جلسة 10 من يونيه سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
-----------------
(119)
الطعن رقم 473 لسنة 30 القضائية
(أ، ب، ج) شركات. "تصفية الشركات". دعوى. "شروط قبول الدعوى". "الصفة في الدعوى".
(أ) بقاء شخصية الشركة عند حلها بالقدر اللازم للتصفية وإلى حين انتهائها.
(ب) اتفاق الشركاء فيما بينهم على طريقة معينة لإجراء التصفية. التزامهم بها متى كانت لا تخالف النظام العام.
(ج) زوال الشخصية المعنوية للشركة بتمام التصفية.
(د) دعوى. "شروط قبول الدعوى". "الصفة في الدعوى".
عدم تقدم ما يدل على أن الدين المطالب به لم يصف لا تتحقق به صفة جميع الشركاء في المطالبة به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن إيلي بولاد بصفته ممثلاً للشركة الشرقية للتجارة والصناعة أقام على الشركة المطعون عليها الدعوى رقم 316 سنة 1951 تجاري كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالباً الحكم بإلزامها بدفع مبلغ 6472 ج و718 م والفوائد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وبعد أن تداولت القضية بالجلسات طلبت الشركة المدعى عليها انقطاع سير الخصومة لزوال صفة المدعي لأن الشركة التي كان يمثلها قد انقضت وتمت تصفيتها - وبتاريخ 26 من مايو سنة 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بانقطاع سير الخصومة مؤسسة قضاءها على أن الشركة الشرقية للتجارة والصناعة "إيلي ت. بولاد وشركاه" قد انحلت وتمت تصفيتها بتاريخ 26 من فبراير سنة 1952 وصدر قرار بشطبها من السجل التجاري في 31 من مارس سنة 1952 - كما يشهد بذلك المستخرج الرسمي الصادر من مكتب السجل التجاري والمحرر في 20 من أغسطس سنة 1957 - استأنفت الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 167 سنة 15 ق إسكندرية طالبة الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها وبنت استئنافها على القول بأنه وإن كانت الشركة قد انقضت واتفق الشركاء فيما بينهم على تصفيتها إلا أن شخصيتها الاعتبارية تظل قائمة قانوناً رغم انحلالها بالقدر اللازم لانتهاء تصفيتها التي لم تتم ومحكمة استئناف الإسكندرية حكمت في 23 من نوفمبر سنة 1960 بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض بتقرير في 21 من ديسمبر سنة 1961 - وبعد استيفاء إجراءات الطعن قدمت النيابة مذكرة برأيها تضمنت طلب رفض الطعن - وبتاريخ 2 من مايو سنة 1964 نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة نظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 20 من مايو سنة 1965 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من اعتبار أن الشركة الطاعنة قد انقضت وانتهت تصفيتها وزالت بذلك شخصيتها الاعتبارية استناداً إلى ما ورد في عقد الشركة ومستخرج السجل التجاري متجاهلاً ما هو ثابت من أن التصفية لم تكن قد تمت لعدم استيفاء الشركة كل ما لها من حقوق بدليل مطالبتها الشركة المطعون عليها بالدين المرفوعة به الدعوى وبالتالي فلم تزل عن الشركة الطاعنة الشخصية المعنوية وأنه على فرض أن الشخصية الاعتبارية قد زالت عنها فإن محاميها أثبت حضوره عن أشخاص الشركاء جميعاً أمام محكمة أول درجة وقدم لها سند التوكيل الذي يجيز له هذا الحضور على ما هو ثابت من محضر جلسة 6/ 4/ 1958 وذلك ليفيد من حكم المادة 299 من قانون المرافعات وتستأنف الخصومة سيرها في مواجهة الشركاء إلا أن تلك المحكمة لم تعمل حكم المادة المذكورة استناداً إلى ما قالته خطأ من أنه لم يقم لديها دليل من الأوراق على أن لهؤلاء الشركاء صفة في الاستمرار في الإجراءات - وتضيف الشركة الطاعنة أن محكمة الاستئناف قد ناقضت الحكم الابتدائي الذي أيدته لأسبابه إذ اعتبرت الشركاء هم أصحاب الحق في الاستمرار في الإجراءات في الوقت الذي اعتبرتهم فيه محكمة أول درجة عديمي الصفة.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده في قوله "وحيث إنه يبين من مطالعة الصورة الفوتوغرافية لعقد تأسيس الشركة التي ليست محل خلاف بين الطرفين على كونها صورة حقيقية لعقد الشركة المذكورة أنه جاء بها بالبند الأول أنه قد تكونت شركة توصية بسيطة بين ايلي توفيق بولاد بصفته شريكاً مسئولاً من جهة وبين نيحل كحيل (بصفته ولياً طبيعياً على ابنته ليلى لويز كحيل) وجورج بولاد بصفتهما شريكين موصيين عنوانها ليلى. ت. بولاد وشركاه واسمها التجاري الشركة الشرقية للتجارة والصناعة ونص بالبند الثالث على أن مدة الشركة خمس سنوات ميلادية من أول مايو سنة 1947 حتى 29 فبراير سنة 1952 وأنها قابلة للتجديد مدة أخرى بنفس الشروط ما لم يحصل إخطار بإنهائها من أحد الشركاء بموجب خطاب موصى عليه يرسل إلى الآخرين قبل نهاية المدة السارية بثلاثة أشهر ونص بالبند الثالث عشر على كيفية توزيع الأرباح ونص بالبند السادس عشر على أنه في جميع أحوال انحلال الشركة تجرى التصفية بمعرفة الشركاء أنفسهم أو الباقين منهم على قيد الحياة ويجب أن تنتهي التصفية خلال ستة أشهر من تاريخ الانحلال فإذا انقضت هذه المهلة وتبين وجود أعمال لم تصف قسمت وفقاً للبند الثالث عشر من هذا العقد ولما كانت الشركة المستأنفة "الطاعنة" قد انقضت بانقضاء مدتها المحددة بالعقد سالف الذكر كما أقرت بذلك المستأنفة "الطاعنة" في صحيفة استئنافها ومن ثم تكون الشركة المستأنفة "الطاعنة" قد انقضت في أول مارس سنة 1952 ومدة تصفيتها بمعرفة الشركاء ستة شهور من هذا التاريخ وعلى ذلك فقد انتهت مدة التصفية اتفاقاً في آخر أغسطس سنة 1952 وتعين قسمة ما بقى من أعمال لم تصف وفقاً لما جاء بالبند الثالث عشر سالف الذكر ومن ثم أصبح كل شريك بعد انقضاء مهلة التصفية مالكاً لنصيبه المقرر له وأصبح من حقه وحده أن يطالب به بصفته الشخصية إذ أن الشركة قد زالت من الوجود وانتهت تصفيتها اتفاقاً في آخر أغسطس سنة 1952 وتعين قسمة ما بقي من أعمال لم تصف وفقاً لما جاء بالبند الثالث عشر سالف الذكر ومن ثم أصبح كل شريك بعد انقضاء مهلة التصفية مالكاً لنصيبه المقرر له وأصبح من حقه وحده أن يطالب به بصفته الشخصية كما انتهت شخصية الشركة بمجرد انتهاء مدة التصفية وأصبح الشركاء في حالة شيوع بالنسبة للأموال التي بقيت بعد ذلك. ولما كانت الدعوى المستأنفة قد رفعت من الشركة الشرقية للتجارة والصناعة شركة توصية عاملة باسم شريكها المسئول إيلي بولاد وأعلنت صحيفتها في 11 من أبريل سنة 1951 ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت صحيحة ابتداء ممن يملك المقاضاة باسم الشركة إلا أنه طرأ عليها بعد ذلك ما جعل الشركة تنقضي بانقضاء مدتها وتنتهي مدة تصفيتها فزالت صفة إيلي بولاد كمدير مسئول أو كمصفي للشركة وقد جاء مؤكداً لذلك ما نص عليه في المستخرج من السجل التجاري من أن الشركة قد انحلت اعتباراً من 29/ 2/ 1952 وتمت تصفيتها وذلك بموجب عقد عرفي ثابت التاريخ وغير مشهر عنه ومن أن المستأنفة "الطاعنة" لم تقدم عقد تصفيتها لتثبت أنها لم تصف ولتحاج به قول خصمها من أنها صفيت وما جاء بالمستخرج الرسمي تأييداً له" - وجاء بالحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه ما يلي "أما قول الحاضر عنه بجلسات المرافعة أنه يستمد صفته في الاستمرار في إجراءات التقاضي من كونه وكيلاً عن جميع الشركاء بالاستمرار في تلك الإجراءات لا سيما والمسلم به من وكيلهم وجود عقد تصفية منهم ثابت التاريخ وأن المحكمة لتستخلص من إصراره على عدم تقديمه ما يؤيد ما ذهب إليه من انعدام صفتهم في الاستمرار في إجراءات المرافعة في الدعوى الحالية" وهذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه في إقامة قضائه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه وإن كان من المقرر أنه عند حل الشركة تبقى شخصيتها بالقدر اللازم للتصفية وإلى أن تنتهي هذه التصفية إلا أنه إذا اتفق الشركاء فيما بينهم على طريقة معينة تجرى بها التصفية فإن هذا الاتفاق يكون ملزماً لهم متى كان لا يخالف قاعدة من قواعد النظام العام ومتى تمت التصفية وتحدد الصافي من أموال الشركة انتهت مهمة المصفي وزالت الشخصية المعنوية للشركة نهائياً ويلتزم المصفي بأن يضع بين أيدي الشركاء الأموال الباقية التي تصبح ملكاً مشاعاً للشركاء تجري قسمته بينهم - كما يجب عليه أن يطلب طبقاً للأوضاع المقررة للقيد محو قيد الشركة من السجل التجاري خلال شهر من إقفال التصفية - فإذا لم يقدم طلب المحو كان لمكتب السجل التجاري أن يمحو القيد من تلقاء نفسه وذلك إعمالاً لحكم المادة 13 من قانون السجل التجاري - وإذ أعمل الحكم المطعون فيه القواعد التي اتفق عليها الشركاء في عقد الشركة بشأن التصفية ورتب على انقضاء الأجل الذي حددوه لوجوب الانتهاء من التصفية زوال الشخصية المعنوية للشركة نهائياً فإنه لا يكون قد خالف القانون - والنعي مردود في شقه الثاني بأن مجرد حضور جميع الشركاء أمام محكمة الموضوع بغير تقديم ما يدل على أن الدين المطالب به لم يصف لا تتحقق به صفتهم في المطالبة به لاحتمال أن يكون هذا الدين قد شملته التصفية وآل إلى أجنبي عن الشركاء ولذلك أرادت محكمة أول درجة التحقق من هذا الأمر فطلبت إلى الشركة الطاعنة تقديم عقد التصفية الثابت التاريخ ولما امتنعت عن تقديمه اعتبرت الدليل غير قائم على بقاء هذا الدين بغير تصفية ورتبت على ذلك عدم ثبوت صفة الشركاء في المطالبة به ولا مخالفة في هذا الذي رأته للقانون - أما التناقض المدعى به فلا وجود له إذ لا تناقض بين ما قررته محكمة الاستئناف من أنه بعد انتهاء مهلة التصفية المحددة في عقد الشركة يصبح كل شريك طبقاً للعقد مالكاً لنصيبه ومن حقه المطالبة به بصفته الشخصية وبين ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من انعدام صفة الشركاء في المطالبة بالدين المتنازع عليه لعدم ثبوت أنه من الديون المتبقية بعد التصفية والتي أوردت محكمة الاستئناف القاعدة المتقدمة في خصوصها.
وحيث إن الشركة الطاعنة - تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون لمجيئه على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه بين الخصوم أنفسهم وفي بيان ذلك تقول إنها رفعت دعواها الحالية على الشركة المطعون عليها بعدة طلبات. وبتاريخ 1/ 4/ 1956 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع لها مبلغ 498 جنيهاً وإعادة القضية إلى الخبير لتحقيق باقي الطلبات. فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 239 سنة 12 ق إسكندرية وطلبت فيه الحكم بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة من يمثل الشركة الطاعنة لانحلالها وانتهاء تصفيتها. وفي 7 من مايو سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف برفض طلب الشركة المطعون عليها وأقامت قضاءها على أن مطالبة الشركة الطاعنة بدين لها قبل الشركة المطعون عليها دليل على بقاء حالة التصفية - إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا القضاء وحكم في النزاع الحالي بانعدام شخصية الشركة الطاعنة وانتهاء حالة التصفية.
وحيث إنه لما كانت الشركة الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من الحكم النهائي السابق الذي تدعي بأن الحكم المطعون فيه قد ناقضه فإن هذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه قيامه على إجراءات باطلة من وجهين (الأول) أن محكمة الاستئناف فصلت في الاستئناف دون أن يكون أمامها كافة المستندات التي كانت مودعة بالملف الابتدائي وقد طلبت الطاعنة من محكمة الاستئناف ضم هذه الأوراق وأصدرت المحكمة بجلسة 18/ 5/ 1960 قراراً بضمها إلا أنها لم تحفل بعد ذلك بتنفيذ هذا القرار وقضت في الاستئناف على الرغم من أن الطاعنة استندت في مذكرتها إلى دفاع أبدته أمام محكمة أول درجة وثبت في محاضر الجلسات التي لم تكن مضمومة إلى الملف الاستئنافي ولو أن محكمة الاستئناف اطلعت على هذه المحاضر لتغير حكمها لما هو ثابت فيها من أن جميع الشركاء في الشركة الطاعنة قد حضروا أمام محكمة أول درجة وطلبوا استئناف السير في الخصومة - وحاصل الوجه الثاني أنه بجلسة 12/ 10/ 1960 حضر محام وبعد أن أثبت حضوره عن الشركة المطعون عليها قرر انتهاء وكالته عن تلك الشركة لزوالها من الوجود ومع ذلك فإن محكمة الاستئناف قد قبلت حضوره في الجلسات التالية وسمحت له بالمرافعة عن الشركة المطعون عليها في غيبة الشركة الطاعنة وأخذت المحكمة بدفاعه فيها وحكمت له بمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وهذا كله من شأنه أن يبطل الحكم لابتنائه على إجراءات باطلة.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير منتج لما سلف ذكره في الرد على السبب الأول من أن حضور الشركاء جميعاً وطلبهم استئناف السير في الخصومة لا تتحقق به صفتهم في المطالبة بالدين المتنازع عليه طالما أنهم لم يقدموا ما يدل على أن هذا الدين لم يصف - والنعي في وجهه الثاني غير سديد، ذلك أنه وإن كان الحاضر عن الشركة المطعون عليها قد قرر بجلسة 12/ 10/ 1960 انتهاء وكالته عن الشركة المطعون عليها لزوالها من الوجود إلا أن الشركة الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن المحامي المذكور استمر بعد ذلك في الحضور والمرافعة عن الشركة المطعون عليها ولا عبرة بصورة المذكرة المقدمة من الطاعنة بحافظة مستنداتها المودعة ملف الدعوى لأن هذه الصورة ليست صورة رسمية كما أن الحكم لم يعول في قضائه على ما جاء بها أما عن أتعاب المحاماة المقضي للشركة المطعون عليها بها فإنها مقابل الجهد الذي بذله محاميها قبل أن يقرر انسحابه وبذلك يكون هذا الوجه أيضاً على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق