جلسة 27 من مايو سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
----------------
(104)
الطعن رقم 436 لسنة 30 القضائية
قوة الأمر المقضي. نظام عام. نقض. "الأحكام الجائز الطعن فيها". "مخالفة حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي".
قضاء الحكم ببطلان الاستئناف المرفوع بعريضة لوجوب رفعه بتكليف بالحضور على خلاف حكم نهائي سابق صادر في استئناف آخر عن ذات الحكم المستأنف وحائز لقوة الأمر المقضي. وجوب احترام حجية الحكم النهائي السابق عند نظر الاستئناف الثاني ولو كان قد خالف صحيح القانون أو قاعدة من النظام العام. قوة الأمر المقضي تسمو على قواعد النظام العام وتغطي الخطأ في القانون.
جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر على خلاف حكم سابق نهائي ولو كان صادراً من محكمة ابتدائية وسواء كان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بحجية الحكم السابق أم لم يدفع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الجمارك (الطاعنة) حصلت على حكم غيابي في الدعوى رقم 714 سنة 1948 مدني الموسكي قضى بإلزام المطعون ضده بأن يدفع لها مبلغ 9 ج و550 م ونفذت هذا الحكم بأن أوقعت بموجبه حجزاً على منقولات هذا المطعون ضده فأقام إشكالاً في التنفيذ قيد برقم 4731 سنة 1955 مستعجل القاهرة طلب فيه وقف إجراءات البيع استناداً إلى سقوط الحكم المنفذ به لمضي أكثر من ستة أشهر على صدوره بغير تنفيذه، وقضي استئنافياً في هذا الإشكال بوقف إجراءات التنفيذ ريثما ينحسم النزاع موضوعاً حول سقوط الحكم المنفذ به - وعلى إثر ذلك أقامت الطاعنة الدعوى رقم 499 سنة 1957 أمام محكمة الموسكي الجزئية طالبة القضاء بعدم سقوط الحكم الغيابي أداة التنفيذ وبالاستمرار في تنفيذه، فدفع المطعون ضده بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أنها غير مقدرة القيمة وبالتالي تختص المحكمة الابتدائية بنظرها وبتاريخ 24 مايو سنة 1958 قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بتكليف بالحضور أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيد استئنافها برقم 1792 سنة 1958 استئناف مصر - وبتاريخ 9 مارس سنة 1960 قضت تلك المحكمة - بهيئة استئنافية - حضورياً ببطلان الاستئناف مؤسسة قضاءها على أن الدعوى المستأنف حكمها ليست من الدعاوى التي تضمنتها المادة 118 من قانون المرافعات وأن الاستئناف يجب أن يرفع وفق ما نصت عليه المادة 405/ 1 من قانون المرافعات بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة وبالتالي يكون الاستئناف المرفوع بتكليف بالحضور باطلاً - وكانت الطاعنة قد أقامت أمام نفس المحكمة استئنافاً آخر عن ذات الحكم الصادر في الدعوى رقم 499 سنة 1957 مدني الموسكي وذلك بعريضة قدمت إلى قلم الكتاب في 21/ 11/ 1959 وقيد هذا الاستئناف برقم 1790 سنة 1959 استئناف القاهرة وقضت فيه محكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - بتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1960 ببطلانه أيضاً تأسيساً على أن الاستئناف كان يجب رفعه بتكليف بالحضور لأن الدعوى المستأنف حكمها هي منازعة موضوعية في التنفيذ يحكم فيها على وجه السرعة عملاً بنص المادة 482 من قانون المرافعات، وأنه وقد تنكبت المستأنفة (الطاعنة) الطريق القانوني في رفع الاستئناف ورفعته بعريضة أودعتها قلم الكتاب فإن المحكمة تقضي من تلقاء نفسها ببطلانه - وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم الأخير بطرق النقض على أساس مجيئه على خلاف الحكم السابق صدوره من نفس المحكمة، وقدمت النيابة العامة مذكرة مبدية فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1963 بإحالته إلى هذه الدائرة - وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تؤسس طعنها في الحكم المطعون فيه على أنه قد جاء على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المقضي بين الخصوم أنفسهم. وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم قضى ببطلان الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في الدعوى رقم 499 سنة 1957 الموسكي استناداً إلى أنه كان يتعين رفع الاستئناف بتكليف بالحضور بالطرق العادية لا بعريضة، بينما كان قد صدر قبل ذلك بتاريخ 9 مارس سنة 1960 حكم في استئناف آخر كانت قد رفعته الطاعنة بتكليف بالحضور عن ذات الحكم المستأنف، قضى ببطلان الاستئناف استناداً إلى أنه كان يتعين رفعه بعريضة تقدم لقلم الكتاب لا بتكليف بالحضور، وأنه لما كان هذا الحكم السابق قد صدر بين الخصوم أنفسهم وفي النزاع بعينه وحاز قوة الأمر المقضي فإن الحكم المطعون فيه إذ ناقضه يكون مع صدوره من محكمة ابتدائية جائز الطعن فيه بطريق النقض تطبيقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 ومتعيناً نقضه لهذا السبب.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه يبين من الوقائع المتقدم ذكرها أن محكمة القاهرة الابتدائية قضت - بهيئة استئنافية - بتاريخ 9 مارس سنة 1960 في الاستئناف رقم 1792 سنة 1958 المقام من الطاعنة على المطعون ضده بتكليف بالحضور عن الحكم رقم 499 سنة 1957 الصادر من محكمة الموسكي الجزئية - ببطلان ذلك الاستئناف لوجوب رفعه بعريضة تودع قلم الكتاب، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1960 في استئناف آخر مقام عن ذات الحكم من الطاعنة على المطعون ضده ببطلان هذا الاستئناف المرفوع بعريضة لوجوب رفعه بتكليف بالحضور، وكان الحكم الاستئنافي الأول الصادر في 9 مارس سنة 1960 حكماً نهائياً صدر بين الخصوم أنفسهم وفصل في ذات النزاع وحاز قوة الشيء المحكوم فيه في خصوص ما قضى به قطعياً في منطوقه وفي أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق من بطلان الاستئناف المرفوع بتكليف بالحضور وصحة الاستئناف المرفوع بعريضة تقدم لقلم الكتاب, فإنه يتعين احترام حجية هذا الحكم النهائي عند نظر الاستئناف الثاني المقام من الطاعنة على المطعون ضده عن ذات الحكم المستأنف, حتى ولو كان الحكم الاستئنافي الأول قد خرج في قضائه على صحيح حكم القانون أو خالف قاعدة من قواعد النظام العام. لأن قوة الأمر المقضي تسمو - في هذا المقام - على قواعد النظام العام وتغطي الخطأ في القانون - وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الاستئناف المرفوع بعريضة أودعت قلم الكتاب فإنه يكون قد ناقض الحكم السابق وأهدر ما حازه هذا الحكم من قوة الشيء المحكوم فيه، وبالتالي يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً رغم صدوره من محكمة ابتدائية عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وذلك سواء أكانت الطاعنة قد دفعت أمام محكمة الموضوع بحجية الحكم السابق أم لم تدفع - ولما كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف الحكم السابق والصادر في 9 مارس سنة 1960.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق