الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 مارس 2023

الطعن 581 لسنة 35 ق جلسة 28 / 5 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 149 ص 933

جلسة 28 من مايو سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(149)
الطعن رقم 581 لسنة 35 القضائية

( أ ) رسوم. "رسوم قضائية". دعوى. "نظر الدعوى".
عدم سداد الرسوم المستحقة على القضية بعد قيدها. أثره. وجوب استبعادها من جدول الجلسة.
(ب) وكالة. "وكالة مستترة" . عقد "أثر العقد".
جواز إبرام الوكيل للعقد بصفته أصيلاً إذا لم يعلن عن نيابته وقت التعاقد. وكالته في هذه الحالة مستترة. حكمها. ترتب قبل الأصيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة.

-----------------
1 - على المحكمة طبقاً للمادة الثالثة عشرة من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية أن تستبعد القضية من جدول الجلسة إذا لم تسدد الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها.
2 - مفاد نصوص المادتين 713 و106 من القانون المدني أنه يجوز للوكيل أن يبرم العقد الذي تخوله الوكالة إصداره لا بصفته وكيلاً ولكن بصفته أصيلاً وذلك إذا لم يعلن وقت التعاقد عن صفته كنائب، ويعتبر وكأنه قد أعار اسمه للأصيل الذي وكله في إبرام العقد، وحكم هذه الوكالة المستترة أنها ترتب قبل الأصيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة، فينصرف أثر العقد المبرم إلى الأصيل وإلى من يتعاقد مع الوكيل المستتر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة عطيات علي محمود سليمان أقامت الدعوى رقم 1565 سنة 1958 مدني القاهرة الابتدائية ضد عبد الملاك عبد السيد إبراهيم تطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5 مارس سنة 1958 الصادر لها من المدعى عليه ببيع المنزل رقم 29 شارع المدبح قسم عابدين لقاء ثمن قدره 400 ج والتسليم، وقالت شرحاً لدعواها إنه رغم قيامها بسداد الثمن للبائع فإنه لم ينفذ التزاماته المترتبة على العقد، وبجلسة 8/ 5/ 1958 تدخل يونان عبد السيد إبراهيم شقيق المدعى عليه ووالدته مريم اسطافانوس حواش خصمين في الدعوى منضمين إلى المدعى عليه في طلب رفضها، استناداً إلى أنهما شريكان معه في ملكية المنزل المذكور وأن البيع لا يسري في حقهما، وفي 4/ 10/ 1958 اختصمتهما المدعية وعدلت طلباتها إلى طلب الحكم لها أصلياً بصحة ونفاذ البيع في حالة موافقتهما عليه وإلا فيحكم لها بفسخ العقد وإلزام البائع بأن يرد إليها الثمن ومبلغ 200 ج على سبيل التعويض، واستندت إلى صورة شمسية من توكيل منسوب صدوره إلى يونان عبد السيد ووالدته ومصدق على توقيعاته بمكتب توثيق القاهرة في 30/ 4/ 1958 يتضمن توكيلهما لعبد الملاك في التوقيع على العقد النهائي لبيع المنزل رقم 29 بشارع المدبح، وطعن يونان ووالدته في هذا التوكيل بالتزوير، وإذ تنازلت المدعية عن التمسك بالصورة الشمسية للتوكيل فقد حكمت المحكمة بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير، وفي 11/ 4/ 1961 صدر الحكم رقم 205 سنة 1958 كلي أحوال شخصية القاهرة بالحجر على عبد الملاك عبد السيد وإقامة شقيقه يونان قيماً عليه فاختصمت المدعية يونان بهذه الصفة أيضاً، واستأنفت المدعية حكم الحجر حيث قضي في الاستئناف رقم 27 سنة 78 ق أحوال شخصية القاهرة في 31/ 12/ 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض طلب الحجر، وبعد أن سمعت محكمة أول درجة دفاع الطرفين حكمت في 1/ 12/ 1962 (أولاً) برفض الدعوى بالنسبة لطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع (ثانياً) بفسخ العقد وإلزام البائع عبد الملاك بأن يدفع للمدعية مبلغ 600 ج والمصروفات، واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بصحة ونفاذ البيع وقيد هذا الاستئناف برقم 2055 سنة 75 ق، وبتاريخ 2/ 11/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/ 3/ 1958 المتضمن بيع عبد الملاك عبد السيد عن نفسه وبصفته وكيلاً عن شقيقه يونان ووالدته مريم العقار الموضح بالصحيفة نظير ثمن قدره 400 ج وإلزام يونان عبد السيد بصفته قيماً على شقيقه المحجور عليه عبد الملاك بالمصروفات عن الدرجتين. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفضه وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور من وجوه (أولها) أنه قضى بصحة ونفاذ البيع المؤرخ 5/ 3/ 1958 المتضمن بيع عبد الملاك عبد السيد إبراهيم للمطعون عليها عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعنين العقار موضوع النزاع في حين أن المطعون عليها لم تتمسك بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة ولم تطلبه إلا في المرحلة الاستئنافية، وفي حين أن الثابت من عقد البيع المذكور أنه صدر من عبد الملاك عن نفسه دون إشارة لأية نيابة أو وكالة من الطاعنين تخلوه بيع نصيبهما في العقار المبيع بل نص فيه على أن البائع يملك وحده هذا العقار بعضه بالميراث والبعض الآخر بمقتضى عقد قسمة تم بينه وبين باقي الورثة (وثانيها) أنه أغفل الفصل في الاستئناف المقابل المرفوع من الطاعن الأول بصفته قيماً على المحجور عليه واكتفى بالقول بأنه يلتفت عن هذا الاستئناف لعدم سداد الرسوم المستحقة عليه وهو أساس لا يحمل قضاءه، هذا إلى أن الحكم رغم التفاته عن الاستئناف المذكور فقد تصدى لما أثير فيه حول أهلية البائع وتوافر ركن الرضا في البيع (وثالثها) أنه عول في قضائه على شهادة مقدمة من المطعون عليها وصادرة من مصلحة الشهر العقاري وتفيد صدور التوكيل رقم 3462 توثيق القاهرة في 4/ 11/ 1957 من الطاعنين بتوكيل عبد الملاك عبد السيد في بيع نصيبهما في المنزل موضوع النزاع واعتبر هذه الشهادة دليلاً كاملاً على صدور التوكيل وصحته، في حين أنها لا تعدو أن يكون مجرد إخبار رسمي عن نسبة توكيل للطاعنين يحتمل أن يكون مزوراً ولا تنهض دليلاً قانونياً كاملاً على صحته ولا يحتج بها عليهما (ورابعها) أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما في مرحلتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية بأنه لم يصدر منهما ثمة توكيل للبائع يخوله بيع نصيبهما في المنزل موضوع النزاع وأنكرا على المطعون عليها قولها بصدور توكيلين منهما بذلك وقررا بأن الشهادتين المقدمتين منهما بنسبة هذين التوكيلين لهما لا تدلان على صدورهما منهما بل إنهما مزوران عليهما، وبالرغم من أن المطعون عليها لم تقدم أصل هذين التوكيلين فقد اتخذا إجراءات الطعن بالتزوير فيهما بقلم كتاب المحكمة الابتدائية وقد أقرت المطعون عليها في مذكرتها المقدمة بجلسة 1/ 12/ 1962 بجحد الطاعنين للتوكيلين المذكورين، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يتناول دفاعهما ولم يرد عليه مع أنه دفاع جوهري لو عني بتمحيصه لتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) بأن الثابت مما أورده الحكم الابتدائي أن المطعون عليها بعد أن أقامت دعواها ضد عبد الملاك عبد السيد عادت واختصمت الطاعنين وطلبت أصلياً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5/ 3/ 1958 الصادر لها من المدعى عليه الأول عبد الملاك عبد السيد عن نفسه وبصفته وكيلاً عن المدعى عليهما الثاني والثالث والمتضمن بيعه لها العقار الموضح بالصحيفة لقاء ثمن قدره 400 ج واحتياطياً الحكم بفسخ عقد البيع، ويبين كذلك من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه أثبت تمسك المطعون عليها في أسباب استئنافها بأن محكمة أول درجة قد أخطأت بإغفالها التوكيل رقم 3462 سنة 1957 توثيق الخليفة والتوكيل رقم 1056 سنة 1958 توثيق القاهرة رغم صدور أولهما من الطاعنين في 4/ 11/ 1957 ومن قبل صدور عقد البيع بتخويل الوكيل عبد الملاك ببيع نصيبهما في المنزل محل النزاع وصدور الثاني بهذا المعنى وإن جاء لاحقاً لعقد البيع. ومفاد ذلك أن المطعون عليها قد تمسكت أمام محكمة أول درجة بطلب الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر لها من عبد الملاك عبد السيد عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعنين، ومن ثم فإن القول أن هذا الطلب قد طرح لأول مرة على محكمة الاستئناف يكون على غير أساس. ومردود في الوجه (الثاني) بأن على المحكمة طبقاً للمادة الثالثة عشرة من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية أن تستبعد القضية من جدول الجلسة إذا لم تسدد الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها. وإذ كان الطاعنان لم يسددا الرسوم المستحقة على استئنافهما المقابل وأمرت المحكمة باستبعاده لهذا السبب ولم تفصل فيه فإنها لا تكون قد خالفت القانون. ولا وجه للنعي على الحكم بأنه تصدى لدفاع الطاعنين الذي أبدياه في مذكرتيهما المقدمتين في الاستئناف المقابل رغم التفاته عنه. ذلك بأن هاتين المذكرتين قد تضمنتا دفاع الطاعنين في الاستئناف الأصلي فكان على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع وهي في مقام الفصل في الاستئناف المذكور. ومردود في الوجهين (الثالث والرابع) بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في خصوص صحة البيع الصادر من عبد الملاك عبد السيد بصفته وكيلاً عن الطاعنين على ما قرره من أن "إجراءات الادعاء بالتزوير التي سلكها المستأنف ضدهما الثاني والثالثة انصبت على الصورة الشمسية للتوكيل الموثق في 30/ 4/ 1958 رقم 1056 وقضت محكمة أول درجة بإنهاء هذه الإجراءات لعدم تمسك المستأنفة بهذه الصورة، أما التوكيل رقم 3462 الموثق في 4/ 11/ 1957 مأمورية توثيق الخليفة والمنسوب صدوره من المستأنف عليهما للمستأنف ضده الأول والذي يصرحان له فيه بأن يبيع ما يخص كل منهما في المنزل موضوع الدعوى، فإنه رغم تقديم الشهادة الدالة على صدور هذا التوكيل بجلسة 11/ 6/ 1960 18 دوسيه المفردات، فإن المستأنف عليهما المذكورين تغافلا عنه وطعنا بتاريخ لاحق على الصورة الشمسية للتوكيل اللاحق على البيع وتركا التوكيل المذكور مع أنه سابق عليه، فهو إذن حجة عليهما ومأخوذان به". وهذا الذي أقيم عليه الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمله فيما انتهى إليه من أن الطاعنين قد أصدرا التوكيل رقم 3462 توثيق الخليفة بتاريخ 4/ 11/ 1957 إلى البائع عبد الملاك عبد السيد للتصرف في حصتهما في المنزل موضوع النزاع، ولا وجه لما يثيره الطاعنان في سبب الطعن من إنكار صدور هذا التوكيل منهما والتمسك بعدم صلاحية الشهادة المقدمة من المطعون عليها في إثبات صحته، ذلك أنهما لم يقدما ما يدل على سبق تمسكهما بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، هذا بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه سجل أن الطاعنين لم يطعنا على التوكيل المشار إليه بالشهادة سالفة الذكر وقصرا طعنهما على التوكيل اللاحق لعقد البيع، ومن ثم فإن الدفاع المذكور يعتبر دفاعاً جديداً لا يصح التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم انتهى إلى أن العقد المقضى بصحته ونفاذه صدر من البائع عن حصة يملكها بالميراث الشرعي وعن حصتي الطاعنين بطريق الوكالة عنهما، في حين أنه لو صح فرضاً صدور توكيل منهما قبل عقد البيع المؤرخ 5/ 3/ 1957 يخوله بيع نصيبهما في المنزل الذي تضمنه العقد المذكور، فإن هذه الوكالة لم تكن مرعية من المتعاقدين وقت التعامل وحتى بعد رفع الدعوى ونظرها، إذ الثابت في العقد أن المتعاقدين قد انصبت إرادتهما على إفراغ تعامل بين أصيلين وكانا على علم بأن المتصرف إنما يبيع عقاراً يدعي ملكيته وحده، البعض منه بطريق الميراث والباقي بموجب عقد قسمة مع الطاعنين، فلما كشف الأمر قدمت المطعون عليها الصورة الشمسية للتوكيل المزور على الطاعنين رقم 1059 سنة 1958 توثيق القاهرة على أساس أنه يخول المتصرف بيع نصيب الطاعنين في المنزل وقدمت أيضاً شهادتين عن هذا التوكيل وتوكيل آخر رقم 3462 سنة 1957 وفوق أن هذين التوكيلين مزوران فإنهما معدوما الأثر قانوناً لأنه لم يكن مرعياً وقت التعاقد أن البائع يتصرف في نصيب الطاعنين بالوكالة عنهما، هذا إلى أن المطعون عليها علقت طلبها الأصلي وهو الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع على إقرار الطاعنين للبيع وإلا يحكم لها بطلبها الاحتياطي وهو فسخه، والثابت أن الطاعنين لم يقرا البيع المذكور في أية مرحلة من مراحل التقاضي مما كان يتعين معه عدم إجابتها لطلبها الأصلي. (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أنه لم يقم دليل في الدعوى على علم المشترية بشيوع حالة جنون البائع وقت التعاقد، وهو استدلال فاسد جاء على خلاف الثابت في أوراق الدعوى من سبق الحجر عليه للجنون والإبلاغ عن هذا الجنون بالطلب المقيد برقم 892 سنة 1957 تبليغات قبل تحرير عقد البيع موضوع النزاع في 5/ 3/ 1948 ومن إعادة الحجر عليه في 16/ 6/ 1964 بالطلب 112 ب لسنة 1964 وإيداعه بمعرفة السلطات مستشفى الأمراض العقلية وأن المطعون عليها كانت على بينة منها قبل التعاقد.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) بأن النص في المادة 713 من القانون المدني على أن "تطبق المواد من 104 إلى 107 الخاصة بالنيابة في علاقة الموكل والوكيل بالغير الذي يتعامل مع الوكيل" وفي المادة 106 من هذا القانون على أنه "إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً فإن أثر العقد لا يضاف إلى الأصيل دائناً أو مديناً إلا إذا كان من المفروض حتماً أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة، أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب"، يدل على أنه يجوز للوكيل أن يبرم العقد الذي تخوله الوكالة إصداره لا بصفته وكيلاً ولكن بصفته أصيلاً، ذلك أن وكالته في هذه الحالة تكون مستترة ويعتبر وكأنه قد أعار اسمه للأصيل الذي وكله في إبرام العقد وحكم هذه الوكالة المستترة أنها ترتب قبل الأصيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة المسافرة، فينصرف أثر العقد المبرم إلى الأصيل وإلى من يتعاقد مع الوكيل المستتر. إذ كان ذلك وكان الثابت أن المطعون عليها بعد أن اشترت منزل النزاع من عبد الملاك عبد السيد باعتباره أصيلاً في العقد ومالكاً له وحده، وبعد أن أقامت دعواها ضده بصحة ونفاذ هذا العقد حصلت على توكيل صادر له من الطاعنين يخولانه بيع نصيبهما في المنزل المذكور، فاختصمتهما بهذه الصفة فعلاً ليقضي في مواجهتهما بطلباتها بصحة ونفاذ هذا العقد وكان الحكم المطعون فيه قد استجاب لطلباتها بعد أن تحقق من توكيل الطاعنين للبائع عبد الملاك في بيع نصيبهما، في منزل النزاع فإنه لا يكون مخالفاً للقانون، ذلك أنه وإن صدر العقد من عبد الملاك وحده كبائع أصيل وخلا من ذكر وكالته عن الطاعنين في بيع نصيبهما، فإن هذا التصرف منه لا يعدو أن يكون تصرف وكيل مستتر ينصرف أثره إلى الطاعنين كموكلين - ما دامت الوكالة ثابتة - وإلى المطعون عليها ما دامت متمسكة بها. ولا وجه لما يثيره الطاعنان من أن الحكم قضى بصحة العقد على الرغم من تعليق المطعون عليها هذا الطلب على موافقة الطاعنين عليه، ذلك أن تعليق المطعون عليها الحكم لها بصحة التعاقد على إقرار الطاعنين مرده ما أبدياه من منازعة في صدور وكالة منهما للبائع تخوله بيع نصيبهما في المنزل، وأما وقد قدمت ما يثبت هذه الوكالة وتمسكت بها، وانتهت محكمة الموضوع إلى ثبوت قيام الوكالة التي تخول البائع بيع نصيب الطاعنين في المنزل موضوع العقد، فإنه لا تكون هناك حاجة لتعليق إجابة طلب صحته ونفاذه على إقرار الطاعنين له. ومردود في الوجه (الثاني) بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بصحة عقد البيع لصدوره من عبد الملاك عبد السيد وهو كامل الأهلية على قوله "إن عقد البيع صدر في 5/ 3/ 1958 أي قبل صدور قرار الحجر بتاريخ 16/ 6/ 1964 وتسجيله بعدة سنوات. وإذ كانت العبرة في تحري أهلية العاقد هي بحالته في الوقت الذي يعقد فيه العقد فإن ركن الرضاء الصحيح وهو أحد أركان العقد قد صدر من البائع عن إرادة حرة غير مشوبة" وأن "المادة 114 من القانون المدني والذي أبرم عقد البيع في ظله جاءت بحكم جديد لم يكن مقرراً في القانون السابق، إذ أوجبت لبطلان التصرف السابق على تسجيل قرار الحجر أن تكون حالة الجنون شائعة أو أن يكون المتصرف إليه على بينة منها، الأمر غير المتوفر في الدعوى الحالية لانعدام الدليل على ذلك، ومن ثم فلا تأثير لقرار الحجر الأخير على التصرف محل المنازعة" ومن ذلك يبين أن الحكم قد استخلص من الواقع في الدعوى انتفاء شيوع حالة الجنون وأن المطعون عليها لم تكن تعلم بهذه الحالة عند التعاقد، وهو استخلاص موضوعي سائغ يتعلق بتقدير الدليل مما يستقل به قاضي الدعوى ولا يصح الجدل فيه أمام هذه المحكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق