صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الأربعاء، 31 مايو 2023
الطعن 5177 لسنة 89 ق جلسة 16 / 3 / 2022
الطعن 1 لسنة 2021 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني قرارات جلسة 9 / 6 / 2021
الطعن 2205 لسنة 31 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 126 ص 1212
جلسة 12 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو - المستشارين.
------------------
(126)
الطعن رقم 2205 لسنة 31 القضائية
(أ) دعوى الإلغاء - قبولها - ميعاد الستين يوماً.
دعاوى التسوية تقوم بالنظر إلى المصدر الذي يستمد العامل منه حقه - إذا كان الحق مستمد أصلاً من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق وشروطه وتاريخه والآثار المالية المترتبة عليه وتاريخ استحقاقها وكانت القرارات الصادرة من الجهة الإدارية في هذا الشأن كاشفة عن هذا الحق ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها الإدارة إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حالة العامل تكون الدعوى طعناً على هذه القرارات من دعاوى التسوية التي لا تتقيد بالميعاد - إذا كان الحق مع توافر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق فإن الدعوى تكون في هذه الحالة من دعاوى الإلغاء التي تتقيد بالضرورة بالمواعيد المقررة قانوناً - إذا كان طلب إرجاع الأقدمية في الدرجة الأولى مصدره قرار الترقية الذي فات اختصاصه عن طريق إجراءات دعوى الإلغاء المقررة قانوناً فإن طلب إرجاع الأقدمية إلى تاريخ هذا القرار يمثل في حقيقته طعناً على القرار الذي لم يتم اختصامه في المواعيد المقررة قانوناً - الحكم بعدم قبول الدعوى - تطبيق.
(ب) دعوى - دعوى التعويض.
الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعه بعد الميعاد لا يمنع من فحص مشروعيته بالنسبة لطلب التعويض عن ذات القرار - أساس ذلك: وجوب الوقوف على مدى توافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية من عدمه لبحث توافر أركان المسئولية أساس التعويض - تطبيق.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ترقية بالاختيار - ضوابط الترقية بالاختيار.
المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - أجاز القانون للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة بعض الضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحده - شروط مشروعية الضوابط الإضافية - يشترط في الضوابط الإضافية أن تلتزم حدود الحق إذا ما توافرت مقوماته بحيث لا تنقلب ستاراً يطوي الحق ويهدده بحيث تضحى مانعاً من موانع الترقية.
(د) دعوى التعويض - تقدير التعويض.
توافر أركان مسئولية الإدارة - التعويض عن القرار الخاطئ - ركن الضرر المادي يتحدد فيما فات على المدعي من فروق مالية مقررة - لا وجه للتعويض عن الضرر الأدبي ما دام المدعي كان في وسعه أن يتوقاه لو أقام دعواه بالطعن على قرار الترقية الخاطئ في المواعيد المقررة قانوناً - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 16/ 5/ 1985 أودع الأستاذ بكري أحمد بكري المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2205 لسنة 31 قضائية وطلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إرجاع أقدمية الطاعن في الدرجة الأولى إلى تاريخ القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد والحكم بقبول هذا الطلب شكلاً وإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981، وتعديل الحكم فيما قضى به من تعويض الطاعن إلى مبلغ عشرين ألف جنيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 29/ 6/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير التعليم العالي قلم كتاب المحكمة الإدارة العليا تقرير طعن برقم 2744 لسنة 31 قضائية عليا عن ذات الحكم المطعون فيه - الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 802 لسنة 37 قضائية بجلسة 2/ 5/ 1985 - وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ألفان من الجنيهات ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني أولهما عن الطعن رقم 2205 لسنة 31 قضائية عليا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب الطاعن إرجاع أقدميته إلى 8/ 8/ 1981، وبتعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة لشق التعويض، وبتعويض الطاعن عن الضرر المادي الذي أصابه من تخطيه في الترقية بمقدار الفرق بين ما تقاضاه من رواتب وما كان يجب أن يتقاضاه منها في المدة من 8/ 8/ 1981 وحتى 30/ 11/ 1982 بحد أقصى عشرين ألف جنيه.
وثانيهما عن الطعن رقم 2744 لسنة 31 قضائية عليا وارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت الدائرة ضم الطعنين رقمي 2744 لسنة 31 قضائية عليا ورقم 2205 لسنة 31 قضائية عليا ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 11/ 2/ 1991 قررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرهما بجلسة 24/ 3/ 1991، وقد نظرت الطعنان بهذه الجلسة، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن/....... بتاريخ 30/ 11/ 1982 أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات والترقيات قيدت برقم 802 لسنة 37 قضائية طالباً في ختامها الحكم بإلغاء قرار وزير التعليم العالي الصادر بتاريخ 8/ 8/ 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى التخصصية وترقيته إلى تلك الدرجة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات كتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تخطيه في الترقية المذكورة وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية التربية عام 1958 وعين بوزارة التعليم العالي وتدرج في وظائفها إلى أن نقل للعمل ملحقاً ثقافياً بالمكتب الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباريس بموجب القرار رقم 299 لسنة 78 وفي 8/ 8/ 1981 أصدرت وزارة التعليم العالي حركة ترقيات للدرجة الأولى شملت من هم أحدث منه وأنه لم يخطر رسمياً بهذا القرار ولكنه علم فيما بعد أن عدم ترقيته كان بسبب انتدابه ندباً كاملاً طبقاً للضوابط التي أقرتها لجنة شئون العاملين المعتمدة من الوزير في 8/ 8/ 1981 ومنها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً من الترقية بالاختيار، وهي ضوابط مخالفة للقانون باعتبار أن العمل بالمكاتب الثقافية عمل أصيل من اختصاصات وزارة التعليم العالي، وأن تخطيه في الترقية غير صحيح وأضاف المدعي أنه ترتب على القرار المطعون فيه أضرار مادية حيث إن ترقيته للدرجة الأولى كان يترتب عليه تعديل مرتبه في الخارج وبدلات التمثيل المقررة للدرجة حيث يستحق المرقى للدرجة الأولى بدل مستشار طبقاً للائحة وزارة الخارجية المطبقة على العاملين بالمكاتب الفنية، فضلاً عن الأضرار الأدبية، ويقدر المدعي تعويضه بمبلغ عشرين ألف جنيه، وقد طلب المدعي إرجاع أقدميته إلى الدرجة الأولى التخصصية التي رقي إليها بالقرار رقم 888 في 8/ 9/ 1983 إلى تاريخ تخطيه في 8/ 8/ 1981 وبجلسة 2/ 5/ 1985 حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول طلب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى تاريخ القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب. ثانياً: بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضا قدره 2000 جنيه ألفان من الجنيهات وألزمت المدعي والمدعى عليه المصروفات المناسبة.
وقد أقامت المحكمة قضاءها - على أن طلب المدعي بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى التخصصية إلى 8/ 8/ 1981 هو طعن على القرار الصادر في هذا التاريخ، وحيث إن المدعي تقدم بعدة تظلمات منه أولها بتاريخ 9/ 9/ 1981 وتراخى في إقامة دعواه حتى 30/ 11/ 1982 الأمر الذي تكون معه دعواه قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً. وعن طلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن سبب عدم ترقية المدعي يرجع إلى انتدابه ندباً كاملاً بالمكتب الثقافي بباريس طبقاً للضوابط التي وضعتها لجنة شئون العاملين المعتمد من الوزير في 8/ 8/ 1981 - وعلى ذلك تكون قد صدرت بعد أن كان المدعي قد ندب عام 1978 ومن ثم لا يكون معمولاً بها عند صدور قرار الندب ومن ثم لا يعمل بها بشأنه، وبذلك يكون تخطيه في الترقية استناداً إلى هذه الضوابط مخالفاً للقانون وهو ما يكون ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، أما ركن الضرر فيتمثل فيما فات المدعي من فروق في الراتب والبدلات بين ما يستحق للدرجة التي يشغلها والدرجة الأولى التي تخطى في الترقية إليها وذلك على مدى عامين وشهر، فضلاً عن الأضرار الأدبية الناتجة عن تخلفه عن أقرانه ومن هم أحدث منه. وقدرت المحكمة التعويض بمبلغ القيمة من الجنيهات.
ويقوم الطعن الأول على الحكم (المقام من المدعي) على أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه حيث قضى بعدم قبول طلب إرجاع الأقدمية في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 وهو طلب تسوية وليس من قبيل طلبات الإلغاء، وعن التعويض فإن الأضرار التي لحقته تفوق عشرة أضعاف المبلغ المحكوم به وفقاً للمعاملة المالية للملحقين الثقافيين.
ويقوم الطعن الثاني على الحكم (المقام من وزير التعليم العالي) على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أن المادة 37 من القانون 47 لسنة 1978 قد أجازت لجهة الإدارة وضع ضوابط وشروط ومعايير للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة وأن ما وضعته الوزارة من ضوابط منها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً من الترقية بالاختيار متفق مع أحكام القانون ومعتمد من السلطة المختصة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه متفق مع حكم القانون وهو ما ينفي ركن الخطأ الموجب لمسئولية الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 891 لسنة 1981 بتاريخ 19/ 8/ 1981 بترقية بعض العاملين بالوزارة إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 8/ 8/ 1981 ولم يشمل القرار/ ......... (الطاعن) حيث تظلم من هذا القرار في 9/ 9/ 1981 ثم اتبع هذا التظلم بتظلمات أخرى آخرها في 21/ 1/ 1982، وأنه لم يتلق رداً من الجهة الإدارية على تظلمه الأول المقدم في 9/ 9/ 1981 فإنه وفقاً لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 كان يتعين عليه أن يعتبر مرور ستين يوماً على تاريخ تقديمه للتظلم الأول بمثابة رفض ضمني لتظلمه وأن ينشط لإقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لتاريخ الرفض الضمني، إلا أنه لم يقم دعواه إلا في 30/ 11/ 1982 ومن ثم تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً.
ولا يغير من ذلك ما ذكره الطاعن من أنه قام بتعديل طلباته لتكون إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 بعد أن رقي فعلاً إلى هذه الدرجة، وأن هذا الطلب يعتبر من قبيل طلبات التسوية التي لا يتقيد رافعها بمواعيد دعوى الإلغاء، ذلك أن دعوى التسوية تقوم بالنظر إلى المصدر الذي يستمد العامل منه حقه، فإذا كان الحق مستمد أصلاً من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق وشروطه وقدره وتاريخه والآثار المالية المترتبة عليه وتاريخ استحقاقها، وكانت القرارات الصادرة عن الجهة الإدارية في هذا الشأن كاشفة عن هذا الحق، ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها الإدارة إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حال العامل، فإنه في هذه الحالة تكون الدعوى من دعاوى التسويات التي لا تتقيد بميعاد دعوى الإلغاء، أما إذا كان الحق حتى مع توافر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق، فإن الدعوى في هذه الحالة تكون من قبل دعاوى الإلغاء التي تتقيد بالضرورة المواعيد المقررة لها. وحيث إن حق الطاعن في إرجاع أقدميته في الدرجة الأول التخصصية إلى 8/ 8/ 1981 مصدره قرار الترقية الصادر من السلطة المختصة في هذا التاريخ، وهو القرار الذي كان يتعين اختصامه عن طريق إجراءات دعوى الإلغاء المقررة قانوناً، وطلب إرجاع الأقدمية إلى تاريخ هذا القرار يمثل في حقيقته طعناً على القرار المذكور وهو ما لم يتم في المواعيد المقررة لهذا الطعن، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه ولئن قد قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب تعديل أقدمية الطاعن إلى 8/ 8/ 1981 في الدرجة الأول التخصصية - لرفعه بعد الميعاد، إلا أنه للقضاء في طلب التعويض عن القرار المطعون عليه فإن الأمر يقتضي بالضرورة التعرض لمدى مشروعية القرار المذكور فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية، وذلك للوقوف على مدى توافر ركني الخطأ الموجب للمسئولية من عدمه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أفصحت عن أسباب تخطي المدعى وحددتها في أنها إعمالاً للمادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وضعت ضوابط ومعايير الترقية بالاختيار ومنها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً واشتراط الممارسة الفعلية للوظيفة بأحد أجهزة الوزارة بالداخل لاستحقاق هذه الترقية وأن المدعى لم يستوف هذا الضابط - ومن ثم فإن هذا السبب هو الذي يخضع لرقابة المشروعية التي يسلطها القضاء الإداري على القرارات الإدارية، وله في سبيل ذلك إعمال رقابته للتحقق من مدى مطابقة هذا الضابط أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي وصل إليها القرار المطعون عليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ولئن كانت المادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بعد أن حددت الشروط القانونية للترقية بالاختيار، أجازت للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة بعض الضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة إلا أن مناط مشروعية هذه الضوابط يتوقف على (1) ألا يكون من شأن هذه الضوابط الإخلال بالشروط القانونية للترقية بالاختيار التي أوردها المشروع صراحة بالنص سواء أكانت شروط صلاحية أو شروط تفضيل. (2) أن تكون هذه الضوابط من العموم والتجريد بحيث لا تقتصر على فئة أو فئات من العاملين دون غيرهم (3) ألا يكون من شأن الضابط المضاف إضافة مانع من موانع الترقية إلى الموانع الواردة على سبيل الحصر في القانون (4) أن تكون معلومة لدى أصحاب الشأن ليحددوا مراكزهم القانونية في ضوئها (5) أن يتفق الضابط المضاف مع ظروف وطبيعة نشاط كل وحده ويتغاير بين الوحدات تبعاً لذلك. ذلك أن الضوابط الإضافية للترقية بالاختيار ينبغي أن تلتزم حدود الحق إذا ما توافرت مقوماته بحيث لا تنقلب ستار يطوي الحق ويهدده.
ومن حيث إن ضوابط الترقية التي وضعتها لجنة شئون العاملين بوزارة التعليم العالي واعتمدت من الوزير وقام على أساسها قرار الترقية المطعون عليه والتي تقضي باستبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً ويوجب القيام الفعلي بأعباء الوظيفة بأحد أجهزة الوزارة في الداخل إنما استهدف عدم ترقية المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً وهو أمر غير جائز على إطلاقه من الناحية القانونية ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب أو الندب كل الوقت لا تصلح سبباً في تبرير التخطي في الترقية بالاختيار ذلك أن الممارسة الفعلية للوظيفة المرقى منها أو إليها العامل ليست هي مناط الصلاحية لاستحقاق العامل للترقية. وعندما يريد المشرع الخروج على هذا الأصل يخرج بالنص الصريح، حيث ورد النص بالقانون رقم 108 لسنة 1981 على عدم جواز ترقية العامل المعار أو الممنوح إجازة خاصة بدون مرتب إلا بعد العودة من الإعارة أو الإجازة بالنسبة للترقية إلى الوظائف العليا ما لم تكن الإعارة لمصلحة قومية، أما بالنسبة لباقي الوظائف فإن الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب لا تصلح سبباً للتخطي للترقية إلا بالنسبة للإعارات أو الإجازات التي تزيد مدتها على أربع سنوات عملاً بالتعديل الوارد في هذا الشأن بالقانون رقم 115 لسنة 1983، ومتى كان ذلك فإن الحرمان من الترقية بسبب عدم الممارسة الفعلية للوظيفة يعتبر مانعاً من موانع الترقية ولا تملك السلطة المختصة إضافته.
ومن حيث إنه متى كان ذلك يكون تخطى الطاعن في الترقية وقد قام على أحد الضوابط التي وضعتها السلطة المختصة - وهو ندبه ندباً كاملاً كملحق ثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباريس - وقد ثبت عدم مشروعيته فإن قرار تخطيه في الترقية يوصف بعدم المشروعية ويتوافر من ثم ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة.
ومن حيث إنه عن ركن الضرر المادي فإنه يتحدد فيما فاته من فروق مالية عن المدة من 8/ 8/ 1981 وحتى تاريخ ترقيته إلى وظيفة من الدرجة الأولى بالقرار رقم 888 لسنة 1983 الصادر في 8/ 9/ 1983 وتتمثل في الفرق بين المعاملة المالية المقررة للملحقين الثقافيين شاغلي الدرجة الثانية وما يتقاضاه الملحقون الثقافيون شاغلو الدرجة الأولى حيث يتم المغايرة في المعاملة ارتباطاً بالدرجة المالية التي يشغلها الملحق، أما في الضرر الأدبي فإن الطاعن كان يمكن أن يتوقاه ولو سعى إلى إقامة دعواه خلال المواعيد المقررة وتقدر المحكمة التعويض الذي يستحقه المدعي بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب هذا المذهب في تقرير مبدأ التعويض إلا أنه قضى بتعويض المدعى بمبلغ ألفين من الجنيهات فإنه يتعين تعديل الحكم بالنسبة لقدر التعويض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون أولاً: بعدم قبول طلب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ثانياً: إلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه. وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.
الطعن 292 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 8 ص 89
جلسة 10 من يناير سنة 1963
برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.
------------------
( 8 )
الطعن رقم 292 لسنة 27 القضائية
حكم. "حجية الحكم". "قضاء قطعي". إثبات. "إجراءات الإثبات". "حجية الأمر المقضي".
قضاء الحكم في منطوقة وأسبابه بأن الأساس الذي يقوم عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكم القديم وثمن الأرض وقت التحكير. قضاء قطعي لا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً. نطاق تطبيق المادة 165 مرافعات مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات ولا تتضمن قضاء قطعياً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل في أن وزارة الأوقاف (المطعون عليها) رفعت على الطاعنين الدعوى رقم 982 سنة 1951 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم أولاً - بجعل الحكر السنوي 1403.691 جنيهات ابتداء من مارس سنة 1950 - وإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لها ما يستجد حتى الإخلاء والتسلم والإزالة. ثانياً - بفسخ عقد الحكر في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم مع إلزام الطاعنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن لوقف سيدي جابر الخير قطعة أرض مساحتها 9357.94 ذراعاً مربعاً كائنة بشارع تانيس برمل الإسكندرية وأن هذه الأرض محكرة للطاعنين بأجرة سنوية قدرها 10.750 جنيهات ولما كان الحكر يتغير بتغير الصقع والزمان والمكان فقد قدر قومسيون الوزارة بقراره الصادر في 6/ 10/ 1949 الأجرة السنوية للحكر 1403.961 جنيهات ولما كان الطاعنون لم يستغلوا الأرض المحكرة منذ مدة طويلة مما يخلوها حق الفسخ فقد رفعت هذه الدعوى للحكم بالطلبات السابقة - دفع الطاعنون الدعوى بعدم قبولها تأسيساً على أنه بتاريخ 12/ 1/ 1945 قضت المحكمة الابتدائية المختلطة برفع أجرة الحكر من 1.380 جنيه إلى 10.750 جنيهات وتأيد هذا الحكم استئنافياً وأن حجية هذا الحكم تحول دون معاودة رفع هذه الدعوى وبتاريخ 5/ 5/ 1952 أصدرت محكمة الإسكندرية الابتدائية حكماً قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبرفض طلب الوزارة الخاص بالفسخ والتسلم وبندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر ابتداء من 10 مايو سنة 1951 على أساس أجر المثل وقد قدم مكتب الخبراء تقريره إلا أنه إزاء المطاعن التي وجهت إلى هذا التقرير وعلى وجه الخصوص عدم أخذه في تقرير أجرة الحكر بقاعدة النسبة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض عند التحكير عند تقدير أجرة الحكر وقت التصقيع فقد رأت المحكمة إطراح تقدير الخبير وأصدرت حكماً في 28 من يونيو سنة 1953 بندب خبير لتقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل ثم تحديد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير وقد قدم الخبير تقريره مقدراً ثمن الأرض موضوع النزاع بمبلغ 53896.006 جنيهاً وتحديد أجرة الحكر على أساس النسبة بين قيمة الأرض سنة 1282 هـ وأجرة حكرها في ذلك التاريخ بمبلغ 1293.504 جنيهاً سنوياً وعلى أساس أجرة المثل بمبلغ 1684.429 جنيهاً وقد قضت المحكمة الابتدائية في 23 من يناير سنة 1955 بجعل الحكر السنوي لقطعة الأرض التابعة لوقف سيدي جابر الأنصاري هو مبلغ 1403 جنيهات و690 مليماً اعتباراً من مايو سنة 1951 وذلك على أساس أجرة المثل في حدود طلبات الوزارة مقررة في أسباب حكمها عدولها عن الأساس الذي أمرت الهيئة السابقة الخبير بمراعاته بالحكم الصادر في 28 من يونيو سنة 1953 وذلك إعمالاً للحق المخول لها بموجب المادة 165 من قانون المرافعات رفع الطاعنون استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 311 سنة 11 ق مدني وكان من بين أسباب استئنافهم أنه ما كان يجوز للمحكمة الابتدائية أن تعدل عن القاعدة التي رسمها الحكم الصادر بتاريخ 28/ 6/ 1953 وهي قاعدة النسبة المنوه عنها في هذا الحكم ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 21 من فبراير سنة 1957 بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم السابق إبداؤه بمذكرتها.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن المحكمة الابتدائية قضت في 28 من يونيو سنة 1953 قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر على أساس مراعاة قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير إلا أنها عادت في 23 من يونيو سنة 1955 وقضت في الموضوع بتحديد أجرة الحكر على أساس القيمة الايجارية مصرحة في أسباب حكمها بعدولها عن الأساس الذي اتخذه الحكم السابق عملاً بنص المادة 165 من قانون المرافعات ويرى الطاعنون أن المادة 165 المشار إليها لا تجيز العدول إلا عن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات ولم يكن كذلك الحكم الصادر في 28 من يونيو سنة 1953 فيما تضمنه من مراعاة قاعدة النسبة بل كل قضاؤه في هذا الخصوص قضاء قطعياً ولا يجوز العدول عنه.
ومن حيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المحكمة الابتدائية قضت في 28 من يونيو سنة 1953 قبل الفصل في الموضوع بندب خبير للانتقال إلى العين المحكرة وتقدير حكرها على ضوء الأسس المبينة بأسباب هذا الحكم وقد ورد بتلك الأسباب بعد استعراض أحكام القضاء التي أخذت بقاعدة النسبة "وحيث إنه لذلك تري المحكمة ندب خبير آخر تعهد إليه تقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل الحالي ثم بعد ذلك يحدد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير" ويبين من هذا الحكم أنه قطع في منطوقة وأسبابه بأن الأساس الذي يجب أن يقام عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير ومن ثم يكون قضاؤه في هذا الخصوص قضاء قطعياً فلا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً وأما استناد الحكم إلى نص المادة 165 من قانون المرافعات لتبرير هذا العدول فإنه غير سديد ذلك أن المادة 165 من قانون المرافعات المشار إليها قد نصت على أنه "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول في المحضر" وظاهر أن مناط أعمالها مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات والتي لا تتضمن قضاء قطعياً ولما كان الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي قد جرى على غير هذا النظر وأقام قضاءه بتحديد أجرة الحكر على أساس آخر مغاير للأساس الذي قطع فيه حكم 28 من يونيو سنة 1953 فإنه يكون مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.
الطعن 847 لسنة 33 ق جلسة 11 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 125 ص 1199
جلسة 11 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.
-------------------
(125)
الطعن رقم 847 لسنة 33 القضائية
محال تجارية وصناعية -
إيقاف إدارة المحل - أسبابه - الخطر الداهم على الأمن العام. المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة، والمضرة بالصحة والخطرة.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق السابع من فبراير سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير الداخلية ومحافظ الجيزة ورئيس حي شمال الجيزة بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 847 لسنة 33 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1986 في الشق المستعجل من الدعوى رقم 4671 لسنة 40 القضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين والذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المذكور مع القضاء برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقد أودع السيد الأستاذ المستشار علي رضا تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 15 من أكتوبر سنة 1990، وبجلسة 18 من مارس سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 6/ 4/ 1991 والجلسات التالية وفق الثابت بمحاضر الجلسات ثم حددت لإصدار الحكم جلسة اليوم 11 من مايو سنة 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 17 من يوليو سنة 1986 أقام.... الدعوى رقم 4671 لسنة 40 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدارة الرخص بحي شمال الجيزة رقم 103 لسنة 1986 الصادر في 26 من يونيه سنة 1986 بغلق مطبعته الكائنة بالعقار رقم 8 شارع السلام. قسم إمبابة بمحافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه في 17 من يونيه سنة 1986. وأثناء غيابه عن المطبعة المذكورة - حضر إليها أحد الأشخاص، وطلب من العامل الذي يعمل بها تصوير ألف عقد عمل باسم مؤسسة خاصة بالمملكة العربية السعودية وأعطاه النموذج المطلوب تصويره، كما طلب إليه تجليد هذه العقود في عشرة دفاتر يحوي كل منها مائة عقد، وذلك بمقابل اتفقا عليه. وفي الموعد المحدد للتسليم فوجئ بقوة من الشرطة تقتحم المطبعة واصطحبته مع العامل (.....) إلى مباحث إدارة مكافحة التزييف والتزوير حيث حرر لهما محضراً قامت نيابة قسم إمبابة بتحقيقه وانتهت إلى توجيه تهمة تزوير محرر عرفي قدم إليه - هو عقد العمل الخاص بمؤسسات وشركات أجنبية وتزييف علامات تلك المؤسسات والشركات - وكذلك إدارة المطبعة دون ترخيص، وأفرج عنهما بضمان مالي.
وأضاف المدعي أنه فوجئ في أول يوليو سنة 1986 بصدور القرار رقم (103) لسنة 1986 من إدارة رخص المحلات بحي شمال الجيزة بغلق المطبعة بناء على كتاب الإدارة العامة لمكافحة جرائم التزييف والتزوير رقم 1092 في 25 من يونيو سنة 1986 والذي ورد به أن صاحب المطبعة قد حرر له المحضر رقم (3664) في 25 من يونيو سنة 1986 جنح إمبابة لقيامه باستخدام - المطبعة في تقليد علامات الشركات الأجنبية على عقود العمل.
واستطرد المدعي في دفاعه إلى أن الاتهام المنسوب إليه قد جاء خلواً من أية جريمة يمكن نسبتها إليه خاصة وأن المطبعة برخصة دائمة مستخرجة من حي شمال الجيزة، ومسدد عنها الترخيص حتى العام الأخير.
وردت جهة الإدارة على الدعوى بأنه قد تم ضبط المدعي يستخدم مطبعته في تقليد علامات الشركات الأجنبية على عقود العمل، وقد حرر له محضر عن ذلك، ثم تم غلق المطبعة تنفيذاً لكتاب الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، وذلك طبقاً للسلطة المخولة لها في مباشرة وظيفتها ووفقاً لحكم المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954، وقد راعى بذلك القرار المطعون فيه المصلحة العامة بالحفاظ على الأمن العام كما راعى مصلحة المدعي باعتبار أن قرار الغلق قرار موقوت حتى يتم التصرف في المحضر الذي حرر له.
وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 1986 صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من الدعوى قاضياً بوقف القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه وفقاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة فإن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء توافر ركن الجدية والاستعجال وفي مجال بحث الجدية، فإن القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - لم يقم على سند صحيح لأن القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، ينص في المادة (12) منه على جواز إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام ولم يثبت من الوقائع أن المدعي أدار المطبعة على نحو يهدد بخطر داهم أياً من الصحة العامة أو الأمن العام. وفي مجال بحث ركن الاستعجال فقد استظهرت المحكمة أن في إغلاق المطبعة تهديد لمورد رزق المدعي، الأمر الذي يعني توافر الركنين اللازمين للحكم بوقف تنفيذ القرار.
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا القضاء، فقد أقامت الطعن الماثل على أساس أنه قد توافر في المطبعة التي صدر القرار الإداري بغلقها الشرط اللازم لصدور هذا القرار وهو التهديد بخطر على الأمن العام لما ينطوي عليه تزييف عقود العمل من أخطار. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن جهة الإدارة الطاعنة تطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص حسبما يبين من الأوراق. وفي مقدمتها حكم محكمة جنح قسم إمبابة الصادر بجلسة 15 من يناير سنة 1987 في قضية النيابة العمومية رقم 3664 لسنة 1986. في أنه قد ثبت من محضر تحريات مؤرخ في 21/ 6/ 1986 بمعرفة أحد ضباط مباحث مكافحة التزييف والتزوير بأنه توالت التحريات السرية الموثوق في صحتها التي تفيد وجود أشخاص يقومون بتقليد علامات الشركات والمؤسسات الأجنبية واستخدامهما في تزوير عقود العمل المزورة واصطناع بعض المستندات المستخدمة في السفر، وقد دلت التحريات على أن السيد/...... (المطعون ضده) والسيد/...... يقومان بإدارة محل طباعة خاص بتقليد علامات المؤسسات والشركات الأجنبية واستخدام تلك العلامات واصطناع عقود العمل وترويجها ولذلك أمرت النيابة العامة بضبط وتفتيش شخصي ومسكن المذكورين وذلك لضبط ما بحوزتهما من عقود عمل مزورة ومن علامات مقلدة للمؤسسات والشركات الأجنبية، وكذلك الأدوات المستخدمة في تلك الطباعة أو أية ممنوعات أخرى تظهر عرضاً أثناء التفتيش. وقد ثبت من محضر الضبط المؤرخ في 21/ 6/ 1986 أن ضابط الشرطة توجه إلى المطبعة وطلب الحصول على العقود التي سبق الاتصال بالمطبعة لشرائها فقام من يدير المطبعة بإعطائه ستة دفاتر، فلما طلب الضابط مائة عقد عمل على العلامة الخاصة بمؤسسة العقيلي بالمملكة العربية السعودية طلب منه من يدير المطبعة (مائة جنيه) وهنا تدخلت القوة المرافقة وتم ضبط عقود العمل التي تحمل العلامة المقلدة لمؤسسة العقيلي بالسعودية وذلك في حضور المطعون ضده......
ومن حيث إنه من المسلمات أن أجهزة الأمن تترخص في تقدير الخطورة الناشئة عن الحالات الواقعية التي تواجهها والتي توجب عليها أن تتدخل لمواجهتها حماية للأمن العام وبالإجراء الضبطي المناسب، ولكن ذلك التقدير الذي لا يكون مشروعاً إلا لو استند إلى حالة واقعية لها وجود حقيقي وتتوافر لها الشروط والأوصاف التي حددها المشرع في القانون لتبرر تدخل الإدارة.
ومن حيث إن حكم محكمة جنح إمبابة المشار إليه لم ينته إلى نفي وقوع ما تقدم من وقائع إلا أنه نفى التكييف القانوني والوصف الجنائي في الحدود التي تضمنها قرار الاتهام عنها حيث ذكر إن جريمة الاستعمال للمحررات لم تتم واعتبر الأفعال والوقائع التي أقر الحكم الجنائي المذكور ثبوتها قبل المتهم (المطعون ضده) تشكل شروعاً في تزوير محررات عرفية وهي ليست من الجنح التي يعاقب على الشروع فيها، وقد انتهى الحكم المشار إليه إلى براءة المتهمين دون أن تنفي صحة الوقائع المنسوبة إليهما بل أنه رجح حقه بما تضمنه من ثبوتها قبلهم وبينهم المطعون ضده.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن جهة الإدارة متمثلة في حي شمال الجيزة إذ أصدرت القرار رقم 103 لسنة 1986 بغلق مطبعة المطعون ضده في 26 من يونيه سنة 1986، فإنها تكون قد أصدرت هذا القرار خلال أسبوع من تاريخ إجراء الضبط الذي تم بناء على إذن النيابة العامة وضبط العقود التي تحمل علامات مقلدة لإحدى المؤسسات الأجنبية الخاصة ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد استند إلى واقعة ثابتة في محضر رسمي لم يطعن على ما ورد به بالتزوير ولم ينته القضاء إلى الحكم بعدم صحتها أو عدم سلامتها أو عدم صحة إدانة المطعون ضده بارتكابها.
ومن حيث إن القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ينص في المادة (12) على أنه "في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة محل من المحال التي تسري عليها أحكام هذا القانون، يجوز لمدير عام إدارة الرخص بناء على اقتراح فرع الإدارة الذي يقع في دائرته إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزائياً، ويكون هذا القرار واجب النفاذ بالطريق الإداري".
ومن حيث إن مقتضى هذا النص أنه وإن كان من حق صاحب المحل أن يداوم مزاولته لنشاطه فيه تأميناً لكسب رزقه والاستمرار في تحصيل قوته، إلا أنه إذا ما خرج رب المحل على الحدود المشروعة في مباشرته لنشاطه كان من حق جهة الإدارة الأمينة على الصالح العام أن توقف هذا النشاط بقرار إداري يصدر من جانبها بشرط أن يكون هذا الخروج بأفعال يتحقق في شأنها الأوصاف التي حددها نص القانون وهي وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة المحل الخاضع لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 ومن ثم فإن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو مدى توفر الخطر الداهم على الأمن العام بالنسبة لما يثبت من أفعال قبل المطعون ضده.
ومن حيث إن الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 وقد وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/ 8/ 1967 وصدر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981. ومن حيث إن هذه الاتفاقية تنص في المادة (6) منها على أن "تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بالحق في العمل الذي يتضمن حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصة كسب معيشته عن طريق العمل الذي يختاره أو يقبله بحرية. وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق".
كما تنص في المادة (4) على أن "تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بأنه يجوز للدولة، في مجال التمتع بالحقوق التي تؤمنها تمشياً مع الاتفاقية الحالية، أن تخضع هذه الحقوق للقيود في القانون فقط وإلى المدى الذي يتمشى مع طبيعة هذه الحقوق فقط ولغايات تعزيز الرضاء العام في مجتمع ديمقراطي.
ومن حيث إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر سنة 1948 ينص في المادة الثالثة والعشرين منه أنه "لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره... كما ينص هذا الإعلان العالمي في المادة التاسعة والعشرين منه أنه (1) على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحدة لشخصيته أن تنمو نمواً حراً كاملاً. (2) يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي".
ومن حيث إنه يبين من هذه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان أنه ليس لأحد الزعم بأن له حقوقاً مطلقة لا تتقيد بحقوق الآخرين في ذات المجتمع ولا تتحدد بما يقتضيه الصالح العام لغيره من الناس، بل إن للدولة أن تضع حقوق وحريات الفرد في إطارها الصحيح بحيث يكون استخدامه لها إضافة الناتج والنشاط والقدرة القومية في توافق مع مصلحة غيره من المواطنين ومع المصلحة القومية العامة، وهذا الإطار يبرر أن يضع بدقة حدوده وشروطه ومداه المشرع الداخلي بمقتضى القانون وليس بأداة أدنى وقد تم التقنين الدستوري لهذه القاعدة المقررة دولياً في دستور جمهورية مصر العربية الذي نص على أن يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي (م 7) وعلى أن يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها (م 12) وعلى أن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة (م 13) وأن تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة (م 29) وعلى أن "الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية، دون انحراف أو استغلال، ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب، وعلى أن الملكية الخاصة مصونة (م 34).
ومن حيث إن مقتضى هذه النصوص جميعاً أن لكل مواطن حق اختيار مجال نشاطه في كسب رزقه وتدبير سبل حياته بواسطة عمله وله حرية ممارسة هذا النشاط أو العمل سواء أكان عملاً بحتاً أو عملاً مع ملكية رأس مال أو استثمار لرأس المال وحده دون تعرض له في ممارسته ودون تقييد حقه في مباشرته إلا في حدود ما ينظمه القانون وبموجب قواعد تضمن عدم تعارض نشاط الملكية الخاصة مع الصالح العام للمجتمع أو مع الخير العام للشعب بل على القانون أن ينظم كيفية حماية هذا الصالح العام والخير العام ورعايته من أي عدوان أو استغلال أو إيذاء للمجتمع أو لأفراده وعلى الجهات الإدارية أن تعمل على تحقيق هذه الغايات في إطار من الشرعية وسيادة القانون.
ومن حيث إنه تطبيقاً لذلك فقد نصت المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 على حق جهة الإدارة في إيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام وذلك حماية للمجتمع من هذا الخطر المترتب على مباشرة أي مواطن لنشاطه في استغلال محل عام ووقاية للأفراد من استغلالهم أو العدوان على صحتهم أو أمنهم أو استقرارهم بسبب مباشرة أي فرد لهذا لنشاط ومن حيث إنه في ضوء ما سلف جميعه يتحدد ما قصده المشرع بالخطر الداهم الذي يهدد الصحة العامة أو الأمن العام وعلى أساس موضوع يرتبط بنوعية النشاط وبظروف مباشرته سواء من حيث المكان أو الزمان فيما يعد خطراً داهماً يهدد الأمن العام في زمن معين أو في مدينة معينة لا يعد كذلك في زمن آخر أو في مكان آخر في الدولة.
ومن حيث إنه بمراعاة كل ذلك فإن المقصود "بالخطر الداهم على الأمن العام" هو الخطر على الأمن بمعناه الواسع الذي لا يقف عند حد الأمن الخاص بحماية الأرض وغيرها من ممتلكاته وحياته وعرضه من العدوان عليها بالصورة التقليدية وإنما يشمل ذلك الأمن الخاص بحماية الفرد وحياته وعرضه وماله وحرياته وحقوقه العامة والخاصة واستقراره وثقته في مجتمعه وليس فقط في حدود الأمن الذي لا يقف عند حد حماية الفرد من الاعتداء التقليدي غير المشروع على جسده أو حريته، ولكنه يتجاوز ذلك إلى شمول الحماية من الاعتداء غير المشروع على كل ما يتصل بحياة الإنسان الاقتصادية والاجتماعية في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية العامة التي تحوطه ومن أبرزها في مصر الآن ما يعانيه المصريون من أزمة اقتصادية تدفعهم دفعاً إلى البحث باندفاع ولهفة عن عمل تتحسن به أوضاعهم في البلاد العربية وبصفة خاصة في الدول النفطية مما يساعد على سهولة استهوائهم وبخاصة استهواء الشباب منهم واستغلالهم ويوجب على المشرع والإدارة العاملة حمايتهم من كل مستغل انتهازي لظروفهم.
ومن حيث إن واقعة أعداد نسخ مطبوعة من عقود عمل توحي بأنها صادرة من مؤسسات تعمل بالخارج مما يتيح للغير القيام بعمليات تغرير واسعة النطاق براغبي العمل بالخارج من المواطنين الذين يحتاجون في الظروف الاقتصادية الراهنة لكسب الرزق الحلال أينما كان مصدر الرزق خاصة إذا كان الإغراء بالعمل بدولة عربية نفطية توجد بها سوق للعمالة المصرية التي تسهم بعمالها وخبرائها في بنائها مقابل الأجور العالية التي يتحصل عليها لا شك ينطوي على التلاعب بآمال من يعانون من البطالة أو الأزمة الاقتصادية الذين يعانون في هذه الآونة الحرجة من مراحل العمل الوطني في سبيل إصلاح مسار مصر الاقتصادي والخروج من أزمتها الاقتصادية، وهذا التغرير والاستغلال يهدد بلا جدال المغرر بهم وهم ملايين في أمنهم وسلامهم الاجتماعي والاقتصادي بما يترتب عليه من سخط واسع النطاق بقدر عدد الأسر التي تبتلى بعقود عمل مزورة مقابل كل مدخراتها أو معظمها ولا يكتشف العامل أمر التغرير والزيف إلا بعد إنفاق الجهد والمال في سبيل السفر الذي يسفر عن سراب يكتشفه العامل المتعطش إلى الرخاء في العمل في دولة نفطية مغترباً عن بلده وولده فإذا به يرحل خائباً إلى وطنه أو يساق إلى السجون بتهمة الاشتراك في تزوير عقد صادر عن جهة لم تصدره وهو من هذا الاتهام برئ بعد أن يفقد مقابل العقد المزور والأمل المزيف كل أو معظم ما يملكه من مدخرات ومن حيث إنه لا شك في ظل هذه الظروف فإن من شأن الاضطراب العام الذي ينشأ نتيجة استعمال أعداد ضخمة من عقود العمل المزورة بالخارج أن ينشأ خطر داهم على الأمن العام بهذا المفهوم وفي إطار المعيار القانوني الصحيح سالف البيان ومن ثم فإن الشروط التي تطلبها المشرع في المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 سالف الذكر يكون متحققاً في حالة المطعون ضده الذي ثبت في حقه أنه كان يطبع العديد من عقود العمل المزورة بأسماء مؤسسات خاصة سعودية سواء ثبت أنه قد قام بترويجها بنفسه أو يسر ذلك لغيره من الذين يعتمدون عليها في الاحتيال والنصب لاستغلال آمال المواطنين وسلبهم مدخراتهم مقابل تقديم عقود مزورة بفرص عمل زائفة يحددها المطعون ضده لهذا الغرض.
"ولا يفوت المحكمة أن تثبت أنها إذ تزن الحكم والقرار الطعين بميزان الشرعية وسيادة القانون - فإن هذا القرار الذي صدر استناداً إلى المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية ليس عقوبة جنائية أصلية أو تبعية أو تكميلية، وإنما هو إجراء ضبطي مصدره وسنده أحكام المادة (12) من القانون المذكور وهذا القرار بحسب طبيعته والأسباب المبررة لصدوره والغاية منه ليس إلغاء للترخيص بصفة نهائية، وإنما هو إجراء ضبطي مؤقت بإيقاف إدارة النشاط بالمحل كلياً أو جزئياً لحين زوال الخطر الداهم الذي يهدد الصحة العامة أو الأمن العام أو كليهما إذ ترتبط شرعية القرار ووجوده وزواله بوجود الحالة الواقعية التي يتحقق معها توقع هذا الخطر الداهم وفقاً للتقدير الموضوعي والمنطقي للأمور، ولا شك أن هذا القرار بوقف إدارة النشاط بالمحل يفقد شرعيته بزوال التهديد بالخطر الداهم للصحة العامة أو الأمن العام نتيجة لتغير الظروف التي يباشر خلالها النشاط بحيث يتحقق لدى الجهة الإدارية أن تغير الظروف يترتب عليه أن العودة إلى مباشرة النشاط بالمحل في الحدود المشروعة لن يرتبط بالحتم والضرورة بإيجاد حالة واقعية يعيبها بحسب طبائع الأمور نشوء خطر داهم للأمن العام أو الصحة العامة أو استمرار وجوده وكما أنه من الواجب على الإدارة إعمالاً للمشروعية وإعلاء للصالح العام أن تتدخل لوقف أي نشاط مرخص به لتهديد الأمن العام والصحة العامة فإن عليها أيضاً أن تتدخل لإزالة هذا الوقف فور أن تزول الأسباب الموجهة له ويزول التهديد بالخطر الداهم للأمن العام أو الصحة العامة احتراماً لحصانة الملكية الفردية وحرية النشاط الفردي وحق كل مواطن في العمل المشروع للإسهام على حسب ما يستطيع في مجال الإنتاج والخدمات في إطار الشرعية والمشروعية.
ومن حيث إن مؤدى ما سلف بيانه أن القرار الإداري الطعين الصادر بوقف إدارة المطبعة قد صدر وفقاً لما يبين من ظاهر الأوراق صحيحاً وموافقاً لصحيح حكم القانون.
ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد صدر بوقف تنفيذه يكون قد صدر دون سند صحيح من أحكام الدستور والقانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.
الطعن 262 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 7 ص 84
جلسة 10 من يناير سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.
--------------------
(7)
الطعن رقم 262 لسنة 27 القضائية
وقف. "تملك الوقف بالتقادم". تقادم. "التقادم المكسب". "شروطه".
ملكية الوقف لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال فقط مدة ثلاث وثلاثين سنة بقاؤها لجهة الوقف ما لم يكسبها أحد بوضع اليد مدة ثلاث وثلاثين سنة مستوفياً جميع الشرائط المقررة قانوناً لاكتساب ملكية العقار بالتقادم. وضع يد المحتكر لعين الوقف وورثته من بعده - بهذه الصفة - وضع يد مؤقت مانع من كسب الملكية بالتقادم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، تتحصل في أنه بتاريخ 12/ 12/ 1934 أقامت وزارة الأوقاف (الطاعنة) الدعوى رقم 1722 سنة 60 ق أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة، طالبة الحكم بثبوت حق حكر مقرر على قطعة أرض فضاء، لوقف الشيخ زايد بن عامر الفوال، مساحتها 8187.8 متراً مربعاً ومبينة الحدود بالصحيفة وبتاريخ 11 من يناير سنة 1947 حكمت المحكمة برفض الدعوى - استأنفت الوزارة هذا الحكم وقيد استئنافها في جدول محكمة استئناف الإسكندرية برقم 401 سنة 5 ق وبتاريخ 21/ 5/ 1956 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف طعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى أن السبب الأول من أسباب الطعن والوجه الأول من السبب الثالث صحيحان وطلبت من أجل ذلك إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 11/3/1961 وقررت إحالته إلى هذه الدائرة - ثم تقدم بعض المطعون عليهم بمذكرة طلبوا فيها رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية طلبت فيه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لبعض المطعون عليهم، لإعلانهم به في مواجهة النيابة العامة، من غير أن تقوم الطاعنة بالتحريات الكافية الدقيقة التي تلزم للتقصي عن محل إقامة كل منهم - وأحالت النيابة بالنسبة للمطعون عليهم الباقين إلى ما أوردته في مذكرتها الأولى وطلبت بالنسبة لهم نقض الحكم - ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم كل طرف من الخصوم على طلباته وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته في مذكرتيها.
وحيث إنه يبين من أوراق إعلان الطعن أن المطعون عليهم نيقولا دراكوس وأوسكار جواسو وكريا كوما سكاس وبنك روما وجاك جرابيد أحد ورثة جرابيد موغوليان وفاهية مانوك مانوكيان وبرجوبة مانوكيان ورثة كل من المرحومين حسن الإبيارى وحسين عبد الدايم وموريس جلازر وتيورود كليتنزوس، قد أعلنوا بتقرير الطعن في مواجهة النيابة - وأعلن أيضاً بتقرير الطعن في موجهة النيابة كل من صلاح الدين عبد الفتاح السيد وورثة المرحومين محمد جلال الدين وإبراهيم وفؤاد: أولاً - الأستاذ عبد الفتاح السيد - وقد تبين للمحكمة من مراجعة الأوراق أن الإعلان تم على هذه الصورة لمجرد أنه لم يستدل على بعض المعلن إليهم في المحل الذي عينته الطاعنة ولأن البعض الآخر منهم من ترك المحل الذي عينته الطاعة للإعلان ومنهم من وجد رقم سكنه المبين في أوراق الإعلان ساقطاً - والإعلان للنيابة - وقد تم على هذا النحو الذي لم يجزه القانون إلا استثناء دون أن يسبقه قيام الطاعنة بعمل تحريات دقيقة كافية للتقصي عن محال إقامة المعلن إليهم - يكون قد وقع باطلاً - ولما كان ذلك، وكان إعلان الطعن للمطعون عليه إعلاناً صحيحاً، في الميعاد الذي حددته المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الصادر في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهم المذكورين.
وحيث إن الطعن استوفى أضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وقصور تسبيبه ذلك: أولاً - أنه قرر أن ملكية الوقف للعين المحكرة تنقضي بوضع يد المحتكر عليها مدة 33 سنة ما دام لم يسدد الأجرة طوال هذه المدة، وينقضي تبعاً لذلك الالتزام بسداد هذه الأجرة بل وينقضي حق الحكر ذاته - بالتقادم - وهذا النظر غير صحيح لأن ملكية الوقف المحكر لا تسقط بوضع يد المحتكر أو من يخلفه مهما طال سكوت جهة الوقف عن اقتضاء الأجرة، والعين المحكرة لا يملكها المحتكر بوضع اليد مهما طالت مدته لأنه إنما يضع يده عليها بسبب معلوم غير أسباب التمليك - أما بالنسبة لمن تصرف لهم ورثة المحتكر في العين المحكرة فإنهم لم يضعوا يدهم عليها المدة القانونية. ثانياً - أن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه على أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على الحكر وعلى أن مقدار ما في وضع يد كل من المطعون عليهم من الأرض المحكرة، غير محدد وغير معروف، يكون قد استند إلى أسباب مبهمة، ذلك أنه لو ندبت المحكمة خبيراً لتطبيق حجة التحكير، على أرض النزاع لكان بيان ذلك ميسوراً ولوضح أن الأرض المحكرة هي لوقف زايد بن عامر الفوال الخيري وأن ما في وضع يد كل واحد من هذه الأرض يدخل فيما هو وارد في هذه الحجة - والمحكمة إذ أغفلت ذلك فإن حكمها يكون قاصراً.
وحيث إن هذا النعي صحصح في وجهيه ذلك أنه بالنسبة للوجه الأول فقد أقر الحكم المطعون فيه أسباب حكم محكمة الدرجة الأولى وأسس عليها قضاءه - وورد في هذه الأسباب (غير أنه لما كانت ملكية الوقف تنقضي بالتقادم بوضع اليد مدة 33 سنة فإنه يترتب على ذلك أن الالتزام بسداد جعل الحكر ينقضي أيضاً بمضي نفس المدة لمنفعة واضع اليد على عين للوقف محملة بحكر دون أن يكون قد دفع الجعل طوال هذه الفترة وبعبارة أخري فإن عدم سداد الجعل السنوي طوال مدة 33 سنة إنما يترتب عليه انقضاء حق الحكر بالتقادم متى تبين أن الوقف لم يكن في حالة تمنعه من التصرف ولم يكن له مانع شرعاً) - وورد فيها أيضاً (وحيث إنه إزاء هذه العناصر كلها ومع الاكتفاء بملاحظة جمود الوقف المدعي مدة تزيد عن 33 سنة - وهو أمر غير متنازع فيه - فإنه يتعين رفض الدعوى لعدم صحتها) - وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك أن ملكية الوقف لا تسقط الدعوى بها بمجرد الإهمال فقط مدة ثلاث وثلاثين سنة بل إنها تستمر حاصلة لجهة الوقف ما لم يكسبها أحد بوضع يده ثلاثا وثلاثين سنة وضعاً مستوفياً جميع الشرائط المقررة قانوناً لاكتساب ملكية العقار بوضع اليد، ووضع يد المحتكر وورثته من بعده هو وضع يد مؤقت مانع من كسب الملكية بسببه معلوم وهو ليس من أسباب التمليك - وبالنسبة للوجه الثاني فالثابت من الأوراق أن الطاعنة قدمت صورة رسمية من حكم صادر في شهر صفر من سنة 1279 هجرية قضى بثبوت الوقف وصورة رسمية أخرى من حجة محررة في شهر جماد أول من السنة نفسها أثبت فيها تحكير أرض هذا الوقف للمدعو أحمد الدخاخني - ومع أنها استندت إلى هذين المستندين في إثبات دعواها فقد جاء في الأسباب التي أقيم عليها قضاء الحكم المطعون فيه (وحيث إن المستأنفة لم تقدم دليلاً على أن الأرض موضوع النزاع محكرة كما أنها لم تبين وضع يد كل خصم ومقدار ما يضع اليد عليه والرابطة التي تربطه بباقي الخصوم) - وهو ما يدل على أن المحكمة لم تطلع على حجة التحكير التي هي أساس الدعوى - وقد استتبع ذلك أنها لم ترد على ما ساقته الطاعنة في خصوصها ولم تبحثه، ومن ثم كان حكمها معيباً بقصور أسبابه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه، دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
(1) راجع نقض 28/ 12/ 1961 مجموعة المكتب الفني س 12 ص 839 "مناط حظر تملك الحائز للوقف أن يظل وضع يده مؤقتاً. تغيير الحائز صفة وضع يده. مجرد نية التملك لا تكفي. وجوب اقتران تغيير النية بفعل إيجابي ظاهر يتضمن مجابهة لحق المالك ولو كان جهة وقف. رهن الحائز العين الموقوفة رهناً تأمينياً لا يتضمن المجابهة الظاهرة".
الطعن 2 لسنة 2022 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني قرارات جلسة 31 / 10 / 2022
الطعن 1 لسنة 2022 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني قرارات جلسة 31 / 10 / 2022
الطعن 235 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 6 ص 80
جلسة 10 من يناير سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي, ومحمد عبد اللطيف مرسي, وأميل جبران, ومحمد ممتاز نصار.
-----------------
(6)
الطعن رقم 235 لسنة 27 القضائية
تنفيذ عقاري "إعلان السند التنفيذي". قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان".
يكفي - في ظل قانون المرافعات القديم - أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي للمدين دون حاجة لإعلان ورثته به إذا اتخذت الإجراءات في مواجهتهم. نص المادة 462 مرافعات جديد يوجب إعلان السند التنفيذي لورثة المدين قبل البدء في التنفيذ.
نص المادة 462 مرافعات جديد نص مستحدث لا يعمل به إلا من تاريخ العمل بقانون المرافعات الجديد ولا يسري على إجراءات التنفيذ التي تمت في ظل القانون الملغي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحومة فريدة سيدهم والمطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 516 لسنة 1950 مدني كلي سوهاج على الطاعنين قالوا فيها إنه بمقتضى عقد رهن تأميني محرر في 27 ديسمبر سنة 1931 رهنت السيدة المذكورة ومورثهم المرحوم جرجس متى صليب إلى مورث الطاعنين قطعة أرض مساحتها 18 ط و12 س ضماناً لمبلغ 625 ج والفوائد وذلك لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 31/ 12/ 1934, وأن الطاعنين بدأوا في اتخاذ إجراءات نزع الملكية بتنبيه أعلن لبعضهم في 22/ 7/ 1950 دون إعلانهم بالسند التنفيذي باعتبارهم ورثة المدين, فضلاً عن سقوط الدين بالتقادم, وطلبوا الحكم (أولاً) وعلى وجه السرعة ببطلان التنبيه المذكور, (ثانياً) سقوط الدين بالتقادم, وبتاريخ 21 ديسمبر سنة 1950 حكمت محكمة أول درجة ببطلان التنبيه المعلن للمطعون عليهم في 22/ 7/ 1950 ثم قضت بتاريخ 11 فبراير سنة 1952 برفض الدعوى بالنسبة لسقوط الدين وبسقوط الحق في المطالبة بفوائد هذا الدين عن السنوات من 1935 حتى 1937 - استناداً إلى أن دعوى نزع الملكية التي أعلنت صحيفتها للمطعون عليهم بتاريخ 12/ 7/ 1943 تعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة للدين, استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 206 سنة 27 ق أسيوط طالبين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بسقوط الحق في المطالبة بالدين وفوائده وبتاريخ 10/ 1/ 1957 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى المستأنفين (المطعون عليهم) بالنسبة إلى الدين وفوائده عدا سنة 35, 36, 37. وبسقوط الحق في المطالبة بالدين وفوائده وملحقاته وهي المنوه عنها بعقد الرهن التأميني, طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 16 يونيه سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 11 يناير سنة 1960 إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية, ونظر أمامها بجلسة 27/ 12/ 1962 وفيها أصرت النيابة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد مبناه مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون, ذلك أنه لم يعول على إعلان "السند التنفيذي وعقد الرهن الرسمي" للمدينين المتضامنين "المرحومين فريدة سيدهم وجرجس متى صليب" الحاصل في 6/ 4/ 1938 ورتب على ذلك بطلان التنبيه وصحيفة دعوى نزع الملكية المعلنة بتاريخ 12 يوليو سنة 1943 لورثة المدين جرجس متى صليب (المطعون عليهم) والمرحومة فريدة سيدهم. استناداً إلى أنه كان يجب إعلان هؤلاء الورثة بالسند التنفيذي قبل البدء في التنفيذ، في حين أن قانون المرافعات الملغي الذي تمت هذه الإجراءات في ظله، لم يكن يستلزم هذا الإعلان، ولا محل للأخذ بحكم المادة 462 من قانون المرافعات الجديد، التي توجب إعلان الورثة بالسند التنفيذي قبل السير في التنفيذ لأنه نص مستحدث لا يعمل به إلا من تاريخ العمل بهذا القانون.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قرر أن إعلان السند التنفيذي للمدينين الأصليين بتاريخ 6/ 4/ 1938 لا يغني عن إعلان هذا السند للورثة الذين وجهت إليهم إجراءات التنفيذ العقاري في سنة 1943, ثم رتب الحكم على عدم قيام الطاعنين بهذا الإجراء بطلان تنبيه نزع الملكية وبطلان صحيفة دعوى نزع الملكية المعلنة للمطعون عليهم بتاريخ 12/ 7/ 1943, وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون, ذلك أن المادة 537 من قانون المرافعات - الملغي - (الذي تمت هذه الإجراءات في ظله) كانت تنص على أن "عقار المدين لا يجوز نزعه منه ولو كان مرهوناً لوفاء دين الدائن إلا إذا كان ذلك بمقتضى سند واجب التنفيذ, ومن بعد التنبيه على يد محضر بوفاء الدين والإنذار بنزع الملكية ويجب إعلان صورة السند المذكور للمدين في رأس ذلك التنبيه إن لم يسبق إعلانه إليه" ومؤدى ذلك أنه كان يكفي في ظل القانون الملغي أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي إلى المدين دون حاجة إلى إعلان الورثة به إذا كان التنفيذ حاصلاً في مواجهتهم, وإذا كانت المادة 462 من قانون المرافعات الجديد, قد أوجبت على الدائن إعلان السند التنفيذي لورثة المدين قبل البدء في التنفيذ, فإن ذلك نص مستحدث لا يعمل به إلا من تاريخ العمل بالقانون الجديد, ولا يسرى على الإجراءات التي تمت في ظل القانون الملغي, ولما كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر, فإنه بذلك يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
الثلاثاء، 30 مايو 2023
الطعن 341 لسنة 27 ق جلسة 3 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 5 ص 75
جلسة 3 من يناير سنة 1963
برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.
----------------
(5)
الطعن رقم 341 لسنة 27 القضائية
بيع. "البيع الوفائي". إثبات "القرائن القانونية القاطعة".
أصبح البيع الوفائي المقصود به إخفاء رهن عقاري باطلاً وفقاً للمادتين 338 و339 مدني قديم بعد تعديلها بالقانون رقم 49 لسنة 1923. وقد أورد الشارع قرينتين على اعتبار البيع الوفائي مخفياً لرهنهما: اشتراط رد الثمن مع الفوائد، بقاء العين المبيعة في حيازة البائع، كل منهما قرينة قانونية قاطعة لا يصح إثبات عكسها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة أقامت على المطعون عليهم الدعوى رقم 208 لسنة 1945 مدني كلي سوهاج وطلبت بها الحكم أولاً بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينها وبين المطعون عليه الأخير بتاريخ 6 فبراير سنة 1943 والمتضمن بيعه لها 4 ف و14 ط و10 س بثمن قدره 1150 ج وثانياً ببطلان عقد البيع الوفائي المؤرخ في 26 مايو سنة 1931 الصادر من المطعون عليه الأخير إلى المطعون عليه الثامن وأخيه عبد المطلب محمد عبد الله مورث المطعون عليهم السبعة الأولين. والمتضمن بيع نفس العين لهما بثمن قدره 550 ج مع شطب التسجيلات المترتبة عليه واعتبارها كأن لم تكن، وكان مما قالته الطاعنة في بيان دعواها إن عقد البيع الوفائي المؤرخ في 26 مايو سنة 1931 يخفي رهناً فيعتبر باطلاً ولا أثر له عملاً بالمادة 339 من القانون المدني القديم. واستندت فيما استندت إليه إثباتاً لذلك إلى أن العين المبيعة بقيت في حيازة البائع بطريق الإيجار بعد تاريخ عقد البيع المذكور إذ أنه بموجب عقد إيجار ثابت التاريخ في يناير 1931 كان البائع قد أجر إلى حفني محمد إسماعيل تلك العين ضمن 25 ف و1 ط لمدة سنة، ولما تحرر عقد البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 استأجر البائع العين المبيعة من المشترين وأوفاهما بموجب مخالصة محررة في ذات التاريخ الأجرة معجلة عن سنة 1932 الزراعية ومقدارها 36 ج. وفي 13 ديسمبر سنة 1948 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة بكافة طرق الإثبات أن المطعون عليه الأخير - البائع - ظل واضعاً يده على العين المبيعة بعد تاريخ عقد البيع الوفائي المحرر في 26 مايو سنة 1931 ولينفي المطعون عليهم الآخرون ذلك بالطرق ذاتها. وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة في 22 مارس سنة 1950 للطاعنة بطلباتها على أساس أن عقد البيع الوفائى يخفي رهناً ومستدلة على ذلك بالقرائن التي ساقتها ومنها أن المطعون عليه الثامن ومورث المطعون عليهم السبعة الأولين - المشترين وفاء - قد حصلا من المطعون عليه الأخير - البائع - على مبلغ 36 ج قيمة أجر العين المبيعة عن سنة 1932 الزراعية وذلك بموجب الإيصال المحرر في تاريخ عقد البيع في 26 مايو سنة 1931 مما يدل على أن العين المبيعة ظلت تحت يد البائع وفاء بعد عقد البيع وهو ما شهد به أيضاً شهود الطاعنة واستأنف المطعون عليهم الثمانية الأولون هذا الحكم إلى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 169 لسنة 25 ق وفي 6 من مارس سنة 1957 قضت هذه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة. فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من أبريل سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة ونظر بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أن المادة 339 من القانون المدني القديم تقضي بأن البيع الوفائي الذي يخفي رهناً يعتبر باطلاً سواء بصفته بيعاً أو رهناً كما تقرر قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس وهي أن بقاء العين المبيعة وفائياً في حيازة البائع بأي صفة من الصفات يجعل العقد مقصوداً به إخفاء رهن. وقد استدلت الطاعنة على قيام هذه القرينة بالمخالصة المحررة في تاريخ عقد البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 والثابت بها أن المطعون عليهما الثامن ومورث المطعون عليهم السبعة الأولين - المشتريين - قد حصلا من البائع على مبلغ 36 جنيهاً أجرة معجلة للعين المبيعة عن سنة 1932 الزراعية ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بما تفيده تلك المخالصة من بقاء العين المبيعة تحت يد البائع وفاء بطريق الإيجار وذهب إلى القول بأن العين المذكورة كانت تحت يد المستأجر حفني محمد إسماعيل لحساب المشتريين من وقت البيع واحتج لذلك بأن المستأجر المذكور كان يستأجر العين المبيعة من البائع ضمن أطيان أخرى عن سنة 1931 - 1932 الزراعية وعجلت الأجرة كما يدل على ذلك عقد الإيجار الثابت التاريخ في يناير سنة 1931 - والمقدم من الطاعنة - وبإبرام عقد البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 التزام المشتريان باحترام عقد الإيجار واسترداً من البائع بموجب ورقة التخالص المشار إليها مبلغ 36 جنيهاً وهو ما يعادل ما كان البائع قد استوفاه معجلاً من المستأجر عن أجرة العين المبيعة في المدة من تاريخ عقد البيع الوفائي إلى نهاية مدة الإيجار في سنة 1932 الزراعية وبذلك خرج الحكم المطعون فيه عما تدل عليه العبارة الصريحة في ورقة التخالص من أن مبلغ الـ 36 جنيهاً هو الأجرة المعجلة للعين المبيعة عن سنة 1932 الزراعية وقد دفعها البائع وفاء إلى المشترين.
وحيث إن المادتين 338، 339 من القانون المدني القديم المعدلتين بالقانون رقم 49 لسنة 1923 تقضيان ببطلان عقد البيع الوفائي المقصود به إخفاء رهن سواء بصفته بيعاً أو رهناً وأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء رهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن هاتين القرينتين من قبيل القرائن القانونية القاطعة بحيث إذا توافرت إحداهما كان ذلك قاطعاً في الدلالة على أن القصد من العقد هو إخفاء رهن ومانعاً من إثبات العكس - ولما كانت الطاعنة قد تمسكت بقرينة بقاء العين المبيعة في حيازة البائع بعد تاريخ البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 واستندت في ذلك إلى المخالصة المحررة في نفس التاريخ والثابت بها أن المطعون عليه الثامن ومورث المطعون عليهم السبعة الأولين - المشتريين - قد استدانا من المطعون عليه الأخير - البائع - بمبلغ 36 جنيهاً قيمة أجرة العين المبيعة وفائياً عن سنة 1932. كما استندت إلى عقد الإيجار المؤرخ في 10 يناير سنة 1931 والثابت التاريخ في 24 يناير سنة 1931 والصادر من البائع - قبل عقد البيع الوقائي - إلى حفني محمد إسماعيل بإيجار أطيان زراعية مقدارها 25 ف و1 ط لمدة سنة ومن بينها الـ 4 ف و14 ط محل النزاع "وذلك لزراعتها شتوي وصيفي عدا زراعة القطن عن وجه سنة 1932 الزراعية" وتضمن العقد المذكور أن المستأجر قد عجل الأجرة عن مدة الإيجار ومقدارها 230 ج و250 م من ذلك 27 ج و 500 م أجرة العين محل النزاع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة في هذا الشأن بقوله "وحيث إنه عن استمرار وضع يد المستأنف عليه الثاني - البائع - في سنتي 1931، 1932 بعد صدور العقد منه فسبب ذلك قد أبانه المستأنفون - المطعون عليهم - وهو ثابت عن عقد الإيجار المقدم بحافظة المستأنف عليها - الطاعنة - إذ يفيد هذا العقد الثابت التاريخ في 24 يناير سنة 1931 قبل البيع أن الأطيان كان قد سبق تأجيرها إلى حفني محمد إسماعيل حتى سنة 1932 وأن إيجارها عن مدة هذه الإجارة كان قد دفع مقدماً بنص العقد للمستأنف عليه الثاني فإزاء ذلك كان لزاماً على المشترين احترام هذه الإجارة وتنفيذها كما كان من حقهما وقد اشتريا الأطيان أن يستوليا من البائع على المبلغ الذي قبضه من المستأجر مقدماً وهو يوازي المدة من 26 مايو سنة 1931 تاريخ التعاقد على البيع إلى نهاية سنة 1932. وقبض المشتريين هذا المبلغ من البائع يؤيد أن النية انصرفت بالفعل إلى التعاقد على البيع لا الرهن إذ أصبح بهذا السداد وضع يد المستأجر على الأقطان لحساب المشتريين لا البائع الذي لم يبق له حق على العين" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في نفي بقاء العين المبيعة وفائياً في حيازة البائع بعد البيع - إلى أن من حق المشتريين أن يستوليا من البائع على المبلغ الذي قبضه من المستأجر مقدماً مقرراً أن هذا المبلغ يوازي المدة من 26 مايو سنة 1931 - تاريخ البيع - إلى نهاية سنة 1932. ولما كان الثابت من عقد الإيجار الثابت التاريخ في 24 يناير سنة 1931 أن الأجرة التي قبضها البائع مقدماً من هذا المستأجر وقدرها 27 ج و500 م هي عن سنة واحدة فقط وكان الحكم لم يفصح عن سبب اعتباره مبلغ الـ 36 جنيهاً الذي دفعه البائع إلى المشتريين بموجب المخالصة المؤرخة 26 مايو سنة 1931 هو عن ذات المدة التي كان البائع قد أجر فيها العين المبيعة إلى حفني محمد إسماعيل قبل حصول البيع وذلك مع مغايرة هذا المبلغ لقيمة الأجرة الثابتة بعقد الإيجار الصادر من البائع إلى المستأجر المذكور فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث أسباب الطعن الأخرى.
(1) راجع نقض 21/ 12/ 1961 مجموعة المكتب الفني س 12 ص 815 وقد جاء به "ليس في القانون المدني القديم نص كنص المادة 404 من التقنين الجديد التي تجيز إثبات عكس القرينة القانونية ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك. لا تجيز المادة 1352 من القانون المدني الفرنسي نفي القرينة القانونية إذا كان القانون يبطل على أساسها تصرفاً معيناً".
الطعن 267 لسنة 27 ق جلسة 3 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 4 ص 67
جلسة 3 من يناير سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.
------------------
(4)
الطعن رقم 267 لسنة 27 القضائية
(أ) استئناف. "صحيفة الاستئناف". "بياناتها". أشخاص اعتبارية. "الشركات".
للشركة الشخصية الاعتبارية ولها اسم يميزها عن غيرها.
لا يشترط في صحيفة الاستئناف الموجهة من الشركة إلى خصمها أن تحتوى على اسم مديرها كما لا يعتد بالخطأ الذي قد يقع في هذا الاسم أو بإغفال ذكر لقبه في ورقة الاستئناف.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف العقد".
تكييف العلاقة بين الطرفين استناداً إلى أسباب سائغة وصالحة للنتيجة التي انتهت المحكمة إليها.
لا تلزم محكمة الموضوع بتعقب جميع حجج الخصوم والرد استقلالاً على كل حجة أو طلب متى كان فيما ساقته من أدلة تتضمن الرد الضمني على دفاعهم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 127 لسنة 1951 تجارى كلي المنصورة طلب فيها الحكم بإلزام المطعون عليها بأن تدفع له مبلغ 17969 جنيهاً و250 مليماً والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وقرر الطاعن أن هذا المبلغ هو المستحق له كنتيجة نهائية لحساب الأقطان التي وردها للشركة المدعى عليها وبالأسعار التي قطعت في المواعيد الصحيحة. وأثناء سير الخصومة أقامت الشركة المدعى عليها دعوى فرعية على المدعى (الطاعن) تطالبه بمبلغ 1416 ج و310 م الباقي لها في ذمته من العملية السابقة وبعد أن قضت المحكمة بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين على أساس أسعار 18 يناير سنة 1951 حكمت في 21/ 12/ 1954 بما يأتي: أولاً - بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع للمدعي (الطاعن) مبلغ 7331 ج و523 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 7/ 4/ 1951 لحين السداد والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبشرط الكفالة. ثانياً - برفض الدعوى الفرعية المقامة من الشركة ضد المدعى مع إلزامها بمصاريفها - فاستأنفت الشركة بالاستئناف رقم 45 لسنة 7 ق تجارى المنصورة وطلبت فيه إلغاء الحكمين التمهيدي والقطعي الصادرين من محكمة الدرجة الأولى والحكم لها بطلباتها في الدعوى الفرعية - وقد دفع الطاعن الاستئناف بعدم قبوله لرفعة من غير ذي صفة وبتاريخ 13 من نوفمبر سنة 1956 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً. وبتاريخ 9/ 4/ 1957 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن وبإلزامه بأن يدفع للشركة المطعون عليها مبلغ 564 ج و736 م وفوائد ذلك المبلغ بواقع 5% وبالمصاريف المناسبة لذلك عن الدرجتين وأسست قضاءها على أن العلاقة بين الطرفين ليست رهناً تجارياً كما ذهب إلى ذلك الحكم المستأنف وإنما هي علاقة أقرب إلى البيع من الوكالة بالعمولة وأنه بفرض اعتبارها وكالة بالعمولة فإن العرف التجاري يجيز للوكيل بالعمولة أن يبيع الأقطان دون إذن من الموكل إذا تأخر المذكور في أداء الضمانات المستحقة عليه. وبتاريخ 14 من يوليو سنة 1957 طعن الطاعن في الحكمين الاستئنافيين السالفي البيان بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة برأيها تضمن طلب رفض الطعن. وبتاريخ 3 من يونيه سنة 1961 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على طلباتها.
وحيث إن الحاصل سببي الطعن في الحكم المؤرخ 13/ 11/ 1956 والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة - أن الطاعن أسس دفعه على أن الاستئناف رفع من سبيرو كمبولو بصفته مديراً للشركة المطعون عليها في حين أن الذي يمثلها قانوناً هو السيد كوستى. ز. يواكيموغلو الذي صدر الحكم المستأنف ضده لأن الشركة شركة توصية بسيطة وهو الشريك المتضامن والمسئول فيها أما السيد سبيرو فهو مجرد وكيل عن السيد كوستى ونائب عنه وأن الفقرة الرابعة من المادة 14 من قانون المرافعات نصت على أن من يمثل الشركات التجارية قضائياً هم أحد الشركاء المتضامنين أو رئيس مجلس الإدارة أو المدير وذلك على سبيل الحصر وليس السيد سبيرو واحداً من هؤلاء وأن المشرع حذف من المادة 8 من قانون المرافعات القديم عبارة "أو من ينوب عنها" وفي هذا ما يؤكد عدم صفة السيد سبيرو في تمثيل الشركة - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ تطبيق القانون كما أنه إذا أغفل الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود - أولاً - بأن الثابت من مطالعة الحكم الابتدائي أن الدعوى الأصلية رفعت على الشركة وكذلك رفعت الدعوى الفرعية منها كما أن الثابت من مطالعة صحيفة الاستئناف المقدمة صورتها بملف الطعن أن الاستئناف قد رفع من شركة كوستى. ز. يواكيموغلو التجارية بالإسكندرية - وهذه الشركة لها شخصية اعتبارية بحكم المادة 52 من القانون المدني ولها تأسيساً على ذلك اسم يميزها عن غيرها فليس بلازم بعد ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تحتوى صحيفة الاستئناف الموجة منها إلى خصمها على اسم مديرها ولا اعتداد بما عساه يكون من خطأ في اسم مدير هذه الشركة أو عدم احتواء ورقة الاستئناف على لقبه - ومردود ثانياً - بأن الثابت من مطالعة الحكم المذكور أنه تناول دفاع الطاعن ودحضه وأسس قضاءه برفض الدفع على دعامات صالحة لذلك فأشار إلى أن الاستئناف قد رفع من الشركة وأنه لم يذكر اسم سبيروكمغوبولو في العريضة إلا لبيان وظيفته فيها باعتباره مديراً لها وأن هذه الصفة قد ثبتت من المستخرج الرسمي من السجل التجاري المقدم من الشركة وأن الشريك المتضامن من المسئول قد منح سبيرو توكيلاً رسمياً سابقاً على الاستئناف يجيز التقاضي باسم الشركة.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 9/ 4/ 1957 بني على ستة أسباب يتحصل أولها وثانيها وخامسها وسادسها في أن الحكم المذكور إذا أقام قضاءه على أن العلاقة التي قامت بين الطاعن والشركة المطعون عليها تتمثل في عملية بيع أقطان على الكونتراتات وأنها لم تكن علاقة مدين راهن بدائن مرتهن قد أخطأ في تكييف هذه العلاقة، وأنه لم يبد أسباباً سائغة للنتيجة التي انتهي إليها وأنه مسخ المستندات وفسرها تفسيراً أخرجها عن مدلولها الصحيح، كما أن الحكم انطوى على فساد في الاستدلال يتمثل في أنه - الحكم - استند إلى الفاتورتين المؤرختين 9 يناير سنة 1950 و8 فبراير سنة 1950 وإلى الخطاب المؤرخ 24 يناير سنة 1950 - في مقام الاستدلال على أن القطن موضوع النزاع كان مبيعاً من الطاعن إلى الشركة قبل هذه التواريخ في حين أن كمية من الأقطان كانت بيعت فعلاً على دفعات بعد استئذان الطاعن وموافقته كما هو ثابت بفواتير هذه الكميات وكمية من الأقطان لم تكن قد بيعت وهى موضوع النزاع وأن الطاعن أقام الدليل على ذلك من برقية الشركة المطعون عليها المؤرخة 27 يونيه سنة 1950 والتي تقول فيها (قطعنا أقطانكم بقفل أمس) وإلى ما جاء بمذكرة الشركة المقدمة لجلسة 4 فبراير سنة 1954 والتي يقول فيها وكيل الشركة للطاعن بأن يسرع إلى قطع السعر بالنسبة للبضاعة الباقية، وأن الشركة المطعون عليها قد خلطت بين كلمة (المركز) وكلمة القطن مع وجود فارق كبير بينهما في العرف التجاري إذ الأول ينصب على البيع على الكونتراتات والثانية على البضاعة الحاضرة وأن المحكمة فسرت كلمة "أقطانكم" في برقية 21/ 2/ 1950 تفسيراً معكوساً لتبرير ما انتهت إليه من أن الأقطان موردة للطاعن لحساب الشركة.
وحيث إن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد ضمن أسبابه ما يأتي في شأن دلالة مستندات الطرفين وتكييف العلاقة بينهما: "وحيث إن أول ما تلاحظ هذه المحكمة في شأن التكييف القانوني الصحيح للعلاقة التي كانت قائمة بين الطرفين هو أن أوراق الدعوى ومستنداتها ظاهرها التنافر ولكنها على ضوء التنفيذ الذي أدى به كل من الطرفين التزاماته السابقة على نشوء النزاع تنسجم جميعها في أن الرابطة التي كانت بينهما لم تكن رهناً تجارياً الذي تطبق فيه المادة 78 من قانون التجارة..." وبعد أن أورد الحكم ما لاحظه في شأن التنافر البادي من تمحيص مستندات النزاع أورد ما يلي: "وحيث إن هذه المحكمة لا تعتد بهذا التنافر الظاهري وتطرح فكرة الرهن جانباً وذلك للاعتبارات الآتية (1) كتب الكشف على ورق مطبوع ليكون سنداً مثبتاً للأرقام والتواريخ والحساب الذي ورد فيه لا لإثبات تكييف قانوني معين خاصة وأن عبارة "سلفيات على أقطان" مطبوعة على نموذج عام خاص بأعمال الشركة وفيه عنوانها ورقم السجل التجاري ورقم التليفون ونمرة مسلسلة.
أما بيانات الحساب ذاتها فمكتوبة بخط اليد واستخرجت من واقع الدفاتر (2) نصت عبارات الإيصالات المشار إليها وكلها موقع عليها من المستأنف عليه أن المبالغ التي استلمها من الشركة كانت ثمناً أو أمانة أو لذمة مشترى الأقطان لا سلفيات (3) قدمت المستأنفة في حافظتها رقم 27 دوسيه فاتورتين مؤرختين في 9 من يناير سنة 1950 وقع عليهما المستأنف عليه وجاء فيهما بيان للأقطان ووصف بأنها "المباعة" من عبد الحكيم أمين الخولي إلى شركة يواكيموغلو وفاتورة ثالثة إجمالية مؤرخة في 8 من فبراير سنة 1950 جاءت فيها نفس العبارة ووقع عليها المستأنف عليه بإمضائه (4) قدمت المستأنفة في الحافظة رقم 27 دوسيه خطاباً أرسله لها المستأنف عليه في 24 من يناير سنة 1950 طلب منها فيه أن تقطع سعر 100 قنطار كرنك بقوله "من ضمن الكمية المباعة منى لكم" (5) وقدم المستأنف عليه في حافظته رقم 4 كشوفات فرز ووزن القطن وقد جاء فيها أن الأقطان المذكورة "لحساب" يواكيموغلو... وحيث إن المحكمة ترى وقد استبعدت فكرة الرهن التجاري أن العلاقة بين الطرفين كانت من نوع خاص هو أقرب إلى البيع منه إلى الوكالة بالعمولة وذلك لأنه عملاً بالمادة 479 من القانون المدني الجديد لا يجوز لمن ينوب عن غيره أن يشترى مباشرة بنفسه أو لحسابه ولو بطريق المزاد العلني ما نيط به بيعه بموجب هذه النيابة... وحيث إنه حتى مع افتراض أن العلاقة كانت نوعاً من الوكالة بالعمولة فقد رددت محكمة النقض المصرية في حكمها الهام الصادر في 21 من مايو سنة 1953 أن هذا النوع من الوكالة قد أدخل عليه العرف التجاري تعديلات جوهرية فيما لا يخضع في أحكامه لنصوص أمره ومن ذلك أن الوكيل بالعمولة يستطيع أن يجرى البيع مباشرة في حالة عدم وفاء العميل (الموكل) بالضمانات المقررة للوكيل المذكور وذلك بدون اضطرار هذا الأخير عملاً بالمادة 89 من القانون التجاري إلى الالتجاء إلى السيد قاضي الأمور الوقتية ليأذن له بإجراء ذلك البيع ضماناً لحصوله على حقوقه الممتازة التي خولها له القانون..."، ثم عرض الحكم المطعون فيه بعد ذلك لتطبيق القواعد المتقدمة على واقعة الدعوى فقال: "... وحيث إنه بإعمال المبدأ الذي سار عليه ذلك القضاء وأقرته فيه محكمة النقض على القضية المائلة تلاحظ هذه المحكمة أن المستأنفة كانت قد بعثت إلى المستأنف عليه ببرقية مؤرخة 21 من فبراير سنة 1950 تدعوه فيها لتغطية مركزه فوراً وعبرت عنها بعبارة (لتغطية أقطانكم) وتعتقد المحكمة أنها كانت تقصد الأقطان الموردة منكم وهددته بأنها ستضطر لعمل ما تراه لصالحها فلما لم يرد عليها المستأنف ضده أرسلت إليه برقية أخرى بنفس المعنى في 11 من مارس سنة 1950 ثم عادت في 18 من مايو سنة 1950 وأرسلت له برقية ثالثة قالت فيها له إنه كانت قد وعد بالحضور لدفع ما يجب عليه دفعه ثم أخلف وعده ولذا فهي تدعوه لتسوية حسابه وإلا اضطرت لرفع دعوى عليه ورغم هذه التهديدات المتكررة لم يحرك المستأنف عليه ساكناً إلا بعد أن قطعت المستأنفة السعر فعلاً في 26 من يونيو سنة 1950 وأخبرته بذلك تلغرافياً ليحضر لتصفية حسابه الختامي وعندئذ أرسل لها برقية في يونيه سنة 1950 يحتج فيها على ما حدث... وحيث إن المحكمة لا ترى محلاً لمؤاخذة المستأنفة على هذا التصرف لأنها سواء اعتبرت مشترية أو وكيلة بالعمولة رخص لها العرف التجاري أن تبيع البضاعة التي عندها ضماناً لحقوقها وبدون الالتجاء إلى إذن قاضي الأمور الوقتية سواء أكان الأمر هذا أو ذاك فما لا شك فيه أنها انتظمت وفاء المستأنف عليه بما كان في ذمته لها وهو يزيد عن ثمانية آلاف جنيه حتى آخر لحظة إذ أن محصول قطن 1949 - 1950 كان آخر ميعاد لقطعه طبقاً للعرف التجاري في شهر يونيو لعقود استحقاق يوليو وهو آخر شهر في السنة التجارية بالنسبة لمحصول السنة من القطن......" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعن المؤسس على أن علاقته بالشركة المطعون عليها هي علاقة راهن بدائن مرتهن وأن العلاقة بين الطرفين في حقيقتها أقرب إلى البيع منها إلى الوكالة بالعمولة مستنداً في ذلك جميعه إلى العبارات الواردة بالإيصالات وبالكشوف المقدمة ومستعيناً في ذلك بالظروف التي أحاطت المعاملة بين الطرفين وبتنفيذ ما تم من التزامات قبل كل منهما، ولما كان استخلاص الحكم المطعون فيه لمؤدى العبارات الواردة بالإيصالات والأوراق المقدمة سائغاً ومقبولاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهي إليها في تكييف العلاقة بين الطرفين - فإن النعي عليه بالخطأ في تكييف العلاقة أو الاستناد إلى أسباب غير سائغة أو فساد في الاستدلال أو مسخ في المستندات يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور - ذلك أن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة للمحكمة الاستئنافية بأن وكيل الشركة المطعون عليها قرر بمحضر جلسة 11/ 11/ 1952 أن المدعى (الطاعن) يشتري الأقطان لحسابنا - كما أنه تمسك بما ورد في مذكرة الشركة المقدمة لمحكمة أول درجة لجلسة 4 فبراير سنة 1952 من أن هناك أقطاناً مبيعة وأقطاناً غير مبيعة وأن الأقطان الباقية مملوكة له - كما تمسك بما ورد بمذكرة الشركة المقدمة لجلسة 26/ 6/ 1954 من استعداد الشكرة للقيام بتسليمه أقطاناً تعادل أقطانه مقابل دفع الرصيد المدين، وأن المحكمة الاستئنافية لم ترد على هذا الدفاع الجوهري مما يجعل الحكم مشوباً بالإخلال والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المحكمة وقد خلصت إلى تكييف العلاقة بين الطرفين بالتكييف الذي ارتأته في هذا الشأن ولأسباب سائغة وصالحة للنتيجة التي انتهت إليها لم تكن ملزمة بتعقب حجج الخصوم والرد استقلالاً على كل حجة أو طلب أثاروه في مرافعتهم ما دام الدليل الذي ساقته وارد فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال.
وحيث إن حاصل السبب الرابع من أسباب الطعن - أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الإسناد خطأ كان له أثره في الخطأ في تطبق القانون بقوله إن المحكمة أسندت إلى الطاعن أنه ذكر في صحيفة دعواه أنه كان يورد الأقطان للشركة لتبعها هي لحسابه وبإذنه في حين أن صحيفة الدعوى لم تذكر ذلك وإنما ذكرت أن الطاعن هو الذي كان يبيع صفقات الأقطان التي كان يسلمها للشركة كلما أراد البيع - أي أن مدلول صحيفة الدعوى يشير إلى أن الطاعن كان هو صاحب القطن الذي كان يتولي بيعه بنفسه وبإرادته لأنه راهن له بينما مدلول عبارة الحكم أن الشركة هي التي تبيع القطن لحسابه أي أنها وكيلة بالعمولة.
وحيث إن الثابت من مطالعة صورة صحيفة الدعوى (مستند 14 من حافظة مستندات الطاعن) أنها تضمنت ما يأتي: "أن الطالب (الطاعن) اتفق مع المعلن إليه على أن يفتح له حساباً جارياً ويمده بالنقود اللازمة لتوريد أقطان لحساب الطالب وفعلاً جرى العمل بين الطرفين على هذا الأساس وكلما أراد الطالب أن يبيع جزء من الأقطان التي سلمها للمعلن إليه أخطره بذلك ومتى تم البيع تحررت فاتورة بالكمية المبيعة والثمن وتوقع عليها من الطرفين", وجاء بأسباب الحكم المطعون فيه في صدد ما استخلصه من شرح الطاعن لدعواه ما يأتي: "إن المستأنف عليه (الطاعن) كان بتاريخ 7 من إبريل سنة 1951 قد أقام الدعوى على شركة كوستي (ز) يواكيموغلو وشركاه قال فيها إن الأخيرة منحت له حساباً جارياً مؤسساً على القرض فكانت تمده بالقروض لقاء أن يورد لها أقطاناً تبيعها لحسابه وبإذنه" - ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد دفاع الطاعن الذي شرح فيه دعواه على حقيقته ولم ينحرف عن مدلول العبارات التي ساقها الطاعن في شرح مدعاة.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.