الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 مارس 2023

الطعن 924 لسنة 22 ق جلسة 11/ 11/ 1952 مكتب فني 4 ج 1 ق 49 ص 120

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1952

برياسة حضرة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن المستشارين.

--------------

(49)
القضية رقم 924 سنة 22 القضائية

نقض. 

اتفاق المتهمين على القتل ومساهمة كل منهم في إحداثه. توقيع عقوبة مبررة في حدود القتل العمد الخالي عن سبق الإصرار والترصد. الطعن في الحكم من جهة عدم توافر هذين الظرفين. غير منتج.

--------------
مادام الحكم قد استظهر اتفاق المتهمين على القتل وانضمام كل واحد منهم إلى الآخر في مقارفته بالأفعال المكونة له - فذلك يجعل كلا منهم فاعلا في قتل المجني عليه عمدا ويجعل العقوبة المقررة على كل منهم مبررة في حدود هذا القتل العمد المجرد عن ظرفي سبق الإصرار والترصد. وإذن فكل ما يثيره هؤلاء من طعن على الحكم في صدد توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد لا يكون له من جدوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: قتلوا عبد الهادي بركات أحمد عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن يبتوا النية على قتله وكمنوا له في الطريق الذي يمر فيه حتى إذا ما ظفروا به إنهالوا عليه ضربا بآلات حادة وراضة فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230و231و232 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وقد ادعت حليمة محمد البكري بحق مدني قبل المتهمين, وطلبت القضاء لها عليهم بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات المنيا قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من حسين جاد الله وحسن محمد حسين وعبد السميع عبد الوهاب وعبد الحفيظ عبد الحليم جاد الله وعبد البصير حسين جاد الله بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما. وألزمتهم متضامني بأن يدفعوا إلى المدعية بالحق المدني حليمة محمد بكري مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية و500 قرش أتعاب محاماة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه, إذ دان الطاعنين بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد استدل على توافر سبق الإصرار والترصد ونية القتل بما لا يمكن أن يؤدي إليه, وإذ كان سبق الإصرار والترصد منتفيا ونية القتل غير قائمة وكان الثابت بالحكم أن بعض المتهمين كان يحمل عصيا ومن بعضهم الآخر من كان يحمل بلطة ومن كان يحمل سكينا وأنه لم يعرف محدث كل إصابة وبخاصة الإصابتين اللتين ساعدتا على إحداث الوفاة, فإن الواقعة لا تكون قتلا عمدا مع سبق الإصرار والترصد مما تنطبق عليه مواد الاتهام وإنما هى تكون ضربا أفضى إلى موت بالمادة 236 من قانون العقوبات وضربا مما تنطبق عليه المادة 242 أخذا في ذلك بالقدر المتيقن. هذا ويقول الطاعنون إن المحكمة لم تعمل على إتمام التحقيق تنفيذا للقرار الصادر بذلك من هيئة سابقة, فقد رفضت ما طلبه الدفاع من التأجيل رغم عدم حضور ثلاثة من شهود الإثبات من بينهم عمدة بلدة المتهمين والذي كان الدفاع قد تمسك بسماعه في جلسة سابقة كما كان من بينهم عبد الحميد عبد الحليم جاد الله الذي أعترف بضرب المجني عليه ووجدت به إصابة قرر الطبيب إنها تتفق وتاريخ الحادثة وقد استندت المحكمة في حكمها إلى أقوال العمدة المذكور بالتحقيقات رغم عدم سماعه كما قالت عن إصابة عبد الحميد عبد الحليم جاد الله إنها مفتعلة في حين أن الطبيب الكشاف نفسه لم يقل بذلك مما كان يتعين معه استدعاء الطبيب المذكور لمناقشته في هذا الشأن وكذلك فقد رفضت المحكمة ما طلبه الدفاع من مناقشة الطبيب في عدم وجود إصابات من بلطة بجسم المجني عليه, ثم إنه لم يكن لها أن تكلف النيابة بالاستفسار من المجموعة الصحية عن ذهاب والدة المجني عليه وأخته إليها في يوم الحادث إذ كان يتعين عليها أن تتولى هذا الإجراء بنفسها لأهميته بعد أن أصبحت هى المختصة, ويضيف الطاعنون أن الدفاع عنهم أثار دفوعا هامة تتناول تأخير البلاغ تأخيرا ظاهرا وتناقض الشاهدتين في الوقائع الجوهرية المتعلقة برؤية المتهمين في السوق قبل الاعتداء وسبق إتهام المجني عليه في جريمة دخول منزل على ما هو ثابت في قضية الجنحة المضمومة وفي قتل المدعو محمد دياب وقضايا أخرى ولكن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع وردت على سبق إتهام المجني عليه برد غير سديد, ثم استندت في إدانة الطاعنين إلى غير ما هو ثابت في الأوراق إذ أشارت إلى إجماع الشهود على الوقائع التي قدمت بها لحكمها مع أن الثابت من تحقيقات الدعوى في النيابة وأمام المحكمة أن هذه الوقائع ليست كما أوردها الحكم بل إن الذي ثبت وأغفلته المحكمة هو أن بين المجني عليه وبين آخرين غير الطاعنين ضغائن أقرت بها والدة المجني عليها نفسها في إحدى جلسات المحاكمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه في 6 مارس سنة 1948 قتل عبد العزيز عبد الحليم جاد الله أخو المتهم عبد الحفيظ عبد الحليم جاد الله وقريب الباقين واتهم في قتله كل من عبد الهادي بركات المجني عليه وسلامه أحمد وقطب سلامه وضبط لذلك قضية الجناية رقم 464 سنة 1948 ملوى التي كانت منظورة بجلسة اليوم وقضي فيها بالعقوبة ضد كل من سلامه أحمد وولده قطب سلامه ولذلك صمم المتهمون وأولهما وآخرهما ابنا عم لعبد العزيز عبد الحليم جاد الله وثانيهم هو ابن للمتهم الأول وثالثهم هو ابن أخت للمتهم الأول ورابعهم أخو عبد العزيز عبد الحليم جاد الله على أن يأخذوا بثأر قتيلهم هذا وراقبوا الفرصة المواتية لتنفيذ غرضهم هذا وهو ذهاب المجني عليه عبد الهادي بركات في يوم 3 مارس سنة 1949 إلى سوق الخميس الذي ينعقد بناحية سيف باشا وتربصوا به في طريق عودته ومعه أمه حليمة محمد بكري وأخته سعاد بركات أحمد اللتان كانتا تتعالجان بمجموعة سيف باشا الصحية في يوم الحادث وتقابلنا مع المجني عليه صدفة وهو عائد من السوق وساورا معا قاصدين بلدتهم ديروط أم نخلة, ولما وصلوا لمكان الحادث حيث توجد بعض أشجار النخيل اتخذها المتهمون ستارا لهم خرج المتهمون من مخبئهم يحملون آلاتهم التي أعدوها لقتله وهي فأس وبلطة وسكين وعصى غليظة وإنهالوا عليه ضربا قاصدين قتله فجرى منهم وهم يتابعون الاعتداء عليه حتى سقط في الترعة فاقد الحياة بسبب الإصابات التي أحدثوها به والتي سيأتي وصفها فيما بعد وعندئذ ولى المتهمون الادبار هاربين من مكان الحادث" ثم تعرض لسبق الإصرار والترصد ونية القتل فقال: "وحيث إنه عن ثبوت سبق الإصرار على القتل والترصد لإرتكابه فإنهما ثابتان من وقوع الجريمة في مكان لم يثبت أن لأحد من المتهمين مصلحة غير أخذ الثأر من التواجد فيه انتظارا لعودة المجني عليه من السوق كما أن سابقة اعتداء المجني عليه مع آخرين على قريبهم عبد العزيز عبد الحليم جاد الله اعتداء انتهى بوفاته دليل على وجود سبق الإصرار لديهم على الأخذ بثأره وبقتل المجني عليه. وحيث إنه عن توفر نية القتل لدى المتهمين فهى ثابتة من الضغينة الموجودة لديهم ضد المجني عليه من قتله لقريبهم عبد العزيز عبد الحليم جاد الله ومن تجمعهم بمثل هذا العدد يحملون مختلف الآلات ليستعمل كل منهم ما يحمله في الإجهاز على المجني عليه إذا لم يتمكن واحد منهم أو أكثر من تحقيق هذا الغرض". ولما كان هذا الذي قاله الحكم تتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجناية التي دان الطاعنين بها وكان الحكم قد استدل على ثبوتها قبلهم بالأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي في العقل وفي القانون إلى ما رتبه عليها, كما كان استدلاله به على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين وافيا, وكان لا مصلحة لهؤلاء فيما يثيرونه بشأن ما قاله الحكم عن سبق الإصرار والترصد لأنه بفرض قصوره في هذا الشأن فإنه قد استظهر اتفاق المتهمين على القتل وإنضمام كل واحد منهم إلى الآخر في مقارفته بالأفعال المكونة له مما يجعل كلا منهم فاعلا في قتل المجني عليه عمدا ويجعل العقوبة الموقعة على كل منهم مبررة في حدود هذا القتل العمد الخالي من سبق الإصرار والترصد وهذا إلى ما أثبته الحكم من أن الإصابات المشاهدة بجسم القتيل تحدث كلها من جسم صلب أو ذي حافة حادة وسن مدبب كالسكين أو ما أشبه أما إصابات الرأس فكما يشير شكلها تحدث من الإصابة بجسم صلب مستطيل الشكل نوعا كالعصا أو زقلة أو ما أشبه وأن وفاة المذكور هى نتيجة هذه الإصابات كلها مجتمعة وما صحبها من صدمة عصبية ونزيف وقد ساهمت الإصابتان النافذتان للتجويف الصدري تحت بند 6 وبند 8 بالقسط الأكبر في إحداث الوفاة" مما يفيد أن كلا من الطاعنين, من كان منهم يحمل عصا ومن كان يحمل جسما صلبا ذا حافة حادة وسن مدبب كالسكين أو ما أشبه قد ساهم بفعله في قتل المجني عليه عمدا. لما كان ذلك, فإن مجادلة الطاعنين في سبق الإصرار ونية القتل لا يكون لها محل, ثم أنه لما كان يبين من الإطلاع على محاضر الجلسات أن المحكمة بهيئة أخرى وهى بسبيل تحضير القضية قبل نظرها, كانت قد قررت في إحدى الجلسات استمرار المرافعة لجلسة أخرى وكلفت النيابة بالاستفسار من المجموعة الصحية عن واقعة ذهاب شاهدتي الرؤية إلى تلك المجموعة في يوم الحادث وضم قضية الجناية رقم 464 ملوى سنة 1948 وإعلان الشهود الغائبين, ثم كان بجلسة المحاكمة أن ضمت قضية الجناية سالفة الذكر وان وردت إفادة المجموعة الصحية في الخصوص الذي طلبت من أجله دون أن تجري النيابة من جانبها أي تحقيق في هذا الخصوص, فنظرت المحكمة الدعوى وسمعت من حضر من الشهود واكتفت النيابة والدفاع بأقوال الشهود الغائبين في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوة هذه الأقوال وتليت بالجلسة فعلا. لما كان ذلك, وكان الدفاع لم يعترض على كل ذلك بشئ ولم يتمسك باستدعاء عمدة بلدة المتهمين لسماعه أو الشاهد عبد الحليم عبد الحميد جاد الله أو يطلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته في شئ عن إصابته, ثم وجدت المحكمة وهى مشكلة بهيئة أخرى أن الدعوى أصبحت صالحة للفصل فيها, وكان الحكم المطعون فيه إذ قال وهو بسبيل دعم التهمة على الطاعنين دون غيرهم إن إصابة عبد الحليم عبد الحميد جاد الله هى إصابة مفتعلة واستند في ذلك إلى ما يؤيد ذلك في العقل والمنطق, كما رد برد سائغ على ما طلبه الدفاع من استدعاء الطبيب لمناقشته في شأن عدم إصابة المجني عليه من بلطة ـ وهى الآلة التي قيل إن الطاعن كان يحملها في وقت الحادث. لما كان كل ذلك, فإن دعوى الطاعنين بإخلال المحكمة بحق الدفاع تكون على غير أساس... أما ما أثير في الطعن غير ما تقدم مما يدخل في موضوع الدعوى وتقدير أدلتها, فإن الحكم المطعون فيه قد تعرض له, ورد عليه بما يفنده, كما أن ما أخذ به من الأدلة على ثبوت الواقعة على الطاعنين يعتبر بذاته ردا كافيا على هذه الأوجه.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق