جلسة 28 من أكتوبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.
---------------
(149)
الطعن رقم 450 لسنة 30 القضائية
عقد. فسخ العقد "الشرط الفاسخ الصريح". محكمة الموضوع. تفسير.
ليس للشرط الفاسخ الصريح صيغة معينة. النص في الاتفاق على ترتيب آثار الفسخ بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار بمجرد حصول المخالفة لشروط العقد يقوم مقام النص على الفسخ بلفظه. استخلاص محكمة الموضوع ذلك من عبارات العقد التي تحتمل المعنى الذي أخذت به. لا رقابة لمحكمة النقض في هذا التفسير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 512 سنة 1956 كلي الزقازيق على الطاعنين وقال شرحاً لها إنه بعقد مؤرخ 25/ 10/ 1955 باع له الطاعنان ثلاثمائة وخمسين جلداً من جلود البقر والجاموس بسعر الجلد الواحد مائة وسبعين قرشاً وقبضا منه جميع الثمن وقدره خمسمائة وخمسة وتسعون جنيهاً وقت العقد وأنهما تعهدا بتسليم الجلود المبيعة في ميعاد لا يتجاوز خمسة عشر شهراً وبواقع ستة جلود على الأقل أسبوعياً ونص في البند الثاني من العقد على أنه في حالة التأخير في التوريد أسبوعياً يكون الطاعنان ملزمين بالتضامن بأن يدفعا له خمسين قرشاً عن كل جلد لا يورد وتكون جميع المبالغ المترتبة في ذمتهما حالة الأداء بدون أي منازعة وبلا حاجة إلى إنذار أو تنبيه رسمي وأنه إذ كان الطاعنان قد أخلا بالتزامهما وتخلفا عن توريد الكمية التي تعهدا بتسليمها أسبوعياً ولم يسلماه حتى يوم 16 مايو سنة 1956 سوى مائتين وخمسة عشر جلداً فقد قام بإنذارهما في 30/ 5/ 1956 بحلول ثمن المائة وخمسة وثلاثين جلداً التي لم تورد وقدره 229 ج و500 م والتعويض المستحق عنها وقدره 67 ج و500 م وأتبع ذلك برفع هذه الدعوى بطلب فسخ العقد المؤرخ 25/ 10/ 1955 وبإلزامهما ضامنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 297 ج والمصاريف والأتعاب وفي 29/ 10/ 1958 قضت المحكمة برفض الدعوى مستندة في ذلك على أن عقد البيع لا يتضمن شرطاً صريحاً فاسخاً وأن النص الوارد في البند الثاني منه من قبيل الشروط الفاسخة الضمنية المقررة في العقود الملزمة للجانبين والتي يخضع تقديرها للمحكمة وأنها ترى أن ما وقع من الطاعنين من مخالفة لشروط العقد وهو التوقف عن التوريد أسبوعاً واحداً لا يبرر القضاء بفسخ العقد. وقد استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 333 سنة 1 ق المنصورة. وفي 8/ 11/ 1960 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا متضامنين للمطعون ضده مبلغ 297 ج وأقامت قضاءها على أن العقد تضمن في البند الثاني منه شرطاً صريحاً فاسخاً وأن الفسخ قد وقع بتخلف الطاعنين عن توريد الجلود المتفق عليها في الفترة الواقعة بين 16/ 5/ 1956 حتى 24/ 5/ 1956. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 7/ 12/ 1960 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 26/ 1/ 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد حاصله أن الحكم أخطأ في القانون وذلك بخطئه في تكييف العقد إذ اعتبر الشرط الوارد في البند الثاني من عقد البيع المؤرخ 25/ 10/ 1955 شرطاً صريحاً فاسخاً مع أنه ليس إلا اتفاقاً على تحديد قيمة التعويض عن التأخير في التسليم ولا يرقى حتى إلى مرتبة الشرط الفاسخ الضمني.
وحيث إن البند الثاني من العقد يجري نصه على الوجه الآتي "في حالة تأخير الطرف الأول عن توريد الجلود أسبوعياً كما تقدم فمع ملزومية الطرف الأول بكافة ما يترتب على هذا التأخير يكون الطرف الأول ملزماً بوجه التضامن بأن يؤدي للطرف الثاني مبلغ خمسين قرشاً بصفة تعويض عن كل جلد واحد لم يورد وتكون جميع المبالغ المترتبة في ذمة الطرف الأول حالة الأداء بدون أي منازعة وذلك في حالة الامتناع أو التوقف عن التوريد كما تقدم ويسري هذا الشرط وكذا باقي شروط ونصوص هذا العقد بلا حاجة لإنذار أو تنبيه أو أي إجراء ما كما يكون للمشتري الحق في اتخاذ ما يراه من الإجراءات التحفظية القانونية والعرفية في أي وقت في حالة التأخير". ويبين من الحكم المطعون فيه أنه ورد بأسبابه في شأن هذا الشرط ما يأتي "وبما أنه لما كانت حقيقة الأمر في النزاع أن المستأنف عليهما (الطاعنين) قبضا جميع ثمن الصفقة مقدماً وأقرا بمقتضى عقد البيع أنه في حالة التوقف عن التوريد تكون المبالغ التي في ذمتهما للمشتري حالة الأداء بلا حاجة لإنذار أو تنبيه فإن مثل هذا الشرط لا يعني إلا انفساخ العلاقة بين الطرفين واستحقاق المشتري للباقي من الثمن بالنسبة للجلود التي لم تورد وبالتالي هو الشرط الصريح الفاسخ وقد أعفى المشتري نفسه من الإنذار بالفسخ هذا أمر جائز في حكم القانون" ولما كان القانون لا يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت من عبارات العقد أن نية المتعاقدين اتجهت عند تحريره إلى اعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخلال البائعين (الطاعنين) بالتزامهما وبنت هذا الاستخلاص على ما ورد في العقد من عبارات فسرتها بأنها تفيد الاتفاق على أنه في حالة تخلف الطاعنين عن الوفاء بالتزامهما يصبحان ملتزمين برد ما قبضاه من ثمن الجلود التي تخلفا عن تسليمها وذلك بدون أي منازعة وبلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار - وهو أثر لا يترتب إلا على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه - وكان لا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع في هذا التفسير ما دامت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي أخذت به فإن تكييف الشرط على مقتضى هذا التفسير بأنه شرط صريح فاسخ يسلب المحكمة كل سلطة في تقدير كفاية أسباب الفسخ هذا التكييف لا مخالفة فيه للقانون إذ النص على ترتيب آثار الفسخ بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار بمجرد حصول المخالفة لشروط العقد يقوم مقام النص على الفسخ بلفظه ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق