الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 31 مارس 2023

الطعن 123 لسنة 30 ق جلسة 11 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 158 ص 1009

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

------------------

(158)
الطعن رقم 123 لسنة 30 القضائية

(أ) تعويض. "تقدير التعويض". مسئولية عقدية. مسئولية تقصيرية. نقض. "المصلحة في الطعن".
اقتصار التعويض في المسئولية العقدية على الضرر المباشر متوقع الحصول. في المسئولية التقصيرية يكون التعويض عن أي ضرر مباشر متوقعاً كان أو غير متوقع. تقدير التعويض على أساس المسئولية العقدية أخف منه على أساس المسئولية التقصيرية. اتباع الحكم في تقدير التعويض المعايير التي تتطلبها المسئولية العقدية. النعي على الحكم خطأه. في تقدير التعويض على أساس المسئولية العقدية دون التقصيرية. لا مصلحة في الطعن بذلك.
(ب) تزوير "دعوى التزوير الأصلية". "الادعاء بالتزوير".
عدم جواز الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية إلا إذا لم يحصل بعد، الاحتجاج بالورقة المدعى بتزويرها في نزاع قائم أمام القضاء. في حالة الاحتجاج بالورقة يتعين على من احتج عليه بها أن يسلك طريق الادعاء بالتزوير كوسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى. وجوب إبدائه أمام المحكمة التي تنظر الموضوع. ليس لغيرها أن تنظر هذا الادعاء بالتزوير.
(ج) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "وقف الدعوى".
وقف الدعوى وفقاً للمادة 293 مرافعات. أمر جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها لا محل للطعن على حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة.

----------------
1 - إذا كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه وهو بسبيل تقدير ما يستحقه المطعون ضده من تعويض، اتبع المعايير التي تتطلبها المسئولية العقدية، وكان تقدير التعويض على هذا الأساس أخف منه على أساس المسئولية التقصيرية ذلك أنه طبقاً لنص المادة 221 من القانون المدني يقتصر التعويض في المسئولية العقدية على الضرر المباشر متوقع الحصول أما في المسئولية التقصيرية فيكون التعويض عن أي ضرر مباشر سواء كان متوقعاً أو غير متوقع. وكان الطاعن لم يبين وجه تضرره من خطأ الحكم في تقدير التعويض الذي ألزمه به على أساس المسئولية العقدية دون التقصيرية فإن هذا النعي - بفرض صحته - يكون غير منتج إذ لا يتحقق به للطاعن إلا مصلحة نظرية بحتة لا تصلح أساساً للطعن.
2 - نظم المشرع في المواد من 281 إلى 290 من قانون المرافعات الطريق الذي يجب اتباعه عند الادعاء بتزوير الأوراق التي يحتج بها الخصوم في دعوى منظورة أمام القضاء ثم أتبع ذلك بالمادة 291 التي أجاز فيها لمن يخشى الاحتجاج عليه في المستقبل بورقة مزورة أن يرفع دعوى أصلية على من بيده تلك الورقة أو من يستفيد منها ويطلب فيها سماعهم الحكم بتزويرها، حتى إذا ما حكم له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل ومفاد ذلك أن الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية لا يكون إلا إذا لم يحصل بعد الاحتجاج بالورقة المدعى بتزويرها في نزاع قائم أمام القضاء. أما إذا احتج بهذه الورقة في نزاع مرفوع بشأنه دعوى فإنه يتعين على من احتج عليه بتلك الورقة إن ادعى أنها مزورة أن يسلك طريق الادعاء بالتزوير الذي رسمه القانون في المواد 281 إلى 290 ولا يجوز له أن يلجأ إلى دعوى التزوير الأصلية إذ أن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى فيجب إبداؤه أمام المحكمة التي تنظر هذا الموضوع ولا يكون لغيرها أن تنظره.
3 - إن المادة 293 من قانون المرافعات قد جعلت الأمر في وقف الدعوى جوازياً للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها فلا يجوز الطعن في حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 1179 سنة 1952 مدني كلي القاهرة وقال في بيانها إنه بعقد تاريخه 6/ 1/ 1951 استأجر منه المطعون ضده أطياناً زراعية مساحتها 103 ف و10 ط و14 س لمدة سنة زراعية تبدأ من 15/ 1/ 1951 وتنتهي في أول إبريل سنة 1952 - واتفق في العقد على أن تكون الأجرة عينية بواقع قنطارين من القطن لكل فدان أي بمجموع قدره 206 قناطير و88 رطلاً تسلم من محصول قطن سنة 1951 وأردبين ونصف من الفول أي بمجموع قدره 258 أردباً و8 كيلات تسلم في ميعاد لا يتجاوز أول إبريل سنة 1952 وقد تسلم المطعون ضده الأطيان المؤجرة إليه وقام بزراعتها قطناً - وبتاريخ 2/ 9/ 1951 وقع حجز إداري على زراعة القطن القائمة على تلك الأطيان - وفاء للأموال الأميرية المستحقة على الطاعن ويبلغ الناتج منها 138 قنطاراً و92 رطلاً من القطن وبذلك يكون الباقي للطاعن في ذمة المستأجر "المطعون ضده" من القسط الأول من الإيجار هو 67 قنطاراً و96 رطلاً من القطن ولما كان المستأجر قد تخلف أيضاً عن الوفاء بالقسط الثاني وقدره 258 أردباً و8 كيلات من الفول فقد تقدم الطاعن إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بصفته قاضياً للأمور الوقتية بطلب صدور أمره بتوقيع الحجز التحفظي على الزراعة القائمة على الأطيان المؤجرة وفاء لما مقداره 67 قنطاراً و96 رطلاً من القطن قيمته 1359 ج و200 م ولما مقداره 258 أردباً و8 كيلات من الفول قيمته 2069 ج و330 م - باعتبار ثمن قنطار القطن عشرين جنيهاً وثمن أردب الفول ثمانية جنيهات - وتحديد جلسة لنظر الموضوع ليسمع المطعون ضده الحكم بإلزامه بأن يسلم للطاعن هذه المقادير عيناً أو ثمنها مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات وتثبيت الحجز التحفظي وجعله نافذاً - وفي 26/ 1/ 1951 أصدر قاضي الأمور الوقتية أمره بتوقيع الحجز وفاء للمطلوب ووقع الحجز فعلاً في 3/ 2/ 1951 على الزراعة المبينة بمحضر ذلك الحجز - وبجلسة 24/ 3/ 1952 التي كانت محددة لنظر الموضوع - وجه المطعون ضده للطاعن دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 24756 ج على سبيل التعويض تأسيساً على أن الطاعن قد استولى على محصول القطن كله ومنعه من زراعة الفول كما أقام المطعون ضده على وزيري الداخلية والمالية والصول توفيق معوض السيد - دعوى ضمان فرعية طلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين مع الطاعن بدفع المبلغ الآنف ذكره - استناداً إلى أن نقل محصول القطن قد تم بالتواطؤ بين الطاعن وبين الصول الذي قام بصفته رئيساً لنقطة الشرطة المختصة ومعه قوة من رجالها بنقل محصول القطن قهراً عنه بالاشتراك مع صراف الناحية - ثم منعه بعد ذلك من زراعة الأرض فولاً - وبتاريخ 24/ 2/ 1955 قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده - بكافة طرق الإثبات القانونية - بما فيها شهادة الشهود مقدار الكمية التي نتجت من زراعة الأطيان المؤجرة ووزنها وما يزعمه من حصول تواطؤ بين الطاعن ورجال الإدارة ومنعه من زراعة الفول على أن يكون للطاعن نفي ذلك بذات الطرق - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قدم المطعون ضده محضراً تاريخه 25/ 11/ 1951 موقعاً عليه من رجال الحفظ بالبلدة ومأمور زراعة الطاعن ومعاون المالية يقول فيه موقعوه إنه بمعاينة قطن المطعون ضده في مخزن الطاعن تبين أنه معبأ في ثلاثمائة كيس فقدم الطاعن دحضاً لهذا المحضر صورة من محضر حجز إداري موقع في ذات التاريخ الذي يحمله المحضر المقدم من المطعون ضده - ورد به أن كمية القطن التي وجدت بمخزن الطاعن مقدارها 77 كيساً وفي 28/ 5/ 1956 حكمت المحكمة الابتدائية (أولاً): برفض دعوى الطاعن الأصلية وإلزامه بمصروفاتها. (ثانياً) برفض دعوى المطعون ضده ضد وزيري الداخلية والمالية والصول توفيق معوض وألزمته بالمصاريف المناسبة. (ثالثاً) وقبل الفصل في موضوع دعوى المطعون ضده الفرعية قبل الطاعن بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه الحسابيين لتقدير وزن وثمن القطن الناتج من زراعة المطعون ضده من الأرض التي استأجرها من الطاعن ونقلت إلى بنك التسليف تنفيذاً للحجز الإداري وسداداً لدينه وللأموال الأميرية - وبيان ما يمكن أن يكون قد ضاع على المطعون ضده من ريع نتيجة عدم تمكينه من زراعة الفول وتصفية الحساب بين الطرفين على هذا الأساس وقد باشر الخبير مأموريته وأودع تقريره - وبعد أن تداولت القضية بالجلسات عدة مرات طلب الطاعن بجلسة 16/ 12/ 1956 وقف السير في الدعوى إلى أن يفصل في دعوى تزوير أصلية أقامها جمعة رضوان أحد الموقعين على المحضر المؤرخ 25/ 11/ 1951 السالف الإشارة إليه مدعياًًً تزوير هذه الورقة فيما تضمنته من بيان لعدد أكياس القطن التي وجدت بمخزن الطاعن - وبتاريخ 10/ 2/ 1958 قضت المحكمة الابتدائية في موضوع الدعوى الفرعية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 4706 ج و809 م والمصاريف المناسبة - استأنف الطاعن هذا الحكم وكذا الحكم الصادر في 28/ 5/ 1956 - أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 532 سنة 75 ق وطلب إلغاء الحكمين المستأنفين والقضاء في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ 3428 ج و530 م قيمة الباقي من الإيجار وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وفي الدعوى الفرعية برفضها وإلزام رافعها بمصاريفها كما رفع المطعون ضده استئنافاً عن الحكم الصادر في 10/ 2/ 1958 قيد برقم 544 سنة 75 استئناف القاهرة طلب فيه تعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 24756 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد - وأثناء نظر الاستئنافين قرر الطاعن أنه رفع على المطعون ضده أمام محكمة القاهرة الابتدائية دعوى تزوير أصلية بطلب رد وبطلان المحضر المؤرخ 25/ 11/ 1951 وقدم صورة رسمية من صحيفة هذه الدعوى المقيدة برقم 508 سنة 1951 وطلب وقف السير في الاستئنافين حتى يفصل في تلك الدعوى وفي دعوى التزوير الأصلية المرفوعة من جمعة رضوان - وبتاريخ 2/ 2/ 1960 قضت محكمة الاستئناف: (أولاً) في الاستئناف رقم 532 سنة 75 قضائية المرفوع من الطاعن برفضه وتأييد الحكمين المستأنفين وألزمت الطاعن بالمصاريف. (ثانياً) في الاستئناف رقم 544 سنة 75 ق المرفوع من المطعون ضده برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المطعون ضده بالمصاريف وفي 3/ 3/ 1960 طعن الطاعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 532 سنة 75 ق القاهرة وكذا في الحكمين الابتدائيين الصادرين في 28/ 5/ 1956 و10/ 2/ 1958 بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 11/ 1963 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن - ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من كل من السببين الأول والثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه على الرغم من أن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً لأسبابه قد انتهى في قضائه إلى أن إرادة المتعاقدين قد اتفقت على فسخ عقد الإيجار فإنه سار في تقدير التعويض الذي قضي به للمطعون ضده على قواعد المسئولية العقدية مخالفاً بذلك القانون إذ أنه من المقرر أن الدائن إذا أجيب إلى فسخ العقد وحكم له بالتعويض على المدين - طبقاً لنص المادة 157 من القانون المدني فإن التعويض في هذه الحالة يبنى على المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية لأن العقد بعد الفسخ لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض وكذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر بوقوع الفسخ ثم بني التعويض على المسئولية العقدية يكون مشوباً أيضاً بعيب التناقض في التسبيب.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه وهو بسبيل تقدير ما يستحقه المطعون ضده من تعويض اتبع المعايير التي تتطلبها المسئولية العقدية وكان تقدير التعويض على هذا الأساس أخف منه على أساس المسئولية التقصيرية ذلك أنه طبقاً لنص المادة 221 من القانون المدني يقتصر التعويض في المسئولية العقدية على الضرر المباشر متوقع الحصول أما في المسئولية التقصيرية فيكون التعويض على أي ضرر مباشر سواء كان متوقعاً أو غير متوقع - وكان الطاعن لم يبين وجه تضرره من خطأ الحكم في تقدير التعويض الذي ألزمه به على أساس المسئولية العقدية دون التقصيرية فإن هذا النعي على فرض صحته - يكون غير منتج إذ لا تتحقق به للطاعن إلا مصلحة نظرية بحتة وهي لا تصلح أساساً للطعن.
وحيث إن مبنى النعي في الوجه الثاني من كل من السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وشابه القصور ذلك أنه طلب من محكمة الاستئناف وقف السير في الاستئناف حتى يفصل في دعويي التزوير الأصليتين المرفوعة إحداهما من الطاعن والثانية ممن يدعى جمعة رضوان بطلب رد وبطلان المحضر العرفي المؤرخ 25/ 11/ 1951 الذي كان الدعامة الرئيسية للحكم الابتدائي الصادر في 28/ 5/ 1954 ووصفه هذا الحكم في أسبابه بأنه فصل الخطاب في الدعوى لكن محكمة الاستئناف رفضت طلب الوقف تأسيساً على ما قالته في حكمها المطعون فيه من أن الادعاء بالتزوير من جانب المستأنف أو من جانب أحد الموقعين على المحضر المؤرخ 25/ 11/ 1951 غير منتج في النزاع إذ أن هذا المحضر لم يكن الدعامة الرئيسية للحكم المستأنف ولم يكن فيه فصل الخطاب - ويرى الطاعن أن هذا الذي ذهبت إليه محكمة الاستئناف مخالف للواقع والقانون ذلك أن محكمة الدرجة الأولى قررت في حكمها الصادر في 28/ 5/ 1956 أن هذا المحضر العرفي هو فصل الخطاب في الدعوى والذي يشد من أزر الأدلة - مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن توقف السير في الدعوى حتى يفصل في دعويي التزوير المشار إليهما لأنه ما دامت المحكمة قد رأت أن هذه الورقة حاسمة في الدعوى فإنه يكون من غير الممكن الحكم في الدعوى قبل الفصل في أمر تزوير أو صحة هذه الورقة.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أن المشرع نظم في المواد من 281 إلى 290 من قانون المرافعات الطريق الذي يجب اتباعه عند الادعاء بتزوير الأوراق التي يحتج بها الخصوم في دعوى منظورة أمام القضاء ثم أتبع ذلك بالمادة 291 التي أجاز فيها لمن يخشى الاحتجاج عليه في المستقبل بورقة مزورة أن يرفع دعوى أصلية على من بيده تلك الورقة أو من يستفيد منها ويطلب فيها سماعهم الحكم بتزويرها حتى إذا ما حكم له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل - ومفاد ذلك أن الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية لا يكون إلا إذا لم يحصل بعد الاحتجاج بالورقة المدعى بتزويرها في نزاع قائم أمام القضاء - أما إذا احتج بهذه الورقة في نزاع مرفوع بشأنه دعوى فإنه يتعين على من احتج عليه بتلك الورقة إن ادعى أنها مزورة أن يسلك طريق الادعاء بالتزوير الذي رسمه القانون في المواد 281 إلى 290 ولا يجوز له أن يلجأ إلى دعوى التزوير الأصلية إذ أن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى فيجب إبداؤه أمام المحكمة التي تنظر هذا الموضوع ولا يكون لغيرها أن تنظره لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن لم يسلك سبيل الادعاء بالتزوير في الورقة المؤرخة 25/ 11/ 1951 التي قدمها خصمه المطعون ضده واستند عليها في تأييد دعواه وإنما لجأ بعد الحكم ضده ابتدائياً إلى رفع دعوى تزوير أصلية بشأن هذه الورقة وطلب من محكمة الاستئناف أن توقف السير في الاستئناف المرفوع منه عن ذلك الحكم حتى يفصل في تلك الدعوى فإن من حق محكمة الاستئناف ألا تعير هذا الطلب التفاتاً وأن تعتبر هذه الورقة صحيحة ما دام لم يدع أمامها بتزويرها بالطريق الذي استلزمه القانون وما دامت هي لم تر في حالة الورقة وفي ظروف الدعوى ما يشككها في صحة الورقة وما يجعلها تستعمل الرخصة المخولة لها في المادة 290 من قانون المرافعات في الحكم من تلقاء نفسها بتزويرها - لما كان ما تقدم، فإنه حتى لو صح أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بصفة أساسية على ورقة 25/ 11/ 1951 فلا تثريب عليه في ذلك ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت في الأوراق فيما قرره من أن الحكم الابتدائي لم يجعل من هذه الورقة دعامتها الأساسية، هذا النعي بفرض صحته غير منتج كما يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون لعدم انتظاره نتيجة الفصل في دعوى التزوير الأصلية المرفوعة من الطاعن على غير أساس أما عن تحدي الطاعن أمام محكمة الاستئناف بدعوى التزوير الأصلية الأخرى المرفوعة من جمعة رضوان ونعيه على الحكم المطعون فيه لرفضه طلبه وقف الاستئناف لهذا السبب فإن ذلك مردود بأنه ليس للطاعن شأن في إبداء هذا الطلب أمام محكمة الاستئناف وقد كان طريق الادعاء بالتزوير مفتوحاً أمامه فإذا امتنع عن سلوكه فلا يجوز أن يعيب على محكمة الموضوع فصلها في الدعوى دون انتظار نتيجة الفصل في أية دعوى أخرى مرفوعة بشأن تزوير ورقة لم يدع هو أمامها بتزويرها بالطريق القانوني - هذا إلى أن المادة 293 من قانون المرافعات التي استند إليها الطاعن في طلب وقف السير في الاستئناف قد جعلت الأمر في الوقف جوازياً للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها فلا يجوز الطعن في حكمها لعدم استعمالها هذه الرخصة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني - على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع ويقول بياناً لذلك إنه قدم لمحكمة الاستئناف صورة رسمية من الحكم الصادر في القضية رقم 48 سنة 1952 مدني كلي أسوان المؤيد استئنافياً واستند إليهما في التدليل على فساد مزاعم المطعون ضده وذلك على اعتبار أن الحكم المشار إليه سبق أن بحث هذه المزاعم وانتهى إلى عدم صحتها - إلا أن محكمة الاستئناف لم ترد على هذا الدفاع بما يواجهه إذ اكتفت بالقول بأن للطاعن الحق في تنفيذ الحكمين المشار إليهما وبذلك جاء حكمها معيباً بالقصور في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 48 سنة 1952 مدني كلي أسوان المؤيد استئنافياً وإن كان قد قضى للطاعن بالأجرة المستحقة له في ذمة المطعون ضده عن أطيان أخرى تخالف أطيان النزاع - استأجرها منه بعقد تاريخه 22/ 3/ 1951 إلا أن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي في الدعوى الحالية لاختلاف الموضوع في الدعويين كما لا يصح الاستدلال به على أن الطاعن قد قام بتنفيذ التزامه عن أطيان النزاع لأن عدم إخلاله بتنفيذ التزامه في عقد 22/ 3/ 1951 لا يقتضي بطريق اللزوم أنه نفذ التزامه في العقد الآخر المؤرخ 6/ 1/ 1951 محل النزاع، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن ما تضمنته باقي أسباب الطعن لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للدليل وفي سلطتها في بحث الدلائل والمستندات المقدمة لها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع وقائع الدعوى وهذا كله مما تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق