جلسة 11 من يونيه سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.
--------------
(168)
الطعن رقم 209 لسنة 36 القضائية
ري. "المسقاة الخاصة". "لائحة الترع والجسور". ملكية.
المسقاة طبقاً للائحة الترع والجسور هي كل قناة معدة لري أراضي بلد واحد أو بلدين أو لري أرض مالك واحد أو عائلة مشتركة. اعتبارها من الأملاك الخاصة. التزام المنتفعين بها بنفقات تطهيرها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بطرس رزق سوريال أقام الدعوى رقم 1435 لسنة 1950 مدني كلي القاهرة ضد وزارة الأشغال ومصلحة الطرق والكباري طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له 26672 ج و966 م، وقال بياناً للدعوى إنه حدث في يوم 14 فبراير سنة 1949 أن طعنت مياه الجنابية المجاورة لمصنعه الخاص بضرب الأرز فأغرقت أجولة الأرز التي كانت بالشونة وأتلفتها وقد أبلغ جهة الإدارة بالحادث فانتقل إلى مكانه عمدة البلدة ثم معاون الإدارة وحرر كل منهما محضراً بذلك وأثبتا في المحضرين عدد الأجولة التالفة، ثم أقام دعوى إثبات الحالة رقم 187 سنة 1949 مستعجل بندر الزقازيق وقدم الخبير المنتدب فيها تقريراً أثبت فيه أن تسرب المياه إلى الشونة راجع إلى ارتفاع منسوبها في الجنابية المجاورة، لأن مجهولاً أقام فتحة غير رسمية بجوار الفتحة الرسمية التي تغذي الجنابية بالمياه من ترعة السطح العمومية، وهو ما يلقي على وزارة الأشغال تبعة الحادث وذلك لإهمال خفيرها المنوط به حراسة الفتحة الرسمية مراقبة ذلك، وقال المدعي إنه لما كان يقدر التعويض عما لحق به من أضرار بمبلغ 26672.966 ج فقد أقام الدعوى بطلب الحكم له بهذا المبلغ. وقد أجابت وزارة الأشغال على الدعوى بعدم مسئوليتها لأن الجنابية هي مسقاة خصوصية لا إشراف لها عليها ودفعت مصلحة الطرق والكباري بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لعدم اتصال النزاع بها، وبتاريخ 30 مايو سنة 1955 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة الجنابية موضوع النزاع لبيان إن كانت ترعة عمومية أو مسقاة خصوصية طبقاً للائحة الترع والمساقي وبيان أسباب طغيان المياه على مصنع المدعي وشونته، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28 نوفمبر سنة 1960 حضورياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى ضد مصلحة الطرق وبقبولها وفي الموضوع بإلزام وزارة الأشغال ومصلحة الطرق بأن يدفعا إلى المدعي مبلغ سبعة آلاف جنيه. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً تعديله والحكم له بكامل طلباته وقيد استئنافه برقم 1430 سنة 78 قضائية كما استأنفته وزارة الأشغال ومصلحة الطرق طالبين إلغاءه وقيد استئنافهما برقم 98 سنة 79 قضائية. وبتاريخ 22 فبراير سنة 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع الاستئناف رقم 98 سنة 79 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفي موضوع الاستئناف رقم 1430 سنة 78 قضائية برفضه. وطعن بطرس رزق سوريال في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه يؤخذ من أسباب ذلك الحكم أن محكمة الاستئناف اعتبرت أن الماسورة التي تصرف مياه العادم من ماكينة المضرب إلى الجنابية المجاورة كانت عاملاً أساسياً في إحداث الغرق لأن قطرها 7.5 بوصة، في حين أنه كان يجب أن يكون 3 بوصة ولكنها ذكرت أنها لا تصدق ما ذهب إليه الطاعن من أن مصلحة الطرق هي التي ركبت تلك الماسورة لعدم استطاعته إثبات ذلك، وهذا الذي ذكرته يخالف الثابت في الأوراق إذ ورد على لسان مندوبي مصلحة الطرق بمحضري أعمال الخبير المؤرخين 20/ 6/ 1957، 14/ 11/ 1957 أن مصلحة الطرق هي التي ركبت الماسورة، ونتيجة لذلك رأى الخبير أن تسأل تلك المصلحة عن الحادث بنسبة 10% على أساس أن زيادة قطر الماسورة ساعد على سرعة الغرق، ويقول الطاعن إنه على الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد بني على تقرير الخبير، فإنه قد خالف ما جاء في هذا التقرير وبذلك شابه الخطأ في تطبيق القانون، وخالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه ينفي مسئولية مصلحة الطرق على ما قرره من أنه "بالنسبة لما ذهب إليه الخبير في شأن ما حمله لمصلحة الطرق من مسئولية قدرها 10% بمقولة إنها وضعت ماسورة يزيد قطرها عن القدر المقرر مما ترتب عليه سرعة تسرب المياه إلى داخل الشونة، فإنه إذ كان الثابت أن هذه الماسورة هي السبب في الغرق وأن المدعي على ما ثبت من هذا التقرير قد قصر في اتخاذ إجراءات الأمن المتعلقة بهذه الماسورة بعدم وضعه صماماً لها يكفل غلقها عند ارتفاع المياه إلى فتحتها بصورة تهدد المصنع، وكان الثابت من الترخيص المعطى للمدعي من المصلحة والمرفق بالأوراق أنه خاص بتركيب ماسورة قطرها 3.5 بوصة لا 7.5 بوصة على ما أثبته التقرير وكانت هذه الماسورة خاصة بالمصنع لا بمتعلقات الري، فإنه لا يمكن تصديق المدعي فيما ذهب إليه من أن مصلحة الطرق هي المسئولة عن هذه المخالفة وما ترتب عليها من أضرار، خصوصاً وأن المدعي لم يثبت من أي طريق كان أن المصلحة هي التي قامت بتركيب الماسورة لا هو، وهو صاحب المصلحة في تركيبها" ومفاد هذا الذي ذكره الحكم أن محكمة الاستئناف قد استخلصت في نطاق سلطتها الموضوعية أن الطاعن هو الذي قام بتركيب الماسورة باتساع مخالف لما صدر به الترخيص. وإذ كان ذلك وكان ما يدعيه الطاعن من فساد هذا الاستخلاص لمخالفته لما هو ثابت من شهادة مندوبي مصلحة الطرق في محضري أعمال الخبير لا دليل عليه إذ هو لم يقدم تدعيماً لطعنه صورة رسمية من ذلك التقرير، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تطرح بعض ما جاء بتقرير الخبير إذا هي لم تطمئن إليه، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو خالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن ذلك الحكم قد بنى قضاءه برفض الدعوى على أن الطاعن هو المسئول عن صيانة السد الترابي الذي يفصل جزء الجنابية الذي يتخذ لري الأراضي المجاورة عن جزئها المخصص لصرف عادم المصنع، وأنه إذ أهمل في هذه الصيانة فإنه لا تكون ثمة مسئولية على وزارة الري أو مصلحة الطرق، وبذلك يكون الحكم قد أهدر ما ذكره الخبير في تقريره من اشتراك عمال مصلحة الطرق في إضعاف ذلك السد وفقاً لأقوال شاهد لم يطعن في أقواله، وذلك على ما ثبت في محضر أعمال الخبير، ومن أجل ذلك حمل الخبير مصلحة الطرق جزءاً من المسئولية، ولو التفتت المحكمة إلى ذلك لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد حصل النتيجة التي انتهى إليها الخبير بقوله ".... وانتهى الخبير في تقريره إلى أن الجنابية موضوع النزاع تعتبر مسقى خاصة، وأن العامل الأساسي في الحادث يرجع إلى وجود سد ترابي يعترض هذه الجنابية وهذا السد المسئول عنه المدعي لأنه يفصل جزء الجنابية المستعمل للري عن جزئها المستعمل لتلقي عادم المصنع، وأن عدم عناية المدعي بهذا السد هو الذي ترتب عليه طغيان مياه الري على هذا الجزء الأخير ونفوذها إلى المصنع عن طريق ماسورة العادم وأن المدعي يتحمل 90% من الضرر الذي وقع، وأما العشرة في المائة الباقية فتتحمل بها مصلحة الطرق والكباري لأنها وضعت ماسورة العادم تزيد فتحتها عن المقرر مما ساعد على سرعة نفوذ المياه منها إلى داخل الشونة". وانتهى الحكم إلى تقرير أن تبعة الحادث تقع على الطاعن وحده وذلك بقوله "وحيث إنه بالنسبة للموضوع فإن الثابت من تقرير الخبير أن العامل الأساسي في الحادث هو ضعف وتآكل السد الترابي المسئول عنه المدعي للأسباب السائغة التي بني عليها" ولما كان ذلك وكان الخبير قد قدر مسئولية مصلحة الطرق عن الحادث بنسبة 10% اعتماداً منه على أنها هي التي ركبت ماسورة العادم باتساع 7.5 بوصة، وكان الحكم قد نفى ذلك حسبما هو وارد في الرد على السبب الأول وألقى تبعة الحادث على الطاعن لما ثبت من إهماله في صيانة السد الترابي، وكان قول الطاعن أن الخبير قرر أن عمال مصلحة الطرق قد اشتركوا في إضعاف السد الترابي قولاً عارياً عن الدليل إذ هو لم يقدم صورة رسمية من تقرير ذلك الخبير. لما كان ذلك فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الجنابية المجاورة لمصنعه هي جنابية عمومية وليست خصوصية ولم يستطع الخبير أن يقطع في هذه المسألة برأي، ومع ذلك فقد اعتبر الحكم أن المسقاة خصوصية تأسيساً على ما قاله الخبير من أنه ثبت له استمرار هذه المسقاة حتى الآن لغرض المنفعة الخاصة تطبيقاً لقانون الري بناء على خطاب قدمه له مندوب وزارة الأشغال، وذلك دون أن يطلع الخبير على أية ملفات خاصة بهذه المسقاة، وبذلك أصبحت أسباب الحكم تتعارض مع ما هو ثابت بتقرير الخبير الذي اتخذه الحكم أساساً لما قضى به.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت نقلاً عن تقرير الخبير أن "الجنابية موضوع النزاع هي جنابية السكة الحديد الكائنة بناحية الجديدة مركز منيا القمح التي تستمد مياهها من فرع ترعة السطح بواسطة فتحة ذات بوابة حديدية بقلاووظ، بجانبها قطع ثبت أنه كان يحتوي على فتحة ذات برميل تقرها مصلحة الري كمساعد للمأخذ السابق، وعلى بعد 2.515 كيلوا متراً يوجد هدار تخفيف منسوب مسطحه 9.92 متراً به بدالة لتوصيل المياه من أمام الهدار إلى خلفه..... وعلى بعد 100 متر بحري هذا الهدار يوجد سد ترابي تنتهي به الجنابية المستعملة للري وتبدأ به الجنابية التي تستعمل كمصرف لعادم المصنع وأن جنابية السكة الحديد هي مسقى خاصة، ولا ينفي ذلك أن لها فتحة على فرع ترعة السطح، أو إقامة الهدار عليها لأن الترعة غير معدلة الفتحات ومخصصة لري أطيان مجموعة من الأهالي في بلد واحد وتطهر على حساب هؤلاء الأهالي على ما ثبت من مستندات مصلحة الري التي اطلع عليها، وإن الهدار ما أنشئ لتنظيم الري في هذه الترعة وإنما أنشئ بمناسبة إنشاء مصرف منيا القمح سنة 1946" ويبين من هذا الذي ذكره الحكم أن تقرير الخبير قد قطع بأن الجنابية التي فاضت منها المياه على مصنع الطاعن هي جنابية خاصة، وإذ كان ذلك وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن الخبير لم يقطع بهذا الرأي، فإنه لا يكون ثمة تعارض بين أسباب الحكم المطعون فيه وبين تقرير الخبير الذي اتخذه الحكم أساساً لما قضى به.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن ذلك الحكم لم يعرض للمناقشة التي ثارت حول عمومية أو خصوصية، المسقى واعتمد في ذلك على تقرير الخبير دون أن يبدي رأيه القانوني في ذلك، ولو فعل لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه - وفقاً للمادة الثانية من لائحة الترع والجسور الصادرة بالأمر العالي المؤرخ 22 فبراير سنة 1894 والتي تحكم النزاع - تعتبر مسقاة كل قناة أو مجرى معدة لري أراضي بلد واحد أو بلدين أو لري أرض لمالك واحد أو لعائلة مشتركة ولو كانت المسقاة في زمام عدة بلاد، وتعتبر المساقي جميعها أملاكاً خصوصية والمنتفعون بها هم المكلفون بإنشائها وصيانتها، ويجوز للحكومة عند التأخير في تطهيرها أن تطهرها على نفقة هؤلاء المنتفعين، وإذ كان ذلك وكان الخبير قد التزم في الأسباب التي اعتمد عليها لبيان أن الجنابية المجاورة لمصنع الطاعن هي مسقاة خاصة ذات المعيار القانوني الذي وضعته لائحة الترع والجسور سالفة الذكر، وكان الطاعن لم يقدم ما ينفي تلك الأسباب، فإن الحكم إذ أخذ بما انتهى إليه الخبير في هذا الخصوص لا يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق