جلسة 17 من يونيه سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
-----------------
(122)
الطعن رقم 336 لسنة 30 القضائية
(أ، ب) "تقادم. "تقادم مكسب". حيازة.
(أ) الهدوء كشرط للحيازة المكسبة للملكية. المقصود به. عدم اقترانها بالإكراه من جانب الحائز وقت بدئها.
(ب) التعدي الذي يقع أثناء الحيازة لا يشوب هدوءها. توجيه إنذار إلى الحائز من منازعه لا ينفي صفة الهدوء عن الحيازة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 331 لسنة 1952 مدني كلي بنها ضد الطاعنين بعريضة معلنة إليهم في 13 من إبريل سنة 1952 طلبت فيها تثبيت ملكيتها إلى 1 ف و12 ط شيوعاً في الأربعة أفدنة المبينة الحدود والمعالم بالعريضة وتسليمها إليها وقالت في بيان ذلك إنها اشترت هذه الأطيان بموجب عقد بيع مؤرخ 15 من يناير سنة 1938 صادر لها من والدتها هانم إسماعيل دياب وحكم بصحة التوقيع عليه من محكمة الموسكي في القضية رقم 2407 سنة 1938 وسجل الحكم في 27 من ديسمبر سنة 1939. ولما كان الطاعنون ينازعونها في ملكية هذا القدر فقد أقامت دعواها بطلباتها السابقة - دفع الطاعنون الدعوى بأنهم تملكوا القدر المتنازع عليه بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إذ أنه يدخل ضمن عقد شرائهم المسجل في 20/ 8/ 1936 الصادر لهم ممن يدعى خريستو دين الذي تملك بدوره هذا القدر ضمن 15 ف و15 ط بموجب حكم مرسى مزاد صادر له من محكمة مصر المختلطة في 14/ 11/ 1934 ومسجل برقم 7904 وتنفذ بمحضر تسليم رسمي مؤرخ 5/ 6/ 1935 وأنهم وضعوا اليد على الأطيان المبيعة إليهم بما في ذلك القدر المتنازع عليه من تاريخ شرائهم من مدة زادت على خمس عشرة سنة سابقة على رفع الدعوى. وفي 22/ 12/ 1954 حكمت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى العين موضوع النزاع وبحث سند ملكية كل من الطرفين وبيان ما إذا كان القدر المتنازع عليه يدخل ضمن الأطيان الواردة في حكم مرسى المزاد أم لا - وتحقيق وضع اليد وسببه. وبعد أن باشر الخبير مهمته وقدم تقريره منتهياً فيه إلى أن الأطيان موضوع النزاع لا تدخل ضمن حكم مرسى المزاد، حكمت المحكمة في 24/ 2/ 1958 بتثبيت ملكية المدعية (المطعون ضدها) إلى 1 ف و12 ط شيوعاً في الأربعة أفدنة المبينة الحدود والموقع بصحيفة افتتاح الدعوى وتسليم هذا القدر إليها - استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 589 سنة 75 ق القاهرة وفي 28 من مايو سنة 1960 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 24/ 12/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه ذكر في أسبابه أن الأطيان موضوع النزاع كانت في وضع يد البائعة للمطعون ضدها حتى سنة 1935 حين استولى عليها خريستو دين تنفيذاً لحكم مرسى المزاد وفي سنة 1936 وضع الطاعنون اليد عليها وأن حيازة خريستو دين والطاعنين من بعده لم تكن مبرأة من العيوب وقد استدل الحكم على عدم هدوء حيازة الطاعنين وتعكيرها بالإنذار المرسل من هانم إسماعيل دياب وآخرين إلى محمد محمد رفاعي في 10/ 6/ 1935 وبالدعويين رقمي 565 سنة 1941، 394 سنة 1942 شبين القناطر المرفوعتين من الطاعنين ضد عبد الوهاب فودة وأخيراً بالدعوى رقم 725 سنة 1942 الوايلي والتي جاء في تقرير الخبير فيها أن البائعة هانم إسماعيل دياب كانت في نزاع مستمر مع الطاعنين على ملكيتها لفدانين ادعت أن الطاعنين يغتصبونهما - واستخلص الحكم المطعون فيه من ذلك أن حيازة الطاعنين للأطيان موضوع النزاع لم تكن حيازة هادئة حتى سنة 1942 مما يجعل تمسكهم بالتقادم الطويل على غير أساس - ويقول الطاعنون إن هذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه مخالف للقانون إذ أن الاعتبارات التي أوردها ورتب عليها أن حيازة الطاعنين كانت غير هادئة ومعيبة لا تنفي صفة الهدوء عن الحيازة بالمعنى المقرر في القانون ذلك أن الحيازة متى بدأت هادئة بقيت كذلك ولا يعيب هدوءها التعدي الذي قد يقع في أثناء الحيازة ويمنعه الحائز.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعنين بشأن تملكهم عين النزاع بمضي المدة الطويلة بقوله "أما تمسكهم (الطاعنين) بالتملك بالتقادم الطويل فهو لا يستند إلى أساس إذ يستخلص من شهادة شهود الطرفين ومن إقرار المستأنفين أنفسهم أن الأطيان موضوع النزاع كانت في وضع يد البائعة للمستأنف عليها (المطعون ضدها) هانم إسماعيل دياب - حتى سنة 1935 حين استولى عليها الخواجة خريستو دين تنفيذاً لحكم مرسى المزاد ومَنْ بعده ومِنْ سنة 1936 وضع المستأنفون (الطاعنون) اليد عليها حتى الآن ولكن حيازة الخواجة خريستو دين والمستأنفين لم تكن مبرأة من العيوب إذ لم تكن حيازة هادئة بدلالة الإنذار المرسل من هانم إسماعيل دياب وآخرين إلى محمد محمد رفاعي في 10/ 6/ 1935 وبدلالة الدعويين رقم 565 لسنة 1941 شبين القناطر ورقم 349 لسنة 1942 شبين القناطر المرفوعتين من المستأنفين ضد عبد الوهاب فوده زوج البائعة هانم إسماعيل دياب ووكيلها وأخيراً بدلالة الدعوى رقم 725 لسنة 1942 الوايلي المضمومة والتي جاء في تقرير الخبير فيها أن البائعة هانم إسماعيل دياب كانت في نزاع مستمر مع المستأنفين على ملكيتها لفدانين ادعت بأن المستأنفين يغتصبونهما وحدث نزاع على وضع اليد خشي منه على الأمن فأصدر مأمور مركز قليوب تعليمات لعمدة ناحية بلقس لمعالجة الأمن فعقد الأخير مجلساً عرفياً لفض النزاع في سنة 1940، ويستخلص من ذلك أن حيازة المستأنفين (الطاعنين) للقدر موضوع النزاع لم تكن حيازة هادئة حتى سنة 1942 على الأقل ومتى كان الأمر كذلك فإن تمسك المستأنفين بالتملك بالتقادم الطويل يكون على غير أساس إذ الدعوى الحالية رفعت سنة 1952". ولما كان الثابت من بيانات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الإنذار الموجه من هانم إسماعيل دياب إلى محمد محمد رفاعي ورئيس قسم المساحة بالقليوبية في 10/ 6/ 1935 قد تضمن إخطارهما بأن الأطيان التي يرغب المنذر الأول شراءها تدخل في ملكيتها. كما أن الثابت من حافظة مستندات الطاعنين المقدمة لهذه المحكمة أن الدعوى رقم 565 سنة 1941 مدني شبين القناطر قد رفعها الطاعنون ضد من يدعى عبد الوهاب فوده وآخرين يطلب منع تعرضهم للمدعين (الطاعنين) في وضع يدهم على الأطيان موضوع النزاع وقد حكم للمدعين بطلباتهم، كما أن الدعوى الثانية وصحة رقمها 394 سنة 1942 مدني شبين القناطر قد رفعت أيضاً من الطاعنين ضد عبد الوهاب فوده يطلب منع تعرضه للأطيان المبينة بعريضة الدعوى الأولى وقد حكم بشطب هذه الدعوى - أما الدعوى الثالثة رقم 725 سنة 1942 الوايلي فقد أقامتها هانم إسماعيل دياب ضد عبد العزيز أحمد وآخر بطلب فسخ عقد البيع الصادر منها للمدعى عليهما والمتضمن بيعها لهما فداناً بثمن قدره 110 ج وتسليم هذه الأرض لها، وقد تدخل في هذه الدعوى الطاعنون طالبين رفضها لأنهم يملكون هذا القدر المبيع ويضعون اليد عليه بطريق الشراء بالعقد الصادر لهم من خريستو دين في 20/ 8/ 1936 وقضى برفض الدعوى استناداً إلى هذا الدفاع. ولما كان المقصود بالهدوء الذي هو شرط للحيازة المكسبة للملكية ألا تقترن الحيازة بالإكراه من جانب الحائز وقت بدئها فإذا بدأ الحائز وضع يده هادئاً فإن التعدي الذي يقع أثناء الحيازة ويمنعه الحائز لا يشوب تلك الحيازة التي تظل هادئة رغم ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في هذا الخصوص على أن هناك نزاعاً يعيب الحيازة استناداً إلى الإنذار الموجه إلى محمد محمد رفاعي والد الطاعنين في 10/ 6/ 1935 وإلى الدعاوى السالف الإشارة إليها وكان مجرد توجيه إنذار إلى الحائز من منازعه لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عن الحيازة وكان الطاعنون قد اتخذوا من هذه الدعاوى على النحو المتقدم موقف المدافع عن حيازتهم بما لا يصح معه القول قانوناً بأن حيازتهم كانت معيبة لهذا السبب لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق