جلسة 3 من يونيه سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وعثمان زكريا، ومحمد أبو حمزه مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.
-----------------
(158)
الطعن رقم 82 لسنة 36 القضائية
(أ) نقض. "حالات الطعن". اختصاص. "الاختصاص الولائي". عمل. شركات.
تحديد المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية مرتب أحد العاملين بشركات القطاع العام الخاضعين لقواعد التقييم. النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لأن المنازعة في التقييم من اختصاص لجنة التظلمات بالشركة وقرارها نهائي لا تملك المحكمة ولاية الفصل فيه. اتصال هذه الأمور بولاية المحكمة. جواز الطعن في الحكم بطريق النقض.
(ب) شركات. "العاملون بالشركات التابعة للمؤسسات العامة". عمل. طبيعة العلاقة بين العاملين والشركة". قرارات إدارية.
علاقة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة. علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية ولائحة نظام العاملين بها - الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 - باعتبارها جزءاً متمماً للعقد. عدم اعتبار قرارات لجان شئون الأفراد ورئيس مجلس الإدارة من قبيل القرارات الإدارية لصدورها في نطاق العلاقة الناشئة عن عقد العمل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد رضا القاوقجي أقام الدعوى رقم 6688 سنة 1964 عمال جزئي القاهرة ضد الشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مرتبه الشهري على أساس 150 ج مضافاً إليه مبلغ ثلاثين جنيهاً مصاريف انتقال وعشرة جنيهات بدل استقبال وجميع ما تجمد له حتى تاريخ تنفيذ الحكم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً للدعوى إنه كان أحد المساهمين في الشركة المصرية لصناعة وتجارة المواد النشوية كليوباترة وهي شركة ذات مسئولية محدودة، وكان مديراً عاماً للشركة مقابل أجر شهري مقدراه 150 ج بالإضافة إلى مبلغ 30 ج بدل انتقال و10 ج بدل استقبال وصدر قرار من الجمعية العمومية للشركة بالموافقة على هذا المرتب واستمر في عمله حتى فرضت الحراسة على الشركة في 1/ 11/ 1961 وظل في مباشرة عمله وهو يتقاضى مرتبه على أن أدمجت الشركة بعد تأميمها في الشركة المدعى عليها، وإذ علم بأن الشركة خفضت مرتبه فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وردت الشركة بأن المدعي لم يكن عاملاً بالشركة المندمجة وإنما كان شريكاً فيها وأنها ألحقته بالعمل لمدة ثلاثة أشهر بمرتب شامل مقدراه ستون جنيهاً في الشهر وأن مجلس الإدارة وافق على تعيينه بوظيفة رئيس قسم المشتروات بأجر شهري مقداره 57 ج وطلبت رفض الدعوى، وبتاريخ 20/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بإلزام رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لصناعة النشا والجلوكوز بأن يؤدي إلى المدعي مرتبه على أساس مائة وخمسين جنيهاً شهرياً وجميع ما تجمد له منه حتى تاريخ تنفيذ هذا الحكم وألزمت الشركة بالمصاريف المناسبة لما قضى عليها به وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. استأنفت الشركة المدعى عليها هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 559 سنة 1965 عمال. وبتاريخ 28/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الشركة المستأنفة المصاريف ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليه بعدم جواز الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه أن الحكم المطعون فيه صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية بتحديد أجره المترتب على عقد العمل الذي يربطه بالشركة التي حلت محلها الشركة المطعون عليها وأن الطاعنة كانت تجادل أمام محكمة الموضوع في اختصاصها النوعي ولم تثر دفاعاً متعلقاً بولاية المحاكم فلا يجوز الطعن في الحكم بحجة أنه صادر من جهة لا ولاية لها بالفصل في النزاع.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك بأنه وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 57 سنة 1959 - الذي يحكم إجراءات الطعن - يجوز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية وذلك إذا كانت هذه الأحكام مبنية على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه وتأويله وكانت صادرة في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم. وبالرجوع إلى تقرير الطعن يبين أن مبناه في السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لأنه صادر بتحديد مرتب للطاعن عن عمله بالشركة المطعون عليها وهي من شركات القطاع العام التي يخضع العاملون فيها لقواعد التقييم والتسكين المنصوص عليها في لائحة الشركات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 سنة 1962 وأن المنازعة في التقييم من اختصاص لجنة التظلمات بالشركة وقرارها نهائي لا يجوز الطعن فيه ولا تملك المحكمة ولاية الفصل فيه، وهذه أمور تتصل بولاية المحكمة ويجوز الطعن فيها بطريق النقض، ولو كان الطاعن قد سكت عن إثارتها أمام محكمة الموضوع لتعلقها بالنظام العام ومن ثم يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون عليه المتجمد من الأجر باعتبار أن أجره مبلغ 150 ج في الشهر، مستنداً في ذلك إلى أن النزاع ناشئ عن علاقة عمل وأن القرار الصادر بتخفيض مرتب المطعون عليه إنما صدر من المؤسسة العامة بصفتها صاحب عمل في علاقتها به ولا يعتبر قراراً إدارياً يخرج عن اختصاص المحكمة الفصل فيه. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون في مسألة الاختصاص من وجوه (أولها) أن الحكم اعتبر علاقة المطعون عليه بالشركة الطاعنة علاقة عمل في حين أنه لا يرتبط معها بعقد عمل وكان أكبر المساهمين في شركة ذات مسئولية محدودة ويعمل مديراً لها قبل تأميمها ولا يخضع لإشراف أو توجيه في إدارتها ويعتبر نائباً عنها لا عاملاً بها لانتفاء رابطة التبعية التي يتميز بها عقد العمل فلا تكون محكمة المواد الجزئية مختصة بالفصل في دعوى الطاعن التي تجاوز قيمتها نصاب اختصاصها، وهي تخرج عن اختصاصها الاستثنائي بالأجور المنصوص عليه في المادة 46 من قانون المرافعات. (وثانيها) أن العاملين بشركات القطاع العام لا يرتبطون معها بعلاقة عمل وإنما يخضعون لأحكام اللائحة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3546 سنة 1962 وهي تتضمن قواعد للتقييم والتسكين تقوم على وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازمة لأدائها وتجعل المرتب في مقابل العمل ولا تجعله محلاً للمساومة بين العامل وصاحب العمل وأن المطعون عليه لم يكن عاملاً بالشركة التي أممت وإنما التحق بالعمل لدى الشركة المطعون عليها بعد أن وافقت المؤسسة على تعيينه بوظيفة من الفئة الثالثة بأجر شهري شامل مقدراه 57 ج وحررت له الاستمارة الخاصة بالاشتراك في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ووقع عليها المطعون عليه وهي تشمل المرتب المحدد وفقاً لقرار تعيينه وهو قرار إداري لا تملك المحكمة ولاية الفصل بإلغائه أو تعديله (وثالثها) أن الحكم جعل مرتب المطعون عليه 1800 ج في السنة وهو أمر لا يمكن تنفيذه، إذ لا يجوز رفع مرتب العامل بشركات القطاع العام إلى 1500 ج ولا تعيينه بهذا المرتب إلا بقرار من رئيس الجمهورية ولا تملك المحكمة أن تصدر أمراً إلى الجهة الإدارية برفع مرتب المطعون عليه إلى ما يزيد عن هذا المبلغ.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأنه - وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 - لا يجوز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف الأحكام الجزئية إلا أن تكون هذه الأحكام صادرة في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم ومبنية على مخالفة للقانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وإذ كان هذا الوجه مبناه الطعن في الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية في استئناف مرفوع عن حكم صادر من محكمة القاهرة الجزئية لشئون العمال لمخالفته نص المادة 46 من قانون المرافعات وهو أمر يتعلق بالاختصاص النوعي لا بولاية المحكمة فإن الطعن بهذا الوجه يكون غير جائز، ومردود في الوجهين الثاني والثالث بأن النص بالمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة على أن "يسري على العاملين بالشركات الخاضعين لأحكام هذا النظام أحكام قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية والقرارات المتعلقة بها فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذه اللائحة يكون أكثر سخاء بالنسبة لهم ويعتبر هذا النظام جزءاً متمماً لعقد العمل" والنص في المادة الثانية على أنه "يجب أن يتضمن العقد المبرم بين الشركة والعامل النص على أن تعتبر أحكام هذه اللائحة والتعليمات التي تصدرها الشركة فيما يتعلق بتنظيم العمل جزءاً متمماً للعقد المبرم بين الشركة والعامل" يدل على أن علاقة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة هي علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية كما تخضع لأحكام هذه اللائحة باعتبارها جزءاً متمماً لعقد العمل، وذلك قبل إلغائها بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام المعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 28 أغسطس سنة 1966، ولا يغير من طبيعة هذه العلاقة تشكيل لجنة أو أكثر لشئون الأفراد في كل شركة بقرار من مجلس إدارتها تختص بالتعيين وبغيره من الشئون والمشاكل الخاصة بالعاملين بها طبقاً للمادتين الثالثة والرابعة من هذه اللائحة، لأن قرارات هذه اللجان إنما تصدر في نطاق العلاقة الناشئة عن عقد العمل، ولا يعتبر القرار الصادر من اللجنة أو رئيس مجلس إدارة الشركة من قبيل القرارات الإدارية، ولا وجه للقول بأن منح العاملين مرتبات تزيد على مرتبات وظائفهم يترتب عليه الإخلال بتعادل وظائف الشركة بالوظائف الواردة في الجدول الذي يصدر باعتماده قرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة كما يفرض على الجهة الإدارية استصدار القرار الخاص بتعيينه في وظيفة تعادل المرتب الزائد، لأن الفقرة الأخيرة من المادة 64 الواردة في الأحكام الانتقالية والختامية بهذه اللائحة تقضي بأن العاملين الذي يتقاضون مرتبات تزيد على المرتبات المقررة لهم بمقتضى التعادل المشار إليه يمنحون مرتباتهم التي يتقاضونها فعلاً بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه العامل في المستقبل من البدلات أو علاوات الترقية. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في موضوع الدعوى على أساس المرتب المستحق للمطعون عليه عن عقد العمل المبرم مع الشركة الطاعنة، فإنه لا يكون قد أخطأ في الاختصاص المتعلق بولاية المحكمة، ويكون النعي عليه بالوجهين الثاني والثالث على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق