جلسة 3 من نوفمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.
---------------
(179)
الطعن رقم 187 لسنة 36 القضائية
اختصاص. "اختصاص ولائي. إصلاح زراعي. "اختصاص اللجنة القضائية". بيع.
اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي. مقصور على المنازعات التي تقوم بين جهة الإصلاح وبين المستولى لديهم أو الغير مدعي الملكية بشأن الاستيلاء على الأرض. المنازعة بين البائع والمشتري بشأن عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن عقد البيع. اختصاص جهة القضاء العادي بالفصل فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الثاني أقام الدعوى رقم 1574 سنة 1958 مدني كلي القاهرة وطلب الحكم ضد المطعون عليها الأولى وفي مواجهة الطاعنة - وزارة الإصلاح الزراعي - بفسخ عقد البيع الصادر من والده في 13/ 10/ 1953 طبقاً للمادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي والمسجل في 29/ 12/ 1965 والحكم بتقرير حق المطعون عليه الثاني في الحصول على العربون المدفوع منها وقدره 42 ج و500 م حتى تقوم الطاعنة بعد الحكم النهائي بالفسخ بالاستيلاء على الأطيان محل العقد وإعطائه سندات توازي قيمتها. وقال بياناً لدعواه إن والده باع للمطعون عليها الأولى 2 ف 12 ط بناحية الصوالح مركز فاقوس مقابل ثمن قدره 1125 ج وهذا القدر مما يزيد عما هو مسموح بتملكه قانوناً طبقاً لنص المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 والجائز له التصرف فيه بمقتضى المادة الرابعة من هذا القانون، وقد تم له التصديق على هذا العقد من المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار كما تم تسجيله، ودفعت المطعون عليها الأولى من الثمن مبلغ 42 ج و500 م واتفق على سداد الباقي على أقساط سنوية قيمة كل منها 100 ج تحل ابتداء من 15/ 10/ 1954 بحيث إذا تخلفت المشترية عن دفع أي قسط تحل باقي الأقساط دون تنبيه أو إنذار ويحق للبائع فسخ العقد. وإذ تخلفت المطعون عليها الأولى عن دفع القسطين المستحقين في سنتي 1955، 1956 فقد أنذرها بالوفاء ثم أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 25/ 1/ 1960 قضت المحكمة في مواجهة الطاعنة بفسخ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليها الأولى المؤرخ 29/ 12/ 1955 وأحقية المطعون عليه الثاني في مبلغ 25 ج من الـ 42 ج و500 م التي دفعت من الثمن عند إبرام العقد وذلك على سبيل التعويض، وبعد صدور هذا الحكم الابتدائي وبتاريخ 23/ 2/ 1961 قامت إحدى اللجان الفرعية للإصلاح الزراعي بالاستيلاء على هذه الأطيان. تقدمت المطعون عليها الأولى إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بطلب قيد برقم 161 سنة 1961 وطلبت الاعتداد بعقد البيع الصادر إليها من المطعون عليه الثاني واستبعاد القدر المبيع من الاستيلاء، كما استأنفت الحكم الصادر بفسخ عقد البيع وبإلزامها بالتعويض أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 294 سنة 79 ق. وبتاريخ 7/ 1/ 1964 قضت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بالاعتداد بعقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليها الأولى المسجل في 29/ 12/ 1955 واستبعاد المساحة البالغ مقدارها 2 ف و12 ط المبينة بهذا العقد من الاستيلاء لدى المطعون عليه الثاني دفعت الطاعنة أمام محكمة استئناف القاهرة بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظر النزاع، وبتاريخ 5 فبراير سنة 1966 قضت المحكمة برفض الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الفسخ. قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر النزاع واختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بنظره، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن النزاع في الدعوى يدور حول طلب فسخ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليها الأولى بسبب عدم وفائها بباقي الثمن وعن أطيان تصرف فيها البائع طبقاً للمادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي وليست محلاً للاستيلاء، هذا في حين أن الثابت أن الاستيلاء الذي قامت به إحدى اللجان الفرعية التابعة للإصلاح الزراعي على الأطيان كان باعتبار أنها لازالت مملوكة للمطعون عليه الثاني وأنها زائدة عن الحد الأقصى الذي يجوز له تملكه طبقاً للمادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 قبل تعديلها بالقانون رقم 127 سنة 1961 وإن حصل التصرف فيها طبقاً لأحكام المادة الرابعة منه ما دام أن الاستيلاء قد حصل في 23/ 2/ 1961 بعد صدور الحكم الابتدائي بالفسخ باعتبار أن الأطيان مملوكة للمطعون عليه الثاني فتختص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي طبقاً لنص المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي بنظر الدعوى، باعتبار أن كل نزاع متصل بملكية الأرض المستولى عليها بطريق مباشر أو غير مباشر هو مما تختص هذه اللجنة القضائية بنظره، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون، ولا يغير من ذلك أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي أصدرت قرارها في 7/ 1/ 1964 باستبعاد المساحة المتصرف فيها إلى المطعون عليها الأولى من الاستيلاء، ذلك أن هذا القرار لم يصبح بعد واجب التنفيذ لأنه يخضع طبقاً للمادة 13/ 5 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي لاعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الذي أبدته الطاعنة استناداً إلى أن المنازعة في الدعوى قائمة بين المطعون عليه الثاني والمطعون عليها الأولى بسبب عدم وفائها بباقي الثمن المستحق وأن من حقه مطالبتها بتنفيذ التزامها بأداء الثمن أو فسخ العقد لإخلالها بالتزامها. وإذ تنص المادة 13/ 2 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 المعدلة بالقانونين 225 سنة 1953، 245 سنة 1955 على تشكيل لجنة قضائية أو أكثر، من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرياسة ومن عضو بمجلس الدولة ومندوب عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومندوب عن الشهر العقاري وآخر من مصلحة المساحة وتكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها وذلك لتعين ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون كما تختص هذه اللجنة بالفصل في المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضي المستولى عليها فقد أفاد هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي مقصور على ما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعي ملكيته للأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو التي تكون عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الملاك الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي، وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب أحكام هذا القانون، أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن تنفيذ الاتفاقات المبرمة بينهم والتي لا تكون جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيها، فإنه لا اختصاص للجنة بنظرها وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادي صاحبة الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك وكان النزاع الحالي في الدعوى قائماً بين المطعون عليها الأولى والمطعون عليه الثاني بشأن ما ادعاه من عدم تنفيذها التزامها بوفاء باقي ثمن العقار المبيع وطلب فسخ التعاقد بينهما لهذا السبب وكان هذا النزاع بذاته لا تعتبر جهة الإصلاح الزراعي طرفاً فيه بل يدور حول تنفيذ الالتزامات التعاقدية بين طرفي العقد وحدهما دون جهة الإصلاح الزراعي، وهو نزاع مما تختص جهة القضاء العادي بنظره ويخرج عن نطاق اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، وكان لا يقدح في ذلك ما تقوله الطاعنة من أن قرارات اللجنة القضائية يخضع تنفيذها لاعتماد مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وفقاً للمادة 13/ 5 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي سالف البيان، وأن القرار الصادر من اللجنة باستبعاد المساحة المتصرف فيها من الاستيلاء لم يصبح بعد واجب التنفيذ لعدم اعتماده بعد، ذلك أن مجال هذا القول أن تكون جهة الإصلاح الزراعي قد نازعت فعلاً في ملكية المطعون عليه الثاني للأطيان التي قامت فعلاً بالاستيلاء عليها وهو أمر غير متحقق في الدعوى الحالية على النحو السالف بيانه. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى لا يكون قد أخطأ في تطبيق، القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
[(1)] نقض 23 ديسمبر 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 1333.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق