جلسة 14 من أكتوبر سنة 1952
برياسة حضرة السيد أحمد محمد حسن رئيس المحكمة وبحضور حضرات السادة: إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدى ومصطفى حسن المستشارين.
---------------
(10)
القضية رقم 801 سنة 22 القضائية
تزوير أوراق مالية.
الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 210 من قانون العقوبات. يشمل حالتين: إخبار الحكومة قبل تمام الجريمة, وتسهيل القبض على الجناة ولو بعد الشروع فى البحث عنهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - حسين أحمد السحت و2 - محمد السيد متولى و3 - خليل إسماعيل معتوق و4 - سعد فرحات السحت و5 - شكرى محمد أمين و6 - حسين أحمد خطاب. بأنهم فى خلال المدة من 24 يوليه سنة 1950 الموافق 13 شوال سنة 1369 إلى 24 أغسطس سنة 1950 الموافق 10 ذو الحجة سنة 1369 بدائرة محافظة اسكندرية استعملوا الأوراق المالية المقلدة من فئة العشرة قروش والمبينة بالمحضر بأن قدموها للتعامل مع علمهم بتزويرها, وطلبت إلى قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 206/ 1 - 5 من قانون العقوبات والقانون رقم 50 لسنة 1940 فقرر بذلك. سمعت محكمة جنايات اسكندرية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بالمادة 206 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بالنسبة للمتهم الخامس - أولا - بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى والثالث والسادس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - ثانيا - بمعاقبة الرابع سعد فرحات السحت بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات - ثالثا - بمعاقبة المتهم الخامس شكرى محمد أمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة - رابعا - بإضافة المصاريف الجنائية على جانب الحكومة. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان الأول والثانى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة ترويج الأوراق المزيفة قد أخطأ فى تطبيق القانون لأن كلا منهما بمجرد ضبطه قد دل على المصدر الذى مده بهذه الأوراق فسهل بذلك القبض على الجناة واستحق أن يعفى من العقاب, تطبيقا للمادة 210 من قانون العقوبات واستنادا إلى الحكم الصادر من هذه المحكمة فى الطعن رقم 342 سنة 18 قضائية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع بالنسبة للطاعن الأول وانتهى إلى رفضه بحجة أن المادة 210 يتطلب إعمالها شرطين متلازمين أولهما إخبار الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عن مرتكبيها. وثانيهما أن يعرفوها بالفاعلين الآخرين أو يسهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور, فإذا تخلف أحد هذين الشرطين امتنع الإعفاء. ولما كان الطاعن فيما يقول الحكم لم يبلغ عن الجريمة قبل تمامها, ولم يعترف إلا بعد أن ضبط متلبسا بالترويج, وكانت حكمة الإعفاء إنما هى الحيلولة دون تمام هذه الجرائم وضبطها قبل وقوعها, كما أن حكم النقض الذى يستند إليه خاص بالمادة 205, وهى تختلف فى نصها عن المادة 210 التى تتطلب أن يكون الإخبار مقرونا بالتعريف عن مرتكبى الجرائم, فإن الطاعن فى رأى الحكم المطعون فيه يكون غير حقيق بالإعفاء.
وحيث إن المادة 210 من قانون العقوبات تقضى بأن الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة ومن بينها المادة 206 وهى مادة الاتهام فى هذه الدعوى يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها, وقبل الشروع فى البحث عنهم وعرفوا بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور, وهذه المادة مطابقة فى نصها ومعناها للمادة 205 ولا يغير من هذا المعنى شيئا إضافة عبارة "وعرفوا بالفاعلين الآخرين" فى المادة 210 والمادتان مستمدتان من قانون العقوبات الفرنسى فالمادة 205 تقابل المادة 138 والمادة 210 تقابل المادة 144, وقد اكتفى الشارع الفرنسى فى المادة 144 بالنص على أن تسرى أحكام المادة 138 على الجرائم الخاصة بتقليد الأوراق المالية دون تكرار النص كما فعل الشارع المصرى, وكلتا المادتين إنما تتحدثان عن حالتين مستقلتين لا عن شرطين يجب اجتماعهما لحالة واحدة والحالة الأولى هى إخبار الحكومة قبل تمام الجريمة وقبل البحث عن الجناة, والثانية تسهيل القبض عليهم, ولو بعد الشروع فى البحث عنهم. وليست العلة فى الإعفاء مقصورة, كما ذهب الحكم المطعون فيه على الحيلولة دون تمام هذه الجرائم, وضبطها قبل وقعها فقد رأى المشرع أن يتوسع فى الإعفاء فيتغاضى عن العقاب فى الحالة الثانية أيضاً فى سبيل الوصول إلى معاقبة بقية الجناة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد يبنى رفض الإعفاء من العقوبة على خطأ فى فهم القانون فلم يبحث توفر شروط الإعفاء فى واقعة الدعوى متأثرا بهذا الخطأ فإنه يتعين نقضه وإعادة المحاكمة, ولما كانت الواقعة لا تقبل التجزئة فإنه يتعين أن يكون نقض الحكم بالنسبة للمحكوم عليهم جميعا.