليها بالتطبيق لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي المشار إليها، وأن غاية الأمر أن لصاحب الحق العيني أن يستوفى حقه في الحدود وبمراعاة الإجراءات التي رسمها المشرع لذلك وإلا برئت ذمة الحكومة قبله في حدود ما يتم صرفه من تعويض لصاحب الأرض وليس من شأن ذلك ضياع حقوق الدائنين إذ أن لهم اقتضائها من التعويض الذي يصرف لصاحب الأرض على الوجه الذي رسمه القانون.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإنه يحق للهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاستيلاء على المساحة محل الاعتراض باعتبارها زائدة عن حد الاحتفاظ المقرر للخاضع المذكور مطهرة من الحق العيني الذي كان مقرراً للدائن المرتهن على المساحة التي كانت تدخل فيها المساحة محل الاعتراض وذلك اعتباراً من تاريخ الاستيلاء الابتدائي الموقع عليها في 18/ 2/ 1986 ولا يحول الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة بجلسة 31/ 12/ 1976 بقبول العرض المقدم من الطاعن بشراء تلك المساحة المرهونة في تركة الخاضع وذلك دون الاستيلاء على المساحة محل الاعتراض ومقدارها عشرون قيراطاً بالتطبيق لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي وذلك إعمالاً لحكم المادة السادسة من هذا القانون والتي نصت على أن (تتولى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى الوارد في المادة الأولى من هذا القانون)، ولا ينال من ذلك أن يكون الطاعن قد سجل الحكم القضائي المشار إليه إذ أنه فضلاً عن أن هذا التسجيل قد تم في 29/ 11/ 1986 أي في تاريخ لاحق على تاريخ الاستيلاء الابتدائي الموقع في 18/ 2/ 1986، فإنه استناداً إلى ما تقدم لا ينتج هذا التسجيل أثره القانوني في مواجهة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وإنما يحق للطاعن أن يستأدي ما أوفاه من دين للدائن المرتهن بمقتضى هذا الحكم بأن يطلبه من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الوجه المقرر في القانون.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، فإنه يتعين الحكم برفض الطعن موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.