الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 مارس 2023

الطعن 444 لسنة 30 ق جلسة 24 / 6 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 129 ص 815

جلسة 24 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

--------------

(129)
الطعن رقم 444 لسنة 30 القضائية

(أ) عقد. "العقد القابل للإبطال". "الاستغلال والتواطؤ". أهلية.
التصرف الصادر من ذي غفلة أو من سفيه قبل تسجيل قرار الحجر عليه. قابليته للإبطال إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ. لا يشترط اجتماع الأمرين، توافر الاستغلال عند عدم تعادل التزامات المتصرف مع ما يحصل عليه من فائدة مع علم المتصرف إليه بحالة المتصرف. توافر التواطؤ عند توقع الحجر على المتصرف الذي يعمد إلى التصرف في أمواله بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب.
(ب) عقد. "العقد القابل للإبطال". "الاستغلال" أهلية. محكمة الموضوع.
تعادل ما يفيده السفيه أو ذي الغفلة من تصرفه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر مع التزاماته أو عدم تعادلها من سلطة محكمة الموضوع. استخلاص. انعدام التعادل بأسباب سائغة لا معقب عليه.

--------------
1 - يكفي وفقاً للفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني لإبطال التصرف الصادر من ذي غفلة أو من السفيه قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ، فلا يشترط اجتماع هذين الأمرين بل يكفي توافر أحدهما. والمقصود بالاستغلال هنا أن يعلم الغير بسفه شخص أو بغفلته فيستغل هذه الحالة ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة. أما التواطؤ فيكون عندما يتوقع السفيه أو ذو الغفلة الحجر عليه فيعمد إلى التصرف في أمواله لمن يتواطأ مع علمه ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب.
2 - تقدير ما إذا كانت الفائدة التي حصل عليها السفيه أو ذو الغفلة من التصرف الذي أصدره قبل تسجيل قرار الحجر تتعادل مع التزاماته أو لا تتعادل هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص انعدام هذا التعادل في التصرف الصادر إلى الطاعن من أن الثمن الذي اشترى به لا يتناسب البتة مع القيمة الحقيقية للعين المبيعة وقت التعاقد وكان هذا الاستخلاص من الحكم مستمداً من وقائع تؤدي إليه فإنه لا معقب عليه في ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام في 7 من يناير سنة 1957 الدعوى رقم 6 سنة 1957 كلي بني سويف ضد بكري مرسي حسن طالباً الحكم بصحة التعاقد الحاصل بينهما بعقد البيع العرفي المؤرخ 28 نوفمبر سنة 1956 المتضمن بيع المدعى عليه المذكور له 4 ف و3 ط و1 س المبينة بالصحيفة نظير ثمن قدره ألف جنيه وتسليم هذا القدر له وقال في بيان دعواه إن المدعى عليه باعه هذا القدر وقبض من الثمن 455 جنيهاً وقت تحرير العقد واشترط دفع الباقي وقدره 545 جنيهاً عند توقيعه على العقد النهائي وأنه إذ كانت العين المبيعة من استحقاق البائع في وقف أحمد الصايم فقد تعهد هذا البائع في العقد باتخاذ إجراءات شهر الوقف بمصاريف من عنده وبتقديم المستندات الدالة على ملكيته للأطيان المبيعة حتى يمكن تحرير العقد النهائي وتسجيله لكنه لم يف بالتزامه مما اضطر الطاعن لرفع هذه الدعوى عليه بالطلبات السابقة. وبتاريخ 4 من فبراير سنة 1957 قام الطاعن بإيداع باقي الثمن خزانة المحكمة وأعلن البائع بصورة من محضر الإيداع. وبجلسة 18 مارس سنة 1957 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لفقد البائع أهلية الخصومة بسبب توقيع الحجر عليه في 14 فبراير سنة 1957 للسفه والغفلة. وفي 31 من مارس سنة 1957 عجل الطاعن دعواه في مواجهة المطعون ضدها بصفتها قيمة على البائع فطعنت هذه في العقد بالبطلان تأسيساً على أنه صدر من المحجور عليه أثناء قيام حالة السفه والغفلة به وأن الطاعن كان يعلم بهذه الحالة وقت إبرام العقد وتواطأ مع المحجور عليه على إبرامه مستغلاً حالته هذه، وبتاريخ 14 مايو سنة 1958 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها بكافة طرق الإثبات أن عقد البيع المؤرخ 28 نوفمبر سنة 1956 صدر من محجورها نتيجة تواطئه مع المشتري واستغلال الأخير له وصرحت للطاعن بالنفي وبعد أن سمعت المحكمة شهود المطعون ضدها تنازل الطاعن عن سماع شهوده بحجة أن شهود الإثبات لم يثبتوا شيئاً مما كلفت المطعون ضدها بإثباته. وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة الابتدائية للطاعن بطلباته فاستأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 178 سنة 76 قضائية وفي 6 من نوفمبر سنة 1960 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن مقيمة قضاءها على أن العقد باطل لأن البائع كان عند إبرامه في حالة سفه وغفلة وكان التعاقد نتيجة استغلال وتواطؤ. طعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى رفض الطعن. ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 12 مايو سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه استناده إلى وقائع لا سند لها من أوراق الدعوى وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند أساساً في إثبات قيام التواطؤ والاستغلال إلى ثلاث مسائل وصفها بأنها قرائن (الأولى) أن عقد البيع حرر ووقع عليه شهوده بمداد مغاير للمداد الذي وقع به المحجور عليه مما استنتجت منه محكمة الاستئناف أن الطاعن أعد العقد مقدماً ثم انتهز فرصة انغماس المحجور عليه في لهوه واستوقعه عليه (الثانية) ما قرره شاهد الإثبات حسن عبد الله والد إحدى زوجات المحجور عليه من أن الطاعن أصر على إبرام العقد رغم تنبيه الشاهد له بأن من يريد التعاقد معه قد حجر عليه (الثالثة) أن العقد لم يثبت وجوده رسمياً إلا في 5 ديسمبر سنة 1956 تاريخ إيصال الخطاب المسجل الذي أرسله الطاعن إلى البائع لمطالبته بتقديم المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائي مما رتب عليه الحكم المطعون فيه أن العقد حرر بعد علم الطاعن بتقديم طلب الحجر من القيمة ذلك الطلب الذي قدم في 2 ديسمبر سنة 1956 - ويرى الطاعن أن هذه المسائل الثلاث التي جعلها الحكم عماده في القول بحصول التواطؤ والاستغلال لا سند لها من الواقع أو من أوراق الدعوى ذلك أن الواضح من أصل العقد المقدم من الطاعن بملف الطعن أن المداد الذي وقع به البائع هو بعينه المداد الذي كتبت به عبارات العقد وتوقيعات الشهود - وأنه حتى لو فرض جدلاً صحة ما ذهب إليه الحكم من أن لون المداد الذي وقع به البائع مخالف للون المداد الذي كتبت به باقي عبارات العقد فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم على ذلك من أن العقد أعد في زمن ومكان غير الزمن والمكان الذي حصل فيه التوقيع عليه من البائع إذ كثيراً ما يحدث أن يوقع الشخص على المحرر بقلمه الذي يكون مختلفاً في مداده عن مداد المحرر الذي يوقع عليه - أما عن أقوال الشاهد حسن عبد الله فيقول الطاعن إن الحكم أسند إلى هذا الشاهد ما يخالف الثابت في محضر التحقيق الذي أدلى فيه بشهادته فهو قد قرر أن العقد حرر بعد توقيع الحجر مما يقطع بكذبه لأن العقد قد ثبت تاريخه قطعاً قبل توقيع الحجر الذي لم يوقع إلا في 14 فبراير سنة 1957 لكن الحكم في سبيل تبرير الوصول إلى النتيجة التي أراد الوصول إليها أول أقوال الشاهد بأنه حين قرر أن العقد حرر بعد توقيع الحجر إنما قصد بذلك أن العقد حرر بعد تقديم طلب الحجر وهذا من الحكم تأويل وتخريج لأقوال الشاهد لا يمكن أن يؤدي إليهما معناها لأنها صريحة في أنه يعلم بأن الحجر وقع في سنة 1957 ومع ذلك فقد أصر على أن العقد انعقد بعد توقيع هذا الحجر فعلاً. ويقول الطاعن عن المسألة الثالثة التي استند إليها الحكم إن ما قرره هذا الحكم من أن العقد لم يثبت قيامه رسمياً إلا في 5 من ديسمبر سنة 1956 مخالف لما هو مؤشر به من مصلحة الشهر العقاري على عريضة دعواه الابتدائية من أن طلب الشهر قدم منه في 2 ديسمبر سنة 1956 مما يقطع بأن العقد كان موجوداً من قبل هذا اليوم أي من قبل تقديم طلب الحجر لأن هذا الطلب لم يقدم إلا في هذا التاريخ.
وحيث إنه يكفي وفقاً للفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني لإبطال التصرف الصادر من ذي غفلة أو من السفيه قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ، فلا يشترط اجتماع هذين الأمرين بل يكفي توافر أحدهما, والمقصود بالاستغلال هنا أن يعلم الغير بسفه شخص أو بغفلته فيستغل هذه الحالة ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة, أما التواطؤ فيكون عندما يتوقع السفيه أو ذو الغفلة الحجر عليه فيعمد إلى التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته أن حالة السفه والغفلة كانت قائمة بالبائع وشائعة من قبل إبرامه عقد البيع محل النزاع بمدة طويلة ودلل الحكم على ذلك بما ثبت من التحقيق الذي أجرته محكمة الأحوال الشخصية التي أوقعت الحجر من أن المحجور عليه (البائع) كان يبذر أمواله على ملذاته ويضيعها فيما لا مصلحة له فيه وفي وجوه لا يرتضيها العقل ولا يقرها الشرع وأنه منذ صدور قانون إنهاء الوقف على غير الخيرات أخذ في التصرف في أملاكه بالبيع بغير مقتض وقبل إنهاء الوقف كان يعمد إلى تأجير أطيانه ومن بينها العين المبيعة لمدد طويلة ومتلاحقة وبإيجار بخس ويقبض الأجرة مقدماً وينفقها في هواية اقتناء الخيل والحمير للطواف بها في الحفلات وأنه ثبت من عقد الإيجار المؤرخ 19 إبريل سنة 1944 أنه أجر للطاعن أربعة أفدنة واثني عشر قيراطاً لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول يونيه سنة 1944 بواقع الفدان ستة جنيهات وقبض أكثر من نصف الإيجار مقدماً كما ثبت من العقد المؤرخ 13 يونيه سنة 1950 أنه أجر ذلك القدر للطاعن لمدة ثلاث سنوات أخرى بواقع إيجار الفدان الواحد سبعة جنيهات ونصف وقبض الإيجار مقدماً عدا مبلغ ثلاثين جنيهاً احتجزها المستأجر (الطاعن) لحساب الأموال الأميرية وقال الحكم إنه لا شك في بخس قيمة هذا الإيجار بمراعاة قيمة الضريبة المقررة على الأطيان ومراعاة الثمن الذي بيعت به وما قرره الطاعن نفسه في المذكرة التي قدمها لمحكمة الدرجة الأولى لجلسة 26 فبراير سنة 1958 من أن القيمة الإيجارية للفدان كانت قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي تتراوح بين أربعين وخمسين جنيهاً، وبعد أن دللت المحكمة على بخس الثمن الذي تم به البيع للطاعن بعدم تناسبه مع القيمة الحقيقية لمثل العين المبيعة بمراعاة سقعها وقيمة الضريبة المقررة عليها خلصت إلى القول "وحيث إنه من كل ذلك يكون قد قام لدى هذه المحكمة أن المستأنف ضده (الطاعن) كان على اتصال بالمحجور عليه من سنة 1944 وعلم بحالة السفه والغفلة التي هو عليها فانتهز فرصة قيام المحجور عليه على إدارة حصة له في وقف واستأجر منه بعض أعيان هذه الحصة بإيجار بخس ولمدة طويلة ودأب على استغلال هواية عرفها لدى المحجور عليه فقدم له بعض الدواب التي يستخدمها في الطواف على الاحتفالات ويسر له أمر اقتنائها بما عجله له من أجرة الأطيان ثم تعقبه بعد ذلك لما أن أطلقت يده في أعيان حصته في الوقف بعد أن صدر القانون الخاص بإنهاء الوقف على غير جهات البر واشترى منه العين موضوع الدعوى بعد أن عرف زهده في أطيانه مؤثراً عليها شراء الدواب تحقيقاً لهوايته السابقة" ولما كان هذا الذي قرره الحكم من شأنه أن يؤدي إلى قيام الاستغلال الذي يكفي بذاته لإبطال العقد دون حاجة إلى قيام تواطؤ إلى جانبه وكانت المسألتان الثانية والثالثة المشار إليهما بسبب الطعن قد أوردهما الحكم للتدليل على قيام التواطؤ وليس في مقام إثبات الاستغلال كما أن القرينة الأولى المستمدة من اختلاف المداد المحرر به صلب العقد عن المداد الذي وقع به البائع هذه القرينة غير مؤثرة لا في قيام التواطؤ أو الاستغلال فإن النعي بهذا السبب يكون بفرض صحته غير منتج ما دام أنه لا يتجه إلى تقريرات الحكم بشأن توفر عنصر الاستغلال الذي يكفي وحده لحمل النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن مبنى السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أقيم على استدلال غير سائغ ووقائع لا سند لها من الحقيقة وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن هذا الحكم أخذ من قول شيخ البلدة أمام محكمة الأحوال الشخصية التي قضت بتوقيع الحجر ما اعتبره دليلاً قاطعاً على أن حالة البائع التي استوجبت الحجر كانت قديمة وترجع إلى عهد إصدار قانون الوقف على غير الخيرات وهذا من الحكم استخلاص غير سائغ لأن مجرد شهادة شاهد لا تعتبر دليلاً قاطعاً لا سيما إذا تعلقت بواقعة مادية تنفيها الأوراق إذ أن المطعون ضدها لم تقدم الدليل على حصول تصرفات من المحجور عليه في سنة 1952 سوى بيعه 23 ط و6 س بسعر مرتفع وتصرف آخر صدر منه وسجل في سنة 1954 كما أن المفهوم من طلب توقيع الحجر الذي قدمته إلى محكمة الأحوال الشخصية أن الثمانية الأفدنة التي باعها المحجور عليه قد بيعت في السنة السابقة لتقديم هذا الطلب مما ينفي ما قرره الحكم من أن حالة السفه والغفلة حالة قديمة، كذلك فإن استدلال الحكم على أن هذه الحالة كانت شائعة ومعروفة بعلم رجال الإدارة المحلية بها هو استدلال غير سائغ لأن ما يتصل بعلم هؤلاء بحكم عملهم لا يكون شائعاً ومعلوماً للكافة كما أن ما يعتبر معلوماً في بلدة لا يجوز افتراض علم أهالي البلاد الأخرى به وبالتالي ما كان يجوز افتراض علم الطاعن بحالة المحجور عليه لأنه لا يقيم في نفس بلدته، ثم إن ما قرره الحكم من أن المحجور عليه كان قبل إنهاء الوقف يعمد إلى تأجير أطيانه لمدد طويلة متلاحقة ينطوي على مقدمة غير صحيحة لأن عقود الإيجار المقدمة من المطعون ضدها لمحكمة الموضوع ليس بينها سوى عقدي إيجار بين المحجور عليه والطاعن وهما غير متلاحقين إذ أحدهما عن ثلاث سنوات من 1944 إلى 1947 والثاني عن ثلاث سنوات من 1950 إلى 1953 وإذا كان الإيجار قد وصل في هذين العقدين إلى ستة جنيهات وسبعة ونصف فذلك لأن هذا السعر هو الذي كان جارياً في المنطقة التي بها الأطيان المؤجرة هذا إلى أن الحكم قد ذكر في مقام التدليل على الاستغلال أن الطاعن ضمن العقد ما شاء أن يضعه من شروط وجد من المحجور عليه استجابة لقبولها دون أن يبين الحكم ماهية هذه الشروط كما أنه استند في قضائه إلى واقعتين لا سند لهما من أوراق الدعوى، الأولى ذيوع أمر البدء في اتخاذ إجراءات الحجر على البائع وذيوع تماديه في الخروج عن ملكه وعلم الطاعن بذلك، والثانية علم الطاعن بواقعة التأجير لمدد طويلة وقبض الأجرة مقدماً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وإن ذكر أن فيما شهد به نائب عمدة بني سويف وشيخ البلدة أمام محكمة الأحوال الشخصية الدليل القاطع على أن حالة المطلوب الحجر عليه التي استوجبت توقيع الحجر كانت قديمة وشائعة وترجع إلى عهد إصدار قانون إنهاء الوقف في سنة 1952 إلا أن ذلك الحكم لم يقتصر في التدليل على هذه الواقعة بأقوال هذين الشاهدين بل إنه - على ما تقدم ذكره في الرد على السبب الأول - ساق للتدليل على ذلك عدة قرائن أخرى منها تأجير المحجور عليه أرضه للطاعن ولغيره ابتداء من سنة 1944 لمدد طويلة متلاحقة وبإيجار بخس وتصرفه في أطيانه بالبيع بعد صدور قانون إنهاء الوقف بأثمان زهيدة وإنفاقه أمواله في ملذاته وهواية اقتناء الدواب للطواف بها على الحفلات - لما كان ذلك، وكان قاضي الموضوع حراً في استنباط القرائن التي يأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها وكانت القرائن التي اعتمد عليها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من قيام حالة السفه والغفلة بالبائع وذيوعها من قبل إبرامه عقد البيع محل النزاع وعلم المشتري الطاعن بهذه الحالة عند استصدار هذا العقد منه وكان الحكم المطعون فيه خلافاً لما يقوله الطاعن بسبب الطعن - لم يذكر أن عقود الإيجار الصادرة إليه من المحجور عليه كانت متلاحقة بل إن حقيقة ما ذكره هو أن المحجور عليه كان قبل إنهاء الوقف يعمد إلى تأجير أطيانه - للطاعن وغيره - لمدد طويلة ومتلاحقة ولم يسند إلى الطاعن استئجاره أرضاً من المحجور عليه سوى مرتين الأولى بعقد 19 إبريل سنة 1944 لمدة ثلاث سنوات والثانية بعقد 13 يونيه سنة 1950 لمدة ثلاث سنوات أيضاً - لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب خاصاً بتدليل الحكم على قيام حالة السفه والغفلة بالبائع وعلم الطاعن بهذه الحالة وقت إبرامه العقد معه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض - أما ما جاء بسبب النعي بشأن ما قرره الحكم من ذيوع أمر البدء في اتخاذ إجراءات الحجر على البائع وعلم الطاعن بذلك فإن هذا النعي غير منتج لوروده على تقريرات الحكم في مقام التدليل على التواطؤ وهو ما لم يكن بحاجة إليه بعد أن أثبت توفر عنصر الاستغلال الذي يكفي وحده لحمل النتيجة التي انتهى إليها على ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق كذلك فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله بيان الشروط التي فرضها الطاعن على المحجور عليه في العقد بعد أن وجد استجابة منه إليها - هذا النعي مردود بأنه بحسب الحكم لإثبات باقي عناصر الاستغلال ما ذكره من أن من بين تلك الشروط بخس الثمن بخساً لا يتناسب البتة مع القيمة الحقيقية للعين المبيعة.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وإغفال دفاع جوهري له وفي بيان ذلك يقول إنه يشترط لقيام الاستغلال الذي يؤدي إلى إبطال التصرف الصادر من ذي الغفلة أو السفيه قبل تسجيل قرار الحجر وفقاً للمادة 115 من القانون المدني أن يكون ما يعطيه المتصرف غير متعادل مع ما يأخذه وهذا يقتضي ثبوت أن الثمن الذي اشترى به الطاعن غير متعادل مع ثمن المثل للعين المبيعة ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بعدم تناسب الثمن الوارد في العقد مع القيمة الحقيقية للعين المبيعة دون أن يبين ما هي هذه القيمة الحقيقية لمثل تلك العين حتى تستطيع محكمة النقض مراقبته في تطبيق عنصر الاستغلال الذي قال بتوفره فإنه يكون قاصر البيان في هذا الخصوص قصوراً منطوياً على مخالفة القانون - هذا إلى أن الحكم فيما قرره من عدم تناسب الثمن مع القيمة الحقيقية للعين المبيعة قد خالف الثابت بالأوراق وأهدر دفاعاً تقدم به الطاعن وعززه بالمستندات فقد تمسك في مذكراته التي قدمها إلى محكمة الموضوع بأن الثمن الذي اشترى به يتناسب مع القيمة الحقيقية للعين المبيعة وقدم تأييداً لذلك عقوداًً تفيد بيع آخرين لمشترين غيره أطياناً مماثلة لهذه العين بأثمان تقل عن الثمن الذي اشترى به لكن محكمة الاستئناف لم تعر هذه المستندات القاطعة التفاتاً ولم تشر إليها بكلمة في حكمها مما يشوبه بالقصور أيضاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن بين حالة السفه والغفلة التي كان يتردى فيها البائع ودلل على علم الطاعن بهذه الحالة واستغلاله لها بقصد سلب مال البائع بثمن بخس قال الحكم "هذا فضلاً عن عدم تناسب قيمة الثمن الوارد بالعقد مع القيمة الحقيقية لمثل العين المبيعة بمراعاة سقعها وقيمة الضريبة المقررة عليها ذلك لأن قيمة الأطيان في السوق أكثر من القيمة المقررة للأطيان الخاضعة لقانون الإصلاح الزراعي لا سيما أن المستأنف ضده (الطاعن) مقر بأن إيجارها الحقيقي كان في سنة 1952 قبل صدور قانون الإصلاح يقدر بأربعين أو خمسين جنيهاً". ولما كان تقدير ما إذا كانت الفائدة التي حصل عليها السفيه أو ذو الغفلة من التصرف الذي أصدره قبل تسجيل قرار الحجر تتعادل مع التزاماته أو لا تتعادل هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص انعدام هذا التعادل في التصرف الصادر إلى الطاعن من أن الثمن الذي اشترى به لا يتناسب البتة مع القيمة الحقيقية للعين المبيعة وقت التعاقد وكان هذا الاستخلاص من الحكم مستمداً من وقائع تؤدي إليه فإنه لا معقب عليه في ذلك - ولم يكن على الحكم بعد هذا أن يحدد القيمة الحقيقية للعين المبيعة لأن هذا البيان غير لازم ما دام المشرع لم يضع معايير محددة يجب اتباعها عند تقدير الفائدة التي حصل عليها المتصرف إليه بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله الإشارة إلى عقود البيع التي قدمها للتدليل على أن الثمن الذي اشترى به مناسب فمردود بأن الحكم أشار إلى هذه العقود عند تحصيله دفاع الطاعن وهو وإن كان لم يرد عليها صراحة إلا أن في تصريحه بأنه اعتمد في تقدير القيمة الحقيقية للعين المبيعة على سقعها وقيمة الضريبة المربوطة عليها والقيمة الإيجارية لها قبل تحديدها بقانون الإصلاح الزراعي ما يفيد إطراحه تلك المستندات وما يحمل الرد الضمني على دفاع الطاعن المستند إليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق